الحرب على الإرهاب في سيناء تراوح مكانها

في الإثنين ٢٤ - أكتوبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

الحرب على الإرهاب في سيناء تراوح مكانها

  • تصاعدت في الأيام الأخيرة، وتيرة لجوء العناصر الإرهابية في سيناء إلى استهداف المدنيين، والتوحش في عمليات القتل والذبح والخطف والتنكيل، ما دفع المراقبين إلى التساؤل عما إذا كان ذلك يمثل إستراتيجية جديدة للتنظيمات الإرهابية، لتخفيف الضغط الكثيف عنها، نتيجة لتلاحق ضربات قوات الجيش المصري عليها مؤخرا، وإحرازها نجاحات ملحوظة.

العرب أيمن عبدالمجيد [نُشر في 2016/10/25، العدد: 10435، ص(6)]

حرب تحتاج إلى عقلية متطورة

القاهرة – يأتي مقتل العميد عادل رجائي قائد الفرقة التاسعة مدرعة بالجيش المصري، المعروفة باسم “حماة الأهرام”، أمام منزله بالقاهرة، نهاية الأسبوع الماضي، كمثال على تصعيد التظيمات الجهادية.

وتمددت دائرة الاستهداف الإرهابية، من جانب التنظيمات التكفيرية (من بينها بولاية سيناء)، لتشمل رموز الصوفية في سيناء، بدعوى أنهم “كفار”، ومتبعون للبِدَع، بينما كان الأمر في السابق يقتصر على قوات الجيش والشرطة، والأهالي الذين يشك الإرهابيون في تعاملهم مع الأمن.

ولعل الحادث الأبرز في هذا السياق، اختطاف التكفيريين، في 15 أكتوبر الجاري، سليمان أبوحرّاز (يقترب عمره من مئة عام)، تحت تهديد السلاح، وهو أبرز رموز الصوفية في سيناء.

وقد أكّد مريدو الشيخ ومحبوه، لـ”العرب”، أن الخاطفين ينتمون إلى تنظيم ولاية سيناء، مشيرين إلى أن الخاطفين ما كانوا أطلقوا سراحه لو لم يكن الشيخ تمتع بحظوة لدى أهالي سيناء، الذين مارسوا ضغوطا على عناصر التنظيم المتشدّد، لإطلاق سراحه.

وروى أحد أبناء سيناء، لـ”العرب”، كيف هاجم متطرفون سلفيون، حلقة ذكر لأفراد من المتصوفة، بأحد مساجد مدينة الشيخ زويد، وهددوهم بالقتل، حال تكرارهم لعقد حلقاتهم وأورادهم الصوفية، ورموهم بالكفر وفساد العقيدة.

وأضاف المواطن السيناوي، الذي طلب عدم ذكر اسمه خشية تعرضه للخطف والتصفية “اضطررنا للرضوخ لهم، فماذا عسانا أن نفعل أمام تهديد السلاح؟”.

لجوء الإرهابيين إلى توسيع الرقعة الجغرافية والاجتماعية لعملياتهم يعتبر محاولة لتخفيف الضغط على منطقة ارتكازهم الأساسي وتشتيت انتباه القوات وتخويف المدنيين

وقالت مصادر أمنية لـ”العرب”، إن التكفيريين اختطفوا منذ منتصف سبتمبر وحتى 20 أكتوبر الجاري، 13 من أبناء القبائل، من قاطني العريش والشيخ زويد، معظمهم ممن يتهمهم المتشددون بالتعاون مع أجهزة الأمن وقوات الجيش، إلى جانب اثنين من المتصوفة.

وتم خلال الأسبوع الماضي ذبح أربعة من المخطوفين، بينهم رجل وزوجته، وألقى الخاطفون جثثهم في الطريق العام، ولاذوا بالفرار إلى الظهير الصحراوي.

وكان تنظيم ولاية سيناء، قد قتل قبل هذه الواقعة بأيام، 5 من شباب مدينة الشيخ زويد، وأحرق سيارتهم، متهما إياهم بالانضمام إلى ما يسمى “الكتيبة 103”، وهو مصطلح يطلق على العناصر المدنية التي تساند قوات الجيش والشرطة، في اقتفاء آثار الإرهابيين، وعمليات المداهمة لأوكارهم، كما أعدم الإرهابيون مواطناً آخر، والقوا بجثته مقيد اليدين، في بزة حمراء، تشبه ما يرتديه المحكوم عليهم بالإعدام، وذلك بعد نحو أسبوع من اختطافه من قبل مسلحين.

وبات الحذر الشديد يخيم على سكان شمال سيناء، بعد توسيع الإرهابيين رقعة استهدافاتهم اجتماعيا وجغرافيا.

وقال سالم، أحد أبناء شمال سيناء، لـ”العرب”، “لم يسلم من جهل التنظيمات الإرهابية البشر ولا الحجر، فقد فجروا مقام الشيخ زويد، الذي قدم للمدينة من الحجاز منذ عقود وسميت باسمه، وكان هذا المقام مزارا لأهالي المدينة، بل إنهم يدمرون المقابر التي ترتفع عن الأرض، ويطالبون المواطنين بأن يكون الدفن في اللحود فقط”.

وقال الشيخ كامل مطر، رئيس المجلس القومي لشؤون القبائل لـ”العرب” إن هناك صعوبات الآن في المواجهة، تتمثل في أن الإرهابيين يختبئون في المناطق المهجورة، وليس في محيط القبائل، ومن ثم لا يمكن رصد الغرباء، بخلاف أن قاطني مدينة العريش ليسوا من البدو، بل من الحضر، وفي المدينة يكون صعبا رصد الوجه الغريب، لوجود سكان من الدلتا والصعيد، وأكد أن القبائل تتكاتف عبر تقديم خدمات تنموية وقوافل طبية وتثقيفية، يشارك فيها رجال دين، لمواجهة الفكر المتطرف.

وصنف مراقبون لجوء الإرهابيين إلى توسيع الرقعة الجغرافية والاجتماعية لعملياتهم باعتباره محاولة لتخفيف الضغط على منطقة ارتكازهم الأساسي وتشتيت انتباه القوات وتخويف المدنيين.

ويرى اللواء صالح المصري، مدير أمن شمال سيناء الأسبق، أن توسعة الإرهابيين لمحيط استهدافهم الجغرافي والمجتمعي أمر خطير، يستوجب التعامل مع كافة الأحداث والمعلومات والتحذيرات بانتباه وجدية كبيرين، حتى وإن كانت مجرد تهديدات.

وأكد المصري لـ”العرب”، أن قوات الجيش والشرطة حققت نجاحات في حربها ضد الإرهاب في سيناء، عبر استراتيجيات تضييق الخناق، والضربات الاستباقية المستندة لمعلومات دقيقة، لكن تظل المشكلة، هي تواصل تلك التنظيمات مع داعش بالخارج، ومع المصادر التي تمدها بالسلاح والأفراد.

وأشار خبراء عسكريون لـ”العرب”، إلى أنه من الضروري، على قوات الجيش والأمن المصرية الآن، التوسع في استخدام التكنولوجيا الحديثة، للسيطرة على المساحة الشاسعة من الصحراء غير المأهولة، وكذلك الدروب التي يستخدمها الإرهابيون في دخول سيناء وتهريب السلاح.

وتلعب القوات الجوية دورا مهما في صد هجوم الإرهابيين على الشيخ زويد في الأول من يوليو 2015، فيما تقوم الآن بقصف البؤر الإرهابية شديدة الخطورة في سيناء.

وقال الفريق طيار يونس المصري، قائد القوات الجوية المصرية، في تصريحات إعلامية مؤخرا، إن سلاح الجو قادر على حماية وتأمين حدود مصر، حيث يقوم حاليا بتأمين 5 آلاف كيلو متر من الحدود، ويجرى استخدام الطائرات دون طيار لتأمين حدود الدولة، ضد أي محاولة للتسلل أو تهريب السلاح والمخدرات.

لكن، تبقى الأنفاق التحدي الرئيسي، حيث يرى خبراء أنها الطريق الرئيسية لتزويد التنظيم المتشدّد بالمنتسبين الجدد، ما يعني أن الحرب مازالت طويلة.

اجمالي القراءات 976