مراقَبون أكثر من غيرهم! تعقُّب الشرطة الأمريكية للمسلمين يثير مخاوفهم وسط قمع احتجاجات السود

في السبت ٠٤ - يوليو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

أشعل مقتل جورج فلويد على يد ضابط شرطة أبيض في مينيابوليس أكبر احتجاجات حول العنصرية الممنهجة، ووحشية الشرطة في الولايات المتحدة، منذ أكثر من جيل. وفي الولايات المتحدة قمعت قوات فرض القانون الاحتجاجات بصرامة، باستعمال أدوات المراقبة في تتبُّع المحتجين واعتقالهم.

وقد نشرت وزارة الأمن الداخلي المروحيات والطائرات والطائرات المسيّرة في 15 مدينة، حيث تجمّع المتظاهرون، واشتعلت اتهامات واسعة للوزارة بانتهاك الحقوق الخاصة بالمتظاهرين، بل واستعمل ضباط الشرطة برمجيات التعرف على الوجوه على مقاطع من الكاميرات المركبة في الجسد لتتبع تحركات الأشخاص.

لماذا يُقلق هذا الأمر المسلمين؟

بالنسبة للمسلمين السود على جبهات الاحتجاج، إلى جانب الأمريكيين من أصل إفريقي، فإن علاقة الحب بين الولايات المتحدة وأدوات المراقبة ليست جديدة، وكانت سمة من سمات الحياة اليومية عند كثيرين، كما يقول موقع Middle East Eye البريطاني.

ليدا عثمان، طالبة جامعية بمنطقة نيويورك العاصمة، قالت لميدل إيست آي، إن ذكرياتها الأولى عن المراقبة تتضمن أصوات نقر في سماعة الهاتف حين يتصل والدها بعائلتها في الخارج.

وزعمت سارة فاروق، التي تعيش في سان دييغو، أنها تعرّضت إلى المراقبة الشخصية حين التقط شخصٌ -تظن أنه عميل فيدرالي- صوراً لها ولعائلتها.

برامج مراقبة تُركز على الشباب المسلمين

والمراقبة جانبٌ شائع في حياة العديد من الشباب المسلمين، لدرجة أن بعضهم لجأ إلى نشر الصور الساخرة في محاولة للتعايش معها. وقد حاربت سارة المراقبة في مجتمعها، عبر انتقاد برنامج "محاربة التطرف العنيف" (CVE)، الذي أثار الجدل.

البرنامج الذي دشَّنته إدارة أوباما هو برنامج مراقبة حكومي جرّبته في لوس أنجلوس وبوسطن ومينيابوليس، حيث استهدف بصورة أساسية الشباب الصوماليين. ومع أن مِنح البرنامج الأصلي قد نفدت، فقد أطلقت وزارة الأمن الداخلي مؤخراً برنامج منع العنف والإرهاب الموجه (TVTP).

وقالت فاطمة أحمد، المديرة التنفيذية لرابطة العدالة الإسلامية، لميدل إيست آي: "إن TVTP قسم ميزانيته 80 مليون دولار خاضع لوزارة الأمن الداخلي، يضمن استمرار وتوسع إطار CVE، ويقوم عليه في الولايات المتحدة".

وبوجود TVTP، ستُكرر DHS برنامج المنح الذي قيمته 10 ملايين دولار لتمويل مشروعات في أنحاء البلاد.

وقالت فاطمة أحمد: "إن مشروعات CVE في كل مدينة تركز عادةً على أضعف فئات في المنطقة، ومن بينهم اللاجئون، والمسلمون السود، والشباب، والمسلمون الساعون إلى دعم صحتهم العقلية، والمسلمون منخفضو الدخل".

المسلمون السود

وبرنامج TVTP هو بالأساس النسخة الثانية من CVE، ما يثير مخاوف من تجريم الفقر والصحة العقلية، كما أنه يركز، مثل سابقه، على المسلمين تركيزاً كبيراً".

يحذر الخبراء أن هذا أمرٌ بالغ الخطورة في وسط الجائحة التي أثرت على السود، ومن بينهم المسلمون السود، بصورة أكبر بكثير من غيرهم.

قبل الجائحة عاش ثلث المسلمين في الولايات المتحدة عند أو تحت خط الفقر. وربما يكون وضعهم الآن أسوأ، إذ تسببت الجائحة في أكبر فقدان للوظائف منذ الكساد الكبير.

وفي مدينتين من المدن الثلاث، حيث تمت تجربة برنامج CVE، استهدف البرنامج بصورة رئيسية الشباب الصومالي ومن مناطق أخرى بشرق إفريقيا، ما يُبرز الطريقة التي يُضعف بها رهاب الإسلام ومعاداة السود موقف المسلمين السود في الولايات المتحدة.

استغلال أزمة كورونا

هذا، ويجادل الكثير من أنصار البرنامج بأن الاستثمار تم توجيهه لبرامج مجتمعية ضرورية، مثل برامج الإرشاد والبرامج الرياضية، في حين يصر النشطاء على أن هذا التمويل يأتي بثمنٍ باهظ.

وقالت فاطمة أحمد: "هذه البرامج كلها آليات للسيطرة، لماذا لا يمكن لمجتمعنا تلقي الأموال لغرض تحقيق التقدم في مجتمعنا نحن؟".

بل وتحذّر ليدا عثمان من أن المسلمين الشباب يتعرضون للاستهداف بالمراقبة خارج نطاق هذه البرامج. تقول ليدا: "إن مخاوفي من المراقبة الحالية، أو ما بعد الجائحة أنها ستمنح مسؤولي الحكومة طريقة أسهل لتبرير مراقبتهم للأبرياء".

يمكن أن نرى هذا في القطاع الخاص الأمريكي، مع تحقيق شركات المراقبة مكاسب من تتبع الحالات المخالطة الذي ينتهك خصوصية الأفراد، وأيضاً من برامج تتبع فيروس كورونا، التي يتم الترويج لها باسم الصحة العامة.

وقالت فاطمة: "هذه المراقبة، كأي مراقبة، ستؤثر بشدة على الشباب المسلمين والمجتمعات المسلمة، التي تتعرض بالفعل لتركيزٍ كبير من الشرطة. لكننا لسنا في حاجة إلى هذه الأدوات لدعم إجراءات الصحة العامة، فهناك العديد من طرق احتواء الفيروس، القائمة على دعم مجتمعاتنا بدلاً من إيذائها أكثر".

المراقبة على شبكات الإنترنت وفي الجامعات

والتحول إلى التعليم الإلكتروني بسبب الجائحة يثير بعض المخاوف أيضاً. فالشباب المسلمون يتعرضون بالفعل لرقابة واسعة على شبكة الإنترنت، وقد تم إدماج أطر المراقبة في مواقع التواصل اجتماعي واسعة الانتشار، مثل فيسبوك ويوتيوب.

وقالت سارة فاروق: "أنا شخصياً أتنبأ بتعاونٍ بين الجامعات وشركات التجسس أو التكنولوجيا، توفر فيه الأولى للأخيرة مزيداً من الولوج لمعلومات عن حياة الطلاب".

وتُكمل سارة: "لقد أثرت برامج CVE وبرامج أخرى بالفعل على البيئة الطلابية بحرم الجامعة، لكن مع التحول الرقمي ستتسرب هذه البرامج والمراقبة بشكلٍ عام إلى منازل الشباب المتأثرين".

وبالنظر إلى الاحتجاجات المتزايدة ودور المسلمين فيها، سيتعرّض العديد من الشباب المسلمين للرقابة على جبهات متعددة.

وتقول سارة فاروق: "لقد أصابني نشاطي العلني المستمر في مجتمعي بحالة مزمنة من الخوف. وهذا بالتحديد هو هدف برامج المراقبة، أن يدب الخوف في قلوب المجتمعات ويشلها، فلا تقدر على المطالبة بحقوقها أو الاحتجاج على النظم الظالمة التي تقوم عليها الولايات المتحدة".

اجمالي القراءات 517