«الحب المُحرم» في مصر (تقرير)

في الخميس ١٠ - يوليو - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

تحت عنوان «الحب المحرم في مصر»، نشرت هيئة الإذاعة البريطانية على موقعها الإلكتروني، تقريرًا عما سمته «حب عذري» بين رجل مسلم وفتاة مسيحية.

وبدأت BBC تقريرها، قائلة: «تقدم الشاب بخطوات مترددة نحو زميلته هويدا قبل أن يصارحها بحبه، لم يكن قرارًا سهلًا، وإن ظلا يتبادلان نظرات الإعجاب الخجولة طيلة عام داخل ساحة حرم جامعة، شمالي مصر».

واعتبرت الإذاعة البريطانية أن «الارتباط الرسمي قد يحيل الحب العذري هذه إلى قصة حزينة، وربما دامية.. فهو مسلم، وهي مسيحية»، ناقلة قول الشاب: «كنت أخشى أن ينتهي كل شيء بمجرد إعلان رغبتي في الارتباط بهويدا، فلن أتمكن حتى من مخاطبتها كزميلة إذا رفضت بحكم التقاليد، ولو فعلت سيكون معها كل الحق، لهذا ترددت كثيرا قبل اتخاذ هذه الخطوة».

وتشير BBC إلى أن الرجل الذي يدعى طارق قال: «الآن، وقد جاوزت الأربعين، أؤكد لك أني لم أصادف لحظة أسعد من تلك، التي قبلت فيها هويدا الارتباط بي، بل وأعلنت استعدادها تحدي كل الظروف حتى يكلل حبنا بالزواج».

 

 

وأضافت واصفة الحال في مصر: «رغم حالة التعايش التي تغلب على علاقات المسلمين والمسيحيين في مصر، إلا أن زواج الشباب والفتيات يكاد يكون مستحيلًا إذا ما كانا ينتميان لديانتين مختلفتين، وفي بعض المناطق، قد ينتهي الأمر باشتباكات دامية».

 

 

ويقول «طارق» لـBBC: «استمرت علاقتنا العذرية لسنوات.. لم يكن أي منا يتوقع أن هناك قوة في الدنيا يمكنها أن تفصل بيننا، وتعرفت على أسرتي وأصبح الجميع في بيتي يعاملها كما لو كانت خطيبتي، وكانت تمارس شعائر الدين الإسلامي سرًا استعدادا للزواج مني».

 

 

وحسب «BBC»، كانت أحداث «قصة طارق وهويدا» تمضي جنبا إلى جنب مع عدد من الأحداث، التي شغلت الرأي العام المصري وكان محورها علاقات من النوع ذاته.

 

 

ويحكي «طارق»: «كنت أتابع بتوجس ما يجري، وفي لحظة عرفت أني ربما أقود هويدا إلى التهلكة، إن الثمن الذي ستدفعه سيكون باهظًا جدًا جزاء الارتباط بي، حتى إذا استطعت أنا الوقوف في وجه كل الضغوط».

 

 

واستعرضت BBC مشهدًا حدث في نهاية العام الماضي، لافتة إلى «أنباء ترددت حول اختفاء فتاة مسلمة وجارها المسيحي أثارت حفيظة سكان قرية نزلة البدرمان، جنوبي مصر، وسرعان ما تحولت المشاعر الغاضبة إلى اشتباكات أسفرت عن مقتل شخص وإصابة 6 آخرين، كما اضطرت عائلات مسيحية إلى هجر بيوتها في القرية الفقيرة حتى يهدأ الوضع».

 

 

ونقلت قول صابر عبدالمجيد، عمدة نزلة البدرمان، إن «قريتنا لم تشهد أي أحداث فتنة في خضم الأزمات السياسية المتلاحقة، التي شهدتها البلاد، وأثرت على علاقة المسيحيين بالمسلمين في قرى مجاورة». واستطرد بالقول إن «غاضبين أشعلوا النيران في ممتلكات لأقباط بالقرية، ولكن الغالبية العظمى من السكان هبّت لإطفاء الحرائق والذّود عنهم، ولم يهدأ روع الناس إلا بعد أن عادت الفتاة وتبين لهم أنها لم يمسّها سوء».

 

 

وتمضي قائلة: «درءًا للفتن، يدعو رجال الدين ومسؤولو الأمن الشباب والفتيات إلى اختيار شريك العمر من ذات الديانة».

 

 

وحسب BBC، قال العميد هشام نصر، مدير المباحث الجنائية في المنيا، إن «الحل الأمني لا يكفي وحده لحل هذه المشكلات»، ناصحًا الشباب والفتيات بـ«الالتزام بالعادات والتقاليد وما تقتضيه التربية الدينية والابتعاد عن العلاقات من هذا النوع».

 

 

وأضاف: «كل ما يمكننا فعله في حالة وقوع الاشتباكات هو أن تفصل قواتنا بين الطرفين، العبء الأكبر يقع على رجال الدين لمنع وقوع هذه الفتن من الأساس».

 

 

ويرى الأب جورج متى، راعي كنيسة مار جرجس بقرية حنا أيوب، جنوبي مصر، أنه «مازال أمام المجتمع عشرات السنين حتى يكون بوسعه التعامل مع هذا الموضوع دون حساسية». وأضاف أن «كل شاب لديه من بنات ديانته كثيرات، ارتباط الشاب المسيحي بمسلمة أو العكس غير مقبول لأن له توابع غير مرغوبة في مجتمعنا».

 

 

«لكن ميلاد، الذي تقدم للزواج من فتاة مسلمة بالرغم من رفض عائلته المسيحية، يرد على هذا المنطق بقوله (لست في سوبرماركت! أنا أختار من أشعر نحوها بالتواصل الإنساني وأيضا بالاتساق في الأفكار»، حسب BBC.

 

 

وتحكي BBC أن «ميلاد وقع في حب مسلمة في ميدان التحرير، إبان ثورة 25 يناير، وبعد مرور عام، تطورت علاقتهما عبر موقع فيس بوك للتواصل الاجتماعي، لكن مساحة الحرية، التي شعرا بها في غمرة أحداث الثورة فوجئا بها تتقلص في مواجهة حوائط التقاليد».

 

 

ويقول «ميلاد»: «والد الفتاة أبدى مرونة في أول الأمر، ولكن هذه المرونة سرعان ما تبددت حينما علم أني لا أنوي إشهار إسلامي».

 

 

وتكمل BBC: «لا تعترف السلطات في مصر بزواج المسلمات من رجال مسيحيين، ولذلك اقترح ميلاد على والد الفتاة عقد القران خارج الحدود، لكن طلبه قوبل بالرفض».

 

 

وتضيفBBC تعليقًا على رأي «ميلاد»: «حتى خارج الحدود المصرية، يقول علماء دين مسلمون إن الدين الإسلامي يحرم زواج المسلمة من مسيحي»، ناقلة قول الشيخ خليفة عزت، إمام المركز الثقافي الإسلامي في لندن، إن «المركز يعمد إلى التحقق من أن إشهار الراغبين في الزواج إسلامهم كان عن اقتناع بالدين وليس بغرض إتمام الزواج فقط».

 

 

ويعرب الشيخ عن اعتقاده بأن «العقبة، التي تتفاقم يوما بعد يوم هي غياب قيمة التسامح وربما لعب الإعلام دورا كبيرا في هذا الجانب».

 

 

ويروي أنه «منذ أشهر عقدتُّ في المركز قران شاب مسلم وفتاة مسيحية سافرا خصيصا من مصر إلى بريطانيا لإتمام زواجهما، ومعهما أسرتاهما، وبالرغم من عدم وجود عائق قانوني أمام إتمام هذا الزواج في وطنهما، إلا أن تنامي ظاهرة عدم التسامح أصبح يمنع مثل هذه الزيجات حتى مع مباركة الأهل».

 

 

وتكتب BBC: «بالرغم من هذا، يعرف المجتمع المصري قصصا ناجحة لزواج رجال ونساء من أصول دينية مختلفة»، مشيرة إلى «خديجة تربت في كنف والد مسلم وأم اختارت الاحتفاظ بديانتها المسيحية».

 

 

وتقول «خديجة»: «كانت والدتي المسؤولة عن تحفيظنا القرآن الكريم، لم أشعر بأي مشكلة داخل بيتي، الذي كان يسوده الوئام والتسامح بين والدي ووالدتي، التي تزوجته بعد صراع مرير مع أسرتها».

 

 

وتضيف: «بدأت أشعر بأن هناك مشكلة لدى المجتمع مع تقدمي في صفوف الدراسة، كان زملائي وبعض المدرسين يسألون أسئلة لم تدر في خلدي مسبقا.. لماذا لم تعتنق والدتك الإسلام؟ ألا تعلمين أن مصيرها إلى النار؟ وأدركت بعد فترة أن المشكلة تكمن في المجتمع وعدم تقبله للآخر وليست في الأديان ذاتها».

 

 

وتسرد BBC الأمثلة، بقولها: «كذلك عبير ومحمد اللذين تزوجا في إحدى قرى جنوبي مصر منذ عشرين عاما». ويقول «محمد» إن «زواجنا لم يسبب أي مشكلة، بل على العكس كان الناس يحتفلون بنا أينما ذهبنا».

 

 

لكن «عبير» تتذكر بأسى كيف باءت كل محاولات الصلح مع عائلتها بالفشل، وتقول: «دبرت قريبتي لقاء مع والدي، ولكنه قال بمجرد أن رآني: ليس لي ابنة اسمها عبير. لقد ماتت ابنتي ودفنتها».

 

 

وتعود BBC لـ«طارق»، قائلة إنه «قرر أن يعفي هويدا من تكبد هذا الثمن الباهظ»، ناقلة كلماته: «أنا الآن متزوج ووالد لطفلين، زوجتي آية في الأخلاق وتحرص على إسعادي كل الحرص، ولكني لم أحب يوما غير هويدا، لقد كانت تتمكن من قراءة مشاعري من عيني قبل أن أنطق بها، لهذا مازلت أحبها ولن أكف عن تذكر لحظاتي معها حتى أموت».

اجمالي القراءات 1255