جهاديون يتنكرون تحت قناع اللجوء

في الثلاثاء ١٤ - نوفمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

جهاديون يتنكرون تحت قناع اللجوء

الشرطة الفيدرالية المختصة في مكافحة الإجرام تقول أنه يوجد أكثر من 400 مهاجر دخلوا إلى ألمانيا كطالبي لجوء بين 2015 و2016، يخضعون اليوم لتحقيق قضائي حول احتمال انتمائهم إلى مجموعات جهادية.

أوروبا تواجه الإرهاب المتسلل إلى أراضيها

تحاول السلطات الأمنية الألمانية جاهدة اليوم وضع اليد على العشرات من أعضاء عصابة “النصرة” الإرهابية المتسللين مع اللاجئين السوريين الذين وصلوا إلى ألمانيا كطالبي لجوء.

وتقول مجلة دير شبيغل الألمانية إن الإرهابيين تنكروا في ثوب اللجوء ليدخلوا ألمانيا بغية مواصلة الأعمال الإرهابية على كل التراب الأوروبي. وكان أغلبهم ينشط تحت لواء أويس القرني، وهي جماعة متمردة قضى عليها داعش سنة 2014 ويعرف عن أعضائها ولعهم بحب سفك الدماء إذ قتلوا المئات من السوريين من المدنيين والعسكريين.

وتقول التقارير إن الشرطة الألمانية استطاعت أن تميط اللثام عن هوية 25 من هؤلاء الجهاديين الدمويين وتمكنت من القبض على بعضهم ولكن يبقى العشرات منهم مختبئين في القرى والمدن في كامل التراب الألماني. وحسب الشرطة الفيدرالية المختصة في مكافحة الإجرام يوجد أكثر من 400 مهاجر دخلوا إلى ألمانيا كطالبي لجوء بين 2015 و2016، يخضعون اليوم لتحقيق قضائي حول احتمال انتمائهم إلى مجموعات جهادية.

ويزداد قلق السلطات الأمنية الأوروبية مع استفحال ظاهرة الهجرة السرية ووصول المئات من المهاجرين إلى السواحل الإيطالية والإسبانية من شمال أفريقيا عبر البحر المتوسط وما يمثله ذلك من خطر أمني على دول الاتحاد الأوروبي إذ بات مؤكدا أن الجهاديين أصبحوا يسلكون هذا الطريق متخفين وسط جموع المهاجرين وخاصة القادمين من ليبيا حيث الانفلات الأمني والانعدام الكلي لمراقبة السواحل.

وما سهّل الأمور للجهاديين في الانتقال بين البلدان الأوروبية بعد وصولهم إلى إيطاليا أو إسبانيا هي اتفاقية شينغن التي ألغيت الحدود بموجبها بين دول الاتحاد الأوروبي وهو ما جعل بعض السياسيين ينظرون إلى إعادة الحدود كضرورة أمنية أوروبية. فلقد وصل إلى الأراضي الأوروبية حوالي 130 ألف مهاجر عن طريق البحر والبر خلال النصف الأول من سنة 2017، حسب المنظمة الدولية للهجرة، من بينهم 10 آلاف وصلوا إلى السواحل الإسبانية، وهو عدد يفوق ثلاث مرات عدد الوافدين سنة 2016 حسب نفس المنظمة. وقد تبّين حسب الإحصائيات الخاصة بشهري يوليو وأغسطس الماضيين في إيطاليا أن بلدان الوافدين الرئيسة هي مالي وكوت ديفوار وغينيا وبنغلادش ونيجيريا. أما إلى اليونان فيصل المهاجرون من سوريا والعراق وباكستان والكونغو. أما أغلب المهاجرين الذين يصلون إلى بلغاريا فيأتون من سوريا وأفغانستان والعراق وتركيا.

وما أدى إلى حالة استنفار بين المسؤولين الأمنيين الأوروبيين في الأسابيع القليلة الماضية هو وصول أخبار مؤكدة تقول بأن شبكات تهريب المهاجرين قد فتحت مسلكا جديدا إلى أوروبا عبر البحر الأسود. وقد تم القبض على 69 مهاجرا عراقيا في شهر أغسطس الماضي وهم يحاولون الوصول إلى الساحل الروماني عبر البحر المذكور.

الجهاديون يتخفون وسط جموع المهاجرين وخاصة القادمين من ليبيا حيث الانفلات الأمني والانعدام الكلي لمراقبة السواحل

وقد وصلوا من تركيا على باخرة يقودها مهربون بلغاريون وقبارصة وأتراك. وفي نفس الشهر تم توقيف باخرة أخرى في عرض نفس البحر في شمال شرق رومانيا وعلى متنها 70 عراقيا وسوريا من بينهم 23 طفلا. وتتحدث الصحف عن توقيف 2474 شخصا في غضون السداسي الأول من السنة الجارية حاولوا عبور الحدود الرومانية بطريقة غير شرعية.

وتقول الوكالة الأوروبية المكلفة بحراسة الحدود البرية والبحرية إن الجهاديين يستغلون أزمة الهجرة للدخول من أجل التحضير لعمليات إرهابية في كامل أوروبا. وتعترف الوكالة بعدم معرفتها للعدد الحقيقي للمهاجرين الذين دخلوا القارة الأوروبية وأنها لا تملك أيّ وسيلة لاقتفاء أثرهم.

وفي تحليلها السنوي للأخطار التي يمكن أن تنجم عن الظاهرة نقرأ في تقريرها “تبرهن الهجمات الدموية التي ارتكبت في باريس في شهر نوفمبر من سنة 2015 بما لا يدع مجالا للشك أن تدفق الهجرة غير الشرعية يمكن أن يستغله الإرهابيون في الدخول إلى بلدان الاتحاد الأوروبي. اثنان من الإرهابيين المتورطين في تلك الجرائم وصلا بطريقة غير شرعية إذ مرا على اليونان حيث تم تسجيلهما من قبل السلطات اليونانية وكانا حاملين لجوازين سورين مزيفين”.

ويضيف التقرير “نظرا للعدد الهائل من الوافدين بدون وثائق تثبت هويتهم أو بجوازات وبطاقات هوية مزيّفة، ونظرا لغياب المراقبة الجدية عند الدخول وعدم التعرض للعقوبات في حالة تقديم وثائق مزيفة، يبقى الخطر قائما في أن يستغل الدواعش الوضع لتهديد أمن المواطنين الأوروبيين”.

وهو ما جعل جيل كيرشوف منسق شؤون مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي يصرح يوم الـ31 من أغسطس الماضي لصحيفة “الموندو” الإسبانية بأن “هناك أكثر من 50 ألف جهادي يعيشون اليوم في أوروبا. وقبل ثلاث سنوات كان من السهل تحديد هوية من يبدأ في الميل إلى التطرف مبكرا، ولكن يخفي اليوم معظم المتعصبين قناعاتهم. ولذلك فليس لنا إحصائيات دقيقة”، ولكن يمكن أن نخاطر بذكر بعض أرقام إذ يقول كيرشوف “يوجد 20 ألفا في بريطانيا وقد تم نشر الرقم من قبل السلطات الأمنية وحوالي 17 ألفا في فرنسا ويصل العدد إلى حوالي 5 آلاف في إسبانيا أما في بلجيكا، وعلى الرغم من هجرة حوالي 500 متطرف بلجيكي إلى سوريا فيبقى على الأقل 2000 إن لم يكن أكثر. وإن كان من الصعب تحديد العدد بدقة فيمكن القول إن هناك عشرات الآلاف من الجهاديين، أي أكثر من 50 ألفا على التراب الأوروبي”.

وإذا ما صدقنا دراسة أنجزتها مؤسسة التراث في واشنطن، فإن 50 بالمئة من العمليات الإرهابية التي ارتكبت بألمانيا منذ 2014 كان مهاجرون جدد متورطين فيها.

ولكن رغم اتفاق السياسيين الأوروبيين حول اعتبار وجود هؤلاء الجهاديين على أراضيهم قنبلة موقوتة قد تنفجر في أيّ لحظة وفي أي مكان، وعلى الرغم من علمهم بوجود 30 ألف موقع جهادي على الإنترنت مقيد في سجلات الشرطة الأوروبية ويستعمله هؤلاء المزروعون في كامل التراب الأوروبي في تمجيد دولة الخلافة وتجنيد الشباب الأوروبي في الانضمام إليها، فإنهم لم يباشروا في تغيير القوانين الخاصة بحماية الحياة الشخصية التي باتت تعرقل عمل الهيئات الأمنية في الوصول إلى الجهاديين قبل الشروع في عملياتهم الإجرامية. فمتى يهتم الأوروبيون جديا في التعامل مع الخلافة الافتراضية؟

اجمالي القراءات 1418