محمد منصور
المطب !!

محمد منصور في الثلاثاء ٣٠ - يناير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

style="TEXT-INDENT: -27pt; MARGIN-RIGHT: 101.25pt; mso-list: l0 level1 lfo1; tab-stops: list 92.25pt">·               اعتقد الأخ محجوب أن زوجته هى عورته الشخصية التى ينبغى ألا يراها أحد غيره ، وإلا كان الويل والثبور وعظائم الأمور ..

 

·                وسارت بهم الحياة سيرها المعتاد وقد أنجبا ثلاثة من الأولاد . وكانت الزوجة الصابرة لديها رغبة قاهرة فى أن تزور أهلها وترى بلدها ، ولكن زوجها صمم على الرفض الواضح المبين ، لأن أهلها فى نظره من المارقين ، الذين لايفهمون فى الدين ، وربما إذا مكثت عندهم مدة ، أن تصبح بعدها مرتدة !! وهو يؤمن بالمثل الصريح : الباب الذى يأتى لك منه الريح ، سده واستريح ..

·                ولكن حدث أن مات الحاج أيوب، والد الأخ محجوب، فاضطر للحصول علىأجازة ، ليحضرالجنازة ، ولأن أباه خلف ثروة كبيرة ، فقد اصطحب معه أولاده فى رحلة غير قصيرة، وكانت فرصة سعيدة للأولاد، أن يروا أهلهم على غير ميعاد ، ولكن الأخ محجوب وضع لهم قائمة من المحظورات ، والممنوعات ، والمحرمات ، تشمل الحديث مع الغرباء والأجانب حتى لو كانوا من أقرب الأقارب فهم عنده من المارقين، الذين لايهتمون بالدين .

·                 وبصريح العبارة ، انتهت الزيارة ، والأولاد فى حسرة قاهرة لعودتهم إلى القاهرة ، وزاد عندهم من النكد وجود حقائب كثيرة العدد ، مملوءة  بخيرات البلد ، وكان عليهم أن يساعدوا أباهم فى حملها ، وفى رعايتها ونقلها ، وهم ماتعودوا ذلك ، ولاسلكوا هذه المسالك .  وكان سفرهم يوم الخميس  وقد ازدحم الناس فى الأتوبيس ، ونزلوا منه بعد تعب شديد بقرب محطة السكة الحديد ، وسأل عن ميعاد القطار ، فعرف أنه آخر النهار ، وأراد أولاده الانتظار حتى يأتى القطار ، ولكنهم خافوا من الجدال ، حتى لايسوء الحال ، فالأخ محجوب لايأخذ برأى أحد مهما كان ، ولايستطيع أولاده العصيان ، واضطر الأولاد إلى المسايرة وخلفهم الزوجة الصابرة ، يسيرون إلى محطة أتوبيس القاهرة.

·               وسأل الأخ محجوب عن موعد قيام الأتوبيس فعرف أنه الموعد الأخير ، وأنه لامجال للتأخير، فأسرع يحجز لأولاده المقاعد وجلس بجانبهم يستريح بعد تلك الشدائد ، ونظر للحقائب فوجدها تنقص ثلاثة بالتحديد ، وتأكد أنهم نسوها عند محطة السكة الحديد ، وجرى إلى ناظر محطة الأتوبيس وحكى له الموضوع بينما نزلت من عيون أولاده الدموع ، ووعده الناظر أن يؤخر له الأتوبيس ربع الساعة ، إلى أن يحضر صاحبنا الضائع من متاعه .

·               وبدون أن يستريح ، ظل الأخ محجوب يجرى بسرعة الريح ، إلى أن وصل محطة القطار ، وقد تعب قلبه وعلا وجهه الاصفرار ، لم يجد شيئا من الحقائب ، وكانت تلك إحدى المصائب .   

           أما المصيبة الكبرى القاهرة فهى عند رجوعه الى محطة أتوبيس القاهرة ، إذ انطلق الأتوبيس فى الطريق السريع ، يحمل أسرة محجوب مع ذلك الكابوس الفظيع ، فالأخ محجوب معه كل الفلوس وما معهم شىء  والأخ محجوب وحده هو الذى يعرف طريق العودة إلى الشقة بدون مشقة ، وهم لايعرفون : فانطلقوا فى الأتوبيس يبكون ذلك المحجوب المأفون .

·               وهناك فى تلك المدينة كان الأخ محجوب يضرب كفا بكف ، وقد تعب من الدوران واللف ، لايدرى كيف يتصرف ، فإن أغلب الأشياء الثمينة وكل مالديه من مال كان فى إحدى تلك الحقائب الضائعة ، ثم لحقتها أسرته الذين حرمهم من نعمة التمرس بالحياة والناس ، كان يرجو أن يظلوا معتمدين عليه وحده ليظلوا تحت سيطرته وحده فاذا به يتسبب فى فقدهم وضياعهم .

·              والغريب أن الأخ محجوب يمنى الناس بأن يحكمنا نحن بنفس هذه السياسة !!

         

اجمالي القراءات 17291