بحث قرآني في مفهومي الأنعام وبهيمة الأنعام - الجزء الثاني
في البحث عن الإسلام - الطعام والطيبات في القرآن الكريم – الأنعام وبهيمة الأنعام

غالب غنيم في الخميس ١٨ - أكتوبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

في البحث عن الإسلام - الطعام والطيبات في القرآن الكريم – الأنعام وبهيمة الأنعام

بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد والشكر لله رب العالمين

(أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) الزمر - 36
مقدمة :

هذه سلسلة من المقالات، التي أود من خلالها محاولة فهم الإسلام – دين الله القيم بشكل حنيف قريب الى المراد الإلهي الذي نبتغيه في بحثنا عن الحق، من منطلق عالميته واتساعه لنواميس الكون وسننه والتغيرات التاريخية في المجتمعات منذ نزوله حتى اليوم.

وأنوه أن فهمي لما ورد هنا هو نتاج تدبر خالص لله تعالى مني لكتابه العزيز فقط، حيث أنني لا أعرف غيره مرجعا لي ومصدرا لعلمي وفكري في دين الله تعالى ، وانا اعرض على الكتاب كل صغيرة وكبيرة حسب جهدي وما أوسعنيه الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، وهو عبارة عن رأي – أراء لي في بعض المسائل في الكتاب، التي لم يتعرض لها الكثير ، وهي نتاج آنيّ في زمننا هذا وفي وقتنا هذا ، ولا يلزم كونه الحقيقة بل هو نسبي بحكم أن الحقيقة لله وحده تعالى عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، وهي ما نبحث عنه ونرجوا الوصول اليه.

وأكرر ما قاله تعالى – يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

وبعد،
 

هذا هو الجزء الثاني من دراسة قرآنية لمسائل الطعام عامة في القرآن الكريم، وفي هذا الجزء يتم تحديد مصطلحات القرآن الكريم من صيد ودواب وأنعام وبهيمة الأنعام وغيرها من القرآن الكريم حسب ما فتح الله تعالى علينا من علم.

______________

الصيد والرزق:

الصيد هو من رزق الله تعالى :
(
أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) المائدة – 96

فالمتاع هو رزق ولكنه "إلى حين"، بينما الرزق هو المصدر الدائم:
(اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ) الرعد – 26

وكل هذا من نعم الله تعالى علينا وفضله:
(اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ
وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ
وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ) إبراهيم – 32:34

وتم إتمام نعمة الله علينا يذكر الله تعالى لنا ما حرم علينا من طعام:
(
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) المائدة - 3


______________

الدواب:


والدواب هي كل ما يدب في الأرض من مخلوقات بغض النظر عن وعيها من عدم وعيها وطريقة سيرها في الأرض.
(وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) النور – 45

وتم ضم الإنسان إلى الدواب:

(وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا) فاطر - 45
(وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ) النحل – 49
(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) الأنفال – 55

وكل دابة في الأرض على الله رزقها:
(
وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) هود – 6


______________

الأنعام و بهيمة الأنعام  أم بهيمة الأنعام والأنعام ؟!

بداية، علينا ان نفقه الفرق بين الأنعام وبهيمة الأنعام! فهي كلمات مهمة جدا لنا لكي نعرف من أين نبدأ.
الله تعالى حدد أو فصل الأنعام إلى صنفين، النوع العام، وفرع منه، وهنا علينا الدقة في فهم القرآن الكريم وتعبيره اللساني، وليس ما درج بيننا من قول ولغة لا علاقة لها باللسان العربي المبين!
وأنا أكرر هنا، أنه علينا أن نجمع كامل إنتباهنا وسمعنا وإبصارنا وعقلنا لقول الله تعالى في القرآن حتى يفتح الله تعالى علينا ونرى ما يريد.

بداية، نبحث عن آيات أو آية مفتاحية محكمة تحدد لنا ماهية ما نبحث عنه، أي تحدد لنا المصطلح القرآني في الأنعام وفي بهيمة الأنعام، فهذا أمر جلل يترتب عليه ما يترتب من تحليل أو تحريم للطعام!

فما هو أعلى "مرتبة" ؟ هل هي الأنعام أم بهيمة الأنعام؟

الله تعالى من يحدد ذلك حتى لو قال سيبويه عن كلمة بهيمة ما قال، فما سيبويه إلا شخص مثلنا لا نعلم سلطان عنده غير ما عندنا، وهو القرآن الكريم ! ومن اكثر ما نراه في الخلط "اللغوي" هو أننا نستخدم كلمة "حيوان" فنطلقها على كل الأصناف، والتي لم ترد في القرآن غير مرة واحدة بدلالة الحياة الأخرى! وفي القرآن الكريم تم استخدام كلمات أخرى للدلالة على ما نستخدمه لغة.

لكي نصل إلى الحق ومراد الله تعالى، لا بد لنا من البحث عن "جذر" الكلمة، كلمة "أنعام"، والتي هي في أصلها وفي لسانها تدل على النعمة.

ومن المفاجآت التي لا ينتبه إليها الكثيرون هي قوله تعالى :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ  وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ ) المائدة – 95

هنا كلمة مهمة جدا، هي برأيي مفتاح كل ما نبحث عنه، بل هي المفتاح لفهم كل ما سيرد لاحقا في هذا البحث.
في الآية أعلاه، والتي تتحدث عن الصيد أثناء الإحرام، والذي حرمه، اي الصيد، الله تعالى، فكان من حرماته التي لا نحلها، تصف إعتداء شخص وهو محرم بإصطياده "طريدة" ما، من رزق الله تعالى، فالله تعالى هنا يتحدث عن الصيد: يا أيها الذين آمنوا، لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم!
استخدم الله تعالى كلمة القتل للصيد وليس الصيد بحد ذاته كما هو يكون في الأوقات المحللة، ففي أوقات الصيد يتحدث الله تعالى عن الصيد مباشرة بلا ذكر "قتله"، بل صيده! أي يقول مثلا (فاصطادوا، أحل لكم الصيد)، أما هنا فاستخدم صيغة الإعتداء على "الآخر"، وهي القتل، فسماها "قتل الصيد" وليس صيدا!
 وهذا بسبب كون من قتل الصيد كان محرما، أي متجها للحج أو أثناء الحج ولم يتحلل بعد من الحج.ومن قتله منكم متعمدا، أي بنية قتله، فعليه جزاء يدفعه مقابل إعتدائه، وهو (
مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) ، وهنا علينا التوقف وفهم الكلمة!

الله تعالى سمى الجزاء هنا  بلسان القرآن ، ( النَّعَمِومن قتل الصيد، أي ما اصطدتم إعتداءا، فعلى القاتل كفارة، وهي مثل ما قتل من النعم ............ نتفكر ونتدبر، فهنا نجد بغيتنا، فالنعم هي ما انعم الله تعالى علينا بها،فهل تم تحديد ما نصطاد هنا؟
الجواب بالنفي، فكل ما نصطاده هو من رزق الله تعالى، من غزال أو أرنب أو خيل – بري – أو غيره مما قد نصطاده، كله من (
الرزق)، وهذا بالذات ما نحتاج لفقهه وتدبره طويلا، ولا نعاجز فيه أبدا! فالحلال هو الأصل، والإستثناء هو ما يتلى علينا مما حرم الله تعالى، وقام الله تعالى بربط الصيد بالنعم وكأنه يشير إلينا إلى أن (كل ما نصطاده فهو من النعم)، بل هو يشير ويصرح لنا بذلك، قكلمة (مِثل) تعني التماثل في صفات مشتركة، يدخل في بابها كثير من الإحتمالات من الصفات، وكلنا نعلم ونفقه قول الله تعالى عن نفسه (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)، ومنه، نفهم أن ما نصطاد فيه صفات مشتركة مع النعم، والإثنان من رزق الله تعالى.

ومنه، نصل إلى نتيجة مفادها التالي:

إن ما نصطاده هو من نعم الله تعالى علينا، أي "من رزقه" مما أنعم علينا به، متاعا لنا، أي هو يشمل كل الدواب مما بثها الله تعالى غير الإنسان، وهو كل ما نصطاده.
والأنعام "عامة" هي ما أنعم الله تعالى علينا بها "في الأرض" مما حولنا من الدواب التي نستخدمها في حياتنا اليومية.
و"من" الأنعام ما أنزله الله تعالى علينا، وهي محدودة ومعدودة في القرآن الكريم أي الأزواج الثمانية فقط.


فكل ما في الأرض هو من نعمة الله تعالى علينا،  نعم، ولنبحث في الأمر لنرى قول الله تعالى وقرآنه في هذا الأمر، لنتبين صوابه من خطأه!

بعد أن وجدنا الآية المفتاح المحكمة – كما أرى أنا من تدبري وفهمي – نبدأ التأكد من ذلك، فنبحث عن الأنعام وبهيمة الأنعام والدواب والسبع والنعم عامة لنرى العلاقة بينها، لنرى مصداقية ما وصلت إليه!

كلمة "نعم" وما هو مشتق من جذورها - باستثناء كلمتي الأنعام وبهيمة النعام -  وردت فقط مرة واحدة في القرآن الكريم لتدل على الأنعام كما أوردتها أعلاه.

______________

بهيمة الأنعام:

ورد مصطلح "بهيمة الأنعام" ثلاث مرات في القرآن الكريم فقط، وهو في الآيات التالية :

(
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ اللَّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)
 المائدة – 1:2

(وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ -27-

لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ -28-

ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ -29-

ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ -30-

حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ -31-

ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ -32-

لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ -33-

وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ -34-)
 الحج

وأول ما نلاحظه في كل الآيات هنا، أنها كلها اشتركت في موضوع واحد هو الحج وشعائره، كما نلاحظ في الوقت نفسه دقة التعبير حين يتم ذكرها مرتبطة بما رزقنا الله تعالى منها، فالعبرة التي نستقيها من مناسكنا أن نذكر اسم الله تعالى ونكبره ونحمده ونشكره على ما رزقنا من بهيمة الأنعام. فهي التي يتم ذبحها، كما نلاحظ من قوله تعالى أن نأكل (منها) ونطعم (منها) البائس الفقير.

فلم تم ربط بهيمة الأنعام بكلمة رزق؟ وكيف رزقنا بهيمة الأنعام؟ وما هي بهيمة الأنعام؟ ولم تتميز عن الأنعام؟ ولم تم ذكرها مرتبطة بالحج فقط؟
الله تعالى قال (
وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) الذاريات – 22
(قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) سبأ – 24

ومنه ومن آيات كثيرة بينات نفهم أن الرزق يأتينا من السماء من عند الله تعالى، هو من قدر أقواتنا ويرزقنا، ومن هنا نفقه قول الله تعالى فيما رزقنا (من بهيمة الأنعام)، بأنه أنزلها إلينا من السماء كما قال تعالى:

(خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَاوَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) الزمر – 6

نلاحظ أن الله تعالى لم ينزل الأنعام لنا بل (من) الأنعام ثمانية أزواج عددها وفصلها في القرآن الكريم أدناه، وهي التي نذبحها في الحج هديا أو شعيرة أو كفارة عن إعتداء ولا نذبح غيرها لتخصيص الله تعالى القول فيها كما ورد أعلاه.

وحين يقول الله تعالى أنه أنزل من الأنعام، فهو يخصص مجموعة من الأنعام، أي أن الأنعام كثيرة لا تحصى ولكن هناك جزء منها خصصه الله تعالى بأن لا يكون على الأرض بل أنزله من أعلى،(رزقا لنا)، كما أنزل الحديد، وهذا يعني أهمية ما أنزل، ودوره في حياتنا ووجودنا وتطورنا التاريخي والجغرافي.
ومن الآيات نفهم أن الله تعالى أنزل ثمانية أزواج عددها وحددها لنا (وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ
ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) الأنعام – 142:144


وهذه ليست كل الأنعام بل (من الأنعام). ونعلم من الآيات أعلاه أن الله تعالى أحل الأنعام وبهيمة الأنعام لنا.

والسؤال الذي يطرح نفسه، لمن قال، كيف ربطت بين تلك الأزواج الثمانية وكونها بهيمة الأنعام؟
وهنا أحمل عدة أجوبة للسائل ياخذ منها ما يعجبه وما يراه أقرب لقلبه.

-  المدخل الأول من القرآن نفسه:
نلاحظ في مورد الحج أعلاه – حيث تعمدت ترقيم الآيات -  أن الله تعالى ذكر الأنعام بشكل متواز مع بهيمة الأنعام ولكن بلا ذكر للصيد أو الحج!
فكان المساق في الايات (27،28،29) يتحدث عن موضوع الحج ورزق الله لنا من بهيمة الأنعام وأن نطعم منها البائس الفقير وعن قضاء حاجات الناس وطوافهم. وهذا ما نلاحظه في الآية التي تفصل الأزواج الثمانية أيضا، أي اشتراكهما في أمرالله تعالى لنا بأن نأكل مما رزقنا.
ثم نلاحظ تحول السياق فجأة إلى موضوع آخر، وهو الأنعام عامة، وكأن الآية التي ذكرت الأنعام والتي تليها (30،31) من موضوع منفصل تداخل في موضوع الحج، فلم يتم ذكر الحج أبدا فيهما،بل الإشراك بالله تعالى والرجس وقول الزور والأوثان في موضوع منفصل لا علاقة له بالحج! بل بالطعام خاصة! فالرجس والأوثان وحرمات الله تعالى والشرك هو موضوع الطعام وليس الحج!
ثم تابع الله تعالى مساق الحج في الآيات التي تتلوها (32،34،35) في نفس المساق الأول عن الحج وبهيمة الأنعام، على أنها هي من تساق إلى الكعبة.
من هذا التداخل نرى أن الله تعالى ذكر شيئا مهما جدا في الموضوع الوسط، موضوع الطعام، حيث قال تعالى فيه المبدأ المهيمن في التحليل والتحريم من الأنعام (
وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ)، فكانموضوع تحليل وتحريم الأنعام عامة في داخل ووسط موضوع بهيمة الأنعام، ليميز الله تعالى عملية التحليل والتحريم، بشموليتها وعموميتها، بذكر الأنعام في موقع لا يمت بالصلة للحج، وكأنه تعالى يشير إلينا أن ما رزقنا من بهيمة الأنعام هو ما يجب أن نستخدمه في الحج، أما في بقية حياتنا فالأنعام كافة حلال علينا إلا ما تلاه علينا منها في كتابه العزيز.

- المدخل الثاني للجواب هو مدخل لغوي محض :

وهنا لا أرى في القرآن تفصيلا لكلمة بهيمة، فهي وردت مرة واحدة فقط في القرآن الكريم، ومنه لا بد أن تكون كلمة عامة من الكلمات التي لا يمكن تحريفها أبدا، فننظر إلى المعاجم نرى ما أتت به، فنجد أن البهيمة من الإبهام على الشخص أي أن لا يميز فيبهم عليه الأمر – اي لا يفقهه ولا يميزه، "
يقال: أَمرٌ مُبْهَم إذا كان مُلْتَبِساً لا يُعْرَف معناه ولا بابه"..
وهو أقرب ما نجده في الكتاب العزيز، من تعريف مقارب للبشر الذين لا يفقهون حديثا ولا شيئا من القرآن الكريم، فهو – مبهم – عليهم بسبب عدم رغبتهم في فقهه (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا)الفرقان – 44 ، فهم لا يفقهون ما يسمعون ولا يعقلونه كما الأنعام، أي كما كون الأنعام بهيمة لا تميز شيئا، ومما حولنا – علميا وعمليا - نرى أن هناك أنعاما لها درجات من الذكاء، مثل الخيل والكلاب والفيلة وغيرها من النعم، ولكن هذه الأزواج الثمانية محدودة الذكاء بشكل بين واضح، فهي خلقت لشيء محدد من الله تعالى قاله فيها أنها (حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ). فهي منقادة تماما لنا منذ ولادتها حتى ذبحها، مستسلة لنا، لا تفارقنا، ولا تبدي مقاومة لما نفعله بها.

- المدخل الأخير، رأي قرأته في كتاب آذان الأنعام:
وهو يطرح كون أول البشر، ممن لم يعرف بوجود بهيمة الأنعام، بل عرف الأنعام عامة، وحين أنزل الله تعالى الأزواج الثمانية، كانت بالنسبة لهم هي مخلوقات مبهمة، لم يفهومها بداية، لعدم تعاملهم معها سابقا، فتم تسميتها بهيمة الأنعام من الله تعالى بسبب ذلك، كونها مبهمة المصدر للإنسان.


______________

الأنعام :

حين نتفكر في الأنعام، نجد أن الله تعالى ربطها بوجودنا منذ الأزل، بل منذ أمر الملائكة وإبليس السجود لآدم، فمنذ تلك اللحظة، إبليس نفسه توعدنا بأنه سيجعلنا نبتك آذان الأنعام! وهو الذي نبحث عنه في أيامنا هذه، محاولين فهم كنه تهديده ووعيده لنا، فالأمر يبدوا غاية في الأهمية، لإرتباطه بوجودنا منذ بداية الخلق حتى اليوم! وإبليس لا يستقيل ابدا، بل هو سيقعد لنا كل مقعد كما قعد لآدم وحواء، فما هو تبتيك آذان الأنعام؟ ذلك التهديد المخيف الذي لم يفكر فيه إلا القليلون في محاولة للبحث عنه وفقهه!
هل هو أن نجرح آذانها كما قيل لنا؟! فمن الجهل أن نقرأ ما قاله لنا لسان العرب – مضطرا أن اذكر هذا هنا، فأنا كنت لا أود الإشارة لأحد من اهل التراث ما، أي كان – عن تبتيك الأنعام كما أدناه :
"بتك – لسان العرب
البَتْك: القطع .
وفي التنزيل العزيز: وليُبَتِّكُنَّ آذان الأَنعام؛ قال أبو العباس: يقول فليقطعنّ؛ قال أبو منصور: كأنه أراد، والله أعلم، تبْحِير أهل الجاهلية آذان أنعامهم وشقهم إياها. الليث: البَتْك قطع الأُذن من أصلها
." إنتهى.

فهل بالفعل كل ما استطاع ابليس تهديدنا به هو أن نقطع آذان الأنعام؟! وماذا في ذلك؟! هل قطع جزء منها أو قطعها فيه شرك أو كفر؟!
فإبليس جل جهده في أن نشرك بالله تعالى ونعصي أوامره فلا "نصل" ما أمر الله تعالى بوصله، فنقطعه، وليس في أن نقطع جزءا من آذان أنعام أو غير ذلك! فهو طلب أن يبقى حتى يوم البعث لسبب آخر! هو أن يجعل كل منا مشركا، بأن نحلل ما حرم الله تعالى، ونحرم ما حلله!

فما علاقة (آذان الأنعام) بالشرك؟ قال تعالى :
(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) الأعراف – 179

إن تبتيك آذان الأنعام، هو أن نقطع ما أمر الله به أن يوصل، وهو وعد الشيطان لنا، أو لمن اتبعه منا، أي أن نحرم ما حلل الله تعالى وننحلل ما حرمه من الأنعام. وكأننا نبتك ما حرم الله تعالى وحلله، بما نشرك بالله تعالى بحكمنا معه وتعدينا على حدوده.

فتبتيك آذان الأنعام هو أن نقطع ما أمر الله تعالى به فيهن، وما يفعل ذلك سوى الغافلون، الذين لا يسمعون بآذانهم، فهم منقطعون عن أمر الله تعالى، وقاطعون لما أمر الله تعالى به أن يوصل، والغافلون مآبهم النار، كما قال تعالى عنهم في كتابه العزيز (يونس – 7:8)، (النحل – 105:119)، وهم من يحللون ويحرمون بلسانهم وما تصفه، ويفترون على الله تعالى الكذب، ويعيثون فسادا في الأرض بوضع شرعة الإصر والأغلال التي محاها الله تعالى برسالته الأخيرة، وكل هذا مذكور بتفصيل في مورد النحل الذي يربط الغافلين بالإفتراء على الله الكذب وتحريم ما حلل الله تعالى وما كان من أمر شرعة الإصر والأغلال (النحل – 105:119) .

من قوله تعالى في بداية البحث ، في مورد المائدة – 95، نجد أن ما يجب علينا أن نكفر به عن ذنبنا، بقتلنا الصيد أثناء تيممنا الحج أو أثناء الحج نفسه، أي أثناء إحرامنا، هو من نعم الله تعالى علينا من الأنعام،ومنها بكل وضوح وبيان نفهم أن ما نصطاد هو عامة الأنعام، اي الدواب، أي لغة، الحيوانات عامة.

______________

ما هي خصائص ومواصفات الأنعام؟

لتحديد الأنعام بدقة متناهية وتحديد ماهيتها، علينا البحث في القرآن الكريم عن خصائصها وصفاتها، فهل تدخل الأسود والنموروالخيل والبغال وغيرها من الدواب في الأنعام؟

لقد فصل الله تعالى كل ذلك في كتابه العزيز، فالله تعالى ذكر السباع والدواب والطير وذكر غيرها، ومنه قام تعالى بذكر أصناف من الدواب، فالدابة هي الأصل في كل الأنواع، ولا بد لنا من ربط الآيات ببعضها موضوعا ومساقا وكلمة لنجد ما نبحث عنه.
ففي النهاية موضوع الأنعام هو وحدة عضوية متكاملة – لا بد – في القرآن الكريم.
ولكي نفهم  الأنعام من عامتها وخاصتها نبحث عن خصائصها :

(
وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) الأنعام –
142
(وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) فاطر – 28
(اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ
وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) غافر – 79:80
(وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْفِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ
وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ
وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ
وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) النحل – 5:8
(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ) النحل – 66
(وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ) النحل – 80
(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ
وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) المؤمنون – 21:22
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاء إِلَى الأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ) السجدة – 27
(أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا * فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) عبس – 25:32
(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى * كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُولِي النُّهَى) طه – 53:54

من الآيات أعلاه نستطيع أن نضع جدولا كاملا في خصائص الأنعام ومواصفاتها بشكل مفصل، بالإضافة لذلك نستطيع أن نفصل الأنعام عن غيرها بما فصله الله تعالى لنا:

مواصفات الأنعام:
من موارد عبس، السجدة وطه، نفهم أن الأنعام كلها تأكل ما تنبت الأرض فقط، وهذا لا جدال فيه ولا آراء، فهي آيات محكمات تصف ما تأكله الأنعام غامة وليس جزء منها.
ومنها نصل إلى أول وأهم خاصية للأنعام، وهي أنها آكلة عشب.

تم ذكر الدواب مع الأنعام بشكل منفصل(فاطر- 28)، ومنه نفهم أن الدواب هو الصنف الأساس الذي تنبثق منه الأنعام، أي أن الأنعام جزء من الدواب، أو هو أعم من الأنعام. وهذا يرد كثيرا في القرآن الكريم، أي أن يذكر الله تعالى جزءا من كل باسم الكل، كما ورد على شبيل المثال من كلمة الأرض أو الناس.
ومن الآيات عما اكل السبع نفهم ان هناك صنف جديد من الدواب والنعم وهو السبع، والذي من صفاته القدرة على أكل الأنعام أي اللحم عامة، وأن الأنعام نأكل منها، وأن  من الأنعام ما نركب عليه، وأن من الأنعام ما يحمل الأثقال، وأن الأنعام لنا فيها جمال، أي نوع من الزينة.

ونلاحظ هنا – للعدل في الحكم – أنه ليس شرطا إجتماع كل هذه الصفات في نوع واحد من الأنعام، أي أن ليس كل الأنعام تمتلك كل هذه الصفات، بل هي تمتلك شيئا منها! ولكن ما لا يمكننا إنكاره هنا، كونها كلها من آكلة الأعشاب.

فالضان مثلا لا نحمل عليها ولا نركبها، وهكذا، ثم في قوله تعالى، في مورد النحل تم ذكر الخيل والبغال والحمير مع الأنعام في صفات مشتركة بينها، وتم إستثنائها بسبب زيادة خصائصها عن الأخرى، وليس استثناءا نوعيا، فهي بالإضافة لما تشترك فيه مع الأنعام من فوائد من جلدها أو وبرها أو لحمها، فمن المعلوم منذ القدم أن الناس ياكلون لحم الخيل،فهي بالإضافة لذلك متخصصة في الركوب والزينة، بل هي ذكرت مع الذهب والفضة (
زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) آل عمران – 14، وذكر الجزء مع الكل تم نقاشه أعلاه.

الشيء الوحيد الذي لا نستطيع هنا إنكاره هو كون الأنعام كلها وصفت بأكل الزرع والنبات، ولم أجد إستثناءا في ذلك.



عالمية وإنسانية النعم :
______________

النعم هي ما أنعم الله تعالى به علينا مما حولنا من دواب مختلفة، ولا يجب أن نحصر تفكيرنا في المجتمع العربي فقط، فربما لم يكن عند العرب خيل حرة غير "مسومة"، ولكن تبين لنا الآن، أن هنالك خيلا كثيرا غير مسومة وحرة وبرية يصطادونها في بلاد أخرى! وربما لم يكن عند العرب بقر وجواميس برية، فتبين لنا أن في أمريكا مئات الألوف منها، وربما نتخذ نحن من جلود البقر والإبل ما هو لباس لنا بينما في بلد آخر يتخذون ذلك من جلود الدببة، وفي بلد آخر يستخدمون جلود الإيل، وفي بلد أخر جلود التماسيح والنمور والأسود !
وكل الحيوانات البرية، تبين أنه يمكن ترويضها – عدا الذئب - ونرى اليوم كثير مما تم ترويضه من دببة وأسود ونمور وفيلة وغيرها مما يستخدمه الإنسان في كسب قوته اليومي في بلاد كثيرة، وهذا بحد ذاته سبب للرزق، بل ويتنقلون عليها ويحملون عليها أمتعتهم وهكذا، المراد هنا هو عدم حصر التفكير وطريقة التفكير في الجنس العربي المحصور في المناطق العربية البدوية فقط، بل يجب أن يمتد تفكيرنا إلى كل مناطق الأرض الجغرافية الأخرى، إن كنا نظن أن الرسالة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان، فهذا الظن لا يصلح بلا طرح المسائل بشكل عالمي إنساني، لا يخالف تعاليم القرآن الأطرية العامة.
 
بالإضافة إلى ذلك، مسألة اختلاف الشعوب والناس وما في الأرض مما لا نعلمه، من كون الخيل مسومة وغير مسومة، فهي من الصيد مثلها مثل الغزلان، ومن الكلاب ما يحمل عليها أثقالا، ثم هناك ما لم يتم ذكره من الأنعام مثل الجواميس وغيرها من اصناف البقر المختلف اجناسه، في كل القارات، ونحن من نسميها بقريات لا اكثر، بل الله تعالى فصل ما أنزل من الأنعام إلى أربعة أصناف، وقال (من) كل صنف زوجين، ولم يقل أنه أنزل الصنف ذاته، أي أن صنف الضأن موجود في الأرض كصنف، وصنف البقر كذلك، ولكنه سبحانه أنزل (من) ذلك الصنف أو من تلك الأصناف زوجين لنا، هي بهيمة وليست مثل تلك التي في الأرض، فمن المعلوم عند الجميع أن من الضأن كثير ما هو بري، وهو يشبه تماما الضأن الذي أنزله الله تعالى، ولكنه حر بري، ليس مطيعا للبشر، أي ليس مسخرا لنا إلا بصيده، وبين البقر الذي نعرفه والبقر الأمريكي الحر أو ما في مصر مثلا من جواميس، لا شبه ابدا لا من قريب ولا من بعيد بينهما.

فالنعم هي ما انعم الله تعالى علينا بها،من أنعام، وبهيمة أنعام، وما نصطاده من دواب مختلفة، وعدم ذكر
الشيء أو الصنف في القرآن لا يعني تحريمه أبدا، بل العكس هو الصحيح، ذكر ما حرم الله تعالى تم في القرآن الكريم، ومن أوضح الأمثلة على ذلك أنه لم يتم ذكر الطير ولحمه بكل أشكاله، إلا في كونه من طعام أهل الجنة،أو انه من خلق الله تعالى في الأرض، وهذا لا علاقة له بنا، فهل نستطيع تحريم الدجاج أو الحمام أو أي نوع من الطير؟

فعدم ذكر كل ذي مخلب أو ناب او ظفر أو آكل لحم – مع قدرة الله تعالى على ذكره لو أراد كما ذكر لبني إسرائيل مثل ذلك – لا يعني أن نحرمه ونجعله من المحرمات فالله تعالى لم يذكره تخفيفا ورفعا للإصر والأغلال.

بل إن مسألة التحريم والتحليل بجملتها مسألة إلهية بحتة مثلها مثل مسألة التوحيد، لا مجال لعبد هنا في أن يجتهد أو يقيس أو يبدي رأيه بها أبدا، وله فقط أن يقبل أو يستثني جزءا مما لم يتم ذكره، وليس أن يفرض رايه ويحلل ويحرم كما يفقه ويرى، فنحن هنا مطالبين بالإتباع فقط، حتى لو لم نفهم السبب، ولو لم يكن من سبب اصلا، فالمسألة برمتها مسألة إيمان وامتحان وبلاء لا أكثر ولا أقل، يتم من خلالها فرز المطيع من العاصي، وأكبر مثال لنا هو أبانا الأول، آدم، فالله تعالى جعل له من الشجرة امتحان وبلاء له، وليس كونها خبيثة من طيبة، وهو عصى أمر ربه حين استحل ما حرم الله تعالى عليه، فهو حين أكل من الشجرة لم يمرض ولم يمت، بل هو فقه وعلم أنه عصى الله تعالى، فتبينت له سوأته، أي لم يعد عليه لباس التقوى الذي هو خير من لباس الدنيا.
 المسألة برمتها مسألة تقوى الله تعالى في تعظيم حرماته فقط، (
ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) الحج - 32
ومن يحاول البحث في اسباب تحريم الخنزير والدم والميتة فهو لم يفقه سبب تحريم ما أهل به لغير الله تعالى.


خلاصة:

الله تعالى منعنا من تحريم ما أحله لنا، والشيطان وعدنا أن نبتك ما حرم وحلل الله تعالى.

ولا أرى إلا أن أذكر الآيات التي تمنعنا من الشرك بالله تعالى في التحريم والتحليل، في قوله عز وعلا :

(
وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ) النحل – 116

وتفصيلها في قوله تعالى:

(قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ

وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ)يونس – 59:60

(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ

قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)الأعراف – 32:33

وأقول لنفسي قبل أن أقول لغيري، الله تعالى أنزل هذه الرسالة الأخيرة للناس كافة، وهو أعلم بالناس كافة وبأحوالهم، وما يأكلون، وما يستخدمون كركوب لهم، وما يستخدمون في حوائجهم وقضائها، وما يستخدمون من جلود ما يركبون أو ياكلون.

ولقد أنهى الله تعالى الحديث عن المحرمات وتحريم المحلل مما اعلمنا به – دائما – بالتحذير من ان نفتري عليه ولا نتبعه ونكفر بنعمه وما أنزل علينا من كتاب، ففي نهاية الجزء الأول من تفصيل الله تعالى في سورة المائدة(1:6)، يذكرنا الله تعالى بميثاقه معنا، بعد تحديد الله تعالى لكل ما حرم علينا أن نذكر ما علمناه منه وما واثقناه به على إتباع وعدم مخالفته في ميثاقه بكل تفصيلاته:
(
وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) 7

ثم في الجزء الآخر منها (87:104)، يذكرنا مرة أخرى بل مرات باتباع ما انزل وعدم الخوض فيه كما خاض فيه من هم قبلنا:
(
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيم
قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ
مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَائِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ) 101:103
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ)104

والله تعالى لم يكرهنا ويطلب من أن نأكل من صنف واحد،بل ترك ذلك لنفسنا وما نشتهي، فهو أعلم بسريرتنا وطبيعتنا، ومن لا يعجبه الضأن فهو ليس آثم، ومن لا يأكل لحم البقر ويأكل لحم الجمال فهو ليس آثم، فالأكل نفسية ورغبة إنسانية، كما ذكرت في الجزء الأول عن أصحاب الكهف، حيث طلبوا ما هو أزكى، ومن لا يأكل الخيل فذالك شأنه، فهناك من يأكل القططة والكلاب، وهم لا يمرضون ولا يصابون بأي من الخيال الذي نسمعه حينا هنا وحينا هناك، وهناك من يأكل الحشرات بكل اصنافها، وهو مما تشمئز منه نفوسنا نحن، ولكن هل أستطيع تصنيف الحشرات على أنها خبائث مثلا أو محرمة؟ من المؤكد النفي، فالجراد من الحشرات، وهو طيب لأكثر العرب، وربما هو عند آخرين مما تشمئز أنفسهم منه! وكثير من العرب يأكلون نصف الضبع! ولا اعرف ما شأن النصف الآخر! وهكذا، مهما جئنا بأمثلة فهي من كلامنا فقط، ولله تعالى المثل الأعلى، والله تعالى يعلم ما في الصدور.

وبقي علينا دراسة مسألة الخمر، لننهي بها بحث الطعام إن شاء الله تعالى.

إنتهى.

والله المستعان

ملاحظة: لا حقوق في الطبع والنشر لهذه الدراسة، وإن كنت لم أصل إلى مراد الله تعالى الذي نطمح كلنا إليه -فهو سبب تدبرنا - فعسى أن تصححوا خطاي وأكون لكم من الشاكرين.

مراجع :
* المرجع الرئيسي الأساسي الحق – كتاب الله تعالى – القرآن الكريم

اجمالي القراءات 17524