ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الأخر:
من علوم القرآن :القرآن والواقع الاجتماعى ( 4 )

احمد صبحى منصور   في الثلاثاء ٠١ - يونيو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً


 

لقرآن الكريم لغة الحياة ، وما يقوله القرآن عن البشر يتجسد واقعا في حياة الناس ولا تملك إلا أن تقول ، صدق الله العظيم "   

مقالات متعلقة :

  ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الأخر

1 ـ يذكر القرآن أن الأعراب أشد الناس كفرا ونفاقا ، كما يذكر أن من الأعراب من يؤمن بالله واليوم الأخر ويراعي حدود الله تعالى " الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌtilde; (97) وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (98) وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ : التوبة 97: 99 " .

2 ـ وبعد أن قطع الخليفة المتوكل الأعراب والعرب من الجيش العباسي أصبح أولئك في مصر عنصر اضطراب وقلق ، يثيرون الفتن ويقطعون السبيل خصوصا عندما يضعف شأن الحاكم في الفسطاط أو في القاهرة ، ولكن لم يخل الأمر من وجود نبلاء وعظماء في الأخلاق بين الأعراب .

ويظهر هذا في تلك القصة التي راواها أحمد بن يوسف الكاتب الطولوني في كتاب " المكافأة " وقد ذكرها له أحمد بن دعيم أحد قادة ابن طولون .

وملخص القصة أن أحمد بن طولون أثناء انفراده بحكم مصر ولى أحمد بن دعيم على الصعيد الأوسط ، وحدث أن ثار الأعراب في المنطقة بزعامة سوار القرني فتأهب ابن دعيم لجمع الأخبار عن ذلك الثائر ، وعرف أن أحد كبار الأعراب قد أصبح من أتباعه ، فكتب لابن طولون بما عرف فأمره ابن طولون باعتقال ذلك الأعرابي وإحضاره إليه ليحقق معه بنفسه . ولم يمانع الأعرابي واستسلم بلا مقاومة ، وسار ابن دعيم بالأعرابي في حراسة مشددة . وفوجئ في الطريق بجماعة من التجار معهم شاب من الأعراب يرجونه بإطلاق سراح ذلك الإعرابي في مقابل خمسمائة دينار يدفعها ذلك الشاب الأعرابي ، فقال لهم ابن دعيم : قد أعلمت به الأمير وهو ينتظره وقد خرج الأمر من يدي . فقال له الشاب الأعرابي : " إذن خذ الخمسمائة دينار وأطلق سراحه وضعني مكانه " فذهب ابن دعيم للأعرابي الشيخ الأسير وقال له : لقد كنت مغموما بسببك والآن جاء أوان خلاصك فإن شابا أعرابيا يعرض أن يكون مكانك وتفوز بالحرية وسيدفع لي خمسمائة دينار مقابل ذلك " فتعجب الشيخ الأعرابي وطلب رؤية ذلك الشاب ، فلما رآه اعرض عنه وقال له : " أمض لشأنك " ، ورفض العرض ، وقال لابن دعيم : " لا يحسن بشيخ مثلي أن يأخذ أجرا على المعروف ، فهذا شاب أغارت عليه عصابة لصوص فأنقذته منها ، وهو يريد أن يرد لي المعروف بأن يضع نفسه في قبضة ابن طولون ولن يخرج من قبضته إلا قتيلا . وهذا ما لا أرضى به لشاب مثله " .

ورفض الشاب ورجا الشيخ أن يقبل العرض ، وبكى له وهو يقول " أنشدك الله أن تقبل مني ما بذلته لك ، فإن هذا المعروف يطوق عنقي . وإن عارا على الكريم  أن يموت وعليه دين من ديون المعروف " فقال له الشيخ " إذا رأيت عصابة تحيط برجل فخلصته مما هو فيه فإنك بذلك تكون قد أوفيت لي المعروف الذي صنعته لك " فأكب الشاب على قدمي الشيخ يقبلهما ، وأعطاه ما معه من أموال ، فرفضها الشيخ وانصرف الشاب حسيرا .

ووصل ابن دعيم بالشيخ الأعرابي إلى ابن طولون وحكى له القصة فأعجب بشهامة الشيخ الأعرابي وأطلق سراحه وبعث في طلب الشاب الأعرابي الآخر وأكرمه وجعلهما في الديوان عنده وأصبحا من حاشيته .

3 ـ يبقى ان نقول إن من عظمة القرآن أنه لا يطلق حكما مطلقا على اى مجموعة بشرية لا تزال على الأرض حية تسعى ، سواء من أهل الكتاب أو من الأعراب أو من اى مجموعة من الناس . الأحكام المطلقة فى النسق القرآنى تنطبق على صفات بشرية مثل الكفر والايمان و الظلم و الفسق و التقوى والبر و الاحسان والتوبة وغيرها ،  وهى بطبعها صفات متغيرة متحركة غير لازمة ، ويظل الانسان قابلا لهذه او تلك طبقا لحركته فىىالحياة وقابليته لهذه وتلك الى أن يموت وقد تحدد مصيره ودرجته الى يلقى بها الله جل وعلا يوم القيامة . عندها فقط يكون الحكم عليه مطلقا . 

هذه المقالة تمت قرائتها 345 مرة

التعليقات (6)
[48149]   تعليق بواسطة  سوسن طاهر     - 2010-05-30
القرآن مرآة للمجتمع ..

من عظمة القرآن أنه مرآة للمجتمع أي مجتمع بما فيه من آيات عظيمة تنطبق على البشر في كل احوالهم سواء اكنت خيرة أو شريرة ، وأتفق مع الدكتور أحمد عندما قال ان القرآن ليس فيه حكم مطلق على أي جماعة بشرية ما زالت تعيش على ظهر الأرض قابلة للخير والشر حسب فعلها ..


إن القرآن تجد فيه حديث عن فرعون وحاشيته وعن المستضعفين ومشاكلهم النفسية من أهل الكتاب ومن غيرهم ،وعن الذين يتبعون الشهوات ، وعن الذين في قلوبهم مرض ،وعن الذين تحسبهم أغنياء من التعفف ،وعن الذين يسألون الناس إلحافا ،وعن المرأة التي زوجها كافر وعن الزوجة الكافرة المتزوجة من نبي ..الــــــخ ..


هناك مئات التصنيفات التي تنطبق على البشر في كل زمان ومكان وصدق الله العظيم القائل في أربع مواضع في سورة القمر


1 - { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } القمر17

2 - { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } القمر22

3 - { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } القمر32

4 - { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } القمر40


فأين المدكر الذي لا يتهم القرآن بالنقصان ؟؟؟؟

 

[48151]   تعليق بواسطة  خـــالد ســالـم     - 2010-05-30
إن من عظمة القرآن أنه لا يطلق حكما مطلقا على اى مجموعة بشرية لا تزال على الأرض حية تسعى

تعليقي سيكون على تلك العبارة


((إن من عظمة القرآن أنه لا يطلق حكما مطلقا على اى مجموعة بشرية لا تزال على الأرض حية تسعى ، سواء من أهل الكتاب أو من الأعراب أو من اى مجموعة من الناس))


 


وأقول فيها أن أتباع التدين السنى الوهابي المتطرف سرعان ما يطلقون صفات على أى إنسان أو مجتمع بمجرد ظهور بعض السلوكيات البسيطة من هذا الشخص أو تلك المجتمع فعلى سبيل المثال هم يتهمون أى إنسان يفكر ويتدبر فى القرآن ويرفض السنة بأنه يريد هدم الاسلام ويصفونه بالكفر وصفا مطلقا لا رجعة فيه ، كما يصفون أى سيدة لا تلتزم بالنقاب والحجاب بأنها فاجرة وتمارس الفجور دون أن يعرفوا عنها أى شيء ، كما يصفون المجتمعات الغربية بأنها مجتمعات منحلة فاسقة فاجرة وصفا عاما شاملا كاملا وكأنهم قاموا بمراقبة سكان هذه المجتمعات فردا فردا ، ولأنهم بعيدون عن كلام الله القرآن الكريم الذي يقول فيه ربنا (( الأعراب أشد كفرا ونفاقا )) لكن ربنا جل وعلا لا يترك الأمر على إطلاقه ثم يقول جل وعلا (((وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ : التوبة 97: 99 " .


على الرغم أن المولى عز وجل هو من خلق الأعراب ويعرف كل شيء عنهم إلا أن كلامه جل وعلا يعطي فرصة لكل إنسان أن يتغير من الكفر إلى الإيمان ومن الضلال إلى الهدى ، وهذا هو الله خالقنا جل وعلا لكن البشر الضعفاء الجهلاء لا يريدون إعطاء الانسان تلك الفرصة ويحكمون عليه ويريدن تنفيذ الاحكم بأنفسهم فى الدنيا على الرغم ان المولى عز وجل يرجيء الحكم والحساب لكل إنسان حتى تنتهى علاقته بالدنيا ليعطيه الفرصة والحق فى التصحيح والرجوع والتوبة طالما بقى على قيد الحياة أو بقى حى يرزق


سبحان الله

 

[48152]   تعليق بواسطة  زهير قوطرش     - 2010-05-30
الأخ الدكتور أحمد

أشكرك يا أخي على هذه اللفتة المعبرة عن موقف القرآن الكريم من الواقع الاجتماعي ,وخاصة تعقيبك الأخير ,في أن الصفات البشرية ,هي صفات متحركة ,وهي تابعة لحركة الحياة ,والظروف والمحيط ...فلا يمكن أن أصف إنساناً بالكفر ,أو الإيمان أو غيرها من الصفات الأخرى ,وكأنها صفة لا تتغير ولا تتبدل وتبقى  صفته الثابته  إلى يوم الدين .فلو أقررنا بذلك لكان ظلماً عظيماً.


المعارف الإنسانية ,والتي استنبطها البشر من خلال التجارب الطويلة في دراسة الإنسان ,توصلوا إلى أن الإنسان مخلوق اجتماعي ,ويتأثر دائماً بالظروف التي يعيشها والمحيط الذي يعيش فيه .أي الإنسان ابن بيئته الاقتصادية والثقافية والاجتماعية .وكم أحب استنباط هذه المعاني من آيات القرآن الكريم .

 

[48164]   تعليق بواسطة  عبدالمجيد سالم     - 2010-05-31
انظر للإسلام وأنظر للمسلمين ..!!

الناظر للإسلام ممثلا في كتابه الوحيد القرآن الكريم يجد ان الله سبحانه وتعالى يقول أن الأكرم هو الأتقى .. وليس صاحب الحسب ولا النسب ولا المال ولا السلطة ولا النفوذ ولا الأبيض ولا الأسود ..حتى أن الله سبحانه وتعالى لم يذكر جماعة بشرية مرتبطة بصفة واحدة لا تتغير ، والدليل موقف القرآن من الأعراب كمثال كما وضح الدكتور احمد في مقاله .. 
 


ولكن أنظر إلى المسلمين وحالهم وحالتهم تجد التحيز واضحا في اديانهم الأرضية .. فتجد أن مصر فيها خير أجناد الأرض .أي هم خير ممن حاربو في بدر واحد والأحزاب مع النبي عليه السلام ..


وتجد ان هناك أحاديث تقصر الخلافة على قريش وكأن قريش فضلها الله على العالمين مهما أقترفت من آثام وحاربت الله ورسوله ..


وهذه التفرقة ليست في البشر فقط ولكنها إمتدت لباقي المخلوقات . فتجد حتى من يفرقون بين الحمر الأنسية فيحرمون أكلها بينما يقولون أن الحمر (الحمير ) الوحشية حلال أكلها ..


وتجد أيضا من يدعي ان الكلب الأسود نجس أما باقي الألوان فهي غير نجسة .. وتجد أيضا من يقول ان الكلب الذي يتعلم الصيد ليس نجسا بينما الكلاب الأخرى التي لم يحالفها الحظ نجسة مهما تنظفت ..

 

[48166]   تعليق بواسطة  نعمة علم الدين     - 2010-05-31
َمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً

العبرة بتقوى الله  , فمن يتقى الله فى عمله وفى حياته وفيمن حوله وعمل صالحا فإن الله يهديه إلى الطريق الصحيح ، فنجد من الناس من يتقى الله ومنهم من يضل لفترة من الزمان ثم تأتيه الهداية من رب العالمين فيتحول من طريق الضلال إلى طريق التقوى والعمل الصالح وسبحان من بدل من حال لحال ، ويوجد نوع آخر من الناس يبدأ بالطريق الصحيح ثم يضل وهناك من يمشى فى طريق الضلال دون رجعة , وسبحان الله العظيم إذ يقول " {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى }النجم32 .

 

[48180]   تعليق بواسطة  أيمن عباس     - 2010-06-01
القرآن مرآة الواقع .. أي واقع ..!!

 القرآن الكريم هو مرآة الواقع أي واقع سواء أكان هذا الواقع قديم قدم نزول القرآن ، او كان هذا الواقع حديث علي أيامنا هذه ..!! ويلحظ القارئ والمتدبر للقرآن الكريم .. ان القرآن بعلومه وآياته ليس غريبا عما نعيشه هذه الأيام كما انه لم يكن غريبا عما كان في الماضي ..


وهذا كون القرآن هو قول الله سبحانه وتعالى .. وكون الله سبحانه وتعالى هو خالق الزمان والمكان والإنسان أيضا .. لذلك فقول الله سبحانه وتعالى يسرى على كل زمان ومكان وهي خصوصية لكتاب الله عما سواه .ومن يحاول أن يجعل لنفسه هذه الخصوصية فهو بذلك يتقمص دور الله سبحانه وتعالى وخصوصيته ...

 
اجمالي القراءات 16909
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
باب علوم القرآن
اعجازات القرآن الكريم لا تنتهى.. ومنها اعجاز القصص القرآني الذى لا يحظي بالاهتمام و التدبر وهذه لمحات سريعة عن القصص القرآني :
more