السوشيال ميديا.. صداع الرئيس الذي يحاول البرلمان مداواته

في الخميس ١٢ - مايو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

سنتصدى لاستخدام الإرهابيين للمواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، للترويج لأفكارهم وجذب العناصر الجديدة إليهم"،  هكذا أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عزمه على مواجهة "السوشيال ميديا"، في بيان صادر عن مؤسسة الرئاسة أمس بعد تحذيرات عدة أطلقها سابقا من خطورة هذه المواقع.

وبالأمس، وافقت لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب، على اقتراح بمشروع قانون بشأن النواب مكافحة الجريمة الإلكترونية، المقدم من النائب تامر الشهاوى، وتمت إحالته للجنة مشتركة من لجنتى الشؤون التشريعية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

 

سياسيون وحقوقيون اعتبروا أن هناك محاولة من النظام الحاكم لفرض سيطرته على "السوشيال ميديا " وتقنين التضييق عليها من خلال هذه الإجراءات والقوانين، مؤكدين أن الهدف منها هو تكميم الأصوات المعارضة للسلطة.

هذه الهجمة على "السوشيال" جاءت بعد أن تسببت في أزمات عدة للنظام السياسي وحققت انتصارات أخرى في بعض الوقائع، فبعد أن تصدت لتصريحات وزير العدل الأسبق المستشار محفوظ صابر التي قال فيها "ابن الزبال لن يكون قاضيا" اضطرت الحكومة للإطاحة به بعد هاشتاج طالب بإقالته، وتكرر الأمر نفسه مع المستشار أحمد الزند، وزير العدل السابق، لتصريحه بأنه يمكنه حبس أي حد أخطأ حتى لو كان الرسول صلى الله عليه وسلم، ما أثار ثورة غضب على الفيسبوك أجبرت الحكومة على إقالته.

 

وقائع أخرى كان بطلها السوشيال ميديا، منها وقف برنامج ريهام سعيد، بعد تدشين هاشتاج يطالب بوقف البرنامج على خلفية إذاعة صور فتاة المول، وإقالة هاني المسيري محافظ الإسكندرية، بعد الهجوم عليه من نشطاء الفيسبوك وتويتر لغرق الأسكندرية في كارثة الأمطار،  ومؤخرا الثورة التي قادها السوشيال ميديا ضد تسليم مصر لجزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية تحت هاشتاج " عواد باع أرض".

قوة "السوشيال" شغلت من خطابات الرئيس عبد الفتاح السيسي حيزا كبيرا، لتصبح مبلغ حديثه أثناء لقائه عددا من ممثلي المجتمع ليقول في نبرات غاضبة: "أوعى تكون مصدر معلوماتكم السوشيال ميديا"، معتبرا أنها السبب في افتعال بعض المشكلات التي يواجهها المجتمع خاصة قضيتي مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني وجزيرتي تيران وصنافير.

بعد خطاب الرئيس، تسابق النواب في عرض مقترحاتهم بإصدار قوانين لضبط آليات استخدام الفيسبوك، أحدهم اقترح أن يقترن إنشاء الحساب ببطاقة الرقم القومي للمستخدم، وآخر طالب بغلق الفيسبوك نهائيًا، وثالث تقدم بمقترح لقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية وافقت عليه، أمس الثلاثاء، لجنة الاقتراحات والشكاوى بالبرلمان.

وينص القانون على " الحبس 3 سنوات وغرامة لا تتجاوز 2 مليون جنيه لكل مزود خدمة امتنع عن تنفيذ قرار محكمة الجنايات بحجب أحد المواقع أو الروابط، وإذا ترتب على الامتناع عن التنفيذ وفاة شخص أو أكثر أو الإضرار بالأمن القومى تكون العقوبة السجن المؤبد أو الإعدام، وغرامة لا تتجاوز 20 مليون جنيه".

عبدالغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومي للحقوق الإنسان، رأى أن مشروع قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية، جزء من محاولة الدولة السيطرة على مجالات الإعلام، موضحا أن الصحافة المكتوبة والتلفزيون جميعهم ينظمهم القانون ويخضعون نسبيا للحكومة، أما الفيسبوك وتويتر خارج نطاق سيطرة الحكومة، لذلك تحاول بهذه القوانين السيطرة عليهم.

 

وأشار شكر، لـ "مصر العربية"، إلى أن مشروع القانون حدد الجرائم والعقوبات، ولكنه فرض عوقبات غليظة وغرامات بمبالغ خيالية، منوها إلى أنه ترك مصطلح الإضرار بلأمن القومي دون تعريف محدد في القانون.

وقال الناشط السياسي، جورج إسحاق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إنه من الصعب جدًا إحكام السيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أنها تتطور علميا بطريقة خرافية، ولا يمكن لأحد على مستوى العالم التحكم فيها، مضيفا أن ما يمكن تجريمه بالقانون فيما يتعلق باستخدام الفيسبوك هو فقط الدعوات الإرهابية.

 

وأوضح إسحاق، أن التضييق" عمال على بطال" لن يؤدي إلى أية نتائج، واصفا ذلك بـ" التفكير الضيق" في مواجهة  السوشيال ميديا، مؤكدا أنه بالرغم من أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت "منفلتة " إلى حد كبير ولكن لا يتطلب التدخل فيه أو التضييق عليه.

 

واعتبر الناشط السياسي حازم عبد العظيم، القيادي السابق بالحملة الانتخابية للرئيس عبد الفتاح السيسي، أن الهدف من القانون ليس مواجهة الإرهاب كما يبدو في ظاهره، ولكن التضييق على السوشيال ميديا، لافتا إلى أنه لا يثق في حديث الرئيس عن تصديه للمواقع الإلكترونية لمواجهة الإرهابيين، وإنما لتكميم الأصوات المعارضة.

ولفت عبد العظيم إلى أن هناك حالات كثيرة للقبض على نشطاء وصحفيين وحقوقيين لمجرد كتاباتهم لآراء معارضة للنظام على الفيسبوك وتويتر، مؤكدا أن الدولة تحكم سيطرتها على السوشيال ميديا منذ فترة من خلال اللجان والكتائب الإلكترونية.

وتابع الناشط السياسي: "القوانين في دولة بوليسية ليس لها قيمة، ومجلس النواب يتحرك بالتليفون لذلك اقترح مشروع قانون للتضييق على الفيسبوك إرضاءً للرئيس الذي يريد إحكام قبضته على مواقع التواصل الاجتماعي مثلما يسيطر على الإعلام، حتى لا تكون هناك أصوات معارضة"، ملوحا إلى أن السوشيال ميديا باتت تمثل " صداع" في رأس الرئيس ويتحدث عنها في معظم خطاباته.

 

وأوضحت سهير عثمان، أستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أنه يمكن فرض رقابة على مواقع التواصل الاجتماعي ولكن لا يمكن غلق الفيسبوك، مضيفة: "من يقترح غلق الفيسبوك أو ربطه ببطاقة الرقم القومي، مبيفهمش حاجة"، لافتة إلى أنه موقع منشأه في أمريكا ولا يمكن التحكم فيه بهذا الشكل.

 وتساءلت عثمان:" هل حارب النظام الإرهاب على الأرض حتى يتجه لمحاربته إلكترونيا؟"، مشددة أنه من الصعب السيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي ومنع استخدامها، وإذا ما استطع فرض رقابة على الفيسبوك لا يمكن  التحكم في غيرها من المواقع على الإنترنت. 

وأكدت أستاذ الإعلام أن الحكومة تراقب الفيسبوك بالفعل ولكن بشكل غير علني، وتريد من وراء هذا القانون الذي يقترحه مجلس النواب تقنين ما تفعله من باطل، ملوحة إلى أن هذه المراقبة وراء القبض على عدد من نشطاء الفيسبوك وتويتر ممكن يعبرون عن آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي، كما نوهت إلى أن إيران لجأت إلى حجبت تويتر بداخلها أثناء فترة الانتخابات عام 2006، بعدما استخدمته المعارضة في نقل وجهة نظرها في النظام الحاكم.     

وكانت منظمة مراسلون بلا حدود نشرت في فترة سابقة  قائمة محددة للدول المعادية لـ "الإنترنت"، تمثلت في كوريا الشمالية، والصين،  وإيران، وباكستان، وفيتنام، وكازاخستان، وروسيا البيضاء، وتركيا، وكوبا.

وترجع معادة الصين للسوشيال ميديا، إلى أحداث الإيجورعام 2009، وما شهدته البلاد من عنف حينها بين مسلمي الإيجور والشرطة، وحظرت كوريا الشمالية استخدام شبكة الإنترنت إلا عبر استثناءات خاصة ، كما فرضت إريتريا رقابة شديدة على مواقع شبكة الإنترنت وتمنع اليوتيوب بشكل كامل.

كما حجبت تركيا موقع يوتيوب وتويتر لفترة مؤقتة، عقب نشر تسجيل سري لمسئولين بارزين في الحكومة منهم وزير الخارجية أحمد أوغلو، بشأن احتمالية توجيه ضربة عسكرية داخل الأراضى السورية، وكذلك حجبت تايلاتد "الفيسبوك" نتيجة أحداث الشغب التي أعقبت إلغاء المحكمة الدستورية لنتائج الانتخابات البرلمانية، أما الإمارات فحجبت فايبر عن الاتصالات الهاتفية عبر الإنترنت داخل الدولة، وحجبت السعودية المواقع الإباحية.

اجمالي القراءات 2430