المعاناة من الخوف، والشعور الدائم بعدم الأمان، وخشية الرفض، والحذر الدائم من ردود أفعال الآخرين، ورفض البوح، والميل للعزلة، واعتبار الوحدة خير جليس، ماذا كان شعورك وأنت تقرأ الكلمات السابقة، هل شعرت أنها تعبر عن حالك؟
برغم اتصالك الافتراضي بآلاف عبر مواقع التواصل، فإن شعورا بانعدام الأمان هو المسيطر على حواسك، ورغبتك في العزلة والبعد عن الجميع هي جل ما تطمح إليه، بذلك أنت تضع لنفسك أقل التقييمات، وتنتقدها دوما دون رحمة، إذن فأنت من الـ60% من عينة خضعت لدراسة أجراها العالم النفسي الأميركي روبرت فايرستون، لقياس مشاعر انعدام الأمان والخوف لدى الأشخاص مستخدمي مواقع التواصل، وكان ما وجدوه غريبا.
برغم الاتصال القوي على الإنترنت، فإن معظم الخاضعين للتقييم كانوا يشعرون بالاختلاف، وهو ليس ذلك الاختلاف الإيجابي، بل بنظرة سلبية، على أساس المقارنات والتقييم الدقيق للذات، ومهما كان تقدير الذات شكليا مرتفعا، أو منخفضا، فالنتيجة هي المعاناة، معاناة جيل بأكمله، كما أوضحت الدراسة، لكن كيف بدأ الشعور بعدم الأمان يتغلغل في مشاعر الجيل الحالي، وكيف يمكن محاربته واستعادة الثقة، ووقف الحس الداخلي الناقد المدمر لكل حياتنا.
كانت البداية من مواقف مؤذية وأحداث مؤلمة في الطفولة، التي شكلت صوتا داخليا يخبرك دوما أنك غير جيد، ولا تستطيع، وفاشل، ولا يحبك أحد، احتوت ذاكرتك هذه المشاهد، ومع تقدم العمر، والتعرض لمواقف مختلفة تبدأ الأفكار المدمرة في الظهور، تقول ليزا فايرستون في كتابها "اقمع صوتك الداخلي"، إن الآباء في الطفولة يتسببون في مآسٍ يعاني منها أبناؤهم طيلة عمرهم.