عودوا لبلادكم».. العنصرية تغزو بريطانيا إثر خروجها من الاتحاد الأوروبي

في الثلاثاء ٢٨ - يونيو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

بعد تأييد 52% من البريطانيين خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي، سلك مؤيدو الخروج ممارسات عنصرية ضد المسلمين والأجانب كي يغادروا المملكة المتحدة، وفي المقابل، دشّن بريطانيون حملة لتوثيق تلك السلوكيات ونشر شهادات تحدث عنها بريطانيون على مواقع التواصل الاجتماعي، لتصل إلى الجهات الرسمية التي أدانت تلك الممارسات.

وتنوعت السلوكيات العنصرية بين الحديث المباشر ولصق اللافتات التي لم تخلُ من الشتائم، ذلك بالإضافة إلى خروج مظاهرات معادية للأجانب والمسلمين. وتنوعت مظاهر التمييز تلك، ما بين التمييز بسبب العرق أو اللون أو الدين. وكان البولنديون والمسلمون من أبرز من وقعوا ضحايا لتلك الممارسات العنصرية. وتلقت الشرطة البريطانية الكثير من البلاغات عقب الاستفتاء، وهي لا تزال تحقق فيها وتطالب المواطنين بالإبلاغ عن تلك الممارسات.

«عودوا إلى بلادكم»

«عودوا إلى بلادكم يا حثالة البولنديين»، «غادروا الاتحاد الأوروبي.. لا للحشرات البولندية»، كانت هذه عينة من اللافتات العنصرية التي لُصقت في شوارع بريطانيا عقب الاستفتاء، ووُضعت داخل صناديق البريد لعدد من العائلات البولندية، وسط موجة معادية للبولنديين الذين يمثلون أكبر جالية أجنبية داخل الأراضي البريطانية. وتعرض مركز اجتماعي للبولنديين في مدينة برمنجهام لكتابات عنصرية على جدرانه. وشهدت المدينة نفسها مظاهرات أمام أحد المساجد رفع المشاركون فيها لافتة تقول: «اللاجئون المغتصبون غير مرحب بهم».

 

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، اتضحت مظاهر أكثر تنوعًا للسلوكيات العنصرية في أنحاء المملكة المتحدة، عقب الاستفتاء، إذ انطلقت حملة لتدوين وتوثيق السلوكيات العنصرية جاءت تحت اسم « Post Ref Racism». ويقول منظم الحملة إن نتيجة الاستفتاء بررت بعض الآراء العنصرية.

وقال المنظم إن هذه الحملة ستقوي ضحايا العنصرية عندما يعلمون أنهم ليسوا وحدهم الذين يرفضون ذلك الخطاب العنصري، لافتًا إلى أن التصويت بالخروج من الاتحاد الأوروبي لا يعُطي تفويضًا ديمقراطيًا للانتهاكات العنصرية أو العدوان أو التخويف أو خطاب الكراهية.

وأطلق منظمو الحملة «هاشتاجًا» يحمل نفس اسم الحملة #PostRefRacism لتوثيق حالات التمييز العنصري، وانتشر الهاشتاج بشكل كبير على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، مما دفع العديد من الصحف العالمية والأجنبية والبريطانية، للحديث عن الحملة وعن الهاشتاج وتناول أهم التدوينات التي جاءت فيه.

وكتب آدم بولتن، مقدم البرامج في قناة سكاي نيوز: «في إجازة نهاية الأسبوع، شهدت أنا وعائلتي على ثلاث حالات عنصرية ضد مواطني الاتحاد الأوروبي بتوجيه سؤال إليهم: «متى ستعودون إلى بلادكم؟».

 

ونشر سياران جينكيز، مراسل القناة الرابعة: «أثناء وقوفي هنا خمس دقائق، صاح ثلاثة أشخاص مختلفين «أرجعوهم إلى بلادهم». وخلال تقرير جنكيز الذي سأل فيه عددًا من الأشخاص الذين صوتوا لمغادرة الاتحاد الأوروبي عن دوافع تصويتهم للخروج من الاتحاد الأوروبي، قال أحدهم: «الأمر (التصويت بالخروج) ليس له علاقة بالتجارة أو أوروبا أو أي شيء آخر، الأمر يتعلق بالهجرة ولمنع المسلمين من القدوم إلى هذا البلد».

 

 

 

وكتب جيمس تيتكومب: «ابنتي أخبرتني أن أحدهم كتب: «(اسم طفل) عُد إلى رومانيا» على حائط دورة مياه الفتيات في المدرسة».

 

وكتبت هيفن كراولي: «بعدما غادرت ابنتي عملها في برمنجهام، شاهدت مجموعة من الفتيات يحاوطن فتاة مسلمة في زاوية ويقلن لها: «غادري، لقد صوتنا بالمغادرة». زمن مُروع».

 

كما نشر إيون: «انتشرت ملصقات النازية الجديدة في جميع أنحاء كلايد وجلاسجو الخضراء خلال الأيام القليلة الماضية. هذا يُحطم قلبي» ويظهر في أحد الملصقات شخص يرفع علامة النازية وعبارة «منطقة بيضاء».

 

ردود الأفعال الرسمية: «لا تهاون مع التعصب»

عقب موجة العنصرية التي انتشرت في أجزاء عديدة في بريطانيا، أدان مجلس مسلمي بريطانيا، أكبر منظمة إسلامية في المملكة المتحدة؛ ما وصفه بـ«تصاعد الانتهاكات العنصرية عقب الاستفتاء»، وطالب المجلس القادة السياسيين والمدنيين بمعالجة الانقسامات التي أعقبت الاستفتاء. وقال المجلس في بيان له «شهدنا خلال الأيام الماضية تصاعدًا في خطاب الكراهية ليس فقط على الإنترنت ولكن في شوارع بريطانيا أيضًا». ووثق المجلس أكثر من 100 حادثة عنصرية منذ إعلان نتيجة الاستفتاء.

بدوره، قال صادق خان، عمدة لندن المنتخب الشهر الماضي، إنه وضع شرطة العاصمة في حالة تأهب للحوادث ذات الدوافع العنصرية. وأكد أهمية الحذر من ارتفاع جرائم الكراهية والعنصرية من «أولئك الذين قد يستخدمون استفتاء الأسبوع الماضي غطاءً للسعي في تقسيمنا».

 وفي سياق متصل، أعربت السفارة البولندية بالمملكة المتحدة عن صدمتها من حوادث الإساءة للأجانب التي وُجهت لأعضاء مجتمعها خلال الأيام القليلة الماضية. وقال مجلس نواب اليهود البريطانيين إنه يشعر بالانزعاج من تقارير الانتهاكات وسوء المعاملة.

وفي أول رد فعل رسمي من الحكومة البريطانية، أدان ديفيد كاميرون، رئيس وزراء بريطانيا، الاثنين الماضي، بعض الحوادث التي شهدتها أنحاء البلاد خلال عطلة نهاية الأسبوع من «تخويف للمهاجرين و مطالبتهم بالعودة إلى بلادهم» مؤكدًا لمجلس الوزراء أنه لا تهاون مع التعصب.

كانوا الأكثر ترحيبًا باللاجئين قبل شهر من الاستفتاء

في مايو (أيار) الماضي، وقبل شهر من الاستفتاء حول بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي من عدمه، أصدرت منظمة العفو الدولية مؤشر «الترحيب الشعبي باللاجئين»، واحتلت بريطانيا المرتبة الثالثة عالميًا بعد الصين وألمانيا من بين 27 دولة شملهم المؤشر بعد استطلاع رأي 27 ألف مواطن من مختلف الدول محل الدراسة. وحصلت بريطانيا على 83 نقطة في المؤشر، ليفصلها نقطتان عن الصين التي تصدرت المؤشر، ونقطة واحدة عن ألمانيا التي جاءت في المرتبة الثانية.

العنصرية

واعتمد المؤشر على ترتيب الدول من صفر إلى 100، والحصول على صفر من النقاط يعني أن كل حالات البحث في الدولة محل الدراسة يرفضون دخول لاجئين إلى دولتهم، أما الحصول على 100 من النقاط فهو يعني أن كل حالات البحث يقبلون استقبال لاجئين في شارعهم أو منزلهم.

ويعتمد التصنيف على قياس إجابات حالات البحث على سؤال مفاده «إلى أي مدى تقبل، بشكل شخصي، لاجئين فروا من الحرب أو الاضطهاد؟» ليتم حساب النقاط بالشكل التالي: صفر يعبر عن إجابات الأشخاص الذين يرفضون دخول اللاجئين إلى دولهم، و33 نقطة تعبر عن قبول الأشخاص دخول اللاجئين لدولهم، و67 نقطة تعبر عن قبول الأشخاص دخول اللاجئين مدينتهم أو قريتهم، و100 نقطة تعبر عن قبول الأشخاص استقبال اللاجئين في شوارعهم أو منازلهم.

وأبدى 87% من العينة البريطانية قبولهم الشخصي استقبال بلدهم للاجئين فروا من الحرب أو الاضطهاد، وحلّت بريطانيا في المركز الثاني عالميًا بالنسبة لقبول البريطانيين استقبال لاجئين في بيوتهم بنسبة 29%. كما أبدى 70% تأييدهم لعبارة تقول أنه على حكومة بلادهم فعل المزيد لاستقبال اللاجئين الفارين من الحرب والاضطهاد.

وبذلك فإن كثيرًا من مؤيدي القرار – كما يبدو – قد وجدوا في نتيجة الاستفتاء غطاءً وشرعية للتعبير عن كراهيتهم وعنصريتهم ضد الأجانب والمسلمين والأفارقة. ومن الممكن أن يُفسر تصاعد موجة العنصرية تلك وظهورها إلى العلن باعتبارها نتائج سلبية لمغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي من منظورين اجتماعي وسياسي قد يصب في مصلحة الشعبويين واليمين المتطرف مما يُشكل خطرًا على مسلمي بريطانيا والأجانب في المملكة المتحدة.

اجمالي القراءات 2029