تأخذ أقاربهم كرهائن لإجبارهم على السكوت.. واشنطن بوست: القاهرة تبتزُّ المعارضين المصريين في أمريكا

في الجمعة ١٠ - يوليو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن السلطات المصرية تلجأ إلى اعتقال وسجن وترهيب عائلات المعارضين المصريين المقيمين في الخارج، خاصة في الولايات المتحدة، من أجل إجبارهم على التوقف عن انتقاد الرئيس عبدالفتاح السيسي والحكومة المصرية.

أشار تقرير الصحيفة الذي نشر الخميس 9 يوليو/تموز 2020، إلى حالتي ريم الدسوقي من بنسلفانيا التي سجنت ظلماً في مصر، والناشط محمد سلطان من نورث فرجينيا الذي ساعد على إطلاق سراح الدسوقي في مايو/أيار، وكان سجيناً هو الآخر بمصر. 

بينما قال كاتب التقرير سودارسان راغفان: "رغم أنهما يعيشان الآن بحرية على التراب الأمريكي، إلا أن السلطات المصرية تواصل إرهاب أقاربهما في مصر لإجبارهما على السكوت".

سجن أقارب المعارضين: سجنت السلطات المصرية شقيق الدسوقي بدون توجيه تهم له، بل من أجل ضمان عدم حديث ريم عن العذاب الذي لاقته طوال 10 أشهر في السجون المصرية أو انتقاد الحكومة. ونقل الكاتب عن ريم قولها: "سجنوا شقيقي ليمنعوني من الحديث عما حدث لي".

بينما سجن خمسة من أقارب سلطان بطريقة تعسفية، بعدما أخذتهم قوات الأمن من بيوتهم الشهر الماضي. وجاء هذا التحرك بعدما تقدم سلطان بدعوى قضائية في الولايات المتحدة ضد رئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي الذي يعمل في البنك الدولي بواشنطن.

الناشط المصري محمد سلطان - مواقع التواصل
 
الناشط المصري محمد سلطان – مواقع التواصل

فيما يتهم سلطان الببلاوي بالمسؤولية عن تعذيبه أثناء سجنه، وقال سلطان: "تقوم السلطات وبدون شك باحتجاز خمسة من أبناء عمي الذين لا علاقة لهم بالسياسة مع والدي كرهائن لإسكاتي". وأضاف: "المقابل هو سحب الدعوى القضائية كما أخبروا عائلتي".

كما قال الناشطون في مجال حقوق الإنسان إن أقارب عدد من المعارضين والعاملين في مجال حقوق الإنسان ودعاة الديمقراطية وصحفيين يعيشون في الخارج تم اعتقالهم في مصر.

إذ تمت مداهمة بيوت أقارب النشطاء ومنعت الأجهزة الأمنية سفر عائلاتهم وجرى استدعاؤهم لمقرات الأجهزة الأمنية للتحقيق معهم.

بينما قال محمد لطفي، المدير التنفيذي للمفوضية المصرية للحقوق والحريات: "الهدف هو نشر الخوف بين الناشطين المصريين في المنفى أو الذين اختاروا المنفى"، مضيفاً: "تقول الحكومة نحن نراقبكم وقد لا نستطيع الوصول إليكم لكن بإمكاننا الوصول إلى أقاربكم، وهذه وسيلة فعالة".

فيما لم ترد هيئة الاستعلامات المصرية على أسئلة الصحيفة للتعليق.

ابتزاز المعارضين في أمريكا: يقول ناشطو حقوق الإنسان إن حكومة عبدالفتاح السيسي بدأت باستهداف عائلات المعارضين منذ بداية 2016. لكنهم يقولون إن ابتزاز الناشطين المقيمين في الولايات المتحدة ظاهرة جديدة وتعكس الديكتاتورية المتعمقة في مصر.

من جهتها، لم تقل إدارة الرئيس دونالد ترامب أي شيء عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر حتى عندما حاولت الضغط على الحكومة المصرية الإفراج عن المعتقلين الأمريكيين لديها. ويقول النقاد إن صمت واشنطن دفع مصر للاعتقاد أنها تستطيع توسيع القمع بدون أن تواجه تداعيات خطيرة.

الرئيس الأمريكي ترامب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي/رويترز
 
الرئيس الأمريكي ترامب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي/رويترز

قال سلطان إن "بلطجة دولة السيسي قوبلت بدبلوماسية عاجزة". ولكن السفارة الأمريكية في القاهرة أشارت إلى تغريدة في 24 يونيو/حزيران لدائرة شؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية عبرت فيها عن قلقها لوضع أقارب سلطان. وجاء فيها: "سنواصل مراقبة الوضع والتعامل مع اتهامات الترهيب والاستفزاز بجدية".

قال مسؤول في الخارجية إن تقارير عن تعرض أقارب مواطنين أمريكيين للمضايقات تثير القلق وأن الولايات المتحدة تتواصل مع الحكومة المصرية بهذا الشأن. قال المسؤول: "المواطنون الأمريكيون الذين يعودون إلى مصر عليهم الالتزام بقوانين المصريين، ولكن هذه القوانين قاسية". وأضاف: "لا توجد إجراءات قانونية تشبه المعايير الغربية هناك. وفي نفس الوقت ولو أخذنا باعتبار طبيعة علاقتنا الوثيقة، فربما كانت معاملة الأمريكيين أحسن".

تراجع الحقوق بعهد السيسي: لكن نشطاء حقوق الإنسان يقولون إن حقوق الإنسان تدهورت في ظل السيسي الجنرال السابق الذي وصل إلى السلطة عام 2014 بعد تنظيمه انقلاباً أطاح بالرئيس المنتخب ديمقراطياً محمد مرسي. وسجن آلاف من المعارضين السياسيين والداعين للديمقراطية بناء على اتهامات واهية. 

من الذين سجنوا الأمريكي مصطفى قاسم، 54 عاماً من نيويورك، وتوفي في المعتقل في يناير/كانون الثاني الماضي. ومع ذلك استمرت الولايات المتحدة بتقديم مليارات الدولارات كدعم للحكومة المصرية.

عندما وصلت الدسوقي وابنها مصطفى البالغ من العمر في ذلك الوقت 13 عاماً احتجزتهم سلطات الأمن في مطار القاهرة الدولي وذلك في يوليو/تموز.

قام الضباط بمصادرة هواتفهم وبحثوا في حساباتها على منصات التواصل الاجتماعي. وتم التحقيق مع الدسوقي التي تحمل الجنسية المزدوجة وتدرس الفن في لانكستر ببنسلفانيا لساعات طويلة ووضعت مع ابنها في غرفة الانتظار لأيام قبل الإفراج عنهما.

بعد ذلك وجهت لها تهمة انتقاد النظام المصري على فيسبوك. وبعد أيام عندما جاء شقيقها نور مع ابنها مصطفى لزيارتها في السجن اعتقل هو الآخر لأنه قام بالاتصال مع السفارة الأمريكية حسب طلبها. وقالت الدسوقي إن شقيقها نور الذي يملك مصنع ألبسة لا علاقة له بالسياسة.

أفرج عن ريم الدسوقي في مايو/أيار، بعد ضغط من الحكومة الأمريكية بسبب مخاوف انتشار فيروس كورونا في السجن، حسب قول مسؤول أمريكي. وعندما كانت ريم وابنها مصطفى يتجهزان لركوب الطائرة والسفر إلى واشنطن حذرها مسؤول أمني مصري "أمرني بالصمت".

مبادرات لكشف الحقيقة: كان الناشط محمد سلطان فرحاً بعد الجهد الذي قامت به مبادرة الحرية من أجل توعية النواب الأمريكيين والضغط على إدارة ترامب من أجل المساعدة للإفراج عنه. ويعرف سلطان ما شعرت به دسوقي عند الإفراج عنها، فقد سجن عام 2013.

في بداية يونيو/حزيران قدم سلطان دعوى قضائية ضد الببلاوي متهما إياه بالإشراف على تعذيبه. وفي 15 من ذات الشهر داهمت قوات الأمن بيوت أربعة من أعمام سلطان في محافظتين مختلفتين. واحتجزوا عائلات بأكملها بمن فيهم الأطفال، كما قال سلطان.

أضاف: "اختطفوا خمسة من أبناء عمي من أسرتهم وعصبت أعينهم وأخذوا إلى مكان غير معلوم"، و"لم يستطع أحد من العائلة الاتصال بهم منذ اختطافهم".

حققت السلطات مع والده صلاح سلطان، الوزير السابق في حكومة مرسي والمعتقل منذ سبعة أعوام حول الدعوى التي تقدم بها ابنه ضد رئيس الوزراء السابق. ثم نقل والده إلى مكان غير معلوم ولم تعرف العائلة عنه شيئاً.

قال محمد: "نشعر بالخوف على حياته وسلامته خاصة أن صحته ساءت أثناء الوباء"

اجمالي القراءات 668