الأردن يغامر بتحرير أسعار الخبز لمعالجة الخلل المالي المزمن

في الأربعاء ١٠ - يناير - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

الأردن يغامر بتحرير أسعار الخبز لمعالجة الخلل المالي المزمن

  • تصاعدت التحذيرات في الأردن من تداعيات توسيع الحكومة لإجراءات التقشف ووصولها إلى خطوط حمراء برفع الدعم عن أسعار الخبز. وتكشف الخطوة الحرجة التي تنذر باضطرابات اجتماعية حجم الخلل المالي المزمن الذي تعاني منه الحكومة.

منتجات جديدة بأسعار السوق العالمية

عمّان – تترقب الأوساط الاقتصادية الأردنية دخول قرارات رفع أسعار بعض السلع الأساسية والخدمات بكثير من الحذر، حيز التنفيذ مطلع الشهر المقبل، في مغامرة قد تفتح أبواب مواجهة بين الحكومة والمستهلكين.

ويتوقع محللون وخبراء اقتصاد أن يضع القرار مزيدا من الضغوط على إنفاق المستهلكين من مواطنين ومقيمين ولاجئين، في وقت تعاني فيه البلاد من أوضاع اقتصادية صعبة للغاية.

ويؤكد هؤلاء أن الاقتصاد الأردني يعاني من مشاكل هيكلية مزمنة وأنه يواصل منذ سنوات ترقيع تلك المشاكل بالاعتماد على المساعدات الدولية دون أن تقدم الحكومة علاجات حاسمة للمشاكل الاقتصادية.

ورغم أن الحكومة لم تعلن عن كامل قائمة السلع التي ستشملها زيادة الأسعار، إلا أن التصريحات تؤكد أنه ستشمل الخبز، بعد أن أكد مسؤولون في بداية الأسبوع أن الحكومة سترفع الدعم عنه في إطار إجراءات قاسية لخفض العجز في الموازنة.

وأكدت الحكومة أن رفع الدعم عن الخبز سيقابله صرف بدل تعويض نقدي لشريحة واسعة من الفقراء اعتبارا من نهاية الشهر الحالي.

وتظهر بيانات تقديرية أن الأردنيين يستهلكون حوالي 10 ملايين رغيف خبز عربي يوميا، في وقت تشير فيه وزارة التجارة والتموين إلى أن نحو 65 بالمئة من الخبز المنتج يذهب لغير أردنيين.

ويؤكد الخبير الاقتصادي حسام عايش الذي أبدى تشاؤمه حيال حالة أسعار السلع في السوق الأردنية خلال الأشهر المقبلة أن كل عملية زيادة في الأسعار ترافقها حالة من الفوضى خصوصا في ظل غياب الرقابة الحكومية.

وأشار إلى أن عودة الاستقرار إلى الأسواق تحتاج إلى فترة طويلة، قد تتخللها قرارات حكومية أخرى، وهو ما يفوق قدرة المواطنين على التكيف معه.

واعتبر أن دعوة الحكومة للمواطنين “المستحقين”، ما هي إلا محاولة للتخلص من تقديمه وتمرير ارتفاع الأسعار كما أن قيمة الدعم “لا تسمن ولا تغني من جوع” وستضيع قيمته ضمن دورة ارتفاع الأسعار.

خليل الحاج توفيق: السوق تعاني بالأساس من ركود سببه تراجع القدرة الشرائية للمواطنين

 

وأكدت مصادر نيابية أردنية في تصريحات سابقة أن قيمة الدعم ستضاف إلى رواتب المستحقين من المتقاعدين وموظفي الحكومة بشكل شهري حال توفر بياناتهم لدى الحكومة، أما من لا تتوفر لدى الحكومة بياناتهم بإمكانهم الحصول على الدعم من خلال بنوك معينة.

وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن قيمة الدعم النقدي للفرد سنويا تصل إلى 32 دينارا (45 دولارا)، وسيحل محلاها بدل رفع الدعم عن الخبز وضريبة المبيعات على السلع المصنعة.

وتحصر الحكومة مستحقي الدعم بين الفرد الذي يقل دخله السنوي عن 6 آلاف دينار (8.4 آلاف دولار) والأسرة التي يقل دخلها السنوي عن 12 ألف دينار (16.9 ألف دولار).

وسيحصل ما يقارب 5.26 مليون مواطن من أصل 7.65 مليون على دعم مالي، بحسب تصريحات سابقة للحكومة.

واستبعد نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق حدوث فوضى أو انفلات في السوق المحلية “لأنها ليست المرة الأولى التي تقدم فيها حكومة أردنية على رفع الأسعار”.

وقال إن “ما سيحدث هو ارتفاع أسعار السلع بنفس نسب زيادة الضريبة التي ستفرضها الحكومة بمجرد الإعلان الرسمي عن هذه النسب والسلع المشمولة”.

وأوضح أن السوق المحلية تعاني بالأساس من ركود سببه تراجع القدرة الشرائية للمستهلكين وبالتالي فإنه لا توجد نية لدى التجار في فرض زيادات غير مبررة.

ولا يغطي بدل دعم الحكومة الزيادة التي ستطرأ على الأسعار، حيث أكد توفيق أن معظم السلع التي سترفع أسعارها هي الأكثر استخداما من الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل، فيما تعهدت الحكومة مرارا بعدم المساس بهذه الطبقات.

ويرى أن العمالة الوافدة والجنسيات الأخرى والتي ستتأثر بشكل رئيسي من زيادة الأسعار، ستعوض ذلك من خلال مطالب رفع أجورها وهو ما سيتحمله القطاع الخاص بشكل أكبر.

وخصصت الحكومة في ميزانيتها للعام الحالي 171 مليون دينار (241 مليون دولار) تحت بند “شبكة الأمان الاجتماعي/ايصال الدعم لمستحقيه”، بدلا من دعم الخبز والباقي ورفع ضريبة المبيعات على السلع الغذائية المصنعة.

وتتركز مشاكل اقتصاد الأردن في ضعف الإنتاجية وارتفاع عجز الموازنة والدين العام ومستويات الفقر والبطالة، وهو بحاجة ماسة إلى تعزيز دور الاستثمار المحلي والأجنبي وتنويع الاقتصاد ومصادر إيرادات الموازنة.

وتعاني البلاد من قلة الثروات الطبيعية وقلة مصادر المياه والأراضي الزراعية ومصادر الطاقة، ويصل اعتماد الأردن على الواردات إلى نحو 90 بالمئة.

وتتوقع الحكومة نمو الناتج المحلي بنسبة 2.5 بالمئة هذا العام، غير أن الخبراء يشككون في تلك الأرقام نظرا لعدم امتلاك السلطات الأدوات الكافية لبلوغ ذلك الهدف.

وبلغ عدد سكان الأردن حتى نهاية 2015 نحو 9.5 مليون نسمة، بينهم أكثر من 3 ملايين سوري وفلسطيني ومصري ويمني وعراقي، وفق دائرة الإحصاءات العامة الأردنية. 

اجمالي القراءات 1301