العريان وأنا

خالد منتصر في الثلاثاء ١٦ - أكتوبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

كنت أتعجب وأندهش حين يصف بعض الأصدقاء د.عصام العريان بأنه من حمائم الإخوان وأنه على يسارهم بل وهو أقرب إلى الليبراليين واليسار بفكره الهادئ المستنير غير القطبى! وأنه من الممكن أن ينشق عنهم خاصة أنه انتظر كثيراً التصعيد الإخوانى الذى لم يحدث مقارنة بمن هم أقل موهبة وإخلاصاً منه فى الإخوان الذين حصلوا على الرضا السامى المرشدى بمنتهى الإغداق والكرم وبرغم ذلك، لم يحدث هذا التصعيد الذى تمناه، كانت لى قناعة بأن هذا تكتيك وليس استراتيجية، هذه القناعة تولدت أولاً عن تجربة شخصية وثانياً عن قراءة لفكر الإخوان ككل والذى يطبع بصمة ثابتة لا تتغير على مريديه خاصة لو كان قيادياً مثل د.عصام، أما عن التجربة الشخصية، فقد شاهدت د.عصام عندما كنت ما زلت أتحسس طريقى فى بداية الكلية وكان هو على وشك التخرج ويرأس اللجنة الثقافية لاتحاد الطلبة التى من المفروض أن تدافع عن إبداعاتنا كطلبة، ولكن كان الدكتور عصام على العكس يأمر بتمزيق مجلات الحائط التى لاتعجبه وكثير ممن حضروا تلك الفترة شهود على ذلك، وتجلت أعلى مظاهر الديكتاتورية والقمع حين اعترض على حفل فريق المصريين؛ لأن الغناء فسق وكفر ومجون والأهم أن زعيم الفرقة مسيحى اسمه هانى شنودة وهذا لايجوز!، وجمع أفراد الجماعة الإسلامية واحتلوا القاعة التى من المفروض أن تقام فيها الحفلة والتى كان يرعاها العميد هاشم فؤاد شخصياً!

أما عن أدبيات الإخوان ونظرية التقية السياسية، فالمساحة أصغر من أن تتسع لكل الحكايات الانتهازية فى تاريخ الإخوان السياسى منذ عهد الملك وحتى عهد مبارك، المهم أن د.عصام العريان ورث الفكر الإخوانى المتشدد جوهراً المستنير ظاهراً وتسلل إلى نخاعه وصار يتمتع بالمرونة الظاهرة أمام الجميع ولكن اللى فى القلب فى القلب واللى فى العقل فى العقل راسخ كالجبل، وعندما انتهى عصر التكتيك ليظهر قاع جبل الجليد الاستراتيجى توالت تصريحات د.عصام العريان وفجأة تذكر عداءه المزمن للليبرالية واليسار واتهم اليسار المصرى أعجب تهمة فى التاريخ وهى أنه ينفذ نظرية لينين وتروتسكى فى ميدان التحرير فى موقعة الجمل PLUS!، لدرجة أننى تخيلت أن الدكتور عصام العريان يطلق تصريحه من المركز الثقافى الروسى بالدقى!

بالنسبة لليسار، اختلفت تصريحات د.عصام من فترة التأمين فى زمن مبارك إلى فترة التمكين فى عصر مرسى، فى فترة التأمين كان اليسار جميلاً ورائعاً وفصيلاً وطنياً وأصدقاء وميت فل وأربعتاشر، وانقلبوا فى فترة التمكين حسب تصريحه منذ شهرين إلى أصحاب أجندة أجنبية وتمويل خارجى ولديهم هاجس أمنى وتشرذم وتفتت ونخبوية وكان فاضل يقول عندهم تبول لا إرادى ومناخوليا البحر الأبيض المتوسط!، وأضاف لا فض فوه أنهم يحتقرون الدين!!، يالله مش تمكننا خلاص وحصلنا على حق التوكيل الحصرى للتحدث باسم الله وتكفير خلقه يبقى إحنا كإخوان اللى لنا حق إدخال وإخراج الناس من الدين ونمتلك بوصلة تحديد مين اللى بيحتقر ومين اللى بيحتكر!.

لم يقف د.العريان عند هذا الحد بل هدد النائب العام بأنه إن لم يقبل منصب سفير مصر فى الفاتيكان بكرامة، فسيخرج الملفات وما أدراك ما الملفات حاجة كده زى ما أدراك ما الستينات!، وبعدها قام بتجريدة على الإعلام واتهم الإعلامية جيهان منصور على الهواء بأنها تغلوش على صوته وبتقبض وفيه تمويل.. .الى آخر هذه التهم الجاهزة التى تذكرنا بتصريحات حبيب العادلى فى عيد الشرطة.

د. عصام العريان المحترم: خفف من توزيع الاتهامات ذات اليمين وذات اليسار ولا تكن عصا الإخوان الباطشة، فأنت فى الأصل طبيب من الممكن أن يحمل دواء ولكنه أبداً لايحمل العصا.

اجمالي القراءات 8389