هل القنوت الفضائية هي طريقنا للجنة؟؟

في الخميس ٣٠ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

8/18/2010 1:01:00 PM

محمد رفعت - مصراوي - الطريق إلى الجنة لا يمر بشاشة التليفزيون، كما تدعى إحدى الفضائيات الدينية الخاصة فى إعلاناتها عن القناة وبرامجها.

والطابع التجارى الذى يغلب على معظم هذه القنوات ويحولها إلى حارة من حارات العتبة أو شارع الموسكى حيث يتم الإعلان عن السلع الرخيصة ووصفات العلاج بالأعشاب والتداوى بالعسل وحبة البركة، يذكرني ببعض الباعة الحواة الذين كان يلتف حولهم الناس زمان ليشتروا بودرة العفريت وزجاجات الدهان العجيبة التى تعيد الشيخ إلى صباه وتعالج كل الأمراض بداية من العجز الجنسي وحتى القلب والسرطان.

والمادة الفكرية والمحتوى الثقافي الذى تروج له معظم هذه الفضائيات لا يختلف كثيراً عن نوعية السلع التى تحاول أن تغرى مشاهديها بشرائها، وهى لا تخرج عادة عن نفس الأفكار العقيمة والرؤى السقيمة والقضايا الجدلية والمناقشات البيزنطية التى تشغل الناس بما لا يفيدهم أو ينفعهم فى أمور الدنيا أو الدين.

وكثير من برامج هذه الفضائيات الدينية ليس سوى إعادة إنتاج لنفس الفكر الذى تروج له كتب الأرصفة المشغولة بالثعبان الأقرع وعلامات الساعة وعذاب القبر وحوارات الجن مع الإنس وكيفية الوقاية من المس والسحر، وغيرها من الموضوعات ذات الشعبية الواسعة والتى اتفق معظم كبار العلماء على النهى عن الخوض فيها أو الإنشغال بها والاستغراق فى مناقشتها لأن كلها قضايا خلافية لم يقطع فيها أحد برأى، والوصول إلى نتيجة محددة فيها من الأمور المستحيلة، وهى فى المحصلة النهائية من باب العلم الذى لا ينفع.

والحقيقة أنه لم يعد يدهشني هذا الإقبال الواضح والمتزايد من قطاعات كبيرة من الناس على مشاهدة مثل هذه القنوات، وتحول معظم شيوخها إلى نجوم يتم ترويج رحلات العمرة والحج السياحي باسمهم، لأنها تلبي حاجة ملحة للتثقيف الدينى، لدرجة أن مشاهدة البعض لمثل هذه القنوات أصبح فى حد ذاته نوعاً من التدين أو دليلاً عليه من وجهة نظرهم؟

فضلاً عن أن الأداء التمثيلي المؤثر والتلاعب بنبرات الصوت والملامح الشكلية لكثير من الدعاة فى تلك القنوات يزيد من جذب جمهور المشاهدين لمتابعتهم أينما حلوا والانفعال معهم لمشاهدتهم من قناة إلى أخرى خاصةً بعد أن تراجعت إلى حد ملحوظ شعبية بعض الدعاة العصريين من مدرسة عمرو خالد، وعادت من جديد صورة الواعظ التقليدى لتحتل مقدمة المشهد.

وقد ساعد هؤلاء على الإنفراد بالمشاهد استمرار البرامج الدينية فى المحطات التليفزيونية الأرضية والفضائية المصرية على نفس الأسلوب العقيم فى المعالجة والتناول، رغم أن التليفزيون المصري هو الذى صنع شعبية معظم شيوخ الفضائيات الآن.

ولا شك أن قطاع البرامج الدينية فى التليفزيون يحتاج إلى وقفة حقيقية لتطويره وتجديد دمائه، ولا بديل عن إطلاق قناة تليفزيونية متخصصة تقدم للناس الدين الوسطى المتسامح والثقافة الدينية الحقيقية والفتاوى الموثوقة، بعيداً عن "تخريفات" بعض دعاة الفضائيات، ومن انتكاسات معظم الدعاة الجدد.

اجمالي القراءات 6347