إعلام مبارك يحاصر السيسى.. فهل يستطيع فك الحصار؟!

على القماش   في الأربعاء ١٠ - يونيو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً


يسعى كل رئيس ان يكون له شخصيته المستقلة عما قبله سواء ان كان سلفه ناجحا أم فاشلا.. وان كان بالطبع الفرار من الفاشل أهم
عندما جاء عبد الناصر لم يبذل جهدا كبيرا فقد كان واضحا انه مختلفا عن الملك فاروق .. وقد بدأت الثورة اعمالها بمحو كل ما يتعلق بالملك وحاشيته ما بين النفى والمحاكمات الثورية ومصادرة الاملاك وحتى اسماء الشوارع لم يتركوها فشارع فؤاد أصبح 26 يوليو وشارع الملكة نازلى أصبح شارع رمسيس ومستشفى فاروق اصبحت مستشفى الجلاء وميدان الاسماعيلية أصبح ميدان التحرير وغيره  وغيره


 ومن حسن حظه ان كثيرا من الكتاب فى هذه الفترة كانوا من اصحاب المواهب الحقيقية .. وكان كاتبه الاول هيكل  كانوا
وواكب الاعلام فن مؤثر كان من ابرزه عبد الحليم حافظ وعشرات الفنانين وغيرهم
وعندما  جاء السادات قال فى بداية حكمه اننى سأسير على خطى عبد الناصر ، ثم أضاف بصوت " منخفض جدا " بأستيكه " ومن الواضح ان الجزء الاول من التصريح قاله حتى لا يخسر شعبية عبد الناصر الجارفة ، فى الوقت الذى كان يضمر القضاء علي كل ما أثره .. وقد نجح بذلك من خلال صناعة الاعلام ، فأفرج عن ما سجنهم عبد الناصر مثل مصطفى امين وصفوت الشريف وغيرهما ليتشفوا منه ، وفتح ذراعه للمنقلبين ومن يكرهون عبد الناصر مثل الحمامصى والبعثى ، ورحب  بمن لديهم استعداد لعمل " شقلباظات " فى الهواء مثل انيس منصور وعبد العظيم رمضان ، كما جاء   بابراهيم سعده من الخارج وتم تقديمه للقراء على طريقة الكاتب الراحل الكبير اسامه انور عكاشه عندما كان يقدم شخصية جديدة فى احداث المسلسل ، لتصاحبه ضجه ملفته وموسيقة تصويرية مؤثره .. وان ظل أهم كتابه موسى صبرى
وكان ايضا له فنانيه ولعل ابرزهم فايدة كامل صاحبة قول يا سادات ياللى كلامك حكم
وعندما جاء مبارك قال تصريحه الشهير " لا انا عبد الناصر ولا السادات .. انا حسنى مبارك " وهو كلام صادق " ميه فى المية " لا هو عبد الناصر فى ثوريته ولا هو السادات فى مكره .. وعليه برك فى الحكم .. وجاء بصفوت الشريف ليختار له  اعلامه فأنتقى سمير رجب وابراهيم نافع وابقى على ابراهيم سعده ليبركوا على المؤسسات الصحفية الحكومية  طوال حكمه حتى لاح فى الآفق جمال مبارك ، فتم تطعيمهم بجيل جديد كان من ابرز رموزه المرحوم عبد الله كمال والزميل مجدى  الدقاق ، و جاء الشريف بمن يستطيع تحريكهم كا العرائس المتحركة فى الصحف الخاصة ، هذا يشد وذاك  يرخى ،هذا يثير فى الصباح وذاك يهدىء فى المساء ، فصنع من  ابراهيم عيسى ومجدى الجلاد وغيرهما نجوما .. وبجانب هؤلاء اكمل الديكور بدكاكين حزبية اشبه بمولد الاراجوزات .. اما عن المطربين فقد أصبحوا من كل لون من الراقصات حتى الاعلاميين .. وكثير منهم نجح فى الاستمرار حتى اليوم
وعندما جاء المجلس العسكرى لم يستطع الاقناع بانه مختلف عن مبارك ، ووجد عواصف عالية تطالب بابعاد " العسكر " وتصدر الشعار الشهير " يسقط يسقط حكم العسكر " المشهد خاصة من الناصريين واليساريين والشباب النشط .. ورأى المجلس ان الاعلام وسيلته للخروج من المأزق حيث ان السجن سيؤدى الى تفاقم الازمة .. وعليه منح تراخيص الفضائيات بالجملة ، ليتلقفها رجال الاعمال المتربصون ، ليس دفاعا عن الحكم بقدر انتظار الحصيلة والتعبير عن مصالحهم
وعندما جاء مرسى كان واضحا اختلافه ولكنه لم يجد من يعبر عنه ، ليس لان خصومه استطاعوا تجنيد العشرات ضده فحسب ، بل لاختيار الجماعة لاعلام فاشل ، حتى ان جريدة الجماعة ظلت غير مقروءة بل ان كثير من الصحفيين من شباب الاخوان كانوا يسخرون من اداءها  .. فساهم اعلامه فى خسر المعركة بسهولة ، وحتى " المؤلفة قلوبهم " باعوهم عند اول محطة
وعندما جاء السيسى قد يكون مثل سابقيه تمنى ان يكون مستقلا ، وهو أمر صعب للغاية حيث يبدو انه محسوبا على مبارك والمجلس العسكرى  ، وعندما بحث عن اعلام يخرجه من جلد ممن سبقه ويخلع عنه رداءه  لم يجد حوله سوى اعلاما  أشبه " بطبق الكشرى " ففيه خليط من كل طعم و لون ، فوجد اعلام عبد الناصر والسادات ومبارك وجمال مبارك فى طبق واحد يحتاج لتقليب من وقت الى أخر ، فهو اعلام يؤيده ولكن ليس من القلب بل من الجيب أى ثمن طبق الكشرى ، " وكل زواده لها ثمن ! " وبقدر ما يقدمه من طعم ومذاق .. وكان طبيعيا ان تحدث سقطات من وقت لآخر
فرموز الاعلام الذين بدءوا مع السيسى هم : اعلام عبد الناصر ورموزه من هيكل لعبد الحليم قنديل وكمال ابوعيطه وغيرهم  .. حتى اعلام مبارك والوريث من احمد موسى والحسينى ولميس الحديدى غيرهم وغيرهم .. ولم يغب عن المشهد الاعلام الذى صنعه المجلس العسكرى بمنحه فضائيات  وصحف جديدة ممن يطلقون عليهم رجال الاعمال .. ولكن كما ذكرنا ان الاخلاص ليس من القلب بل بقدر الاستفاده والا كان البحث و الحنين الى الماضى والتقلب من حين الى أخر
ف هيكل – الناصرووالد رجل الاعمال الذى تدور حوله تساؤلات  هو- صاحب اقتراح مجلس الحكماء لحكم مصر ، وهو مجلس كان يراه مكونا من احمد زويل وفاروق الباز ومجدى يعقوب والبرادعى .. والعجيب ان جميعهم يحمل الجنسية الامريكية رغم منهج الناصرية المعادى للامريكان
وعبد الحليم قنديل الذى " أنحشر " وسط الوقوف ليظهر فى الصورة بالقرب من السيسى عاد ليكتب عن الفشل الزريع خاصة فى العدالة الاجتماعية .. وابو عيطه " صاحب الهتافات " اصبح وزيرا وتنصل من اضرابات العمال ثم عاد اليوم يؤيد حقوفهم .. وهكذا حسام عيسى وغيره وغيره
أما رموز عصر المخلوع .. منهم احمد موسى الذى أستضاف مبارك ، أى المخلوع ذاته ، وقام بتلميعه  .. ووائل الابراشى استضاف واحدا من ابرز رموزه وهو حسين سالم .. المصرى اليوم اجرت حوارات مع رموز اخرى لمبارك مثل فتحى سرور ..خالد صلاح والذين معه لمعوا جمال مبارك فى الهرم وبالطبع ليس من باب الشطارة الصحفية ولكن بالتنسيق تماما معه .. علاميون بالجملة لمعوا شفيق المعبر عن مبارك وابرز تلاميذه والهارب الى الامارات ليعود للمشهد بقوة .. حتى توفيق عكاشه قال تصريحه الشهير عن تحديد يوم بعينه لسقوط السسيسى
فى تقديرنا ان دلالة المشهد لا تتوقف عند بحث هؤلاء عن مصالحهم وحنين بعضهم للماضى فحسب .. بل بجانب الاعلام ومموليه  قد تكون هناك انقسامات فى الاجهزة التى تدعم كل منهم  ، فمنها الجيل القديم خاصة الدفعات التى ادخلها كمال الشاذلى وفقا لمعايير الفلوس والواسطة وهم المويدين لمبارك ولديهم مواد " التسريبات " التى يحصل عليها عبد الرحيم على واحمد موسى  .. ومنهم اجيال مختلفة تفضل التغيير .. وان هذه الاجهزة لها تأثير على الاعلام على الآقل بامداده بمعلومات حسب مصالحها ، ولها ممن يطلقون عليهم رجال الاعمال الذين استفادوا من عصر مبارك ويطمعون فى المزيد
محمد أمين – مستشار شركة مقاولات بالكويت والذى يدعى انه عمل بالامن الوطنى – هو صاحب جريدة الوطن واشترى التحرير وسى بى سى وغيرها هو نفسه صاحب الطيارة التى يحمل عليها الاعلاميين والممثلين لمصاحبة السيسى فى كل ارجاء العالم
 الكحكى شريك الامين فى جلب الصحفيين والاعلاميين وشريك ابو هشيمه فى اليوم السابع وغيره من اعلام جمال مبارك
 ابو هشيمه صاحب فيتو واليوم السابع يسيروا على نفس النهج .. المصرى اليوم صاحبها صلاح دياب اكبر المستفيدين من مبارك فحصل على ابار بترول ، وعبد المنعم السعيد اكبر مستشاريه بالجريدة احد رموز الوريث  تأثير ساويرس من خلال قنواته وصحفه لا حدود له
عكاشه والذى يبدو انه اخذ تصريحه من انصار شفيق او من رجالهم فى الاجهزة المختلفه
ابو العنين – صاحب القناة – والذى اعطى الضوء الاخضر لااحمد موسى لاستضافة مبارك ، كما اعطى احمد بهجت الضوء الاخضر للابراشى لاستضافة حسين سالم
 حسن راتب ودعبس وغيرهما ليسوا بعيدين عن المشهد
هذا المشهد قد يكون أكثر ما يربك السيسى من اعداءه الظاهرين وهم الاخوان ، وفقا لقاعدة امكانية محاربة العدو الظاهر وصعوبة الآمر امام المنافقين
وهؤلاء وفى مقدمتهم   المنافقون همهم الاول الابقاء على ما كانوا يحصلوا عليه من غنائم وقت مبارك وتحقيق المزيد .. واذا اراد السيسى التخلص من هذا الارث يصبح  امام امواج عاتية ، فرجالهم فى الاقتصاد من لجنة السياسات مازالوا موجودين سواء باشخاصهم او بسياستهم ، وابرز نموذج لذلك ما حدث بالاطاحة بكل من عارض الصفقة الرابعة للمحمول حتى لو كانت ستحقق اموال للدولة
هذا التحليل اقرب للاقناع بتفسير تقلب هؤلاء ضد السيسى من وقت لآخر .. وعدم قدرة السيسى على التخلص منهم
هذه هى مشكلة السيسى الحقيقية .. اذا اراد ان يخرج من الازمات وعلى رأسها الغلاء وشروط مؤسسات التمويل من صندوق النقد وغيره بالغاء الدعم بينما ممولى اعلامه وراء الاحتكار والغلاء
واذا اراد ان يخرج من الاتهامات التى تلاحقه فى كل مكان يذهب اليه .. من احكام الاعدام الى حبس المعارضين وبينهم عشرات الصحفيين .. يجد  اعلامه يواجه المشكلة بسطحية ويكتفى باحالة كل الاتهامات وما يجرى الى ما تفعله تركيا وقطر
واذا اراد ان يقول انا لست مبارك ، يقول اعلامه " بامارة ايه " ويصر على انه مبارك بدليل ارتباطه برموزه
انه اعلام ومن خلفه حيتان واجهزة وصراعات وانقسامات  تزكى الالهاء عما يهدد الوطن من اخطار
ترى هل يستطيع السيسى الآفلات من كل هذا الحصار ؟!

اجمالي القراءات 5351
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق