صلاح عيسى في آخر حوار له: من يتشبث بالتراث أكثر الناس جهلا به

في الخميس ١١ - يناير - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

صلاح عيسى في آخر حوار له: من يتشبث بالتراث أكثر الناس جهلا به

 

  • غيب الموت الكاتب الصحافي والمؤرخ الراحل صلاح عيسى ((14 أكتوبر 1939- 25 ديسمبر 2017) عن عمر يناهز 78 عاما بعد وعكة صحية مفاجئة. قبيل وفاته بأيام التقت مع صلاح عيسى، حيث دار حوار غاص في عمق تجربته ومسيرته الحافلة في مجال الأدب والصحافة والتاريخ والاجتماع والفكر السياسي. لكن رحل صلاح عيسى قبل أن يتسنى له قراءة هذا الحوار الذي ارتأينا أن نشره بتفاصيله الراهنة وأسئلته المباشرة لأن الشعراء والكتاب والمفكرين لا يموتون، ذكراهم هي ذاكرة وطن خالدة.

كاتب عشق التمرد

القاهرة- كان صلاح عيسى كاتبا عنيدا يعشق التمرد، ويهوى كسر الخطوط الحمراء. اصطدم بعبد الناصر فقال عنه “هذا الولد لن يخرج من السجن وأنا على قيد الحياة”. في عهد السادات حل ضيفا على المعتقل مرتين. تخصص في كتابة التاريخ الاجتماعي السياسي المصري بأسلوب أدبي شيق.

تحفل مكتبته بالعديد من المؤلفات التي تربت عليها أجيال مثل: مثقفون وعسكر، دستور في صندوق القمامة، بيان مشترك ضد الزمن، شاعر تكدير الأمن العام، الثورة العرابية، الكارثة التي تهددنا، تباريح جريح، صك المؤامرة، حكايات دفتر الوطن، محاكمة فؤاد سراج الدين، السلطان وقضاة الشرع.

دخلت السجن أكثر من مرة، وسرقت القضبان الحديدية أجمل أيام عمرك.. ما الذي تبقى في ذاكرتك من هذه التجربة؟

 

– سنوات السجن من أفضل أيام حياتي ولا أرى أنها سنوات ضائعة، وأعتقد أنني كسبت من ورائها أكثر مما خسرت على المستوى النفسي؛ فالسجن ولّد بداخلي فكرة قبول المخاطر وتحمّل التقلّب في الأحوال. أنت اليوم حر، تكسب، ولديك مال ولا تستطيع أن تأكل ما تريد، عاطل بلا عمل وهناك من يحاول إفقادك احترامك لنفسك.. كل هذه الأوضاع يحتاج الإنسان إلى أن يتعلم كيفية تحملها، كما أن السجن فرصة للتأمل. وهنا أتذكر مقولة الروائي الأردني الراحل غالب هلسا “كلما كان الإنسان صاحب ثراء داخلي، استطاع أن يقاوم أي ظرف خارجي”.

السجن مناسبة لاجترار الأفكار، حيث استطعت أن أقيم حوارا مع نفسي، وأتأمل نفسي في ظروف لا تتيحها لي حياة الحرية، كما استطعت قراءة كتب عديدة. وكان السجن فرصة للتعرف على شخصيات رائدة لرموز كانوا زملاء وراء القضبان مثل عبد الرحمن الأبنودي وسيد حجاب وجمال الغيطاني وغالب هلسا وإبراهيم منصور ومحمد حسنين هيكل وعبد الفتاح باشا حسن.

ما هي أسوأ مراحل السجن؟

 

– “الحبسة الأولى” أول مرة دخلت السجن كنت فيها أشبه بالمذهول. رأيت أناسا متوحشين يعذبون البشر وأنا محتجز طوال 23 ساعة يوميا داخل زنزانة ضيقة، وكان ذلك عام 1966، والسبب المباشر لاعتقالي سلسلة مقالات كتبتها في مجلة “الجديد” اللبنانية تحت عنوان “الثورة بين المسير والمصير” بمناسبة العيد الرابع عشر لثورة 23 يوليو 1952. هذه المقالات استفزت الرئيس عبد الناصر، وطلب مذكرة بشأنها قدمها علي صبري، أمين عام الاتحاد الاشتراكي، حيث اعتبرها مقالات متعالية خارجة عن السياق العام، وكان عبد الناصر يُستفز من النقد اليساري تحديدا لأنه كان يعتبر أنه هو شخصيا أكبر يساري في العالم العربي.

استمرت فترة سجني الأولى ثمانية أشهر ولم أخرج إلا بعد توسط المفكر الفرنسي الشهير جان بول سارتر أثناء زيارته للقاهرة

كنت أحب عبد الناصر لأنه كان زعيما وطنيا معاديا للاستعمار والصهيونية ولديه أفكار اجتماعية متقدمة. لكن مشكلتنا معه كانت تتمثل في افتقاد نظامه للقدر الكافي من الحريات والديمقراطية. المهم أنه قام بالتوقيع على المذكرة بعبارة “يُعتقل ويُفصل من عمله”. وكان من الصعب أن تجد عملا في أي مجال خارج نطاق الحكومة. استمرت فترة سجني الأولى ثمانية أشهر، ولم أخرج إلا بعد توسط المفكر الفرنسي الشهير جان بول سارتر أثناء زيارته للقاهرة، حيث قدم أهالينا مذكرة له، وتوسط لنا عند عبد الناصر الذي أفرج عنا وعاد كل زملائي إلى أعمالهم إلا أنا.

دخلت السجن للمرة الثانية بسبب مشاركتي في تظاهرات الطلاب عام 1968 احتجاجا على نكسة يونيو 1967، واحتجاجا على الأحكام التي صدرت بحق قادة سلاح الطيران الذين تسببوا في الهزيمة، وبقيت هذه المرة ثلاث سنوات ونصف السنة في السجن، وجرت محاولات للإفراج عني بوساطة خالد محي الدين ونايف حواتمة، لكن الرئيس عبد الناصر قال لهما “سيظل هذا الولد في السجن طالما أنا على قيد الحياة”. وخرجت من السجن بعد وفاة عبد الناصر.

وفي عهد السادات تم التحقيق معي عام 1972 بتهمة المشاركة في الذهاب إلى الجامعة وتحريض الطلاب على التظاهر والإضراب. وفي عام 1975 تم اعتقالي بتهمة التحريض على التظاهر. وفي عام 1977 اعتقلت بتهمة المشاركة في انتفاضة 18 و19 يناير. وفي عام 1979 قُدمت للمدعي الاشتراكي مع عدد من كبار الكتاب منهم أحمد حمروش وأحمد فؤاد نجم ومحمد حسنين هيكل ومحمد سيد أحمد والناقدة فريدة النقّاش بتهمة نشر مقالات في الصحف العربية تنتقد النظام.

الآن، كيف تقيم التجربة الناصرية؟

 

– عبد الناصر كان كما وصفه الشاعر العراقي الراحل محمد مهدي الجواهري “عظيم المجد عظيم الأخطاء”. وعندما رحل حدثت مشادة بيني وبين قائد المعتقل في السجن لأني أردت إرسال برقية عزاء فيه، ولكن القائد رفض.

والرئيس السادات؟

 

– أخرجني من المعتقل في بداية عهده، وتم تعييني في جريدة “الجمهورية” لكني اختلفت معه بسبب سياساته. وقد قام الرجل بإنجازين عظيمين الأول تحطيم الطابع الشمولي الذي كان قائما في عهد سلفه عبد الناصر وسماحه بانفراجة ديمقراطية كانت مهمة في ذلك الحين. والثاني قيادته لحرب أكتوبر. لكن في المقابل السادات له أخطاء قاتلة منها سياسة الانفتاح الاقتصادي وتحالفه مع الجماعات الدينية المتشددة لضرب اليسار، وهي السياسة التي خلقت لنا مشكلات مازلنا نعاني منها حتى اليوم، وكذلك زيارته لاسرائيل وتوقيعه على الصلح المنفرد معها.

ومبارك؟

 

– عمل إنجازات مهمة في الفترتين الأولى والثانية من حكمه، منها إعادة العلاقات بين مصر والعالم العربي، واستمرار الإنفراجة الديمقراطية الجزئية التي بدأت في عهد سلفه، كما سمح بدرجات من الانفتاح في الحريات وصلت إلى ذروتها في السنوات الخمس الأخيرة من عهده.

مكتبته تحفل بالعديد من المؤلفات التي تربت عليها أجيال

 

في المقابل هناك مشكلات أساسية بدأت تتنامى في عهده مثل انتشار الفساد على نحو لم يسبق له مثيل، وتفكيك القطاع العام، وتخلي الدولة عن مسؤوليتها تجاه الطبقات الشعبية ومقاومة الضغوط العنيفة من أجل إحداث نوع من التطور السياسي يهيئ الأوضاع للانتقال السلمي للسلطة بعد رحيله وتحالف السلطة مع رأس المال.

ماذا عن علاقتك بالقذافي؟

 

– قابلته مرة واحدة لأجري معه حديثا صحفيا عام 1986. ويعتبر القذافي نموذجا لثورات التحرر الوطني خلال فترتي الخمسينات والستينات، لكنه بقي في السلطة أكثر من أربعين عاما دون إنجاز نقلة حضارية لشعبه، وكان عليه أن يدرك أن الجماهير لن تظل تنظر إليه النظرة القديمة نفسها طالما أنه لم يحقق مطالبها، وهكذا تحول الرجل من ثائر إلى قيصر وجلاد يطيح بكل من يتجاسر على معارضته ومن الطبيعي أن تودعه الجماهير بالأحذية.

كيف تنظر إلى مشهد مقتل القذافي؟

 

– مقتل القذافي وإعدام صدام حسين مشهدان لا أحب أن أتذكرهما. وكنت أتمنى من الشعب الليبي – بغض النظر عن حجم الفظائع التي ارتكبها القذافي بحقه – ألا يقتل الرجل وأن يقدمه بدلا من ذلك لمحاكمة عادلة على الأقل لمعرفة الكثير من الأسرار التي يمتلكها. لقد كان الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي شريكا وصديقا للقذافي الذي لديه كنز من الأسرار المشينة للعديد من القادة الأميركيين والأوروبيين الذين أتصور أنهم هم من أعطوا الأوامر والتعليقات بقتله وتصفيته فورا.

كيف تبدو ملامح المستقبل السياسي لمصر؟

 

– على المدى القصير ستواجه مصر مشكلات ومتاعب نتيجة حالة التجاذبات السياسية، لكن على المدى المتوسط سوف يكون لدينا بلد مختلف تماما عصري ديمقراطي يملك مشروعا قوميا يتيح له أن يكون القاطرة التي تقود النظام العربي القائم الآن.

أنت كاتب تقدمي، هل التفكير في التخلف والإصلاح يؤدي إلى فهم حقيقة التاريخ؟

 

– المجتمعات التاريخية كلها في اتصال بعضها ببعض. إذا أخذنا مجتمعا بعينه في لحظة معينة، فهو إما متفوق على المجتمعات المحيطة به، وإما متكافئ معها أو متخلف عنها. مقياس ذلك نجده في الحرب أو التجارة. أيام الجاحظ كان العرب يشعرون بالتفوق، وأيام ابن خلدون كان يشعرون بالتخلف. العبارة عن هذا الشعور واضحة عند هذا وعند ذاك. كتبت عمّن يعي التخلف، ويعترف به ويبحث عن وسائل استدراكه. ولم ألتفت إلى من يتجاهله أو ينفيه. من خصائص الفكر الأيديولوجي الانكباب على هذه النقطة وحدها.

هذه إذن حالة عادية في التاريخ، ومن الطبيعي أن نجد لحالة العرب ما يماثلها في مجتمعات أخرى مثل التجربة الروسية والألمانية. وهذا جعلني أخلص إلى أن التفكير في التخلف والإصلاح يؤدي إلى فهم حقيقة التاريخ، وهذه ترادف معنى الماركسية الموضوعية، وقد تبين لي عن بحث وتمحيص أن الماركسية الموضوعية ليست موضوعة “proposition” تُناقش، بل هي وضعية situation”” تُشاهد وتوصف.

لماذا لم تتطور صناعة التاريخ عند العرب من الكتابة التقليدية إلى فلسفة التاريخ؛ هل كان ابن خلدون يستطيع ذلك ولم يفعل؟

 

– توجد عند المؤرخين المسلمين فلسفة واعية بنفسها إلا أنها متجذرة في الوعي المطلق. التاريخ ظهور وإظهار لباطن، والباطن مرسوم منذ الأزل. هذه الفلسفة قريبة مما يقول به بعض الفلاسفة فالعلم المطلق مقدم على علم الجزئيات، كذلك معرفة غاية التاريخ مقدَّمة على رصد أطواره.

نرى اليوم صراعا بين تيارين أحدهما يريد أن يتحكم في الحداثة حتى يستطيع أن يوجهها توجيها مفيدا للمجتمع، والآخر يتظاهر بالرفض والممانعة، فيترك الحداثة تسير في صالح الغير

ما مفهومك لمصطلح القطيعة مع التراث؟

 

– لا تتم القطيعة مع التراث، أي التحرر من هيمنته، إلا بدراسة تاريخية نقدية. نلاحظ أن من يتشبث بالتراث هو، في الغالب، أكثر الناس جهلا به. يختزل الثقافة العربية في الإنتاج الديني، وهذا في الإنتاج الفقهي، وهذا في الإنتاج السني… إلخ، بل هناك من الأصوليين من لا يعرف من التراث إلا فتاوى ابن تيمية.

بدأت الحداثة في الغرب بتحقيق نص التوراة والإنجيل، ثم مؤلفات أرسطو وأفلاطون، وسائر مؤلفي اليونان واللاتين، وهذا العمل لا يزال مستمرا إلى اليوم. كل جيل يؤول التراث تأويلا جديدا وهذا التجديد المستمر مطلوب ومقبول، لا أحد ينعته بالزيغ والعقوق. لا جدال في منهجية التحقيق. ويكون الاختلاف في التأويل، وذلك بحسب المجالات. طرائق تأويل النص الديني مخالفة لطرائق تأويل النص الشعري أو الفلسفي أو النقدي.

هل ما زلت تعتقد أن على العرب أن يتجرعوا الحداثة كما تجرعتها أمم قبلهم؟ وماذا لو كان ثمن تجرعها قاسيا: أعني من قبيل توليد نقائضها! ألا تزدهر الأصولية في سياق التحديث واللَّبْرلة والعولمة؟

 

– الحداثة واقع اجتماعي معيش، لا مقولة للتحبيذ أو التفنيد. تظل المعارضة للحداثة في كل الأحوال لفظية.

ما يهم المؤرخ، وأكثر منه رجل الدولة والمسؤول السياسي، هو كيفية التعامل مع هذا الواقع الجاثم. يقول البعض: الحداثة هي صورة من صور الاستعمار، استعمار روحي بدلا من أن يكون ماديا فقط. طيّب، كيف تعامل الوطنيون مع استعمار الأجساد؟ هل قالوا لا قيمة له، لا وجود له، نعيش على هامشه ولا نلتفت إليه؟ لو فعلوا ذلك لكانوا اليوم في وضعية هنود أميركا. هل كان يجدي في مدافعة الاستعمار النفي والتجاهل أم التعرف إليه، التعمق في ماهيته ثم تجريده من بعض وجوه نفوذه؟

لقد تجسدت الوطنية في التكيف مع الاستعمار سياسيا وفكريا وسلوكيا عندما اقتنع الجميع أن لا جدوى من المقاومة العسكرية وفي الانكفاء على النفس. الحداثة مثل الاستعمار، حالة قائمة، إما مفروضة ومرفوضة قولا وعقائديا، وإما معترف بها متحكم فيها. والأصولية لا تمنع ولا تمانع، إنما هي انعكاس باهت لأصولية رافقت كل أطوار الحداثة في الغرب. هذه هي الحقيقة المرة.

نرى اليوم صراعا بين تيارين أحدهما يريد أن يتحكم في الحداثة حتى يستطيع أن يوجهها توجيها مفيدا للمجتمع، والآخر يتظاهر بالرفض والممانعة، فيترك الحداثة تسير في صالح الغير. الكل يخشى المواجهة فتترك الساحة للتيار الأكثر تعلقا بالماضي. يقل الحسم ويعمّ التردد والتردد دائما خسارة.

قدمت ثلاثة كتب عن المرأة هي: ريا وسكينة والبرنسيسة والأفندي ومأساة مدام فهمي، لماذا كل هذا الاهتمام بحواء؟

 

– هذه الكتب جزء من مشروع التأريخ الاجتماعي لمصر وهو مشروع يعتمد على ما أسميه “حكايات من دفتر الوطن” حيث أقوم بإعادة بناء وقائع تاريخية ذات طابع اجتماعي، وأعرض الحقائق الموضوعية بأسلوب أدبي درامي.

“ريا وسكينة” تحول إلى مسلسل تلفزيوني كتب السيناريو الخاص به مصطفى محرم وعرض منذ ثلاثة أعوام على الشاشة ويحاول أن يقدم السيرة الحقيقية لهاتين الشخصيتين اللتين برزتا على ساحة الأحداث في الفترة من 1918 حتى 1920، واجتذبتا الاهتمام العام بسبب جرائم القتل البشعة التي نسبت إليهما.

والكتاب يصحح المعلومات التي أشيعت عنهما إذ لم يحدث أنهما كانتا تمارسان القتل بأيديهما كما ظهر في أفلام السينما وبعض المسرحيات، حيث كان دورهما يقتصر على استدراج الضحايا ومعظمهن من النساء البغايا، ويتولى عملية القتل أربعة رجال ولم يحدث أن قامت واحدة منهما بعملية قتل، بل العكس هو الصحيح. فقد كانت “ريا” جبانة، وعندما تبدأ عمليات القتل تهرب إلى الغرفة الأخرى، بينما كانت “سكينة” امرأة تفتقد القدرة على ممارسة أي شكل من أشكال العنف وتشرب الخمر حرصا على أن تكون في حالة ثمالة.

أما كتاب “مأساة مدام فهمي” فيتناول قصة غرام فاجع بين مليونير مصري شاب في الثالثة والعشرين من العمر تعرّف إلى امرأة فرنسية تكبره بعشر سنوات، وقع في غرامها في ظل مناخ كان سائدا بالمجتمع المصري في بدايات القرن العشرين، حيث بعض الشباب المصري يحتك من خلال بعثات دراسية بنساء أوروبيات..

بدأت الحداثة في الغرب بتحقيق نص التوراة والإنجيل، ثم مؤلفات أرسطو وأفلاطون، وسائر مؤلفي اليونان واللاتين، وهذا العمل لا يزال مستمرا إلى اليوم

المرأة الفرنسية سبق لها الزواج والحب أكثر من مرة واستخدمت بعض الألاعيب للإيقاع به، فتزوجها بعد إعلان إسلامها وعاد بها إلى مصر وأنشأ لها قصرا فخما للغاية لا يزال قائما حتى اليوم وهو القصر المعروف باسم “قصر عائشة فهمي” الموجود أمام فندق الماريوت في مدخل جزيرة الزمالك ولم تستمر حياتهما الزوجية سوى سبعة أشهر، فوجئت خلالها الزوجة بأن زوجها يتصرف معها بطريقة وصفتها فيما بعد بـ”الطريقة الشرقية”، حيث منعها من الخروج من المنزل إلا في صحبة تابع له.

وكان الزوج متأثرا بالتقاليد الاجتماعية السائدة في مصر آنذاك، وظلت الأمور تزداد تعقيدا بينهما حتى سافرا إلى لندن في صيف عام 1923 وفي فندق سافوي وأثناء مشاجرة بينهما هناك أطلقت عليه ثلاث رصاصات وخر صريعا.

أما الكتاب الثالث “البرنسيسة والأفندي” فيتناول علاقة الحب التي نشأت بين البرنسيسة فتحية، صغرى شقيقات الملك فاروق، وشاب مصري قبطي كان يعمل سكرتيرا ثالثا في القنصلية المصرية بمارسيليا وهي علاقة انتهت بإسلام الزوج وزواجه منها.

والكتاب يعالج فكرة زواج الأرستقراطيين ممن هم أقل منهم حسبا ونسبا، وكذلك زواج أصحاب الديانات المختلفة، وفكرة شغف العوام والصعاليك بالتلصص على الحياة الخاصة للذين يحكمونهم.

لماذا يكون زواج المثقفين على سطح صفيح ساخن؟

 

– لا يمكن التعميم في هذا الأمر، ولكن هناك ظاهرة لافتة حدثت في السنوات الأخيرة، وهي أن الجيل الجديد من الشباب المشتغل بالعمل العام أصبحت فكرة الطلاق بالنسبة له عملية سهلة للغاية على عكس جيلنا الذي كانت وما زالت قيمة الزواج والأسرة راسخة لديه والحفاظ على الحياة الأسرية مهم أيّا كانت المضايقات حرصا على مستقبل الأولاد.

أنت متزوج من الكاتبة الصحافية والناشطة السياسية أمينة النقاش، ألا تخشى أن تتحول العلاقة داخل المنزل إلى ورشة عمل ثقافية؟

– العلاقة بين الرجل والمرأة تمر بمراحل مختلفة طبقا للفترة العمرية، ففي البداية تكون الجاذبية هي أساس العلاقة، ثم بمرور الوقت تتحول إلى نوع من الاعتياد ولكي تستمر مؤسسة الزواج لابد أن تكون هناك اهتمامات مشتركة بين الزوجين مثل النقد والسينما والموسيقى وأشياء اخرى تخلق مساحات للحفاظ على الحياة الزوجية. وعلى المستوى الشخصي عندما أتعرض لأي مخاطر صحية أو مصادرة لحريتي أجد أمامي إنسانة رائعة تساندني وتحمل عني العبء ولا يضيرني أن أبدو أمامها في حالة من الضعف الإنساني.

كيف تصف علاقتك بالمرأة عموما؟

 

– علاقتي بالمرأة لا تختلف عن علاقة جيلي بها سواء في مصر والعالم العربي. لقد نشأنا في أسر تنتمي إلى الطبقة الوسطى الصغيرة وكانت المرأة المصرية آنذاك تلعب دورا محوريا في حياة عائلتها على عكس الشائع في الأعمال الدرامية من تهميشها حيث كانت هي أساس الأسرة ومصدر تماسكها. وإذا كانت حواء قد ظهرت في رواية بين القصرين لنجيب محفوظ خانعة لا قرار لها، نجدها في مذكرات الأديب الراحل يحيى حقي خليها على الله مصدرا للمهابة ويخضع لقرارها أعتى الرجال.

أخيرا.. من هو الشاعر الذي يحرضك على قراءة أعماله؟

 

– أحمد عبد المعطي حجازي، وصلاح عبد الصبور، ومن شعراء العامية صلاح جاهين والأبنودي وسيد حجاب وفؤاد حداد وأحمد فؤاد نجم. 

اجمالي القراءات 1292