مؤتمر شيكاغو خطوة صحيحة على الطريق

د.م/ محمد منير مجاهد   في الإثنين ٢٩ - أكتوبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً


لا أتحمس كثيرا لاستخدام تعبير "أقباط المهجر" فالحقيقة أنه يوجد مصريون في المهجر وهؤلاء المصرين سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين هم امتداد للمصريين في مصر بكل مميزاتهم وعيوبهم وبكل تنوعهم الثقافي والسياسي والاجتماعي و.... الخ، والوجود في الخارج له ميزة الرؤية الكلية وبالتالي لا يتوه كثيرا في التفاصيل، رغم مخاطر فقدان الاتصال بالواقع.

مقالات متعلقة :

ومن الطبيعي أن يوجد من ضمن المصريين الذين اختاروا الهجرة الدائمة أو المؤقتة من ينشغل بتزايد تأثير الوهابيين في مصر سواء في المظهر أو في المخبر وما يستتبع هذا من تزايد مظاهر التمييز الديني في مصر، ومن الطبيعي أيضا أن يكون أكثر هؤلاء من المسيحيين المصريين لأنهم وأهلهم في مصر يتعرضون يوميا لمناخ هستيري ضد المسيحيين المصريين يحض على كراهيتهم وازدراء معتقداتهم الدينية بواسطة التيارات السلفية على اختلافها وبتغاضي أو تشجيع من الدولة عبر خطب الجوامع والكاسيت الديني والإعلام الرسمي والمؤسسات التعليمية، إضافة لمظاهر التمييز الديني الأخرى سواء من خلال التمييز في بناء دور العبادة أو في فرص التوظف وتدخل الدولة من خلال نظام محاصصة طائفية غير معلن للحد من وجود المسيحيين في الوظائف الكبرى والمناصب السياسية والأجهزة الحساسة (الشرطة – القوات المسلحة – المخابرات العامة - ...الخ).
ومن الطبيعي أيضا أن تتباين مواقف وآراء هؤلاء الناشطين في الخارج كما تتباين مواقف وآراء الناشطين في الداخل من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار فمنهم أقلية تعادي الإسلام والمسلمين وتروج لمقولة أن المسلمين هم أحفاد الغزاة والمستعمرين العرب، ولكن أغلبهم يطرح حل مشاكل الأقباط والأقليات الدينية في إطار المساواة بين جميع المواطنين المصريين في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في آليات ووسائل تحقيق هذا الهدف، فبعضهم يؤمن بالحوار مع النظام، وبعضهم يري أن الأقباط كالمسلمين يعانون من غياب ثقافة التعدد وأن الحل في حرية شاملة للجميع، وآخرون يعتقدون أن الحل في إحراج النظام أمام المجتمع الدولي، وبعضهم يري الأمل في التعاون مع المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني في الداخل لتحريك المطالب القبطية والبعض الآخر يري النضال في تفعيل حقوق المواطنة المنصوص عليها في الدستور.
وقد تابعت وغيري من المهتمين بمناهضة التمييز الديني المؤتمر القبطي العالمي الذي عقد بمدينة شيكاغو يومي 20 و21 أكتوبر 2007 والذي حمل عنوان القضية القبطية - معالجة جديدة.. الواقع والآليات، وهو المؤتمر الذي استضافه ورعاه (التجمع القبطي في أمريكا)، وضم نخبة من نشطاء الأقباط في الولايات المتحدة ومن الهيئات والمنظمات القبطية في استراليا وفرنسا وسويسرا وكندا وإنجلترا وعددا من المحامين الأقباط من الوطن الأم، مصر.
كما تابعت وغيري الهجوم المنسق على مؤتمر شيكاغو الذي شنته الصحف الحكومية وحزب شباب مصر الكرتوني مع ثلة من الأحزاب الكرتونية في مدينة السنبلاوين بالدقهلية، واتهامها لـ "أقباط الهجر" جميعا وبلا استثناء، بأنهم عملاء تحركهم أجندة الموساد والـ سي.أي إيه، ويأتمرون بتعليمات من أعداء الأمة قبل أن يبدأ المؤتمر، وقد طالعتنا جريدة الأهرام بتاريخ 27 أكتوبر – أي بعد نحو أسبوع من انتهاء المؤتمر – بخبر تقول فيه "انتقد عدد كبير من قيادات ومفكري الأقباط وخبراء حقوق الإنسان التوصيات التي طرحها مؤتمر الأقباط بالمهجر الذي عقد بولاية شيكاغو بالولايات المتحدة الأسبوع الماضي"، دون أن تعنى بالطبع بتوضيح من هم هؤلاء القيادات والمفكرين والخبراء.
فما هي التوصيات مؤتمر شيكاغو؟ وإلى من تتوجه؟
تتوجه هذه التوصيات إلى أربعة جهات هي: الدولة، والأقباط، والقوى المستنيرة ومؤسسات المجتمع المدني، والمسلمين.
بالنسبة للدولة يطلب المؤتمر تفعيل مواد الدستور التي تؤكد حق جميع المواطنين في مواطنة غير منقوصة، وكفالة الدولة لحرية العقيدة، وحرية ممارسة الشعائر الدينية، و تنقية الأنظمة الإعلامية، والمؤسسة التعليمية مما يحض على عدم احترام غير المسلمين من المواطنين، وتعيين الأفراد من الأقليات في المناصب الحكومية العليا، وأجهزة الأمن والمخابرات العامة وتأمين قبول وتعيين من يملك منهم المؤهلات المناسبة لشغل جميع الوظائف، وتأكيد الهوية "المصرية" والتعبير عن ذلك بإلغاء خانة الديانة من بطاقة الهوية، وتدريس التاريخ القبطي – كمرحلة من مراحل التاريخ المصري- بالمدارس، والجامعات. والالتزام بالعهود الدولية ومواثيق حقوق الإنسان التي تدين جميع ممارسات الاضطهاد الديني أو العرقي، وسن قانون يعاقب ممارسات الاضطهاد الديني أو العرقي في مجالات التوظيف والإسكان والإعلام وغيرها، وتأمين الحماية الأمنية الكاملة للأقليات، ومعاملتهم بكل احترام، والمساواة في عقاب عادل رادع لكل المخالفين والممارسين لأعمال العنف، وأخيرا مساعدة الأقليات – وعلى الأخص الأقباط- في الحصول على تمثيل برلماني مناسب، من خلال ما يسمى بالتمييز الإيجابي.
أما بالنسبة للأقباط فيدعوهم المؤتمر إلى توحيد الصف، والتعبير عن مطالبهم المنشودة بأنفسهم، ونزولهم إلى ميادين المشاركة السياسية، وممارسة الحقوق الدستورية المكفولة لهم، والعمل على تنمية الموارد المالية المساندة للحركة القبطية، بغية تأسيس مراكز للأبحاث والدراسات القبطية، وكذا المراكز الخاصة بالرصد والتسجيل الوثائقي للأحداث والوقائع المختلفة، والبدء في تأسيس نواة بث مرئي معني بالشأن القبطي.
ويدعو المؤتمر جميع القوى المستنيرة ومؤسسات المجتمع المدني إلى تبني المطالب المذكورة أعلاه، ومطالبة الدولة بتنفيذها، وتعزيز قيم الاحترام المتبادل بين المسيحيين والأغلبية المسلمة في مصر، كما يدعو المسلمين عامة إلى الوعي بأن هويتنا المصرية هي الهوية الأصيلة والباقية والمستمرة، ويحذر معاً أسماه فيروسات هويات غريبة اقتحمت بالفعل أجواء الوطن، ومن أن "لعبة" إلهائنا بقضايا اختلافنا يشجع الظلم على التمادي ويعطل قوى التصدي له، ويستنزفها فيما لصالحه.
لست أجد في أي من هذه التوصيات خيانة أو عمالة أو استقواء بالخارج كما قالت صحف الحكومة والأحزاب الكرتونية، بل أجدها في معظمها مطالب مشروعة تستحق المؤازرة والدعم، بل أجد مؤتمر شيكاغو خطوة جادة على الطريق لتفعيل النضال المسيحي-الإسلامي للتخلص من الطائفية والتمييز الديني في مصر، وأتمنى أن يعقد المؤتمر القادم هنا في مصر بمشاركة كل القوى المعنية بمناهضة التمييز الديني ودون استثناء، فالحقيقة أنه ليس غريبا أن تعقد مؤتمرات لمصريين في الخارج يناقشون فيها قضايا الوطن، ولكن الغريب حقا ألا تعقد مثل هذه المؤتمرات في مصر.
ولعل الأحزاب السياسية الحقيقية ومؤسسات المجتمع المدني تسعى إلى عقد مؤتمر موسع في مصر لمناقشة قضايا المسيحيين المصريين وغيرهم من غير المسلمين، يشارك فيه جميع النشطاء المصريين المعنيين بهذه القضايا سواء من داخل مصر أو خارجها.

اجمالي القراءات 9557
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   emadwaheep waheep     في   الثلاثاء ٣٠ - أكتوبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[12422]

لا خيانه يادكتور

سمعت في برنامج تلفزيوني لماذا لا يقام المؤتمر في مصر ياسلام ؟؟؟؟؟ويقولون ذلك بتعجب... لماذا هل لو طلبوا عمل المؤتمر في مصر سيوافقون (طبعا نحن نعيش ازهى ايام الديمقراطيه بالملوخيه ) ايه الكذب ده ان لم تستحي فقل ما شئت
ويقول ما يقولون انه قبطي وطنى انه يجب ان نحل هذه المشكله من الداخل ولى استفسار هل تم حل اي مشكله من قانون الطوارئ او سجن الناس بدون حق او التزوير او او مشكله العباره ولا مشكله القطارات ولا مشكله القضاه ولا مشكله النقابات ولا مشكله الامراض وفيروس سي ولالالالالالالالالالالالالا........ من الداخل برضه (على رأي ابي عالم بارده )
لى استفسار صغير استحلفكم بالله احد يفسر نظام ودوله لم تستطع ان تحل مشكله الزباله الموجوده في جميع الاقاليم هل يمكن ان تحل مشكله الاضطهاد في مصر ومن الداخل كمان
المشكله ان النظام الخائب بيقول انه سيعمل على انشاء محطات طاقه نوويه
مش عارف يحل مشكله بسيطه وهي الزباله وحا يعمل محطات
انا اتمني ان يتم عمل المحطات من سنيين ولكن لا اثق فى النظام

ولنا الله

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق