رقم ( 2 )
فصل تمهيدى : لمحة عن هجص التفصيلات فى التشريع السُّنّى

لمحات من هجص الامام مالك فى (الموطأ )

فصل تمهيدى : لمحة عن هجص التفصيلات فى التشريع السُّنّى

مقدمة :

1 ـ يقال إن الشيطان يكمن فى التفصيلات ، سواء فى العقود والمعاملات والمعاهدات أو فى القوانين . مثلا ، فى دولة المستبد الشرقى تأتى الدساتير رائعة فى بنودها بعبارات براقة ذات صياغة فضفاضة فيها الرحمة بالمواطنين ، ثم الإحالة الى القانون ، فيأتى القانون فيلغى الامتياز الذى فى المادة الدستورية ، ويجعل تطبيقها منوطا بالمستبد ، ثم تأتى المذكرة التفسيرية لنفس القانون لتجعل المادة الدستورية عقوبة للمواطنين .  أى إن ( التفصيلات ) هى التى أحالت الجميل الى جحيم . ناهيك عن الاختلافات فى التفصيلات وفى التفسيرات . هنا بالفعل يتدخل الشيطان فى التفصيلات فى القوانين الوضعية البشرية خصوصا فى دول الاستبداد ذات الديكور الديمقراطى .

مقالات متعلقة :

2 ـ فى الأديان الأرضية يكون الوحى الشيطانى هو المصدر والأساس ، ليس مجرد عامل مساعد كما فى القوانين الوضعية ، بل هو الآمر الناهى لأوليائه من أعداء الأنبياء  الذين يوحى اليهم بأديان أرضية يؤسسونها على أنقاض الدين الالهى السماوى بعد تغييبه وهجره . وهذا هو ما فعله ( المسلمون ) بالقرآن الكريم وبشريعته . وهذه لمحة سريعة عن التشريع السنى الشيطانى  :

أولا : فى العبادات :

1 ـ العبادات وسائل للتقوى فتأتى التفصيلات الشيطانية  تُلهى عن التقوى وتجعل العبادات هدفا فى حد ذاتها فتتحول الى وسيلة للبغى والظلم ، والآن تجد أكثر الناس تدينا بالدين السُّنّى مثلا هم الارهابيون والمتطرفون والذين يأكلون أموال الناس بالباطل .

2 ـ والعبادات فى الاسلام مؤسسة على التيسير والتخفيف فتأتى التفصيلات الشيطانية فتجعل تأدية العبادات معقدة ، بداية من الطهارة فى الصلاة الى الصلاة نفسها الى باقى العبادات من صيام وحج وقراءة للقرآن الكريم . وقد رددنا على هذا فى كتاب الصوم وفى كتاب الزكاة وفى كتاب الحج .

3 ـ ولكن نعطى لمحة عن الطهارة قبل الصلاة ، والتى أتت فى آيتين فقط ، فى  سورتى النساء: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً (43)) والمائدة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)).

 ويلاحظ فيها الايجاز والتيسير ورفع الحرج والمشقة ، وأن التيمم ليس بالتراب وإنما بشىء مرتفع طاهر كثوبك مثلا . بمعنى أنك لو كنت فى اتوبيس أو طائرة وتخاف ضياع وقت الصلاة ، فما عليك سوى أن تمسح بطرف كٌمّك وجهك ويديك ثم تصلى جالسا أو قائما أو سائرا ، المهم أن تراعى الخشوع .

4 ـ وفى كل العبادات أعذار ، إلا الصلوات الخمس ، بعد التيمم يمكن أن تصلى حتى وأنت مريض على السرير ، برأسك وعينيك تشير بهما بالركوع والسجود والقيام ، ولكن مع حضور الذهن والخشوع . هذا هو التيسير فى الاسلام . وهو نفس التيسير فى الصوم الذى جاءت التفصيلات القرآنية ليس فى فرضية الصيام بل فى الرُّخص فى الافطار للمسافر والمريض والذى يجد مشقة فى الصوم . المهم هو التقوى .

5 ـ التفصيلات الشيطانية فى الطهارة للصلاة ملأت كتب الفقه السنى بآلاف الصفحات فى موضوع تكرر مرتين فقط وبائجاز فى الآيتين الكريمتين . الله جل وعلا عبر عن الطهارة من البول والبراز  بلمحة تقول (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ  ) والمفهوم هو الطهارة الشخصية من قذارة البول والبراز. ومفهوم ايضا أن هذا شىء معروف لا يحتاج الى تعليم ، بل إن الأم تعلم ابنها فى أدغال أفريقيا كيف يتطهر من البول والغائط ، ناهيك عن ملة ابراهيم والتى نزل القرآن الكريم يؤكدها ويأمر بإتباعها ويصحح ما حرفه العرب وأهل الكتاب فيها .

6 ـ وعليه فإن كل التفصيلات الفقهية عن ( الاستنجاء ) وكيفيته هى نوع من الجنون الرسمى والمقزز ، ولكنها الوحى الشيطانى بتفصيلاته المُقرفة .

7 ـ ونعتذر مقدما للقارىء فى نقل ما قاله أبو حامد الغزالى فى كتابه ( إحياء علوم الدين )  فى ( كتاب أسرار الطهارة ) عن كيفية تعليم النبى أصحابة ( الخراءة ) ، يقول مستشهدا بأحاديث شيطانية : ( وفي حديث سلمان رضي الله عنه: " علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة ، فأمرنا أن لا نستنجي بعظم ولاروث ونهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول " . حديث سلمان " علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة . " . الحديث أخرجه مسلم.  وقد تقدم في قواعد العقائد . وقال رجل لبعض الصحابة من الأعراب وقد خاصمه : " لا أحسبك تحسن الخراء" .!  قال: " بلى وأبيك، إني لأُحسنها ،وإني بها لحاذق؛  أبعد الأثر وأعد المدر وأستقبل الشيح وأستدبر الريح وأقعى إقعاء الظبي وأجفل إجفال النعام . " . الشيح نبت طيب الرائحة بالبادية ،والإقعاء ههنا أن يستوفز على صدور قدميه،  والإجفال أن يرفع عجزه . ومن الرخصة أن يبول الإنسان قريبا من صاحبه مستترا عنه . حديث البول قريبا من صاحبه متفق عليه من حديث حذيفة . فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شدة حيائه ليبين للناس كيفية الاستنجاء . ثم يستنجي لمقعدته بثلاثة أحجار ، فإن أنقى وإلا استعمل رابعا ، فإن أنقى وإلا استعمل خامسا . لأن الإنقاء واجب، والإيتار ( أى الوتر ثلاثا فخمسا ) مستحب . قال صلى الله عليه وسلم : " من استجمر فليوتر. "  حديث : " من استجمر فليوتر " متفق عليه من حديث أبي هريرة . ويأخذ الحجر بيساره ويضعه على مقدم المقعدة قبل موضع النجاسة ، ويمره بالمسح ، والإدارة إلى المؤخر . ويأخذ الثاني ويضعه على المؤخر كذلك ويمره إلى المقدمة،  ويأخذ الثالث فيديره حول المسربة إدارة فإن عسرت الإدارة ومسح من المقدمة إلى المؤخرةأجزأه.  ثم يأخذ حجرا كبيرا بيمينه والقضيب بيساره ويمسح الحجر بقضيبه ، ويحرك اليسار فيمسح ثلاثا في ثلاثة مواضع،  أوفى ثلاثة أحجار أو في ثلاثة مواضع من جدار إلى أن لا يرى الرطوبة في محل المسح.  فإن حصل ذلك بمرتين أتى بالثالثة ، ووجب ذلك إن أراد الاقتصار على الحجر . وإن حصل بالرابعة استحب الخامسة للإيتار ، ثم ينتقل من ذلك الموضع إلى موضع آخر.  ويستنجي بالماء بأن يفيضه باليمنى على محل النجو ، ويدلك باليسرى حتى لا يبقى أثر يدركه الكف بحس اللمس ، ويدرك الاستقصاء فيه بالتعرض للباطن،  فإن ذلك منبع الوسواس . وليعلم أن كل ما لا يصل إليه الماء فهو باطن . ولا يثبت حكم النجاسة للفضلات الباطنة ما لم تظهر . وكل ما هو ظاهر وثبت له حكم النجاسة فحد ظهوره أن يصل الماء إليه فيزيله.  ولا معنى للوسواس . ويقول عند الفراغ من الاستنجاء :" اللهم طهر قلبي من النفاق وحصن فرجي من الفواحش. "  ويدلك يده بحائط أو بالأرض إزالة للرائحة إن بقيت . والجمع بين الماء والحجر مستحب . ) .!!

8 ـ يضيق الصدر عن تحليل هذا الكلام . ولكن أتذكر تجربة مزعجة تستعصى على النسيان : جاءنى صديق وأنا فى الجامعة يرجونى أن اشرح لأخته الطالبة فى الاعدادى الأزهرى كتاب الفقه عن الاستنجاء، بما فيه إستنجاء المرأة . كان هذا شيئا نتندر عليه وقتها ، ولكن كيف يمكن شرحه لفتاة عذراء ؟ قرأت المكتوب وشعرت بالخجل بديلا عن التندر ، وإعتذرت عن الشرح .

9 ـ ولا تزال كتب الفقه على حالها فى الأزهر الشريف جدا .

ثانيا : فى التشريع :

  جاءت تفصيلات شيطانية أضاعت التشريعات القرآنية ، ونعطى منها مثلين :

1 ـ فالمحرمات فى الزواج جاء فى قول رب العزة جل وعلا : ( وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً (22) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمْ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً (23) وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ) النساء ) .

 فالمحرمات هنا بالنص القرآنى كالآتى "الأم" "البنت" الأخت" "العمة" "الخالة" "بنت الأخ" "بنت الأخت" "الأم من الرضاعة" "الأخت من الرضاعة" "أم الزوجة" "بنت الزوجة التى دخل بها زوجها" "زوجة الابن من الصلب" "أخت الزوجة فى وجود الزوجة على ذمة زوجها وفى عصمته" ثم "المرأة المتزوجة بزوج آخر إلا إذا فسخ عقد زواجها بملك اليمين" فهنا خمس عشرة امرأة محرمة فى الزواج عندما نضيف "زوجة الأب".
وقد حرص القرآن الكريم على توضيح التفصيلات والاستثناءات والمحترزات لتتضح الصورة كاملة، فأجازعلى سبيل الاستثناء أنواع الزواج الباطل الذى كان موجوداً قبل نزول الآية وأقره بصفة مؤقتة ولكن حرم أن ينشأ بعد تلك الحالات الموجودة حالات أخرى، ففى تحريم زواج أرملة الأب أو طليقة الأب قال تعالى ﴿ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم إلا ما قد سلف﴾ وفى تحريم الجمع بين الأختين فى الزواج قال تعالى ﴿وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف﴾ ومع أنها كانت حالات فردية معدودة وقت نزول القرآن إلا أن القرآن الكريم الذى فصل كل شىء تفصيلاً والذى نزل تبياناً لكل شىء أفسح لها مجالاً للتوضيح طالما يستدعى الأمر ذلك.وأوضح القرآن بأفصح بيان معنى البنت الربيبة بالتفصيل ﴿وربائبكم اللاتى فى حجوركم من نسائكم اللاتى دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم﴾.وأوضح معنى زوجة الابن المحرمة ﴿وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم﴾ أى لابد أن يكون الابن من صلب أبيه وليس ابناً بالتبنى ولذلك أمر الله تعالى أن يطلق زيد بن حارثة- الذى تبناه النبى- زوجته زينب بنت جحش ليتزوجها النبى فيما بعد.وأوضح حرمة الزواج من المرأة المتزوجة التى لا تزال فى عصمة زوجها إلا إذا فقدت حريتها وأصبحت مملوكة وحينئذ ينفسخ عقد زواجها وبعد انتهاء عدتها يمكن لها الزواج ﴿والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم﴾.
وبعد أن حصر القرآن المحرمات وفصّل القول فيهن تفصيلاً قال تعالى ﴿كتاب الله عليكم﴾ أى أن تحريم هؤلاء النسوة مكتوب ومفروض عليكم، فهنا حكم جامع مفصل بالتحريم، وبعده قال تعالى ﴿وأحل لكم ما وراء ذلكم﴾ أى أنه من بعد المحرمات المنصوص عليهن فى الآيات الثلاث فكل النساء أمامكم حلال للزواج الشرعى ولسن محرمات بأى حال.
ومعناه أن القرآن الكريم أحاط النساء المحرمات بسور تشريعى جامع مانع، وما بعد ذلك السور فكل النساء حلال للزواج. وبمعنى أدق فلا يجوز هنا أن نجتهد الا فى تطبيق هذا النص كما هو خصوصا وهو نص تشريعى جامع مانع لا يجوز الاضافة له او الحذف منه حتى لا نعتدى على تشريع الله، ولكن تفصيلات الفقهاء الشيطانية أعملت القياس ، فحرموا الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها قياسا على حرمة الجمع بين المرأة وأختها، وحرموا الخالة والعمة من الرضاع قياساً على تحريم الأم من الرضاع والأخت من الرضاع، ثم صاغوا فى ذلك أحاديث هى أشبه بمتون الفقه وأحكام الفقهاء فقالوا "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" وقالوا "لا يجمع الرجل بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها".
وهنا يقع التناقص مع كتاب الله..فإذا أراد رجل أن يتزوج عمة زوجته أجاز له القرآن ذلك لأن عمة الزوجة ليست من المحرمات فى نص القرآن ولأنها تدخل فى الحلال من النساء للزواج ضمن قوله تعالى ﴿وأحل لكم ما وراء ذلكم﴾ ولكن كتب الفقه تجعل ذلك الحلال القرآنى حراماً.وإذا أراد رجل أن يتزوج خالته من الرضاع أحلها له القرآن وحرمها عليه الفقه..!! وذلك يعنى بوضوح أنهم يحرمون ما أحل الله وينسبون ذلك للرسول ، والرسول عليه السلام برىء من ذلك..

 2 ـ فى تحريم قتل النفس البريئة ُ جاءت باسلوب الحصر والقصر قاعدة تشريعية تكررت فى القرآن ثلاث مرات ليتعظ بها كل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، قال جل وعلا  فى الوصايا العشر فى سورة الأنعام ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ النّفْسَ الّتِي حَرّمَ اللّهُ إِلاّ بِالْحَقّ ذَلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ (الأنعام 151).وقال جل وعلا فى سورة الإسراء ضمن وصايا أخرى ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ النّفْسَ الّتِي حَرّمَ اللّهُ إِلاّ بِالحَقّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فّي الْقَتْلِ إِنّهُ كَانَ مَنْصُوراً﴾ (الإسراء 33). أى أن الله جل وعلا جعل لأهل القتيل المظلوم سلطاناً يتمكنون به من قتل القاتل وأخذ الدية منه، ويحذر أهل القتيل من الإسراف فى القتل، أى قتل شخص آخر غير القاتل، أو تعذيب القاتل عند قتله أو التمثيل به..ويقول سبحانه وتعالى فى سورة الفرقان فى حديثه عن صفات "عباد الرحمن" ﴿وَالّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللّهِ إِلَـَهَا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النّفْسَ الّتِي حَرّمَ اللّهُ إِلاّ بِالْحَقّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً﴾ (الفرقان 68).

ويلاحظ  التعبير بأسلوب القصر والحصر بالنفى والاستثناء فى تلك القاعدة القرآنية ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ النّفْسَ الّتِي حَرّمَ اللّهُ إِلاّ بِالحَقّ﴾، ﴿وَلاَ يَقْتُلُونَ النّفْسَ الّتِي حَرّمَ اللّهُ إِلاّ بِالْحَقّ﴾. ومعناه أن الله تعالى حرم قتل النفس، وتلك هى القاعدة الأساسية، والاستثناء الوحيد هو القصاص الذى نزل فى كلام الله الحق الذى لا ريب فيه والذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والذى هو تنزيل من حكيم حميد..!!. يقول تعالى عن القرآن ﴿وَبِالْحَقّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقّ نَزَلَ﴾ (الإسراء 105). فالحق الذى نستطيع به الاستثناء من القاعدة القائلة ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ النّفْسَ الّتِي حَرّمَ اللّهُ إِلاّ بِالحَقّ﴾ هو كلام الله تعالى الحق فى القرآن الحق الذى نزل بالحق أى هو القصاص، ومن يناقض القرآن فهو باطل وافتراء يبرأ منه الله ورسوله، وإذا تعلق ذلك الافتراء بقتل الناس بدون وجه حق فهو الفساد فى الأرض والله تعالى لا يحب الفساد..

ولكن التفصيلات الشيطانية أضاعت هذا التشريع الالهى ، فاستحلوا قتل النفس خارج القصاص بحجّة الردة والزنا المحصن والمفارق للجماعة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والشذوذ الجنسى والتعزير ، وجعلوه قتلا عاما بحديث الجهاد السنى ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا .. ) .!!

أخيرا

قلنا هذا الكلام فى التسعينيات بلا فائدة . وانتهى الأمر بظهور داعش . هل نلوم داعش ؟ أم نلوم شيوخ الارهاب والتخلف السُّنّى ؟

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الإمام مالك بن أنس ( الهجّاص الكبير )

أولا : الروايات التاريخية عن مالك                                                          

1 ــ أشارمحمد بن سعد فى ( الطبقات الكبرى ) الى مالك بن أنس عشرات المرات فى معرض التأريخ للتابعين الذين روى عنهم مالك و الذين صحبوا مالك أو رووا عنه ، إلا أن ترجمته لمالك جاءت فى جزء متمم من (الطبقات الكبرى)  لم يتيسر لنا الحصول عليه. والطبقات الكبرى لابن سعد هو أقدم مصدر تاريخى يؤرخ لطبقات الصحابة و التابعين وتابعيهم . و قد مات ابن سعد عام  230على أصح الأقوال. وقد اعتمد على (الطبقات الكبرى) لابن سعد معظم من جاء بعده ليؤرخ للصحابة و التابعين.

2 ـ وكما أن (الطبقات الكبرى) هو العمدة فى التاريخ للصحابة و التابعين وتابعيهم حتى بدايات العصر العباسى فان (تاريخ الطبرى) هو العمدة فى التاريخ السياسى للمسلمين من عصر النبوة الى سنة 302 ثم توفى الطبرى عام 310 . واذا كان الطبرى يركز على الحكام والصراع السياسى فى تاريخه فان ابن سعد كان يركز على  على العلماء والرواة وجهدهم العلمى, ولذلك فان مالك لم يحظ فى تاريخ الطبرى سوى بعض السطور فى معرض الحديث عن ثورة محمد النفس الزكية العلوى الخارج على الخليفة ابى جعفر المنصور ؛ ففى أحداث عام 144 ذكر الطبرى ان الخليفة ابا جعفر المنصور لما حج استدعى بعض كبار المدينة و منهم مالك بن أنس وسالهم السعى فى تسليم محمد النفس الزكية  وأخيه ابراهيم) ( تاريخ الطبرى 7 / 539 ) وفى العام التالى حين أعلن محمد النفس الزكية ثورته ذكر الطبرى ان أهل المدينة استفتوا مالك فى الخروج مع محمد ضد الخليفة العباسى ، وقالوا له : إن فى أعناقنا بيعة لأبى جعفر المنصور ، فشجعهم مالك على  نقض بيعتهم لأبى جعفر قائلا : إنما بايعتم مكرهين وليس على مكره يمين ، يقول الطبرى : ( فأسرع الناس الى محمد ، ولزم مالك بيته ). ( تاريخ الطبرى 7 / 560 ) أى أنه حرضهم على الثورة وتخلى عنهم ، وعدا ذلك فان الطبرى لم يذكر شيئا عن مالك سوى نقل بعض الروايات التاريخية عنه . ومع أن مالك تعرض لعقوبة من السلطات العباسية بسبب موقفه إلا إن هذا لم يشفع له عند الطبرى فتجاهل ما حدث له من ضرب وإهانة ، ربما لأن مالك بن أنس ( 93 ـ 179 ) لم تكن شهرته قد طبقت الآفاق ـ بعد ـ فى عصر الطبرى الذى عاش فيما بين ( 224 ـ 310 ).

3 ـ بمرور الزمن تحول مالك الى صاحب مذهب فقهى مشهور ، وانتشر كتابه ( الموطأ ) بروايات مختلفة ومدونته فى الفقه فيما بين العراق و شمال افريقيا و الأندلس ، و بدأت فى التعاظم صورة مالك فى الكتابات التاريخية اللاحقة. ومن الطبيعى أن تلك الاضافات اللاحقة كانت أكاذيب من بنات أفكار المؤرخين الذين جاءوا فيما بعد فى عصر المذاهب الفقهية و التعصب المذهبى والذى تحول فيه أئمة المذاهب ـ فى عقول أتباعها ـ الى كائنات مقدسة.

4 ـ وعليه فلدينا نوعان من التأريخ لمالك بن أنس؛ أحدهما كان الأقرب الي الاعتدال والتعقل ، ويتمثل هذا فى ترجمة مالك التى ذكرها المؤرخ الفقيه الحنبلى المحدث ابن الجوزى المتوفى سنة 597 فى تاريخ ( المنتظم ) وقد جمع فيه ما قيل عن مالك مما كتبه ابن سعد والواقدى والطبرى ، ومثله المؤرخ المفسر المحدث الحنبلى ابن كثير (ت 774 ) فى ( البداية و النهاية ) وقد تطابقت الى حد كبير مع ما ذكره ابن الجوزى عن مالك فى المنتظم ، ثم نوعيات أخرى من التاريخ لمالك يغلب عليها طابع المدح و التمجيد وربما التقديس ، وبصور متفاوتة مختلفة كما يلاحظ فى ( تهذيب التهذيب )و ( صفوة الصفوة ) و( حلية الأولياء) و(وفيات الأعيان ) ( اللباب ) .ونكتفى بمناقشة ترجمة مالك فى (المنتظم) لابن الجوزى

ثانيا : ترجمة مالك فى تاريخ المنتظم لابن الجوزى

عن مالك يقول المؤرخ الفقيه المحدث ابن الجوزى فى تاريخه المنتظم ، ( ج 9 / 42 ـ ) : 

( الإمام مالك بن أنس بن مالك بن عامر بن الحارث بن غَيْمان بالغينالمعجمة بعدها ياء مثناة من تحتها - بن جُثَيل - بالجيم بعدها ثاء مثلثة - بن عمروبن الحارث وهو ذو أصبح .

حُمِل بمالك ثلاث سنين، وكان طوالًا عظيم الهامة أصلع شديد البياضإلى الشقرة أبيض الرأس واللحية ‏.رأى خلقًا من التابعين وروى عنهم . وكان ثقة حجة ، يلبس الثياب العدنيةالجياد ، وكان نقش خاتمه (حسبي الله ونعم الوكيل)فقيل له‏:‏ لِم نقشت هذا فقال‏:‏ سمعتالله يقول عقب هذه الآية ‏: (‏فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سُوْء‏). وكانإذا دخل بيته فأدخل رجله قال‏:‏ ما شاء الله وقال‏:‏ سمعت الله يقول‏:‏ ‏(ولولا إذ دخلت جنتك قلت ماشاء اللّه‏).

أخبرنا محمد بن ناصر قال‏:‏ أخبرنا أبو سهل بن سعدويهقال‏:‏ أخبرنا أبو الفضل محمد بن الفضل القرشي قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر بن مردويهقال‏:‏ حدَّثنا سليمان بن أحمد قال‏:‏ حدثنا مسعدة بن أسعد العطار قال‏:‏ حدثناإبراهيم بن المنذر قال‏:‏ سمعت معن بن عيسى يقول‏:‏ كان مالك بن أنس إذا أراد أنيحدث بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم اغتسل وتَبخر وتطيب فإذا رفع أحد صوتَهعنده قال‏:‏ اغضض من صوتك فإن اللهّ عز وجل يقول‏:‏ ‏(‏يا أيها الذين آمنوا لاترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي‏) ،‏ فمن رفع صوته عند حديث النبي صلى اللهعليه وسلم فكأنما رفع صوته فوق صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏.‏

 أخبرنا محمد بن أبي القاسم أخبرنا حمد بن أحمد الحداد أخبرنا أبونعيم الحافظ حدثنا محمد بن علي بن عاصم قال‏:‏ سمعت الفضل بن محمد الجندي يقول‏:‏سمعت أبا مصعب يقول‏:‏ سمعت مالك بن أنس يقول‏:‏ ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهللذلك ‏.‏

 أخبرنا محمد بن عبد الباقي ابن سليمان قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن أحمدقال‏:‏ أخبرنا أبو نعيم الأصفهاني الحافظ قال‏:‏ حدثنا أبو محمد بن حيان قال‏:‏حدَّثنا أبو محمد بن أحمد بن عمرو قال‏:‏ حدثنا أحمد بن عبد الله بن كليب قال‏:‏حدثني أبو طالب عن أبي عبيدة قال‏:‏ سمعت ابن مهدي يقول‏:‏ سأل رجل مالكًا عن مسألةفقال‏:‏ لا أحسنها ‏.‏فقال الرجل‏:‏ إني ضربت إليك من كذا وكذا لأسألك عنها ‏.‏فقال له مالك ابن أنس‏:‏ إذا رجعت إلى مكانك وموضعك فأخبرهم إني قدقلت لك لا أحسنها ‏.‏

 أخبرنا زاهر بن طاهر قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقيقال‏:‏ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال‏:‏ حدثنا أبو الحسين محمدبن يحيى العلوي قال‏:‏ حدَثنا أبو علي الغطريف قال‏:‏ حدَّثنا أبو إسماعيل الترمذيحدثنا نعيم بن حماد قال‏:‏ سمعت ابن المبارك يقول‏:‏ ما رأيت رجلًا ارتفع مثل مالكبن أنس من رجل ليس له كثير صلاة ولا صيام إلا أن تكون له سريرة عند الله ‏.‏

 أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال‏:‏ أخبرنا الجوهري قال‏:‏ أخبرنا ابنحيوية قال‏:‏ أخبرنا أبو أيوب الجلاب أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال‏:‏ حدَّثنامحمد بن سعد قال‏:‏ حدَّثنا محمد بن عمر قال‏:‏ لما دُعي مالك وسُور وسُمع منهشَنِف الناس له وحسدوه فلما ولي جعفر بن سليمان المدينة سعوا به إليه وقالوا‏:‏ إنهلا يرى أيمان بيعتكم بشيء وهو يأخذ بحديث رواه عن ثابت عن الأحنف في طلاق المكرهأنه لا يجوز فغضب جعفر بن سليمان فدعا بمالك فاحتج عليه بما رُقي إليه ثم جردهومدَّه وضربه بالسياط ومُدت يده حتى انخلع كتفاه وارتُكب منه أمر عظيم فو الله مازال بمالك بعد ذلك من رفعة عند الناس وكأنما كانت تلك السياط حُليًا حُليَ بها‏.‏

 وكان يشهد الصلوات والجنائز والجمعة ويعود المرضى ويجلس في المسجدويجتمع إليه أصحابه ثم ترك الجلوس في المسجد وكان يصلىِ ثم ينصرف وترك شهود الجنائزوكان يأتي أهلها فيعزيهم،ثم ترك ذلك كله فلم يكن يشهد الصلوات في مسجد ولا الجمعةولا يأتي أحدًا يُعزيه،واحتمل الناس له ذلك،  ومات على ذلك ، وربما كُلم في ذلكفيقول‏:‏ ليس كل الناس يقدر يتكلم بعذره ‏.‏

 ومنذ خرج محمد بن عبد الله بن حسن بالمدينة لزم مالك بيته فلم يخرجحتى قتل محمد، وكان يجلس في منزله على ضجاع له ونمارق مطروحة يمنة ويسرة في سائرالبيت لمن يأتيه من قريش والأنصار،  وكان مجلسه مجلس وقار وحلم،وكان نبيَلًا مهيبًالايستفهم هيبة ‏.‏

 قال محمد بن سعد‏:‏وحدثنا ابن أبي أويس قال:اشتكى مالك أيامًايسيرة فسألت بعض أهلنا وتوفي في صبيحة أربعة عشر من ربيع الأول سنة تسع وسبعينومائة في خلافة هارون،وصلى عليه والي المدينة عبد الله بن محمد بن إبراهيم ، ودفنبالبقيع وهو ابن خمس وثمانين سنة ، وقيل‏:‏ توفي في صفر من هذه السنة رضي الله عنه‏.‏(

ثالثا : مناقشة ابن الجوزى فى ترجمته لمالك:

1 ـ  من حيث المصادر التى اعتمد عليها ابن الجوزى  فى ترجمته لمالك  وتعامله معها فانه نقل عن إثنين من المؤرخين تناقض منهجهما فى التأريخ :ابن سعد وأبى نعيم الأصفهانى . ابن سعد هو الذى سبق الجميع فى التأريخ لغير الحكام ، وحاول الدقة فى النقل ،أما أبو نعيم  الأصفهانى صاحب (حلية الأولياء ) فهو أول من كتب فى التراجم بطريقة المدح و سرد المناقب واختراع المنامات. إلا أن ابن الجوزى تجاهل الروايات الفجة فى ( حلية الأولياء) واكتفى بنقل رواية معقولة ممكن تصديقها .

كما نلاحظ ان ابن الجوزى لم ياخذ برواية الطبرى التى اشرنا اليها فى فتوى مالك لصالح ثورة محمد النفس الزكية وأثر ذلك فى تعرضه للتعذيب من قبل السلطات العباسية.  ابن الجوزى يرجع تعذيب مالك الى حسد بعض الناس له وسعيهم الى والى المدينة العباسى للايقاع به يقول ‏:‏(لما دُعي مالك وسُور وسُمع منهشَنِف الناس له وحسدوه فلما ولي جعفر بن سليمان المدينة سعوا به إليه وقالوا‏:‏ إنهلا يرى أيمان بيعتكم بشيء وهو يأخذ بحديث رواه عن ثابت عن الأحنف في طلاق المكرهأنه لا يجوز فغضب جعفر بن سليمان فدعا بمالك فاحتج عليه بما رُقي إليه ثم جردهومدَّه). وهنا يناقض ابن الجوزى نفسه ، لأنه قبل ذلك حين أرّخ لثورة محمد النفس الزكية قال (واستفتي مالك بن أنس في الخروج مع محمد وقيل له‏:‏ إن في أعناقنا لأبي حعفر بيعة‏.‏فقال‏:‏ إنما بايعتم مكرهين وليس على مكره يمين فأسرع الناس إلى محمدٍ ولزم مالكبيته ) ( المنتظم 8 / 64 ) وابن الجوزى ينقل بالنص ما ذكره الطبرى ، ثم يناقض نفسه فيما بعد. 

2 ـ  يقول ابن الجوزى (حُمِل بمالك ثلاث سنين) والمفهوم أنه ولد بعد موت أبيه بعد أن ظل  جنينا فى بطن أمه ثلاث سنين. ولا يمكن لجنين أن يبقى فى بطن أمه ثلاث سنين ، وهنا اتهام لمالك بأنه ابن زنا ، واتهام لأم مالك بالزنا ، وهذا ما نرفضه جملة و تفصيلا.  ولكن لا بد من بعض الايضاح.

فمن الخبل العقلى لفقهاء الدين السنى قولهم بأن مدة الحمل للمرأة تتجاوز السنة وأكثر. و ننقل من كتاب ( الفقه على المذاهب الأربعة ) للجزيرى موجز ما قالته المذاهب الفقهية السنية، فقد اتفقوا على أن أقل مدة للحمل هى ستة أشهر ، ولكن اختلفوا فى أطول مدة للحمل  : فقال المالكية إن أكثرها خمس سنين ، وهذا هو المشهور الذى درج عليه القضاء عندهم . وقال الحنفية إن أكثرها سنتان ، وقال الشافعية و الحنابلة إن أكثرها اربع سنين.( الفقه على المذاهب الأربعة 4 / 523 ، 521 ، 525 ، 527 )وعليه فان أى امرأة طلقها زوجها أو مات عنها يمكنها  ـ خلال سنتين الى أربع أو خمس سنوات  ـ ان تنجب من الزنا وتنسب ولدها للزوج السابق، ويرث هذا الابن ما ليس حقا له من نسب وثروة الزوج الذى لا صلة له بذلك الابن. وهذا ما كان يحدث فى الحياة الاجتماعية العباسية و المملوكية ،ولا غبار عليه طبقا لتشريع الفقه السنى .

ولقد غفل الفقه السنى عما جاء فى القرآن الكريم فيما يخص مدة الحمل : فالله تعالى جعل مدة الحمل و الرضاعة معا ثلاثين شهرا (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ) ( الأحقاف 15 ) وتعبير (وفصاله ) بالغ الدلالة عن حال الطفل الوليد الرضيع الملتصق بأمه قبل الفطام. أى أنه يكون متصلا بامه وهو جنين قبل الولادة ، ثم يظل ملتصقا بها بعد الولادة فترة الرضاعة . وفترة التصاق الولد بالأم داخل الرحم وداخل أحضانها مدتها ثلاثون شهرا.ثم يذكر القرآن أن فترة الفصال وحدها بعد الحمل مدتها عامان (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ) ( لقمان 14 ). وخلال هذين العامين بعد الولادة تكون أطول مدة للرضاعة (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ) ( البقرة 233 ). وعليه فحين نخصم سنتى الرضاعة  من الثلاثين شهرا يتبقى ستة اشهر كأقصر مدة للحمل. فاذا كان الحمل طبيعيا فانه تسعة أشهر ، و يظل هناك متسع للرضاعة خلال 21 شهرا. وفصال الطفل عن أمه يتدرج خلال سنته الثانية الى أن ينفصل عنها وينطلق يلهو ويتعرف على بيئته المحيطة به.

من الطبيعى أن تتعارض هذه الحقائق القرآنية مع الخبل الفقهى الذى يجعل حمل المرأة يصل الى عامين وأكثر، ولكن تمسك الفقهاء السنيون بما قالوه ، و حاولوا إثباته بالروايات الكاذبة المختلقة المختلفة ، ومنها جاءت هذه الرواية الكاذبة التى تجعل أم مالك تحمل به ثلاث سنين ليتخذ منها فقهاء المالكية حجة على ان الحمل يزيد عن العامين ردا على الحنفية الذين توسطوا فقالوا بان أكثر مدة للحمل سنتان. وهم أشبه بالدبة التى أرادت طرد ذبابة من على وجه صاحبها فألقت على وجهة صخرة لتقتل الذبابة فقتلت صاحبها .. وكم فى الفقه السنى من أعاجيب .!!.

رابعا : شخصية مالك من خلال ترجمته فى المنتظم لابن الجوزى

1 ـ مانكتبه هنا ليس حقائق يقينية عن مالك،بل هو رؤية تحليلية للروايات التى قيلت عنه آنفا . مالك ابن أنس الحقيقى لا يعلمه الا الله تعالى ، وهو بالنسبة لنا أخبار تاريخية نسبية تقبل الشك وتحتمل الاثبات ، وليس قضية ايمانية على الاطلاق ، بمعنى اذا نفيت وجوده من الأصل أو اذا أثبت كل أو بعض ما قيل عنه فلن يؤثر ذلك شيئا فى ايمانك أو عقيدتك. وما ينطبق على مالك ينطبق على كل الشخصيات التاريخية. ولا شأن لنا هنا بالذين يقدسون الشخصيات التاريخية من الصحابة و الأئمة و أسماء ما أنزل الله تعالى بها من سلطان.  هم خارجون عن المنهج العلمى و خارجون عن حقائق الاسلام اليقينية القرآنية التى تحصر الايمان بالله تعالى وكتبه ورسله واليوم الاخر، وليس فيها مجال للايمان بشخص ، وانما بالوحى الالهى الذى يصير به شخص ما نبيا ورسولا . هذا التوضيح نكرره كثيرا لأن أغلبية المسلمين لا توال تعيش فى مرحلة عبادة الأبطال. 

2 ـ  تنقسم حياة مالك الى فترتين : الأولى فترة العزة و الايجابية و الاختلاط بالناس ، والثانية بعد أن تعرض للاهانة و الضرب عام 145 فاعتزل الناس تدريجيا وانقطع عن صلاة الجمعة و الجماعة و شهود الجنازات ، الى أن مات عام 179 .

3 ـ السمة الرئيسة فى شخصية مالك هى الاعتزاز الشديد  بالنفس ، ويظهر هذا الاعتزاز بصور مختلفة فى فترتى حياته ، ومن ذلك :

* اهتمامه بمظهره ومسكنه ، فخلافا لحركة الزهد التى انتشرت فى عهده كان مالك (يلبس الثياب العدنيةالجياد) وكان  فى منزله(يجلس في منزله على ضجاع له ونمارق مطروحة يمنة ويسرة في سائرالبيت لمن يأتيه من قريش والأنصار)

** واعتزازه بعلمه الى درجة المبالغة فقال( ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهللذلك) ، ولم يوجد هذا العدد من العلماء البارزين فى المدينة التى التصق بها مالك طيلة حياته . فالمفهوم أن مالك وقت حاجته لهذه الشهادة كان شابا ، وبمراجعة لعلماء المدينة ومكة نراهم أقل كثيرا من السبعين ‏.‏ولم تكن لمالك (رحلة ) لطلب العلم خارج المدينة. وكان شيوخه يعدون على الأصابع ، وأكثر من تتلمذ مالك على يديه هو ربيعة الرأى.

4 ــ وعزز من اعتزازه بعلمه أنه جاء استجابة لرغبة أهل المدينة من أحفاد المهاجرين والأنصار ـ فى أن يظهر من بينهم عالم عربى يكسر احتكار الموالى للعلم فى ذلك الوقت. قبيل ظهور مالك كان شيخ المدينة فى العلم أحد الموالى ، وكان شيخا لمالك و ابى حنيفة و الليث بن سعد ، أنه ربيعة الرأى الذى كان شيخ مالك والذى كان أعلم من مالك. أى جاء مالك أقل علما من شيخه ربيعة، ولكن حاز مالك الشهرة دون شيخه لسبب بسيط هو ان ربيعة كان من الموالى ، أى أقل درجة فى السلم الاجتماعى من العرب ، لذلك احتفل اهل المدينة بوجود تلميذ عربى لربيعة الرأى فارتفعوا به فى الشهرة فوق شيخه، ومات ربيعة الرأى مجهولا بينما نعم مالك بالشهرة و الصيت لأنه امتاز عن ربيعة بشىء وحيد أنه عربى من الأنصار. لقد مات ربيعة الرأى عام 136 وقت أن اشتهر تلميذه مالك فى المدينة ، ويروى ابن الجوزى فى ( المنتظم ) فى ترجمة ربيعة هذا أن بعضهمقال ( أتينا مالك بن أنس فجعل يحدثنا عن ربيعة الرأي فكنا نستزيده من حديث ربيعةفقال لناذات يوم‏:‏ ما تصنعون بربيعة هو نائم في ذاك الطاق ، فأتينا ربيعة فأنبهناهفقلنا له‏:‏ أنت ربيعةبن أبي عبد الرحمن قال‏:‏ نعم .قلنا‏:‏ ربيعة بنفروخ؟  قال‏:‏ بلى .قلنا‏:‏ ربيعة الرأي ؟ قال‏:‏ نعم ، قلنا‏:‏ الذي يحدث عنك مالك بن أنس؟ قال‏:‏ نعم.  قلنا‏:‏ كيف حظي بكمالك ولم تحظ أنتبنفسك؟ قال‏:‏ أما علمتم أن مثقالًا من دولة خير من حمل علم‏ ) ( المنتظم 7 / 351 ـ ) سألوه لماذا حظى مالك بالشهرة بالعلم الذى أخذه من ربيعة بينما لم يحظ ربيعة نفسه بما يستحق من شهرة ، وأجاب ربيعة بتلك الكلمة القصيرة التى أوجزت الموقف كله : فالنفوذ السياسى والاجتماعى فى عصور الاستبداد هو الذى يرتفع بمتوسطى العلم الى درجة الشهرة بينما يعانى العلماء الحقيقيون من النسيان والاهمال.

ولاحساسه بأنه أقل علما من استاذه ربيعة فقد حرص مالك على تعويض هذا النقص بالمبالغة فى الاعتداد بنفسه الى درجة تقمص شخصية النبى محمد عليه السلام. فتراه حين يستشهد بآية قرآنية يقول ( سمعت الله ) كما لو أن رب العزة يكلمه وأنه ـ أى مالك ـ يسمع كلام الله  (سمعتالله يقولعقب هذه الآية ‏: (‏فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سُوْء‏). وكانإذا دخل بيته فأدخل رجله قال‏:‏ ما شاء الله وقال‏:‏ سمعت الله يقول‏:‏ ‏(ولولا إذ دخلت جنتك قلت ماشاء اللّه‏).

وعلى عكس شيخه ربيعة المتواضع كان مالك فى مجلس العلم يحرص على ابتداع طقوس معينة يتقمص فيها شخصية النبى محمد بحيث يفرض على الناس احترامه بمثل الاحترام الذى كان للنبى محمد فى حياته.(كان مالك بن أنس إذا أراد أنيحدث بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم اغتسل وتَبخر وتطيب فإذا رفع أحد صوتَهعنده قال‏:‏ اغضض من صوتك فإن اللهّ عز وجل يقول‏:‏ ‏(‏يا أيها الذين آمنوا لاترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي‏) ،‏ فمن رفع صوته عند حديث النبي صلى اللهعليه وسلم فكأنما رفع صوته فوق صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏.‏) هذا مع أن مالك كان يقول روايات منسوبة كذبا للنبى محمد عليه السلام ، و لم يكن للنبى محمد عليه السلام أدنى علاقة بها ، سوى علاقة التناقض و التضاد.

5 ــ وبهذه الزعامة الدينية والاجتماعية أصبح مالك من زعماء المدينة بحيث كان ضمن كبار رجالها الذين طلب منهم الخليفة العباسى أبو جعفر المنصور أن يقنعوا محمدا النفس الزكية بتسليم نفسه. وبهذه الزعامة الدينية و السياسية نال مالك بن أنس ما لا يستحق من شهرة فى حياته فقال عنه ابن المبارك(  ما رأيت رجلًا ارتفع مثل مالكبن أنس من رجل ليس له كثير صلاة ولا صيام إلا أن تكون له سريرة عند الله ‏.‏) ولذلك لم يكن مجلس علمه مليئا بضوضاء الأسئلة و النقاش ، بل كان مجلس رجل واحد يتكلم والآخرون يصمتون هيبة لا يقدرون على الاستفهامو النقاش والاستيضاح :( وكان مجلسه مجلس وقار وحلم،وكان نبيَلًا مهيبًالايستفهم هيبة ‏.‏)

6 ــ وبالضرب والاهانة تحطمت كل هذه الهالة التى أحاط مالك بها نفسه، ويبدو أن الوالى العباسى  كان حريصا على جعل العقوبة اهانة شخصية لمالك فقد جرده من ملابسه و ضربه(جردهومدَّه وضربه بالسياط ومُدت يده حتى انخلع كتفاه وارتُكب منه أمر عظيم )

7 ــ وانقلبت أحوال مالك بعد هذه الاهانة فأخذ فى اعتزال الناس ، ثم بالغ فى العزلة حتى ترك صلاة الجمعة وصلاة الجنازة(وكان يشهد الصلوات والجنائز والجمعة ويعود المرضى ويجلس في المسجدويجتمع إليه أصحابه ثم ترك الجلوس في المسجد وكان يصلىِ ثم ينصرف وترك شهود الجنائزوكان يأتي أهلها فيعزيهم،ثم ترك ذلك كله فلم يكن يشهد الصلوات في مسجد ولا الجمعةولا يأتي أحدًا يُعزيه،واحتمل الناس له ذلك،  ومات على ذلك ، وربما كُلم في ذلكفيقول‏:‏ ليس كل الناس يقدر يتكلم بعذره) .

8 ـ لهذا لا نصدق تلك الرواية التى قيلت فيما بعد ، تزعم أن الخليفة هارون الرشيد بعث الى مالك ليأتى الى بغداد ليحدثه ، فقالله مالك : "  العلم يُؤتى " ،يريد  أن يأتى اليه الرشيد تلميذا ، تقول الرواية الكاذبة : ( فقصد الرشيد منزله واستند إلى الجدار، فقال مالك: يا أمير المؤمنين، من إجلال رسول الله إجلال العلم. فجلس بين يديه، فحدثه .).

هى رواية ساقطة لأنه كان للرشيد من يتسلى بهم من رواة الأحاديث ، أشهرهم أبو معاوية الضرير . وقد كانت ميزته أنه كان ضريرا ، لا يرى ما يفعله الرشيد فى حضوره ولا يرى جوارى الرشيد ولا كئوس الخمر .  وكانت بغداد تعجُّ برواة الأحاديث ( المبصرين ) وكانوا يتنافسون أمام باب الرشيد ليحظى أحدهم بالوصول اليه ، يظنون أن المؤهل هو (العلم )، ولا يعرفون أن المؤهل هو ( العمى ) .! ثم لا نتصور من مالك وقد تعرض للضرب والاهانة من بنى العباس حتى إعتزل الناس أن يجرؤ على مخاطبة الرشيد بهذا ، ثم لا نتصور أن خليفة فى جبروت الرشيد وسطوته وإندفاعه وجُرأته على القتل يقبل أن يخاطبه أحد رعاياه بهذا ، خصوصا إذا كان (الرعية ) معارضا سابقا للعباسيين .

أخيرا : مالك الهجّاص

1 ـ هذا عن شخصية مالك بن أنس فى تحليل تاريخى . أما كتابه ( الموطأ ) فلنا تحليل آخر فيما حواه من هجص .

2 ـ كما قلنا فى المقدمة ف : ( الهجص ) تعبير مصرى ساخر ، يدل على معانى مركبة ، فى الكلام الذى يُقصد به أن يكون محترما وهو فى الحقيقة ( هجص ) أى كلام متخم بالخرافة والافتراء و مستحق للسخرية والاستهزاء . لذا يقول المصريون عن الشخص المشهور بالكلام (الفارغ ) إنه ( هجّاص ) ، يعنى يتكلم فى موضوعات جادة بكلام ساقط  لا يُعتدُّ به . إذن فالامام مالك ( هجّاص ) فيما رواه ونسبه زورا للنبى محمد عليه السلام . وسنتوقف مع هذا فى المقالات القادمة .

3 ـ والامام مالك ( هجّاص ) أيضا فى شخصيته . فقد صعد بنفسه الى مقام النبى ، وطلب من الناس أن يحترموه بمثل الاحترام الذى أوجبه رب العزة على من لقى النبى فى حياته ، وطلب من الناس أن يعتبروا أحاديثه الباطلة التى يفتريها ـ كلاما مقدسا .

4 ـ كان مالك يقول (هجصا ) ، والشخصية الى أضفاها على نفسه بلا إستحقاق كانت (هجصا ) ، فهو بكلامه وشخصه كان  ( هجصا مركّبا )  وحين عوقب وأُهين رجع الى اصله . وتاب عن هجصه .

5 ـ هذه هى حقيقة الهجاص الكبير الامام مالك بن أنس . مبتدع دين الهجص السنى .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هجص مالك فى ( الموطأ ):فى الاسناد :

 مقدمة :

الحديث يتكون من ( إسناد وعنعنة ) مثل : ( أخبرنا فلان عن فلان ..الخ عن النبى أنه قال ) ثم متن الحديث (قال :  كذا كذا ) . نتناول هنا هجص الامام مالك بن أنس فى ( الاسناد / العنعنة ). وهنا نضع الحقائق المذهلة الآتية :

أولا :

مالك لم يكتب الموطأ بنفسه ، وإنما أملاه من ذاكرته :

1 ـ : هذا يعنى أنه كان يكتب ويتكلم من دماغه ، ولا ينقل من كتاب سابق أو كتب سابقة . وبالتالى : كيف يمكنه بالذاكرة تجميع أكثر من ألف إسناد مختلف ، كل واحد منها لحديث من تلك الأحاديث التى فاقت الألف حديث ؟ كيف له أن يملى من ذاكرته أكثر من ألف إسناد مختلف يقول فى كل واحد منها ( أخبرنا فلان عن فلان عن فلان ) أو ( حدثنى فلان عن فلان عن فلان ) مع إختلافات فى تلك الإسنادات ؟ لا يمكن أن يحفظ فى ذاكرته كل هذه العنعنات . أى مستحيل أن تكون تلك العنعنات صحيحة ، بل هى بالقطع مصنوعة . يؤكد هذا أنه فى وقته كان يتكلم عن رواة ماتوا من قبل ، ماتوا دون أن يعرف أحدهم ما أسنده اليه مالك من أحاديث . أى زعم مالك بعد موت هؤلاء الناس جيلا بعد جيل أن فلانا قال لفلان الذى قال لفلان الذى قال لفلان الذى قال أن النبى أو الصحابى قال كذا. وهؤلاء الأشخاص كلهم ماتوا جيلا بعد جيل دون أن يعلم أحدهم  شيئا عن مستقبل سيأتى فيه مالك ويزعم أقوالا ينسبها اليه .

2 ـ  يؤكد هذا قولهم ان مالك جمع الموطأ فى اربعين عاما ، وأنه فى البداية كان يحوى تسعة آلاف حديث ، ثم لم يزل ينتقى منه حتى رجع الى سبعمائة . هذا مع أن أشهر نُسختين للموطا في كل منها يوجد أكثر من ألف حديث وليس 700  . الموطأ رواية يحيى بن يحيى فيها 1861 حديثا ، آخرها الآتى : (  1861 - حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَحْمَدُ وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي وَأَنَا الْعَاقِبُ ‏"‏ ‏.) .  المصدر : http://www.al-eman.com/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D9%85%D9%88%D8%B7%D8%A3%20%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83%20**/%20%201%20-%20%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A3%D9%8E%D8%B3%D9%92%D9%85%D9%8E%D8%A7%D8%A1%D9%90%20%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%91%D9%8E%D8%A8%D9%90%D9%8A%D9%91%D9%90%20%D8%B5%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87%20%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87%20%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85%20/i5&d11823&c&p1#s2

أما الموطأ رواية محمد بن الحسن الشيبانى فيحوى 1008 حديثا ، آخرها هو ( أخبرنا مالك ، حدثنا عبد الله بن دينار ، أن عبد الله بن عمر أخبره أن رسول الله (ص ) قال : إنما أجلكم فيما خلا من الأمم كما بين صلاة العصر الى مغرب الشمس ، وإنما مثلكم ومثل اليهود والنصارى كرجل إستعمل عاملا فقال ..الخ ) : ( موطأ مالك : رواية محمد بن الحسن الشيبانى ( 132 189 ). ط 2 ، تحقيق : د عبد الوهاب عبد اللطيف . المكتبة العلمية )

3 ـ وننصح من يريد بالرجوع الى موطأ مالك ليراجع الأسانيد المختلفة لكل الأحاديث ، ولا نستطيع الاتيان بها كلها ، لذا نقتصر على بعضها من موطأ مالك رواية ( يحيى ) المنشورة فى الرابط السابق :(  يقول يحيى بن يحيى : ( 173 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَىٍّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ، قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَصَلَّيْتُ وَرَاءَهُ الْمَغْرِبَ فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ سُورَةٍ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ ثُمَّ قَامَ فِي الثَّالِثَةِ فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى إِنَّ ثِيَابِي لَتَكَادُ أَنْ تَمَسَّ ثِيَابَهُ فَسَمِعْتُهُ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَبِهَذِهِ الآيَةِ ‏{‏رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ‏}‏‏.‏)   (175 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّهُ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعِشَاءَ فَقَرَأَ فِيهَا بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ‏.‏) 6 - باب الْعَمَلِ فِي الْقِرَاءَةِ (176 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ وَعَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ وَعَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ ‏.‏) ( 177 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ التَّمَّارِ، عَنِ الْبَيَاضِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ عَلَى النَّاسِ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَقَدْ عَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ ‏"‏ إِنَّ الْمُصَلِّيَ يُنَاجِي رَبَّهُ فَلْيَنْظُرْ بِمَا يُنَاجِيهِ بِهِ وَلاَ يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ ‏"‏ ‏.‏) (  178 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ قُمْتُ وَرَاءَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَكُلُّهُمْ كَانَ لاَ يَقْرَأُ ‏{‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ‏}‏ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ ‏.‏) ( 179 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ كُنَّا نَسْمَعُ قِرَاءَةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عِنْدَ دَارِ أَبِي جَهْمٍ بِالْبَلاَطِ ‏.‏)  ( 8 - باب مَا جَاءَ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ : ( 186 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ، مَوْلَى عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَادَى أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ وَهُوَ يُصَلِّي فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ لَحِقَهُ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى يَدِهِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ ‏"‏ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ لاَ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى تَعْلَمَ سُورَةً مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ وَلاَ فِي الإِنْجِيلِ وَلاَ فِي الْقُرْآنِ مِثْلَهَا ‏"‏ ‏.‏ قَالَ أُبَىٌّ فَجَعَلْتُ أُبْطِئُ فِي الْمَشْىِ رَجَاءَ ذَلِكَ ثُمَّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ السُّورَةَ الَّتِي وَعَدْتَنِي ‏.‏ قَالَ ‏"‏ كَيْفَ تَقْرَأُ إِذَا افْتَتَحْتَ الصَّلاَةَ ‏"‏ ‏.‏ قَالَ فَقَرَأْتُ ‏{‏الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏}‏ حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى آخِرِهَا ‏.‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ هِيَ هَذِهِ السُّورَةُ وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيتُ ‏"‏ ‏.‏) ( 187 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ مَنْ صَلَّى رَكْعَةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَلَمْ يُصَلِّ إِلاَّ وَرَاءَ الإِمَامِ ‏.‏).

4 ـ نعيد الـتأكيد على أن مالك أملى أسانيد الموطا كلها من دماغه ، صنعها بنفسه ، إذ يستحيل على الذاكرة البشرية أن تعى هذا كله وتحفظه .

ثانيا : هناك أكثر من 20 نسخة مختلفة من الموطأ

1 ـ مالك أملى الموطأ على أكثر من عشرين شخصا فى أوقات مختلفة وكل منهم كتب نسخة من الموطأ مختلفة عن غيره ، وكل منهم كتب ما قال إنه سمعه من مالك ، وبعضهم أملى ما سمعه من مالك على غيره ، مثل يحيى بن يحيى ، فجزء من الموطأ المنسوب اليه رواه عن آخر عن مالك وجزء نقله من مالك . ولهذا توجد نسخ مختلفة من الموطا فى عدد الأحاديث وفى الاسناد وفى متن الحديث . أى أننا أمام رجل يتكلم من ذاكرته لكل واحد من تلاميذه ، ويتكلم من ذاكرته بأسانيد مختلفة ، وبمتون احاديث مختلفة وفى أوقات مختلفة . هذا على فرض أن كل واحد ممن كتب الموطأ كان صادقا فى نقله عن مالك .

2 ـ واشهر نسخ الموطأ :

2 / 1 : الموطأ : رواية محمد بن الحسن الشيبانى تلميذ أبى حنيفة ، والذى تنكب طريق أبى حنيفة فعمل قاضيا فى الدولة العباسية ، وكان يروى أحاديث مالك فى الموطأ ويقول رأيه هو ، وأحيانا ينسب أحاديث لشيخه أبى حنيفة .

2 / 2 : الموطأ رواية يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس بن شملل المصمودى الأمازيغى ( توفى عام 234 ) ، وقد روى يحيى الموطأ عن بعض الرواة ، ثم إرتحل بنفسه الى المدينة فلقى مالك قبيل موت مالك عام 179 ، فسمع من مالك معظم الموطأ . وإشتهرت رواية يحيى للموطأ لأنه هو الذى نشر مذهب مالك فى الاندلس وشمال أفريقيا .

2 / 3 : وهناك روايات أخرى للموطأ أقل شهرة ، منها موطأ : ( ابن وهب الفهرى ت 197  ) ( ابن القاسم ت 191 ) ( معن بن عيسى 198  ) ( القعنبى ت 221  ) (  التنيسى ت 218 يحيى بن بكير المصرى ت 231  ) ( سعيد بن عفير ت 226 ) ..الخ ..

ثالثا : مالك يزعم كذبا أنه لقى ابن شهاب الزهرى وروى عنه الحديث :

1 ـ ابن شهاب الزهرى أشهر المصادر المذكورة فى الموطأ .ومالك يزعم فى الموطأ انه روى عنه وأنه كان يسأله ويأخذ عنه الأحكام . وهذا كذب فاضح . لأن الزهرى : مولود عام 58 ، ثم رحل لدمشق فى حدود عام 80 ،ومات عام 124 . بينما ( مالك : مولود عام 93 ) بعد أن غادر ابن شهاب الزهرى المدينة بثلاثة عشر عاما ، ولم يفارق مالك المدينة ومات بها عام  179 ، ولم يأت ابن شهاب الزهرى المدينة مطلقا بعد أن غادرها لأنه تفرغ لتربية أبناء وأحفاد الخليفة الأموى عبد الملك بن مروان . أى أنه وقت مولد مالك فى المدينة عام 93 كان الزهرى قد ترك المدينة تماما ، وعاش معتكفا فى قصر الخلافة الأموية بدمشق يخدم الخليفة عبد الملك وأولاده وأحفاده ، وإنه أثناء انشغال الزهرى بخدمة الأمويين فى دمشق كانت ولادة مالك فى المدينة عام 93  وحياته فيها بعيدا عن الزهرى الى أن مات الزهرى عام 124 .   فأين التقيا ؟ 

2 ـ كان مالك يكذب فى كل رواياته التى كتبها فى العصر العباسى بعد موت الزهرى فى العصر الأموى زاعما بالكذب أنه سمعها من الزهرى وغيره . ونستشهد ببعض صفحات من موطأ مالك رواية يحيى بن يحيى فى الرابط المشار اليه وفيه أحاديث منسوبة لابن شهاب ( الزهرى ) : ( 171 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ،عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ بِالطُّورِ فِي الْمَغْرِبِ ‏.‏) ( 172 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ، سَمِعَتْهُ وَهُوَ، يَقْرَأُ ‏{‏وَالْمُرْسَلاَتِ عُرْفًا‏}‏ فَقَالَتْ لَهُ يَا بُنَىَّ لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي بِقِرَاءَتِكَ هَذِهِ السُّورَةَ إِنَّهَا لآخِرُ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِهَا فِي الْمَغْرِبِ ‏.) ( 193 - وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ أُكَيْمَةَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ مِنْ صَلاَةٍ جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ ‏"‏ هَلْ قَرَأَ مَعِي مِنْكُمْ أَحَدٌ آنِفًا ‏"‏ ‏.‏ فَقَالَ رَجُلٌ نَعَمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ‏.‏ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ إِنِّي أَقُولُ مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ ‏"‏ ‏.‏ فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ الْقِرَاءَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا جَهَرَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْقِرَاءَةِ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏.‏) ( 194 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي، سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ‏"‏ ‏.‏ قَالَ ابْنُ شِهَابٍوَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ آمِينَ ‏.) ( 203 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يُعَلِّمُ النَّاسَ التَّشَهُّدَ يَقُولُ قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ‏.‏‏) (  207 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍوَنَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ، دَخَلَ مَعَ الإِمَامِ فِي الصَّلاَةِ وَقَدْ سَبَقَهُ الإِمَامُ بِرَكْعَةٍ أَيَتَشَهَّدُ مَعَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَالأَرْبَعِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَهُ وِتْرًا فَقَالاَ لِيَتَشَهَّدْ مَعَهُ ‏.‏ قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ الأَمْرُ عِنْدَنَا ‏.‏) (  211 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ إِحْدَى صَلاَتَىِ النَّهَارِ - الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ - فَسَلَّمَ مِنَ اثْنَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ ذُو الشِّمَالَيْنِ أَقَصُرَتِ الصَّلاَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ نَسِيتَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ مَا قَصُرَتِ الصَّلاَةُ وَمَا نَسِيتُ ‏"‏ ‏.‏ فَقَالَ ذُو الشِّمَالَيْنِ قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ‏.‏ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى النَّاسِ فَقَالَ ‏"‏ أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ ‏"‏ ‏.‏ فَقَالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ‏.‏ فَأَتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا بَقِيَ مِنَ الصَّلاَةِ ثُمَّ سَلَّمَ ‏.‏) (212 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مِثْلَ ذَلِكَ ‏.‏ قَالَ مَالِكٌ كُلُّ سَهْوٍ كَانَ نُقْصَانًا مِنَ الصَّلاَةِ فَإِنَّ سُجُودَهُ قَبْلَ السَّلاَمِ وَكُلُّ سَهْوٍ كَانَ زِيَادَةً فِي الصَّلاَةِ فَإِنَّ سُجُودَهُ بَعْدَ السَّلاَمِ ) ( 217 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ، أَنَّهُ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يَجْلِسْ فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ وَنَظَرْنَا تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ التَّسْلِيمِ ثُمَّ سَلَّمَ ‏.‏ ) (  223 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي جَاءَهُ الشَّيْطَانُ فَلَبَسَ عَلَيْهِ حَتَّى لاَ يَدْرِي كَمْ صَلَّى فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ ‏"‏ ‏.‏ ) ( 228 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَخْطُبُ فَقَالَ عُمَرُ أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ انْقَلَبْتُ مِنَ السُّوقِ فَسَمِعْتُ النِّدَاءَ فَمَا زِدْتُ عَلَى أَنْ تَوَضَّأْتُ ‏.‏ فَقَالَ عُمَرُ وَالْوُضُوءَ أَيْضًا وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ ‏.‏) ( 232 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيِّ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ، كَانُوا فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُصَلُّونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَخْرُجَ عُمَرُ فَإِذَا خَرَجَ عُمَرُ وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ - قَالَ ثَعْلَبَةُ - جَلَسْنَا نَتَحَدَّثُ فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُونَ وَقَامَ عُمَرُ يَخْطُبُ أَنْصَتْنَا فَلَمْ يَتَكَلَّمْ مِنَّا أَحَدٌ ‏.‏ قَالَ ابْنُ شِهَابٍفَخُرُوجُ الإِمَامِ يَقْطَعُ الصَّلاَةَ وَكَلاَمُهُ يَقْطَعُ الْكَلاَمَ ‏.‏ ) 236 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍعَنِ الْكَلاَمِ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذَا نَزَلَ الإِمَامُ عَنِ الْمِنْبَرِ، قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ، ‏.‏ فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ ‏.) ( 237 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَلْيُصَلِّ إِلَيْهَا أُخْرَى ‏.‏ قَالَ ابْنُ شِهَابٍوَهِيَ السُّنَّةُ ‏.‏ قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى ذَلِكَ أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلاَةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ ‏"‏ ‏.‏ قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يُصِيبُهُ زِحَامٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيَرْكَعُ وَلاَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَسْجُدَ حَتَّى يَقُومَ الإِمَامُ أَوْ يَفْرُغَ الإِمَامُ مِنْ صَلاَتِهِ إِنَّهُ إِنْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَسْجُدَ إِنْ كَانَ قَدْ رَكَعَ فَلْيَسْجُدْ إِذَا قَامَ النَّاسُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَسْجُدَ حَتَّى يَفْرُغَ الإِمَامُ مِنْ صَلاَتِهِ فَإِنَّهُ أَحَبُّ إِلَىَّ أَنْ يَبْتَدِئَ صَلاَتَهُ ظُهْرًا أَرْبَعًا ‏.‏ ) ( 238 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍعَنْ قَوْلِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ‏}فَقَالَ ابْنُشِهَابٍ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقْرَؤُهَا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ‏.‏ قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا السَّعْىُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْعَمَلُ وَالْفِعْلُ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ‏{‏وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ‏}‏ وَقَالَ تَعَالَى ‏{‏وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى‏}‏ وَقَالَ ‏{‏ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى‏}‏ وَقَالَ ‏{‏إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى‏}‏ قَالَ مَالِكٌ فَلَيْسَ السَّعْىُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ بِالسَّعْىِ عَلَى الأَقْدَامِ وَلاَ الاِشْتِدَادَ وَإِنَّمَا عَنَى الْعَمَلَ وَالْفِعْلَ ‏. )‏.

رابعا : مالك يزعم كذبا أن ابن شهاب الزهرى روى عن النبى عليه السلام

1 ـ من السهل ملاحظة كثرة الأحاديث التى زعم مالك أنه رواها وسمعها من ابن شهاب الزهرى ، ولكن هناك ملاحظة أخرى دقيقة وخطيرة ، وهى أن مالك يزعم كذبا أن ابن شهاب الزهرى روى الحديث عن النبى  مباشرة، بما يعنى أن ابن شهاب الزهرى عاش مع النبى وروى عنه ، هذا مع أن ابن شهاب الزهرى مولود فى العصر الأموى فى عام 58 ، فكيف عاش مع النبى عليه السلام .

2 ـ ونستشهد بحديثين فى موطأ مالك برواية يحيى بن يحيى : ( 433 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الأَضْحَى قَبْلَ الْخُطْبَةِ ‏.‏ ) ( 1506 - حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ ‏.‏ أَنَّ رَجُلاً اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرُجِمَ ‏.‏ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِاعْتِرَافِهِ عَلَى نَفْسِهِ . ).

والحديث الأخير فى أكذوبة ( حد الرجم ) ورد أيضا فى الموطأ برواية الشيبانى تحت رقم  692 : ( اخبرنا مالك ، اخبرنا ابن شهاب ان رجلا اعترف علي نفسه بالزنا علي عهد رسول الله ( ص) وشهد علي نفسه اربع شهادات ، فأمر به فحد . قال ابن شهاب : فمن اجل ذلك يؤخذ المرء باعترافه علي نفسه ؟ ). ناقشنا من قبل ( أُكذوبة الرجم فى الأحاديث ) وكيف إخترعها مالك وهو أول من إفترى هذه الأكذوبة القاتلة ، وسار على سنّته الشافعى وابن حنبل والبخارى  وبقية أئمة الدين السُّنّى . وبسبهم كان ـ ولا يزال تنفيذ الرجم ظلما وعدوانا. ويتحمل الامام مالك مسئولية هذا الإفك .

أخيرا

 ولأن دين السُّنّة ـ مثل غيره من الأديان الأرضية ـ مؤسس على الكذب ، فقد تباروا فى تقديس الموطأ . قال الشافعى : ( ما ظهر على الأرض كتاب بعد كتاب الله، أصح من كتاب مالك". وقال البخاري عن الموطأ: "من أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر". ) . وإذا كان هذا صحيحا فلماذا لم يكتفوا بالموطأ ؟ لماذا كتبوا بعده مؤلفاتهم يختلفون فيها مع موطأ مالك ؟ 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مثال : هجص مالك فى ( الموطأ ) فى ( مس العورة )

مقدمة :

بعد تعرضنا لهجص مالك فى الاسناد نعطى مثالا لهجصه فى (المتن ) . ونختار موضع ( مس العورة )

1 ـ طبقا لآيتى ( النساء 43 ) و (المائدة 6 ) فإن الطهارة للصلاة  واجبة فى بداية اليوم للصلاة ، ثم إذا قطع هذه الطهارة الغائط ( البراز والبول ) فيجب إعادة للطهارة (  الجزئية ) بغسل الوجه واليدين الى المرافق ، ومسح الرأس والرجلين الى الكعبين.  وإذا قطع الطهارة ( فعل جنسى ) أو جنابة فتجب الطهارة الكلية بالغسل للجسد كله . وفى كل الأحوال فعند تعذر الطهارة بالماء فى الحالتين فهناك رخصة التيمم بأى شىء طاهر مرتفع ( ليس التراب قطعا ) بل بقماش أو منديل أو ورق ونحوه . وكل ذلك فى إطار التخفيف لأن رب العزة ما جعل علينا من حرج ، وهو جل وعلا بنا عفو غفور .

2 ـ هما آيتان  فقط جاء فيهما تفصيل الطهارة الكلية ( الغسل الكامل ) والطهارة الجزئية ( غسل الأطراف والوجه ) مع التيسير بالتيمم . وهذا هو شرع الرحمن جل وعلا القائم على التيسير ورفع الحرج والمشقة والعنت . فى نهاية الأمر فهذه الطهارة جاء تشريعها لأول مرة ولم تكن موجودة قبل ذلك مثل الصلاة المتوارثة عن ملة ابراهيم . وفى نهاية الأمر فالتركيز هو على الخشوع فى الصلاة وفى إقامتها تقوى فى النفس بعدم الوقوع فى الفحشاء والمنكر .

3 ـ وكالعادة فى الأديان الأرضية التى يخترعها أئمتها من البشر تأتى تشريعاتهم بتفصيلات الهجص المُختلف فيها والمتخمة بالتعقيدات والاختلافات والخرافات والخزعبلات والمضحكات المبكيات ، وبالمزايدة على شرع الرحمن وإتهامه بالنقص وإحتياجه الى تفسير وتفصيل . ثم لأنهم يؤسسون دينا جديدا فلا بد أن ينحتوا له مصطلحات جديدة لم تأت فى الرسالة الالهية . وهذا ما فعله رائد الهجاصين فى الدين السُّنّى  مالك فى ( الموطا ) . ليس مصطلح ( الوضوء ) من ألفاظ القرآن الكريم . مالك أول من إخترعه وسجله ، كما أن مالك هو الذى بدأ بهجص غير مسبوق تابعه فيه من جاء بعده وزاد عليه ، وتألفت من هذا الهجص تلال من المؤلفات لا تزيد من يؤمن بها إلا خبالا .

4 ـ   الله جل وعلا فصّل الطهارة فى آيتين فقط فى قول فصل ليس بالهزل (  وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11) وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14) الطارق)،وفى كتاب ( أُحكمت آياته ): (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) هود   )، ولكن مالك تقيأ هجصا فى موضوع الطهارة يضحك منه الحزين .!. وحتى لا يُقال أننا نتهم مالك ظلما فسنعرض لعناوين الأبواب فيما أسماه مالك ( كتاب الطهارة ) : ( 2 - كتاب الطهارة:

 http://www.al-eman.com/images/book/leaf-index1.gif   1 - باب الْعَمَلِ فِي الْوُضُوءِ

  5 ـ وحتى لا يُقال أننا نتهم مالك ظلما فسنعرض لهجصه فى (باب الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الْفَرْجِ )، وهو موضوع لا أصل له فى تشريع الرحمن . ولكنه مثال على هجص التفصيلات فى التشريع السُّنّى :

 

ثانيا : هجص مالك فى الموطأ ( رواية يحيى بن يحيى ) عن (باب الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الْفَرْجِ )

فى ( الموطأ ) رواية يحيى بن يحيى والمنشور فى هذا الرابط :

http://www.al-eman.com/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D9%85%D9%88%D8%B7%D8%A3%20%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83%20**/%20%2015%20-%20%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%92%D9%88%D9%8F%D8%B6%D9%8F%D9%88%D8%A1%D9%90%20%D9%85%D9%90%D9%86%D9%92%20%D9%85%D9%8E%D8%B3%D9%91%D9%90%20%D8%A7%D9%84%D9%92%D9%81%D9%8E%D8%B1%D9%92%D8%AC%D9%90%20/i5&d11086&c&p1#s7

نقرأ الآتى :

(  15 - باب الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الْفَرْجِ

90 -   حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ دَخَلْتُ عَلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَتَذَاكَرْنَا مَا يَكُونُ مِنْهُ الْوُضُوءُ فَقَالَ مَرْوَانُ وَمِنْ مَسِّ الذَّكَرِ الْوُضُوءُ ‏.‏ فَقَالَ عُرْوَةُ مَا عَلِمْتُ هَذَا ‏.‏ فَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ أَخْبَرَتْنِي بُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ‏"‏ إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ ‏"‏ ‏.‏

91 -   وحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ أُمْسِكُ الْمُصْحَفَ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَاحْتَكَكْتُ فَقَالَ سَعْدٌ لَعَلَّكَ مَسِسْتَ ذَكَرَكَ قَالَ فَقُلْتُ نَعَمْ ‏.‏ فَقَالَ قُمْ فَتَوَضَّأْ فَقُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ ثُمَّ رَجَعْتُ ‏.‏

92 -   وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ ‏.‏

93 –   وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ ‏.‏

94 -   وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ أَبِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَغْتَسِلُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَتِ أَمَا يَجْزِيكَ الْغُسْلُ مِنَ الْوُضُوءِ قَالَ بَلَى وَلَكِنِّي أَحْيَانًا أَمَسُّ ذَكَرِي فَأَتَوَضَّأُ ‏.‏

95 -   وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي سَفَرٍ فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ أَنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ تَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى قَالَ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ هَذِهِ لَصَلاَةٌ مَا كُنْتَ تُصَلِّيهَا ‏.‏ قَالَ إِنِّي بَعْدَ أَنْ تَوَضَّأْتُ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ مَسِسْتُ فَرْجِي ثُمَّ نَسِيتُ أَنْ أَتَوَضَّأَ فَتَوَضَّأْتُ وَعُدْتُ لِصَلاَتِي. ). انتهى .

ثالثا : التعليق على هجص مالك فى الموطأ ( رواية يحيى بن يحيى ):

1 ـ ذكر مالك هنا ستة أحاديث توجب ( الوضوء ) على الرجل الذى يمسّ عضوه الذكرى. منها حديث واحد فقط اسنده للنبى ، وهو الحديث رقم  90 ، بإسناد طويل عن مروان بن الحكم ، احد زعماء الفتنة الكبرى الأولى والثانية . ثم أسند أربعة منها الى إثنين من الصحابة : ( سعد بن ابى وقاص ، عبد الله بن عمر ). وواحدا منها الى واحد من التابعين (عروة بن الزبير ).

2 ـ لو كان مالك يؤمن بأن النبى فعلا قال هذا الكلام ما إحتاج الى الأحاديث الأخرى التى نسبها لإثنين من الصحابة وأحد التابعين غيره .

3 ـ كما قلنا من قبل إن مالك هو الذى إخترع من دماغه تلك الأحاديث وأنه الذى صنع هذه الأقوال ، وأنه  نسبها بأثر رجعى الى رواة ماتوا فى العصر الأموى دون أن يعرفوا شيئا عن هجص مالك وإفتراءاته . ولا أدل على ذلك من الحديث رقم 94 والذى يزعم فيه مالك أنه رواه عن ابن شهاب الزهرى ، وقلنا من قبل أنه لم يقابل إبن شهاب الزهرى ولم يره فى حياته .

4 ـ الواضح أنه ثار جدل حول مسّ الرجل ذكره فى الصلاة وبعد الغسل الجزئى فى الطهارة ، وهل هذا ينقضها . ولأنه السائد فى مدرسة المدينة الفقهية وقتها تحريم الاجتهاد والقول بالرأى فقد كانت العادة تغليف الرأى فى حديث منسوب للنبى أو بعض الصحابة أو التابعين ، ليكتسب هذا الرآى صُدقية وقبولا ، بل ربما تقديسا ، بمجرد هذا الاسناد . وبهذا تفوق مالك حين صنع لآرائه إسنادا فتحولت من ( هجص ) الى ( سُنّة نبوية ) .

5 ـ ثم تلك العقلية الذكورية والتى سيطرت على موطأ مالك . هذه الأحاديث فى الموطأ لا ترى ولا تنشغل إلا بالعضو التناسلى للرجل . فماذا عن الأنثى ؟ ماذا إذا مست الأنثى عضوها الجنسى ؟ ماذا إذا مست أنثى عضوا لرجل ؟ ماذا إذا حدث العكس : رجل مسّ عضو أُنثى ، أو أنثى مست عضو أنثى ؟ من أسف أن نضطر لهذا ، ولكن هجص مالك فى الموطأ جعلنا نسايره فى هجصه .

رابعا : هجص مالك فى الموطأ ( رواية محمد بن الحسن الشيبانى) تحقيق د . عبد الوهاب عبد اللطيف.

نقرأ الآتى :

( ( 5 ) باب الوضوء من مس الذكر

11 ـ أخبرنا مالك حدثنا اسماعيل بن محمد بن سعد بن أبى وقاص عن مصعب بن سعد قال : كنت أمسك المصحف على سعد فاحتككت فقال : لعلك مسست ذكرك ؟ قلت : نعم . قال : قم فتوضأ . قال : فقمت فتوضات ثم رجعت .

12 ـ أخبرنا مالك ، أخبرنى ابن شهاب الزهرى عن سالم بن عبد الله عن أبيه أنه كان يغتسل ثم يتوضأ ، فقال له : أما يجزئك الغسل من الوضوء ؟ قال : بلا ، ولكنى أحيانا امس ذكرى فأتوضا .

قال محمد : لا وضوء فى مسّ الذكر ، وهو قول أبى حنيفة . وفى ذلك آثار كثيرة .

13 ـ قال محمد : أخبرنا ايوب بن عتبة التيمى قاضى اليمامة عن قيس بن طلق أن أباه حدثه أن رجلا سأل رسول الله (ص ) عن رجل مسّ ذكره ، أيتوضأ ؟ قال : هل هو إلا بضعة من جسدك .

14 : قال محمد : أخبرنا طلحة بن عمرو المكى قال : أخبرنا عطاء بن أبى رباح عن ابن عباس قال فى مس الذكر وأنت فى الصلاة قال : ما أبالى مسسته أو مسست أنفى .

15 ـ قال محمد : اخبرنا ابراهيم بن محمدالمدنى قال أخبرنا صالح مولى التوءمة عن ابن عباس قال : ليس فى مسّ الذكر وضوء .

16 ـ قال محمد : أخبرنا ابراهيم بن محمد المدنى قال : أخبرنا الحارث بن أبى ذباب أنه سمع سعيد بن المسيب يقول : ليس فى مس الذكر وضوء .

17 ـ قال محمد : أخبرنا أبو العوام البصرى قال : سأل رجل عطاء بن ابى رباح قال : يا أبا محمد ، رجل مسّ فرجه بعدما توضأ . قال رجل من القوم : إن إبن عباس كان يقول : إن كنت تستنجسه فأقطعه . قال عطاء بن أبى رباح : هذا والله قول ابن عباس .

18 ـ قال محمد : اخبرنا أبوحنيفة عن حماد عن ابراهيم النخعى عن على بن أبى طالب فى مس الذكر قال : ما أبالى مسسته أو طرف أنفى .

19 ـ قال محمد : أخبرنا ابوحنيفة عن حماد عن ابراهيم النخعى عن ابن مسعود ، سئل عن الوضوء من مس الذكر ، فقال : إن كان نجسا فاقطعه .

20 ـ قال محمد : أخبر محل الضبّى عن ابراهيم النخعى فى مس الذكر فى الصلاة : أنه بضعة منك .

21 ـ قال محمد : اخبرنا سلام بن سليم الحنفى عن منصور بن المعتمر عن أبى قيس عن أرقم بن شرحبيل قال : قلت لعبد الله بن مسعود : إنى أحك جسدى وأنا فى الصلاة فأمس ذكرى ، قال : إنما هو بضعة منك .

22 ـ قال محمد : أخبرنا سلام بن سليم عن منصور بن المعتمر عن السدوسى عن البراء بن قيس قال سألت حذيفة بن اليمان عن الرجل يمس ذكره قال : إنما هو كمسّه رأسه .

23 ـ قال محمد : أخبرنا مسعر بن كدام عن عمير بن سعد النخعى قال : كنت فى مجلس عمار بن ياسر ، فذكر مس الذكر فقال : ما هو إلا بضعة منك ، وإن لكفك موضعا غيره .

24 ـ قال محمد : اخبرنا مسعر بن كدام عن إياد بن لقيط عن البراء بن قيس قال حذيفة بن اليمان فى مسّ الذكر : مثل أنفك .

25 ـ قال محمد : أخبرنا مسعر بن كدام قال : حدثنا قابوس بن ابى ظبيان عن على بن أبى طالب ، قال : ما أبالى إياه مسست أو أنفى أو أذنى .

26 ـ قال محمد : اخبرنا أبو كدينة : يحيى بن المهلب عن أبى إسحاق الشيبانى عن أبى قيس : عبد الرحمن بن سروان عن علقمة بن قيس قال : جاء رجل الى عبد الله بن مسعود فقال : إنى مسست ذكرى وأنا فى الصلاة . قال عبد الله : أفلا قطعته ؟ ثم قال : وهل ذكرك إلا كسائر جسدك ؟

27 ـ قال محمد : أخبرنا يحيى بن المهلب عن اسماعيل بن ابى خالد عن قيس بن أبى حازم قال : جاء رجل الى سعد بن أبى وقاص فقال : أيحلٌّ لى أن أمسّ ذكرى وأنا فى الصلاة ؟ فقال : إن علمت أن منك بضعة نجسة فاقطعه .

28 ـ قال محمد : أخبرنا إساعيل بن عياش قال : حدثنى حريز بن عثمان عن حبيب بن عبيد عن ابى الدرداء انه سًئل عن مسّ الذكر فقال : إنما هو بضعة منك .) إنتهى .

خامسا : التعليق على هجص مالك فى الموطأ ( رواية محمد بن الحسن الشيبانى ) :

1 ـ ذكر محمد بن الحسن الشيبانى هنا 18 حديثا ، منها حديثان فقط نقلهما عن مالك ، تجعل مسّ الذكر ينقض ( الوضوء ) والباقى ( 16 ) حديثا كلها تؤكد العكس ، وهو أن مسّ الذكر لا ينقض الوضوء . وقال إن هذا رايه ورأى شيخه أبى حنيفة .

2 ـ محمد بن الحسن الشيبانى تجاهل حديث مالك الذى ينسبه مالك للنبى ، رقم 90 فى رواية يحيى . أى إنه يتهم شيخه مالك بالكذب على النبى ، يؤكد هذا أن محمدا الشيبانى يروى حديثا للنبى يؤكد فيه أن مسّ الذكر لا ينقض ( الوضوء ) أى عكس حديث مالك . وننقل ما قاله ( محمد الشيبانى ) : ( قال محمد : لا وضوء فى مسّ الذكر ، وهو قول أبى حنيفة . وفى ذلك آثار كثيرة . 13 ـ قال محمد : أخبرنا ايوب بن عتبة التيمى قاضى اليمامة عن قيس بن طلق أن أباه حدثه أن رجلا سأل رسول الله (ص ) عن رجل مسّ ذكره ، أيتوضأ ؟ قال : هل هو إلا بضعة من جسدك . ).

3 ـ ويأتى محمد الشيبانى بأحاديث أخرى ينسبها للصحابة والتابعين كلها تؤكد نفس الحديث الذى نسبه زورا للنبى ؛ أن مسّ الذكر لا ينقض ( الوضوء ) ، وتبرر هذا بأسباب مكررة هى : (  هل هو إلا بضعة من جسدك ) (إن علمت أن منك بضعة نجسة فاقطعه .   ) (ما أبالى إياه مسست أو أنفى أو أذنى  ) .

4 ـ وهى حُجج عقلية تعبر عن المدرسة التى كان ينتمى اليها محمد بن الحسن الشيبانى ، وهى ( مدرسة الرأى ) ، وكانت تعبيرا عن التنوع الفكرى العرقى والمذهبى والجغرافى فى العراق وقتها ، وهى المدرسة الفقهية العقلية التى أنجبت أبا حنيفة ، والذى كان لا يأخذ بالأحاديث .

 إختلف الحال فى المدينة التى كانت مدرسة الأحاديث ، تعبيرا عن إنتماء المدينة لماضيها العريق عندما كانت دولة للنبى ثم للخلفاء ابى بكر وعمر وعثمان ، ثم إنتقلت عنها الأضواء الى الكوفة فدمشق فبغداد ، فواجهت هذا بالتطرف فى الإنتماء الى ماضيها ، فإذا كان العراق قد اضحى ( المركز ) فلتكن المدينة هى ( المنبع ) . وتوجت مدرسة المدينة بالامام مالك الذى جعل ( عمل أهل المدينة ) مصدرا تشريعيا فى دينه السُّنّى ، وجعل المدينة مكانا مقدسا ، وجعل مسجد المدينة حرما ومقصدا للحج . وبالتالى فإنه إذا كانت مدرسة الرأى فى العراق تقدم الاجتهاد بالرأى على الحديث فإن مدرسة الحديث كانت لا تقبل رأيا ، بل  صاغوا فى ذلك حديثا يقول ( من قال فى الدين رأيا فأصاب فقد أخطأ ).  لذا كانت توضع الآراء فى صورة حديث منسوب للنبى أو للصحابة أو التابعين من أهل المدينة. 

5 ـ جاءت الدولة العباسية نتيجة لدعاية ضخمة سابقة عن ( الرضى من آل محمد )، وإعتمدت هذه الدعاية على أحاديث كان ينشرها عملاء للعباسيين ، ثم إعتمد عليها ابو جعفر المنصور والذى كان نفسه من رواة الأحاديث . ولأن أبا حنيفة كان لا يؤمن بالأحاديث ولم يكن من فقهاء السلطة فقد قتله ابو جعفر المنصور بالسم عام 150 . واستسلم تلميذاه ( محمد بن الحسن الشيبانى ، وأبو يوسف )  فعملا فى خدمة الدولة العباسية قضاة ورواة . وأسند الشيبانى أحاديث ، ولم يتورع عن نسبة بعضها لشيخه أبى حنيفة بعد مقتل أبى حنيفة . وروى ( الموطأ ) عن مالك زعيم مدرسة الحديث فى المدينة ، وحاول في روايته التوفيق بين مذهبه ( الحنفى / نسبة لآبى حنيفة ) ومالك .

6 ـ ولكنه كان يخرج عن سياق التوفيق عندما يصل هجص مالك الى درجة السفاهة ، مثل قوله بأن مس الذكر ينقض ( الوضوء )  لم يسكت الشيبانى على هذا الهجص ، فرد عليه بأحاديث صنعها ذات صبغة عقلية (  هل هو إلا بضعة من جسدك ) (إن علمت أن منك بضعة نجسة فاقطعه .   ) (ما أبالى إياه مسست أو أنفى أو أذنى  ) ونراه يهتم كثيرا بنسبة بعضها الى ابن عباس جد الخلفاء العباسيين .

 أخيرا : هجص على هجص :

1 ـ من يقرأ هذه الأحاديث يتصور نشوب أزمة فى موضوع ( مس الذكر ) فهل نتخلص من هذه الأزمة و ( نقطعه ونستريح ) ..؟

2 ـ وهل ترضى بهذا الحل منظمات حقوق الانسان ..والمنظمات النسائية ؟

لمحات من هجص الامام مالك فى (الموطأ )
( هجص ) تعبير مصرى ساخر ، يدل على معانى مركبة ، فى الكلام الذى يُقصد به أن يكون محترما وهو فى الحقيقة ( هجص ) أى كلام متخم بالخرافة والافتراء و مستحق للسخرية والاستهزاء . لذا يقول المصريون عن الشخص المشهور بالكلام (الفارغ ) إنه ( هجّاص ) ، يعنى يتكلم فى موضوعات جادة بكلام ساقط لا يُعتدُّ به . وإذا كانت شريعة الاسلام فى القرآن الكريم قمة الحضارة ومستحقة للتقديس فإن أئمة الأديان الأرضية من ( المسلمين ) أسسوا لهم شريعة أرضية يضاهئون بها شريعة الرحمن ، ومن أجلها يحكمون على تشريعات الرحمن بالحذف والإلغاء والتعطيل بزعم ( النسخ ) مع أن النسخ قرآنيا وعربيا يعنى الإثبات والكتابة وليس الحذف والإبطال والالغاء . ولنا كتاب منشور
more