يرزقون فيها بغير حساب
الرزق بغير حساب

مصطفى نصار في الأربعاء ١٥ - أغسطس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

 أتعرض هنا لعقيدة دخول الجنة بغير حساب والتي تقول بأنه 70 ألفا سيدخلون الجنة بغير حساب إستنادا إلى حديث منسوب إلى الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام "وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفاً بلا حساب عليهم ولا عذاب مع كل ألف سبعون ألفاً وثلاث حثيات من حثيات ربي" صحيح -الترمذي وأحمد وابن ماجة-

 وهذا مخالف للقرآن الكريم مخالفة واضحة حيث أن كل إنسان سيحاسب مهما كان صلاح هذا الإنسان حتى الأنبياء والمرسلين وذلك في قوله عز وجل (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا {الإسراء/13} اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا {الإسراء/14} مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً {الإسراء/15}) ....  فكل إنسان سيحاسب أمام رب العباد وسيؤتى كتابه يقرأه وبه سجل أعماله وهذا العموم يشمل الأنبياء والمرسلين أيضا(وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ {الزخرف/44}) جاءت العبارة القرآنية (وسوف تسألون) بحرف التاء في (تسألون) وليس "يسألون" أي أن النبي محمد عليه السلام سيسأل أمام ربه وسيحاسب لأنه مخاطب بهذه الآية (وسوف تسألون) وهذا تأكيد لقوله في سورة الإسراء (وكل إنسان) أي أنه لا يوجد أي استثناء

إذن ما معنى "الرزق بغير حساب" وقد تكررت في مواضع عدة في القرآن ؟؟؟؟....

(زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ {البقرة/212})

(لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ {النور/38})

(إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر/10})

(مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ {غافر/40})

 

الرزق بغير حساب يكون بعد دخول الجنة وليس قبلها ..أي أن كلمة (حساب) لا تعني الحساب يوم القيامة وإنما تعني "مقابل", فيكون عطاء الله تعالى للمؤمنين دون حساب دون مقابل (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ {هود/108})

عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ= يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ

كما أن الصورة واضحة جدا في آية سورة النور (لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ {النور/38}) وذلك أن الله عز وجل يجزي المؤمنين الصالحين أجورهم –جزاء بما عملوا وبأحسن ما عملوا- (لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا) و الزيادة من فضل الله عز وجل (وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ)  وهذه الزيادة من فضل الله تعالى هي الرزق بغير حساب (وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ)

أما الآية 40 من سورة غافر فتوضح لنا أن كل من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن يدخل الجنة ويرزق فيها بغير حساب وليس 70000

( لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ {الزمر/34})

(وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ {ق/31} هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ {ق/32} مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ {ق/33} ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ {ق/34} لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ {ق/35})

(لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {يونس/26})

وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ= وَزِيَادَةٌ.. هذا الفضل من الله تعالى هو الرزق بغير حساب

وهذا الرزق والعطاء لا ينقطع بل هو رزق خالد بفضل الله تعالى (عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ) دون مقابل أو دون جهد أو تعب لتحصيل هذا الرزق وهذا هو معنى الرزق بغير حساب

والله أعلى وأعلم

 

 

اجمالي القراءات 21821