الإباضيّة والقرآن الكريم

عثمان محمد علي   في الخميس ٢٩ - سبتمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً


الإباضيّة والقرآن الكريم
الحمد لله وسلام على عباده الذّين اصطفى:
1-من النّعم التّي حباني الله بها بقائي على صلة مع أصدقائي الذّين تعرّفت عليهم خلال مراحل الدراسة، هذه النّعمة -التّي أحمد الله العلي عليها كثيرا-  مكّنتني من التّعرّف على كثير من خبايا المجتمع الجزائريّ في تنوّعه العرقيّ والمذهبيّ واللّسانيّ، هذا التّنوّع الذّي كان يفترض أن يكون مصدر ثراء للبلاد فإذا به يصير – بسبب التعصّب المقيت ولعب النّظام الحاكم على هذا الوتر الحسّاس- مصدر خراب وشؤم.
2-خلال الفترة الجامعيّة استطعت ربط صلات وطيدة وبناء علاقة أخوّة متينة مع زملائي الجامعيّين المنتمين للمذهب الإباضيّ، هذه العلاقة دفعتني إلى البحث عن أصول هذا المذهب ومساره ولماذا يصرّ أغلب المسلمين على وسم الإباضيّة بالخوارج – مع تحفّظي على هذه التّسمية لأنّ فيها الكثير من الإجحاف- ورمي دولتهم – الرّستميّة- بالضلال. هذه التّهم الموجّهة ضدّ المذهب الإبّاضيّ وأتباعه اشتركت فيها المذاهب الأخرى وكان من تبعاتها دخول الجزائر في أتون فتنة طائفيّة مقيتة راح ضحيّتها أبناء الشّعب الجزائريّ في أنفسهم وأموالهم.
3-خلال مساري البحثي في أصول المذهب الإبّاضيّ – وهذا بالرّجوع إلى الكتابات المؤسّسة له وليس بالرّجوع إلى كتابات الفرق والنحل ذات الميول اللّاعلمي- وجدت ما أثار عقلي ودفع بي إلى مراجعة الكثير من المسلّمات حول هذا المذهب إذ كان عموم الجزائريّين عالبا ما يرمونه بالنّقص ويتندّرون من طريقة وضوء وصلاة الإباّضيّة، أمّا أشباه المتعلّمبن من الوهابيّة فهؤلاء كانوا يطعنون في عقائد هذا المذهب ويسمون أتباعه تارة بالخوارج وأخرى بالضّالين المبتدعين.
4- لأصول المذهب الإباضيّ علاقة وطيدة بالقرآن الكريم -وأصدقكم القول أنّ بحثي حول المذهب الإبّاضيّ هو الذّي أوصلني إلى موقع أهل القرآن- إذ يعتمد على القرآن كمصدر رئيس وهذا ما يتجلّى في نفيهم للشّفاعة، رؤية الله يوم القيامة ،عذاب القبر، علاقة التلبّس بين الجنّ والإنس، خروج أصحاب الكبائر من النار وفناء الجنّة والنّار بالإضافة إلى أحكام كثيرة تعتمد القرآن مرجعا لإثباتها أونفيها- لنا عودة لها إذا سمح الموقع بذلك- أمّا ما يسمّى بالحديث  فللإبّاضيّة مرجع يسمّى مسند الإمام الرّبيع لكنّهم لا يعتمدون منه إلاّ ما يوافق القرآن الكريم.
5- خلال مسار المذهب الإبّاضيّ وفي خضم ما يسمّى بعمليّة التّقريب بين المذاهب ركن بعض علماء الإبّاضيّة إلى اعتماد أحاديث تنسب إلى الرّسول لكنّ عمليّة الرّجوع إلى القرآن الكريم تتمّ في الآونة الأخيرة بصورة رائعة.
6- منذ رحلتي الأولى إلى مدينة غرداية- 600كلم جنوب العاصمة الجزائريّة- سنة 2006 تكرّرت رحلاتي لأنّي وجدت في هذا المجتمع النّفحات القرآنيّة، وفي كلّ مرّة أجد حركة قرآنيّة جميلة يقودها شباب في عمر الزّهور تجد بعضهم لا يتجاوز الثّلاثين بل حتّى العشرين من العمر. لقاءات قرآنيّة، مؤتمرات لتدارس القرآن الكريم، دعوات للعودة إلى القرآن، نشاطات، دورات ...........إلخ. جوّ رائع يسود هذه المنطقة.
7- لا تختلف توجّهات الإبّاضيّة – إلاّ القليل منهم- في الدّعوة إلى اعتماد القرآن مرجعا رئيسا في حياة المسلمين، دعوة تظهر مدى وعي الإخوة بمكانة كتاب الله. الكثير من الوجوه الشّابّة التّي تتدبّر القرآن وصلت إلى ما نقرأه في موقع أهل القرآن. الكثير منهم يعتمد على أساتذة الموقع. بعضهم يسمّى جماعة التّدبّر – انظروا إلى هذه التّسمية- آخرون يأخذون اسم أهل القرآن. هناك بعض الاختلاف مع جماعة التّدبّر، لكن نقاط الاختلاف ليست كثيرة ونستطيع تجاوزها بالبحث العلميّ الجادّ المتجرّد.
8- أدعو في الأخير إخوتي في موقع أهل القرآن إلى دراسة المذهب الإبّاضيّ، فهو مذهب غنيّ بالدّراسات القرآنيّة. وأنا أرى أنّ هذا المذهب كفيل بحمل ثقل الأمانة معنا إن استثمرنا الفضاء المشترك بيننا. والحمد لله وسلام على عباده الذّين اصطفى.

 
اجمالي القراءات 20368
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الخميس ٠٦ - أكتوبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[60641]

من كاتب المقال

لم أر اسما على هذا المقال ،  فشكرا لكاتب المقال على مقاله هذا  ،الذي يدل على ان أهل القرآن لم يخرجوا فجأة بهذا التوجه الفكري ، بل إن لهم جذورا نابعة من  زمن أبي حنيفة الذي أصل الروايات  حتى قلل عددها "الأحاديث " إلى عدد محدود عند فحصه وتحريه لها  وفي النهاية فالأخذ بالقرآن كان عنده أصوب وأكمل !  والشيخ محمد عبده الذي قام بإصلاحات كثيرة  ..هكذا نقرأ في الكتب الدراسية عنه ، لكنهم لا يقولون في هذه الكتب ، ما هي هذه الإصلاحات ! لأنها باختصار تنسف  معتقداتهم وسبل أرزاقهم كما يعتقدون ! ولم تنجو  الإباضية من كره أهل السنة والتشهير بهم  ، وأعتقد انهم يسمونهم الخوارج ، وهذا الاسم يكرهه الإباضية جدا ــولهم الحق في ذلك ــ ولقدقرات لأحد الإباضيين كتابا يتحدث عن أحاديث الأحاد وهم لا يعتقدون في صحتها ، وفعلا كما يقول كاتب المقال المحترم انهم أقرب مذهب لأهل القرآن ، ونتمنى ان نقرأ مشاركتهم على الموقع ونستفيد من تدبرهم للقرآن ، لأن التدبر الصل فيه المشاركة كما اعتقد ، شكرا مرة اخرى لكاتب المقال .


2   تعليق بواسطة   طالب حقيقة     في   الخميس ١٩ - يناير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[64021]

الإباضية

 شكراً لكاتب المقال على هذه المعلومات القيمة...





ولمزيد من التوضيح... عن المذهب الإباضي.. هو مذهب يعتبر القرآن الكريم هو التشريع الاول عندهم ومن ثم تأتي الاحاديث المتواترة الصحيحة وهم يردوا أي حديث يتعارض مع القرآن الكريم وإن صح سنده...


وكذلك هم لا يرون بأخذ الاحاديث الآحاد في الاعتقاد مهما بلغت درجته من الصحة فعند الاباضية أحاديث الاحاد تفيد الظن ولا تفيد الاثبات.


 


وشكراً


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق




مقالات من الارشيف
more