ثورة المصريين في الولايات المتحدة الأمريكية

في الأربعاء ٢٨ - أبريل - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

ثورة المصريين في الولايات المتحدة الأمريكية

رشا عزب

ثورة المصريين في الولايات المتحدة الأمريكية
اشتعلت المعركة الانتخابية خارج حدود مصر أولا.. وهذه المرة، بدت التحركات المصرية في الخارج اكثر ظهورا وإثارة مما يحدث في الداخل، ففي الوقت الذي يعيش فيه الملايين داخل مصر دون بطاقات انتخابية ولا يشغلهم حتي المشاركة في اي انتخابات برلمانية او رئاسية، نجد قطاعات واسعة من المصريين في الخارج علي استعداد كامل للمشاركة في العملية الانتخابية وبالتحديد في الانتخابات الرئاسية المقبلة.. فالمصريون في الولايات الولايات المتحدة لديهم خطة متكاملة لانتزاع الحق الذي حرموا منه علي مدار عقود طويلة، وهذه الخطة بدات في الوضوح والاكتمال خاصة مع انتشار حمي البرادعي لدي المصريين في أوروبا وأمريكا، حيث لم يعد ممكنا أن يظل المصريون يعيشون علي الهامش أكثر من ذلك.. خاصة مع الاهتمام الخاص الذي عبر عنه البرادعي للجاليات المصرية في الخارج التي تقدر بالملايين، وهذا يعني أن جزءا كبيرا من المعركة الانتخابية الرئاسية المقبلة سيكون خارج الحدود وكذلك خارج السيطرة.

رأس الحربة في معركة المصريين ـ الأمريكيين تمثله عدة منظمات شكلها المصريون المهاجرون منذ سنوات، بعضه يتبني قضايا فئوية وبعضه يتبني قضايا وطنية، بعضها يحصل علي دعم كبير وغير محدود سواء ماليا أو معنويا من الإدارة الأمريكية وبعضها يرفض التمويل أو حتي الإشارة من بعيد او قريب لعلاقتهم بالسياسات الأمريكية.. وربما كان هذا الملف من الملفات الأكثر تعقيدا التي تواجه كل المصريين في الولايات المتحدة بالتحديد، حيث نجح الإعلام المصري الحكومي في ترسيخ انطباع أن كل المصريين الذين يطالبون بحقوقهم السياسية والاجتماعية في الولايات المتحدة يستخدمون آلية الضغط علي مصر من الخارج، بما يحمل من اشارات استعداء واضح علي الحكومة المصرية التي تدعي دوما أنها تمثل مصر وشعبها، ولذلك كانت هناك أزمة كبيرة تواجه جماعات المصريين الموجودة في أمريكا والتي تعارض سياسات النظام الحاكم في مصر في عمل اتصالات مباشرة مع قطاعات المعارضة في مصر، التي قد تري الاتصال بالمصريين في الخارج عملا مشبوها! ولذلك ظل المصريون في الخارج يلعبون في هامش بعيد دوما.

يوجد في الولايات المتحدة عدد غير قليل من المنظمات المصرية، ومن المعروف أن منظمات الأقباط تشكل رافدا رئيسيا فيها، لأنها الأكثر تنظيما ودعما ورعاية من الإدارة الأمريكية، وهذا ما دعا النظام ليؤكد ترسيخ فكرة أن المصريين ـ الأمريكيين يعملون ضد مصالح مصر، ولكن في الزاوية الأخري، توجد منظمات مصرية مثل "تحالف المصريين ـ الأمريكيين" الذي يتبني قضايا وطنية ليست لها علاقة بالقضايا الدينية أو الطائفية بالإضافة إلي رفض مؤسسي التحالف منذ 5 سنوات وبداية العمل الحصول علي تمويل من الإدارة الأمريكية بحيث يتم تمويل كل الأنشطة والفعاليات من جيوب المصريين انفسهم.. كما ظهر أيضا، ائتلاف المنظمات الأمريكية في الولايات المتحدة الذي ضم في تكوينه عددا كبيرا من المنظمات الصغيرة العدد والتأثير.. وبهذا كسرت المنظمات التي كونها المصريون في الخارج حاجز الصمت للبدء في إعادة تنظيم صفوفه لبدء المعركة المرتقبة.. بالإعلان عن رغبتهم في المشاركة واحداث تغيير في المشهد السياسي المصري.

المشترك الرئيسي بين تحالف المصريين ـ الأمريكيين، وائتلاف المنظمات المصرية، أن كليهما يقع علي منطقة المعارضة الصارخة التي ليس لديها حدود في انتقاد ما يحدث في مصر، ولذلك لاقت دعوة الجمعية الوطنية من اجل التغيير التي ظهرت مع إعلان البرادعي مرشحا محتملا في انتخابات الرئاسة المقبلة، قبولا واسعا وسط هذه المجموعات، واعتبره ذلك بادرة أمل لإحداث حراك سياسي قادم في مصر.. وبناء علي ذلك أودعت المنظمات المصرية في الولايات المتحدة بعض الخطط التي بدأت في تنفيذها خلال الفترة المقبلة. حيث اختار بعض مؤسسي تحالف المصريين ـ الأمريكيين زيارة القاهرة في الفترة الأخيرة اكثر من مرة، والتقي رئيس التحالف محمد الشاذلي بالدكتور محمد البرادعي في زيارته الأولي في فبراير الماضي، واتفقا فيما بينهما علي خطوط عريضة للتواصل وربط الفعاليات التي تحدث بالقاهرة وما يحدث في الولايات المتحدة، وفي الزيارة الثانية للبرادعي التقي المهندس صبري الباجا ممثلا عن التحالف لعرض ما يمكن إنجازه في الشهور المقبلة بالإضافة إلي إطلاعه علي بعض الخطوات القانونية التي نفذها التحالف خلال الشهرين الماضيين.

التقت «الفجر» عدداً من مؤسسي تحالف المصريين ـ الأمريكيين الموجودين في القاهرة، وكان منهم الدكتور محمد كمال الصاوي الذي قدم لنا صورة قريبة لأوضاع المصريين في الولايات المتحدة وتفاصيل خطتهم المقبلة للمشاركة في العملية السياسية بمصر.. الدكتور كمال قال لنا إن المصريين الذين دخلوا إلي الولايات المتحدة تم تقسيمهم إلي ثلاث موجات، الموجة الأولي وهي التي دخلت بعد أحداث ثورة يوليو عام 1952 وضمت الذين تضرروا من الأوضاع الاشتراكية الجديدة ومصادرة الأراضي وضياع النفوذ الإقطاعي، وكان اغلبهم امراء سابقين أو اصحاب نفوذ سابق في الدولة المصرية، واستقر بهؤلاء الحال في أمريكا لعدم امكانية الرجوع إلي مصر في الأوضاع الجديدة، أما الموجة الثانية فهي التي بدأت بعد نكسة يونيو 1967 وكانت تضم بعض المبعوثين من الطلاب والراغبين في استكمال تعليمهم في جامعات الولايات المتحدة، بالإضافة إلي بعض الهاربين من النظام السياسي المصري سواء من اليسار او الاخوان، أما الموجه الثالثة والأخيرة فدخلت الولايات المتحدة مع اوائل الثمانينيات لتحسين مستواهم المعيشي والاجتماعي هربا من الظروف الطاحنة التي ضربت مصر علي المستويين السياسي والاجتماعي.. واشار الدكتور كمال إلي انه شخصيا ينتمي للموجة الثانية التي دخلت الولايات المتحدة من اجل استكمال دراسته العليا والحصول علي درجة الدكتوراة في العلوم السياسية من جامعة جون هوبكنز منذ عام 1972 لكنه وجد فرصته في العمل بعد ذلك هناك واستمر به الحال حتي الآن. واشار كمال إلي أن التنظيمات السياسية للمصريين في الخارج لم تكن قوية بما يكفي خلال السنوات الماضية رغم أن المجتمع الأمريكي مجتمع مهاجرين بالأساس، وتنظم كل جنسية جيتوهات كبيرة حتي تم الاعتراف بقوتها داخل المجتمع الأمريكي وداخل العملية الانتخابية ونجح في ذلك اليهود بقوة ويحاول "الانجلو ـ ساكسون" فعل نفس الشيء الآن.. وهذا ما يحاول المصريون فعله الآن من خلال عملهم "كظهير وطني في الخارج" للشعب المصري في الداخل وليس للحكومة المصرية، خاصة بعدما احترقت ورقة الأقباط لدي قطاعات واسعة في المجتمع المصري واعتبرها البعض ورقة لتشويه صورة المصريين الأمريكيين. وعن فكرة التحالف قال الدكتور كمال إن هذه الفكرة نشأت منذ عام 2005 عندما بدأ الشارع السياسي في مصر بالتحرك في قضايا الإصلاح الداخلية، فتم تأسيس التحالف كجمعية مشهرة وفقا للقانون الأمريكي بولاية فلوريدا علي ثلاثة اسس (تمكين المصريين ـ الأمريكيين من حقوقهم السياسية، التنمية الشاملة، العدل الاجتماعي لتوزيع الثروات في مصر) وبدأ التحالف بالتحرك في اوساط المصريين لهدف واحد وهو تجميع المصريين لتشكيل كتلة حرجة للنظام بحيث تصبح نواة للوبي مصري حقيقي يمثل الشعب ويقف في مواجهة النظام المصري من جهة ويضغط علي النظام الأمريكي من جهة أخري، خاصة أن عددا كبيرا من المصريين البالغ عددهم 750 ألفا يحتل عدداً من المواقع الحساسة في الأجهزة الأمريكية المختلفة. بالإضافة إلي لعب دور سياسي في الشارع الأمريكي والمؤسسات المهمة مثل الكونجرس والبيت الأبيض، شريطة ألا تتعارض هذه السياسات مع مصالح الشعب المصري وأهدافه من التغيير.

الخطة الرئيسية للتحالف كما عبر عنها الدكتور محمد كمال الصاوي، بدأت بالعمل في الأقاليم الصغيرة والولايات المختلفة وبالتحديد من 7 ولايات أمريكية يتمركز فيها المصريون تبدأ من الساحل الشرقي حتي الساحل الغربي للولايات المتحدة، حيث يجتمع المصريون في حفلات ولقاءات اجتماعية، حسب كل اقليم خاصة المجموعة التي جاءت مع الموجة الثانية منذ السبعينيات وصار لديهم خبرة كافية في الواقع السياسي المصري والأمريكي، ومن خلال اللقاءات، استشعر الجميع أن هناك اتفاقا علي مبدأ التغيير وأن هناك حاجة ماسة إلي تشكيل جبهة من المصريين في الخارج في الولايات المتحدة أولا، بحيث يصبح الهدف النهائي هو تشكيل هيئة لجميع المصريين في الخارج سواء في أوروبا والولايات المتحدة والدول العربية.

المهندس صبري الباجا عضو التحالف الذي التقي الدكتور البرادعي مؤخرا، أكد أن التحالف فتح جبهة أخري للعمل والمشاركة السياسية، عن طريق بحث الوضع القانوني لمطالبهم، حيث اجتمع عدد من اعضاء تحالف المصريين ـ الأمريكيين مع لجنة قانونية تضم الدكتور يحيي الجمل والمستشار الخضيري لصياغة المطالب بشكل قانوني وبناء علي ذلك، تم ارسال ثلاث خطابات رسمية من التحالف إلي وزراء العدل والداخلية والخارجية يطالبون فيه بتجديد الرقم القومي وحصر اعداد المصريين في الولايات المتحدة حتي يتمكنوا من التصويت في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

اجمالي القراءات 5706