زيارة وفد القومي لحقوق الإنسان لسجن العقرب .VS فيلم «البرئ»: أي تشابه هو صدفة غير مقصودة

في السبت ٢٩ - أغسطس - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

زيارة وفد القومي لحقوق الإنسان لسجن العقرب .VS فيلم «البرئ»: أي تشابه هو صدفة غير مقصودة

مؤتمر صحفي لمحمد فائق، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، حول الوضع في السجون، 27 أغسطس 2015. مؤتمر صحفي لمحمد فائق، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، حول الوضع في السجون، 27 أغسطس 2015. تصوير : محمد حسام الدين

«وقائع هذا الفيلم لا تمثل الحاضر».. جملة كتبها صناع فيلم «البرئ»، وعلى رأسهم المؤلف وحيد حامد والمخرج عاطف الطيب ، عام 1986، دون أن يعلموا أو أحد من مشاهديه أن أجزاء من الفيلم إن لم تمثل حاضرهم، فستتشابه مع مشاهد أخرى واقعية ستحدث في المستقبل، بعد نحو 29 عام، وتدفع من شاهدوا الفيلم لعقد المقارنات، خاصة مع تشابه إجراءات الوفد الحقوقي في عام، 2015 وتصرفاته خلال الزيارة، حسب الصور المتداولة، مع ما كان من ممثلي فيلم «البرئ».

في فيلم «البرئ»، 1986، يقف الضابط توفيق شركس، «محمود عبدالعزيز»، مأمور أحد المعتقلات المستقرة في الصحراء المصرية، وسط مرؤوسيه في فناء المعتقل، مستعدين لاستقبال وفد من مسؤولين وحقوقيين يفتش على أوضاع السجن بعد موت الأديب رشاد عويس، «صلاح قابيل»، مَن نعته الضابط نفسه قبيل زيارة الوفد بدقائق بـ«ابن الكلب» الذي لم يكن يعلم أنه مهم لدرجة أن موته «هيقلب الدنيا».

في 2015، يزور وفد من المجلس القومي لحقوق الإنسان سجن العقرب بناءً على شكاوى أسر سجناء في جماعة الإخوان المسلمين، بعضهم من القيادات، من أمور منها «منع الزيارات، وإغلاق الكانتين، وسوء الخدمة الطبية»، وبعد وفاة سجناء منهم القياديين في جماعة الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية، فريد إسماعيل وعصام دربالة، لدرجة دفعت أنصار الجماعة لتسمية سجن العقرب «مقبرة الإخوان»، لتنتهي الزيارة من أعضاء المجلس الحقوقي بتقرير يفيد بعدم صحة الشكاوى الإخوانية، وتأكيد أن سجون مصر «خالية من التعذيب المنهجي».

1986

«ده مش معتقل، ولا حتى سجن عادي، دي مجرد لوكاندة، أحسن من اللوكاندة كمان، هو يمكن العيب الوحيد اللي فيها إنها في الصحرا، لكن فيها ميزة هايلة جدًا بالنسبة للنزلاء بتوعنا، على اعتبار إن كلهم من المثقفين والفلاسفة وأصحاب الرأي، فمحتاجين مكان هادي زي ده علشان التأمل والتفكير الهادي».. يقول العقيد شركس، في لقطة من «البرئ»، شارحًا مزاياي المكان للوفد الحقوقي.

2015

يعلن أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان، في مؤتمر صحفي الجمعة، ما حواه تقرير وفد المجلس بعد زيارته لـ«العقرب»، أفاد في أعقاب شكوى أسر سجناء الإخوان اطلعوا على «دفاتر زيارات السجن، ودفاتر أمانات السجناء، ودفتر تعامل السجناء مع كانتين السجن، والملفات الصحية لسجناء أصحاب شكاوى، ومرافق السجن للوقوف على مدى تطورها»، بعد استجابة قيادات مصلحة السجون لوفد المجلس.

1986

«دي مصحة نفسية، إحنا بنعالجهم فيها على طريقتنا، طريقة كلها إنسانية، في دول تانية بقى بيدفنوهم بالحيا، لكن إحنا حاجة تانية خالص، إحنا مكتفيين بعزلهم عن الناس وبس، وطبعًا حضراتكم تقدروا تلمسوا كل حاجة بنفسكم، وإحنا في النهاية تحت أمر القانون، وطبعا حضراتكم من رجال القانون والعدالة، وتقريركم ممكن يخرس الإشاعات والأكاذيب اللي بره».. يواصل «شركس»، في «البرئ» شرح ما يميز المعتقل للوفد.

2105

يعلن الوفد في المؤتمر الصحفي بين ما أعلنه «عدم صحة ما ورد في الشكاوى بشأن إغلاق الكانتين وكافيتريا السجن، خاصة خلال الفترة المنوه عنها بالشكاوى، وتأكد لوفد المجلس من فحص ملفاتهم الصحية توفر العناية الطبية اللازمة سواء داخل مستشفى السجن أو خارجها بالمستشفيات الجامعية القريبة من منطقة سجون طره، وتبين وجود تقارير تفصيلية ونتائج التحاليل وتقارير الإشعات والفحوصات المختلفة التي أجريت لهم».‬

1986

يتحدث بهدوء وثقة محمود عبدالعزيز، «شركس»، لزوار السجن عن واقعة وفاة السجين صلاح قابيل، «أما بخصوص وفاة الأستاذ الأديب رشاد عويس، فده من سوء حظه، لأن المرحوم كان دائم الهرب وكنا بنستعيده مع الحفاظ على سلامته، إلا أنه في المرة الأخيرة طارده عسكري جديد أطلق الرصاص للتهويش لكن القدر والأعمار بيد الله سبحانه وتعالى».

ينطلق أعضاء الوفد في زيارة إلى عدة أقسام داخل المعتقل، ومنها ما يبدوا وكأنه أحد الزنازين أو جزء للاستشفاء، بينما يواصل «شركس» الشرح بقوله «يعني بالظبط لوكاندة أو مصحة، تقدروا تعتبروه حضراتكم مكان للتأمل والاستجمام الفكري».

2015

يرد في التقرير نصًا عن الحالة الصحية للقيادي الإخواني «السجين محمد خيرت سعد عبداللطيف الشاطر خضع في أغسطس 2015 لفحوصات وتحاليل وأشعات طبية على نفقة مصلحة السجون بمستشفيات جامعة القاهرة، وأفاد تقريره الطبي أن حالته مستقرة وأنه لابد وأن يتبع تعليمات الأطباء ويلتزم بالعلاج».‬

ويتابع الأعضاء في تقريرهم «‫زار الوفد المستشفى والعيادات الملحقة بها والتى تضم عيادات أسنان، وجلدية، وأنف وأذن وحنجرة، وجراحة عامة، ومسالك بولية، وعظام، وعلاج طبيعي، ونفسية، ورمد، وغرفة استقبال لعلاج الحالات الطارئة تحوي أسرّة وأنابيب أكسجين وأجهزة ضغط وسكر وتنفس صناعي، ومعمل التحاليل والأجهزة المتوفرة به. وتبين وجود جدول مواعيد وأسماء الأطباء الاستشاريين المتعاقد معهم من خارج السجن» أما الصيدلية فزاره الوفد وجرى «التعرف على نوعية الأدوية المتوفرة بها والسؤال، عن حجم التعامل معها وأكثر الأنواع طلبًا للحالات المرضى من السجناء».

1986

يزور الوفد برفقة «شركس» مطبخ المعتقل، ووقف أحد أعضائه امام أنية الطعام يتذوق منها ما يقدم للسجناء، لينطلقوا من المطبخ إلى المخبز، حيث أمسك الشاويش، الفنان حسن حسني، برغيف خبز طازج، وهو يبتسم.

2015

يستكمل الوفد تقريره، المرسل في بيان صحفي إلى مختلف وسائل الإعلام، «الوفد زار مطبخ السجن واطلع على نوعية الطعام المعد للسجناء ومدى جودته ومطابقته لجداول المقررات الغذائية الواردة في لائحة السجون، وهو ما اتفق على ما أكد عليه السجناء الذي تقابل معهم الوفد على أن نوعية الطعام المقدم لهم من قبل إدارة السجن مقبولة».

وتابع الوفد، الذي انتشرت صورة لأعضائه وبينهم الناشط الحقوقي حافظ أبوسعدة وهو يتذوق طعام السجناء،‬ نقل ما رأه عن «توفر كافة المواد الغذائية الجافة منها والمطهى بها، وآلية التعامل من خلال مندوب يتوجه إلى كافة العنابر لمعرفة احتياجات السجناء لإحضارها لهم».

وكان من بين ما زاره وفد حقوق الإنسان المكتبة الملحق بها قاعة الوعظ الديني، والتي حوت مجموعات من الكتب الكثيرة والمتنوعة». ‬

1986

يتحدث المسؤول، خلال زيارته لمكتبة السجن، مع نزيل كان يعمل مدرسًا للتاريخ، أثناء قرائته كتاب عن «محاكم التفتيش»، ويسأل الزائر عن أسباب اختيار هذا الكتاب بالضبط، فيكون رد السجين، تحت سمع وبصر «شركس» المأمور «بقراه علشان أحس بالنعيم اللي أنا فيه»، كما لم يشكو هذا السجين إلا من «سخونة مياه الشرب»، وذلك قبل مشهد واحد من مغادرة أعضاء الوفد الزائر للسجن راضين مبتسمين، وإعادة السجناء بالركل والعصي سيرًا أمام الكلاب البوليسية إلى زنازينهم مرة أخرى.

اجمالي القراءات 2498