نيوزويك»: إذا تخلت أمريكا عن دعم إسرائيل.. كيف ستنجو؟ وما المدة التي ستصمد فيها؟

في الأحد ٢٣ - يوليو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

في مقاله لمجلة «نيوزويك» الأمريكية، تناول تشارلز فريليتش، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، والزميل البارز بمركز «بيلفر» للعلوم والشؤون الدولية التابع لجامعة هارفارد، الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في أمن وبقاء إسرائيل، وما إذا كان ذلك الدور كبيرًا كما يتصور البعض أم لا، كما يطرح سؤالًا افتراضيًا حول المدة التي يمكن تعيش فيها إسرائيل دون الدعم الأمريكي.

نعرض في هذا التقرير مقتطفات مما تناوله الكاتب في تقريره المطول. جدير بالذكر أيضًا أن فريليتش هو مؤلف كتابين هامين للغاية عن الأمن القومي الإسرائيلي، أولهما بعنوان: «معضلة الصهيونية: كيف تضع إسرائيل خطة الأمن القومي»، وصدر عام 2012، وثانيهما بعنوان: «الأمن القومي الإسرائيلي: استراتيجية جديدة نحو عصر مختلف»، وصدر مؤخرًا.

يقول الكاتب إن واشنطن هي الصديق الأول والأقرب لإسرائيل حين يتعلق الأمر بالأمور الاستراتيجية، وأنها تشكل الحلقة الأساسية في صنع القرارات المتعلقة بالأمن القومي الإسرائيلي، وأن تلك العلاقة «الخاصة» على حد وصفه، والتي مر على بدايتها قرابة أربعة عقود حاليًا أثرت بالسلب على ما وصفه بـ«استقلال إسرائيل».

اقرأ ايضًا: لماذا يؤيد الأمريكيون إسرائيل؟

مساعدات كبرى

ما يعنيه فريليتش هنا بالطبع استقلال القرار الإسرائيلي، إذ دائمًا ما ظهر ذلك السؤال حول ما إذا كان من الممكن أن تنجو إسرائيل إذا ما قلصت اعتمادها على الولايات المتحدة. في المقابل، يرى الكثير من الأمريكيين أن إسرائيل كثيرًا ما تتجاهل ما تفضله الولايات المتحدة، بل وتتخذ أحيانًا مواقف متحدية لها، على الرغم من الدعم غير المحدود الذي تتلقاه من واشنطن.

يعتقد فريليتش أن ذلك الرأي صحيح جزئيًا، خاصة إذا ما كانت الحكومة الإسرائيلية ذات اتجاه أكثر تشددًا، ويؤكد أنه بالنسبة للإسرائيلين، فهم لا يفضلون الاعتماد بدرجة كبيرة على قوة أجنبية، مهمًا بلغت درجة قربها من إسرائيل، ويعتقدون أن استقلالية القرار الإسرائيلي أمر حيوي للغاية بالنسبة للأمن القومي.

بلغ حجم المساعدات الأمريكية لإسرائيل منذ تأسيسها عام 1949 وحتى عام 2016 ما يصل إلى 125 مليار دولار، وهو ما يضعها على رأس قائمة المستفيدين من الدعم الأمريكي عقب الحرب العالمية الثانية، كما سيستمر ذلك الدعم مستقبلًا أيضًا، بعد الاتفاق مؤخرًا على حزمة جديدة من المساعدات العسكرية، ومن المتوقع أن يبلغ إجمالي المساعدات بحلول 2028 إلى 170 مليار دولار.

في السنوات الأخيرة، شكل ذلك الدعم الأمريكي ما نسبته 3% من إجمالي الميزانية الإسرائيلية، و1% من إجمالي ناتجها القومي، وهو ما يعني أن الاستغناء عن دعم بهذا الحجم سيتطلب بالضرورة إجراءات قاسية قد تهز الميزانية الإسرائيلية المُثقلة بالأساس بالاحتياجات المحلية من التعليم والصحة، وهو ما قد يتسبب في الكثير من التوترات الاجتماعية، إلا أنه -بحسب الكاتب- تحد يمكن التغلب عليه، وليس مهمة مستحيلة.

الأثر الأكبر سيكون بالتأكيد على ميزانية الدفاع الإسرائيلية، والتي يُمثل الدعم الأمريكي 20% منها، وتغطي الكثير من الأمور مثل المعاشات التقاعدية والرعاية الصحية والتعويضات لأسر المصابين، كما تساهم الولايات المتحدة بـ40% من ميزانية الجيش الإسرائيلي ككل، وهي النسبة التي تعادل مشتريات إسرائيل من السلاح بالكامل.

هنا، يلفت الكاتب الانتباه إلى أن الاستغناء عن الدعم الأمريكي لميزانية الدفاع سيعني بشكل مباشر الحاجة إلى إعادة ترتيب أولويات الدولة بالكامل، وهو ما سيتسبب بالتأكيد في تداعيات اقتصادية ومجتمعية عميقة، كما أن إسرائيل على خلاف خصومها الذين يمكنهم شراء السلاح من عدة مصادر، تعتمد إسرائيل على الولايات المتحدة بشكل كبير في مشترياتها من الأسلحة، وأن القوى العظمى المنتجة للسلاح كبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين لا يمكنها أن تكون بديلًا للولايات المتحدة في حالة إسرائيل.

بالتأكيد لن تقدم أي من هذه الدول مثل هذا الدعم لإسرائيل، كما أن الولايات المتحدة تلتزم بشكل رسمي بتقوية الجيش الإسرائيلي وضمان قدرته على حماية البلاد، ويرى الكاتب أن إسرائيل تحظى بذلك بحكم الأمر الواقع، وحاسم أيضًا في حالات الخطر الكبرى، مدللًا بذلك على خطر البرنامج النووي الإيراني، وأن الولايات المتحدة كانت الوحيدة القادرة على التصدي له.

ساعدت الولايات المتحدة إسرائيل في بناء دروع صاروخية دفاعية وصواريخ هجومية فريدة من نوعها على مستوى العالم، كما تعطيها حق الإطلاع على نظامها العالمي لمراقبة الصواريخ، ما يعطيها دقائق إضافية حاسمة لدى إطلاق الصواريخ، يمكن استغلالها في حماية المدنيين واتخاذ التدابير العسكرية الدفاعية اللازمة.

تمتد العلاقات العسكرية أيضًا للتدريب المشترك، والمساعدة الأمريكية في تطوير المهارات القتالية للجيش الإسرائيلي، وهي أيضًا نقاط ذات أهمية استراتيجية، كما وطنت واشنطن مخزونًا كبيرًا من الأسلحة والذخائر في إسرائيل، مع اتفاقية تسمح لإسرائيل باستخدامها جزئيًا.

يذكر فريليتش بعض الأمثلة على التعاون القوي بين الولايات المتحدة وإسرائيل كحرب لبنان في 2006، وقضايا أخرى مثل الوضع السوري، وما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وغيرها من النقاط.

على المستوى الدبلوماسي، لا يمكن لإسرائيل الاستغناء عن الولايات المتحدة، إذ دائمًا ما استخدمت الولايات المتحدة قوتها الدبلوماسية في كثير من المحافل الدولية لصالح إسرائيل وحماية مصالحها، وأنه لن تقوم أي دولة أخرى من الدول الأعضاء في مجلس الأمن باستخدام حق الفيتو لصالح إسرائيل مثلما فعلت الولايات المتحدة، إذ صوتت واشنطن وحيدة في 40 قرارًا لصالح إسرائيل في الفترة بين 1954 و2011.

يقول الكاتب إن زيادة عزلة إسرائيل دوليًا تسببت في تعاظم الغطاء الدبلوماسي الأمريكي لها، وأنه لا يمكن لدولة أخرى أن تحقق علاقة مشابهة مع إسرائيل، وأن الولايات المتحدة دائمًا ما كانت تدعم إسرائيل في رفض «حق العودة» للفلسطينيين، وفي قيام الدولة الإسرائيلية بحقوق كاملة.

اقرأ أيضًا: مترجم: الحاخام برانت روسن: لهذه الأسباب أدعم حق العودة الفلسطيني

شملت الجهود الدبلوماسية الأمريكية أيضًا إحياء العلاقات بين تركيا وإسرائيل وتقويتها في السنوات الأخيرة، وكذلك الحال مع أذربيجان، وتأسيس علاقات تجارية مع بعض الدول العربية كالأردن ومصر، وساهمت في قبول إسرائيل في عدد من المحافل الدولية مثل منظمة التعاون والتنمية OECD وغيرها.

على الصعيد الاقتصادي، تعد الولايات المتحدة الشريك الأكبر لإسرائيل تجاريًا، كما نالت أول اتفاقية للتجارة الحرة مع واشنطن قبل أي دولة أخرى، كما أن السبب الأكبر لنجاح القطاع التكنولوجي، والذي تفخر به إسرائيل بقوة، هو العلاقات مع الولايات المتحدة.

هل تتصرف إسرائيل بشكل مستقل؟

ربما يكون من المدهش أن تعرف حقيقة أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية لم تكن بتلك القوة حتى نهاية الستينيات، قبل أن تطور إلى الصورة التي نعرفها اليوم بداية من ثمانينيات القرن الماضي تحديدًا.

دائمًا ما تلجأ إسرائيل للحل الأمريكي في التحديات التي تواجهها، وهنا يؤكد الكاتب حقيقة أن ما لا يمكن للولايات المتحدة تحقيقه، لن يكون من الممكن تحقيقه بالنسبة لإسرائيل بالتأكيد، سواء على مستوى عملية السلام مع الدول العربية، أو ما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، وغيرها من القضايا الإقليمية التي تعمل فيها الولايات المتحدة بقوة لصالح إسرائيل.

يقول الكاتب إن ثمة اتفاق غير مكتوب بين البلدين يقضي بأن تقدم الولايات المتحدة دعمًا عسكريًا غير محدود لإسرائيل، وضمانات لأمنها القومي، ودعمًا دبلوماسيًا واقتصاديًا كبيرًا أيضًا، وفي المقابل، تستشير إسرائيل واشنطن بشكل دائم فيما يتعلق بتحديد الأولويات، وأن تظهر ضبط النفس عسكريًا ودبلوماسيًا، وإعطاء الموقف الأمريكي أهمية قصوى.

تتصرف إسرائيل بشكل مستقل في بعض الأحيان بالتأكيد، إلا أنه فيما يتعلق بقرارات الأمن القومي، دائمًا ما تكون الولايات المتحدة مرجعًا أساسيًا لإسرائيل من بداية الثمانينيات، وقبل ذلك الوقت في بعض الحالات. هنا يذكر الكاتب مثالًا هامًا على القرار الإسرائيلي في عام 1967، إذ قرر الإسرائيليون إعلان الحرب على مصر بعدما أخبرهم الرئيس الأمريكي ليندون جونسون أنه لن يكون بإمكانه الالتزام بتعهد سابق له بفتح مضيق تيران، والذي كان مغلقًا أمام سفن الشحن الإسرائيلي.

وفي 1973، كان السبب الرئيسي لامتناع إسرائيل عن القيام بضربة استباقية، حتى مع وضوح قرب الهجوم المصري السوري، كان الخوف من الرد الأمريكي.

يذكر الكاتب مواقف أخرى متعددة من بينها حرب لبنان عام 1982، وحرب العراق عام 1991، ثم حرب لبنان في 2006، وأن مواقف إسرائيل فيها كانت تابعة للقرار الأمريكي، كما أن عدم وجود دعم أمريكي كافٍ دفع إسرائيل لوقف الحرب على غزة في 2008.

هل يمكن أن تنجو إسرائيل بدون الولايات المتحدة؟

يقول الكاتب إن إسرائيل تمكنت بشكل ما من النجاة بدون الولايات المتحدة في سنواتها الأولى، وأنها ربما تحتاج للتفكير في إمكانية حدوث ذلك، وأنه إن كان بالإمكان فعل ذلك من قبل، فحالة إسرائيل اقتصاديًا وعسكريًا أفضل بكثير في الوقت الحالي وتؤهلها لاستقلال قرارها إذا ما دعت الحاجة.

على الجانب الآخر، يؤكد الكاتب حقيقة كثرة من يرفضون وجود إسرائيل من الأساس، ما يعني أنه على الأرض الواقع وبالحسابات السياسية، فمن المستحيل أن تنجو إسرائيل بدون الولايات المتحدة، كما يؤكد على أن الدعم الأمريكي سيستمر وبقوة حاليًا، ولكن الاتجاهات السياسية والديمغرافية الجارية ربما تؤثر سلبًا على العلاقة في المستقبل.

يرصد الكاتب أيضًا حالة من الحزبية فيما يتعلق بإسرائيل في السياسة الأمريكية، تنامت تلك الحالة مؤخرًا مع الاتفاق النووي الإيراني، ويقول إن الجمهوريين أكثر تأييدًا لإسرائيل من الديمقراطيين والليبراليين، وأن إسرائيل خسرت جزءًا من دعم اليسار الأمريكي، ما يمكن أن يجعل دعمها مستقبلًا قضية حزبية لا وطنية بالنسبة لواشنطن.

تراجع تأييد إسرائيل أيضًا بين الشباب الأمريكي، والذي أصبح أقل تعاطفًا مع إسرائيل باعتبارها دولة نظرًا لزيادة الوعي بالقضية الفلسطينية، ذلك الأمر يمثل خطرًا كبيرًا، لأن هؤلاء الشباب هم أصحاب التأثير في المستقبل. لا يختلف الحال بالنسبة للشباب الأمريكي اليهودي، والذي أصبح أقل انتماءً لهويته اليهودية مقارنة بالأجيال الأكبر سنًا.

اقرأ أيضًا: «نيويورك تايمز»: السلام الشامل أقرب من أي وقت.. من هم العرب حلفاء إسرائيل؟

ما الذي يجب على إسرائيل فعله؟

في هذه الظروف، فإن استراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي المتطلعة للمستقبل يجب أن تحدد ماهية تلك العلاقة الخاصة مع الولايات المتحدة بوضوح باعتبارها إحدى ركائزها الأساسية، كما ستقوم إسرائيل بفعل كل ما بوسعها للحفاظ على التنسيق الاستراتيجي الوثيق مع الولايات المتحدة.

تعلم إسرائيل جيدًا أن عليها مراعاة مصالح الولايات المتحدة في عملية صنع القرار، وأنها ستفعل أي شيء لتجنب إفساد العلاقة بين البلدين. لتحقيق ذلك يجب على إسرائيل التوصل إلى مواقف مشتركة مع إدارة ترامب بشأن عدد من القضايا الرئيسية، مما قد يكون معقدًا نظرًا للطبيعة المتقلبة للإدارة الأمريكية الحالية.

إن الجمهوريين أكثر تأييدًا لإسرائيل من الديمقراطيين والليبراليين، وإسرائيل خسرت جزءًا من دعم اليسار الأمريكي، ما يمكن أن يجعل دعمها مستقبلًا قضية حزبية لا وطنية بالنسبة لواشنطن.

أولا، وقبل كل شيء، ترغب إسرائيل في التوصل إلى اتفاق بشأن كيفية مواصلة عملية السلام مع الفلسطينيين، وكيفية إدارة الصراع واحتوائه في حال الفشل في إحراز تقدم في عملية السلام. يقول الكاتب إنه –باعتباره حدًا أدنى- يجب على إسرائيل التوصل إلى تفاهم مع الولايات المتحدة يمنح إسرائيل الحق في الاستقرار الكتل الاستيطانية والأحياء اليهودية في القدس الشرقية مقابل وقف الأنشطة الاستيطانية الأخرى. وأشار الكاتب إلى أن هذه السياسة يتم اتباعها منذ عهد إدارة كلينتون، لكن يجب على إسرائيل تجديدها بشكل رسمي.

ثانيًا، يرى الكاتب ضرورة التوصل إلى موقف مشترك بشأن إيران وبرنامجها النووي، مما سيتضمن الاتفاق على تدابير لمراقبة التزام إيران بالاتفاق النووي. وذكر الكاتب أن هذا الاتفاق الإسرائيلي الأمريكي يجب أن يتضمن أيضًا تعريفًا مشتركًا لما يمكن اعتباره انتهاكًا، والتدابير التي يجب اتخاذها في حالة حدوث انتهاك لإجبار إيران على الالتزام بالاتفاق، وردود الفعل المحتملة –والتي تتضمن تدخلًا عسكريًّا- إذا فشلت في القيام بذلك. لكن يظل الأمر الأهم هو التوصل إلى اتفاق يضمن ألا تقوم إيران بأي انتهاكات للاتفاق النووي.

ثالثًا، يجب على إسرائيل التفاهم مع إدارة ترامب بشأن تداعيات الأزمة السورية. تضع الولايات المتحدة كامل تركيزها على تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، وتعلم إسرائيل أن هذه هي القضية الأهم في الوقت الحالي. لكن يجب على إسرائيل إقناع الإدارة الأمريكية بأن سوريا والعراق اللتين تسيطر عليهما إيران تشكلان تهديدًا أكبر على مصالح كل من إسرائيل والولايات المتحدة على المدى الطويل، وأن هذه القضية يجب أن تكون محور اهتمامهما فور الحدّ من تهديد «داعش».

يجب على إسرائيل إقناع الولايات المتحدة بقبول التواجد الروسي في سوريا بشكل طويل الأجل مقابل استعداد روسيا للحد من التواجد الإيراني في سوريا، بالإضافة إلى تعاونها فيما يخص الاتفاق النووي.

رابعًا، التوصل إلى اتفاق بشأن طبيعة العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد حزب الله وحماس، إذ يرى الكاتب أن تجدد الأعمال العدائية بينهما وبين إسرائيل هي مسألة وقت. وأشار الكاتب إلى ضرورة التشاور حول الحفاظ على وجود المملكة الهاشمية في الأردن وحكومة السيسي في مصر باعتبارهما ركائز أساسية للاستقرار الإقليمي لإسرائيل، وكذلك التشاور حول كيفية الاستجابة لأي تغيير داخل القوى المؤثرة في المنطقة.

الاستقلال ضرورة

يقول الكاتب إنه على إسرائيل أن تسعى إلى تحقيق أقصى قدر من الاستقلال على المدى البعيد، مما يتضمن امتلاك إسرائيل لقدرات عسكرية واستراتيجية قوية من أجل الاعتماد على الذات، مع الحفاظ على علاقتها الاستراتيجية الوثيقة بالولايات المتحدة.

وأشار الكاتب إلى ضرورة استمرار إسرائيل في بناء علاقات وثيقة مع الدول الأخرى باعتباره هدفًا في حد ذاته، وللاستفادة من هذه العلاقات في حالة اختلاف مصالح إسرائيل مع مصالح الولايات المتحدة دون الإضرار بالعلاقات بينهما. على سبيل المثال، لم تتبنَ إسرائيل الموقف الأمريكي بشكل كامل بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا في 2014، مما عزز علاقة إسرائيل بروسيا دون التأثير على علاقتها بالولايات المتحدة.

تعلم إسرائيل جيدًا أن عليها مراعاة مصالح الولايات المتحدة في عملية صنع
القرار، وأنها ستفعل أي شيء لتجنب إفساد العلاقة بين البلدين. لتحقيق ذلك
يجب على إسرائيل التوصل إلى مواقف مشتركة مع إدارة ترامب.

من أجل إعادة تحديد طبيعة هذه العلاقة، يجب على إسرائيل النظر في إلغاء الدعم العسكري تدريجيًا بعد انتهاء الحزمة القادمة من الدعم لمدة عشر سنوات والتي ستنتهي في 2029. لكن يجب على إسرائيل السعي لتوقيع معاهدة دفاع مع الولايات المتحدة قبل إلغاء الدعم. في الواقع، لا تحتاج إسرائيل لمثل هذه المعاهدة في الوقت الحالي ما لم تقم إيران –أو أي قوة أخرى في المنطقة- باستخدام أسلحة نووية، لكنها ستكون بمثابة تأكيد على على استمرار «العلاقة الخاصة» بين إسرائيل والاولايات المتحدة على المدى البعيد.

من ناحية أخرى، فإن توقيع معاهدة دفاع سيكون بمنزلة ضمانة أمنية يمكن أن تزيد من استعداد الإسرائيليين المتشككين لقبول «مخاطر» السلام مع الفلسطينيين، بحسب ما أورده المقال.

تعتبر الولايات المتحدة حليفًا جديرًا بالثقة بشكل عام، وتحاول أن تكون على قدر التزاماتها، لكنها خذلت إسرائيل في عدة مواقف هامة. على سبيل المثال، فشل الرئيس ليندون جونسون في فتح مضيق تيران للشحن البحري الإسرائيلي في عام 1967، وتأخر الرئيس ريتشارد نيكسون عمدًا في إقامة جسر جوي لإمداد إسرائيل بالأسلحة في 1973، وفشل جورج بوش في التعامل مع المفاعل النووي السوري في 2007، وعدم التزام أوباما برسالة بوش إلى شارون في 2004، وربما الاتفاق النووي مع إيران أيضًا.

في بعض من هذه الحالات، اضطرت إسرائيل إلى التصرف من تلقاء نفسها، مما يؤكد على أهمية الحفاظ على استقلالها. يقول الكاتب إنه يجب النظر إلى إجراءات استقلال إسرائيل باعتبارها مؤشرًا على نضج العلاقة الإسرائيلية الأمريكية وعلى نجاح السياسة الأمريكية، لا باعتبارها علامة على تحدّيها.

يقول الكاتب إن الدعم الأمريكي كان أساسًا لبناء إسرائيل قوية ومزدهرة، وواثقة من وجودها وأمنها، وقادرة على اتخاذ مواقف مستقلة في القضايا الحيوية التي تخصها. على المدى البعيد، فإن التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية أو تحقيق تقدم ملموس في هذا الشأن سيكون أحد أكثر الوسائل فعالية لتقليل اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة، فسوف يقلل ذلك من العزلة الدولية لإسرائيل ويمهد الطريق للمزيد من العلاقات مع بعض الدول العربية ويؤدي إلى استقرار أمني ونمو اقتصادي كبير.

اجمالي القراءات 1383