(1)

من المسئول عن آلاف الشباب الذين يهربون من وطأة الفقر والبطالة بحثا عن لقمة عيش فيغرقون وتبتلعهم الأمواج ...؟ من المسئول عن تعذيب المواطنين المصريين في أقسام الشرطة وجلدهم وسحلهم وانتهاك أعراض زوجاتهم أمام أعينهم ...؟ من المسئول عن اصابة ملايين المصريين بالسرطان والفشل الكلوي من جراء المبيدات المسرطنة والأغذية الفاسدة ..؟ المسئول عن كل هذا الشقاء والظلم والفقر .. شخص واحد هو الرئيس حسني مبارك . في الدول الديمقراطية هناك مبدأ معروف اسمه المسئولية السياسية .. فيكون رئيس الوزراء في النظام البرلماني أو رئيس الجمهورية في النظام الجمهوري ، المسئول الأول عن كل ما يحدث في عهده ..هناك ، نواب للشعب جاءوا بانتخابات حرة ورأي عام يقظ يحاسب الرئيس بشدة ويدعو إلى اقالته اذا ارتكب ما يستوجب ذلك .وهم لا يسمحون للرئيس أبدا أن يحكم أكثر من فترتين ... أما عندنا في مصر فالرئيس مبارك يحتكر السلطة منذ أكثر من ربع قرن ..تدهورت خلالها أحوال البلد حتى وصلت إلى الحضيض لكن سيادة الرئيس يبدو وكأنه غير مسئول اطلاقا عما يحدث في عهده.. طالعتنا الصحف الحكومية بأن الرئيس مبارك سيلقي على الأمة بيانا تاريخيا وتوقعت أن يتحدث الرئيس عن الضحايا الذين يتساقطون كل يوم جراء الظلم والفساد والفقر والاهمال .. لكن الرئيس لم يقل كلمة واحدة عنهم .. لم يقل كلمة واحدة عن معاناة ملايين المصريين في عهده السعيد.. جاء خطاب مبارك كالعادة مجموعة من العبارات الانشائية العامة التي لا تعكس أي شيء محدد.. شيء محزن حقا ألا يحس الرئيس مبارك بآلام الناس ومعاناتهم .. والمحزن أكثر ان يقابل هذا الخطاب الانشائي في مجلس الشعب بتصفيق حاد وهتافات وأهازيج .. ولا نعرف لهذا التهريج سببا الا محاولة أعضاء الحزب الوطني وجماعات المنتفعين ارضاء الرئيس ومجاملته على حساب الوطن وأبنائه ..

يا سيادة الرئيس ان أكثر من نصف المصريين يعيشون حياة قد لا تقبل بها الحيوانات .. يا سيادة الرئيس إن ضحايا التعذيب والذين احترقوا في القطارات وضحايا عبارات الموت وشهداء الهجرة في عهدكم قد فاق عددهم ضحايا الاحتلال الانجليزي لمصر..!

تتحدثون عن مشروعكم النووي ..؟ ألم تسخروا من قبل طويلا من فكرة المفاعلات النووية فما الذي غير رأيكم..؟ أليس من الأجدي ياسيادة الرئيس أن تأمروا بايصال المياه إلى محافظات عديدة يتضور أهلها عطشا في بلاد النيل ..؟ ..سيادة الرئيس

ألم تشاهدوا صور أهالي الغرقي هربا من جحيم نظام الحكم الذي تمثلونه..؟

ألم ينقل لكم مكتبكم الصحفي وقائع تعذيب المواطنين في أقسام الشرطة تحت اشراف وزير الداخلية الذي عينتموه.. .سيادة الرئيس كل هؤلاء المصريين المسلوبة حقوقهم المهدرة كرامتهم .. ذنبهم في رقبتكم ..

سيادة الرئيس عش ماشئت فان الله سيتوفاك يوما ما.. وفي يوم القيامة لن تنفعك مباحث أمن الدولة ولا الأمن المركزي ولا العلاقة الخاصة المتميزة مع الولايات المتحدة .سوف تقف بين يدي الله عز وجل ليسألك عن كل هؤلاء الضحايا الذين سقطوا في عهدك .

ماذا أنت قائل يومئذ ياسيادة الرئيس ...؟

(2)

الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس ونائب البابا شنوده طلع علينا في جريدة "المصري اليوم" بتصريح غريب أكد فيه " أن جمال مبارك أفضل من يتولي رئاسة مصر في الوقت الحاضر .. لأنه رزين ومؤدب ويعمل في صمت "

وقد أدهشني هذا التصريح ودفعني للتساؤل : .. هل يكفي المرء أن يكون رزينا ومؤدبا ليكون أفضل من يتولي رئاسة البلد ؟.. ان معظم من أعرفهم يتمتعون بالرزانة والأدب فهل يصلحون جميعا للرئاسة ؟.. ثم ما معني أن يعمل جمال مبارك في صمت ؟.. معظم الناس يعملون في صمت فهل هذه صفة عظيمة نادرة تؤهل الانسان لرئاسة مصر ؟.. وهل يرضي الأنبا بيشوي لبلادنا أن يتم توريثها من الأب إلى الابن وكأنها مزرعة للدواجن ؟.. أليس من حق المصريين مثل بقية شعوب الأرض أن يختاروا بحرية من يحكمهم ..؟ والسؤال الأهم : هل يعبر الأنبا بيشوي عن رأيه الشخصي أم أن هذا رأي الكنيسة ..؟ ..وهل تملك الكنيسة السلطة الروحية على الأقباط أم أن دورها يتعدي ذلك إلى قيادتهم سياسيا ..؟ وماذا سوف تفعل مع الأقباط المعارضين للنظام مثل الأستاذ جورج اسحق ..؟ هل تعتبرهم مارقين عنها.. ؟ لا أعتقد أن الأنبا بيشوي يستطيع أن يدلي بتصريحات بهذه الخطورة دون موافقة البابا ورضاه ..كما أن البابا شنودة الذي أكن له كل الاحترام والمحبة قد دعا الأقباط أكثر من مرة إلى مبايعة الرئيس مبارك .. كل هذا يعكس أزمة حقيقية في موقف الكنيسة المصرية .. الواضح أن الكنيسة تؤازر نظام مبارك بكل قوة خوفا من وصول الاخوان إلى الحكم ..وهذا الموقف خطأ فادح لأنه يفصل بين المصلحة القبطية والمصلحة المصرية ويعطي الأولوية لمصلحة الأقباط على بقية المصريين .. وكأن الكنيسة بمؤازرتها للاستبداد تقول للحاكم :

" أعط الأقباط ما يطلبونه من حقوق وسوف نؤيدك بغض النظر عما سوف تفعله في بقية المصريين " وهذا موقف طائفي مؤسف ، غريب تماما عن تاريخ الكنيسة المصرية التي ساندت بكل قوتها كل حركات التحرر الوطني وقاومت دائما مخطط الاحتلال الانجليزي لاحداث الفتنة.. أثناء ثورة 1919 وقف القمص سرجيوس خطيبا في جامع الأزهر فقال:

" اذا كانت ذريعة الانجليز لاحتلال بلادنا هي حماية الأقباط .. فليمت الأقباط وليعش المسلمون أحرارا "

أتمني أن يعيد السيد بيشوي قراءة التاريخ العظيم للكنيسة التي يمثلها . ان الموقف الحقيقي للكنيسة مع الشعب وليس مع الاستبداد ... واجب الكنيسة أن تطالب بحقوق المصريين جميعا . ان مصر وطن الجميع . واذا تحررت مصر من الظلم والاستبداد فسوف نحصل جميعا على حقوقنا .. أقباطا ومسلمين ..

(3 )

بعد أن أتحفنا بفتواه الشهيرة عن شرب بول الرسول .. خرج علينا المفتي على جمعة بفتوي غريبة عن الفقراء الذين ضاقت بهم السبل في بلادهم وخاطروا بحياتهم من أجل لقمة العيش في دول الغرب ثم غرقوا في البحر .. أكد فيها أن هؤلاء ليسوا شهداء و لن يدخلوا الجنة أبدا لأنهم طماعون .. ولم تمض بضعة أيام أخري حتى أصدر فتوي أخري أغرب تؤكد أن من يقف أمام السيارة فتدهسه يكون هو الجاني على نفسه .. والغرض منها التغطية على جريمة شنعاء ارتكبها ضابط شرطة في المطرية عندما أمر سائق عربته بأن يدهس مواطنة مصرية اعترضت على هتك أعراض أهلها بواسطة رجال الشرطة .. كل هذه الفتاوي المجاملة للحكومة قد أثارت استياء بالغا في أوساط المصريين لكنني مع ذلك أجدها مفيدة .. فقد آن الأوان لأن نناقش دور رجل الدين في حياتنا .. ان رجل الدين في الواقع مثل القاضي ، ألا يجب يحكم الا ضميره فيما يطلقه من أحكام وفتاوي..وبالتالي يجب على رجل الدين أن يكون حرا ومستقلا كالقاضي سواء بسواء .. ولا يمكن أن يتحقق هذا الاستقلال اذا كان رجل الدين معينا من قبل الحكومة.. فالمعروف أن ولاء الموظف يكون دائما لمن عينه .. وبالتالي فان كل هؤلاء الشيوخ المعينين من الحكومة لا يتوافر لهم الاستقلال الكافي لكي يعبروا عن آرائهم بحرية .. ان معركة الحرية لا تتجزأ .. كما نطالب بتداول السلطة ونزاهة الانتخابات واستقلال القضاء عن الحكومة.. نتمني أن نري في مصر رجال دين مستقلين يواجهون الحكام بالحق وينتزعون منهم حقوق الناس .. كما يقضي الدين الصحيح .



كلمات للتأمل :





- "الناس مش عارفة تعيش من الفقر..احنا مش لاقيين العيش الحاف""

أحد أهالي شهداء الهجرة لجريدة "الوفد"

- "حوادث الغرق للمهاجرين المصريين مسئولة عنها الدول الأوروبية التي وعدت بفتح مشروعات في مصر للقضاء على البطالة ثم لم تف بوعودها"

جهاد عودة في جريدة "المصري اليوم "

- " .. أطفئوا السجائر في جسمه ..جلدوه وسحلوه وضربوه لغاية ما جاله رشح في المخ وفشل كلوي ..ومات" "هبة أخت المواطن أحمد صابر الذي قتله ضباط الشرطة في قسم العمرانية"

"في كفر الشيخ قام الضابطان سعد أحمد سعد وفؤاد زياد بتعذيب خمسة أطفال ثم قاموا بتجريدهم من ملابسهم وأمروهم بممارسة اللواط أمامهم ""

جريدة" الدستور "

"الرائد وليد نجا الضابط في قسم المطرية أمر سائق سيارة الشرطة بدهس الفتاة رضا بكير لأنها تعلقت بالسيارة .. وتحركت السيارة فسحلت الفتاة تحت عجلاتها حتى ماتت وتلطخ الشارع كله بدمائها"

من أقوال السائق أمام النيابة

"أيها الاخوة والأخوات .. أقولها لكم بوضوح .. ان مصر ليست فقط الأرض ..وانما العرض والكرامة أيضا" " (تصفيق حاد )