خطاب أوباما... سقف التوقعات

عثمان محمد علي   في الإثنين ٠٨ - يونيو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً


خطاب أوباما... سقف التوقعات


د. جيمس الزغبي

بعد لقاءاته مع عدد من زعماء الشرق الأوسط، يسافر الرئيس أوباما هذا الأسبوع إلى مصر حيث سيلقي في 4 يونيو خطاباً موجهاً إلى العالم الإسلامي ينتظره الكثيرون؛ غير أن هناك عدداً من العناصر التي ينبغي أن يأخذها كل من الرئيس وجمهور مستمعيه في عين الاعتبار قبيل خطابه المنتظَر.



إن التوقعات بشأن الخطاب عالية، ولها ما يبررها، ذلك أن أوباما طيلة مشواره الرئاسي القصير واللافت في آن واحد، أظهر ميلا إلى التعرض للمواضيع الكبرى في خطابات ذات زخم. وعلى هذه الخلفية، فإنه من المعقول والمنطقي أن يتوقع الكثيرون في العالم العربي أن يلقي أوباما في القاهرة "خطاباً كبيراً"، كيف لا وهو نفسه يعد لهذا الخطاب ويتحدث عنه منذ أزيد من عام، حين أعلن لأول مرة خلال الحملة الانتخابية نيته السفر إلى الخارج للتحدث مباشرة إلى العالم الإسلامي. وبما أنه مسافر إلى القاهرة، قلب العالم العربي، فإنه من المعقول والمنطقي أيضاً أن تكون ثمة توقعات عالية بشأن كلامه عن مصدر القلق الأول الذي يقض مضاجع العرب أي النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وليس مجرد المرور عليه مرور الكرام في سياق الكلام.

لقد أحيا انتخاب أوباما الأمل بين العرب والمسلمين، ولكن ليس جميعهم؛ حيث يشير استطلاع للرأي أجريناه في "مؤسسة زغبي الدولية" مؤخراً في ستة بلدان عربية إلى أن نظرة الرأي العام إلى أوباما إيجابية عموما في الإمارات والمغرب والسعودية ولبنان، حيث هناك إعجاب بالخطوات الأولى التي اتخذها من أجل إصلاح ما تضرر من صورة أميركا، وإعادة بناء العلاقات الأميركية- العربية، وذلك خلافاً لنظرة رجل الشارع في مصر والأردن حيث مازال ثمة الكثير من الارتياب.

وعليه، فمن المهم أن يدرك الرئيس حين يسافر إلى مصر أنه سيواجه بلداً فيه رأي عام سلبي عموماً تجاه دور أميركا في المنطقة، وغير مقتنع بأن هذا الرئيس أو أي رئيس أميركي آخر، قادر على تغيير السياسات. فثلاثة أرباع المستجوَبين المصريين يبدون تقييماً سلبياً لعمله خلال الأشهر الثلاثة الأولى في منصبه، كما أن نسبة مماثلة تستبعد أن يكون "عادلا وغير منحاز في التعاطي مع النزاع العربي/ الإسرائيلي"، وهو الموضوع الذي يقول 60 في المئة من المصريين إنه التحدي الأهم الذي يواجه منطقتهم.

كل هذا يشير إلى العقبة الكأداء التي يتعين على أوباما صعودها في سعيه إلى إقناع جمهور مصري وعربي منهك بأنه ملتزم بتغيير الاتجاه بعد الزعامة الأميركية الفاشلة التي سبقته، وإن كان أوباما يواجه جمهوراً أكثر دعماً وتشجيعاً ربما في الإمارات أو السعودية، مقارنة مع مصر حيث سيلقي خطابه. ثم إنه في مصر حيث الرأي العام هو الأكثر إصابة بالإحباط بسبب التصرفات الإسرائيلية، والأقل اقتناعاً بآفاق تحقق سلام عادل وتبني الولايات المتحدة لموقف عادل وغير منحاز. بيد أن استمرار هذه المواقف السلبية القوية هو بالضبط الذي يجعل قرار أوباما الذهاب إلى مصر خياراً صائباً وصحيحاً. وبالنظر إلى حجم مصر وأهمية دورها في المنطقة، يمكن القول إنه إذا لم يستطع "بيع" رسالته هناك، فإنها لن تحدث تأثيرها المرجو ربما في أي مكان آخر.

إن ما يمكن الخروج به من هذه الاعتبارات هو حقيقة أنه على رغم التحديات الداخلية الكثيرة التي تواجه الرئيس الجديد، إلا أنه مصمم على مواجهة مشكلة رئيسية من مشاكل السياسة الخارجية، بشكل مباشر. وقد اختار القيام بذلك في بلد فيه الجمهور ربما هو الأكثر استعصاءً على الإقناع. وذلك ما يجعل التوقعات عالية. ولهذا يجب أن يكون هذا الخطاب أكثر من كليشيهات شائعة "نحن لسنا في حرب مع المسلمين" أو تكرار لرؤى فارغة من المحتوى، بل يجب أن يكون أكثر قوة وأهمية وتأثيراً. صحيح أنها مهمة صعبة، ولكن بالنظر إلى ما أظهره أوباما حتى الآن، فإنني أثق فيه ليؤكد صحة توقعاتي

اجمالي القراءات 6619
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق