الجارديان»: كيف كشفت مجلة أزهرية ضحالة الثقافة الجنسية لدى المصريين؟

في الأحد ١٣ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

الغضب الناجم عن مشروع مجموعة من الطلاب حول التعليم الجنسي سلط الضوء على العقليات والسلوكيات التي عرقلت محاولات مصر للتعامل مع مشكلة الاكتظاظ السكاني.

نشرت «الجارديان» البريطانية تقريرًا حول الضجة الإعلامية والغضب الذي خلَّفه تقديم مجموعة من طلاب جامعة مصرية مشروع مجلة تناولت التعليم الجنسي كمشروع سنة التخرج. إذ يسلط رد الفعل الضوء على العقليات والسلوكيات التي عرقلت محاولات مصر للتعامل مع مشكلة الاكتظاظ السكاني، لاسيما طبيعة المجتمع المصري الذي يزداد كثافته السكانية بشكل مطرد وعلاقة التعليم الجنسي الذي يتم تقديمه في المدارس والجامعات المصرية بتلك الزيادة.

الفضيحة؟!

يشير التقرير إلى أنه لم يتبادر إلى مخيلة الطلاب أنهم قد يفشلون في المادة، كما لم يتوقعوا اشتعال رد الفعل الإعلامي، وهو ما حدث بالضبط، إذ رُفض مشروع المجلة الذي قدموه إلى قسم الإعلام بجامعة الأزهر في القاهرة باعتباره «غير مناسب». فقد ظهرت مقالات في وسائل الإعلام المحلية تتناول «الفضيحة»، وحاليًا يخشى الطلاب الطرد من الجامعة.

في تصريح لهم قال الطلاب: «نؤكد للجميع أن مجلتنا بعنوان أسرار، وهي مجلة اجتماعية».

وأضافوا «نشدد على أن المشروع لا يتناول المواد الإباحية أو التربية الجنسية بشكل عام، بل بالأحرى تتناول المشكلات الاجتماعية، التحرش والخرافات والأفكار المغلوطة والإدمان على المواقع الاباحية وضياع حقوق الزوجات والدعوة إلى مواد تعليمية خاصة بالتربية الجنسية في المدارس والجامعات.. ناقشنا كل تلك المواضيع بدون أي بذاءة أو هتك اعراض، تمامًا كما تعلمنا من أساتذتنا.»

إلا أن دفاعهم عن أنفسهم لم يكن له أي صدى، ففي نهاية المطاف، لم ينجحوا في المادة إلا بعد أن قدموا مشروعا آخر لمجلة رياضية. ومع ذلك مازالوا يخشون التعرض للانتقام».

ثقافة التعليم الجنسي والتضخم السكاني

يذكر التقرير أنه حسب رأي الخبراء فإن سبب الانفجار السكاني الذي تشهده الدول العربية الأكثر اكتظاظا بالسكان هو عدم الحصول على التعليم الجنسي المناسب ووسائل منع الحمل.

في مايو (أيار)، أعلنت وكالة الإحصاء الوطنية المصرية التابعة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن عدد السكان في مصر بلغ 93 مليون نسمة، كما صرحت الوكالة من قبل أن عدد السكان يتزايد بمعدل مليون نسمة كل ستة أشهر.

وعادة ما يتم الاحتفال بتلك الزيادة، لكن يكمن هناك خطر يهدد بتفاقم مشكلة الاقتصاد المصري المنهك والبنية التحتية بما يفوق قدرته على التحمل ومن ثم الانهيار.

في مقابلة أجريت مؤخرًا، قال الرئيس عبدالفتاح السيسي إن «النمو السكاني قضية كبيرة، وهو تحدٍ لا يقل خطورة عن التحدي الذي يمثله الإرهاب؛ الفقر يدفع الناس للتطرف».

إلا أن الجنرال السابق وحكومته لم يفعلا شيئا يذكر لوقف النمو السكاني في مصر، والذي إذا ما استمر في الزيادة على المعدل الحالي سيبلغ 140 مليون نسمة بحلول عام 2030.

قال اللواء أبو بكر الجندي رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء: إن الأرقام تثير قلقًا بالغًا، مضيفًا أن «الاكتظاظ السكاني في مصر كارثي»، وأنه «لطالما كان هناك نقاشًا حول ما إذا كان الاكتظاظ السكاني نعمة أم نقمة. وفي حالتنا هي كارثة بكل تأكيد».

وقال الجندي: إن تحسين التربية الجنسية والحصول على وسائل منع الحمل أمر أساسي للحد من الاكتظاظ السكاني، مضيفًا «لكننا نفضل أن نطلق عليها التربية السكانية، وتشمل التحذير من آثار الزواج المبكر والدعوة لتحديد النسل والطلب من الآباء الحد من معدل الإنجاب من خلال الوعي».

في عام 2010، نقَّحت مصر المناهج الدراسية من التربية الجنسية، وكان متوقعًا – بدلا عن ذلك – أن يدير المعلمين نقاشات حول الموضوع في الفصول الدراسية، إلا أنه على حد قول النقاد غالبًا ما تم تجاهلها. تتحمل المرأة – التي من المتوقع أن تكون مسؤولة عن تحديد النسل – نصيب الأسد من وطأة هذا النقص في المعرفة، جدير بالذكر أنه في عام 2011، أفادت حوالي 67% من النساء المصريات الشابات أنهن إما أصيبوا بالصدمة أو الخوف أو انفجروا في البكاء لدى مرورهم بأول فترة حيض، ما يدل على ضعف معرفتهم الجنسية.

فضلاً عن أن انعدام التعليم الجنسي يؤدي إلى ممارسات ضارة أخرى، مثل بتر الأعضاء التناسلية – الختان – والذي تعاني منه حوالي 87% من النساء المصريات في عمر 18 إلى 49.

تصف داليا عبدالحميد، باحثة متخصصة في الشؤون الجنسانية والجنسية في مبادرة المعهد المصري للحقوق الشخصية بالقاهرة، غياب التربية الجنسية بأنه «فرصة ضائعة».

وقالت: إنه «من حيث رفع الوعي، تستهدف البرامج الحكومية معالجة جمهورًا صعب الإقناع»، مضيفة «فبدلًا عن مخاطبة الأعداد المتزايدة من الشباب لمحاولة تثقيفهم، تخاطب الحكومة الآباء والأزواج الأكبر سنًا، تأخرت الحكومة حتى فوات الأوان للمحاولة معهم أو حتى اقناعهم».

تقول داليا عبدالحميد: إن «الأخلاقيات ذات علاقة وثيقة باختيار وسائل تنظيم الأسرة؛ فالأطباء والعملاء أنفسهم ليسوا على استعداد لاستخدام الواقي الذكري، ولدى الأطباء مواقف سلبية للغاية تجاه وسائل منع الحمل الطارئة؛ ما يؤدي بطبيعة الحال إلى حالات حمل غير مرغوب فيها، وعندما تكن في بلد مثل مصر حيث قوانين الإجهاض المشددة، يكون عدد حالات الحمل غير المرغوب فيه أكثر بكثير».

وما يزيد الأمور تعقيدًا، خلال الأزمة الاقتصادية عام 2016، بدأت حبوب منع الحمل، التي تعد الخيار الأفضل للمرأة المصرية، في النفاذ، ولم تتمكن العديد من النساء الحصول على حبوب منع الحمل من نفس العلامة التجارية التي اعتادوا استخدامها من الصيدليات، وصار الخيار المتاح الآن هو الحبوب المصنعة محليًامنخفضة الجودة أو التي تفتقر للجودة على الإطلاق.

قال اللواء جندي: إن «يجب أن يصل معدل النمو السكاني إلى توازن مع النمو الاقتصادي من أجل الحفاظ على مستوى معيشي لائق»، مشيرًا إلى أن معدل النمو الاقتصادي الحالي الذي يبلغ 2.3 % سيحتاج أن يصل إلى 7.8% كي يواكب المستوى الحالي للزيادة السكانية. وأضاف «عندما تريد تحسين المستوى المعيشي، تحتاج إلى ثلاثة أضعاف النمو الاقتصادي».

ومع ذلك، يقول التقرير إن المخاوف بشأن النمو السكاني غالبًا ما تخفي بين طياتها مخاوف بشأن توسع الطبقة الدنيا، وتقول داليا عبد الحميد: إن «هناك عددًا كبير من المسؤولين الحكوميين ما يزالون يلومون الفقراء على الأسر كبيرة الحجم»، مضيفةً «هناك تعليقات على غرار أن الزيادة السكانية تلتهم ثمار التنمية ومنافعها».

اجمالي القراءات 2312