أيران .. لمحات من تاريخها ( موجز أسود لتاريخ أسود )

عماد البابلي   في الإثنين ٠١ - أكتوبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً


(( حتى نفهم واقع العراق الأسود يجب علينا فهم تاريخ إيران أولا .. ))
من أقوال السيد أبو أبراهيم بائع الباقلاء المتجول ، وهو فيلسوف ماركسي معدم ..

موجز تاريخ إيران :
- في حدود عام 3000 ق . م عرفت بلاد إيران أولى المستوطنات البشرية في مدينة تعرف تاريخيا بـ ( بلاد عيلام ) التي تقع في الحدود الغربية بالقرب من حدود الدويلات السومرية في الجنوب العراقي .


- في عام 1500 ق .م بدأت قبائل آرية الهجرة نحو الهضبة الإيرانية من نهر الفولغا شمال بحر قزوين في قبلتين رئيستين هما الفارسيين والميديين ، أستقر الفرس وسط إيران بينما أستقر الميديين في الشمال الغربي لتكون مملكة ميديا لاحقا .
- تنافس الفرس والميديين على حكم الهضبة الإيرانية وأستقر الأمر أخيرا للفرس بقيادة ملكهم ( سيروس ) في عام 600 ق .م وبعد انحلال الإمبراطورية الكلدانية في بابل أصبح العراق ولاية تابعة للسلالة الأخمينية ( حكام بلاد فارس ) ، وفي عهد الملك ( داريوس ) توسعت الإمبراطورية الفارسية لتصل حدودها من بلاد الهند جنوبا إلى حدود روسيا شمالا وغربا حتى حدود ليبيا ، ودخل داريوس في حروبه لشهيرة مع الدويلات اليونانية والتي انتهت بدحر جيشه في معركة مارثون الشهيرة .
- أستمر الصراع اليوناني الفارسي بعد ذلك وانتهى أخيرا بقيام الأسكندر الكبير بتحطيم كل المستعمرات الفارسية وحتى العاصمة الإيرانية نفسها عام 360 ق .م. لتكون جزء من مملكة الأسكندر الكبير .
- بعد موت الأسكندر تقسمت إمبراطوريته بين جنرالاته وكان العراق وبلاد فارس من حصة الملك ( سيروس ) ، بقيام السلالة البارثية في الحكم على بلاد فارس استطاعت تلك السلالة إرجاع كل المستعمرات القديمة وقيام الإمبراطورية من جديد حتى عام 155 ق.م لتأسيس السلالة الساسانية على يد أحد أشهر ملوكها ( أردشير ) عام 224 ق . م .
- الإمبراطورية الساسانية الجديدة ودينه الجديد الزرادتشية كانت أكثر مركزية من سابقاتها وأصبحت حضارة أثرت كثيرا في الدول التي جاورتها وخصوصا في الثقافة الهندية ، والعراق صار رسميا ولاية تابعة للتاج الفارسي ، طوال عهد الحكم الساساني دخلت الأمبراطورية الفارسية في حروب طويلة مع جارتها الإمبراطورية الرومانية .
- في القرن الثاني الميلادي ظهر دين جديد على يد نبي أسمه ( ماني )في الجنوب العراق ( مدينة العمارة بالتحديد ) ليعلن نفسه المسيح الذي قام من بين الأموات ، غير أن تم إعدامه على يد الملك شحبور الأول ، لأن حركة ( ماني ) ساوت بين النبلاء والعبيد وقضت على الفارق الطبقي ودعت على الملكية العامة للأرض الزراعية وبذلك تكون حركة النبي ماني أولى الثورات الاشتراكية في التاريخ القديم .
- في القرن الخامس الميلادي ظهرت ثورة أخرى وكانت اشتراكية أصيلة على العكس من المانوية التي صبغت بإطار ديني فيما بعد ، قد تلك الحركة رجل أسمه ( مزدك )التي دعت إلى ملكية الأرض العامة وعدم اتخاذ أكثر من زوجة واحدة وقانون العقوبات يجب أن يساوي الفقراء والنبلاء وغيره من الإصلاحات العامة ، على الرغم من قمع ثورة مزداك فيما بعد أجبر الملك أنوشيران على اتخاذ إصلاحات اجتماعية قبيل مماته ، يتفق علماء التاريخ الاشتراكي بأن ثورة مزدك هي أول ثورة ذات محتوى شيوعي تقارن اليوم بثورة سبارتيكوس في روما .
- في منتصف القرن السابع حدث ما قلب مصير إيران. فقد احتلت الجيوش العربية البلاد و اعتنق اغلب الإيرانيين الإسلام. هذا النجاح السريع للدين الجديد ليس من العسير فهمه. فبرغم جميع انجازاتها الباهرة تميزت الإمبراطورية بالقمع الشديد للجماهير المسحوقة. مع ذلك فان مجيء الإسلام لم يعتبر تحريرا بل هزيمة و احتلالا من طرف أناس غرباء, وحول كامل مجرى تاريخ فارس. وبإدخالهم للإسلام تمكن العرب من استبدال الزرادشتية, المعتقد القديم لفارس ومنذ ذلك الوقت والى اليوم يعتنق الإيرانيون الدين الإسلامي. الا ان و منذ البداية اتخذ الإسلام لديهم طابعا خاصا بهم. فقد أضفوا عليه طابعا فارسيا حينما تبنى الفارسيون المذهب الشيعي و استعملوه كسلاح ضد طبقة النبلاء العرب( قريش ) .
- بحلول منتصف القرن الحادي عشر كان السلاجقة الأتراك من تركستان قد استولوا على معظم إيران.و قد حكم السلاجقة و قبائل تركية أخرى إيران إلى سنة 1220م. في تلك السنة اجتاح المغول كامل المنطقة مخلفين خرابا كبيرا. فقد دمروا مدنا بكاملها وذبحوا عدة ألاف من البشر و وضعوا نهاية شنيعة للخلافة العباسية. و تبدوا الملحمة الايرانية ملطخة بدماء هذه المصائب الوطنية: تزخر كل صفحة بسرد للمدن المدمرة و الخراب الهائل الذي ارتكبها المغول، في عام 1335 تفككت بدورها إمبراطورية المغول في إيران مرة أخرى تستبدل إمبراطورية بسلسلة من الممالك الصغيرة. بين 1381 و 1404 تعرضت إيران للخراب عن طريق الغزو المتكرر لمحتل أخر قدم من السهول الشرقية هو تيمورلنك الشيعي حيث كانت إيران في وقتها على المذهب السني .
- في أواخر القرن الخامس عشر و بداية القرن السادس عشر سيطرت قبائل تركية على عدة مناطق من إيران. ففي سنة 1501 توج القائد القبلي إسماعيل ملكا و أسس المملكة الصفوية الشيعية والذي أدخل معظم السكان بالمذهب الشيعي بقوة السيف وفي حدود عشرة أعوام تم إعلان المذهب الجعفري الدين الرسمي للبلاد .
- بعد رحيل الشاه إسماعيل جاء للحكم حفيده الشاه عباس ( 1587 - 1629 ) الذي دخل في حروب طويلة مع الجارة القوية الإمبراطورية العثمانية ( السنية المذهب ) ودخل لطرفين في سلسة حروب دينية وطائفية كان العراق الساحة الرئيسية لها لمدة ثلاث قرون لاحقة ، وراح فقهاء الطرفين بنشر الفتوات الدينية في حرب إعلامية طويلة كان الشعب العراقي الضحية لها .
- أنحلت الدولة الصفوية فيما بعد ليسيطر كريم خان و هو كردي من قبيلة زند على إيران. و بعد وفاته في 1779 اندلعت حرب بين الزند و القجر(قبيلة تركمانية من بحر قزوين).هزم القجر قبيلة الزند في 1794 و دام حكم مملكتهم إلى سنة 1925 حيث سيطرت المؤسسات البريطانية على اقتصاديات إيران ، أنتشر الفساد الحكومي والرأسمالية والاستغلال الطبقي بين المرافق الاجتماعية .
- بين القرن الثامن عشر والتاسع عشر كانت إيران مسرحا لحروب الدول الاستعمارية ( روسيا القيصرية والإمبراطورية العثمانية وبريطانيا ) لضعف الحكومة المركزية آنذاك ، في 1826 اجتاحت روسيا إيران. فقد أرادت روسيا القيصرية التوسع و الحصول على منفذ إلى الخليج الفارسي. و قد الحق الروس هزيمة ثقيلة بإيران سنة 1827 أمضى أثرها الطرفان اتفاق تركمانشاي. ومنح الاتفاق روسيا الأرض الواقعة شمال نهر ارأس و التي تمثل إلى اليوم الحدود الفاصلة بين البلدين. وحولت إيران في 1856 من استرجاع منطقة سابقة في شمال غرب أفغانستان إلا إن بريطانيا أعلنت الحرب على إيران. و في سنة 1857 أجبرت الأخيرة على إمضاء اتفاق تتخلى بموجبه إيران على إي مطالبة بأفغانستان. وازداد النفوذ الامبريالي البريطاني و روسيا القيصرية في إيران خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر و مع بداية سنة 1900 شرعت شركة بريطانية وهي الشركة الانغلو- فارسية للنفط في التحكم في أبار النفط في جنوب غرب إيران.
- أصبحت إيران خلال الحرب العالمية الأولى مسرحا للمعارك مع أنها كانت محايدة. وكان اهتمام روسيا القيصرية هو الدفاع على مواردها النفطية في باكو و بحر قزوين. لذا كان الروس يخوضون حرب ضارية مع الأتراك في شمال غرب إيران. إما بريطانيا فقد كانت تدافع عن مصالحهم في حقول نفط خوزستان ، في 1920 أطاح سيد ضياء الدين طابا تباعي (سياسي إيراني) و رضا خان (ضابط فرسان)الحكم القجري الفاسد . و في سنة 1925 توج رضا نفسه شاها و أصبح مؤسسا لمملكة جديدة ( البهلوية ) – امتداد لحكم داريوس - . وقام خلال العشرين سنة من حكمه بقمع الأكراد و البالوش و حركات تمرد أخرى وإنهاء الحكم الشبه مستقل للشيخ العربي غزال الذي كان يتمتع بحماية التاج البريطاني في خوزستان.
- في الحرب العالمية الثانية أعلنت إيران مرة أخرى حيادها. غير إن الحلفاء أردوا استخدام طريق سكة حديد إيران لنقل معدات الحرب من بريطانيا إلى روسيا الستالينة. إلا إن رضا شاه كان إلى حد ما يواجه ضغطا من ألمانيا الهتلرية. فبنهاية 1930 وصلت حصة التعامل التجاري مع ألمانيا التي أمدت إيران بالكثير من الآلات من اجل برنامجها التصنيعي الى أكثر من النصف. لهذا رفض رضا التعاون و بالتالي اجتاح الجيش البريطاني والجيش الروسي في 1941. و اجبروا رضا شاه على التخلي عن العرش و وضعوا ابنه محمد رضا بهلوي مكانه. و سمح لهم الشاه الجديد باستعمال الطريق الحديدي و بنشر قواتهم في إيران إلى حد نهاية الحرب.
- بعد الحرب العالمية الثانية طالبت مجموعة من القوميين والماركسيين تزعمها ( مصدق ) بوضع نهاية للسيطرة البريطانية على صناعة النفط. و في 1951 صوت البرلمان على تأميم الصناعة النفطية إلا إن الوزير الأول رفض العمل بالقرار. فتم تنحيته و تعويضه بمصدق. وبثت سياسة مصدق المعادية للرأسمالية الذعر في عموم المعسكر الغربي فنظمت وكالة الاستخبارات الأمريكية انقلابا ضده و إعادة الشاه إلى الحكم.
- مرة أخرى بلغت الأزمة السياسية و الاقتصادية في 1960-1961 ذروتها بعد إن تم التلاعب بانتخابات المجالس. و أدى الاضطراب السياسي و الاقتصادي إلى إضراب عام تم قمعه بشدة بمساعدة البوليس السري ( السافاك) . وقام الشاه بإدخال إصلاح زراعي إلى جانب إجراءات تربوية و صحية أطلق عليها ببرنامج الثورة البيضاء. و مرت إيران خلال فترة 1963- 1973 بمرحلة اقتصادية و سياسية مستقرة نسبيا. و ساهم الارتفاع المنتظم في أسعار البترول في دفع النمو الاقتصادي. و خلال أزمة النفط العالمية 1973- 1974 ارتفعت أسعار النفط أربعة مرات على سعرها قبل الأزمة وهو ما جعل الدخل القومي من النفط يرتفع من 5 بلايين دولار إلى 20 بليون دولار في السنة.
- حاول الشاه استعمال هذه الموارد المالية ليجعل إيران في ظرف وجيز ما وصفه بخامس أقوى دولة في العالم ، بهذا الوهم الإعلامي احتفل الشاه سنة 1971 بذكرى مرور 2500 عام على تأسيس أول إمبراطورية فارسية من قبل سيروس في 550 ق.م( !!! ) .
- الانتعاش في أسعار النفط رافقه تضخم سريع في سوق العملة الإيرانية و هجرة كبيرة إلى المناطق الحضرية و قلة المرافق السكنية مع بنية تحتية غير كافية ، و أثارت هذه الظروف استياء عميقا في صفوف العمال و الفلاحين و الطبقات الوسطى التي انفجرت في حركة ثورية جماهيرية بقيادة الحزب الشيوعي الإيراني ( توده )، و بسبب السياسات الخاطئة لحزب توده اختطف الأصوليون الثورة.
- عندما كانت الثورة في أوجها كان الخميني في باريس حيث لقي مساندة الطبقة الحاكمة الفرنسية والمخابرات الأميركية لتي نظرت إليه كوسيلة لتغيير وجهة دفة الثورة ، خوفا من سيطرة الشيوعيون على السلطة مما يعني وصول الإتحاد السوفيتي لمياه الخليج . في الواقع كانت الطبقة العاملة الإيرانية و عمال النفط بصفة خاصة القوة الحقيقة وراء الثورة. و بعد ركوبه على الثورة لم يكن في مقدور الخميني من تحطيم الطبقة العاملة التي نظمت في شكل مجالس عمالية ظلت إلى سنة 1981. و بعد الاستيلاء على سلطة الدولة قام الخميني بإعدام أكثر من 6000 عامل سياسي من المعارضة. و كانت هناك صدامات و انشقاقات متواصلة داخل الإسلاميين أنفسهم والتي تمت تصفيتها في انفجار طهران الشهير عام 1981 التي راح ضحيتها أعلام بارزة في الثورة مثل ( المطهري )، وكان العقل المدبر لها هو ثعلب السياسة الإيرانية رفسنجاني .
- غير ت المؤسسة الدينية بقيادة الخميني كل أهداف الثورة بعد القضاء على كل رموز المعارضة الداخلية وأعلن عدائه الكامل للغرب ( أميركا + إسرائيل ) ، ولعبت المخابرات الأميركية ورقتها الأخيرة بافتعال الحرب مع العراق بواسطة سلطة البعث الحاكمة في العراق التي لا يختلف اثنان في ولائها الكامل - ضمنا- للبيت الأبيض ، استمرت الحرب ثماني أعوام أستنزافية للطرفين حيث خرجت الدولتين منهكتين من تلك الحرب بديون ثقيلة للدول الصناعية .
- قام نظام الخميني بدعم أجنحة حماس و حزب الله كطريقة لصرف النظر عن التوترات الداخلية في إيران. وكانت التركيبة الاجتماعية لهذه المجموعات أساسا من البروليتاريا المهمشة. و من السخرية هو انه قبل ثورة 1979 في إيران كانت مثل هذه المنظمات تحصل على التمويل من وكالة الاستخبارات الأمريكية و الموساد الإسرائيلي بهدف تحطيم الماركسيين في الشرق الأوسط على أسس دينية بحجة محاربة الإلحاد( !!! ) .
- عام 1989 مات الخميني ليخلفه في السلطة أية الله الخامئني كقائد ديني أعلى لإيران ليكمل المسيرة السياسية لمؤسسة العمائم في طهران ، دخلت إيران بعد حربها مع العراق في حرب جديدة فكرية مع السلطة الوهابية في السعودية لنشر المعتقدات الدينية ، كانت دول جنوب شرق أسيا الفقيرة مسرحا لها والدول الأوربية وخصوصا بريطانيا في حرب مؤتمرات ونشرات دينية وبناء مساجد صرفت لها ملايين الدولارات .
- في التسعينات عانى النظام الإيراني من تفتح الوعي الجماهيري ( الطبقة العاملة المثقفة ) وأستخدم الإرهاب في قمع مشاعل الثورة الجديدة على يد ما يعرف بالحرس الثوري مما أجبره على القيام بإصلاحات اقتصادية واجتماعية وخصوصا في مجال حقوق الإنسان ولكن لم تكن بالمستوى المطلوب ( !! ) وتبلور ذلك في انتخابات رئاسة الجمهورية التي فاز بها خاتمي الذي قاد حركة أصلاحية تحررية ولكن مجلس تشخيص مصلحة النظام الذي يرأسه خامئني وهو أعلى سلطة في البلاد كان طريق العثرة بوجه طليعة التحرر تلك . - بوصول أحمدي نجاد للسلطة وهو ضابط في الحرس الثوري الإيراني يستكمل النظام الإيراني قمة طغيانه واستبداده بواسطة انتخابات مزورة ، واحمدي نجاد هو نسخة معدلة قليلا من الطاغية العفلقي ( صدام ) بواسطة أحلامه بالانتماء للنادي النووي ودعم الطابور الخامس في العراق بعد انهيار حكومة البعث بعد عام 2003 .
شكرا .. لاهتمامكم.
(( دخلت معها في قصة حب غير واقعية وفردوسية ، بقينا عامين نحب بعضنا كالطيور لا بل أجمل !! ولكن حين أختارت موضوع دراساتها العليا عن أيران وكيفية نهوضها كقوة عظمى ( !!! ) ، عرفت بأننا سننفصل قريبا ، وأنفصلنا فعلا هي في وادي وأنا في وادي أخر ))

 

اجمالي القراءات 10533
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق