المحكمة الخاصة بلبنان: إدانة متهم واحد وتبرئة ثلاثة من جريمة اغتيال رفيق الحريري

في الثلاثاء ١٨ - أغسطس - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

أدانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان اليوم متهما واحدا في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، في حين برأت ثلاثة متهمين من الضلوع في الجريمة التي حدثت في مارس/آذار 2005، وقد دعا الرئيس اللبناني ميشيال عون إلى تقبّل قرارات المحكمة.

وقالت المحكمة في جلسة النطق بالحكم إن الأدلة تثبت تورط سليم عياش في عملية اغتيال الحريري عمدا وعن سابق إصرار، في حين لم تثبت لدى المحكمة أي أدلة على ضلوع أسد صبرا وحسين عنيسي في اغتيال الحريري، وبرأت أيضا حسن مرعي من تهمة تنسيق عملية الاغتيال، وأدانت المحكمة كل من صبرا وعنيسي بتهمة تضليل المحكمة. وذكرت المحكمة أنه أمام دفاع المدانين شهر للرد على منطوق الحكم أو طلب الاستئناف عليه.

وقالت القاضية ميشلين بريدي، وهي تقرأ ملخصا للحكم الصادر في 2600 صفحة، إن المحكمة الخاصة بلبنان "مطمئنة بدرجة لا تدع مجالا لشك منطقي إلى أن الأدلة تظهر أن سليم عياش استخدم الهاتف". وأضافت "أكدت الأدلة أيضا أن السيد عياش كان ينتسب لحزب الله".

ويواجه عياش (65 عاما) عقوبة السجن المؤبد، والتهمة التي وجهت إليه هي قيادة الفريق المُنفّذ لعملية اغتيال رفيق الحريري. في حين اتهم كل من عنيسي (46 عاما) وصبرا (43 عاما) بتهمة تسجيل شريط فيديو مزيف يدّعي المسؤولية نيابة عن جماعة وهمية، ووُجهت لمرعي (54 عاما) اتهامات بالتورط في العملية.

لبناني يلوح بعلم بلاده أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان (غيتي)

سوريا وحزب الله
وقالت المحكمة في جلسة الحكم على المتهمين بالقضية إن اغتيال الحريري نفذ لأهداف سياسية، وإنه لا يوجد دليل على ضلوع سوريا وقادة في حزب الله في القضية. كما أكدت أن اغتيال الحريري نفذ بـ2500 كيلوغرام من المتفجرات، وأن "منهجا فوضويا اتبع في مسرح الجريمة"، وقالت إن قوى الأمن الداخلي أزالت من مكان الاغتيال أدلة مهمة منها سيارات موكب الحريري.

وكانت المحكمة وجهت لأربعة أشخاص تهم التآمر لارتكاب عمل إرهابي. وحذف اسم متهم خامس هو القيادي السابق في حزب الله مصطفى بدر الدين من اللائحة بعد اغتياله في سوريا عام 2016.

ورفض حزب الله تسليم المتهمين، ونفى الاتهامات الموجهة إليهم، مؤكدا عدم اعترافه بالمحكمة التي يعتبرها "مسيسة". وقال الأمين العام للحزب حسن نصر الله الجمعة الماضي، إن حزبه سيتعامل مع القرار الذي ستصدره المحكمة "وكأنه لم يصدر".

وقال القاضي ديفيد ري قارئا ملخص قرار المحكمة الذي جاء في 2600 صفحة، "ترى المحكمة أن سوريا وحزب الله ربما كانت لهما دوافع للقضاء على السيد الحريري وحلفائه السياسيين"، مؤكدا أنه ليس هناك دليل على أن قيادة حزب الله كان لها دور في عملية الاغتيال، و"ليس هناك دليل مباشر على ضلوع سوريا في الأمر". وأكدت المحكمة -خلال جلسة الحكم على المتهمين في القضية- أنها اعتمدت على اتصالات الهواتف الخلوية للوصول إلى المتهمين.

ردود الأفعال
وتعقيبا على قرار المحكمة، قال سعد الحريري رئيس الوزراء السابق وابن القتيل "نقبل بحكم المحكمة وبما استنتجته وهناك معطيات أخرى سيتم الكشف عنها لاحقا دون شك"، مضيفا أن "زمن ارتكاب جريمة إرهابية دون عقاب انتهى"، وأن "هدف الجريمة الإرهابية كان تغيير وجه لبنان ونظامه وهويته وهذا ما لا مساومة فيه"، ودعا سعد الحريري حزب الله إلى إظهار التعاون بعد قرار المحكمة الذي "أثبت أن شبكة منفذي جريمة الاغتيال من صفوفه".

 

ودعا الرئيس اللبناني ميشال عون إلى تقبل أي قرار يصدر عن المحكمة الدولية الخاصة بقضية اغتيال الحريري، وصرح عقب صدور الحكم إن "تحقيق العدالة في اغتيال الحريري يتجاوب مع رغبة الجميع في كشف ملابسات هذه الجريمة البشعة".

وكان من المتوقع أن تصدر المحكمة قرارها يوم 7 من الشهر الجاري، لكنها أجّلته بسبب انفجار مرفأ بيروت الذي وقع يوم 4 أغسطس/آب الجاري.

سعد الحريري حضر اليوم جلسة المحكمة الخاصة باغتيال والده (رويترز)

وبعد نحو 13 عاما على تأسيسها بموجب مرسوم صادر عن الأمم المتحدة، تنطق المحكمة بحكمها غيابيا بحق المتهمين الأربعة، وهم أعضاء في حزب الله، في قضية غيّرت وجه لبنان ودفعت لخروج القوات السورية منه بعد 30 عاما من الوصاية الأمنية والسياسية التي فرضتها دمشق.

وحضر سعد الحريري نجل رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الأسبق جلسة النطق بالحكم التي عقدت في الساعة التاسعة بتوقيت غرينتش بلايدشندام قرب لاهاي. وأعرب الحريري في بيان أصدره أواخر يوليو/تموز الماضي عن أمله في أن يكون صدور الحكم "يوما للحقيقة والعدالة من أجل لبنان".

وقال "لم نقطع الأمل يوما بالعدالة الدولية وكشف الحقيقة"، داعيا أنصاره إلى التحلي بالصبر و"تجنب الخوض في الأحكام والمبارزات الكلامية على وسائل التواصل الاجتماعي".

خلفيات الملف
وأُنشئت المحكمة يوم 13 ديسمبر/كانون الأول 2005 بناء على طلب قدمته الحكومة اللبنانية إلى الأمم المتحدة. وتوصل لبنان والأمم المتحدة إلى اتفاق بشأن المحكمة جعلته المنظمة الدولية نافذا من خلال إصدار مجلس الأمن الدولي قرارا برقم 1757.

ودخل قانون إنشاء المحكمة حيز التنفيذ يوم 10 يونيو/حزيران 2007، وعقدت أولى جلساتها العلنية بلاهاي في مارس/آذار 2009. وتضم المحكمة قضاة لبنانيين ودوليين، وليست تابعة للأمم المتحدة ولا جزءا من النظام القضائي اللبناني، غير أنها تقضي بموجب قانون العقوبات اللبناني.

اجمالي القراءات 1588