إلزام وزير الداخلية بتعويض مسجون بـ75 ألف جنيه‏

في الأربعاء ١٤ - يناير - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

إلزام وزير الداخلية بتعويض مسجون بـ75 ألف جنيه‏

 

إلزام وزير الداخلية بتعويض مسجون بـ75 ألف جنيه‏
 

أكدت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية "الدائرة الأولى بالبحيرة" برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، أن الإهمال في علاج السجناء على الوجه الصحيح يمثل نوعًا من التعذيب الذي تؤثمه القوانين الحديثة، وأنه يجب معاملة المحبوسين معاملة إنسانية راقية تحفظ كرامتهم كحد أدنى من معاملة السجناء التي اعتمدت من الأمم المتحدة بما يحقق إصلاحهم وتهذيبهم وتأهيلهم، بحيث لا يمثل تنفيذ العقوبة عبئًا صحيًا ونفسيًا وماديًا على الإنسان فيؤدي عقوبتين في وقت واحد عقوبة السجن وعقوبة الإهمال في صحته وتأهيله وتهذيبه.

وألزمت المحكمة وزير الداخلية بأن يؤدى إلى أحد السجناء مبلغًا مقدراه 75 ألف جنيه كتعويض جابر عما أصابه من أضرار مادية وأدبية لبتر ذراعه نتيجة إعطائه حقنة ملوثة داخل سجن دمنهور العمومي، وألزمت وزير الداخلية المصروفات.
وترجع وقائع القضية أنه أثناء قيام أحد السجناء بتنفيذ عقوبة السجن مدة ثلاث سنوات بالسجن العمومي بدمنهور ارتفعت درجة حرارته فتم حقنه بحقنة كانت ملوثة، مما ترتب عليه تدهور حالته الصحية، فاستغاث لعلاجه فما كان من إدارة السجن إلا أن أودعته السجن الانفرادي مدة يومين حتى وجدته مغشيًا عليه فتم نقله إلى المستشفى الجامعي الذي قرر بتر ذراعه فورًا.
وقالت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين محمد حراز ووائل المغاوي، نائبي رئيس مجلس الدولة، إن الثابت أن الإصابة التي تسببت فيها إدارة السجن بإهمالها قد أعجزت المدعى عن الكسب والعمل بشكل طبيعي نتيجة حقنه حقنة ملوثة داخل السجن لخفض درجة حرارته، وما كان يجب أن تترك المريض يصارع الألم والمرض يومين كاملين بل ووضعته في سجن انفرادي حتى يتألم بعيدًا عن زملائه مما ارتفعت معه درجة حرارته مصحوبة برعشة شديدة داخل الزنزانة الانفرادية ودون محاولة إنقاذه، رغم إلحاحه عليهم بطلب علاجه فوجدته إدارة السجن مغشيًا عليه، فتم نقله إلى المستشفى الجامعي بالإسكندرية الذي قرر على الفور بتر ذراعه.
ورأت المحكمة أن هذا التصرف من إدارة السجن يتعارض مع القيم الإنسانية التي توجب الإسراع في إنقاذ المريض من الهلاك، كما يتناقض مع الفلسفة العقابية داخل السجون التي تنتهجها النظم الديمقراطية الحديثة في الحفاظ على حياة وصحة المسجونين لديها وتأهيلهم وإعادة صياغة حياتهم داخل السجن ليخرجوا مواطنين صالحين للمجتمع لا فاقدين لأحد أعضاء أجسادهم اللازمة لكسب قوت يومهم.
وأضافت المحكمة أن المشرع الدستوري جعل من السجون دار إصلاح وتأهيل وأخضعها للإشراف القضائي وحظر فيها كل ما ينافي كرامة الإنسان أو يعرض صحته للخطر ليتيسر سبل الحياة الكريمة لهم بعد الإفراج عنهم، كما أن الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية التي وقعت عليها مصر في 4 أغسطس 1967 ووافق عليها رئيس الجمهورية بقراره رقم 536 لسنة 1981 فى أول أكتوبر 1981 نصت على أن يعامل جميع الأشخاص المحرومين من حرياتهم معاملة إنسانية مع احترام الكرامة المتأصلة في الإنسان، كما أناط قانون السجون المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2014 على أنه يكون في كل ليمان أو سجن غير مركزي طبيب أو أكثر أحدهم مقيم تناط به الأعمال الصحية وفقًا لما تحدده اللائحة الداخلية ويكون للسجن المركزي طبيب، فإذا لم يعين له طبيب كلف أحد الأطباء الحكوميين أداء الأعمال المنوطة بطبيب السجن.
وذكرت المحكمة أنه بات لازمًا وجوب أن يكون في كل سجن طبيب مقيم تناط به الأعمال الصحية بالسجن ويجب على إدارة السجن مراعاة ذلك بالإشراف ورعاية الحالة الصحية للمسجونين، وإجراء الكشف الطبي الدوري عليهم حتى لا يتسبب المرض فى إهدار حياتهم بل ويجب عليهم تقديم الإسعافات اللازمة في الوقت المناسب لكل مسجون يعاني من المرض.
واختتمت المحكمة حكمها أن إدارة السجن تكون قد أهملت فيما ألقاه على عاتقها المشرع من رعاية المسجونين صحيًا وعدم تعريض حياتهم للخطر، وهو ما يخالف الدستور والقانون مما يتوافر به ركن الخطأ في جانبها ومما لا شك فيه أن بتر ذراع المدعي يمثل ضررًا ماديًا كبيرًا له يعيقه بقدر كبير عن طلب الكسب والعيش طيلة حياته، وكذا أضرار أدبية تمثلت فيما لحقه من حزن وأسى ولوعة نفسية نتيجة بتر ذراعه مما يتعين معه إلزام وزير الداخلية بأن يؤدي للمدعي المسجون مبلغًا مقدره 75 ألف جنيه جبرًا لتلك الأضرار، ويتعين معه على وزير الداخلية تحقيق المساءلة لضباطه عن هذا الإه

اجمالي القراءات 2344