غياب التأمين الصحي والبطالة، والتسرب من التعليم.. هذا ما يعاني منه 75% من الشباب في المغرب

في الجمعة ١٠ - أغسطس - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

البطالة في المغرب كانت مثار حديث تقرير رسمي الذي خلص إلى أن شريحة كبيرة من الشباب المغربي بقيت «على هامش النمو الاقتصادي».

ونبه التقرير إلى ارتفاع مؤشرات البطالة في المغرب والتسرّب المدرسي وسط هذه الفئة التي تشكل ثلث سكان البلاد.

وأوضح التقرير الذي صدر هذا الأسبوع عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن البطالة في المغرب وغالبية الشباب الذين يعانون البطالة في المغرب تتراوح أعمارهم بين 15 و34 سنة يوجدون على «هامش النمو الاقتصادي»

وسلط التقرير الضوء على «نقص منسوب الثقة ومشاعر الاستياء إزاء السياسات والخدمات العمومية» لدى جزء كبير منهم.

وقال مسؤول مغربي رفيع إن ثلث خريجي الجامعات المغربية  يعانون من البطالة في المغرب حيث لا يعثرون على وظائف بسبب ضعف النمو الاقتصادي  وعدم تأهيل النظام التعليمي لهم على النحو الملائم. ما ادى إلى زيادة البطالة في المغرب

وقال أحمد الحليمي المندوب السامي للتخطيط في مقابلة مع رويترز «المغرب في حاجة ماسة إلى إصلاحات جوهرية في ميادين التعليم والتكوين.. وتدبير الاقتصاد وإشراك الناس في الحياة العامة.»

وأضاف أنه على مدى الخمس سنوات الأخيرة فشل نحو 20 ألفاً من مجموع 60 ألف خريج جديد سنوياً من خريجي الجامعات المغربية في الحصول على وظيفة.

البطالة في المغرب والتأمين الصحي ، هي مظاهر معاناة قطاع كبير من الشباب المغربي

وقال التقرير الذي صدر هذا الأسبوع عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي  إن 82 بالمئة منهم لا يمارسون أي نشاط، ويقضون 72 بالمئة من وقتهم في أنشطة «غير منتجة للرفاه الاجتماعي»

 بينما لا يحصل 75 بالمئة من هذه الفئة على تغطية صحية، ويعاني خمسهم من اضطرابات نفسية.

ونبه إلى ارتفاع معدل  البطالة في المغرب ومعدل الانقطاع عن الدراسة وسطهم، فيما يصل معدل البطالة الى 20 بالمئة، موضحاً أن «أغلب الشباب المشتغلين يعملون بالقطاع غير المنظم» وفي مهن «تتسم بالهشاشة وبأجور زهيدة».

واشار إلى أن معدل البطالة  في المغرب تطال الشابات أكثر من الشبان.

وتُظهر الإحصاءات أن نسبة البطالة في المغرب انخفضت في الربع الثاني من العام إلى 9.1 من 9.3 بالمئة قبل عام بفضل الأداء القوي للقطاع الزراعي في ظل هطول جيد للأمطار العام الماضي.

وتسهم الزراعة بنسبة 15 بالمئة من الناتج الاقتصادي للمغرب.

لذلك شهدت الفترة الأخيرة احتجاجات شارك فيها الشباب بسبب الأوضاع الاقتصادية

وقال التقرير إن عنصر الشباب  تصدر الحركات الاجتماعية الاحتجاجية التي شهدتها مناطق مغربية مختلفة في الآونة الأخيرة ضد تدهور الأوضاع المعيشية، وانتهت بملاحقات قضائية.

 لكن السلطات اطلقت مشروعات في محاولة لاستيعاب هذه الاحتجاجات.

 ودعا العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطاب العرش في نهاية يوليو/تموز الحكومة إلى «إعادة هيكلة شاملة وعميقة للبرامج والسياسات الوطنية في مجال الدعم والحماية الاجتماعية».

ودعا تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى إطلاق مبادرة وطنية  لصالح هذه الفئة، مسجلاً «أزمة ثقة حقيقية بين الشباب والمؤسسات السياسية».

 ولا تتعدى نسبة المنخرطين في الأحزاب والنقابات 1%  من الشباب، بحسب التقرير.

في المقابل، يقبل «عدد متزايد» منهم على الجمعيات، ما يعد تعبيراً عن «خيبة الأمل بالعمل السياسي المباشر» وقدرته على تحقيق «تغيير فعلي».

وتوقف التقرير عند أهمية الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في تكوين وعي الشباب، مشيراً إلى ما أسماه «فجوة رقمية» بين الشباب المرتبط بالإنترنت والبقية، لا سيما النخبة السياسية».

 وولد 46 بالمئة من المغاربة بعد وصول الإنترنت إلى المملكة في 1993، ويرتبط أكثر من ثلثي الأسر بالشبكة العنكبوتية.

وحذر التقرير من أن هذا الانفتاح غير المحدود على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي يجعل الشباب عرضة «لينهلوا من منظومة قيم (…) تتجاوز الحدود المرسومة في النطاق العائلي أو المجال».

وسجل في هذا السياق «تنامي ظاهرة التدين في صفوف الجيل الحالي من الشباب مقارنة مع الجيل السابق»، و»انكفاء فئة منهم داخل دائرة التدين رافضة الحداثة المستوحاة من الغرب»، مع التحذير من تحول هذا الانكفاء إلى «تطرف ديني لدى البعض».

وفي وقت سابق، قالت المندوبية السامية للتخطيط إن من المتوقع أن يتباطأ النمو الاقتصادي إلى 2.9 بالمئة في 2019 مقارنة مع توقعات لنمو نسبته 3.1 % هذا العام.

وهناك تحذير من تصاعد كبير في المديونية

وتوقع  أحمد الحليمي المندوب السامي للتخطيط أن يصل «عجز الميزانية في البلاد إلى 3.9 % من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، وينخفض إلى 3.6 % في 2019.»

وتحدث عن الاستثمار في المغرب قائلاً «المشكلة ليست في حجم الاستثمار بل في ترشيد ما هو حكومي وفي نطاق فتح المجال لمساهمة أكبر (للقطاع الخاص) في ميدان التعليم.»

وأضاف «نحن في حاجة إلى محاولة التخطيط المستقبلي والاستراتيجي الاستباقي والمرتبط أساساً بالتقييم الدوري.»

وحذر من المديونية «التي أصبحت 82 في المئة، ممكن أن تصبح العام المقبل 82.5 % والسنة التي تليها حوالي 83 %. المديونية ترتفع ويجب الاحتياط.»

وأضاف «ننادي بالحذر خصوصاً وأن مشكلتنا الأساسية هي أن إنتاجنا له مستوى تنافسية ضعيفة أي أن التصدير لا يرتفع.

فالصناعات المهمة في التصدير كالسيارات مثلاً تمثل ما بين 37 و38 % لكنها أيضاً تعتمد على الاستيراد الذي يشكل 37 % منها. كذلك استثماراتنا تتطلب واردات كبيرة.»

وتوقع أن «يكون التضخم من 0.7 % في 2017 إلى 1.7 % في 2018 ويصل إلى 1.5 % في 2019.»

كان تقرير رفعه والي بنك المغرب المركزي إلى العاهل المغربي أواخر يوليو/تموز الماضي عن الوضع الاقتصادي في البلاد جاء فيه «أن المغرب قد أحرز إجمالاً بعض التقدم في سنة 2017، إلا أن الوتيرة تبقى دون المستوى المطلوب، إذ يظل النشاط غير الفلاحي بطيئاً، وعلى الرغم من التحفيزات والمجهود الاستثماري العمومي، لا يزال الاستثمار الخاص محدوداً، مما يقلل من فرص تحسن النمو والتشغيل.»

كان العاهل المغربي أقال وزير الإقتصاد محمد بوسعيد هذا الأسبوع بسبب ما قال مراقبون إنها «تجاوزات واختلالات شابت تسيير الوزارة خاصة في مجال الاستثمار».

وجاء في بيان من الديوان الملكي أن الإقالة جاءت «في إطار تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة الذي يحرص الملك أن يُطبق على جميع المسؤولين مهما بلغت درجاتهم وكيفما كانت انتماءاتهم.»

وُينظر إلى موضوع البطالة في المغرب كنقطة سوداء في الأداء الاقتصادي، الذي حقق نتائج جيدة من وجهة نظر المؤسسات المالية الدولية.

 لكن  اتساع البطالة في المغرب في مجتمع ينعم بالتطور والحرية، يشكل أخطاراً على المدى المتوسط، وفقاً للخلاصات ذاتها التي تعتبر أن البطالة في شمال إفريقيا «تدفع نحو مزيد من الحراك الاجتماعي، كما حدث في الحسيمة وجرادة في المغرب، ومدن أخرى في الجزائر وتونس، وغالباً ما تكون مطالب العمل والدخل والاندماج الاجتماعي والكرامة في مقدم تطلعات الشباب».

اجمالي القراءات 2073