قضية مازن"... والسياسات الإقصائية

جيمس زغبي   في الثلاثاء ١٢ - أغسطس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً


لقد كان عقد الثمانينيات فترة عصيبة بالنسبة لنا نحن العرب الأميركيين. فقد أوصد الساسة الأميركيون أبوابهم في وجوهنا، بينما لم يتردد البعض في تعليق لافتات كبيرة مصاحبة للدعاية الانتخابية لحملاتهم كتب عليها "لا يُسمح بمشاركة العرب الأميركيين". عندها كُنا قد وصفنا تلك السياسات بأنها "سياسات إقصائية". ولكن حدث بفضل الجهود الحثيثة والمضنية التي بذلها العرب الأميركيون، أن تغير الوضع ليدخل أبناء وبنات هذه الجالية، إلى قلب السياسات الأميركية، وينخرطوا في تيارها الرئيسي.







وضمن هذا التحول أعلنت حملة المرشح الرئاسي "الديمقراطي" باراك أوباما في 25 يوليو الماضي، عن تعيين مازن أصباحي بين أعضائها بهدف توسيع جهودها الرامية إلى الوصول إلى جالية العرب والمسلمين الأميركيين. وبصفته قانونياً شاباً -يعمل ممثلاً للادعاء- لم يكن مازن معروفاً بالنسبة للكثيرين من أفراد الجالية العربية والمسلمة الأميركية. إلا أنه تمكن من التكيف السريع مع منصبه الجديد، وبدأ اتصالاته مع قادة وناشطي كلتا الجاليتين، بهدف التعريف بنفسه، إلى جانب تطوير الوسائل التي تمكن قادة الجاليتين من الانخراط في حملة أوباما. وقد سررتُ جداً بلقائه، وبحديثه لي عن كون منصبه الجديد أتاح له فرصة رد بعض الجميل لبلاده وللجالية التي ينتمي إليها. وخلال المدة القصيرة التي تولى فيها منصبه في حملة أوباما، استطاع أن يفعل الكثير مما أشعر العرب والمسلمين الأميركيين بأنهم جزء من الحملة.




ثم حدث فجأة ما لم يكن في الحسبان. فقد نشر موقع Global Muslim Brotherhood Daily Report وهو موقع متخصص في الرصد اليومي ما مؤداه أن مازن أصباحي كان عضواً استشارياً بـ"صندوق الأصول المالية المؤتلفة" قبل ثماني سنوات. والحقيقة أن مازن لم يبق في عضوية الهيئة المذكورة سوى أسبوعين فحسب، ثم اضطر إلى تقديم استقالته، بسبب عدم رضاه عما كان يتردد من تعليقات وحديث عن الهيئة. غير أن هذه المدة القصيرة جداً التي ربطت بينه وبين الهيئة المذكورة، تحولت إلى مصدر رئيسي لرميه بسهام الاتهامات. أما التهمة الأخرى، فلها صلة بكونه أحد قادة اتحاد الطلاب الأميركيين المسلمين، بحكم انتمائه إلى هذه الجهة الشرعية المعترف بها قومياً، شأنه في ذلك شأن آلاف الطلاب الآخرين. ولكن الذي أضر بمازن مغالاة أحد المدونين الإلكترونيين اليمينيين في عدائه لكل ما هو عربي وإسلامي، في وصفه للمنظمة الطلابية المذكورة بأنها "جبهة وهابية" متطرفة. وما أن بث ذلك التعليق، حتى انهالت أوصاف واتهامات المدونين اليمينيين المتطرفين على مازن، إلى درجة أصبح من الصعب معها التعرف إليه حتى بيننا نحن أبناء جاليته! والمؤسف أن كبريات الصحف الأميركية مثل "وول ستريت جورنال" شاركت في هذه الحملة العدوانية الطائشة، ما أرغم مازن وحملة أوباما معاً، على قبول استقالته من المنصب الذي شغله فيها. وأصدر مازن بياناً قصيراً أعلن فيه تخليه عن منصبه التطوعي في الحملة، باعتباره منسقاً للأميركيين العرب والمسلمين، حرصاً منه على عدم تشتيت جهود حملة أوباما التي تستهدف التغيير في الأساس.



وفوق مشاعر الحزن التي خلفها هذا القرار في أوساط الجالية والحملة الانتخابية "الديمقراطية" معاً، ما يمكن تسجيله من ملاحظات على ما حدث. وفي مقدمتها هذا التحالف الإعلامي بين المواقع الإلكترونية المعادية والصحف الرئيسية غير المسؤولة، في النيل من مشاركة العرب والمسلمين في الحياة السياسية الأميركية، والسعي الى خلق بيئة قامعة لهذه المشاركة. ومن الملاحظات أيضاً تساؤل عن ماهية الموقع الإلكتروني المذكور الذي نشر المعلومة عن مازن، وعن أجندته وأهدافه؟ أما ثالثة الملاحظات، فتتعلق بهذا الخلط المتعمد من قبل المُعادين لكل ما هو عربي ومسلم، بين المسلمين العاديين من أمثال مازن وغيره، والمتطرفين الأشرار، وكأنه لا فارق بينهم البتة. والملاحظة الرابعة، عدم الاهتمام بمساءلة المواقع المذكورة عن مدى مصداقيتها، وتحميلها المسؤولية عن الأخطاء التي تنشرها بحق الأفراد. فمن العار أن ينشر المفترون ما شاؤوا من افتراءات، وأن تحذو حذوهم كبريات صحفنا، دون مساءلة ولا محاسبة على مصداقية وصحة الخبر.

اجمالي القراءات 6622
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق