رقم ( 2 )
أولا : تغييب العقل

أولا : تغييب العقل
حسنا...دعنا نتخيل أن العتابى يسير الان فى الشوارع القاهرة ويركب المواصلات.ويرى شيخا يصعد الاتوبيس يدعو المسلمين للتبرع لانشاء المسجد الفلانى ويستشهد بالحديث المشهور ((من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له قصرا فى الجنة))ويرى العتابى كيف يسارع الناس الطيبون بالتبرع حتى يضمن كل منهم لنفسه قصرا فى الجنة!


هل تريد أن تتوقع تعليق العتابى؟اذن استحضر عقلك ولا تعطه اجازة، وتفكر فى معنى ذلك الحديث المنسوب كذبا للنبى عليه الصلاة والسلام..انه يؤكد على ان كل من بنى لله مسجدا بنى الله تعالى له قصرا فى الجنة،مهما كان الشخص مؤمنا او كافرا،ومهما كان مصدر المال طيبا او خبيثا، يعنى ان السيد هتلر من حقه ان يكون له قصورفى الجنة اذا بنى بضعة مساجد،ويعنى أيضا ان كل مختلس وظالم وناهب لأموال الناس يستطيع اذا بنى ببعض أمواله الحرام مسجدا ان يدخل الجنة. ..هل يتفق ذلك مع تشريع الاسلام؟
ثم ان هذا الحديث الذى يبيع قصور الجنة لكل من يتبرع ببناء مسجد يحدد لنا منذ البداية اقل مساحة مقبولة للمسجد،يقول ((من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة))اى يكون مساحة المسجد كقدر ما تتحرك به ساق القطاة حين تفحص بساقيها الارض.والقطاة هى طائر صغيرة الحجم .
اى من بنى لله مسجدا ولو كانت مساحته فى مثل هذا الصغر بنى الله له قصرا فى الجنة حتى لو كان من مال حرام، ومهما كانت شخصية ذلك المتبرع ،وحتى اذا كان ذلك المسجد لايستطيع دخوله الا النمل والصراصير الوليدة....هل يعقل ان يتكلم النبى (صلى الله عليه وسلم) بهذا الكلام؟!!
ولكن ذلك الحديث تم اسناده او تمت نسبته للنبى عليه الصلاة والسلام ، ورواه ابن ماجه فى "مسنده" عن فلان عن فلان. وآمن الناس بصحة ذلك الاسناد .ومن هنا فان ذلك الحديث الكاذب هو المسئول عن اقامة38 الف مسجد وزاوية فى القاهرة الكبرى فى العشرين سنة الماضية، وكلها تنشر ثكلها تنشر ثقافة التطرف عبر احاديث مسندة او منسوبة للنبى(صلى الله عليه وسلم) زورا، وهى تخالف القرآن والسنة الصحيحة للنبى عليه الصلاة والسلام . وبدلا ان تتوجه أموال الصدقات لبناء مساكن للشباب والعائلات التى تسكن المقابر،فأنها توجهت لبناء مساجد ايديولوجية تزيد عن حاجة المسلمين الذين يستطيعون الصلاة فى كل مكان . ومع العلم بأن حق ابن السبيل فى تشريع الاسلام ثابت فى الزكاة الرسمية والصدقة التطوعيةوالفئ والغنيمة،ولا يصح الالتفات لرعاية ابناء السبيل من الاغراب الا بعد ضمان المسكن والطعام لابناء البلد ـ فكيف اذا كان ابناء البلد انفسهم لايجدون السكن بحيث ضاعت احلام الشباب فى الزواج واصبحت العنوسة ازمة مستفحلة ..ومع ذلك تفاقمت تلك المشكلة لان أموال الصدقات استنفذها ارباب الصحوة السلفية فى بناء عشرات الالوف من المنابر التى تؤسس لدولتهم القادمة! ومن دعائم تلك الدولة ثقافة التراث للعصور الوسطى، تلك الثقافة التى أصبحت مقدسة عبر الاسناد ،او عن طريق نسبتها زورا للنبى عليه الصلاة والسلام ...مهما خالفت العقل والاسلام .
ان الاسلام الصحيح هو دين العقل ،بل أن"التعقل"أو استعمال العقل هو سبب انزال القرآن ( يوسف 2،الزخرف3 )ولكن الاسناد اوجد خصومة مستحكمة بين المسلمين والتعقل،بحيث يكفى ان يصعد اى محتال ليقول((قال رسول الله)) فيسارع الناس بتصديقه ويمتثلون لما يقول دون اى تفكير،لافارق فى ذلك بين مثقف او عامى،وسواء كان ذلك فى المسجد او فى وسائل الاعلام او وسائل المواصلات...اى فى كل زمان ومكان انت محاصر بالاسناد يا ولدى ..