رقم ( 19 )
ج 2 ف 5 أثر التصوف في الجهاد فى العصر المملوكى

 

الفصل الخامس : أثر التصوف في الجهاد فى العصر المملوكى

  مدخل:

1 ـ الملمح الأساس فى دين السُّنة هو الاعتداء والغزو المسلح وممارسة العنف فى الداخل والخارج تحت شعارات ( الجهاد ) و ( حد الردة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ). جاء دين التصوف بتشريع عكسى هو ( جهاد النفس ) وجعلوه الجهاد الأكبر . كما شرع ( عدم الاعتراض ) بديلا عن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر . وقبل هذا وذاك نزل تشريع الاسلام فى الحرية الدينية المطلقة والحرية السياسية الديمقراطية وجعل السلام أساس التعامل بين الناس فى الداخل، وأساس التعامل مع العدو المعتدى الخارجى ، فالاستعداد الحربى لارهابه وردعه حتى لا يعتدى ، وحين يقوم بالاعتداء يجب القتال الدفاعى حتى ينتهى إعتداؤه ، وحين ينهزم تُفرض عليه غرامة حربية جزاءا أو جزية لما سببه بأعتدائه . وفى كل الأحوال فممنوع أن يبدأ المسلمون حربا وعدوانا وإن فعلوا فهم معتدون والله جل وعلا لا يحب المعتدين .

2 ـ المؤمنون فى عهد النبوة كانوا يشهدون الصراع العالمى وقتها بين امبراطورتى الفرس والروم ، وبعد موت النبى محمد عليه السلام إستخدمت قريش سيطرتها على المسلمين فى دفعهم الى حرب الامبراطوريتين العتيديتين اللتين أصابهما الهرم ، وسقطت امبراطورية فارس واحتلها العرب بل تجتاوزوها شرقا وفى نفس الوقت هزموا امبراطورية الروم البيزنطيين ، ولكن لم بستطيعوا القضاء عليها فظل الصراع بينهم وبين البيزنطيين قائما . وتوغل العرب فى حرب الأوربيين فوصلوا الى جنوب إيطاليا وجنوب فرنسا ، واحتلوا جزر البحر المتوسط بالاضافة الى البحر الأحمر والمعروف من المحيط الهندى وسيطروا على التجارة الشرقية بين الهند والصين شرقا وأوربا غربا . ونتج عن هذا تقسيم العالم تقسيما جديدا ، لم يعد مقسوما بين قوة شرقية فارسية وقوة غربية أوربية بل إنقسم الى معسكرين كل منهما يحمل شعارا دينيا؛ لدى ( المحمديين ) هو ( دار الحرب ودار السلام ) وفى الغرب المسيحى ( معسكر الصليب ضد معسكر الكفر ) .

وبعد أن وصل ( المسلمون ) الى أقصى إمتداد لهم بدأ التراجع لحساب الأوربيين، ووصلت جيوش القسطنطينية الى حلب ، واسترجع الأوربيون جزر البحر المتوسط ، ثم جاء الغزو الصليبى ، وتمكن المماليك من إنهاء الوجود الصليبى ولكن إستمرت الحروب بين المماليك وأوربا الصليبية عبر البحر المتوسط.

3 ـ  لذا كان العصر المملوكي عصر جهاد الصليبين والمغول ،ولكن تمسك الصوفية بنوعية من الجهاد اخترعوها وهي جهاد جهاد النفس في المؤسسات الصوفية حيث يتمتعون بحياتهم ما شاءوا  ويضمنون الرزق الوفير. ولولا قوة الدولة المملوكية العسكرية وصلابتها في مواجهة المغول والتتار واستئصالها للوجود الصليبى في الشام، ولولا احتكار المماليك العسكرية والجندية ونظامهم الحربى الصارم لأدت دعوة جهاد النفس الصوفية إلى احتلال المغول أو الصليبين لمصر.ولكن ذلك الإنفصال بين النظام العسكري والشعب حال دون تأثر العسكر المماليك بعقيدة جهاد النفس وحصر تأثيرها فى الشعب فازداد خنوعاً وصبراً على مظالم المماليك. 

أما الصوفية  فتحت شعار " جهاد النفس والتجرد للعزلة فى الرباطات " عاشوا فى دعة ومتعة ونعيم.

ووفرة مالية وأقتصادية ، بينما ينوء الشعب حولهم بتحمل المظالم والمكاره .

على أن أصداء القتال على التخوم والسواحل كانت تصل أصداؤها لبعض العوام ، ولبعض الصوفية فى مؤسساتهم ، وكانوا أحيانا ـ أى الصوفية ـ يجدون أنفسهم فى خضم الاشتباك ، كما حدث مع المغول ، فماذا فعل الصوفية فى هذا الموقف ؟ وقد أصبح الجهاد مفروضا عليهم ؟هذا ما نناقشه هنا فى موقف الصوفية من الجهاد الدينى، والذى تحول على يديهم إلى جهاد النفس أو الجهاد الأكبر بزعمهم !!

  1ـ العصر المملوكى عصر الجهاد :

ورث المماليك جهاد الصليبيين عن أساتذتهم الأيوبيين وإن زادوا عليهم جهاد المغول ، على أن حركة الجهاد ضد الصليبيين لم تنته باستيلاء الأشرف خليل على عكا أخر معقل صليبى ، بل على العكس أدى ذلك بالصليبيين إلى معاودة نشاطهم العدائى بوسائل أخرى نمر عليها سريعا ..

1ـ فقد تزعمت البابوية الدعوة لتحريم الإتجار مع الدولة المملوكية مهددة بتوقيع قرارات على من يخالف أوامرها من الفرنجة ، بل إنها نفذت ذلك بقوة السلاح حين أعدت بعض السفن لتتصدى لمن يخالف أوامرها من تجار أوربا ، لأن إمتناع الفرنج عن المتاجرة مع الدولة المملوكية سيؤدى حتما إلى حرمانها من المورد الرئيسى لقوتها حيث احتكر المماليك التجارة الشرقية فيمكن القضاء عليها بعد ذلك عسكريا أو استعادة بيت المقدس ، ولم تنحج هذه الدعوة لتعارضها مع مصالح الجمهوريات الإيطالية صاحبة السيادة فى البحر المتوسطـ ، فضلا عن جهود المماليك لتحطيم هذا الحصار بمنح الإمتيازات التجارية .

2ـ لذا عاد الصليبيون إلى إحياء فكرة مهاجمة مصر عسكريا ، واتجهت خطتهم إلى الاستيلاء على الاسكندرية والزحف منها إلى القاهرة بعد فشل خطتهم السابقة فى الهجوم على دمياط , فكانت حملة بطرس الأول ملك قبرص على الإسكندرية ، بيد أنه اضطر للإنسحاب بمجرد إقتراب القوات المملوكية الزاحفة من القاهرة ، وترتب على هذا الفشل القضاء على أية جهود جدية لتجهيز حملة صليبية أخرى .

3ـ وتحولت الخطط الصليبية إلى ممارسة عمليات تخريب واسعة بالموانى المصرية والشامية لشل الحركة التجارية بها ، أى قرصنة تسلب وتنهب ، قام بها الكيتلان مع القبارصة والإستبارية على السواحل المصرية والشامية المملوكية مع التربص للسفن المملوكية .

واشتدت هذه الحملة ، فأزكت روح الجهاد من جديد بمصر والشام ، فغزا المماليك جزيرتى قبرص ورودس التى اتخذها القراصنة أوكارا ، واستولى برسباى على قبرص وأخفق جقمق فى غزو رودس ، وأدى ذلك من ناحية أخرى بالصليبيين إلى معاودة التفكير فى مشروعات الحرب الصليبية العامة ضد الدولة المملوكية ، غير أن هذه المحاولات اتجهت لضم الحبشة للكنيسة الكاثولكية والتحالف معها على القيام بحملة صليبية مزدوجة للإطباق على مصر برا وبحرا ومن الجنوب والشمال فى وقت واحد .

4ـ ثم حدثت عوامل أخرى أذكت مشاعر الجهاد الدينى والصليبى لدى الفريقيين  فقد أصبحت الدولة العثمانية خطرا على أوروبا ، بعد أن ضمت البلقان , ثم اشتدت المشاعر الصليبية بالأسبان بعد القضاء على غرناطة آخر معقل إسلامى ، ومن ناحية أخرى استغاث سلاطين غرناطة بالمماليك داعين للجهاد ، وأدت الروح الصليبية بالبرتغال لكشف طريق الهند والحبشة ، لانتزاع تجارة الشرق من المماليك والتعاون مع الحبشة فى تنفيذ المشروعات الصليبية والعبث بمنابع النيل ، ولم يمنع الفشل المتلاحق فى بحث هذه المشروعات الصليبية من استمرار القرصنة على الموانى والسفن المملوكية حتى نهاية العصر المملوكى ، ولم يكن هناك مناص من أن تؤدى هذه الإعتداءات إلى إزكاء روح الجهاد بين المسلمين فى جميع الجبهات [1].أى أن استئصال الوجود الصليبى فى عكا وطردهم نهائيا من الشام لم يكن نهاية المطاف فى حركة الجهاد على الجبهتين بين الدولة المملوكية ودول أوروبا جنوب البحر المتوسط وشماله ، وشرقه وغربه .

وترتب على ذلك قيام حركة المتطوعة بين الأهالى المصريين .

حركة المتطوعة : 

كانت الإسكندرية هدفا  للصليبين فكان من فيها من طالبى الجهاد فى سبيل الله [2]. وقد وُضع فى هجوم القبرصى عليها كتاب ابرز بطولات أهلها فى مقاومة الفرنجة [3]. وفيما عدا هذه الموقعة كان أهلها ـ مع من المتطوعة من الجهات القريبة والبعيدة ـ على استعداد لمواجهة القراصنة [4]. وسنذكر أهم حركات المتطوعة حسبما جاء بين سطور الحوليات التاريخية المملوكية :

1ـ سنة 819 : حاصر الفرنجة الإسكندرية فسار إليها الشيخ الفقيه ابن النقاش فى اناس من المتطوعة على نية الجهاد ، وابن النقاش كان من خصوم الصوفية [5].

2ـ وفى سنة 826 : شحن برسباى السفن بالمماليك والمتطوعة لملاقاة القراصنة [6].

3ـ وفى سنة 828 : كثرت الأخبار بحركة الفرنج فنودى بالجهاد فانضم جماعة كبيرة من المتطوعة ، وجلس السلطان فى سنة 829 يستعرض المجاهدين واعتذر لكثير من راغبى الجهاد لقلة المراكب , وهم يتسارعون فى ذلك مرة بعد أخرى ، وعظم ازدحام الناس على كتاب المماليك ليكتبوهم فى جملة المجاهدين ، وكان يعرف المجاهد  بما على وجه من سرور [7]، لأنه نجح فى الاختبار .

4ـ وفى سنة 843 تصرف المتطوعة على مسئوليتهم فركبوا البحر من دمياط إلى بيروت فى ثلاثة مراكب ، وقد اجتمع عليهم عدد كبير من المجاهدين فاقتتلوا مع مركب للفرنجة حتى استشهدوا بأجمعهم ووصل خبرهم إلى دمياط ، فأظهروا العزاء والنحيب [8]  وقد حاول المتطوعة الإنتقام فى السنة التالية [9]

5ـ وفى سنة 847 فى غزوة رودس اشترك كثير من المتطوعة بالأسلحة والعدد الكاملة [10]

6ـ وفى سنة 864 فى عهد السلطان اينال قوى الاهتمام بسفر المجاهدين وشارك المتطوعة ورغم المظالم التى قاسوها فى عمارة المركب [11].

7ـ وفى سنة 866 نودى بالقاهرة بالجهاد لإمداد المسلمين بقبرص عند حصار ( الماغوص ) فى قبرص ، وما لبثت النجدة أن سافرت بما فيها من المتطوعة سنة 867 [12]  .

والملاحظ أنه لم يرد ذكر لأى جهد صوفى إيجابى فى حركات المتطوعة للقتال مع حرص المراجع التاريخية فى العصر المملوكى على تسجيل أى نشاط للشيوخ الصوفية ، ويذكر أيضا أن حركة المتطوعة قد خفت نسبيا بانصرام القرن التاسع ، وفى هذه الفترة اكتملت سيطرة التصوف على الحياة المصرية ،ويوضح هذا نظرة المتصوفة للجهاد الدينى ..

وأخيرا فقد قام الفقهاء ـ وخاصة أعداء الصوفية ـ بدور واضح فى الجهاد مثل ابن النقاش السابق والبقاعى الذى ركب البحر فى عدة غزوات ورابط  أكثر من مرة [13]، وهناك دور ابن تيمية فى جهاد التتر يحتاج لمؤلف منفصل ، أما الصوفية فى ذلك كانوا يمارسون جهاد النفس حسب شريعتهم بالخلوة والعزلة .

 

  تشريع الجهاد الصوفي السلبى فى العصر المملوكى

اولا : ميدان الجهاد الصوفى هو العزلة عن الناس

العزلة من أُسُس التصوف :

قعد الصوفية فى مؤسساتهم الصوفية يمارسون فيها جهادهم السلبى منعزلين عن الناس .

وكانت العزلة إحدى الأصول الخمسة في الطريقة الشاذلية ، ويعبر عنها بالإعراض عن الخلق في الأقوال والأفعال[14]، ويذكر الخفاجى أن من الأصول الستة المتفق عليها بوجه عام عند الصوفية : العزلة عن الخلق[15]، يقول ابن عطاء (ما نفع القلب شىء مثل عزلة. على قدر بعدك عن الخلق يكون قربك من الحق ، إغلق بابك عن الناس وباب بيتك عن أهلك)[16]. ويقول الدسوقى (والله لو وجدنا إلى الخلوة سبيلاً أو وجدنا إلى الإنقطاع عن أعين الناس من سبيل لفعلنا)[17].ويرى أبو المواهب الشاذلى أن(المريد الصادق لا يزور ولا يُزار )[18].وقد أجمعوا أنه لابد للمريد عن العزلة ثم الخلوة ، وقد فرقوا بين العزلة والخلوة بتعبيرات شكلية [19]، وأوصى المتبولى الخواص بألا يكثر من مخالطة الناس[20]،ورغب الشعرانى فى  العزلة[21].

 العزلة طريق الشهرة والصلاح للصوفية :

 1 ـ   كان يقترن ذكر الولى بالإعتقاد فيه وإنقطاعه مع الناس ،فوصف الكثيرين بالإنجماع أى العزلة ، ثم بالحصول على الولاية ، أو أنه انعزل فانشهر بالصلاح والولاية[22]، وقد وصف أحدهم بالمنقطع لأنه لايخرج من منزله لغير الجمعة والعيدين[23]، وانقطع آخر ثلاثين سنة لا يخرج إلا يوم الجمعة [24]، واعتكف أبو السعود الجارحى في سرداب تحت الأرض في شهر رمضان[25]، وقال الحنفى بعد أن خرج من عزلته ولياً " كان ظهورى من الخلوة يوم الثلاثاء فألهمتنى القدرة أن جلست للناس وعملت ميعاداً واجتمع على خلق كثير[26]. وصارت العزلة من خصائص الولى حتى أن على وفا صار يصلى الجمعة بمن معه بعيداً عن الناس مع أنه مالكي المذهب ،ومذهبه يرى أن الجمعة لا تصح في البلد وإن كبر إلا في المسجد العتيق من البلد[27]، وبولغ في الغزلة فى مزاعم الكرامات فبلغت أربعين سنة في أحد الجوامع [28]،وربما إنقطع الولى في الخرائب [29]  معتزلاً عن الناس.

2 ــ ورددت المراجع سيرة ابن عرب "المعتصم"في خانقاه شيخون، فكان لايكلم أحداً إذا خرج للجمعة ولا يجترئ أحد على الكلام معه لهيبته ،ووقاره وعظم حرمته،وتمر به الأعوام الكثيرة لا يتلفظ كلمة مع أحد ، وداوم على ذلك نحو ثلاثين عاما ً[30].بزعمهم .

3 ــ وبإنحدار التصوف صارت العزلة أهم مؤهلات المشيخة ،فجعلوها قياماً لناموسهم ولولا ذلك-كما يقول الشعرانى – ما تميزوا ولا اعتقدهم أحد[31]، فصار دأبهم العبوس وإطراق الرأس "والإحتجاب عن الخلق " لايكلمون أحداً ، وكل من جاء لحاجة يقول له النقيب سيدى الشيخ ما يخرج هذا الوقت أو ما يقدر أحد أن يكلمه، وتراهم لا يزورون أحداً من إخوانهم خوفاً أن تقول تلامذتهم لولا شيخنا دون هذه المرتبة في المشيخة ما زاره"[32].

 العزلة داخل المؤسسات الصوفية :

1 ــ   وصف ابن بطوطة معيشة المتصوفة داخل زواياهم فقال "وترتيب أمورهم عجيب،ومن عوائدهم في الطعام أنه يأتى خدم الزاوية إلى الفقراء صباحاً،فيعين له كل واحد ما يشتهيه من الطعام ،فإذا اجتمعوا للأكل جعلوا لكل إنسان خبزه ومرقه على حدة لايشاركه أحد .. ويجلس كل واحد منهم على سجادة مختصة به ..ويوم الجمعة يخرجون بشيخهم للصلاة في المسجد، وقد سبقهم الخادم بسجاجيدهم فيصلى كل منهم على سجادته .. وهم عزاب وللمتزوجون زوايا على حدة"[33].

وكان الصوفي إذا زاره أبوه من بلد بعيد لا يستطيع أن يكلمه حتى يشاور النقيب[34].

2 ــ وقد روعى في تخطيط مساكن الصوفية في الخوانق أن تكون بمنأى عن الطريق العام بقدر المستطاع [35]. وكانت مساكن الصوفية بالخوانق فردية، بمعنى أن كل مسكن يتسع لصوفى يقيم فيه بمفرده على غير المألوف. وكان لشيخ الخانقاه مسكن خاص[36]، .

وكانت الوثائق تصف الصوفية بالمنقطعين[37]، اى المنعزلين عن الناس . بل إن بعضها وصفت المقيمين فى تلك المؤسسات الصوفية وهم من غير الصوفية بالمنقطعين: ( يقدم من يرغب في الإنقطاع بهذا الرباط من عتقاء الواقع المذكور وذرياتهم...ولا يكلفون إثبات إستحقاق ولا زى الفقراء[38]. أى أن الإنقطاع أو العزلة أصبحت من لوازم بيوت الصوفية ،ومن يقيم بها من غير الصوفية ،من الذين احيلوا على المعاش من شيوخ الجند المماليك.

3 ــ ويوجد في بعض المؤسسات الصوفية خلاوٍ يخصص كل منها لأحد الصوفية كما في خانقاة سرياقوس، بل وجدت خلوة الخطابة فى بعض المساجد،وبتحقيق الإستقلال للخانقاه كان بوسع الصوفية أن يعيشوا بمعزل تام عن المجتمع[39].

4 ــ فإذا كان الصوفية في مصر المملوكية قد جعلوا العزلة أساساً دينياً،وإذا كان العصر المملوكى قد وفر لهم المؤسسات الصوفية ليعيشوا فيها على أساس العزلة ،فهل ننتظر منهم أن يتركوا ذلك إلى المشاركة مع المتطوعة في الغزوات البحرية؟

ثانيا : جهاد النفس فى الدين الصوفى

1ـ رغم كثرة آيات القرآن الكريم فى موضوعات الجهاد بالنفس والمال والقتال فلم ترد فيها إشارة لما استحدثه المتصوفة باسم جهاد النفس الذى استخدموه ذريعة للتهرب من الجهاد الإسلامى،وتناسوا أن جهاد العدو المعتدى هو الذى يسمو بالنفس ويزكيها ، وأن الفراغ الصوفى الطويل فى عُزلتهم قد انحدر بالصوفية إلى الانحطاط ، فلم يجدوا في حياتهم الشئ العظيم الذى يشغلهم، خاصة وقد أهملوا العقل والعلم فعاشوا أسرى الغرائز والتفاهات.

2 ــ والغريب أن الصوفية قد جعلوا من جهادهم الجهاد الأكبر واعتبروا الجهاد الإسلامى جهاداً أصغر، ويرى ابن الحاج الفقيه السُّنى نفس الرأى ، فيقول  أن "الجهاد الأكبر عام في كل الناس "إلا أن الفقير أحوج الناس إليه، إذ أنه خلف الدنيا وراء ظهره ،وأقبل على آخرته لشغله بربه وإقباله على إصلاح نفسه.."[40].

ولو أنصفوا لعرفوا أن جهاد النفس الحقيقى هو في التقوى الاسلامية التى تعنى تفاعلها الايجابى في الحياة مع التمسك -كلما أمكن- بالتقوى.

3ـ واستعار الصوفية مدلولات الجهاد الإسلامي وجعلوا لها مفاهيم صوفية . فالرُّبط جمع رباط تطورت فلم تعد حصوناً ،بل أضحت ملاجىء وتكايا للمجاهدين الجدد يعيشون فيها عالة على المجتمع يجاهدون أنفسهم بأنفسهم بزعمهم ، (والسلَب) أصبح يعنى به إخافة المنكرين بسلب العلم أو الإيمان وليس الغنائم الحربية والأسلاب ،(وجرد) أى استعد للعبادة والخلوة وليس بمعنى تجريد الجيش للحرب (والشهيد) الصوفي هو قتيل المحبة الإلهية [41]، (والشهادة) إحدى مراتب الولاية مع الصديقية [42]وليس القتل في سبيل الله كما هو متعارف عليه ( والمجاهدة) للنفس وليس للعدو المعتدى (والفتح) بمعنى الوصول أو انكشاف الحجب أو العلم اللدني طريقا للاتحاد بالله بزعمهم ، وليس النصر على العدو ، (والحملات) أى ما يدعونه من تحمل مصائب الآخرين وليس الحملة الحربية .

وإتخذ بعض المجاذيب لباس الجندية  وحملوا السيف وصاروا بذلك في الشوارع ، يجاهدون أنفسهم . أى أن جهادهم (الأكبر) تضمن كل مصطلحات الجهاد الحربي ولكن بمفاهيم صوفية، ثم استداروا  لحركة الجهاد الفعلية فسلطوا عليها أساطير الكرامات ، لتعويض قعودهم عن الجهاد .

ثالثا : تأليف الكرامات الصوفية في الجهاد الديني ..

1ـ وقام الصوفية – بما أوتو من مقدرة في سبك الكرامات واشاعتها- بسد هذا النقص. فرددت المراجع التاريخية كرامة واحدة في هيكلها وهى تتلخص في هزيمة جيش بأكمله بتأثير دعوة رجل صالح ، فتارة تحدث تلك الكرامة في الهند[43]، وتارة تحدث في بلاد الروم[44]، وأخرى عند أحد الخلفاء بمصر لم يعين اسمه[45]،

 أى أن بمقدور الصوفي صاحب الكرامات والمُستجاب الدعوة أن يهزم جيشا بأكمله بمجرد الدعاء ، وهذا الدعاء لم يحدث في التاريخ الواقعي مع كثرة الصوفية . والغريب أن يقتنع الناس بذلك , فعندما هزم الثائر( سوار ) القوات المملوكية في الشام أراد قايتباى حلّ الأوقاف الصوفية فرفض أمير الدين الأقصرائي لأنه"..بدعوة فقير صادق يكفيكم الله مؤونة هذا الأمر كله..فأنجبه السلطان منه" أى خجل منه السلطان على حد قول ابن إياس[46]. ..

وكان السلطان سليم كثيرا ما يطلب الدعوات الصالحات من الأولياء المصريين له في حربه ضد اسماعيل الصفوي [47].

2ـ وردد الصوفية كرامات عن بطولات مزعومة لأشياخهم وإن لم يحتل ذلك الجانب الهام من اهتماماتهم في سبك الكرامات.

فالبدوي وصف" بالعطاب"  " والغضبان" " ومجيب الأساري" " وأبي الفرج" "ومهارش الحروب" وهو " فارس الأولياء بالديار المصرية والجزائر القبرسية"  وقالت له فاطمة بنت برى " كنت أظن أن ما على الأرض أفرس مني وقد وجدتك أنت الفارس الهمام " ، وجعل من أهم كراماته إحضار الأسرى من بلاد الفرنجة،وحرصت الأشعار التي مدحت البدوي على إثبات ذلك[48]. وللبدوي وأتباعه العذر في انتحال ذلك كله فقد عاصر ازدهار الحروب الصليبية وكان عليه أن يغطي موقفه  وهو مشغول بأموره على سطح دار ابن شحيط يرتب لإسقاط الدولة المملوكية التي تصارع المغول والصليبيين. وقد شرحنا ذلك بالتفصيل في كتابنا ( السيد البدوي بين الحقيقة والخرافة) .ولم يرد إسم البدوى مطلقا فى العصر الذى عاشه لأنه كان متآمرا يعيش متنكرا .

 والدسوقي يتفنن في ذلك لا حبا في الجهاد في حد ذاته ، ولكن تأكيدا لعقيدة الحقيقة المحمدية التي حمل لواءها ، فقد زعم أنه قاتل المشركين مع النبي عليه السلام ، وأسهم في هذه المعارك معه  باقي الأقطاب الأربعة،فلما وجدهم المصطفى يقاتلون معه قسم بينهم الأرض[49].

وتأسيسا على نظرة الصوفية  للجهاد يقول الشاذلي عن حزب البحر" لو ذكر حزبي في بغداد لما أخذت"[50].

أي أن ذكر حزب الشاذلي كان كفيلا بانقاذ بغداد من تدمير المغول لها سنة  658هجرية.

والتطبيق العملي لقول الشاذلي حدث في واقعة الإسكندرية حين هاجمها القبرصي – وكانت على غير ما يهوى الشاذلي – فعندما انتشر الفرنجة يقتلون وينهبون في المدينة اختفى صوفي فى قصر وقرأ حزب الشاذلي لينجيه، فأتى الفرنجة إلى الباب وتشاوروا ثم تركوا القصر لأنهم رأوا صبيا يجري فلحقوا بالصبي وقتلوه، ومع أنهم تركوا الصبي وفيه رمق إلا أن صاحبنا الصوفي ظل معتصما بمخبئه – وقد غاب عنه الفرنجة – ولم يجرؤ على نجدة الصبي حتى أسلم(الروح)[51].

ويقال أن الإسكندرية كانت في خفارة أي حماية أبي العباس المرسي،وقد تعجب من استعدادهم  للدفاع عن أنفسهم لأنه ما دام فيهم فلن يدخلها العدو[52]. فأين دور المرسي العملي في الدفاع عن الإسكندرية  حين اقتحمها القبرسي وانتهك حرمتها؟  لا نجد لذلك أثرا في المراجع..

وكان عبد الله الدرويش صاحب كرامات ويتطور (يتشكل) في سائر الصفات وصلب الخنزير بباب القرافة وكان ذلك مجاهدة في الفرنج[53]. على حد قولهم بينما ترك الصليبين يمرحون في البحر المتوسط. وكان حسن بن مسلم المسلمي صاحب الكرامات يجاهد الفرنج في المغرب [54].أما الشيخ محمد العردوك الهارب من التتار، فبعد أن وصل إلى دار الأمان جعل يقاتل في الهواء، وبقى إلى نهار اليوم التالي،ثم استلقى كالميت من التعب وثيابه ملطخة بالدماء من صرعاه من التتار، ولما أفاق أخبرهم أنه قاتل التتار وقتل كبيرهم[55] ، أي في أحلام اليقظة وكرامات الخيال.

3ـ ومع اختلاق هذه الكرامات أسوة بغيرها، فإننا كنا نتمنى لو أكثروا من هذه الكرامات القليلة لتدل على اهتمامهم بالجهاد الديني ولو في أحلام اليقظة.

 

     

    جهاد الصوفية في المصادر التاريخية وخيانتهم وتعاونهم مع العدو

1ـ عندما عزم الأشرف خليل على التوجه إلى عكا لفتحها في ربيع الأول سنة 690 جمع الصوفية فى ( تربة)  أبيه المنصور قلاوون ، يقرأون القرآن وفرق عليهم الصدقات وعلى أهل المدارس والربط والزوايا والخوانق[56] أي ليؤيدوه بدعواتهم المستجابة. وهذا دورهم في فتح عكا آخر معقل صليبي، أي مجرد الدعاء وقراءة القرآن مقابل أجر .

2ـ على أن بعض المتصوفة قد شارك بالقتال الفعلى في حملة مملوكية موجهة لقتال العربان بالصعيد .

وقد تمكنت هذه الحملة من إهلاك العربان هناك عن آخرهم، وأسرت منهم الكثير خصوصا النساء والأطفال ونهبت الأكثر الذي تفرقته الأيدي : ( وصار لكثرة ما حصل للأجناد والغلمان والفقراء ( الصوفية )  الذين اتبعوا العسكر أن باعوا الكبش السمين من ثلاثة دراهم إلى درهمين..") ( "وقد خلت بلاد الصعيد من أهلها، حيث صار الرجل يمشي فلا يجد في طريقه أحد، وينزل القرية فلا يرى الا النساء والصبيان .! )"[57]. أي خربوا الصعيد ودمروه.. وهذه هي الحملة المشهورة التي شارك فيها الصوفية.

 3ـ هذا، ولقد أثرت الأوقاف – والمتأثرة بالتصوف – على حركة الجهاد الديني ، ذلك أن النظام الحربي في الدولة المملوكية قام أساسا على نظام الإقطاع، وقد نافست الأوقاف على الصوفية  ــ وجهادهم السلبى ــ الإقطاع المملوكى ــ الذى ينفق على المجهود الحربى ــ في الإستئثار بالثروة الزراعية ، مما حدا بالظاهر برقوق لمحاولة الإستيلاء على الأوقاف بحجة "أن كثيرا من الأراضي الزراعية تم وقفها مما أدى لإضعاف جيش المسلمين "[58].  وهذه الأوقاف هي التي أعاشت الصوفية وأعانتهم على تواكلهم ،وهي التي حرمت الجيش المملوكي من قوة إضافية.

4ـ اشتراكهم في غزوة رودس الثالثة (ت848) هجرية طمعا فى الغنائم :

لم يسبق للصوفية الاشتراك في الغزوتين السابقتين لرودس،وقد تشجعوا بما حدث في الغزوتين السابقتين ، وبما حصل عليه المجاهدون فيهما من غنائم، فاشتركوا في الغزوة الثالثة طمعا في الربح السهل، وكان اشتراكهم شؤما لأن الغنائم هدفهم الأسمى ،فقد : ( تفرقوا في قرى البلد وبساتينها وضياعها ، ينهبون ويسبون ويحرقون ويفعلون القبائح" وأقامت طائفة أخرى في كنيسة، فطوقهم الفرنجة على حين غفلة وظهروا عليهم.. وبعثوا يطلبون المدد فجهزه لهم جقمق إلا أن الخبر وصل برجوعهم" بسبب تخاذلهم" هذا بالإضافة إلى فرار كثير من المماليك إلى الفرنجة مرتدين عن الإسلام ، فاتفق أكثرهم على الرجوع ، فلم يسع الباقين إلا موافقتهم فوصلوا أرسالا [59]. أى جماعات متفرقة ، فكانت هزيمة مروعة ببركة الصوفية .!!

5ـ ويحاول الصوفية المحدثون[60].إثبات جهاد الشاذلي في موقعة المنصورة اعتمادا على ما روي في كتب المناقب من روايتين قيل بحدوثهم في المنصورة، مع أن المصادر التاريخية لمعركة المنصورة المشهورة لم يرد فيها ذكر للشاذلي، وهو أشهر من أن يجهله المؤرخون وقتها ، وما كان بإمكان الشاذلي أن يجاهد- ولو أراد – وهو شيخ ضرير . وتحكي الرواية الأولى أن الشاذلي حضر بالمنصورة لقاءا علميا مع العز بن عبد السلام وابن دقيق العيد وابن سراقة ومجد الدين الأخميمي يتناقشون في رسالة القشيري، والشاذلي بينهم صامت فاقترحوا أن يتكلم الشاذلي فقال:" أنتم سادات الوقت وكبراؤه وقد تكلمتم"، فأصروا  ، فسكت ساعة ثم "تكلم بالأسرار العجيبة " حتى أن ابن عبد السلام لم يحتمل ذلك فقال: اسمعوا هذا الكلام الغريب القريب العهد من الله ". ولم يذكر الوقت الذي حدثت فيه هذه الرواية [61]..

 وواضح أن كاتب الرواية يحرص – كما هو واضح – على إثبات تفوق الشاذلي علميا على معاصريه من العلماء ، والواضح أن ناحية الجهاد الديني لم تخطر بباله، وإلا فما كان أسهل عليه أن يخترع يزايد. فى كرامات الشاذلى فى الانتصار على العدو الفرنسى .  ثم كيف تكون هناك موقعة حربية مع عدو توغل في عمق البلاد، ويجتمع أولئك المشايخ يقرأون رسالة القشيري ويبحثونها في هدوء ؟ وهل رسالة القشيرى وثيقة  الصلة بالجهاد حتى تبحث فى مثل ذلك الوقت ؟.

 وتحكى الرواية الثانية مناماً للشاذلي يقول : "كنت بالمنصورة..مشغولا بأمر المسلمين وبأمر الثغر خصوصا، وقد كنت أدعو الله، وأتضرع إليه في أمر السلطان والمسلمين.."  وتمضي الأسطورة فتصف لقاء الشاذلي بالرسول عليه السلام في المنام وكيف أنه كرّم الشاذلي: " فمد يده حتى قبض على يدي وقال :  لاتهتم كل هذا الهم من أجل الثغر وعليك بالنصيحة لرأس الأمر" .وتهدف الاسطورة الى إعلاء شأن الشاذلي وليس للمنصورة فيها من نصيب المقولة، إلا قوله  في أولها "كنت في المنصورة" ، وانصب اهتمامه فيها على الثغر أو الإسكندرية حتى لقد طمأنه الرسول عليه السلام – في المنام – على الثغر ومن فيه..فأين موقعة المنصورة بكل ما حدث فيها ؟

6ـ وعلى عكس الشاذلي والصوفية المصريين نلمح في المصادر التاريخية مشاركة للصوفية الشاميين في الحروب الصليبية مع الظاهر بيبرس ضمن جمع الناس وأصنافهم حتى النساء.فقد اشعل الظاهر بيبرس جبهة الشام بالجهاد الديني فورد ذكر للفقهاء والفقراء المجاهدين عام 661 في حصار عكا [62].وحصار أرسول سنة [63]663.وصفد سنة 664 والشقيف سنة 666.هجرية[64].

7 ــ وانتهى ذلك بموت الظاهر بيبرس.

فعاد الصوفية إلى "جهادهم الأكبر" أو جهاد النفس، بل سمعنا عن صلات بين الصوفية الشاميين وبين الصليبيين فكانت كلمة أحدهم عند الفرنج مسموعة [65].بل ادعى آخر أنه مأمور بحفظ خنازير الفرنج الصلبيين وكان يعذره بعض أكابر الشيوخ في بعلبك لأنه(صاحب كرامات يأتي له راكبا أسدا)[66]. بزعمهم .

تعاون الصوفية مع هولاكو والتتار (علنا)

1ـ بدأ الأمر بالتزام المتصوفة جانب حكوماتهم المحلية طالما كانت قوية، فقتل بعضهم بأيدي التتار[67].

ولكن لاحظ المتصوفة والتتار أن احدهما في حاجة للآخر فالتتار في حاجة إلى حليف يهدىء الناس ويشغلهم ويقنعهم بالتسلم، أما المتصوفة فقد كانوا دائما في حاجة إلى حماية الحكومات المختلفة، وقد بدأ الإتصال الواعي سنة  643  بلجوء الشيخ خليل الكردي أحد أصحاب الرفاعي إلى المغول ثم ما لبثت أن خرج معه جمع كثير من المغول [68]. واستهوت التتار ألاعيب الرفاعية من دخول النار وشرب السم[69]. وأتت هذه العلاقة الجديدة أكلها فعند فتح حلب لم يسلم من المذبحة إلا من لجأ إلى بضع بيوت منها خانقاه زين الدين الصوفي [70].  وأثناء إقتحام هولاكو لبغداد رؤى شيخ صوفي محلوق الرأس أخذا بفرس هولاكو, ويزعم أنه أمر بذلك[71].

2ـ والصوفية من جانبهم حاولوا التخفيف من وقع كارثة بغداد وامتصاص كراهية المسلمين للتتار، فانتشرت المنامات الصوفية تحذر من الإعتراض وتهون من الأمر، يقول أحدهم " كنت بمصر فبلغني ما وقع ببغداد من القتل الذريع فأنكرته بقلبي، وقلت يارب كيف هذا وفيهم الأطفال ومن لاذنب له؟, فرأيت في المنام رجلا في يده كتاب فأخذته فإذا فيه:

دع الإعتراض فما الأمر لك        ولا الحكم في حركات الفلك

لا تسـأل الله عـن فعـله          فمن خاض لجة بحر هلك[72]

أى إن تدمير بغداد هو فعل الاهى ومن يعترض عليه فقد هلك .!!

3ـ وانخرط أعلام الصوفية في خدمة هولاكو، مثل قاضى القضاة محيي الدين القرشي "وقد سار إلى خدمة هولاكو فأكرمه وولاه قضاء الشام وخلع عليه"[73]، وتوجه ابن حمويه إلى خراسان واجتمع بملوك التتار فأعطوه مالا كثيرا، وبنى بآمل خانقاه وتربة، وكان له قبول عظيم هناك [74]،وسار ابن الزملكاني لخدمة هولاكو فأكرمه[75].

4ـ وتوثقت هذه الصلة بعد موت هولاكو، فأقيمت الرباطات الصوفية بمشهد الإمام على وسلمان الفارسي كدليل على إلتفات النظام الجديد إلى جدوى التعاون مع المتصوفة[76].

5ـ وأصبح التصوف وسيلة للوصول عند التتار فتزهد أحد مماليك الخليفة المستعصم. وتسمى عبد الرحمن واتصل بأحمد بن هلاون – الذى أسلم على يد المتصوفة – فعظم عنده للغاية بحيث كان إذا شاهده ترجل وقبّل يده وامتثل جميع ما يشير به[77]، وكان رسوله إلى المنصور قلاوون فوصفه الملك المغولي "بشيخ الإسلام قدوة العارفين كمال الدين عبدالرحمن الذي هو نعم العون لنا في أمور الدين" ، طبقا لما ورد في كتاب أحمد بن هلاون إلى قلاوون[78].

المتصوفة فى خدمة غازان:

1ـ رتبط جهاد ابن تيمية للتتار[79]بجهاده لحلفائهم المتصوفة، فقد أدرك العلاقات التي تربط الفريقين فناظرهم أمام نائب السلطنة في مصر سنة 705هجرية  ونجح في إثارة الرأى العام عليهم، حتى إن شيخهم صالح الأحمدي لم يتمالك نفسه فقال ( نحن ما ينفق حالنا إلاعند التتر، وأما عند الشرع فلا" ) ،فكثر الإنكار عليهم، واتفق على قتل من يخرج منهم على الكتاب والسنة[80].

وهذا الشيخ أكرمه التتار لما قدموا دمشق سنة 699 حتى لقد نزل عنده قطلوشاه نائب التتار[81].

2ـ وقرر ابن تيمية أن ظهور الأحمدية حمل الناس على الخمول والتسليم فاستفاد بذلك التتار[82]. وأن الصوفية قد حققوا للتتار مركزا مرموقا حملهم على تطوير عقيدتهم من الحلول الجزئى إلى الإتحاد المطلق الذي يعني وحدة الوجود[83]، بل إن اليونسية – إحدى الفرق الصوفية ـ قد أعلنوا ردتهم عن الإسلام عندما جاء غازان إلى دمشق [84].

3ـ ومما يذكر أن بعض صوفية مصر قاموا بدور الطابور الخامس لغازان فادعى أبو العباس الملثم في السنة التي دخل فيها غازان الشام أن النبي عليه السلام أخبره في المنام بأنه أذن للتتار في دخول الشام وأنه راسلهم بذلك [85]؟

4ـ واقتحم غازان دمشق، فشرب التتار في الجامع الأموي الخمور، وفجروا فيه بالنساء ،ونجسوه بالبول، وعظم القتل والنهب في الناس حتى بلغ مائة ألف إنسان، وحمل إلى غازان6و3 "مليون" درهم سوى السلاح والثياب والدواب ..إلخ ومع ذلك لم يسيطر التتار على قلعة دمشق فقد تحصن فيها أرجواش القائد المملوكى مهددا التتار ورافضاً التسليم.

في هذه الأثناء عظم شأن أحد الصوفية المتعاونين مع غازان وهو شيخ الشيوخ نظام الدين الشيباني فنزل بالمدرسة العادلية، وعتب على أهل البلد لأنهم لم يترددوا إليه كي يصلح من أمرهم "وعظم نفسه تعظيماً كثيراً".."وحصل لشيخ الشيوخ من البراطيل فوق الثلاثين ألف دينار وكان لا يزال الدبوس على كتفه ولم يكن فيه شيء من أخلاق المشايخ" واستخف بأبطال قلعة دمشق وقال كأنه أحد التتار "لو أردنا أخذها أخذناها من أول يوم" ورفض أرجواش الأمان الذي كتبه له غازان  فهلك أهل دمشق خوفاً من غضب غازان, وانتهز شيخ الشيوخ الفرصة فكان يتظاهر بالرحيل فكان بعض الناس يلجأ إليه للإحتماء به "وهو مصمم لا يفرج كربة عن مسلم.. وكل الناس في ضيق".

5ـ  وقد اجتمع ابن تيمية ببعض التتار وسألهم عن سبب قتالهم المسلمين فقالوا "أفتانا شيخنا بتخريب الشام وأخذ أموالهم لأنهم ما يصلون إلاً بالأجرة ولا يؤذنون إلاًبالأجرة ولا ينفقون إلاًبالأجرة,وقال لنا إذا فعلتم ذلك بهم يرجعون إلى الله ويتوكلون عليه" أى أن الشيخ الصوفي حرض التتار على تدمير الشام, وأفتى لهم بذلك، وحملت الفتوى رؤية الصوفية في الذي يعبد الله بالأجرة . إلا أن أجرة الشيخ الصوفي نظام الدين الشيباني كانت هائلة، أخذها من أهله وقومه وأبناء وطنه إذ حصل الشيخ لنفسه "ما قيمة ستمائة ألف درهم" وهذا خارج عما "برطلوه من المصادرين المظلومين" [86].

الصوفية وتيمور- لنك(ت808):

   تطوع الصوفية فحاولوا تقريب صورة تيمور من قلوب العامة إحياءً للود القديم، فالرسول عليه السلام في أساطيرهم دفع عن تيمور لنك ملائكة العذاب "اذهبوا عنه فإنه كان يحب ذريتي ويحسن إليهم" ولنفس هذا السبب سمح له الرسول فى زعم مناماتهم بالجلوس معه في منام صوفي آخر[87].ولم تحدث حرب تيمور لنك وبرقوق. لذلك لم يحدث تعمق في علاقات الصوفية بتيمور لنك ، واقتصرت على الدعاية المجانية له.

تجسس المتصوفة لحساب التتار:

 أ) جواسيس التتار في زي الصوفية:

1ـ بازدهار التصوف توافد على مصر كثيرون بزي الصوفية حيث منحوا كل تكريم, ومن الطبيعي أن يستغل التتار هذه الناحية بما عرفوا من خبرة في التجسس، فقدمت جواسيسهم إلى مصر أفراداً أو جماعات بزي التصوف.

2ـ ولقد كان منهم الشيخ على الأويراتي الذي أسلم وتصوف وتبعه بعض أولاد المغول إلى الشام، ثم إلى مصر حيث رتبهم السلطان في جملة مماليكه. وعندما عزم الناصر على حرب غازان سنة 699 جند الأويراتية بعض المماليك السلطانية للتجسس لصالح غازان، ولكن إنكشف أمرهم  حين بدأوا التنفيذ فاعتقل المشتبه فيهم من المماليك وشنق الأويراتي [88].

3ـ وفطن المماليك بعد حركة الأويراتية إلى هذه اللعبة, ويتضح ذلك من حادثة الشيخ براق الذي حظى عند التتار واشتهر بكراماته وزيه العجيب هو وأصحابه بالمائة، وقد دخل الشام فأحسن الأمير الأفرم مقابلته،وأراد الدخول إلى مصر فمنعه الناصر محمد بن قلاوون [89]. ولأن المصريين قد فطنوا إلى حقيقته أرسله غازان التترى إلى جبال كيلان ليحارب المماليك ( فأسروه وقالوا له:أنت شيخ فقراء كيف تجيء صحبة أعداء الدين لقتال المسلمين؟ وسلقوه في دست)[90].

 وتابع تيمور لنك نفس الخطة فاعترف أحد الجواسيس أمام والي القاهرة بأن تيمور أرسل إلى مصر عدة جواسيس في هيئة تجار وأعاجم(صوفية) فقبض على سبعة منهم[91].

وفي حريق بولاق سنة 862 الذي استمر عدة أيام  بالقاهرة على فترات متقطعة اتهم بذلك جواسيس القرمانية فنودي بخروج الغرباء من مصر [92]، والقرمانية كانوا يأتون إلى مصر ضمن التوافد الصوفي عليها من الأعاجم.أى أن جموع المتصوفة الأعاجم في القاهرة صاروا موضع شك لإحتمال أن يكون بينهم جاسوس، وقد وجدوا مع أحدهم كتاباً من جان بك الصوفي وكان هارباً من مصر إبان نزاعه مع سلطان برسباي [93].

4ـ وقد اتهم أعجمي آخر هو نور الدين علي التبريزي  بالتواطؤ مع الحبشة والصليبيين، وأنه كان يحمل الرسائل بينهم، وخطط لربط الحبشة بكنيسة روما، ومصاهرة الفونسو للبيت المالك في الحبشة، ومحاولة تحويل مجرى النيل عن مصر، وقد أفشى سر العجمي أحد خدمه فضربت عنقه[94].

صوفية يتطوعون للتجسس لحساب التتار:

قيل في ترجمة الشريف القمني أنه (داخل التتار لما أتى غازان إلى دمشق وتوجه إليهم وعاد إلى دمشق ومعه أربعة من التتار وكسر أقفال بيت توما) ..(وشرع يدل التتار على عورات المسلمين إلى أن أمسك وقتل مع أعوانه)[95].

وأقام الصوفي ابن عمران بين التتار فأكرموه ثم قدم دمشق(واتفقت له كائنة فسجن في قلعة دمشق)[96].

وكان سعيد المغربي مقيماً بجامع ابن طولون وللناس فيه اعتقاد زائد وكان برقوق يزوره ويعظمه ويقبل شفاعته،ثم سافر العراق ووشى به للسلطان فتخيل منه وظن أنه جاسوس فقبض عليه [97]. أى أن الشك في الصوفية لم يقتصر على الأعاجم منهم.

وأخيراً

فهذه هى المحصلة النهائية لفريضة الجهاد الديني عند الصوفية،فقد تحولت في دين التصوف إلى قعود في بيوت الصوفية لممارسة عقائدهم في الحلول والإتحاد، ولممارسة الإنحلال الخلقي، وسنرى ذلك في موضع الأخلاق، وبينما يلهون ويلعبون ويتمتعون كان المماليك يقاتلون الصليبيين في الشام ثم في البحر المتوسط،

 ويقاتلون التتاروالمغول من حملة هولاكو إلى غازان. 

 ثم أسفر الصوفية عن ولائهم الحقيقي حين انضموا في القتال لأعداء المسلمين، في العلن حين يحتلون أرض المسلمين، وفي السر حين يتجسسون لحسابهم داخل أرض المسلمين.. وهم في ذلك كله لم يكن لهم أدنى عذر، فقد تمتعوا بالسطوة والنفوذ والتقديس لدى الحاكم والمحكوم، وليس أدل على ذلك من تقرير عقائدهم المخالفة للإسلام، واضطهادهم لخصومهم الفقهاء بالمحاكمات والملاحقات،ثم إن كل ما تبقى من آثار العصر المملوكي المعمارية شاهد على عناية العصر المملوكى بالصوفية، فلا تزال لدينا الخوانق والزوايا والمساجد والقباب التي أقيمت أساساً للتصوف وأوليائه. وفي النهاية كان ولاؤهم  للعدو المعتدي..



[1]
أحمد دراج : المماليك والفرنج 7 : 17 .

[2]النويرى ، الإلمام  جـ 1 / 170 .

[3]النويرى . الإلمام بالأعلام فيما جرى بالإسكندرية ـ : مجلد 1 لوحات 93 : 96 ، 107 : 108 ،169 : 170 وقد حدث الهجوم سنة 767 .      

[4]عن سنة 832 : السلوك 4/ 2 / 802 ،، النجوم جـ 14 / 309 ، الغمر جـ 3 / 420 ، عن سنة 915 تاريخ ابن اياس جـ 4 / 163 ، 164 ، 192 .

[5]عقد الجمان حوادث 819 ، الغمر جـ 3 / 94 ، الضؤ الامع جـ 4 / 370 .

[6]النجوم الزاهرة جـ 14 / 268  .

 

[7]ذكر أبو المحاسن التفاصيل فى النجوم الزاهرة جـ 14 / 271 : 287 ، وذكرها المقريزى فى حوادث سنة 829 فى السلوك جـ 4 / 2 / 718 : 744 وجـ 4 / 2 / 683 : 688 و  694  :695 .

[8]نزهة النفوس مخطوط حوادث سنة 843 ص 189 .

[9]نزهة النفوس مخطوط حوادث سنة 842 ص 193 . والنجوم الزاهرة جـ 15 / 341 : 342 . السلوك جـ 4 / 3/ 1170 : 1171 .

[10]إنباء الغمر . مخطوط ورقة 1206 : 1207 . التبر المسبوك 63 ، النجوم الزاهرة جـ 15 / 360 : 363. السلوك جـ 4/3/ 1205 وما بعدها .

[11]النجوم الزاهرة جـ 16 / 149 : 154 .

[12]حوادث الدهور جـ 3/ 422 . النجوم الزاهرة جـ 16 / 275  .

[13]الضوء الامع جـ 1 / 102 .

[14] دائرة المعارف جـ 13 / 58 .

[15] عن عاشور . البدوى 221 .

[16] الحكم العطائية ص 1 مفتاح الفلاح الطبعة الأولى 35 ،36 .

[17] الطبقات الكبرى للشعرانى جـ1/ 145 .

[18] قواعد الصوفية جـ1/164 .

[19] الوصية المتبولية للشعرانى 23:25 .

[20] لطائف المنن 418 .

[21] لواقح الأنوار 204 ، تنبيه المغترين 251 ، قواعد الصوفية جـ1/ 84 ، لطائف المنن 419 وغيرها .

[22] إنباء الغمر جـ3/ 105 ، جـ2/129 ، الدرر الكامنة جـ3/ 33 ، المنهل الصافى جـ3/143 ،5/5 , حوادث الدهور جـ1/ 140 ،ذيل الدرر الكامنة مخطوط ورقة 8 ، الضوء اللامع جـ2/ 112 ، شذرات الذهب جـ6/ 56 وغيرها .

[23] التبر المسبوك 288 ،294 .

[24] الغمر جـ3/265 .

[25] الغزى الكواكب السائرة جـ1/48 .

[26] مناقب الحنفى 53 :54 .

[27] شذرات الذهب جـ7 / 71 ، 72 .

[28] الطبقات الكبرى للشعرانى جـ2/160 .

[29] الطبقات الكبرى للشعرانى جـ2/158 .

[30] السلوك جـ4/ 2 /757 :758 ، إنباء الغمر جـ2/384 :385 ، المنهل الصافى مخطوط جـ1/ 204 . الضوء اللامع جـ1/200 ،201 .

[31] الشعرانى رسالة فى ردع الفقراء ص 11 .

[32] ردع الفقراء ص 9 .

[33] رحلة ابن بطوطة جـ1 / 20 :21 .

[34] الطبقات الكبرى للشعرانى جـ2/78 .

[35] دولت عبد الكريم ، الخوانق رسالة دكتوراه غير منشورة 170 .

[36] دولت الخانقاه 174 ، 175 .

[37] وثيقة الزينى يحيى الأستادار وثيقة مغلطاى الجمالى.

[38] وثيقة وقف بيبرس الجاشنكير رقم 42 محفظة 4 محكمة .

[39] محمد أمين الأوقاف فى العصر المملوكى 231 ، 277 رسالة دكتوراه غير منشورة .

[40] المدخل جـ2/ 118 .

[41] روض الرياحين 49 .

[42] لطائف المنن للشعرانى 377 : 378 .

[43] السبكى. معيد النعم 155 .

[44] السلوك جـ4 /2/ 625 ولم يستوثق المقريزى من الخبر ويبدو تأثره فيها بما يدور بين المسلمين والنصارى من حروب .

[45] تحفة الأحباب 296 : 297 .

[46] حوادث الدهور 636 : 637 ، تاريخ ابن إياس ط بولاق جـ2/97 .

[47] أحمد فؤاد متولى . الفتح العثمانى لمصر وسوريا ص 115 ، ص 134 ذكر فيها المراسلات التى وردت فيها هذه العبارات .

[48] عبد الصمد . الجواهر : 6،9 ،17 ، 53 ، 75 ، 76 ، 116 ،طبقات الشرنوبى مخطوط 706 .

[49] طبقات الشرنوبى مخطوط ورقة 14 واستعرض عضلاته أيضا فى الأسرى ورقة 4 .

[50] دائرة المعارف جـ13 / 58 .

[51] النويرى الإلمام بالأعلام مخطوط جـ1 / 109 .

[52] مناقب الحنفى مخطوط 143 : 144 ، الطبقات للمناوى مخطوط 262 .

[53] الكواكب السيارة 186 .

[54] السلوك جـ 3 / 1 / 86 ، الدرر الكامنة جـ2 / 132 .

[55] النبهانى جامع كرامات الأولياء ..جـ1/ 136 .

[56] ابن الفرات . التاريخ جـ8 / 111 ، السلوك للمقريزى جـ1 / 2 / 764 .

[57] السلوك للمقريزى جـ1 / 3 / 922 . حوادث سنة 701 والنجوم الزاهرة جـ8 / 153 .

[58] محمد أمين رسالة على الأوقاف ص 394 نقلا عن السلوك للمقريزى جـ3/1/345 .

[59] السخاوى . التبر المسبوك 88 .

[60] د. عبدالحليم محمود : الشاذلى 61 : 71 .

[61] عمار . أبو الحسن الشاذلى وتصوفه جـ 1 / 69 : 70 .

[62] تاريخ النويرى . نهاية الارب . مخطوط جـ 28 / 79 . السلوك للمقريزى جـ 1 / 2 /488 .

[63] النويرى جـ 28 / 83 والسلوك جـ 1 /2/ 528 : 529 .

[64] السلوك جـ1 / 2 / 546 ، 565 .

[65] الغمر جـ3 / 508 : 509 ترجمة ابن قديدار الدمشقى .

[66] ابن تيمية مجموعة الرسائل والمسائل جـ 1/ 171 : 172 .

[67] نفحات الأنس للجامى 423 : 424 ،599 .

[68] الشيبى : الفكر الشيعى ص 86

[69] النويرىالإلمام جـ2 / 83 .

[70] تاريخ أبى الفدا جـ 3 / 210 ، عقد الجمان للعينى مجلد 54 لوحة 424 وتاريخ حلب لابن الشحنة ص 96 .

[71] محموعة الرسائل والمسائل جـ 1 / 169 : 170 ابن تيمية ؟

[72]  عقد الجمان 54 / لوحة 45 : 546 وروى السبكى رواية أخرى فى طبقات الشافعية جـ 5 / 116 .

[73] شذرات الذهب  جـ 5 / 327 : 328 .

[74] عقد الجمان مجلد 53 لوحة 354 .

[75] اليافعى مرآة الجنان جـ4 / 170

[76] الفكر الشيعى 87 .

[77] تاريخ الذهبى مخطوط مجلد 31 لوحة 26 ، 27 .

[78] سيرة المنصور قلاوون جـ 1 / 13 .

[79] قاتل ابن تيمية التتار بنفسه وحرض المماليك و الناس على  جهادهم  واشترك فى المباحثات . راجع تاريخ ابن كثير جـ 14 / 7 :26 ، 89 ، العقود الدرية لابن عبدالهادى 177 : 178

[80] تاريخ ابن كثير جـ 14 / 36 .

[81] تاريخ ابن كثير جـ 14 / 47 ، عقد الجمان وفيات سنة 707 ، الدرر الكامنة جـ 2 / 201 .

[82] مجموعة الرسائل والمسائل جـ1 / 179 ، جـ 1 / 171 : 172 .

[83] مجموعة الرسائل والمسائل جـ1 / 179 ، جـ 1 / 171 : 172

[84] مجموعة الرسائل والمسائل جـ 1 / 168 ، 169 .

[85] الدرر الكامنة جـ 1 / 199

[86]  زيتر ستين " تاريخ سالطين المماليك " 64 : 77 ، الداودارى الدر الفاخر 27 : 30 ، النويرى نهاية الأرب 29 / 115 مخطوط ، المقريزى المقفى 4 / لوحة 87 ، السلوك 1 / 3 / 890 : 902 ، العينى عقد الجمان حوادث سنة 699 .

[87]  المقريزى فضائل آل البيت 80 ، 81 ، التبر المسبوك 254

[88] بيبرس الدودار زبدة الفكرة جـ 9 / لوحة 217 ، 205 ، 355 ، 356 .

[89]  النجوم الزاهرة جـ 8 / 169 : 170 ، عقد الجمان حوادث سنة 705 .

[90]  الدرر الكامنة جـ 2 / 6 .

[91]  نزهة النفوس لابن الصيرفى جـ 1 / 378 حوادث سنة 796 .

[92]  النجوم الزاهرة جـ 16 / 123 : 125 حوادث الدهور جـ 2 / 313 وما بعدها ، تاريخ ابن اياس جـ 2 / 347 ، 348 .

[93] تاريخ ابن اياس جـ 2 / 172 : 173 .

[94] المجلة التاريخية مجلد جـ 8 / 61 : 63 دكتور طرخان ، النجوم الزاهرة جـ 1 / 14 / 324 : 326 ، حوادث الددهور 73 ، ( نزهة النفوس مخطوط حوادث سنة 832 ) ، تاريخ ابن اياس تحقيق محمد مصطفى جـ 2 / 123 والمطبوع جـ 3/ 149 ـ  152 .

[95] أعيان العصر للصفدى . مخطوط جـ 6 / 2 / 280 : 281 .

[96] المناوى الطبقات الكبرى . مخطوط .

[97] انباء الغمر / 438 .

كتاب ( التصوف والحياة الدينية فى مصر المملوكية
يقع فى ثلاثة أجزاء تتناول بعد التمهيد أثر التصوف فى العقائد الدينية والعبادات الدينية والحياة الأخلاقية فى مصر العصر المملوكى . تعطى مقدمة الكتاب لمحة عن أصل هذا الكتاب ، وأنه كان ضمن الأجزاء المحذوفة من رسالة الدكتوراة التى قدمها المؤلف للمناقشة حين كان مدرسا مساعدا فى قسم التاريخ الاسلامى بجامعة الأزهر عام ذ977 ، ورفضوها وبعد إضطهاد دام ثلاث سنوات تم الاتفاق على حذف ثلثى الرسالة ، ونوقش ثلثها فقط ، وحصل به الباحث على درجة الدكتوراة بمرتبة الشرق الأولى فى اكتوبر 1980 . من الأجزاء المحذوفة من الرسالة ينشر المؤلف هذا الكتاب بأجزائه الثلاثة ، يوضخ فيه أثر التصوف فى مصر المملوكية ويعرض فيه عقائد التصوف
more




مقالات من الارشيف
more