ما بين الحربين الذكية والمستحيلة ضد داعش

في الجمعة ١٢ - سبتمبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

تزامنًا مع التجهيزات للحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، قدرت وكالة الاستخبارات الأميركية أن يكون التنظيم يضم ما بين 20 إلى 30 ألف مقاتل، بينما دعت تقارير نشرت في لندن دول العالم، وخاصة العرب، إلى دعم خطط أوباما لمواجهة داعش.


نصر المجالي: قال المتحدث باسم وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي أيه) راين تراباني، إن عديد المنتسبين إلى تنظيم (داعش) تضاعف ثلاث مرات مقارنة بأرقام سابقة، وقال إن هذا يشير إلى أن التنظيم قام بعمليات تجنيد كبيرة، منذ شهر يونيو (حزيران) بعد انتصارات حققها ميدانيًا، وبعد إعلان الخلافة الإسلامية.

وأوضح تراباني أن التقديرات الجديدة تعتمد على تجديد تقارير وكالة الاستخبارات من مايو (أيار) إلى أغسطس (آب) الماضيين. ويشار إلى أن تنظيم (داعش) يسيطر على مناطق واسعة في العراق وفي سوريا، بعد معارك خاضها مع الجيش الحكومي في البلدين، ولكنه يواجه أيضًا فصائل من المعارضة السورية المسلحة تعترض على ممارسات التنظيم وأفكار المنتسبين إليه.

كما يواجه في العراق ميليشيا شيعية تساند الحكومة، وتسعى إلى وقف زحف تنظيم "الدولة الإسلامية" نحو العاصمة بغداد وميليشيا الأكراد لمنعهم من التقدم إلى مناطقهم.

الحرب الذكية 
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما أعلن الخميس عن خطة عسكرية لضرب معاقل تنظيم "الدولة الإسلامية" والقضاء على عناصرها في العراق وفي سوريا، تتضمن القصف الجوي، وتوفير السلاح والتدريب للجماعات المناوئة لها.

وأشاد تقرير نشر في لندن بخطة أوباما، داعيًا بريطانيا والدول الأوروبية والعربية إلى دعم هذا التدخل العسكري. وقالت صحيفة (التايمز) في افتتاحية تحت عنوان (الحرب الذكية) إن "هذا ليس وقت ارتباك الحكومة في بريطانيا بشأن استعدادنا النسبي أو التحفظ بشأن استخدام القوة في الأراضي السورية".

وحيث أشارت الصحيفة إلى كيفية عرقلة البرلمانين البريطاني والأميركي في العام الماضي اتخاذ تحرك عسكري ضد الرئيس السوري بشار الأسد، فإنها قالت إنه "يجب أن نكون مستعدين، إلى جانب الولايات المتحدة، لمهاجمة مقار الدولة الإسلامية في الرقة". واعتبرت أن "هذا التحفظ العام على استخدام القوة العسكرية بعث برسالة واضحة إلى قيادة الدولة الإسلامية الذين شنوا حملة من الاستيلاء على الأراضي والإعدام الجماعي وقطع الرؤوس على الملأ".

وأشارت الصحيفة إلى أن هناك "مخاطر جمة" في الأيام المقبلة، لكنها استطردت بالتشديد على أن تجربة الغارات الجوية الأميركية أثبتت أنه يمكن إنقاذ الأرواح. وتختم افتتاحية التايمز قائلة: إن أوباما شدد على معارضته فقط للحرب "الغبية"، مستطردة أن "هذه حرب ذكية، ينبغي أن تخاض جيدًا وتقاد جيدًا.. إنها حرب العصر الحديث".

الحرب المستحيلة
من جهتها، استبعدت صحيفة (أنديبندانت) اللندنية أن تبلغ فعالية الغارات الجوية الأميركية المرتقبة ما يأمله اوباما، مشيرة إلى أن المجتمعات السنّية في العراق وسوريا قد تفضل "الدولة الإسلامية" كأخف الضررين، وذلك مقارنة بانتقام القوات الحكومية في البلدين.

وتقول في تقرير تحت عنوان (الحرب المستحيلة) إن المشكلة تكمن في أن الولايات المتحدة "ليس لها شركاء محليون يعتمد عليهم" سواء في العراق أو سوريا. وتشير إلى أنه بالنسبة إلى العراق، فإن الحكومة الجديدة "مازالت طائفية"، كما إن الأكراد "زُج بهم من قبل الولايات المتحدة بالرغم من عدم تلبية أي من مطالبهم"، بحسب الكاتب. أما في سوريا، فقد أعلن اوباما أن الولايات المتحدة ستسلح المعارضة "المعتدلة"، في حين أن المعارضة المسلحة على الأرض تخضع لسيطرة "جهاديين"، أشدهم بأسًا تنظيم الدولة الإسلامية، بحسب كوبيرن.

ورجّحت الصحيفة أن تتعاون الولايات المتحدة سرًا ومن خلال طرف ثالث مع حكومة الرئيس بشار الأسد. وفي هذا الإطار، أشار المقال إلى أن آخر جولات المحادثات الدولية بشأن الأزمة السورية وصلت إلى طريق مسدود بسبب إصرار واشنطن على أن يقتصر الحديث على رحيل الأسد. وتخلص الصحيفة إلى القول إن من غير الممكن هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا طالما استمرت الحرب الأهلية هناك.

تبعات الحرب 
وعن التحديات الأهم والتبعات المحتملة للتحرك الأميركي ضد (داعش) على الصراع في سوريا، أعربت صحيفة (الغارديان) عن اعتقادها بأن سوريا هي "التحدي الأبرز" في استراتيجية أوباما، التي يقول إنها تنطوي على "تدخل كبير" يصعب التنبؤ بعواقبه. وبحسب الصحيفة، فإن الوضع في العراق أسهل من سوريا، حيث إن حكومة بغداد والأكراد هم من طلبوا التدخل.

أما بالنسبة إلى سوريا، فلم يكن مفاجئًا أن أوباما شدد على عدم التعاون مع الرئيس السوري بشار الأسد، الذي اعتقد أنه سيُنظر إليه باعتباره أخف ضررًا من الجهاديين الذين دأب على اتهامهم "باطلًا" بالمسؤولية عن الانتفاضة.

ومن التأثيرات المحتملة للدعم الأميركي للمعارضة السورية المسلحة تغيير ميزان القوى في الحرب، بحيث يصبح ضد حكومة الأسد، كما إن من المخاطر المحتملة حدوث حالة من تزاوج المصالح بين الولايات المتحدة وإيران، التي تدعم الأسد، فيما تساعد القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق. وفي الأخير، ترى الغارديان أن تدخل الولايات المتحدة في سوريا ينطوي كذلك على خطر وقوع أسلحة أميركية في "الأيدي الخاطئة"، مثلما حدث في العراق عندما سقطت مدينة الموصل في يونيو (حزيران) الماضي.

اجمالي القراءات 2971