تركيا قد تتهمها بقتل خاشقجي.. 5 أسئلة لم تجب عنها السعودية حتى الآن

في الأربعاء ١٠ - أكتوبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

بدت قضية اختفاء الصُحافي السعودي جمال خاشقجي وكأنها قصة بوليسية غامضة اختفى بطلها الوحيد في السطور الأولى بعدما ترك خطيبته على بُعد عدة أمتارٍ من مقر القنصلية السعودية، وعلى طريقة كاتبة الروايات البوليسية الأشهر أجاثا كريستي في روايتها «من قتل السيد روجر أكرويد»؛ يترك خاشقجي وصيته الأخيرة لآخر من كان معه: «إذا لاحظتِ حدوث شيء ما، اتصلي بمستشار رئيس حزب العدالة والتنمية التركي ياسين أكتاي»، وبعد ثلاث ساعاتٍ من الانتظار انتهى الدوام الرسمي في القنصلية، وخرج الجميع من ذلك المبنى القابع بمدينة إسطنبول والذي تطوّقه الحواجز الحديدة وتعلو أسواره الأسلاك الشائكة، وبدا كل شيءٍ عاديًا عدا اختفاء خطيب السيدة خديجة جنكيز، ليبدأ تصاعد الحبكة الدرامية للأحداث مع الفصل الثاني من قصة «من قتل السيد جمال خاشقجي» بالبحث عن مسرح الجريمة الدافئة والقاتل المجهول والبطل الذي فُقد أثره.

وفيما أخفي المحققون الأتراك نتائج التحقيقات، يستعد المُدعي العام التركي لإعلان قائمة الاتهمات والتي من الممكن أن تستهدف السعودية؛ كونها حتى الآن لم تجب عن خمسة أسئلة ينتظر الجميع سماعها.

1-  أين الدليل على خروج خاشقجي من الباب الخلفي للقنصلية؟

حين طال غياب الصُحافي السعودي داخل قنصلية بلاده، لم تستطع خطيبته الوصول إليه كونها تحمل هاتفه المحمول، تقول في مقالها المنشور في صحيفة «الواشنطن بوست»: «سألتُ عن جمال داخل القنصلية، لكنني تلقيتُ إجابة زادت من مخاوفي؛ لقد أخبروني بأنه غادر بالفعل»، وتجدر الإشارة إلى أنّ مبنى القنصلية يوجد به مدخلان؛ أحدهما في الواجهة الأمامية والآخر في الخلف، لذا فخديجة جنكيز أفصحت أنّ الأمل لازال يساورها بأنّ خطيبها لم يُقتل، لكنها لا زالت تلتمس الدليل الذي لم يكن موجودًا.

المصدر : washingtonpost

بعدما طلبت الشرطة التركية تسجيلات كاميرات القنصلية التي تنتشر حول المبنى لفحصها، فاجأ القنصل العام السعودي في إسطنبول وكالة «رويترز» قائلًا: «كاميرات القنصلية الأمنية تقوم بالتصوير المباشر، لكنها لا تسجل، ولذا لا يمكن تقديم أدلة على تحركات خاشقجي»، مضيفًا بأنّ خاشقجي غادر القنصلية يوم الثلاثاء، الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، بعد إكمال أوراقه، وربما يكون قد غادر من أيّهما، لكنّ الشرطة التركية ما زالت تعتقد أن الصحافي السعودي قتل بالداخل.

نشرت صحفية «الواشنطن بوست» لقطات من إحدى الكاميرات الجانبية لمبنى القنصلية أظهرت فقط دخول خاشقجي مبنى القنصلية، وهو ما جعل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يطلب من السعودية تقديم دليل يثبت مغادرة الصُحافي المختفي لقنصليتها في مدينة اسطنبول، تزامنًا مع فتح تحقيق رسمي في ظل مناخ تركي عام بأنّ خاشقجي داخل القنصلية، ومؤخرًا طلبت السيدة خديجة جنكيز من وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن ينشر تسجيلات كاميرات المراقبة الخاصة بالقنصلية السعودية في اسطنبول، كما طلبت من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المساعدة في حل القضية.

2- لماذا أرسلت السعودية طبيب تشريح إلى القنصلية؟

في تطورٍ سريع للأحداث التي بدت معقّدة منذ البداية، سرّبت جريدة الصباح التركية، المقربة من حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، تفاصيل وصول 15 سعوديًا إلى مطار أتاتورك عبر طائرتين خاصتين يوم اختفاء جمال خاشقجي، وأنهم توّجهوا جميعًا إلى مقر القنصلية أثناء تواجد الصُحافي السعودي بداخلها، وكشفت الصحيفة عبر معلومات تفصيلية مواعيد دخولهم وخروجهم من البلاد في ساعاتٍ معدودة، في إشارة إلى أنهم جاءوا لمهمة مُحددة، وهو ما جعل المُدعي العام التركي، الذي يرأس التحقيقات، يبدأ في تحضير لائحة اتهام بحقهم بالضلوع في إخفاء خاشقجي.

(الوفد السعودي المشتبه به  مصدر الصورة: .middleeasteye)

وما يعزز فرضية الاتهام لدى المحققين أنّ القائمة تضمنت بحسب ما نشره موقع «ميدل إيست آي» ثلاثة ضباط كانوا أعضاء في وحدة الحماية الخاصة للأمير محمد بن سلمان، اللافت أنّه كان من ضمن المجموعة أيضًا طبيب تشريح يترأس قسم الأدلة الجنائية في إدارة الأمن العام السعودي، ويرأس المجلس العلمي للطب الشرعي بالهيئة السعودية للتخصصات الصحية، وهو ما يتزامن مع التسريبات الصحافية التي نقلت عن مصادر أمنية واستخباراتية بأنّ خاشقجي تعرض للتعذيب أثناء التحقيق معه داخل القنصلية، بالإضافة إلى عقيد بالمخابرات، ومهندس، وعدد من الضباط المُكلفين بوظائف سيادية داخل السعودية.

وكانت صحيفة «الواشنطن بوست» كشفت أن مسؤولي الاستخبارات الأمريكية اعترضوا اتصالات من مسؤولين سعوديين يناقشون خطة للقبض على جمال خاشقجي، لكنّ المفاجأة التي فجرتها «رويترز» أنّ الطائرات الخاصة التي نقلت الوفد السعودي تابعة للحكومة السعودية، وذلك بالكشف عن أرقامها، علاوة على أنّ أعضاءها يتمتعون بحصانة دبلوماسية؛ لذا لم يتعرضوا للتفتيش أثناء دخولهم وخروجهم.

3- لماذا استعانت القنصلية بالصناديق المشبوهة؟

بينما يعتقد القنصل السعودي أنه قدّم للصُحافيين والمحققين الأتراك أدلة متماسكة عن كل الاتهامات بشأن توّرط السعودية في قضية اختفاء جمال خاشقجي، قدّمت «صحيفة الواشنطن بوست» اتهامًا جديدًا – نقلًا عن مسؤولين أمريكيين – بأن خاشقجي ربما تم تشويهه ووضع جثته في صناديق ونقلها إلى خارج البلاد، وتتفق التسريبات مع ما نشره موقع موقع «ميدل إيست آي» بأن الوفد السعودي أحضر آلة للتقطيع على متن الطائرة الخاصة التي أحضرته.

ولم ترد القنصلية السعودية حتى الآن على ادّعاء وجود صناديق مشبوهة خرجت من السفارة بعد ساعات من دخول جمال خاشقجي، إلا أنّ تسريبات أمنية كشفت أن الكاميرات المجاورة لمبنى القنصلية التقطت وجود صناديق في شاحنة  تحمل لوحة دبلوماسية، ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» أنّ السلطات التركية تفحصت كاميرات الشوارع بحثًا عن شاحنة سوداء بداخلها صناديق مشبوهة يعتقد أنها حملت جثة خاشقجي بعد تقطيعها من القنصلية السعودية، وذلك بحسب السلطات التركية.

4- أين ذهبت السيارة السوداء التي كانت أمام القنصلية؟

تُظهر الصورة الأخيرة لجمال خاشقجي وجود سيارة سوداء أمام القنصلية مظللة بالكامل بحيث لا يمكن مشاهدة ما بداخلها، وبحسب المعلومات التي تناقلتها الصحف التركية فإن سائق تلك السيارة ليس موظفًا في القنصلية، وأنه قد أخرج صناديق مشبوهة ووضعها في صندوق السيارة مُغادرًا إلى جهة غير معلومة. وكانت السًلطات التركية قد طلبت من السعودية تفتيش كلٍّ من القنصلية وبيت القنصل العام محمد العتيبي الذي يعتقد بأنّ السيارة بعدما خرجت من القنصلية إلى جهة غير معلومة بالقرب من الطريق السريع، عادت إلى منزله.

وبحسب المصدر ذاته فالسيارة المشبوهة كانت ضمن سيارات أخرى تقوم بالمهمة ذاتها، وبعد مغادرتها القنصلية سارت ثلاث عربات يسارًا. وكان  مكتب قناة «الجزيرة» القطرية باسطنبول قد نقل عن مصادر في الشرطة التركية بأن السُلطات ستنشر فيديو من كاميرات المراقبة، يوضح الحقيقة بشكل كامل في قضية جمال خاشقجي.

وتجدر الإشارة إلى أنّ الحكومة السعودية رفضت طلب قوات الشرطة التركية بتفتيش القنصلية وبيت القنصل؛ بزعم ضرورة وجود السفير السعودي أثناء عملية التفتيش، في وقتٍ قدمت فيه الولايات المتحدة بد المساعدة للتحقيق في القضية رسميًا في حال وافقت السعودية.

5- لماذا حصل موظفو القنصلية الأتراك على إجازة عمل؟

كشف موقع الجزيرة القطري التسريبات الأخيرة الحالية في تلك القضية، وبحسب المصادر التركية فإنه قبل ربع ساعة من دخول خاشقجي القنصلية في تمام الواحدة ظهرًا، دعا القنصل العام محمد العتيبي جميع موظفي القنصلية للاجتماع، كما سمح للموظفين الأتراك بإنهاء عملهم مبكرًا قبل موعد انتهاء الدوام، وحين اقترب الصُحافي السعودي من القنصلية كان في استقباله أحد الموظفين، وهو ما تؤكده الصورة التي التقطتها الكاميرات المجاورة للقنصلية.

وسبق للعتيبي أن صرّح بأن الكاميرات لم تكن تُسجّل الأحداث، وهو ما يُمكن أن يستند عليه الإدعاء العام في قضية خطف أو مقتل خاشقجي، وبحسب التسريبات، فخاشقجي مكث في مكتب العتيبي حتى وصول الوفد السعودي المكون من 15 مسئولًا سعوديًا، ثم قاموا بالتحقيق معه قبل قتله، ثم نقل جثته إلى غرفة أخرى، وبعد ساعتين ونصف الساعة  نقلت خارج القنصلية.

وحتى الآن ترفض السعودية السماح للشرطة التركية بتفتيش القنصلية، كما تتحفظ على الإجابة عن تلك الأسئلة، والتي على الأرجح سيستند إليها المُدعي العام التركي في إعلان نتيجة تحقيقاته.

 

 

المصادر

اجمالي القراءات 1957