رقم ( 3 )
الباب الثانى: الهجص السّنى فى الميراث

 

 الباب الثانى: الهجص السّنى فى الميراث

مقدمة للباب الثانى

1 ـ بسبب سبق القرآن بتشريعات الميراث فإن الفقه السّنى ـ الذى تأثر جزئيا بالتشريع القرآنى فى الميراث ـ كان ولا يزال متفوقا على التشريعات الغربية فى هذا المجال . ولكن تظل تشريعات الفقه السنى ـ فى أغلبها ـ مجرد ( هجص ) إذا قورنت بتشريعات الميراث القرآنية . واساس الهجص هنا أن الفقهاء السنيين تأثروا بثقافتهم فى العصور الوسطى فأضافوا وحذفوا وتلاعبوا فى تشريعات الميراث ، وصاغوا هذا فى أحاديث وأقاويل للصحابة والتابعين ، فنشأ تشريع فى الميراث السُّنى مُحمّل بالهجص . ومع هذا يظل الهجص السنى فيه متفوقا على تشريعات الميراث فى الغرب . هذا يوضح الى أى مدى تبلغ عظمة التشريع القرآنى التى نزلت فى عتمة ظلام العصور الوسطى ـ نورا للعالم . ولا تزال .

2 ـ وتعطى فصول هذا الباب لمحة سريعة عن الهجص فى تشريع الميراث السُّنى .

الباب الثانى : الهجص السّنى فى الميراث

الفصل الأول : هجص ( لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم.)

أولا : هذا هجص يناقض الاسلام

1 ـ لأنه يناقض مقصدين من مقاصد أساسين فى تشريع الاسلام ، هما العدل والحرية المطلقة فى الدين . ولقد تعرضنا لهما كثيرا فى مؤلفات سابقة ، ولن نُكرر ما قلناه ، ولكن سنضيف شيئا جديدا متصلا بموضوعنا ، وهو أهمية التحديد القرآنى لمستحقى الصدقة والزكاة المالية والوصية والميراث .

2 ـ حين دعا ابراهيم عليه السلام ربه أن يرزق أهل مكة الأمن والثمرات فقد قصر دعوته على المؤمنين منهم دون الكافرين ، وجاء الرد من رب العزة بأنه جل وعلا سيرزق الجميع من مؤمن وكافر ، ولكن الذى يموت كافرا سيُعذّب يوم القيامة بعد أن يتمتّع فى الدنيا : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) البقرة  ) . الرزق للجميع ، وقد تكفل ربّ العزة برزق كل دابة : ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6)(هود )( وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60)(العنكبوت) ، وبالتالى فالرزق لكل فرد من البشر بغضّ النظر عن إيمانه أو كفره .

3 ـ نفس الحال فى الحقوق فى الصدقة والزكاة المالية ، فقوله جل وعلا عن صفات المتقين :( وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) الذاريات ) يعنى أن المتقى إذا سأله سائل للصدقة يُبادر بإعطائه الصدقة دون أن يسأله عن دينه ومذهبه ، وإذا رأى محروما بادر بإعطائه دون ان يقيم له محكمة تفتيش يستجوبه عن عقيدته . فالمستحق للصدقة هنا مُحِدّد بالصفة وهى ( السؤال ) و ( الحرمان ) ، وليس مهما إن كان صالحا أو فاسقا مؤمنا أو كافرا . وحين يقول رب العزّة جل وعلا : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) التوبة) فالفقير هنا لا أهمية لدينه وجنسه ووطنه ، يكفى كونه فقيرا أو مسكينا أو إبن سبيل ليأخذ ( حقّه ) من الصدقات فى الدولة الاسلامية . وفى الصدقة الفردية يقول رب العزة جل وعلا : (وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ ) 177 ) (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215) البقرة ). الصفات هنا هى المُعوّل عليه ، يكفى كونه من ذوى القربى والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل ليأخذ حقه . أما هدايته وعلاقته بربه جل وعلا فلا دخل لأحد بهذا ، وليس علينا هدايته لأن هدايته أو ضلاله هى مسئوليته الشخصية ، والذى علينا أن نعطيه حقا فقيرا أو مسكينا أو يتيما أو قريبا أو ابن سبيل . وليس هناك أروع من قوله جل وعلا  لنا وللنبى عليه السلام بعد تفصيلات فى تشريع الصدقة :( لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (272) البقرة ). أى لسنا مسئولين عن هداية مستحقى الصدقة ، لأن الله جل وعلا يهدى منهم من يشاء  الهداية، ومفروض أن نتصدق إبتغاء وجه الله ، وما ننفقه سيكافئنا الله جل وعلا خيرا فى الدنيا والآخرة .

2 ـ إذا كان هذا فى ( حق الصدقة ) فهو أولى فى حقوق الوصية والميراث . لقد تكرّر النّص على ( حق ) ذى القربى كقوله جل وعلا : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (26)الاسراء ) ( فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (38) الروم ). هنا ( حق ) واجب لأناس محددين بالوصف وهم ذو القربى . وكل منا يعرق أقاربه والأقربين منهم . ليس مهما أن يكون أحدهم فاسقا عاصيا أو مؤمنا تقيا ، المهم أن يكون من ذوى القربى ليأخذ حقه من الاحسان والصدقة ، ويكفى أن يكون من ( الأقربين ) ليأخذ حقه من الميراث ومن الوصية . وينطبق هذا على الورثة الأقربين  فى قوله جل وعلا :( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (7) النساء )، وينطبق على بقية الأقارب قوله جل وعلا :( وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (8) النساء )، وفى الوصية : ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) البقرة ).

3 ـ لا دخل على الاطلاق لاختلاف الدين فى الميراث ، فالمسلم يرث الكافر ، والكافر يرث المسلم ، واليهودى يرث المسلم ويرث النصرانى المسلم ،والعكس . والمرتد عن دينه يرث ويوُرّث دون أى إعتبار على الاطلاق لموضوع الدين فى الميراث . يكفى أن يكون أبا أو أما أو ابنا أو زوجا أو أخا ليرث . فالعبرة بالوصف ( الأقربين ) عموما ، والأب والأم والأولاد والزوج والزوجة والأخ والأخت والأخوة . بهذا ـ وفقط ـ يستحقون حقوقهم من الميراث . وإذن فمن ( هجص ) الدين السُّنّى أن منع التوارث عند إختلاف الدين .

ثانيا : هجص مالك فى الموطأ :( لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم.)

1 ـ بدأ مالك بهذا الهجص ، وصنعه حديثا نسبه عبر العنعنة للنبى عليه السلام . جاء فى الموطأ : ( 1086 –  حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ ‏"‏ ‏.‏ ) هنا يروى يحيى الذى كتب الموطأ سمعا من مالك أن مالك روى له هذا الحديث يزعم أنه سمعه من (ابن هشام ) الزهرى . وقد أثبتنا أن مالك لم يسمع ابن شهاب الزهرى ولم يره اصلا .

2 ـ وتوالى تزييف أحاديث أخرى منسوبة لعلى بن أبى طالب ، أن أبا طالب الذى مات مشركا بزعمهم ورثه ابنه المشرك عقيل ولم يرثه ( على ) : ( 1087 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ إِنَّمَا، وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ وَلَمْ يَرِثْهُ عَلِيٌّ - قَالَ - فَلِذَلِكَ تَرَكْنَا نَصِيبَنَا مِنَ الشِّعْبِ ‏.‏)

3 ـ وحديث مُضحك يقول : (  1088 -  وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الأَشْعَثِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمَّةً لَهُ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً تُوُفِّيَتْ وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الأَشْعَثِ ذَكَرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقَالَ لَهُ مَنْ يَرِثُهَا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا ‏.‏ ثُمَّ أَتَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ أَتَرَانِي نَسِيتُ مَا قَالَ لَكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا ‏.‏) وهنا إفتراء مضحك ، فكيف تكون لمحمد بن الأشعث بن قيس زعيم قبائل كندة اليمنية فى العراق عمّة يهودية أو نصرانية ؟ ومتى التقى محمد بن الأشعث بن قيس بعمر بن الخطاب ، وأبوه ( الأشعث بن قيس هو الذى عاش خلافة عمر وعثمان وعلى ؟ ) والمفترض فى قضية كهذه أن يكون السائل هو الأب الأشعث بن قيس وليس طفلا له إسمه محمد .

4 ـ وهناك حديث لا صلة له بالموضوع جاء فى الموطأ : (1089 -  وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، أَنَّ نَصْرَانِيًّا، أَعْتَقَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ هَلَكَ - قَالَ إِسْمَاعِيلُ - فَأَمَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ أَجْعَلَ مَالَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ‏.‏ ) يجوز ان يكون هذا النصرانى الذى أعتقه عمر قد مات بلا وارث . ويكون متوقعا أن تئول تركته الى بيت المال . وليس لهذا صلة موضوع أنلا يرث المسلم الكافر والعكس .

5 ـ وفى النهاية يأتى فى الموطأ هذا الحديث الفكاهى : (  1090 -  وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الثِّقَةِ، عِنْدَهُ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، يَقُولُ أَبَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُوَرِّثَ، أَحَدًا مِنَ الأَعَاجِمِ إِلاَّ أَحَدًا وُلِدَ فِي الْعَرَبِ ‏.‏ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ حَامِلٌ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ فَوَضَعَتْهُ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ فَهُوَ وَلَدُهَا يَرِثُهَا إِنْ مَاتَتْ وَتَرِثُهُ إِنْ مَاتَ مِيرَاثَهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ ‏.‏ قَالَ مَالِكٌ الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَالسُّنَّةُ الَّتِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا أَنَّهُ لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ بِقَرَابَةٍ وَلاَ وَلاَءٍ وَلاَ رَحِمٍ وَلاَ يَحْجُبُ أَحَدًا عَنْ مِيرَاثِهِ ‏.‏ قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ لاَ يَرِثُ إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُ وَارِثٌ فَإِنَّهُ لاَ يَحْجُبُ أَحَدًا عَنْ مِيرَاثِهِ ‏.‏ ) يقول : (وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الثِّقَةِ، عِنْدَهُ ). أى يروى عن مجهول يجعله ( ثقة ) ، ولماذا يكون ثقة وهو مجهول الاسم والنسب والعنوان ؟ وينسب لعمر بن الخطاب ولفقهاء المدينة هذا التشريع الظالم . ولو كان هذا تشريعا إسلاميا تم تطبيقه فى عصر النبوة لما إحتاجوا الى رأى عمر بن الخطاب وغيره . هو فى النهاية تشريع ظالم يعبر عن تعصب دينى يجعل الجنسية فى الدين ، ويؤسس تفرقة بين الناس على أساس إنتمائهم الدينى . وهذا هجص يخالف الاسلام، يقول جل وعلا :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)( الحجرات )

ثالثا : البخارى ومسلم يتابعان مالك فى هجص: ( لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم )

1 ـ جاء فى صحيح البخارى :  ( وقال عمر بن عبد العزيز: أجز وصية الأسير وعتاقه، وما صنع في ماله، ما لم يتغيِّر عن دينه، فإنما هو ماله يصنع فيه ما يشاء.  -3-25 -  باب: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم.وإذا أسلم قبل أن يقسم الميراث فلا ميراث له.)

  2 ـ وجاء فى صحيح مسلم :  ( لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ).( 4225-  حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ- وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى- قَالَ يَحْيَى أَخْبَرَنَا وَقَالَ الآخَرَانِ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلاَ يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ. ).

رابعا : الشافعى يقوم بتفصيل هذا الهجص فى كتابه ( الأم )

1 ـ يقول الشافعى فى ( الأم ) : (  لاَ يَرِثُ أَحَدٌ مِمَّنْ سُمِّيَ لَهُ مِيرَاثٌ حَتَّى يَكُونَ دِينُهُ دِينَ الْمَيِّتِ الْمَوْرُوثِ وَيَكُونُ حُرًّا، وَيَكُونُ بَرِيئًا مِنْ أَنْ يَكُونَ قَاتِلاً لِلْمَوْرُوثِ، فَإِذَا بَرِئَ مِنْ هَذِهِ الثَّلاَثِ الْخِصَالِ وَرِثَ، وَإِذَا كَانَتْ فِيهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لَمْ يَرِثْ، فَقُلْت‏:‏ فَاذْكُرْ مَا وَصَفْت، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ «لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلاَ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ «لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلاَ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ‏:‏ إنَّمَا وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ، وَلَمْ يَرِثْهُ عَلِيٌّ، وَلاَ جَعْفَرٌ‏.‏ قَالَ‏:‏ فَلِذَلِكَ تَرَكْنَا نَصِيبَنَا مِنْ الشِّعْبِ‏.‏ قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا وَصَفْت لَك مِنْ أَنَّ الدِّينَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا بِالشِّرْكِ وَالْإِسْلاَمِ لَمْ يَتَوَارَثْ مَنْ سُمِّيَتْ لَهُ فَرِيضَةٌ. ).

الشافعى هنا يكرر هجص مالك فى:( لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم.)، ويستخدم نفس أحاديث مالك ، ويجعلها قاعدة دينية ، بزعم أنها ( سُنّة ) ، يقول : (فَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا وَصَفْت لَك مِنْ أَنَّ الدِّينَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا بِالشِّرْكِ وَالْإِسْلاَمِ لَمْ يَتَوَارَثْ مَنْ سُمِّيَتْ لَهُ فَرِيضَةٌ. ) . ولا يكتفى بذلك بل يضيف أسبابا أخرى للحرمان من الميراث لم يقُلها مالك ، وهى الرق ( العبودية ) والقتل . يقول : (لاَ يَرِثُ أَحَدٌ مِمَّنْ سُمِّيَ لَهُ مِيرَاثٌ حَتَّى يَكُونَ دِينُهُ دِينَ الْمَيِّتِ الْمَوْرُوثِ وَيَكُونُ حُرًّا، وَيَكُونُ بَرِيئًا مِنْ أَنْ يَكُونَ قَاتِلاً لِلْمَوْرُوثِ، فَإِذَا بَرِئَ مِنْ هَذِهِ الثَّلاَثِ الْخِصَالِ وَرِثَ، وَإِذَا كَانَتْ فِيهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لَمْ يَرِثْ . ) الاسلام إكتمل بالقرآن الكريم . أما دين السُّنة فهو دين أرضى وضعى يكتبه أربابه ، بدأ به مالك ، ثم أضاف اليه الشافعى ، وأضاف من جاء بعد الشافعى واحتلفوا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم . من هنا يأتى الشافعى بما لم يقله شيخه مالك ، ويجعله دينا باسم السُّنّة .

2 ـ   ولأن الأديان الأرضية مؤسسّة على الاختلاف والشقاق فإن الاختلاف قائم هنا . تحت عنوان : ( باب الْخِلاَفِ فِي مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ، وَفِيهِ شَيْءٌ يَتَعَلَّقُ بِمِيرَاثِ الْعَبْدِ وَالْقَاتِلِ ) يقول الشافعى فى كتاب ( الأم ) : ( قَالَ الرَّبِيعُ‏:‏ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ فَوَافَقَنَا بَعْضُ النَّاسِ، فَقَالَ‏:‏ لاَ يَرِثُ مَمْلُوكٌ، وَلاَ قَاتِلٌ عَمْدًا، وَلاَ خَطَأً، وَلاَ كَافِرٌ شَيْئًا، ثُمَّ عَادَ فَقَالَ‏:‏ إذَا ارْتَدَّ الرَّجُلُ عَنْ الْإِسْلاَمِ فَمَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ، أَوْ قُتِلَ وَرِثَهُ وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ‏.) ودخل الشافعى فى جدل ـ كعادته ـ فى كتاب ( الأم ) . ونفهم منه أن آراءه الفقهية لم تحظ بقبول فى عصره . ويتشعب الشافعى فيدخل فى هجص جديد لم يتعرص له شيخه ( مالك ) فى الموطأ ، وهو ميراث المرتد . وينتهى بقوله : ( قُلْنَا‏:‏ فَكَذَلِكَ الْمُرْتَدُّ دَاخِلٌ فِي جُمْلَةِ الْكَافِرِينَ. ) أى لا يرث مسلما ولا يرثه مسلم .

3 ـ ثم يدخل فى هجص جديد عن حكم المرتد الذى يلحق بدار الكفر وهل هو فى حُكم الميت : ( قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَقَالَ‏:‏ مَا وَصَفْت بَعْضَ مَنْ هُوَ أَعْلَمُهُمْ عِنْدَهُمْ، أَوْ كَأَعْلَمِهِمْ فَقُلْت لَهُ مَا وَصَفْت، وَقُلْت‏:‏ لَهُ أَسْأَلُك عَنْ قَوْلِك، فَقَدْ زَعَمْت أَنَّ حَرَامًا أَنْ يَقُولَ أَحَدٌ أَبَدًا قَوْلاً لَيْسَ خَبَرًا لاَزِمًا، أَوْ قِيَاسًا أَقَوْلُكَ فِي أَنْ يُورَثَ الْمُرْتَدُّ، وَهُوَ حَيٌّ إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْكُفْرِ خَبَرًا، أَوْ قِيَاسًا‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ أَمَّا خَبَرٌ فَلاَ، فَقُلْت‏:‏ فَقِيَاسٌ‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ مِنْ وَجْهٍ، قُلْت فَأَوْجِدْنَا ذَلِكَ الْوَجْهَ قَالَ‏:‏ أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعِي فِي الدَّارِ وَكُنْتُ قَادِرًا عَلَيْهِ قَتَلْته‏؟‏ فَقُلْت فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَادِرًا عَلَيْهِ فَتَقْتُلُهُ أَفَمَقْتُولٌ هُوَ أَمْ مَيِّتٌ بِلاَ قَتْلٍ‏؟‏ قَالَ‏:‏ لاَ قُلْت‏:‏ فَكَيْفَ حَكَمْت عَلَيْهِ حُكْمَ الْمَوْتَى، وَهُوَ غَيْرُ مَيِّتٍ‏؟‏ أَوَرَأَيْت لَوْ كَانَتْ عِلَّتُك بِأَنَّك لَوْ قَدَرْت عَلَيْهِ فِي حَالِهِ تِلْكَ فَقَتَلْته فَجَعَلْته فِي حُكْمِ الْمَوْتَى فَكَانَ هَارِبًا فِي بِلاَدِ الْإِسْلاَمِ مُقِيمًا عَلَى الرِّدَّةِ دَهْرًا مِنْ دَهْرِهِ أَتُقَسِّمُ مِيرَاثَهُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ لاَ، قُلْت‏:‏ فَأَسْمَعُ عِلَّتَك بِأَنَّك لَوْ قَدَرْت عَلَيْهِ قَتَلْته‏.‏ قَالَ‏:‏ فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَيْهِ حُكِمَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمَوْتَى كَانَتْ بَاطِلاً عِنْدَك فَرَجَعْت إلَى الْحَقِّ عِنْدَك فِي أَنْ لاَ تَقْتُلَهُ إذَا كَانَ هَارِبًا فِي بِلاَدِ الْإِسْلاَمِ وَأَنْتَ لَوْ قَدَرْت عَلَيْهِ قَتَلْته‏.‏ وَلَوْ كَانَتْ عِنْدَك حَقًّا فَتَرَكْت الْحَقَّ فِي قَتْلِهِ إذَا كَانَ هَارِبًا فِي بِلاَدِ الْإِسْلاَمِ‏.‏قُلْت‏:‏ فَإِنَّمَا قَسَّمْت مِيرَاثَهُ بِلُحُوقِهِ بِدَارِ الْكُفْرِ دُونَ الْمَوْتِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ، قُلْت‏:‏ فَالْمُسْلِمُ يَلْحَقُ بِدَارِ الْكُفْرِ أَيُقَسَّمُ مِيرَاثُهُ إذَا كَانَ فِي دَارٍ لاَ يَجْرِي عَلَيْهِ فِيهَا الْحُكْمُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ لاَ‏.‏ قُلْنَا فَالدَّارُ لاَ تُمِيتُ أَحَدًا، وَلاَ تُحْيِيهِ، فَهُوَ حَيٌّ حَيْثُ كَانَ حَيًّا وَمَيِّتٌ حَيْثُ كَانَ مَيِّتًا‏.‏ قَالَ نَعَمْ‏:‏ قُلْنَا أَفَتَسْتَدْرِكُ عَلَى أَحَدٍ أَبَدًا بِشَيْءٍ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ أَقْبَحُ أَنْ تَقُولَ الْحَيُّ مَيِّتٌ‏؟‏ أَرَأَيْت لَوْ تَابَعَك أَحَدٌ عَلَى أَنْ تَزْعُمَ أَنَّ حَيًّا يُقَسَّمُ مِيرَاثُهُ مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْك أَنَّ مَنْ تَابَعَك عَلَى هَذَا مَغْلُوبٌ عَلَى عَقْلِهِ، أَوْ غَبِيٌّ لاَ يُسْمَعُ مِنْهُ‏.‏ فَكَيْفَ إذَا كَانَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ يَدُلَّانِ مَعًا عَلَى دَلاَلَةِ الْمَعْقُولِ عَلَى خِلاَفِكُمَا مَعًا‏؟‏. ) . كلام سقيم وتفصيلات واختلافات وجدال فى موضوع غبى وهجص لا محلّ له على الاطلاق فى الاسلام . هم يقومون بتشريع يخالف شرع الله جل وعلا ، ثم ينهمكون فى تفصيله والاختلاف حوله بكلام سقيم وجدل عقيم . أى فى النهاية هو تشويش على الشريعة الاسلامية الحقيقية البسيطة الواضحة فى القرآن الكريم . وهذه مجرد ملاحظة من قراءة بعض سطور فى كتاب ( الأم ) للشافعى بأجزائه السبعة ، وهى مليئة بأنواع فريدة من الهجص . ما كان أغنى عنها المسلمون لو تفرغوا لتدبر كتاب الله جل وعلا .

أخيرا : مقتطفات أخرى من هجص الشافعى بلا تعليق :

1 ـ يقول الشافعى فى ميراث المجوس : ( مِيرَاثُ الْمَجُوسِ : قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ وَقُلْنَا‏:‏ إذَا أَسْلَمَ الْمَجُوسِيُّ وَابْنَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتُهُ، أَوْ أُخْتُهُ أُمُّهُ نَظَرْنَا إلَى أَعْظَمِ السَّبَبَيْنِ فَوَرَّثْنَاهَا بِهِ وَأَلْغَيْنَا الْآخَرَ وَأَعْظَمُهُمَا أَثْبَتُهُمَا بِكُلِّ حَالٍ، وَإِذَا كَانَتْ أُمٌّ أُخْتًا وَرَّثْنَاهَا بِأَنَّهَا أُمٌّ وَذَلِكَ أَنَّ الْأُمَّ قَدْ تَثْبُتُ فِي كُلِّ حَالٍ وَالْأُخْتَ قَدْ تَزُولُ وَهَكَذَا جَمِيعُ فَرَائِضِهِمْ عَلَى هَذِهِ الْمَنَازِلِ، وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ أُوَرِّثُهَا مِنْ الْوَجْهَيْنِ مَعَهَا فَقُلْنَا لَهُ أَرَأَيْت إذَا كَانَ مَعَهَا أُخْتٌ وَهِيَ أُخْتُ أُمٍّ‏؟‏ قَالَ أَحْجُبُهَا مِنْ الثُّلُثِ بِأَنَّ مَعَهَا أُخْتَيْنِ وَأُوَرِّثُهَا مِنْ الْوَجْهِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهَا أُخْتٌ قُلْنَا أَرَأَيْت حُكْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إذْ جَعَلَ لِلْأُمِّ الثُّلُثَ فِي حَالٍ وَنَقَصَهَا مِنْهُ بِدُخُولِ الْإِخْوَةِ عَلَيْهَا أَلَيْسَ إنَّمَا نَقَصَهَا بِغَيْرِهَا لاَ بِنَفْسِهَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ بَلَى بِغَيْرِهَا نَقَصَهَا فَقُلْنَا وَغَيْرُهَا خِلاَفُهَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ قُلْنَا، فَإِذَا نَقَصْتهَا بِنَفْسِهَا أَفَلَيْسَ قَدْ نَقَصْتهَا بِخِلاَفِ مَا نَقَصَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ‏؟‏ وَقُلْنَا أَرَأَيْت إذَا كَانَتْ أُمًّا عَلَى الْكَمَالِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ تُعْطِيَهَا بِنَقْصِهَا دُونَ الْكَمَالِ وَتُعْطِيَهَا أُمًّا كَامِلَةً وَأُخْتًا كَامِلَةً وَهُمَا بَدَنَانِ، وَهَذَا بَدَنٌ‏؟‏ قَالَ‏:‏ فَقَدْ دَخَلَ عَلَيْك أَنْ عَطَّلْت أَحَدَ الْحَقَّيْنِ قُلْنَا لَمَّا لَمْ يَكُنْ سَبِيلٌ إلَى اسْتِعْمَالِهِمَا إلَّا بِخِلاَفِ الْكِتَابِ وَخِلاَفِ الْمَعْقُولِ لَمْ يَجُزْ إلَّا تَعْطِيلُ أَصْغَرِهِمَا لاَ أَكْبَرِهِمَا قَالَ‏:‏ فَهَلْ تَجِدُ عَلَيْنَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ‏؟‏ قُلْنَا نَعَمْ قَدْ تَزْعُمُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَيْسَ بِكَامِلِ الْحُرِّيَّةِ، وَلاَ رَقِيقٍ وَأَنَّ كُلَّ مَنْ لَمْ تَكْمُلْ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ صَارَ إلَى حُكْمِ الْعَبِيدِ؛ لِأَنَّهُ لاَ يَرِثُ، وَلاَ يُورَثُ، وَلاَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، وَلاَ يُحَدُّ مَنْ قَذَفَهُ، وَلاَ يُحَدُّ هُوَ إلَّا حَدَّ الْعَبِيدِ فَتَعَطَّلَ مَوْضِعُ الْحُرِّيَّةِ مِنْهُ قَالَ‏:‏ إنِّي أَحْكُمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ رَقِيقٌ قُلْت‏:‏ أَفِي كُلِّ حَالٍ، أَوْ فِي بَعْضِ حَالٍ دُونَ بَعْضٍ‏؟‏ قَالَ‏:‏ بَلْ فِي بَعْضِ حَالِهِ دُونَ بَعْضٍ؛ لِأَنِّي لَوْ قُلْت‏:‏ لَك فِي كُلِّ حَالِهِ قُلْت لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ أَنْ يَبِيعَهُ وَيَأْخُذَ مَالَهُ، قُلْت‏:‏ فَإِذَا كَانَ قَدْ اخْتَلَطَ أَمْرُهُ فَلَمْ يُمْحَضْ عَبْدًا، وَلَمْ يُمْحَضْ حُرًّا فَكَيْفَ لَمْ تَقُلْ فِيهِ بِمَا رَوَيْته عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَنَّهُ يَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى وَيُحَدُّ بِقَدْرِ مَا أَدَّى وَيَرِثُ وَيُورَثُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى‏؟‏ قَالَ‏:‏ لاَ تَقُولُ بِهِ قُلْنَا وَتَصِيرُ عَلَى أَصْلِ أَحْكَامِهِ، وَهُوَ حُكْمُ الْعَبِيدِ فِيمَا نَزَلَ بِهِ وَتَمْنَعُهُ الْمِيرَاثَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ قُلْنَا فَكَيْفَ لَمْ تَجُزْ لَنَا فِي فَرْضِ الْمَجُوسِ مَا وَصَفْنَا‏؟‏ وَإِنَّمَا صَيَّرْنَا الْمَجُوسَ إلَى أَنْ أَعْطَيْنَاهُمْ بِأَكْثَرِ مَا يَسْتَوْجِبُونَ فَلَمْ نَمْنَعْهُمْ حَقًّا مِنْ وَجْهٍ إلَّا أَعْطَيْنَاهُمْ ذَلِكَ الْحَقَّ، أَوْ بَعْضَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَجَعَلْنَا الْحُكْمَ فِيهِمْ حُكْمًا وَاحِدًا مَعْقُولاً لاَ مُتَبَعِّضًا لاَ أَنَّا جَعَلْنَا بَدَنًا وَاحِدًا فِي حُكْمِ بَدَنَيْنِ‏.‏)

2 ـ ويقول الشافعى يثرثر فى ميراث المرتد : ( مِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ : قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ «لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلاَ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ»‏.‏ قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَبِهَذَا نَقُولُ فَكُلُّ مَنْ خَالَفَ دِينَ الْإِسْلاَمِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ فَإِنْ ارْتَدَّ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلاَءِ عَنْ الْإِسْلاَمِ لَمْ يَرِثْهُ الْمُسْلِمُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَطْعِ اللَّهِ الْوِلاَيَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، فَوَافَقْنَا بَعْضَ النَّاسِ عَلَى كُلِّ كَافِرٍ إلَّا الْمُرْتَدَّ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ قَالَ تَرِثُهُ وَرَثَتُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَقُلْنَا فَيَعْدُو الْمُرْتَدُّ أَنْ يَكُونَ دَاخِلاً فِي مَعْنَى الْكَافِرِينَ، أَوْ يَكُونَ فِي أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ‏؟‏ فَإِنْ قُلْت‏:‏ هُوَ فِي بَعْضِ حُكْمِهِ فِي أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ، قُلْنَا أَفَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَافِرًا فِي حُكْمٍ مُؤْمِنًا فِي غَيْرِهِ‏؟‏ فَيَقُولُ لَك غَيْرُك فَهُوَ كَافِرٌ حَيْثُ جَعَلْته مُؤْمِنًا وَمُؤْمِنٌ حَيْثُ جَعَلْته كَافِرًا، قَالَ‏:‏ لاَ، قُلْنَا أَفَلَيْسَ يَجُوزُ لَك مِنْ هَذَا شَيْءٌ إلَّا جَازَ عَلَيْك مِثْلُهُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ فَإِنَّا إنَّمَا صِرْنَا فِي هَذَا إلَى أَثَرٍ رَوَيْنَاهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَتَلَ الْمُسْتَوْرِدَ وَوَرَّثَ مِيرَاثَهُ وَرَثَتَهُ الْمُسْلِمِينَ قُلْنَا، فَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْكُمْ أَنَّهُ غَلَطٌ وَنَحْنُ نَجْعَلُهُ لَك ثَابِتًا أَفَرَأَيْت حُكْمَهُ فِي سِوَى الْمِيرَاثِ أَحُكْمُ مُشْرِكٍ، أَوْ مُسْلِمٍ‏؟‏ قَالَ‏:‏ بَلْ حُكْمُ مُشْرِكٍ قُلْنَا فَإِنْ حَبَسْت الْمُرْتَدَّ لِقَتْلِهِ أَوْ لِتَسْتَتِيبَهُ فَمَاتَ ابْنٌ لَهُ مُسْلِمٌ أَيَرِثُهُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ لاَ، قُلْنَا أَفَرَأَيْت أَحَدًا قَطُّ لاَ يَرِثُ وَلَدَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَاتِلَهُ وَيَرِثُهُ وَلَدُهُ‏؟‏ إنَّمَا أَثْبَتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمَوَارِيثَ لِلْأَبْنَاءِ مِنْ الْآبَاءِ حَيْثُ أَثْبَتَ الْمَوَارِيثَ لِلْآبَاءِ مِنْ الْأَبْنَاءِ وَقَطَعَ وِلاَيَةَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ «لاَ يَرِثَ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلاَ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» فَإِنْ كَانَ الْمُرْتَدُّ خَارِجًا مِنْ مَعْنَى حُكْمِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَحُكْمِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْنِ الْمُشْرِكِينَ بِالْأَثَرِ الَّذِي زَعَمْت لَزِمَك أَنْ تَكُونَ قَدْ خَالَفْت الْأَثَرَ؛ لِأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه لَمْ يَمْنَعْهُ مِيرَاثَ وَلَدِهِ لَوْ مَاتُوا، وَهُوَ لَوْ وَرَّثَ وَلَدَهُ مِنْهُ انْبَغَى أَنْ يُوَرِّثَهُ وَلَدَهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ مُخَالِفًا لِغَيْرِهِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَلَوْ جَازَ أَنْ يَرِثُوهُ، وَلاَ يَرِثُهُمْ كَانَ فِي مِثْلِ مَعْنَى مَا حَكَمَ بِهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَقَالَ‏:‏ نَرِثُ الْمُشْرِكِينَ، وَلاَ يَرِثُونَا كَمَا تَحِلُّ لَنَا نِسَاؤُهُمْ، وَلاَ تَحِلُّ لَهُمْ نِسَاؤُنَا أَفَرَأَيْت إنْ احْتَجَّ عَلَيْك أَحَدٌ بِهَذَا مِنْ قَوْلِ مُعَاوِيَةَ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُمَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ شَبِيهُهُ‏.‏

وَقَدْ قَالَهُ مُعَاوِيَةُ وَمُعَاذٌ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ، وَقَالَ‏:‏ لَك إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا كَانَ يَحْكُمُ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْأَوْثَانِ وَالنِّسَاءِ اللَّاتِي يَحْلِلْنَ لِلْمُسْلِمِينَ نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ لاَ نِسَاءِ أَهْلِ الْأَوْثَانِ فَقَالَ‏:‏ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَلِمُعَاوِيَة وَلَهُمَا فِقْهٌ وَعِلْمٌ فَلِمَ لَمْ تُوَافِقْ قَوْلَهُمَا‏؟‏ وَقَدْ يَحْتَمِلُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلاَ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ الْكُفَّارَ مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ وَأَتَّبِعُ مُعَاوِيَةَ وَمُعَاذًا فِي أَهْلِ الْكِتَابِ فَأُوَرِّثُ الْمُسْلِمَ مِنْ الْكَافِرِ، وَلاَ أُوَرِّثُ الْكَافِرَ مِنْ الْمُسْلِمِ كَمَا أَقُولُ فِي نِكَاحِ نِسَائِهِمْ قَالَ‏:‏ لاَ يَكُونُ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ‏:‏ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ» فَهَذَا عَلَى جَمِيعِ الْكُفَّارِ، قُلْنَا وَلِمَ لاَ تَسْتَدِلُّ بِقَوْلِ مَنْ سَمَّيْنَا مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ مُحْتَمَلٌ لَهُ‏؟‏ قَالَ إنَّهُ قَلَّ حَدِيثٌ إلَّا وَهُوَ يَحْتَمِلُ مَعَانِيَ وَالْأَحَادِيثُ عَلَى ظَاهِرِهَا لاَ تُحَالُ عَنْهُ إلَى مَعْنَى تَحْتَمِلُهُ إلَّا بِدَلاَلَةٍ عَمَّنْ حَدَّثَ عَنْهُ قُلْنَا، وَلاَ يَكُونُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ مُقَدَّمًا حُجَّةً فِي أَنْ يَقُولَ بِمَعْنًى يَحْتَمِلُهُ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ لاَ قُلْنَا فَكُلُّ مَا قُلْت‏:‏ مِنْ هَذَا حُجَّةٌ عَلَيْك فِي مِيرَاثِ الْمُرْتَدِّ، وَفِيمَا رَوَيْت عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِثْلُهُ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَقُلْنَا لاَ يُؤْخَذُ مَالُ الْمُرْتَدِّ عَنْهُ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يُقْتَلَ عَلَى رِدَّتِهِ، وَإِنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلاَمِ كَانَ أَحَقَّ بِمَالِهِ‏.‏ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إذَا ارْتَدَّ فَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ قَسَّمَ الْإِمَامُ مِيرَاثَهُ كَمَا يُقَسِّمُ مِيرَاثَ الْمَيِّتِ وَأَعْتَقَ أُمَّهَاتِ أَوْلاَدِهِ وَمُدَبَّرِيهِ وَجَعَلَ دَيْنَهُ الْمُؤَجَّلَ حَالًّا وَأَعْطَى وَرَثَتَهُ مِيرَاثَهُ فَقِيلَ‏:‏ لَهُ عِبْت أَنْ يَكُونَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ رضي الله تعالى عنهما حَكَمَا فِي دَارِ السُّنَّةِ وَالْهِجْرَةِ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ الَّذِي لاَ يُسْمَعُ لَهُ بِخَبَرٍ وَالْأَغْلَبُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ بِأَنْ تَتَرَبَّصَ امْرَأَتُهُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ثُمَّ تُنْكَحُ فَقُلْت‏:‏ وَكَيْفَ نَحْكُمُ بِحُكْمِ الْوَفَاةِ عَلَى رَجُلٍ امْرَأَتُهُ، وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حَيًّا‏؟‏ وَهُمْ لَمْ يَحْكُمُوا فِي مَالِهِ بِحُكْمِ الْحَيَاةِ إنَّمَا حَكَمُوا بِهِ لِمَعْنَى الضَّرَرِ عَلَى الزَّوْجَةِ، وَقَدْ نُفَرِّقُ نَحْنُ وَأَنْتَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَزَوْجَتِهِ بِأَقَلَّ مِنْ هَذَا الضَّرَرِ عَلَى الزَّوْجَةِ فَنَزْعُمُ أَنَّهُ إذَا كَانَ عِنِّينًا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ صِرْت بِرَأْيِك إلَى أَنْ حَكَمْت عَلَى رَجُلٍ حَيٍّ لَوْ ارْتَدَّ بطرسس فَامْتَنَعَ بِمُسَلِّحَةِ الرُّومِ وَنَحْنُ نَرَى حَيَاتَهُ بِحُكْمِ الْمَوْتَى فِي كُلِّ شَيْءٍ فِي سَاعَةٍ مِنْ نَهَارٍ خَالَفْت فِيهِ الْقُرْآنَ وَدَخَلْت فِي أَعْظَمِ مِنْ الَّذِي عِبْت‏.‏ وَخَالَفْت مَنْ عَلَيْك عِنْدَك اتِّبَاعُهُ فِيمَا عَرَفْت وَأَنْكَرْت‏.‏ قَالَ‏:‏ وَأَيْنَ الْقُرْآنُ الَّذِي خَالَفْت‏؟‏ قُلْت‏:‏ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏إنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ‏}‏ وَقَالَ‏:‏ جَلَّ وَعَزَّ‏:‏ ‏{‏وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ‏}‏ فَإِنَّمَا نَقَلَ مِلْكَ الْمَوْتَى إلَى الْأَحْيَاءِ وَالْمَوْتَى خِلاَفُ الْأَحْيَاءِ، وَلَمْ يَنْقُلْ بِمِيرَاثٍ قَطُّ مِيرَاثَ حَيٍّ إلَى حَيٍّ فَنَقَلْت مِيرَاثَ الْحَيِّ إلَى الْحَيِّ، وَهُوَ خِلاَفُ حُكْمِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى‏.‏ قَالَ‏:‏ فَإِنِّي أَزْعُمُ أَنَّ رِدَّتَهُ وَلُحُوقَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ مِثْلُ مَوْتِهِ، قُلْت‏:‏ قَوْلُك هَذَا خَبَرٌ‏؟‏ قَالَ‏:‏ مَا فِيهِ خَبَرٌ، وَلَكِنِّي قُلْته قِيَاسًا‏.‏ قُلْت‏:‏ فَأَيْنَ الْقِيَاسُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَلاَ تَرَى أَنِّي لَوْ وَجَدْته فِي هَذِهِ الْحَالِ قَتَلْته فَكَانَ مَيِّتًا، قُلْت‏:‏ قَدْ عَلِمْت أَنَّك إذَا قَتَلْته مَاتَ فَأَنْتَ لَمْ تَقْتُلْهُ فَأَيْنَ الْقِيَاسُ‏؟‏ إنَّمَا قَتْلُهُ لَوْ أَمَتَّهُ فَأَنْتَ لَمْ تُمِتْهُ‏.‏ وَلَوْ كُنْت بِقَوْلِك لَوْ قَدَرْت عَلَيْهِ قَتَلْته كَالْقَاتِلِ لَهُ لَزِمَك إذَا رَجَعَ إلَى بِلاَدِ الْإِسْلاَمِ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ الْمَيِّتَ فَتُنَفِّذُ عَلَيْهِ حُكْمَ الْمَوْتَى‏.‏ قَالَ‏:‏ مَا أَفْعَلُ وَكَيْفَ أَفْعَلُ، وَهُوَ حَيٌّ‏؟‏ قُلْت‏:‏ قَدْ فَعَلْت أَوَّلاً، وَهُوَ حَيٌّ ثُمَّ زَعَمْت أَنَّك إنْ حَكَمْت عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْمَوْتَى فَرَجَعَ تَائِبًا وَأُمُّ وَلَدِهِ قَائِمَةٌ وَمُدَبَّرُهُ قَائِمٌ، وَفِي يَدِ غَرِيمِهِ مَالُهُ بِعَيْنِهِ الَّذِي دَفَعْته إلَيْهِ، وَهُوَ إلَى عَشْرِ سِنِينَ، وَفِي يَدِ أَبِيهِ مِيرَاثُهُ فَقَالَ‏:‏ لَك رُدَّ عَلَيَّ مَالِي، وَهَذَا غَرِيمِي يَقُولُ هَذَا مَالُك بِعَيْنِهِ لَمْ أُغَيِّرْهُ، وَإِنَّمَا هُوَ لِي إلَى عَشْرِ سِنِينَ وَهَذِهِ أُمُّ وَلَدِي وَمُدَبَّرِي بِأَعْيَانِهِمَا‏.‏ قَالَ‏:‏ لاَ أَرُدُّهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ نَفَذَ فِيهِ، قُلْنَا فَكَيْفَ رَدَدْت عَلَيْهِ مَا فِي يَدَيْ وَارِثِهِ، وَقَدْ نَفَذَ لَهُ بِهِ الْحُكْمُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ هَذَا مَالُهُ بِعَيْنِهِ، قُلْنَا‏:‏ وَالْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ غَرِيمِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُدَبَّرُهُ مَالُهُ بِعَيْنِهِ، فَكَيْفَ نَقَضْت الْحُكْمَ فِي بَعْضِهِ دُونَ بَعْضٍ‏؟‏ هَلْ قُلْت‏:‏ هَذَا خَبَرًا، أَوْ قِيَاسًا قَالَ‏:‏ مَا قُلْته خَبَرًا، وَلَكِنْ قُلْته قِيَاسًا، قُلْنَا فَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ قِسْته‏؟‏ قَالَ عَلَى أَمْوَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ يُصِيبُهَا أَهْلُ الْعَدْلِ، فَإِنْ تَابَ أَهْلُ الْبَغْيِ فَوَجَدُوا أَمْوَالَهُمْ بِأَعْيَانِهَا أَخَذُوهَا، وَإِنْ لَمْ يَجِدُوهَا بِأَعْيَانِهَا لَمْ يَغْرَمْهَا أَهْلُ الْعَدْلِ، وَكَذَلِكَ مَا أَصَابَ أَهْلُ الْعَدْلِ لِأَهْلِ الْبَغْيِ، قُلْنَا فَهَذَا وَجَدَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ فَرَدَدْت بَعْضَهُ، وَلَمْ تَرْدُدْ بَعْضَهُ فَأَمَّا أَهْلُ الْعَدْلِ لَوْ أَصَابُوا لِأَهْلِ الْبَغْيِ أُمَّ وَلَدٍ، أَوْ مُدَبَّرَةً رَدَدْتُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِمَا وَقُلْت‏:‏ لاَ يَعْتِقَانِ، وَلاَ يَمْلِكُهُمَا غَيْرُ صَاحِبِهِمَا وَلَيْسَ هَكَذَا قُلْت‏:‏ فِي مَالِ الْمُرْتَدِّ‏.‏)

3 ـ ويثرثر فى ميراث المشركة فيقول : ( مِيرَاثُ الْمُشْرِكَةِ : قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ قُلْنَا‏:‏ إنَّ الْمُشْرِكَةَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأَخَوَانِ لِأَبٍ وَأُمٌّ وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْأَخَوَيْنِ مِنْ الْأُمِّ الثُّلُثُ وَيُشْرِكُهُمْ بَنُو الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا سَقَطَ حُكْمُهُ صَارُوا بَنِي أُمٍّ مَعًا وَقَالَ‏:‏ بَعْضُ النَّاسِ مِثْلَ قَوْلِنَا إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا لاَ يُشْرِكُهُمْ بَنُو الْأَبِ وَالْأُمِّ وَاحْتَجُّوا عَلَيْنَا بِأَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَلَفُوا فِيهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلَنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُمْ فَقَالُوا اخْتَرْنَا قَوْلَ مَنْ قُلْنَا بِقَوْلِهِ مِنْ قَبْلُ أَنَّا وَجَدْنَا بَنِي الْأَبِ وَالْأُمِّ قَدْ يَكُونُونَ مَعَ بَنِي الْأُمِّ فَيَكُونُ لِلْوَاحِدِ مِنْهُمْ الثُّلُثَانِ وَلِلْجَمَاعَةِ مِنْ بَنِي الْأُمِّ الثُّلُثُ وَوَجَدْنَا بَنِي الْأَبِ وَالْأُمِّ قَدْ يُشْرِكُهُمْ أَهْلُ الْفَرَائِضِ فَيَأْخُذُونَ أَقَلَّ مِمَّا يَأْخُذُ بَنُو الْأُمِّ فَلَمَّا وَجَدْنَاهُمْ مَرَّةً يَأْخُذُونَ أَكْثَرَ مِمَّا يَأْخُذُونَ وَمَرَّةً أَقَلَّ مِمَّا يَأْخُذُونَ فَرَّقْنَا بَيْنَ حُكْمَيْهِمْ فَوَرَّثْنَا كُلًّا عَلَى حُكْمِهِ؛ لِأَنَّا وَإِنْ جَمَعَتْهُمْ الْأُمُّ لَمْ نُعْطِهِمْ دُونَ الْأَبِ، وَإِنْ أَعْطَيْنَاهُمْ بِالْأَبِ مَعَ الْأُمِّ فَرَّقْنَا بَيْنَ حُكْمَيْهِمْ فَقُلْنَا إنَّا إنَّمَا أَشْرَكْنَاهُمْ مَعَ بَنِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ جَمَعَتْهُمْ وَسَقَطَ حُكْمُ الْأَبِ، فَإِذَا سَقَطَ حُكْمُ الْأَبِ كَانَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ صَارَ لِلْأَبِ مَوْضِعٌ يَكُونُ لَهُ فِيهِ حُكْمٌ اسْتَعْمَلْنَاهُ قَلَّ نُصِيبُهُمْ، أَوْ كَثُرَ قَالَ‏:‏ فَهَلْ تَجِدُ مِثْلَ مَا وَصَفْت مِنْ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مُسْتَعْمِلاً فِي حَالٍ ثُمَّ تَأْتِي حَالٌ فَلاَ يَكُونُ مُسْتَعْمِلاً فِيهَا‏؟‏ قُلْنَا نَعَمْ، قَالَ‏:‏ وَمَا ذَاكَ‏؟‏ قُلْنَا مَا قُلْنَا نَحْنُ وَأَنْتَ وَخَالَفْت فِيهِ صَاحِبَك مِنْ الزَّوْجِ يَنْكِحُ الْمَرْأَةَ بَعْدَ ثَلاَثِ تَطْلِيقَاتٍ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا فَتَحِلُّ لِلزَّوْجِ قَبْلَهُ وَيَكُونُ مُبْتَدِئًا لِنِكَاحِهَا وَتَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى ثَلاَثٍ، وَلَوْ نَكَحَهَا بَعْدَ وَاحِدَةٍ، أَوْ اثْنَتَيْنِ لَمْ يَهْدِمْ الْوَاحِدَ، وَلاَ الثِّنْتَيْنِ كَمَا يَهْدِمُ الثَّلاَثَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ مَعْنًى فِي إحْلاَلِ الْمَرْأَةِ هُدِمَ الطَّلاَقُ الَّذِي تَقَدَّمَهُ إذَا كَانَتْ لاَ تَحِلُّ إلَّا بِهِ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعْنًى فِي الْوَاحِدَةِ وَالثِّنْتَيْنِ وَكَانَتْ تَحِلُّ لِزَوْجِهَا بِنِكَاحٍ قَبْلَ زَوْجٍ كَمَا كَانَتْ تَحِلُّ لَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعْنًى فَلَمْ نَسْتَعْمِلْهُ قَالَ‏:‏ إنَّا لَنَقُولُ هَذَا خَبَرًا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قُلْت‏:‏ وَقِيَاسًا كَمَا وَصَفْنَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ خَالَفَ عُمَرُ فِيهِ غَيْرَهُ‏.‏

قَالَ‏:‏ فَهَلْ تَجِدُ لِي هَذَا فِي الْفَرَائِضِ‏؟‏ قُلْت‏:‏ نَعَمْ الْأَبُ يَمُوتُ ابْنُهُ وَلِلِابْنِ إخْوَةٌ فَلاَ يَرِثُونَ مَعَ الْأَبِ، فَإِذَا كَانَ الْأَبُ قَاتِلاً وَرِثُوا، وَلَمْ يُوَرَّثْ الْأَبُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ حُكْمَ الْأَبِ قَدْ زَالَ وَمَا زَالَ حُكْمُهُ كَانَ كَمَنْ لَمْ يَكُنْ فَلَمْ نَمْنَعْهُمْ الْمِيرَاثَ لَهُ إذَا صَارَ لاَ حُكْمَ لَهُ كَمَا مَنَعْنَاهُمْ بِهِ إذَا كَانَ لَهُ حُكْمٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ كَافِرًا أَوْ مَمْلُوكًا قَالَ‏:‏ فَهَذَا لاَ يَرِثُ بِحَالٍ وَأُولَئِكَ يَرِثُونَ بِحَالٍ قُلْنَا‏:‏ أَوَلَيْسَ إنَّمَا نَنْظُرُ فِي الْمِيرَاثِ إلَى الْفَرِيضَةِ الَّتِي يُدْلُونَ فِيهَا بِحُقُوقِهِمْ لاَ نَنْظُرُ إلَى حَالِهِمْ قَبْلَهَا، وَلاَ بَعْدَهَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ وَمَا تَعْنِي بِذَلِكَ‏؟‏ قُلْت‏:‏ لَوْ لَمْ يَكُنْ قَاتِلاً وَرِثَ، وَإِذَا صَارَ قَاتِلاً لَمْ يَرِثْ، وَلَوْ كَانَ مَمْلُوكًا فَمَاتَ ابْنُهُ لَمْ يَرِثْ، وَلَوْ عَتَقَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَرِثَ قَالَ‏:‏ هَذَا هَكَذَا‏؟‏ قُلْنَا فَنَظَرْنَا إلَى الْحَالِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ فِيهَا لِلْأَبِ حُكْمٌ فِي الْفَرِيضَةِ أَسْقَطْنَاهُ وَوَجَدْنَاهُمْ لاَ يَخْرُجُونَ مِنْ أَنْ يَكُونُوا إلَى بَنِي الْأُمِّ‏.) .

سؤال أخير : بعد أن عرفنا روعة الاسلام فى بداية هذا المقال ، إن لم يكن هذا هجصا .. فماذا يكون ؟

 

 

كتاب الميراث: ب2 ف 2   (هجص فى موانع الارث )

 الباب الثانى: الهجص السّنى فى الميراث

الفصل الثانى : (هجص فى موانع الارث )

أولا : الهجص السنى أسوأ أنواع الهجص

1 ـ هناك هجص علمانى فكاهى ينزع الابتسامة ويشرح الصدر ، ونتعامل معه على أنه هجص فنضحك ونتسلى . ولكن الهجص الدينى يتنكر ويأتينا بصورة جادة وحادة ، يزعم انه دين الاهى ووحى سماوى وشريعة الاهية تتطلب التقديس والتطبيق . وبذلك تستلزم من البشر التخلى عن عقولهم ليستقبلوا ذلك الهجص بالتقديس . على أن الهجص الدينى ليس كله سواء فى الظلم . هناك هجص صوفى يتخصص فى الخرافات يفترى على الله جل وعلا كذبا ليقتات منهم النذور ولكنه هجص مُسالم . إلا أن الهجص السُّنى  سنيا يفترى على الله جل وعلا كذبا ليقتل باسمه جل وعلا الأبرياء ويصادر أموالهم ويسترق نساءهم وذراريهم ويحتل بلادهم . هذا الهجص الظالم السّام هو جوهر الدين السّنّى وأساس شريعته ، ومنها شريعته فى الميراث .

2 ـ وفى الفصل السابق عرضنا لهجصهم الذى يزعم أن المسلم لا يرث الكافر وأن الكافر لا يرث المسلم ، وقد صاغوا ذلك فى أحاديث ، وقام الشافعى بتفصيلها والتوسع فيها . وقد يرى البعض فى هذا نوعا من اللّغو النظرى الذى لا يقبل التطبيق فى عصرنا . ولكن نُنبّه الى أن دستور الاخوان المسلمين الذى حاولوا فرضه على مصر كانت المادة 219 منه تحدّد الشريعة بأنه شريعة ( أهل السنة والجماعة ) ، وبالتالى فعند التمكين ـ لو إستمروا فى الحكم ـ فسيطبقون هذه الشريعة بحذافيرها ، وهذا ما نبهنا عليه فى كتاب ضم مقالات فى تحليل دستور مرسى وخطورة تطبيقه . وبالتالى فإن تطبيق هذا الهجص ـ الذى يحرم الوارث من حقه عند إختلاف الدين ـ سيكون فادحا فى ظلمه وفى مصادرته لحق الورثة ، وسيكون سلاحا فى يد الإخوان يهددون به خصومهم وينتقمون به منهم ، وبه  ينهبون التركات بسيف الشريعة السُّنّية . ونعطى أمثلة :

2 / 1 : يرى أئمة الفقه السلفى المعاصرين كأبى بكر الجزائرى فى كتابه ( منهاج المسلم ) وسيد سابق مُفتى الاخوان فى كتابه ( فقه السّنة ) والجزرى فى ( موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة ) أن الزنديق هو من يؤمن بالكتاب والسنة ولكن يعترض على متن أو إسناد بعض الأحاديث ، ويرون أن حكمه هو القتل بلا محاكمة وعند العثور عليه وأنه يُقتل حتى لو تاب . هذا التطرف قال به ابن تيمية فى العصر المملوكى فى القرن الثامن الهجرى ، وربما لم يخطر على بال الشافعى وروّاد الشريعة السنية فى القرن الثالث الهجرى . فإذا كان هذا حال الزنديق فلن يسمحوا له بأن يرث والده أو زوجته أو إبنه أو أخاه . أى إن كل من يختلف مع الاخوان ـ حتى لو كان متمسكا بالسُّنة مثلهم ـ ولكن له بعض أتجاهات مستنيرة وليس مثلهم فى التشدّد ، مصيره الاتهام بالزندقة والقتل الفورى ، ومصادرة حقه فى أن يرث أباه أو زوجته أو إبنه أو أخاه .

2/ 2 : إذا كان هذا هو مصير المثقف السّنى فكيف بمن يتهمهم الوهابيون والسلفيون والاخوان بالكفر علنا مثل الماركسيين والعلمانيين والشيعة والصوفية وأهل القرآن ؟

2/ 3 : ولن ينجو الأقباط والمسيحيون من هذا الهجص السّام القائل :( لا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم ) . نتصور أن الاستاذ جرجس عازر مات و( تنيّح ) وصعد للسماء .!، وترك سلسلة من محلات الجواهر والذهب يسيل لها لُعاب الاخوان . الأمر غاية فى البساطة . طبقا للنظام القضائى الاخوانى وشريعتهم ، يأتى إثنان من الشهود ( العدول ) الى القاضى يشهدان بأن الاستاذ جرجس عازر قد أفضى لهما بأنه اسلم ، أو أنه أعلن أمامهما وعلى أيديهما إسلامه ، وأراد كتم الأمر خوفا من عائلته . وبناء على هذه الشهادة يحكم القاضى باسلامه ، ويمنع أن يرثه أبناؤه ( الكفرة ).! وتتم مصادرة تركته لصالح الدولة الدينية الاخوانية وجيوب أربابها التى لا قاع لها.! . بل ربما لا ينتظر زبانية الاخوان موت الاستاذ جرجس عازر ، فيبتزونه وهو حى ّ يُرزق ليدفع لهم حتى لا يشهدوا ضده أنه أسلم ، ويترتب على هذا التفريق بينه وبين زوجته ، وحرمان ورثته بعد موته ..وأمثلة كثيرة من هذا ذكرته فى ذلك الكتاب عن دستور مرسى ، وهو منشور هنا .

ثانيا : بقية الهجص فى موانع الارث :

1 ـ فى عصرنا نقل أئمة التشريع السلفى السّنى والوهابى ما ردّده فقهاء السّنة فى العصور الوسطى فى موانع الإرث ، وقد إتّفقوا على ( إختلاف الدين ) وأضافوا أسبابا أخرى ومظاليم آخرين الى قائمة الضحايا ، مع إختلاف بينهم .

2 ـ يذكر سيد سابق فى ( فقه السُّنّة ) أن موانع الارث  أربعة ، وهى : الرق : سواء أكان تاما أم ناقصا ، والقتل العمد المحرم ،  واختلاف الدين : فلا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم ، واختلاف الدارين أي الوطن. وإنّ المرتد المرتد لا يرث من غيره ولا يرثه غيره، وإنما ميراثه يكون لبيت مال المسلمين . أى للإخوان المسلمين .! لو تحكموا فى المسلمين .  ويمنع سيد سابق من الميراث ( ابن الزنا ) و( ابن الملاعنة ) ، ويقول : ( ابن الزنا هو المولود من غير زواج شرعي وابن الملاعنة هو الذي نفى الزوج الشرعي نسبه منه . وابن الزنا وابن الملاعنة لا توارث بينهما وبين أبويهما باجماع المسلمين لانتفاء النسب الشرعي . وإنما التوارث بينهما وبين أميهما .).يقول سيد سابق بكل جُرأة ( باجماع المسلمين ) لأنه يرى أن السلفيين السنيين الوهابيين هم كل المسلمين .ومن عداهم ليسوا مسلمين !

3 ـ ويجعل أبو بكر الجزائرى فى ( منهاج المسلم ) موانع الارث ستة ، وهى الكفر والقتل و الرقّ و الزنا ، أى لا يرث الولد من الزنا ، وابن اللعان ، إذا لاعن الزوج زوجته ونفى ابنه منها . وأن يولد الجنين ميتا .

4 ـ  وفى ( موسوعة الفقه ) يذكر الفقيه السعودى ( التويجرى ) أنّ موانع الإرث ثلاث فقط وهى : الرقّ ، والقتل بغير الحق فلا يرث القاتل المقتول عمداً أو خطأ .  واختلاف الدين: فلا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم . وفى موضع آخر يمنع ميراث ابن الزنا وابن الملاعنة مكررا بالنص ما قاله شيخه سيد سابق .

ثالثا : أصل هذا الهجص والرد عليه :

 1 ـ قال الشافعى : (  وَلَمْ أَسْمَعْ اخْتِلاَفًا فِي أَنَّ قَاتِلَ الرَّجُلِ عَمْدًا لاَ يَرِثُ مَنْ قَتَلَ مِنْ دِيَةٍ، وَلاَ مَالٍ شَيْئًا‏.‏) هو لم يسمع إختلافا فى هذا الموضوع ، فهل سمع كل الناس ؟ وهل إذا قال كل الناس رأيا اصبح دينا سماويا ؟ وهل الناس مصدر الدين أم هو رب العالمين ؟ كلام الشافعى يؤكد ما نقوله عن السُّنة أنها دين أرضى صنعه ويصنعه الناس . ثم يذكر الاختلاف فى توريث القاتل بالخطأ : ( ثُمَّ افْتَرَقَ النَّاسُ فِي الْقَاتِلِ خَطَأً، فَقَالَ‏:‏ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَرِثُ مِنْ الْمَالِ، وَلاَ يَرِثُ مِنْ الدِّيَةِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِيثٍ لاَ يُثْبِتُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، وَقَالَ غَيْرُهُمْ‏:‏ لاَ يَرِثُ قَاتِلُ الْخَطَأِ مِنْ دِيَةٍ، وَلاَ مَالٍ، وَهُوَ كَقَاتِلِ الْعَمْدِ، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْحَدِيثُ فَلاَ يَرِثُ قَاتِلُ عَمْدٍ، وَلاَ خَطَأٍ شَيْئًا أَشْبَهَ بِعُمُومِ أَنْ لاَ يَرِثَ قَاتِلٌ مِمَّنْ قَتَلَ‏. ) هنا يعترف الشافعى بأن بعضهم صنع حديثا نسبه للنبى ليثبت به وجهة نظره . وهذا ما يفعله الشافعى وشيخه مالك . ولكن لأن الشافعى يخالف هذا الرأى فهو يشكّك فى الحديث .

ونقول : أن عقوبة القتل الخطأ والقتل العمد مذكورة فى القرآن الكريم ، يقول جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) البقرة ) . اى القصاص أو الدية . ويقول جل وعلا فى قتل مؤمن بطريق الخطأ : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنْ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (92) النساء ) أما عن القتل المتعمد للضحية المؤمن: ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً (93) النساء ) . إذنليس فى عقوبة القاتل بالخطأ أو التعمد حرمان للقاتل من الميراث إذا كان القتيل أباه أو امه أو أخاه أو زوجه . وعليه فهذا تشريع يناقض القرآن ، فلم يقل رب العزة أن القاتل لا يرث القتيل . 

2 ـ يقول مالك فى  ( الموطا ) فى ( باب مِيرَاثِ وَلَدِ الْمُلاَعَنَةِ وَوَلَدِ الزِّنَا ) : (  1092 -   حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، كَانَ يَقُولُ فِي وَلَدِ الْمُلاَعَنَةِ وَوَلَدِ الزِّنَا إِنَّهُ إِذَا مَاتَ وَرِثَتْهُ أُمُّهُ حَقَّهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِخْوَتُهُ لأُمِّهِ حُقُوقَهُمْ وَيَرِثُ الْبَقِيَّةَ مَوَالِي أُمِّهِ إِنْ كَانَتْ مَوْلاَةً وَإِنْ كَانَتْ عَرَبِيَّةً وَرِثَتْ حَقَّهَا وَوَرِثَ إِخْوَتُهُ لأُمِّهِ حُقُوقَهُمْ وَكَانَ مَا بَقِيَ لِلْمُسْلِمِينَ ‏.‏) هذا رأى منسوب لعروة بن الزبير وليس لكبار الصحابة وليس للنبى ، ولكن إتّبعه أهل المدينة . يقول مالك : ( 1093 – قالَ مَالِكٌ وَبَلَغَنِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، مِثْلُ ذَلِكَ ‏.‏ قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى ذَلِكَ أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا ‏.‏ ).

ويقول الشافعى فى ( الأمّ ) : ( مِيرَاثُ وَلَدِ الْمُلاَعَنَةِ :  قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ وَقُلْنَا إذَا مَاتَ وَلَدُ الْمُلاَعَنَةِ وَوَلَدُ الزِّنَا وَرَّثْت أُمَّهُ حَقَّهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِخْوَتَهُ لِأُمِّهِ حُقُوقَهُمْ وَنَظَرْنَا مَا بَقِيَ فَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ مَوْلاَةَ عَتَاقَةٍ كَانَ مَا بَقِيَ مِيرَاثًا لِمَوَالِي أُمِّهِ، وَإِنْ كَانَتْ عَرَبِيَّةً أَوْ لاَ، وَلاَءَ لَهَا كَانَ مَا بَقِيَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ‏:‏ بَعْضُ النَّاسِ بِقَوْلِنَا فِيهَا إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا كَانَتْ أُمُّهُ عَرَبِيَّةً أَوْ لاَ وَلاَءَ لَهَا رَدُّوا مَا بَقِيَ مِنْ مِيرَاثِهِ عَلَى عَصَبَةِ أُمِّهِ وَكَانَ عَصَبَةُ أُمِّهِ عَصَبَتَهُ وَاحْتَجُّوا فِيهِ بِرِوَايَةٍ لَيْسَتْ بِثَابِتَةٍ وَأُخْرَى لَيْسَتْ مِمَّا يَقُومُ بِهَا حُجَّةٌ وَقَالُوا كَيْفَ لَمْ تَجْعَلُوا عَصَبَتَهُ عَصَبَةَ أُمِّهِ كَمَا جَعَلْتُمْ مَوَالِيَهُ مَوَالِيَ أُمِّهِ‏؟‏ قُلْنَا بِالْأَمْرِ الَّذِي لَمْ نَخْتَلِفْ نَحْنُ وَأَنْتُمْ فِي أَصْلِهِ ثُمَّ تَرَكْتُمْ قَوْلَكُمْ فِيهِ قُلْت‏:‏ أَرَأَيْتُمْ الْمَوْلاَةَ الْعَتِيقَةَ تَلِدُ مِنْ مَمْلُوكٍ، أَوْ مِمَّنْ لاَ يُعْرَفُ أَلَيْسَ يَكُونُ وَلاَءُ وَلَدِهَا تَبَعًا لِوَلاَئِهَا حَتَّى يَكُونُوا كَأَنَّهُمْ أُعْتِقُوا مَعًا مَا لَمْ يَجُرَّ أَبٌ وَلاَءَهُمْ‏؟‏ قَالُوا‏:‏ بَلَى، قُلْنَا‏:‏ أَوْ يَعْقِلُ عَنْهُمْ مَوَالِيَ أُمِّهِمْ وَيَكُونُونَ أَوْلِيَاءَ فِي التَّزْوِيجِ لَهُمْ‏؟‏ قَالُوا‏:‏ بَلَى، قُلْنَا‏:‏ فَإِنْ كَانَتْ عَرَبِيَّةً فَتَكُونُ عَصَبَتُهَا عَصَبَةَ وَلَدِهَا فَيَعْقِلُونَ عَنْهُمْ وَيُزَوِّجُونَ بَنَاتِهِمْ قَالُوا‏:‏ لاَ، قُلْنَا‏:‏ فَإِذَا كَانَ مَوَالِي الْأُمِّ يَقُومُونَ مَقَامَ الْعَصَبَةِ فِي وَلَدِ مَوْلاَتِهِمْ وَكَانَ الْأَخْوَالُ لاَ يَقُومُونَ ذَلِكَ الْمَقَامَ فِي بَنِي أُخْتِهِمْ فَكَيْفَ أَنْكَرْت مَا قُلْنَا وَالْأَصْلُ الَّذِي ذَهَبْنَا إلَيْهِ وَاحِدٌ‏؟‏. ) خلاصة هذا الهجص أن الأم الزانية والتى تعرضت للملاعنة ترث ولدها المطعون فى نسبه لأبيه . أما الولد الضحية الذى يحمل وزر أمه ووالده فهو محروم من الميراث . الأم الخاطئة ترث ابنها ، اما الابن الضحية فلا يرث أباه .

والقاعدة العامة فى التشريع السّنى فى التعامل مع ابن الزنا هى حرمانه وعقابه كما لو كان مسئولا عن إجرام أبويه . وهذا يخالف تشريع الاسلام والقاعدة الأساس فيه والتى تكررت فى القرآن الكرﯾم خمس مرات ،  وھى "أﻻ تزر وازرة وزر أخرى " أى ﻻ ﯾتحمل برىء مسئولﯾة ذنب لم ﯾقع فﯾھ :( اﻻنعام 164 اﻻسراء 15 فاطر 18 الزمر 7 النجم 38 )  . وبالتالى فليس فى الاسلام حرمان لابن الزنا من ميراث أبيه طالما كان أبوه معروفا . ويمكن الآن تحديد أب الطفل باختبار الحمض النووى . فإذا ثبت النسب فلا عبرة إن كان الولد قد جاء بالزواج الشرعى أو بغيره . فطالما هو ( ولد ) فهو أو ( هى ) وارث .

 رابعا  ـ حرمان الرقيق وملك اليمين من الميراث :

1 ـ تشريعات الاسلام فى موضوع ملك اليمين كانت بالعلاج الجذرى للمشكلة ، بمنع الاسترقاق إبتداءا ، والتعامل مع الرقيق الموجود فعلا بسبل شتى من تحريره ، مع الرعاية وحّسن المعاملة ، وكل ذلك فى إطار المقصد التشريعى فى الاسلام وهو العدل والقسط ومنع الظلم . والذى يهمنا هنا فى موضوع الميراث أن الوارث يأخذ حقه سواء كان حُرّا أو رقيقا ، فلم يأت إستثناء فى مستحقى الميراث عن الحرية أو الدين أو غير ذلك . بل إن إ‘طاء الرقيق حقه فى الارث يساعده على التحرر . الأهم فى موضوعنا هو تشريع قرآنى تمسّك الدين السّنى بتجاهله ، وهو أن للرقيق ذمّة مالية مستقلا عن مالكه . فالمرأة المملوكة لا يضاجعها مالكها إلا بعقد زواج ، ولا يعقد عليها إلا بمهر يدفعه لها هى ، يقول جل وعلا : ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ )(25)النساء). وإذا طلب المملوك الحرية بثمن يدفعه كوتب على ذلك ، ووجب إعطاؤه مالا لمساعدته ، جاء هذا فى حِزمة من التشريعات تحثّ على الزواج وتزويج ملك اليمين بالتساوى مع الأحرار ، يقول جل وعلا : (  وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ )(33) النور ) . اكثر من هذا ، فالمملوك شريك بالمساواة فى مال سيده ، مهما بلغ التفاضل بينهما فى الرزق ، يقول جل وعلا : ( وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (71) النحل ).

2 ـ روعة التشريع الاسلامى هذه فى ظلام العصور الوسطى دمرها الخلفاء الراشدون والأمويون القرشيون بالفتوحات ، حيث تحول الاسترقاق الفردى الى إسترقاق لشعوب وأمم بأكملها وإعتبار سكانها ( موالى ) وسبى نسائهم وذرياتهم وسلب أموالهم . وفى هذا الظلم المركب تمت صياغة الدين السُّنّى ليسوّغه بأحاديث مفتراة وبتجاهل التشريعات الاسلامية فى القرآن . ومنها ما يخص موضوعنا : حرمان الوريث إذا وقع ضحية فى الاسترقاق . أى بدلا من تحريره نمنعه حقه فى إرث أبيه ..

3 ـ والشافعى فى ثرثرته يدخل فى موصوعات مختلفة فى نوعية هابطة من الهجص ، ومثال ذلك أن يتحدث عن إختلاف الدين كمانع من الإرث فيخرج منه الى موضوع منع الرقيق من الارث: ( قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا وَصَفْت لَك مِنْ أَنَّ الدِّينَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا بِالشِّرْكِ وَالْإِسْلاَمِ لَمْ يَتَوَارَثْ مَنْ سُمِّيَتْ لَهُ فَرِيضَةٌ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ «مَنْ بَاعَ عَبْدًا لَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ»‏.‏ قَالَ الشَّافِعِيُّ‏ :‏ فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ إنَّ مَالَ الْعَبْدِ إذَا بِيعَ لِسَيِّدِهِ دَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَمْلِكُ شَيْئًا، وَأَنَّ اسْمَ مَالِهِ إنَّمَا هُوَ إضَافَةُ الْمَالِ إلَيْهِ، كَمَا يَجُوزُ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِأَجِيرٍ فِي غَنَمِهِ وَدَارِهِ وَأَرْضِهِ هَذِهِ أَرْضُك وَهَذِهِ غَنَمُك عَلَى الْإِضَافَةِ لاَ الْمِلْكِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا مَعْنَاهُ، وَهُوَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مِلْكًا لَهُ‏؟‏ قِيلَ‏:‏ لَهُ قَضَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ مَالَهُ لِلْبَائِعِ دَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّ مِلْكَ الْمَالِ لِمَالِكِ الرَّقَبَةِ وَأَنَّ الْمَمْلُوكَ لاَ يَمْلِكُ شَيْئًا، وَلَمْ أَسْمَعْ اخْتِلاَفًا فِي أَنَّ قَاتِلَ الرَّجُلِ عَمْدًا لاَ يَرِثُ مَنْ قَتَلَ مِنْ دِيَةٍ، وَلاَ مَالٍ شَيْئًا‏.) . بهذا الهجص يؤكد الشافعى أن الرقيق مملوك لا يصح أن يكون مالكا ، وبالتالى فما يملكه هو للسيد المالك .

4 ـ وليس هذا غريبا عن الشافعى لأنها ثقافة عصره ، وقد جعلها دينا تحت إسم السُّنّة . الغريب فى فقهاء السلفية الوهابية فى عصرنا . ثقافة عصرنا ترفض الاسترقاق ومع ذلك يجترّ أئمة الفقه السلفى اليوم ما قاله سلفهم غير الصالح من قرون مضت . فالشيخ سيد سابق يجعل الرق أول موانع الإرث الأربعة ، سواء أكان تاما أم ناقصا . والتويجرى السعودى يتابعه فيجعل الرق أول موانع الارث الثلاثة عنده ويقول :( الرق: فلا يرث الرقيق ولا يورث؛ لأنه مملوك لسيده . ) ويكرر ذلك فى موضوع الحجب فيقول : ( هو أن يتصف الوارث بمانع من موانع الإرث، وهو الرق، أو القتل، أو اختلاف الدين.وهو يدخل على جميع الورثة، فمن اتصف بأحد هذه الأوصاف لم يرث، ووجوده كعدمه.) وأبو بكر الجزائرى فى ( منهاج المسلم ) يجعل الرق ضمن موانع الارث الستة . 

5 ـ هم يعيشون مع سلفهم الطالح الظالم ، بدليل أن هذا السلف يمنع الرقيق من الارث فى الوقت الذى يجعل صاحب الولاء يرث مولاه ، أو التابع له من أهل البلاد المفتوحة . أى أنهم حرموا ورثة حقيقيين ، واضافوا للورثة من لا يستحق . وهذا ما سنعرض اليه فى نوعية أخرى من نوعيات الهجص السُّنى . 

 

الباب الثانى: الهجص السّنى فى الميراث

الفصل الثالث : هجص توريث من لا يستحق

مقدمة

قلنا إن فقهاء الدين السُّنى لم ينتبهوا للفوارق بين ( الأقربين ) و ( ذى القربى ) فى قوله جل وعلا : ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (7) وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (8) النساء ) . وواضح أن الميراث ينحصر فى الوالدين والأقربين ، بينما يكون من حق ذى القربى الحصول على صدقة من الورثة إذا حضروا تقسيم التركة . وقلنا أيضا أن أولى القربى مع الوالدين هم أصحاب الوصية:( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) البقرة ) حيث تقوم الوصية للوالدين والمختارين من الورثة بربط توزيع الميراث بالعدل تبعا للظروف التى تستدعى ذلك . بسبب جهل فقهاء السُّنّة بذلك أضافوا للورثة ما ليس فيهم ،وحذفوا من الورثة أصحاب الحق ، كما سبق . نتوقف الآن مع من أضافوه للورثة بغير حق ، وبالاعتداء على التشريع الالهى فى الميراث ، وهو ما نطلق عليه ( الهجص). وهذا الهجص بإضافة من لا يستحق من الورثة له أنواع . نتوقف معها هنا :

أولا : هجص بسبب إعتبارهم ذى القربى ورثة :

يتجلى هذا فى إضافة الأقارب العصب من ناحية الأب كالعم وابن العم . وقد قلنا تبعا لما جاء فى آيتى الميراث أن الأقربين الورثة هم الوالدان والأولاد والأخ والاخوة و الزوج والزوجة . وبعد الأخ الأقرب بالعصبة لا حق لمن بعده كالعم وابن العم . ولكن أئمة السُّنة يجعلون العم ثم ابن العم من الورثة فى عدم وجود الوالد والأولاد والأخ وابن الأخ ، بل ينفرد أقربهم بكل التركة .

ثانيا : هجص بسبب عدم فهمهم للتساوى بين الأب والأم فى الميراث

وقد تعرضنا لهذه المساواة بين الأب والأم فى الميراث والوصية وسائر الحقوق ، والتى جهلها أئمة السنيين ، وضربنا مثلا لأثر هذا الجهل فى تغيير ميراث الأب بأن يصير أحيانا أقل من الأم . ولكن نشير هنا الى خطأ افدح مترتب على هذه التفرقة بين الأب والأم فى الميراث ، وهو أنهم يجعلون الأخ لأم وارثا ، دون الأخ الشقيق المولود من نفس الأم  فى حالة موت الأخ . وهذه كوميديا هزلية لأنهم جميعا من أم واحدة ، ولكن للشقيق الأقرب فقط حق الارث من الأخ المتوفى  ، فكيف للأخ من الأم أن يحجب الأخ الشقيق فى حالة موت الأخ ؟ 

ثالثا : هجص بسبب تأثرهم بثقافة الاستعباد فى العصور الوسطى ( إعتبار سكان البلاد الأصليين موالى )

طبقا لتشريع رب العزة فى الميراث فإن المتوفى له ( تركتان ) ، فهو ( يترك ) ثروة يرثها الوالدان والأقربون ، و( يترك ) أيضا مسئولية يتحملها الورثة ، فهناك ( موالى ) أى أتباع من الأقارب الفقراء والضعاف والخدم كانوا محل رعاية المتوفى ، وبعد أن ( يتركهم ) يجب أن يتحمل الورثة رعايتهم . وهذا معنى قوله جل وعلا : ( وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (33) النساء ).

بالفتوحات التى إرتدّ بها الخلفاء الراشدون عن الاسلام أصبح أصحاب البلاد المفتوحة فى درجة أقل من العرب ، بين الاسترقاق الصريح والحرية المقيدة ، وجاء التعبير عن هذا بوصفهم ( موالى ) اى أتباعا وخدما واشياء من ( سقط المتاع ) . كان هذا عاما لكل الشعوب التى خضغت للإحتلال العربى . وتفضّل العرب على من يعتنق الاسلام على يد شخص عربى بأن يكون ( مولى ) له ويحمل ( الولاء ) لقبيلة هذا العربى . وقد إستمر هذا من عصر الخلفاء الراشدين الى أواخر القرن الثالث الهجرى . ومثلا فإن إبن برزدويه ( البخارى ) يحمل ولاءا عربيا هو ( الجعفى ) إذ  أسلم جده المجوسى على يدي اليمان الجعفي والي بخارى ، فحمل الولاء للجعفى هو وذريته . وكذلك الامام مسلم القشيرى   وهو أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد بن كوشاذ القشيري النيسابوري ، فهو من نيسابور ، وحمل ولاء قبيلة قشير العربية . مقابل هذا الولاء صاغ أئمة الفقه السُّنى حقا للعربى صاحب الولاء على المولى الذى ينتسب اليه بالتبعية ، وهذا الحق هو أن يرث العربى مال المولى ، أى يكون ( الولاء ) من عوامل الآرث مع النسب ( الوالدان والأولاد ) و ( الزواج ) . وصنعوا فى ذلك حديثا يقول (الولاء لحمة كلحمة النسب ). وطبعا هو حق لطرف واحد ، هو العربى فقط على المولى ، وليس على العربى أى حق ، فلا يرث المولى سيده العربى . وهنا يتحقق الاتناقض التام بين تشريع القرآن فى قوله جل وعلا : ( وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (33)النساء ). وبين هجص أئمة السّنّة فى ( الولاء ) .

رابعا : نماذج من هجص السُّنّة :

يطول الحديث لو تعرضنا لهجص مالك فى (الموطأ ) وهجص الشافعى فى ( الأم )، فهذا فوق الاحتمال ، خصوصا مع الثرثرة والاعادة والتكرار والتناقض . نكتفى بفقهاء الوهابية فى عصرنا البائس وهم ينقلون هذا الهجص ، وهم يحسبون أنهم يُحسنون صنعا .  نذكر بعض ما ذكره سيد سابق فى ( فقه السُّنّة ) والتويجرى فى ( موسوعة الفقه ) . يقولون :

1 ـ  أسباب الارث ثلاثة :  النسب الحقيقي   و النسب الحكمي  وهو الولاء : - لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " الولاء لحمة كلحمة النسب "   والزواج الصحيح . أى جعلوا الولاء من أسباب الارث .

2 ـ وأصحاب الفروض اثنا عشر : أربعة من الذكور وهم الاب والجد الصحيح وإن علا والاخ لام والزوج . وثمان من الاناث وهن الزوجة والبنت والاخت الشقيقة والاخت والاخت لام الابن والام والجدة الصحيحة وإن علت . هنا يجعلون الأخ لأم مميزا ، ومن اصحاب الفروض .

3 ـ معلوم أن اصحاب العصبية الذين يأخذون كل التركة إذا إنفردوا بها أو يأخذون الباقى كالابن والأخ ، ولكن قسموهم ـ خلافا للقرآن ـ الى  : عصبة بالنفس:وجعلوهم : ( كل وارث من الذكور إلا الزوج والأخ لأم، وهم: الابن، وابن الابن وإن نزل، والأب، والجد وإن علا، والأخ الشقيق، والأخ لأب، وابن الأخ الشقيق وإن نزل، وابن الأخ لأب وإن نزل، والعم الشقيق، والعم لأب، وابن العم الشقيق وإن نزل، وابن العم لأب وإن نزل، والمعتِق.) هنا أضافوا الولاء ، أو المعتق . وأضافوا العم وابن العم . وقالوا إن  ( جهات التعصيب ) هى :( البنوة. ثم الأبوة. ثم الإخوة وبنوهم..ثم الأعمام وبنوهم. ثم الولاء.). وقالوا إن جهات التعصيب بعضها أقرب من بعض وهي خمس على الترتيب:البنوة.. ثم الأبوة.. ثم الإخوة وبنوهم.. ثم الأعمام وبنوهم.. ثم الولاء.فإذا وُجدت جهة البنوة أخذت المال، فإن لم توجد انتقلت التركة إلى جهة الأبوة، فإن لم توجد جهة الأبوة انتقلت التركة إلى الإخوة، فإن لم توجد انتقلت إلى العمومة، فإن لم توجد انتقلت إلى الولاء.  وقالوا إن عدد الوارثين من الرجال 15 ، وهم :الابن وابنه وإن سفل بمحض الذكور .والأب، والجد من قبل الأب وإن علا بمحض الذكور.والأخ الشقيق، والأخ لأب، والأخ لأم.وابن الأخ الشقيق وابن الأخ لأب وإن نزلا بمحض الذكور.والعم الشقيق وإن علا، والعم لأب وإن علا.وابن العم الشقيق، وابن العم لأب وإن نزلا بمحض الذكور.والزوج، والمعتق وعصبته.) وقالوا عمن يرث بالفرض فقط،: ( وهم سبعة:الزوج، والزوجة، والأم، والجدة من جهة الأم، والجدة من جهة الأب، والأخ لأم، والأخت لأم ). هكذا تلاعبوا فى مستحقى الميراث فأضافوا لهم من جهة العصبية العم وابن العم ، ومن جهة الفروض الأخ لأم ، وجعلوا الولاء ـ أو العتق ـ سببا للإرث .

4 ـ المضحك هنا أن مالك والشافعى والشيبانى وابن حنبل كانوا يعبرون عن ظاهرة إجتماعية سياسية موجودة وهى ( الولاء ) . وقد إندثرت هذه الظاهرة بالتدريج منذ القرن الرابع الهجرى ، وأنمحت تماما منذ القرن السابع الهجرى ولم يكن لها وجود فى العصر المملوكى  . وبالتالى اصبحت مقطوعة الصلة تماما فى عصرنا الراهن ، فإذا كانت هجصا فى عصرها فكيف يكتبها أئمة السلفية المعاصرون فى التشريع السّنى لعصرنا ؟ هل يوجد الآن مصريون يدينون بالولاء لأفراد فى الجزيرة العربية ؟ وهل قام أحد الأعراب بعتق شخص من ايران فيستحق أن يرثه ؟ هذا يوضح أن ائمة السلفية فى عصرنا غائبون تماما عن عصرنا . وعاجزون تماما عن الاجتهاد بما يوافق عصرنا . هم فقط يجترُّون المكتوب فى العصر العباسى بحذافيره وبأحاديثه وبأكاذيبه ، ويرفعون لواء تطبيقه علينا .

أرحم بنا وبهم أن نجمعهم جميعا فى كيس زبالة ونلقى بهم على الحدود المصرية الليبية السودانية ..!

أخيرا : هجص ترتب على هجص

1 ـ بكثرة المُضافين للورثة تكاثرت حالات ( العول )

2 ـ و بكثرة المُضافين للورثة إزداد الخلاف فى الردّ ، أى ما يتبقى من التركة ، فجعلوه للعم وابن العم ولبيت المال ، على إختلاف شديد فيما بينهم .

كان السهل والأكثر عدلا التمسك بشرع الله جل وعلا فى الميراث .

 

هجص الوصية عند السنيين

الباب الثانى: الهجص السّنى فى الميراث

: الفصل الرابع : هجص الوصية عند السنيين

أولا : هجص الوصية عند مالك :

1 ـ مالك لم يكتب ( الموطأ ) ، وإنما أملاه ، وكتبه عنه تلامذته ، لذا تعددت نُسخ ( الموطأ ) تبعا للرواة وبلغت عشرين ، ويقال ثلاثين ، وهى تختلف فيما بينها فى عدد الأحاديث وفى صياغتها وسندها . وأشهر نسخة للموطا رواها يحيى بن يحيى . ثم النسخة التى رواها الشيبانى صاحب أبى حنيفة . وهناك إختلافات كثيرة بين هاتين  النسختين  مع شهرة يحيى والشيبانى وزعم كل منهما أن يروى هذا ( الموطأ ) عن مالك . وفيما يخص موضوعنا عن ( الوصية ) فلا نجد ها على الاطلاق فى ( الموطأ ) براوية يحيى . ولكن نجد ( الموطأ ) برواية الشيبانى  قد عرض للوصية ص 258 . وهو يروى حديثا تحت عنوان ( فضل الوصية ) ينسبه الى نافع عن ابن عمر يزعم أن النبى قال : ( ما حق إمرىء مسلم له شىء يوصى فيه يبيت ليلتين إلّا ووصيته عنده مكتوبة ). ثم يذكر هذا ( الموطأ ) حديثين عن الوصية بثلث المال تحت عنوان ( باب الرجل يوصى عند موته بثلث ماله) . ليس التحديد بالثلث متفقا مع المعلوم من القرآن الكريم . إن هذا متروك للوارث وأقاربه من بعده والسلطة الاجتماعية لتحديده بالعدل والمعروف .

2 ـ أراح مالك نفسه والناس فلم يسترسل بالهجص ، ولكن جاء الشافعى فأبدع فى هجص الوصية .

 ثانيا :هجص الوصية عند الشافعى

1 ـ هجص الشافعى فى تشريع الوصية يزيد عن 20 ألف كلمة فى كتاب ( الأم ). يبدأ الهجص بحديث نقله الشافعى عن مالك مع بعض التغيير ، وبلا سند تحت باب (باب الْوَصِيَّةِ وَتَرْكِ الْوَصِيَّةِ‏.‏ )( قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ فِيمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوَصِيَّةِ‏:‏ إنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «مَا حَقُّ امْرِئٍ لَهُ مَالٌ يَحْتَمِلُ مَا لِامْرِئٍ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَتَيْنِ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ».). هذا الحديث الكاذب يخالف القرآن الكريم الذى يوجب الوصية عند الموت ، فالشافعى هنا يوجب الوصية على كل صاحب مال وهو حىُّ يسعى، لا يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده .!. ويجعلها نافذة بعد موته دون حاجة لوصية جديدة .

2 ـ ولأن تشريع الوصية فى الاسلام مرتبط بوقت الاحتضار عند الموت فإن تفاصيلها محددة فى القرآن الكريم ، وتتعلق بضبط الوصية لتتماشى مع العدل والمعروف ، وجاء هذا فى آيتين ( البقرة 181 : 182 )، عن تبديل الوصية أو أن تكون الوصية ظالمة ، وفى الحالتين يتدخل المجتمع ممثلا فى السُّلطة القضائية لاقرار الحق والعدل ، ثم تفصيل آخر عن الوصية فى السفر عند الاحتضار بعيدا عن الأهل وضرورة التوثق من شهادة الشاهدين ( المائدة 107 : 108 ). هذه هى كل التفصيلات المطلوبة فى موضوع الوصية للأقربين فقط . وبالتالى لا حاجة لتفصيلات أخرى ، يكفى أن تقوم السلطة الأجتماعية  المختصّة بالتطبيق بالعرف والعدل حسب كل حالة .

3 ـ ولأن الشافعى قد أوجب الوصية قبل الموت بسنوات طوال فقد إحتاج الى تفصيلات من الهجص ، أخذ يثرثر فيها ويكرر . ونكتفى بذكر العناوين لتعطى أمثلة لهجص الشافعى فى الوصية  (  باب الْوَصِيَّةِ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَلَدِهِ، أَوْ أَحَدِ وَرَثَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ .  باب الْوَصِيَّةِ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ . http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب الْوَصِيَّةِ بِشَيْءٍ مُسَمًّى بِغَيْرِ عَيْنِهِ http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب الْوَصِيَّةِ بِشَيْءٍ مُسَمًّى لاَ يَمْلِكُهُ  http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب الْوَصِيَّةِ بِشَاةٍ مِنْ مَالِهِ http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب الْوَصِيَّةِ بِشَيْءٍ مُسَمًّى فَيَهْلِكُ بِعَيْنِهِ، أَوْ غَيْرِ عَيْنِهِ  http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب مَا يَجُوزُ مِنْ الْوَصِيَّةِ فِي حَالٍ، وَلاَ يَجُوزُ فِي أُخْرَى http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب الْوَصِيَّةِ فِي الْمَسَاكِينِ وَالْفُقَرَاءِhttp://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب الْوَصِيَّةِ فِي الرِّقَابِhttp://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب الْوَصِيَّةِ فِي الْغَارِمِينَ .‏http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب الْوَصِيَّةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِhttp://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب الْوَصِيَّةِ فِي الْحَجِّhttp://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب الْعِتْقِ وَالْوَصِيَّةِ فِي الْمَرَضِhttp://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب التَّكْمِلاَتِhttp://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب الْوَصِيَّةِ لِلرَّجُلِ وَقَبُولِهِ وَرَدِّهِ http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب مَا نُسِخَ مِنْ الْوَصَايَاhttp://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب الْخِلاَفِ فِي الْوَصَايَا http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب الْوَصِيَّةِ لِلزَّوْجَةِ http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب اسْتِحْدَاثِ الْوَصَايَا    .‏http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب عَطَايَا الْمَرِيضِ .‏  http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب نِكَاحِ الْمَرِيضِ  .‏ http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifهِبَاتُ الْمَرِيضِhttp://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifبَابُ الْوَصِيَّةِ فِي الدَّارِ وَالشَّيْءِ بِعَيْنِهِhttp://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب الْوَصِيَّةِ بِشَيْءٍ بِصِفَتِهِ http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب الْمَرَضِ الَّذِي تَكُونُ عَطِيَّةُ الْمَرِيضِ فِيهِ جَائِزَةً، أَوْ غَيْرَ جَائِزَةٍ .‏http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب عَطِيَّةِ الْحَامِلِ وَغَيْرِهَا مِمَّنْ يُخَافُhttp://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب عَطِيَّةِ الرَّجُلِ فِي الْحَرْبِ وَالْبَحْرِhttp://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِhttp://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب مَا يَجُوزُ مِنْ إجَازَةِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ وَغَيْرِهِ وَمَا لاَ يَجُوزُ  http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب مَا يَجُوزُ مِنْ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ لِلْوَصِيَّةِ وَمَا لاَ يَجُوزُ http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب اخْتِلاَفِ الْوَرَثَةِ http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifالْوَصِيَّةُ لِلْقَرَابَةِ.‏ http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب الْوَصِيَّةِ لِمَا فِي الْبَطْنِ وَالْوَصِيَّةِ بِمَا فِي الْبَطْنِ  .‏http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب الْوَصِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ وَالْوَصِيَّةِ عَلَى الشَّيْءِ  http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ    .‏http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب تَفْرِيغِ الْوَصَايَا لِلْوَارِثِ .‏http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifمَسْأَلَةٌ فِي الْعِتْقِ  .‏http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب الْوَصِيَّةِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِhttp://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب الرُّجُوعِ فِي الْوَصِيَّةِ .‏http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifتَغْيِيرُ وَصِيَّةِ الْعِتْقِ http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب وَصِيَّةِ الْحَامِلِ  http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifصَدَقَةُ الْحَيِّ عَنْ الْمَيِّتِhttp://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب الْأَوْصِيَاءِ http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب مَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَصْنَعَهُ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى  .‏http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifالْوَصِيَّةُ الَّتِي صَدَرَتْ مِنْ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه.  ).

4 ـ ونلاحظ أن السائد من خلال العناوين كثرة التكرار والثرثرة ، خصوصا فى موضوع ( لاوصية لوارث ) وفيها يحاول الشافعى التلاعب بتشريع الله جل وعلا الذى جعل الوصية للورثة فقط ، ويزعم الشافعى أنه منسوخ ، أى ملغى ، أى أن الحديث الذى إخترعوه ألغوا وأبطلوا به حكم الله جل وعلا فى القرآن الكريم . وبسبب فداحة هذا الأمر وعدم إقتناع الشافعى نفسه بالهجص الذى يفتريه نرى الشافعى يدور حول نفس الموضوع بالجدال والدخول فى متاهات لا تخلو من تناقض ، والتعرض لهذا الهجص يخرج عن إلتزامنا بالاختصار ، علاوة على أنه لا يستحق النقاش . ولكن ننبّه مُجدّدا على أن الشافعى استرسل فى هجصه لأنه تجاهل أن الوصية والميراث هما فقط للأقربين ، وأن الوصية المقصودة بالتشريع الاسلامى هى التى قبل الموت. تجاهله لهاتين الحقيقتين أوقعه فى هجص زاد على 20 ألف كلمة .

ثالثا : هجص مسلم  فى ( الوصية )

 1 ـ ذكر البخارى حديث إبن عمر رضي الله عنه:( ما حق امرئ مسلم له شئ يوصي فيه  يبيت ليلتين )

2 ـ إحتفل مسلم بهجص مالك فى ( موطأ ) الشيبانى ، فذكر نفس الأحاديث مع تغيير فى السّند ، حديث مالك عن نافع عن ابن عمر الذى يزعم أن النبى قال : ( ما حق إمرىء مسلم له شىء يوصى فيه يبيت ليلتين إلّا ووصيته عنده مكتوبة )، قام مسلم بتكراره باسانيد مختلفة وعبارات مختلفة. يقول مثلا :(   4291- حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ- وَاللَّفْظُ لاِبْنِ الْمُثَنَّى- قَالاَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى- وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ- عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شيء يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ».
4292-
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ (ح) وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنِي أَبِي كِلاَهُمَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بِهَذَا الإِسْنَادِ غَيْرَ أَنَّهُمَا قَالاَ: «وَلَهُ شيء يُوصِي فِيهِ». وَلَمْ يَقُولاَ: «يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ».4293- وَحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ (ح) وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ- يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ- كِلاَهُمَا عَنْ أَيُّوبَ (ح) وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ (ح) وَحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ- يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ- كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بِمِثْلِ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَالُوا جَمِيعًا: «لَهُ شيء يُوصِي فِيهِ». إِلاَّ فِي حَدِيثِ أَيُّوبَ فَإِنَّهُ قَالَ: «يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ». كَرِوَايَةِ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ.4294- حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو- وَهْوَ ابْنُ الْحَارِثِ- عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شيء يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ ثَلاَثَ لَيَالٍ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ إِلاَّ وَعِنْدِي وَصِيَّتِي.4295- وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ قَالاَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ (ح) وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ (ح) وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالاَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الإِسْنَادِ. نَحْوَ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ . ). وما ذكره مالك عن الوصية بالثلث كرره مسلم بنفس الطريقة . يقول تحت عنوان : http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.2- باب الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ:( 4296- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَنِي مَا تَرَى مِنَ الْوَجَعِ وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلاَ يَرِثُنِي إِلاَّ ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي قَالَ: «لاَ». قَالَ: قُلْتُ أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ قَالَ: «لاَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ وَلَسْتَ تُنْفِقُ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى اللُّقْمَةُ تَجْعَلُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ». قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي قَالَ: «إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلاً تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفُ حَتَّى يُنْفَعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ وَلاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ». قَالَ رَثَى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنْ تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ.4297- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالاَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ (ح) وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ قَالاَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ (ح) وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ.4298- وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ قَالَ دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ يَعُودُنِي. فَذَكَرَ بِمَعْنَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَعْدِ ابْنِ خَوْلَةَ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا.4299- وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَرِضْتُ فَأَرْسَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ دَعْنِي أَقْسِمْ مَالِي حَيْثُ شِئْتُ فَأَبَى. قُلْتُ فَالنِّصْفُ فَأَبَى. قُلْتُ فَالثُّلُثُ قَالَ فَسَكَتَ بَعْدَ الثُّلُثِ. قَالَ فَكَانَ بَعْدُ الثُّلُثُ جَائِزًا.4300- وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالاَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ فَكَانَ بَعْدُ الثُّلُثُ جَائِزًا.4301- وَحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ عَادَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ. قَالَ: «لاَ». قُلْتُ فَالنِّصْفُ. قَالَ: «لاَ». فَقُلْتُ أَبِالثُّلُثِ فَقَالَ: «نَعَمْ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ».4302- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ ثَلاَثَةٍ مِنْ وَلَدِ سَعْدٍ كُلُّهُمْ يُحَدِّثُهُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى سَعْدٍ يَعُودُهُ بِمَكَّةَ فَبَكَى قَالَ: «مَا يُبْكِيكَ». فَقَالَ قَدْ خَشِيتُ أَنْ أَمُوتَ بِالأَرْضِ الَّتِي هَاجَرْتُ مِنْهَا كَمَا مَاتَ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا». ثَلاَثَ مِرَارٍ. قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَالاً كَثِيرًا وَإِنَّمَا يَرِثُنِي ابْنَتِي أَفَأُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ قَالَ: «لاَ».قَالَ فَبِالثُّلُثَيْنِ قَالَ: «لاَ». قَالَ فَالنِّصْفُ قَالَ: «لاَ». قَالَ فَالثُّلُثُ قَالَ: «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ إِنَّ صَدَقَتَكَ مِنْ مَالِكَ صَدَقَةٌ وَإِنَّ نَفَقَتَكَ عَلَى عِيَالِكَ صَدَقَةٌ وَإِنَّ مَا تَأْكُلُ امْرَأَتُكَ مِنْ مَالِكَ صَدَقَةٌ وَإِنَّكَ أَنْ تَدَعَ أَهْلَكَ بِخَيْرٍ- أَوْ قَالَ بِعَيْشٍ- خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ». وَقَالَ بِيَدِهِ.
4303-
وَحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ ثَلاَثَةٍ مِنْ وَلَدِ سَعْدٍ قَالُوا مَرِضَ سَعْدٌ بِمَكَّةَ فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ. بِنَحْوِ حَدِيثِ الثَّقَفِيِّ.4304- وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنِي ثَلاَثَةٌ مِنْ وَلَدِ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ كُلُّهُمْ يُحَدِّثُنِيهِ بِمِثْلِ حَدِيثِ صَاحِبِهِ فَقَالَ مَرِضَ سَعْدٌ بِمَكَّةَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ. بِمِثْلِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ حُمَيْدٍ الْحِمْيَرِيِّ.4305- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ أَخْبَرَنَا عِيسَى يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ (ح) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالاَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ (ح) وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَوْ أَنَّ النَّاسَ غَضُّوا مِنَ الثُّلُثِ إِلَى الرُّبُعِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ». وَفِي حَدِيثِ وَكِيعٍكَبِيرٌ أَوْ كَثِيرٌ».)

أخيرا: هجص أئمة الوهابيين فى الوصية :

سار سيد سابق فى كتابه ( فقه السنة ) على سُنّة الهجص ، ويضيق الصدر عن متابعة هذا الهجص حرصا على الوقت ..والصحة .!

كتاب الميراث
يتناول هذا الكتاب ـ ولأول مرة ، التناقض بين تشريع الميراث فى القرآن وفى الفقه السُّنى ، وأثر التشريع القرآنى فى سلامة المجتمع وتماسكه .
more