أحمد عمر هاشم فى حوار للأهرام: الأزهريون والمثقفون قادرون معا على تطوير الخطاب الدينى !!!!!

في الخميس ٢٩ - يناير - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

الدكتور أحمد عمر هاشم فى حوار للأهرام: الأزهريون والمثقفون قادرون معا على تطوير الخطاب الدينى
حوار - هند مصطفى عبد الغنى
تربى فى رحاب الأزهر الشريف منذ نعومة أظفاره فأتم حفظ القرآن واعتلى المنبر وهو فى الثانية عشرة من عمره المديد الذى ناهز السبعين عاما.

 وهو أحد ابرز المتخصصين فى علوم الأحاديث والسنة النبوية الشريفة فى العالم الإسلامي. يعرف الأزهر جامعا وجامعة وما يعانيه من مشكلات أكثر من غيره بحكم ما تقلده من مناصب حيث تخرج فى كلية أصول الدين عام 1961. ثم عُين معيداً بقسم الحديث بكلية أصول الدين، وحصل على الماجستير فى الحديث وعلومه عام 1969، ثم حصل على الدكتوراه فى تخصصه نفسه، وأصبح أستاذ الحديث وعلومه عام 1983، ثم عُين عميداً لكلية أصول الدين بالزقازيق عام 1987، وفى عام 1995 شغل منصب رئيس جامعة الأزهر.

 

إنه الدكتور احمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية، الذى يؤكد أن الخطاب الدينى الآن فى أمس الحاجة للتجديد. ويطالب بنهضة فكرية لتنقية كتب التراث تماثل تلك التى قام بها الخليفة عمر بن عبد العزيز. ويطالب فى حواره مع «الأهرام» بتضافر جهود الأزهريين مع الأدباء والمثقفين لصياغة خطاب دينى صحيح. ولكنه يعترف بتلك الأزمة التى يعانيها التعليم الأزهرى والكليات الدينية ، كما يطالب بإحياء دور كلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر والتى أسسها الإمام عبد الحليم محمود لتصحيح صورة الإسلام ونشره فى الخارج بعد تنامى «الاسلاموفوبيا» وتكرار الإساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. وإلى نص الحوار ..


فى ظل دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى تجديد الخطاب الدينى ومواجهة الفكر التكفيرى واقتلاع الإرهاب من جذوره، هل ترى أن المؤسسة الأزهرية قادرة الآن على القيام بهذه المهمة؟

نعم المؤسسة الأزهرية ممثلة فى المشيخة والجامعة والمعاهد والوعاظ ومجمع البحوث الإسلامية كل هذه القطاعات التى يشملها الأزهر قادرة بعون الله تعالى وتوفيقه على تجديد الخطاب الديني، فالأزهر الشريف إرادة إلهية شاء الله تعالى أن يظهر إلى الوجود بعد القرون الثلاثة الأولى وكادت الهجمة التترية الشرسة تطيح بتراث الأمة وبأصولها ومراجعها الإسلامية ولكن شاءت إرادة الله أن ينهض الأزهر الشريف وان يبزغ نجمه فى سماء الكنانة فاحتضن أبناء المسلمين من كل الأرض وأرسل علماءه إلى ربوع الدنيا لينشروا فيها الإسلام، وظل بعد إنشائه إلى يومنا هذا مصدرا للعلوم الإسلامية الأصيلة ينهل منها القاصى والداني، ولم يسمع أحد أبدا بأن بالأزهر إرهابا ولم يخرج من عباءته متطرف ولا إرهابى ولا منحرف لأنه قدم الكتاب والسنة تفسيرا وتوضيحا ونحن فى الأزهر قادرون على تجديد الخطاب الدينى وإعطائه دفعة قوية.

ولكن الواقع يشهد بأن المنابر تبحث عن دعاة مؤهلين بسبب ضعف مستوى الخريجين، والآباء يحولون أبناءهم من المعاهد الأزهرية إلى التعليم العام بسبب تردى أوضاع التعليم الأزهري، كيف يمكن إنقاذ التعليم الأزهرى من المشاكل التى يعانيها؟

يمكن إصلاح ذلك بعدة محاور، أهمها أن نقوم نحن القدامى من علماء الأزهر الموجودين على قيد الحياة بإعطاء دورات تدريبية ومحاضرات توجه إلى هؤلاء المعلمين والمدرسين والوعاظ وأئمة المساجد، ونحن الآن فى أمس الحاجة لنهضة مماثلة لتلك التى قام بها الخليفة عمر بن عبد العزيز فى تنقية الكتب وذلك بالاستفادة من خبرات العلماء القدامى ونقلها إلى الخريجين الجدد لتدريبهم على الخطبة المنبرية والوعظ وعلوم الفقه والحديث، وأن نعلمهم ونوجههم ولا نكتفى بمن تخرج من الأزهر وحصل على الشهادة. وتخصيص دورات تدريبية أمر مطلوب وضرورى لاحتواء الموقف وإعطاء المدرسين الجرعة العلمية الكافية.

وهل يعقل أن تكون الكليات الشرعية التى تخرج لنا الأئمة والدعاة فى ذيل قائمة التنسيق ويلتحق بها من يحصلون على 50 % فى الثانوية الأزهرية، أو أن يعمد بعض شيوخ المعاهد إلى إنجاح الطلاب ورفع النسبة فوق 60% من عدد الطلاب ثم يلتحقون بالجامعة وهم غير مؤهلين؟

هذا لا يصح، والكليات الدينية يجب أن تأخذ الصدارة وان تكون فيها بعض الامتيازات التى ترغب الطلاب فيها وهناك البعض ممن يعزف أبناؤهم عن الالتحاق بالكليات الشرعية بناء على سوق العمل فيولون شطرهم نحو كليات الطب والهندسة مما يضر بالعلوم الشرعية لان العالم الشرعى هو الذى يمد الحياة بالتوجيه الإسلامى الصحيح فيجب أن نركز على أن تكون للكليات الشرعية والدينية أولوية فى الخدمات العلمية والمادية والوظيفية.

أشرت فى حديثك إلى حاجتنا الملحة لتنقية كتب التراث والقيام بنهضة علمية على غرار ما فعله عمر بن عبد العزيز، فهل لدينا من العلماء والدعاة المؤهلين من هم قادرون على تنقية التراث من الإسرائيليات والمدسوسات؟

نعم أولا فى كليات أصول الدين وأقسام التفسير والحديث قامت نهضة كبيرة جدا تولى قيادتها بعض العلماء الأكفاء من الشيوخ الأجلاء منهم فضيلة الشيخ احمد الكومى رئيس قسم التفسير والدكتور موسى لاشين رئيس قسم الحديث وتوليت القسم بعد الشيخ موسى لاشين حيث تم فى هذه الفترة تنقية كتب التفسير واستحدثوا مادة جديدة وهى (الدخيل فى التفسير ) والتى تتناول أى شيء دخيل على التفسير والحديث فكان كتاب البخارى اصح كتاب بعد كتاب الله وتلقته الأمة بقبول، والشائع أن مسألة تنقية التراث تفسيرا أو حديثا من الدخيل تمت واكتمل فى عصرنا الحاضر والحمد لله وعلماء الأزهر الأكفاء والمتخصصون قادرون على استكمال هذا المشوار وهذا يدل على نجاح مؤسسة الأزهر .

ولماذا يضيق صدر علماء الأزهر وشيوخه بالنقد عند كل حديث من خارج المؤسسة الأزهرية عن الإصلاح والتطوير ويميلون نحو الدفع باتجاه نظرية المؤامرة؟

النقد مطلوب وخاصة عندما يكون النقد بناء لكن النقد الهدام الذى توجهه الفضائيات وتحاول أن تبرز أن هناك أمورا خاطئة وان هناك أحاديث مكذوبة وان اصح كتب السنة ليس بأصحها، فهذا نقد هدام وهذا الذى ارفضه أما النقد البناء الذى يرى انه يجب علينا أن ننهض بالأزهر وان نضاعف الجهود لخدمة التعليم والطالب الأزهرى والنقد الذى يوجه لإصلاح مسار التعليم الأزهرى وتطوير مناهجه هذا نقد بناء مرحب به أما النقد الهدام الذى يحاول أن يهيل التراب على منارة الإسلام وهو الأزهر فهذا هو الذى ارفضه. والأزهر لا يعرف الكهنوت بل هو معقل الوسطية ومنارة التسامح ولولاه لضاعت المنهجية واللغة من مصر ويقول كبار المؤرخين (من لم يذهب إلى مصر لم ير مجد الإسلام ولا عزه لأن فيه الأزهر الشريف) فدول كثيرة احتلها الاستعمار واستطاع تغيير هوياتها وتغيير لغتها إلا مصر فدخلها الاستعمار وخرج ولم يستطع تغيير عقيدتها أو هويتها فمصر ليست مصر إلا بالأزهر فللأزهر مكانة مرموقة تستوجب على الأمة والدولة الحفاظ على هذه المؤسسة والمنارة الإسلامية التى بها نفخر ويعتز بها المسلمون فى مشارق الأرض ومغاربها.

دعت وزارة الثقافة إلى تنظيم دورات بقصور الثقافة لتجديد الخطاب الدينى دون التنسيق مع الأزهر مما اثار اعتراض بعض قيادات الأزهر على تلك الخطوة هل ترى ان تجديد الخطاب الدينى وقف على الأزهريين وحدهم أم أننا بحاجة لتضافر جهود جميع مؤسسات الدولة لتحقيق هذا الهدف المنشود؟

نحن فى حاجة ماسة لتضافر الجهود ونشكر وزارة الثقافة ووزيرها على هذه المبادرة ويستحسن أن نمد لوزارة الثقافة يد العون مع الأزهر لتجديد الخطاب الدينى من قبل المثقفين والمبدعين مع علماء الأزهر حتى يكون هناك توازن بين الناحية الإبداعية والثقافية والأدبية مع علماء الدين الأزهريين عندها تتكاتف الجهود وتتضافر القوى بين المثقفين والمبدعين والأدباء والفنانين وبين علماء الأزهر حيث يظهر التوازن فى الانطلاقة لتجديد خطاب دينى صحيح وأحب أن أقول إن تجديد الخطاب الدينى وإعطاءه دفعة للأمام قبل أن نخطو خطوة يجب أن نطبقه نحن من ندعو إليه على أنفسنا أولا حيث نتمثل المعانى والمثل والقيم والمبادئ التى ندعو بها قبل أن ندعو غيرنا إليها لان الدعوة بالقدوة والسلوك أهم من الكلام والخطاب حيث كان المسلمون قديما ينشرون الإسلام بسلوكهم وأفعالهم حيث الصدق فى القول والإخلاص فى العمل.

وهل صحيح البخارى كتاب مقدس؟

البخارى بشر والبشر ليسوا مقدسين ولا الصحابة معصومون من الخطأ فالرسول فقط هو المعصوم من الخطأ لكن الأحاديث التى جمعها البخارى واستوفت فيها الصحة حوالى 600000 حديث كلها صحيحة وقرأها 900000 عالم واقره أئمة العصر جميعا وأجمعت الأمة كلها على انه اصح الكتب بعد كتاب الله وان ما فيه صحيح وعشت مع هذا الكتاب 17 عاما متواصلة وشرحته فى 16 مجلدا كل جزء 600 صفحة ومن يدعى أن فى البخارى حديثا غير صحيح أتحداه؟ ومن يدعى أن به أحاديث مكذوبة أو خاطئة فهو كذوب أو جهول.

منذ رحيل الشيخ محمد متولى الشعراوى لم يظهر على الساحة من يملأ هذا الفراغ، فكيف نصنع داعية؟

نصنع داعية أولا بأن نصوغ شخصيته قبسا من شخصياتنا نحن بمعنى أن يقدم العلماء والدعاة والأزهريون القدوة من أنفسهم، وان نتيح للخريج المراجع الأصيلة والمهمة فيما مضى كان خريج كلية أصول الدين قبل أن يتخرج إلى دنيا الدعوة والإرشاد كانوا يملكونه أهم مراجع فى الشريعة والفقه والسيرة فكان يمتلك مكتبة يستطيع من خلالها أن يعلم ويتعلم وان نصوغ شخصيته من خلال سلوكنا وقدوتنا وأيضا من خلال تحسين راتبه حتى يكون ذا واجهة مشرفة وان يكون قادرا على تملك مكتبة إسلامية ووسيلة مواصلات تليق به.

وما دور الدولة فى زيادة مخصصات التعليم الأزهري؟

هذا أمر لابد منه فزيادة مخصصات التعليم الأزهرى ضرورة ملحة تستوجب على الدولة أن تنهض بها حتى يستطيع التعليم الأزهرى أن يقدم الخدمة العلمية المهمة وحتى يستطيع أن يوفر فى كلياته الآليات والأجهزة للكليات العملية والمراجع للكليات النظرية وعلى الدولة أن تزيد من هذه التخصصات حتى يستطيع الأزهر أن يقوم بأعباء رسالته ليس فى مصر فحسب بل فى العالم كله لأن الأزهر الشريف وإن كان مصرى الموقع فإنه عالمى الرسالة يطلب منه أن يوجه هذا العلم إلى أبناء المسلمين فى كل الأرض.

كلية اللغات والترجمة التى أنشأها الراحل عبد الحليم محمود لتخريج دعاة أزهريين يتحدثون بجميع لغات العالم لماذا لا تخرج لنا دعاة ويلتحق طلابها بعد التخرج للعمل كمرشدين سياحيين أو بائعين بالبازارات السياحية أو عمال نظافة فى شوارع أوروبا أليس من الأولى تأهيلهم والاستعانة بهم لنشر صورة الإسلام فى الخارج بعد تنامى الاسلاموفوبيا وتكرار الإساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم؟

نعم يجب أن يؤهل خريجو كليات اللغات والترجمة لأداء أعظم واشرف رسالة فى الخارج وهى نشر الإسلام وهم أجدر على ذلك أولا لأنهم من خريجى الأزهر وهم درسوا دراسات إسلامية أصيلة ولديهم اللغة التى يخاطبون بها العالم وهذه ميزة لأبناء كليات اللغات والترجمة ويجب أن نشجع على الالتحاق بها وان نشجع طلاب كلية اللغات والترجمة وان نتيح لهم الوظائف اللائقة بهم وان نعطيهم دورات تدريبية ولا نكتفى بما درسوه وحسب بل لابد من محاضرات ودورات تدريبية وتوجيهية لهم.

اجمالي القراءات 3259