عودة الحياة لمدينة "الدورة" المعقل السابق لتنظيم القاعدة

في الأربعاء ٣٠ - يناير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

مدينة الدورة أو "قندهار العراق" كانت واحدة من أشد مناطق بغداد خطورة. لا يأمن أن يمر عبر طريقها الخارجي "السريع" أحد خوفاً من عصابات الارهاب التي كانت تسيطر على المدينة، فلو أوقفت سيارة أجرة وطلبت الذهاب إلى "الدورة" فإن السائق لن يجيبك لأنه سينطلق من أمامك مسرعاً.
أما اذا كنت في الجانب الشرقي من بغداد، فإنك لن تصل الى الدورة ولن تجد أحداً يقلك اليها بل إنك لن تجرؤ على ذكر اسم تلك المنطقة إطلاقا.
الدورة، المدينة المسالمة بأهلها والمتعددة الطوائف فيها (السنة والشيعة والمسيح والصابئة) كانت تعيش بسلام الى ان تسللت اليهم عصابة القاعدة لتجلب لهم الخراب.
أصبحت الدورة أول مدينة تشهد تهجير قسري لابنائها وأول مدينة يقتل فيها الناس باسم المذهب وباسم الدين فلم ينج المسيحي ولا الصابئي ولا الشيعي من جرائم القاعدة.
وحتى من بقي في هذه المنطقة كان تحت مطرقة المتشددين وتحت سلطة قوانينهم الملصقة على واجهات المحال وعلى اعمدة الكهرباء. تقرأ في ملصق "عليك أن تطلق اللحية ومن يخالف فعقوبته الرجم". "المدارس بدعة والمخالف يرجم"، "بيع السكائر بدعة والمخالف يرجم"، ..... والكثير من الممنوعات في جمهورية الخوف الاسلامية. وفي حي آسيا المرعب الذي أصبح معقل القاعدة العرب فهم يجبرون أهل الحي على تزويج بناتهم للإرهابيين الذين جاؤوا من سوريا والسعودية وليبيا.
كان هذا هو حال منطقة الدورة قبل أن تصل اليها القوات الأمنية ضمن خطة فرض القانون وبعد معارك طويلة استمرت لأشهر انهزمت القاعدة وانتصر أهالي الدورة.
اليوم وبعد أن عاد الأمان وتهدم وكر الارهاب عاد الناس لممارسة حياتهم الاعتيادية وأنا أتجول في أروقة أحياء من الدورة كان من المحال التفكير قبل اشهر بالذهاب إليها كحي الميكانيك وحي الصحة وحي اسيا الخطير رأيت العديد من الشباب والعوائل في مقهى للانترنيت لمحادثة إما اصدقاء لهم أو أقاربهم المقيمين خارج العراق.
تقول ايناس سالم "شقيقتي خارج العراق الآن مع زوجها ونحن ناتي هنا كل اسبوع بموعد محدد لمحادثتها عن طريق الانترنيت". وعند سوالي لها هل كانت خدمة الانترنيت متوفرة سابقا في عهد طالبان أجابت ضاحكة: (ممنوع!!).
وفي ختام جولتي شاهدت العديد من طلبة المدارس وهم يهمون بالخروج من مدارسهم للعودة الى البيت بعد أداء امتحانات نصف السنة وهم فرحون فقد اختفت العوائق عن طريقهم من نفايات أو انقاض أو مياه مجار أو أماكن مهجورة تثير الرعب في نفوسهم خاصة بعد عمليات الاعمار التي قامت بها أمانة بغداد.

صاحب محل للملابس الرجالية قال: لقد عانينا الكثير في الفترة الماضية حتى انني أغلقت المحل وقمت بتصفية بضاعتي وسافرت خارج العراق لأبحث عن لقمة العيش تاركاً ورائي عائلتي هنا. ولكن الآن بعدما عم الامان في المنطقة. عدت وفتحت أبواب محلي والآن أنا أشتري بضاعة للمحل بمعدل مرتين في الاسبوع لان حركة الشراء انتعشت بصورة جيدة.
في محل لبيع الملابس النسائية قال احمد وهو صاحب المحل: كانت العناصر الارهابية تشرع قوانين خاصة بملابس النساء فالبنطلون ممنوع والبدي ممنوع ولكن الان الملابس النسائية المعاصرة موجودة في وحركة الشراء قوية.
شاهدت عمال النظافة بصدرياتهم البرتقالية يقومون برفع النفايات وتنظيف الشوارع وها هم عمال صيانة الكهرباء يجوبون المنطقة بسيارتهم (البيك اب) لاجراء الصيانة للمحولات المعطوبة والاسلاك المقطوعة.
وهناك عمال من اهالي المنطقة يقومون بمد اسلاك كهربائية للمولدات الجديدة التي نصبت في المنطقة وهي مولدات تعمل مناوبة مع الكهرباء الوطنية. عمال في كل مكان لرفع انقاض السيارات المحترقة وفتح المجاري العامة.
أحسست الآن بأن الحياة بدأت تعود لمنطقة الدورة يقول عمر وهو يهم برمي كيس النفايات في المكان المخصص له "نحن سعداء لما يحصل من تطور في منطقتنا هذه المنطقة التي اسكنها منذ اكثر من 35 سنة فقد فقدنا الكثير من الخدمات في تلك الفترة السابقة ولكن الان عادت ولكن ليست بنسبة 100%.

اجمالي القراءات 4389