رقم ( 2 )
الكتاب كاملا

المقال الأول :

من الأشد عداءا للنبى محمد : الأقباط والمسيحيون أم المتطرفون المحمديون ؟ 
مقدمة 
1 ـ رسالة هامة يقول صاحبها ( أنا أحترم فيك ثباتك على مبدئك وأنك مستمر فى طريقك ضد المستبدين وضد الكهنوت . ولكن لى ملاحظة أرجو أن تتقبلها بصدر رحب . أو حتى توضح لى وجهة نظرك فيها . وهى علاقتك الطيبة بالمتطرفين الأقباط الذين هم أشد المسيحيين كراهية للإسلام ، موقفك هذا يعطى أعداءك حجة عليك . ). 

مقالات متعلقة :

2 ـ أرد عليها بهذا المقال ، للتوضيح : 
أولا : أعداء النبى محمد عليه السلام فى حياته : 
1 ـ الله جل وعلا هو الأعلم حيث يجعل رسالاته ( الأنعام 124)ـ وقد إختار وإصطفى أعظم الناس فى عصره وهو ( محمد بن عبد الله بن عبدالمطلب ) ليكون خاتم النبيين . إمتاز عليه السلام برحمته وحرصه على الناس ، وفى دعوته بلغ به الحرص على هداية قومه الى درجة أن ينزل عليه الوحى ينهاه عن أن يشقى نفسه من أجلهم ( طه 2) وأن تذهب نفسه عليهم حسرات ( فاطر 8 ) وأن لا يهلك نفسه من أجلهم ( الكهف 6 ) ، كل هذا وهو يتعرض للأذى منهم . 
2 ـ بالتالى نعرف أنه كان قبل نزول القرآن عليه يعامل قومه بكل النُّبل فإستحق حبهم وإحترامهم . إنقلبت محبتهم له الى عداوة بعد أن نزل عليه القرآن وأصبح نبيا يدعو قومه الى نبذ تقديس البشر والحجر . من هنا كان رب العزة يذكّرهم بأن محمدا هو صاحبهم الذى صحبوه من قبل وعرفوا صدقه ونبله وامانته ، فلماذا بعد نزول القرآن إتهموه بالضلال والغواية. قال لهم جل وعلا : ( مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ (٢﴾ النجم )، ولماذا يتهمون ( صاحبهم ) بالجنون . قال لهم جل وعلا : ( وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ ﴿٢٢﴾ التكوير). ودعاهم رب العزة جل وعلا الى التفكير موضوعيا فى صاحبهم الصادق الأمين كيف يتهمونه بالجنون : ( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّـهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ ۚإِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴿٤٦﴾ سبأ ). 
3 ـ أى إن عداءهم ليس لشخص محمد بن عبدالله ولكن للقرآن الذى نزل على محمد بن عبد الله . وظهرت كراهيتهم له حين كان يتلو عليهم القرآن ، كراهية للقرآن . كانت أعينهم عندها تشتعل بالكراهية . قال جل وعلا : ( وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ﴿٥١﴾ وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ﴿٥٢﴾ القلم ). وإمتدت كراهيتهم الى كل من يتلو عليهم القرآن كراهية فى القرآن ، فكانوا يكادون يعتدون ويسطون بمن يتلو عليهم القرآن. قال جل وعلا : ( وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ ۖ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۗقُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّـهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۖوَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴿٧٢﴾ الحج ). وهو نفس الموقف الذى كنت ألقاه فى مصر من متطرفى المحمديين . 
4 ـ وإستغلوا حبه لهم وحرصه عليهم فى التأثير عليه :
4 / 1 : بأن يأتى لهم بقرآن آخر يتفق مع ثوابتهم الشركية ، وكان هذا حين يتلو عليهم القرآن . قال جل وعلا : ( وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ ۙ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ ) وأمره ربه ان يرد عليهم : ( ۚ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ۖ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿١٥﴾ قُل لَّوْ شَاءَ اللَّـهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُم بِهِ ۖ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴿١٦﴾ يونس ). هنا تذكير لهم بمعايشته لهم قبل نزول القرآن وقد كان الغاية فى الصدق والأمانة . 
4 / 2 : بأن يفترى لهم كلاما يرضيهم ، وكادوا ينجحون فى هذا لولا أن عصمه الله جل وعلا ، وعصمة الرسول هى فيما يخص الوحى فقط . قال جل وعلا : ( وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ۖ وَإِذًا لَّاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا ﴿٧٣﴾ وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ﴿٧٤﴾ إِذًا لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ﴿٧٥﴾ الاسراء ).
4/ 3 : لقد قال جل وعلا عن القرآن الكريم : ( فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ﴿٣٨﴾ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ ﴿٣٩﴾ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴿٤٠﴾ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَّا تُؤْمِنُونَ﴿٤١﴾ وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴿٤٢﴾ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٤٣﴾ الحاقة ) ثم قال عن إستحالة أن يتقول النبى فى الدين شيئا خارج القرآن : ( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ ( 44 ) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ﴿٤٥﴾ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ( 46 ) فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴿٤٧﴾ الحاقة).أئمة المحمديين فيما بعد تقوّلوا أكاذيب نسبوها للنبى ظلما وعدوانا .!!
5 ـ خاب مسعى كفار قريش فإشتد أذاهم له عليه السلام ، وهنا إختلط الشخصى بالموضوعى ، أصبحوا يكرهون شخص محمد ويكرهون ( موضوع ) القرآن . كانوا يتندرون عليه إذا رأوه ، وأساس إستهزائهم هو كونه رسولا . قال جل وعلا : 
5 / 1 : ( وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَـٰذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُم بِذِكْرِ الرَّحْمَـٰنِ هُمْ كَافِرُونَ ﴿٣٦﴾ الانبياء )
5 / 2 : ( وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَـٰذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّـهُ رَسُولًا ﴿٤١﴾ إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا ۚ وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴿٤٢﴾ الفرقان ). 
6 ـ هذا الأذى يعبر عن عداء صريح من قومه له عليه السلام . وقد وصل العداء والأذى الى درجة أنهم كانوا على وشك الفتك به حين تصدى لعبادتهم الأولياء والقبور المقدسة فى مساجدهم ( وهو ما يفعله المحمديون الآن ) . قال جل وعلا : ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّـهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّـهِ أَحَدًا ﴿١٨﴾ وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّـهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا ﴿١٩﴾ قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا ﴿٢٠﴾ قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا﴿٢١﴾ قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّـهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا ﴿٢٢﴾ إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِسَالَاتِهِ ۚ وَمَن يَعْصِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ﴿٢٣﴾ الجن ).
7 ـ وفى المدينة ظهر المنافقون الصحابة أعداء جُدُدا للنبى محمد والاسلام والقرآن الكريم . كانوا يؤذون النبى ( التوبة 61 ) وكانوا يستهزئون بالله جل وعلا ورسوله وكتابه ( التوبة 64 : 66 )، وإنضم اليهم فريق من الصحابة المؤمنين الذين فى قلوبهم مرض ( الأحزاب 53 ، 57 ، 69 ).وإمتدت كراهيتهم للمؤمنين .(آل عمران 118 : 119 ). 
9 ـ وظهر التعاون بين أعداء النبى ضد النبى ، تعاون المنافقين مع الكفار خارج المدينة الى درجة أنهم أقاموا مسجدا وصفه ربه العزة بأنه مسجد ضرار والكفر والتفريق بين المؤمنين ووكرا للتآمر ( التوبة 107 : 110 ). وكانوا يتثاقلون عن الخروج للقتال الدفاعى عن المدينة يعتذرون بأنهم لا يعرفون القتال ( آل عمران 167 ) عن تثاقلهم قال جل وعلا للنبى فى حرمانهم من شرف الجهاد : ( فَإِن رَّجَعَكَ اللَّـهُ إِلَىٰ طَائِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا ۖإِنَّكُمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ ﴿٨٣﴾ التوبة ). لاحظ كلمة ( عدوا ) عن الكفار الصرحاء المعتدين .
ثانيا : أنواع أعداء النبى محمد عموما : 
1 ـ أهون أعداء النبى شأنا هم الذين كانوا يهاجمونه ويضطهدونه ويؤذونه فى حياته ، لأن رب العزة هو الذى كان يرد عليهم مدافعا عنه عليه السلام ( التوبة 61 ). 
2 ـ أخطر أعداء النبى هم الذين جاءوا فيما بعد يؤلهونه ويتقولون عليه بأقاويل تجعله شفيعا وذا قبر مقدس . سيضطرالنبى يوم القيامة للتبرؤ منهم وأنه ليس مسئولا عن إفكهم ، وهو نفس موقف عيسى عليه السلام يوم القيامة . قال جل وعلا : (وَإِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّـهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴿١١٦﴾ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚوَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴿١١٧﴾ إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿١١٨﴾ المائدة ). 
3 ـ هناك من جعلهم الناس آلهة دون علمهم ودون رضاهم ، وسيأتون يوم القيامة يتبرأون من أولئك المشركين . قال جل وعلا :
3 / 1 : ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَـٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ ﴿١٧﴾ قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا﴿١٨﴾ فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا ۚوَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا ﴿١٩﴾ الفرقان ) 
3 / 2 : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَـٰؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ ﴿٤٠﴾ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم ۖ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ ۖ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ ﴿٤١﴾ سبأ )
ثالثا : أئمة المحمديين هم أعدى أعداء النبى محمد فى عصرنا : 
1 ـ قال جل وعلا : 
1 / 1 :( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ)( 112)الانعام ). التعبير بالمضارع عن أعداء الأنبياء من شياطين الإنس والجن إذ ( يوحى ) بعضهم الى بعض الوحى الشيطانى . النبى محمد عليه السلام لم ( يتقول على ربه ) . بعد موته تقوّل عليه شياطين الإنس والجن أقوالا وجعلوها وحيا وسُنّة ودينا . وتحول شياطين الإنس والجن الى آلهة فى أديان المحمديين الشيطانية . من ينتقدهم فهو مرتد حلال الدم . وتلك هى مشكلتنا معهم. 
1 / 2 : ( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَـٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴿٣٠﴾ الفرقان ) الرسول سيتبرأ من قومه الذين عايشهم والذين إتخذوا القرآن مهجورا ، وأئمتهم أصبحوا حكاما بعده وإرتكبوا جريمة الفتوحات وشوهوا الاسلام دين السلام والعدل والرحمة والحرية وكرامة الاسلام . وهؤلاء الخلفاء تحولوا أيضا الى آلهة ، من ينتقدهم فهو مرتد حلال الدم . وتلك هى مشكلتنا معهم.
1 / 3 : وقال جل وعلا بعدها : ( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ ۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ﴿٣١﴾ الفرقان ). أى هو وصف لكفار قريش ، واشدهم كفرا هم الذين مردوا على النفاق ثم اصبحوا خلفاء راشدين ، والأولى أن نقول عنهم ( الخلفاء المجرمون ) تمسكا بوصف رب العزة جل وعلا لهم . 
1 / 4 : فى سورتى الأنعام (112 ) والفرقان ( 31 ) جاء وصف رب العزة لأعداء النبى محمد بأنهم شياطين الانس والجن وأنهم مجرمون. هل تجرؤ على وصف الخلفاء علنا بالمجرمين ؟ 
2 ـ هم أعدى أعداء النبى محمد لأن أحاديثهم المفتراة تطعن فى شخص النبى كما تطعن فى دين الاسلام . فى كتابنا ( القرآن وكفى ) تعرضنا للبخارى فى طعنه فى شخص النبى . وهم جعلوا فى أحاديثم النبى سفاكا للدماء مدمنا على النساء سبّابا عيّابا متآمرا ، وايضا جعلوه إلاها مالكا ليوم الدين وجعلوا له قبرا مقدسا تُشدّ اله الرحال . ومن ينتقد هذا فهو مرتد حلال الدم . وتلك هى مشكلتنا معهم.
رابعا : الأقباط والمسيحيون أقل عداءا للنبى محمد 
1 ـ لم يعرف الأقباط والمسيحيون عن الاسلام إلا من خلال معاناتهم من الغزو العربى وما صحبه من قتل وسلب ونهب وإسترقاق وسبى ثم إحتلال وقهر وظلم فاق الحدود. الخلفاء المجرمون قدموا الاسلام بهذه الصورة ، وترسبت هذه الصورة فى قلوب الضحايا وأجيالهم خلال 14 قرنا . بل إنتعشت مؤخرا بظهور وتسيد الوهابية ومنظماتها ما ظهر منها وما بطن . هل نسيتم داعش ؟!. 
2 ـ وحين ظهر أهل القرآن يؤكدون قيم الاسلام العليا من السلام والعدل والرحمة والحرية وكرامة الانسان بادر أئمة المحمديين بتكفيرنا وإخراجنا من ملة الاسلام بزعمهم ، مؤكدين أن الاسلام هو ما فعله الخلفاء المجرمون ، من أبى بكر الصديق الى أبى بكر البغدادى ، ومن عمر بن الخطاب الى عمر عبد الرحمن . من الذى يستحق اللوم ؟ فى نقاش مع مثقف قبطى قال : ولكن ما تقولونه يرفضه أئمة الاسلام ، بل أنتم عندهم كفار ..! 
3 ـ أى إن معظم عداء الأقباط للنبى محمد هى للصورة الكاذبة التى زيفها الخلفاء المجرمون عمليا بالفتوحات والتى كتبها أئمة المحمديين تراثيا والتى يطبقها المتطرفون فى عصرنا . هم يكرهون هذه الصورة الوهمية الخرافية التى لا شأن لها بحقيقة النبى محمد فى القرآن . ونحن مع الأقباط فى كراهية هذه الشخصية الوهمية ، بل نحن نكفر بها . 
4 ـ المسيحيون والأقباط تمتد كراهيتهم الى الاسلام دينا وعقيدته فى ( لا إله إلا الله ) لأنها تخالف عقيدتهم فى الثالوث . هم لا يعرفون أن المحمديين يؤلهون الإله الذى أسموه محمدا أكبر من تأليه المسيحيين للإله الذى أسموه عيسى . نحن أهل القرآن والأقباط خصوم فى الدين القلبى ( الإعتقادى ) ، وهذا مرجع الحكم فيه الى رب العزة جل وعلا القائل (قُلِ اللَّـهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴿٤٦﴾ الزمر )
5 ـ ولكن يتميز الأقباط والمسيحيون فى الشرق بكونهم مسالمين صابرين على الأذى الذى يلاقونه من المتطرفين المحمديين ، ونحن نعانى أيضا من الاضطهاد من نفس الناس ، ونحن مسالمون وهم كذلك ، أى يجمعنا الاسلام السلوكى أى السلام . 
6 ـ وفى حياتنا الدنيا فنحن مأمورين إسلاميا أن نتعامل معهم بالقسط وبالبر طالما لم يقاتلونا ولم يخرجونا من ديارنا . قال جل وعلا : ( لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴿٨﴾ الممتحنة ) قال جل بعدها عن الكافرين سلوكيا وقلبيا : ( إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴿٩﴾ الممتحنة ) . المتطرفون فى مصر يخرجون الأقباط من ديارهم ويسبون بناتهم ، وكذلك فعلت داعش . هل نسيتم داعش ؟ّ
7 ـ ثم إن من واجبنا إسلاميا الدفاع عن كل من يتعرض للظلم بغض النظر عن ملته وإعتقاده ، نحن ندافع عن الشيعة المضطهدين فى مصر والخليج ، وندافع عن السنيين المضطهدين فى ايران ، وعن المسلمين المضطهدين فى مينامار والصين . نحن مع المستضعفين فى الأرض ، ندافع عنهم ، ولا نريد منهم جزاءا ولا شكورا .

التعليقات

سعيد على

 خاتم النبيين عليهم السلام شخصية ظلمها التاريخ الإسلامي!

 ما أجمل و أدق هذا الوصف لخاتم النبيين عليه السلام .. هذه الشخصية الراقية .. هذا المفكر العظيم .. هذا الإنسان المعجون رحمة و رأفة و مودة .. هذه الشخصية الذكية و المتبعة للرسالة الخالدة بحذافيرها .. هذا النبي الخاتم عليه السلام و التحية و الإكرام ملك صبرا عظيما و تحمل في سبيل الرسالة و إبلاغها جهدا عظيما .. هذا الجميل ذو الخلق العظيم آخر أنبياء الله عليه و عليهم السلام انبرى أهل القرآن يدافعون عن ما نُسب إليه من كذب و بهتان و هم – أهل القرآن – يعلمون أن الحق جل و علاه كفاه المستهزئين.
خاتم النبيين عليه السلام حاشاه أن يتقّول على ربه فهو يخافه .. حاشاه أن يخالف قرآن ربه فهو أول المتبعين له و الناديين به و المبلغين به و الساعين بكل إخلاص و أمانة له و قد استراح عليه السلام بعد كم هائل من المخاطر و التضحيات بإتمامه بكل احترافية لهذا الدين العظيم بقول الحق جل و علا : ( اليوم أكملت لكم دينكم ).
في كتب الحديث و السيرة وصفا زورا و بهتانا لهذا النبي الرحيم .. في القرآن الكريم وصفا جميلا و دقيقا و راقيا لهذا النبي الرحيم فمن يحب خاتم النبيين الآن أهل القرآن الذين يصفونه كما وصفه رب العزة و الجلال بأنه ( خاتم النبيين ) و يدافعون عنه قرآنيا و يكذبون بكل الروايات التي دخلت بيته و غرف نومه و الأسلوب الغليظ في التعامل مع أعدائه بينما هو رحمة للعالمين أكرر للعالمين أكرر للعالمين.
نحن نتحدث هنا عن شخصية فريدة .. شخصية معجونة بالحب و الرأفة و الحكمة و كل هذه الصفات اكتسبها من القرآن الكريم فشخصيته بعد الوحي صقلت بآيات الله.عليه الصلاة و السلام.


   تعليق بواسطة  عمر على محمد     في   الثلاثاء 11 يونيو 2019

 أئمة الكفر الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا

 من روائع ما كتب الدكتور الفاضل احمد منصور هذا اروع ما قرأت .. بالقرأن الكريم  يثبت وحتما ينتصر من يعتصم به . ائمة الكفر السنيين هم  الاشد عداوة لانهم يملكون عشرات الفضائيات والمراكز والمساجد التي تصد عن كتاب الله . ويقول الله تعالى " وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ۙ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ " . هم  يطعنون بالدين ويعتبرونه ناقص تكملة السنه . والدكتور منصور حقا عليه قتالهم بالكلمة والموعظة الحسنة ولكن ابى الظالمون الا كفورا..

 تعليق بواسطة  آحمد صبحي منصور     في   الثلاثاء 11 يونيو 2019

 شكرا استاذ سعيد على وشكرا استاذ عمر على ، وأقول:

 1 ـ كل منهم يرى نفسه على صواب ويرى الآخرين على باطل ، ويستريح لهذا.
2
ـ نحن نعرض عقائدنا وأعمالنا وأقوالنا على القرآن الكريم نطلب الهداية ، أى نزكى أنفسنا ونطهرها بالقرآن ، وطالما نؤمن بالقرآن الكريم وحده حديثا فإن القرآن الكريم يمسُّ قلوبا صالحة للهداية . ( الواقعة 75 : 80 )
3
ـ أصحاب الديانات الأرضية يقدسون البشر والحجر ويحسبون أنهم يحسنون صنعا ( الكهف 102 : 106 ) وطالما رأوا عملهم السىء حسنا فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ( فاطر 8 )


 تعليق بواسطة  ابو مهند باجابر     في   الأربعاء 12 يونيو 2019

 مشركي اليوم اشد غدرا من مشركي قريش

 مسلسل الاغتيالات الذي يفعله اهل التراث المسموم لم يفعله كفار قريش في الماضي. على الاقل الانسان الشريف والذي يفتخر ويعتز بعروبته ورجولته لا يطعن انسان في ظهره ولا يغدر به.لكن مشركي اليوم عندهم الغدر هو شرف وجهاد في سبيل الله وقتل كل من انكر سنتهم المزعومه يستبيحوا دمه ويقتلوه غدرا ويفتخرون ويجعلوا من فعل هذا الفعل شهيدا يشفع لسبعين من اهله." قاتلهم الله آنا يؤفكون".
 

   تعليق بواسطة  يحيى الإلياسي     في   الإثنين 24 يونيو 2019

 أشكرك أستاذي العزيز على إيضاح موقفك.
وأود التعليق عليه. وأود أن أذكر أني قد تركت المسيحية ودخلت الإسلام. فلعل موقفي فيه بعض الحدّة تجاه المسيحيين.
أولاً: أود أن يطلع القراء الكرام على ما جاء في الكتاب المقدس عن أنبيائنا وأنبيائهم: سليمان كافر عابد للأصنام. داود سفّاح يحرق الناس في الأفران وينشرهم بالمناشير. وموسى مجرم يقتل الأطفال ويسبي العذارى. ويوشع بن نون يأمر بقتل الأطفال ويجعل ذلك إكراماً للرب. إلخ.. [أمور فظيعة لا تصدقها إلا إذا قرأتها بنفسك!]:

https://twitter.com/yahiaih/status/1033098801140191232
فالافتراء عندهم على الأنبياء وصل إلى كتابهم المقدس. [وما ذكرته هو أيضاً مقدس لدى اليهود].
ثانياً: ما أجده أن معظم الناس لا يأبهون كثيراً بدينهم. فالمسيحيون لا يقرؤون كتابهم المقدس ولا يهتمون بالعمل به. كثيراً ما أقول لأقاربي: أنتم كافرون-- كافرون بكتابكم المقدس!
وما وجدته لدى المسلمين [أو المنتسبين إلى الإسلام] هو أيضاً إهمال للقرآن العظيم.
فلعلها حال الناس: اتخذوا دينهم لهوا ولعباً.. ؟!؟!
على أية حال: المسيحيون أخذوا فكرة سيئة عن الإسلام. وهذا لا ألومهم فيه. ولكني ألومهم أشدّ اللوم أنهم يتهمون الإسلام بأمور هي جاءت في كتابهم المقدس [مثل الإجرام وظلم المرأة وغيره كثير] ولكنهم كما قلت لا يقرؤون. ولا يحبون أن يقرؤوا. وحتى ما قرؤوه [بالصدفة] لا يعملون به! (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين).

 

 تعليق بواسطة  آحمد صبحي منصور     في   الإثنين 24 يونيو 2019

 

شكرا استاذ يحيى أكرمك الله جل وعلا  

1 ـ مهمتنا هى إصلاح المحمديين بالقرآن الذى يزعمون الإيمان به ، ومهمتنا أيضا الدفاع عن المستضعفين ومنهم مسيحيون ضحايا للنظم المستبدة وضحايا للإرهابيين الوهابيين
2
ـ ناديت فى مقال هنا بإصلاح كنسى وكنت صديقا للقسيس الراحل ابراهيم عبد السيد ، وكان خصما للبابا شنودة . وفى كتاب ( تاريخ الكنيسة القبطية ) يوجد فصل فى تاريخ كل قرن عن الاشتقاقات عن الكنيسة ، هذا مع أن الأغلب على الكنيسة القبطية الهدوء والاستقرار . وتتميز به عن المسيحية الأوربية
3
ـ يظل الجميع أخوة لنا طالما هم مسالمون مثلنا . هم مثلنا يمارسون حريتهم الدينية ، وهم مثلنا سيكونون مسئولين عن إختيارهم الدينى يوم الدين أمام رب العالمين


   تعليق بواسطة  يحيى الإلياسي     في   الإثنين 24 يونيو 2019

  أعزك الله وأحسن إليك .

ما أردته هو: صحيح أن خاتم النبيين ظلمته كتب الروايات. ولكن ماذا عن باقي الأنبياء؟ اليهود والمسيحيون ظلموهم أكثر [كما تقدم في التعليق السابق] وصار ظلمهم لهم نصوصاً مقدسة في ما يسمونه  "الإنجيل" و "التوراة".
وبالطبع أنا مع الدفاع عن المستضعفين أياً كان انتماؤهم. وأرى أن نبرّ المسالمين - أيضاً أيا كان انتماؤهم.وأرجو لنا جميعاً الهداية.
أما بخصوص الإصلاح الكنسي فآمل أن يحصل. ولكن الطائفية أيضاً عندهم مشكلة: ما أعرفه عن الأرثوذكس "الأقباط" أنهم متعصبون ضد الكاثوليك والبروتستنت.والأهم: المسيحيون بصورة عامة يحتاجون إلى مراجعة كتابهم المقدس المليء بالفظائع، ولكنهم لا يبالون بما جاء فيه.. أحياناً أحاول أن أنصح أقاربي بالاطلاع على القرآن ولكني أجدهم لا يقرؤون كتابهم المقدس ذاته - كيف يهتدون إن كانوا غير مهتمين بالدين أصلاً؟
على أية حال أشكركم لجهودكم في الدفاع عن الإسلام وتبيان ما افتُري عليه في كتب الأحاديث وغيرها. وقد استفدت منكم كثيراً. وبالطبع أقدّر مهمتكم وأعرف كم كنتم تعانون من أجل ذلك في مصر.
والطبيعي أني أرى لنشأتي المسيحية بعض الأمور بصورة مختلفة. ولا شك أنك تتفهم ذلك.

 
المقال الثانى :

( عدو الله ) فى لمحة قرآنية

 

 1 ـ الله جل وعلا يرد على العداء بمثله نوعا من إستعمال اسلوب المشاكلة ، هذا فى قوله جل وعلا : ( مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّـهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ ﴾ 98 ) البقرة ). 
2 ـ عدو الله عند الموت : 
2 / 1 : الذى يموت كافرا يكون عدوا لربه جل وعلا ، أما خلال حياته الدنيا فهناك إحتمال التوبة ، وبالتوبة الصادقة ينتقل من خانة العداء للرحمن الى أولياء الرحمن ، وتبشره ملائكة الموت بأنه لا خوف عليهم ولا يحزنون . قال جل وعلا : ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ۙ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٣٢﴾ ) النحل) (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّـهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٦٢﴾ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴿٦٣﴾ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۚ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿٦٤﴾يونس) (إنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ﴿٣٠﴾نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴿٣١﴾ فصلت ). 
2 / 2 : أما الذى يموت بلا توبة من الكفر والعصيان فتبشره ملائكة بالنار. قال جل وعلا : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ ۖ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ ۚ بَلَىٰ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٢٨﴾فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴿٢٩﴾ النحل ) ، بل وتصفع وتركل نفسه بعد خروجها من جسدها . قال جل وعلا : ( وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا ۙ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴿٥٠﴾ ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّـهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ
) الانفال ) (فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ﴿٢٧﴾ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّـهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴿٢٨﴾ محمد). 
2 / 3 : بالموت يتحدد مصير الفرد ، هل هو من أولياء الله جل وعلا أو من أعدائه . 
3 ـ عدو الله فى الآخرة : هم أصحاب النار .
3 / 1 : سبحانه جل وعلا سيكون القاضى الأعظم فى ( محكمة الآخرة / يوم الفصل ) وهو الذى يقضى بالحق بين الناس ، قال جل وعلا : ( إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ﴿٧٨﴾ النمل ) ( إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴿١٧﴾ الجاثية ) (يَوْمَ هُم بَارِزُونَ ۖ لَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّـهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ۚ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِلَّـهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴿١٦﴾ الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۚ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴿١٧﴾ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ ۚ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴿١٨﴾ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴿١٩﴾ وَاللَّـهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ ) غافر ) .
3 / 2 : اشد الناس عداءا لرب العزة جل وعلا هم الكهنوت الذين كانوا يتخصصون فى الدنيا فى إضلال الناس والتجارة بالدين يجعلون أنفسهم وسطاء بين الناس ورب الناس . بعملهم يضعون أنفسهم خصما لرب العزة جل وعلا الذى لم يعطهم تفويضا بذلك . أصحاب الفضيلة واصحاب القداسة والبابا وشيخ الاسلام والإمام الأكبر وروح الله وحجة الله ... سيكونون خصوما للقاضى الأعظم يوم القيامة وأكبر أعدائه . يوم الفصل لن يكلمهم الله جل وعلا ولا ينظر اليهم ولا يزكيهم ، ويتعجب رب العزة من صبرهم على النار. قال جل وعلا عن أعدى أعدائه : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۙ أُولَـٰئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّـهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١٧٤﴾ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ ۚ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ﴿١٧٥﴾ البقرة ) . هذا فى الآخرة .
4 ـ عدو الله فى الدنيا هو طبقا لكفره السلوكى ، أى طبقا لصفاته وليس لذاته . مثل :
4 / 1 : قريش : 
4 / 1 / 1 : التى أخرجت النبى والمؤمنين من ديارهم وأموالهم ، فإستحقوا أن يكونوا أعداءا لله جل وعلا وللمؤمنين . قال جل وعلا للمؤمنين فى أوائل إستقرارهم فى المدينة : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ۙ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّـهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي ۚ تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ ۚ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴿١﴾ الممتحنة ). هنا تهديد للصحابة المهاجرين أن يجعلهم الله جل وعلا ضالين ومن أعدائه إذا والوا أهاليهم القرشيين بعد أن أخرجوهم وأخرجوا الرسول . 
4 / 1 / 2 : وإستمرت قريش بعد الهجرة تعتدى على المسلمين المسالمين ، فأمر رب العزة المؤمنين بالاستعداد العسكرى لارهابهم . قال جل وعلا : ( وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّـهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّـهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴿٦٠﴾ الانفال ). هم بذلك إستحقوا وصف رب العزة لهم بأنه أعداء الله وأعداء المؤمنين .
4 / 1 / 3 يلفت النظر قوله جل وعلا : 
4 / 1 / 3 / 1 : (عَدُوَّ اللَّـهِ وَعَدُوَّكُمْ ): بإعتدائهم أصبحوا أعداء لله جل وعلا والمؤمنين.
4 / 1 / 3 / 2 : ( وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّـهُ يَعْلَمُهُمْ ):وهؤلاء الآخرون الذين لا يعرفهم النبى والمؤمنون هم الصحابة الذين مردوا على النفاق ، وقد وصفهم رب العزة نفس الوصف فقال : (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ ﴿١٠١﴾ التوبة ). سيموتون بكفرهم وضلالهم دون توبة وسيعذبهم رب العزة جل وعلا مرتين فى الدنيا ( بعد موت النبى ) ثم هم خالدون فى الجحيم . إنهم الخلفاء الفاسقون المجرمون الذين إرتكبوا جريمة الفتوحات .
4 / 2 : فرعون موسى . قال جل وعلا يخاطب موسى : ( إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ ﴿٣٨﴾ أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ ۚ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي ﴿٣٩﴾ طه ). فرعون موصوف هنا بأنه ( عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ ). اى عدو لموسى ورب موسى . 
4 / 3 : الدولة الاسلامية قائمة على حرية الدين وحرية السياسة باالديمقراطية المباشرة والرحمة والعدل والمواطنة المتساوية لكل المواطنين بغض النظر عن الدين والمذهب والجنس واللون والمستوى الافتصادى . فيها يضمن المواطن كافة حقوقه . الذى يتمتع بكل هذه الحقوق ثم يخرج على هذه الدولة رافعا السلاح يقتل ويسلب ويغتصب ويروع المسالمين يكون محاربا لله جل وعلا ورسوله مفسدا ، وعقابه مساو لجُرمه . قال جل وعلا : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴿٣٣﴾ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٣٤﴾ المائدة ). 
4 / 4 : قال جل وعلا عن والد ابراهيم ( آزر ) : ( وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّـهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ۚإِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ﴿١١٤﴾ التوبة ). كان كافرا داعية للكفر وقف موقفا معاديا وفظّا من إبنه ، وظل إبنه يستغفر له آملا فى توبته ، ثم تأكد من إستحالة توبته بعد وصولة مرحلة الشيخوخة فتبرأ منه. 
4 / 5 : رب العزة جل وعلا دعا فى سورة مكية الى إعطاء الفقراء صدقة بدلا من إعطائهم قروضا بالربا . قال جل وعلا : (فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿٣٨﴾ وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّـهِ ۖ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ﴿٣٩﴾ الروم ). وفى المدينة نزلت آيات تحث على الصدقة وتضع قواعدها وآدابها ثم قال جل وعلا بعدها : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّـهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّـهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿٢٧٥﴾ يَمْحَقُ اللَّـهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ﴿٢٧٦﴾ البقرة )، هذا لأن بعض الأثرياء فى المدينة ظلوا يعطون الفقراء مستحقى الصدقة قروضا بربا ، فقال لهم رب العزة جل وعلا مهددا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿٢٧٨﴾ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴿٢٧٩﴾ وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ۚ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴿٢٨٠﴾ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّـهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴿٢٨١﴾ البقرة ). يهمنا هنا هو إعلان رب العزة جل وعلا الحرب عليهم (فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِۖ ). وهذا يعنى العداء الإلهى لهم . 
5 ـ فى تطبيق هذا فى عصرنا :
القرآن الكريم هو رسالة الهداية الربانية للبشرية الى قيام الساعة . القرآن الكريم ليس كتابا لزمان او مكان محدد ، بل خطابه للناس ولبنى آدم ، وحديثه عن صفات ( الذين آمنوا والذين كفروا والذين أشركوا ، والفاسقين والمجرمين والمتقين والمسرفين والمحسنين ..الخ ) ، أى لكى ينطبق على الفرد الذى ينطبق عليه الوصف فى أى زمان ومكان . ويمكن لمن يتدبر القرآن فى عصرنا أن يطبق حكم الكافرين أو المسرفين أو المؤمنين على أشخاص بعد عصر خاتم النبيين عليهم جميعا السلام ، فالآيات الكريمة السابقة عن أكلى الربا يمكن بسهولة تطبيقها فى عصرنا على من يعطى قروضا للفقراء بالربا ، أو ( ربا الصدقة ). 
6 ـ وعموما تتنوع الحالات كالآتى : 
6 / 1 : الشخصيات التاريخية التى ماتت ولا علم لنا بها إلّا من خلال المكتوب عنها ، وهم نوعان : سياسيون وأئمة 
6 / 1 / 1 : الشخصيات السياسية : كالخلفاء والسلاطين والملوك والحكام ، وهم نوعان :
6 / 1 / 1 / 1 : حكام راشدون مثل عمر بن عبد العزيز ( مات مسموما عام 101 هجرية ) والخليفة العباسى المهتدى (مقتول عام 256 هجرية )، وهوالذى حاول تقليد عمر بن عبد العزيز .
6 / 1 / 1/ 2 : حكام فجرة كفرة أسرفوا على أنفسهم . وهم أيضا نوعان : 
6 / 1 / 1 / 2 / 1 : مستبدون علمانيون لم يبرروا جرائمهم بدين الله جل وعلا، مثل هتلر ولينين وموسولينى . هؤلاء ظلموا الناس فقط . 
6 / 1 / 1 / 2 / 2 : مستبدون إستخدموا إسم رب العزة فى تبرير جرائمهم وسفكهم الدماء ، وينطبق هذا على الخلفاء بدءا من أبى بكر الصديق وحتى الخليفة العثمانى فى عصرنا الحديث . وهم الأشد عداوة لرب العزة ، إذ ظلموا رب العزة قبل أن يظلموا الناس .
6 / 1 / 2 : هذا بعرض أعمالهم على كتاب الله جل وعلا . تاريخهم مسجل ، ولا علم لنا بهم إلا من خلال هذا التاريخ . وبه نحكم علي أعمالهم مسترشدين بالقرآن ، إن إتفقت أو إختلفت مع شرع الرحمن جل وعلا. 
6 / 2 : الأئمة : أئمة الأديان الأرضية . أمثال : مالك والشافعى وابن حنبل والبخارى ومسلم والبيهقى وابن الجوزى وابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب والكلينى والغزالى والشعرانى ـ وكلهم لهم مؤلفات منسوبة لهم . لا نهتم بأشخاصهم ، ليس لنا أن نحكم على ( إبن برزدويه ) وهو الإسم الحقيقى للبخارى . الذى نحكم عليه هو كتاب البخارى ، وايضا كتب الشافعى والكلينى والشعرانى وكتب ابن عبد الوهاب. وبعرضها على كتاب الله (الميزان ) نراهم من خلال تلك الكتب الأشد عداوة لرب الناس . 
6 / 3 : الشخصيات المعاصرة وهم أيضا نوعان : سياسيون وائمة . منهم سياسيون ماتوا فى عصرنا مثل ( عبد الناصر والسادات وشاه ايران وبورقيبة والملك عبد العزيز آل سعود والملك حسين ..الخ ) ومنهم شيوخ ماتوا فى عصرنا مثل : الامام محمد عبده ورشيد رضا والشيخ شلتوت ،وابن باز ومحمد الغزالى والشعراوى وشيخ الأزهر السابق محمد سيد طنطاوى والألبانى ..الخ . ومن الحكام السابقين من لا يزال حيا مثل مبارك وبن على ، ومنهم من لا يزال فى السلطة . ومن شيوخ اليوم الأحياء القرضاوى والسيستانى . 
والحكام فى عصرنا من مات حديثا ، منهم من كان يحكم مستبدا بلا تسويغ دينى مثل عبد الناصر وبورقيبة وبن على وصدام والقذافى ، ومنهم من تمسح بالدين كعبد العزيز آل سعود والسادات والخمينى . ونفس الحال مع حكام اليوم من الدول الدينية فى ايران والسعودية الى الدول العسكرية فى مصر والعراق والشام وشمال أفريقيا . 
6 / 3 / 1 : من مات ممن عاصرناهم فنحن شهود عليهم سواء كانوا حكاما أو علماء دين . وكتبهم منشورة وأقوالهم معروفة ، ومواقفهم مسجلة ، وضحاياهم بالملايين وسرقاتهم بالبلايين . وبعرضها على القرآن نجد منهم أعداء الله ، ومنهم الأشد عداءا له جل وعلا . العلمانى أقل عداءا لرب العزة من الذى يستغل إسم الله جل وعلا فى الظلم وفى الإضلال . 
6 / 3 / 2 : الذى لا يزال حيا يرزق منهم من بلغ أرذل العمر مثل القرضاوى ، ولم يتب ، ومنهم من لا يزال فى منتصف العمر ، ونرجو له التوبة . وهؤلاء نتعشم أن يراجعوا أنفسهم قبل أن يموتوا وهم أعداء للرحمن جل وعلا .

 

التعليقات

 عمر على محمد    في   الأربعاء 12 يونيو 2019

  اعداء الله الاحياء

السلام عليكم
ومازال اعداء الله الاحياء  يقرأون قوله تعالي : وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ.
وعند العرض سيقول لهم سبحانه : حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٨٤﴾ وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنطِقُونَ )
الان لهم عشرات المحطات الفضائية ومئات المحطات الاذاعية والالف من المواقع المنتشره على الانترنت  ينطقون بها  ولكن يوم يحشرهم ويسألهم " أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي " .. لن ينطقوا بشيء..

 

 تعليق بواسطة  مصطفى اسماعيل حماد     في   الخميس 13 يونيو 2019

  خطأ مطبعى

فى الفقرة 2|2سقطت كلمة الموت من ملائكة الموت
فى الفقرة4|1| |1زيد ألف التنوين بعد كلمة أعداء
فى الفقرة4| 3زيد ألف الوصل فى كلمة بالديموقراطية وفى السطر الثانى جاء حرف الفاء بدلا من القاف فى كلمة الإقتصادى.
كنت أتمنى أن تذكر خواتيم سورة الزمر فى مشهد الفصل و القضاء يوم القيامة ففى رأيى أن هذه الآيات جسدت الموقف بأروع ما يكون التعبير.
 

   تعليق بواسطة  آحمد صبحي منصور     في   الخميس 13 يونيو 2019

 شكرا استاذ عمر ، وشكرا د مصطفى حماد

 أكرمكما رب العزة جل وعلا ، وجزاكما خيرا

 

المقال الثالث :
لمحة تاريخية عن ( عدو الله ) فى خلافة (على بن أبى طالب )
  
مقدمة :
1 ـ المؤمن المتقى يحنى رأسه لربه جل وعلا فى الركوع والسجود ، ليس فقط حسيا وماديا فى الصلاة بل معنويا وسلوكيا فى عموم الطاعة . الباحث المتدبر للقرآن الكريم حين يحتكم اليه فى أعمال الناس وأفعالهم يلتزم بهذه الطاعة تاركا هواه الشخصى وما عاش عليه من ثوابت . هنا تكون عبوديته لربه جل وعلا . على العكس من ذلك ترى باحثين يقدسون الخلفاء والصحابة ، لا يعترفون بأن الفتوحات والحروب الأهلية فى عصر الخلفاء هى عصيان لرب العزة جل وعلا ، وأن أولئك الصحابة إقترفوا هذا وذاك بإسم الرحمن ، أى هم خصوم وأعداء للخالق جل وعلا . هؤلاء الباحثون يناصرون الخلفاء وصحابة الفتوحات على رب العزة جل وعلا ، ويكونون مشاركين لهم فى ظلم رب العالمين ، أو مظاهرين مؤيدين لهم فى ظلمهم لرب العزة جل وعلا ، قال جل وعلا عن هذا الصنف من البشر : ( وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِ ظَهِيرًا ﴿٥٥﴾ الفرقان ) . 
2 ـ الخلفاء وصحابة الفتوحات لم يقوموا بالغزو والسبى والسلب والقتل والاحتلال والظلم والقهر تحت شعار دنيوى ، ولو فعلوا ذلك لكان ظلمهم للناس فقط ، ولكنهم حين رفعوا إسم رب العزة فقد ظلموا رب الناس . لا نملّ بالتذكير بهذه الحقيقة لنواجه إصرار المُضلّلين على تقديس صحابة الفتوحات عداءا لرب العالمين . فيما يخص موضوعنا فإن صحابة الفتوحات برروا إعتداءهم وغزوهم وإحتلالهم بأن تلك الأمم كافرة ، وأن اولئك الخلفاء والصحابة هم المخولون من رب العزة جل وعلا لغزوهم وإحتلالهم . 
3 ـ فى كتابات لنا سبقت ( عن الصلاة ) إستشهدنا بإتهامهم أهل البلاد المفتوحة بالكفر ، وحتى حين كانوا يثور أهل البلاد المفتوحة لرفع الظلم الواقع بهم فقد كانت ثورتهم توصف بالكفر ، كمثل قول الطبرى ( وكفر أهل أرمينية زمان معاوية .. ) . 
4 ـ المصيبة العظمى أن صحابة الفتوحات إعتبروا رب العزة جل وعلا تابعا لهم . وأستغفر الله جل وعلا من الاضطرار الى كتابة هذه الجملة ، ولكنها التفسير الوحيد للكفر الفظيع للخلفاء وصحابة الفتوحات . ونستشهد بما أورده الطبرى فى رسالة حبيب بن مسلمة الى أهل تفليس ( فى جورجيا ) وهى عاصمتها الآن . نقرأ الرسالة : ( بسم الله الرحمن الرحيم . هذا كتاب من حبيب بن مسلمة لأهل تفليس من جرزان أرض الهرمز بالأمان على أنفسكم وصوامعكم وبيعكم وصلواتكم ،على الإقرار بصغار الجزية على كل أهل بيت دينار واف ، ولنا نصحكم ونصركم على عدو الله وعدونا .. ومن تولى عن الله ورسله وكتبه وحزبه فقد آذناكم بحرب على سواء ، إن الله لا يحب الخائنين . شهد عبدالرحمن بن خالد والحجاج وعياض وكتب رباح وأشهد الله وملائكته والذين آمنوا وكفى بالله شهيدا ) . شعب جورجيا لم يقم بالاعتداء على العرب بل ربما لم يكن له علم بالعرب ، ولكن كفار العرب هجموا عليهم فى بلادهم ، ويطلبون منهم الجزية وأن يكونوا لهم عونا على العدو. وفى الرسالة وصف العدو بأنه ( عدو الله وعدونا ) فمن كان عدوا لهم أصبح عدوا لله .!!. وإذا رفض أهل تفليس فهم بالتالى أعداء الله ورسله وكتبه ، ويتعين حربهم . ثم جعلوا الله جل وعلا شهيدا معهم. نضطر الى القول بأنهم جعلوا رب العزة جل وعلا تابعا لهم وجعلوه عدوا لمن يعاديهم ، أى جعلوا أنفسهم فوق رب العزة جل وعلا ، وكفى به كفرا فظيعا . 
5 ـ الفتنة الكبرى نتجت عن الفتوحات حين إختلف الفاسقون على توزيع الغنائم . وكما جعلوا رب العزة جل وعلا تابعا لهم فى الفتوحات فقد جعلوه أيضا تابعا لهم فى حروبهم الأهلية ، كل منهم يحتكر رب العزة جل لنفسه ، ويجعل أعداءه أعداءا لرب العزة . ونعطى أمثلة من بين سطور تاريخ الطيرى فى خلافة على ابى طالب .
أولا : فى موقعة صفين :
1 ـ يقول الطبرى عنها : ( ثم خرج ( أى على بن أبى طالب ) يريد معاوية بن أبي سفيان ومن معه بالشام ، فبلغ ذلك معاوية فخرج فيمن معه من أهل الشام ، والتقوا بصفين ، في صفر سنة سبع وثلاثين ، فلم يزالوا يقتتلون بها أياما ..وقتل بصفين عمار بن ياسر وخزيمة بن ثابت وأبو عمرة المازني وكانوا مع علي ...) 
2 ـ وعن إستعمال مصطلح ( عدو الله ) نراه فى خطبة عمار بن ياسر فى موقعة صفين يصف بها معاوية واصحابه . يروى الطبرى : ( وخرج اليوم الثالث عمار بن ياسر وخرج إليه عمرو بن العاص فاقتتل الناس كأشد القتال ، وأخذ عمار يقول يا أهل العراق أتريدون أن تنظروا إلى من عادى الله ورسوله وجاهدهما وبغى على المسلمين وظاهر المشركين فلما رأى الله عز وجل يعز دينه ويظهر رسوله أتى النبي فأسلم وهو فيما نرى راهب غير راغب ثم قبض الله عز وجل رسوله فوالله إن زال بعده معروفا بعداوة المسلم وهوادة المجرم فاثبتوا له وقاتلوه فإنه يطفئ نور الله ويظاهر أعداء الله عز وجل .). 
ثانيا : التحكيم . 
1 ـ إقترب جيش (على ) من النصر فأشار عمرو بن العاص على معاوية برفع المصاحف على الرماح دعوة الى تحكيم القرآن . ورفض (على ) فأرغمه الأعراب من أتباعه على قبول التحكيم . يروى الطبرى : ( ورفع أهل الشام المصاحف يدعون إلى ما فيها ، مكيدة من عمرو بن العاص، أشار بذلك على معاوية وهو معه، فكره الناس الحرب ، وتداعوا إلى الصلح. وحكّموا الحكمين ، فحكّم علي أبا موسى الأشعري وحكّم معاوية عمرو بن العاص ، وكتبوا بينهم كتابا ؛ أن يوافوا رأس الحول بأذرح فينظروا في أمر هذه الأمة،فافترق الناس ،فرجع معاوية بالألفة من أهل الشام ، وانصرف علي إلى الكوفة بالاختلاف والدغل . ) 
2 ـ وجاءت نتيجة التحكيم لصالح معاوية بسبب خداع عمرو لأبى موسى الأشعرى ويقول الطبرى : ( واجتمع الناس بأذرح في شعبان سنة ثمان وثلاثين ، وحضرها سعد بن أبي وقاص وابن عمر وغيرهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقدم عمرو أبا موسى فتكلم فخلع عليا وتكلم عمرو فأقر معاوية وبايع له، فتفرق الناس على هذا‏.‏ ).
3 ـ وأدى التحكيم الذى فرضه الأعراب التابعون ل ( على ) على ( على ) الى خروجهم على (على ) وأصبحوا ( الخوارج ) . وقد أفنى (على ) معظمهم فى موقعة ( النهروان ). يقول الطبرى : ( فخرجت عليه الخوارج من أصحابه ومن كان معه وقالوا : لا حكم إلا الله وعسكروا بحروراء .فبذلك سموا الحرورية . فبعث إليهم علي عبد الله بن عباس وغيره فخاصمهم وحاجّهم، فرجع منهم قوم كثير. وثبت قوم على رأيهم، وساروا إلى النهروان ، فعرضوا للسبيل ، وقتلوا عبد الله بن خباب بن الأرت . فسار إليهم علي فقتلهم بالنهروان ..وذلك سنة ثمان وثلاثين. )
ثالثا : فى الصراع بين (على ) والخوارج 
4 ـ وفى العداء بين (على ) والخوارج ورد مصطلح ( عدو الله ) . 
4 / 1 : يقول الطبرى عن حالة جيش (على ) بعد صفين : ( خرجوا مع علي إلى صفين وهم متوادون أحباء فرجعوا متباغضين أعداء ما برحوا من عسكرهم بصفين حتى فشا فيهم التحكيم ولقد أقبلوا يتدافعون الطريق كله ويتشاتمون ويضطربون بالسياط يقول الخوارج يا أعداء الله أدهنتم في أمر الله عز وجل وحكمتم وقال الآخرون فارقتم إمامنا وفرقتم جماعتنا ) الخوارج يصفون عليا وأصحابه ب ( اعداء الله ) . 
4 / 2 : وانطلق الخوارج يقتلون من يرونه مؤيدا ل (على ) حتى لو كان مسالما. فقتلوا عبد الله بن خباب بن الأرت وبقروا بطن إمرأته . وقطّعوا بسيوفهم رجلا فارسيا مسلما مسالما لأنه كان يحب عليا بن أبى طالب. ووصفوه بأنه عدو الله.!. يروى الطبرى أن رسالة جاءت ل (على) من تابعه قرظة بن كعب الأنصارى ، يقول فيها : ( بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإني أخبر أمير المؤمنين أن خيلا مرت بنا من قبل الكوفة متوجهة نحو نفر وإن رجلا من دهاقين أسفل الفرات قد صلى يقال له زاذان فروخ أقبل من قبل أخواله بناحية نفر فعرضوا له فقالوا : أمسلم أنت أم كافر ؟ فقال: " بل أنا مسلم" . قالوا : " فما قولك في علي ؟" قال : " اقول فيه خيرا .. " فقالوا له : " كفرت يا عدو الله . " .! ثم حملت عليه عصابة منهم فقطعوه . ). هو نفس الاستجواب الذى تعرض له عبد الله بن خباب بن الأرت قبل أن يقتلوه وزوجته. 
4 / 3 : وتردد نفس المصطلح فى المواجهة الحربية بين (على ) والخوارج فى موقعة النهروان. يروى الطبرى : ( وأقبلت الخوارج فلما أن دنوا من الناس نادوا يزيد بن قيس فكان يزيد بن قيس على إصبهان فقالوا :" يا يزيد بن قيس لا حكم إلا لله وإن كرهت إصبهان " فناداهم عباس بن شريك وقبيصة بن ضبيعة العبسيان : " يا أعداء الله أليس فيكم شريح بن أوفى المسرف على نفسه .) هنا أحد أتباع (على ) يصف الخوارج ب (أعداء الله ) . 
4 / 4 : وانهزم خوارج حروراء سريعا . " وجاء أبو أيوب الأنصارى الى (على ) وقد قتل زعيم الخوارج زيد بن حصين . تقول الرواية : ( أن أبا أيوب أتى عليا فقال " " يا أمير المؤمنين قتلت زيد بن حصين ." قال : " فما قلت له وما قال لك ؟ قال : " طعنته بالرمح في صدره حتى نجم من ظهره . " . ..وقلت له " " أبشر يا عدو الله بالنار" ، قال : " ستعلم أينا أولى بها صليا . ). كل منهما يجعل الآخر ( عدو الله ).!! 
رابعا : فى قتل محمد بن أبى بكر والى مصر من طرف (على بن أبى طالب ) 
1 ـ أرسل (علي) واليا له على مصر هو (محمد بن أبي بكر الصديق ) ، وأرسل معاوية لحرب محمد بن أبى بكر فى مصر فاتحها الأول ( عمرو بن العاص ) وانتهى الأمر بهزيمة ابن أبى بكر وقتله وحرق جثته . 
2 ـ وارسل عمرو بن العاص قائده ( معاوية بن حديج السكوني ) الذى هزم محمد بن أبى بكر وطارده حتى ألجأه الى خرابة إختفى فيها جريحا عطشان . يروى الطبرى : (.. فاستخرجوه وقد كاد يموت عطشا .. .. فقال لهم محمد : "اسقوني من الماء ".! . قال له معاوية بن حديج : " لا سقاه الله إن سقاك قطرة أبدا .إنكم منعتم عثمان أن يشرب الماء حتى قتلتموه صائما محرما ، فتلقاه الله بالرحيق المختوم والله لأقتلنك باابن أبي بكر فيسقيك الله الحميم والغساق " قال له محمد : " يابن اليهودية النساجة ليس ذلك إليك وإلى من ذكرت ، إنما ذلك إلى الله عز وجل يسقي أولياءه ويظميء أعداءه أنت وضرباؤك ومن تولاه أما والله لو كان سيفي في يدي ما بلغتم مني هذا ". قال له معاوية " " أتدري ما اصنع بك ؟ أدخلك في جوف حمار ثم أحرقه عليك بالنار .! " فقال له محمد : " إن فعلتم بي ذلك فطالما فعل ذلك بأولياء الله ، وإني لأرجو هذه النار التي تحرقني بها أن يجعلها الله علي بردا وسلاما كما جعلها على خليله إبراهيم ، وأن يجعلها عليك وعلى أوليائك كما جعلها على نمروذ وأوليائه إن الله يحرقك ومن ذكرته قبل وإمامك (يعني معاوية ) وهذا ( وأشار إلى عمرو بن العاص ) بنار تلظى عليكم كلما خبت زادها الله سعيرا " . قال له معاوية : " إني إنما أقتلك بعثمان " . قال له محمد : " وما أنت وعثمان؟ إن عثمان عمل بالجور ونبذ حكم القرآن وقد قال الله تعالى ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) فنقمنا ذلك عليه فقتلناه، وحسنت أنت له ذلك ونظراؤك ، فقد برأنا الله إن شاء الله من ذنبه ، وأنت شريكه في إثمه وعظم ذنبه وجاعلك على مثاله. " قال فغضب معاوية فقدمه فقتله ثم ألقاه في جيفة حمار ثم أحرقه بالنار.) نستشهد بهذا الحوار لإثبات أن كل فريق يجعل نفسه ( ولى الله ) ويجعل عدوه ( عدو الله ) ، وهم جميعا يتقاتلون فى سبيل إلاههم الأعظم هو المال. 
3 ـ وبعث عمرو بن العاص يبشر معاوية بن أبى سفيان بقتل محمد بن ابى بكر ، ويقول له : ( أما بعد فإنا لقينا محمد بن أبي بكر وكنانة بن بشر في جموع جمة من أهل مصر ، فدعوناهم إلى الهدى والسنة وحكم الكتاب ، فرفضوا الحق وتوركوا في الضلال ، فجاهدناهم واستنصرنا الله عليهم ، فضرب الله وجوههم وأدبارهم ، ومنحونا أكتافهم . فقتل الله محمد بن أبي بكر وكنانة بن بشر وأماثل القوم والحمد لله رب العالمين والسلام عليك ) . هم قتلوا محمدا بن ابى بكر ويجعلون الله جل وعلا هو الذى قتله .!
4 ـ أما (على ) فحين بلغه قتل محمد بن ابى بكر فجمع الناس وخطب فيهم. يروى الطبرى : ( فقام علي في الناس وقد أمر فنودي الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس ، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد ، ثم قال : " أما بعد فإن هذا صريخ محمد بن أبي بكر وإخوانكم من أهل مصر قد سار إليهم ابن النابغة عدو الله وولي من عادى الله فلا يكونن أهل الضلال إلى باطلهم والركون إلى سبيل الطاغوت أشد اجتماعا منكم على حقكم هذا ، فإنهم قد بدؤوكم وإخوانكم بالغزو فاعجلوا إليهم بالمؤاساة والنصر. عباد الله إن مصر أعظم من الشام أكثر خيرا وخير أهلا فلا تغلبوا على مصر فإن بقاء مصر في أيديكم عز لكم . ) . (على ) يسمّى ( عمرو بن العاص ) ( ابن النابغة ) . النابغة هى أم عمرو بن العاص ، وكانت عاهرة يتعاقب عليها الرجال ، وحين ولدت عمرا نسبته الى العاص لأنه كان الأكثر مالا. و (على ) يصف عمرو بن العاص بأنه (عدو الله وولي من عادى الله ). ونتعرف على الهدف الأكبر للقتال وهو حطام الدنيا ، يقول (على ) فى تحريضه لأتباعه : ( عباد الله إن مصر أعظم من الشام أكثر خيرا وخير أهلا فلا تغلبوا على مصر فإن بقاء مصر في أيديكم عز لكم ). (على بن ابى طالب ) يعبد المال ويجعل رب العزة جل وعلا تابعا له ، من يعادى عليا وينازعه فى حطام الدنيا يكون عدوا لله لأنه عدو ل (على ). هل هناك كفر أقظع من هذا ؟ 
خامسا : ( على ) يقاتل من تركه من أتباعه ويسبى ذريتهم :
1 ـ بفشل (على ) تفرق عنه بعض أتباعه ، ومنهم من إرتد ومنهم من إعتنق النصرانية . لم يتركهم (على ) فى حالهم ، أرسل اليهم جيشا يقوده معقل بن قيس . 
2 ـ يروى الطبرى عن أحد جنود هذا الجيش : ( كنت في الجيش الذين بعثهم علي بن ابي طالب إلى بني ناجية ..قال فانتهينا إليهم فوجدناهم على ثلاث فرق فقال أميرنا لفرقة منهم : " ما أنتم ؟ " قالوا : " نحن قوم نصارى لم نر دينا أفضل من ديننا فثبتنا عليه ". فقال لهم : " إعتزلوا." ، وقال للفرقة الأخرى : " ما أنتم ؟ " قالوا : " نحن كنا نصارى فأسلمنا فثبتنا على إسلامنا . " ، فقال لهم : إعتزلوا ." ثم قال للفرقة الأخرى الثالثة : " ما أنتم ؟ " قالوا : " نحن قوم كنا نصارى فأسلمنا فلم نر دينا هو أفضل من ديننا الأول . " فقال لهم : " أسلموا ؟ " فأبوا ، فقال لأصحابه: " إذا مسحت رأسي ثلاث مرات فشدوا عليهم فاقتلوا المقاتلة واسبوا الذرية " . فجيء بالذرية إلى علي فجاء مصقلة بن هبيرة فاشتراهم بمائتي ألف فجاء بمائة ألف فلم يقبلها علي ، فانطلق بالدراهم ، وعمد إليهم مصقلة فأعتقهم ، ولحق بمعاوية . ) أى ترك عليا ولحق بمعاوية . (على ) هنا يسبى ذرية قوم مسالمين ، ويبيعهم مقابل المال .!! 
سادسا : فى إغتيال (على ) 
5 ـ إغتال الخارجى عبد الرحمن بن ملجم عليا وهو على وشك أن يصلى الفجر ، وقبضوا على القاتل ، وأدخلوه على (على ) وبه رمق . يقول الطبرى : (.. فأدخل عليه ثم قال : " أي عدو الله ألم أحسن إليك ؟" . قال : " بلى". قال " " فما حملك على هذا ؟ " قال : " شحذته أربعين صباحا وسألت الله أن يقتل به شر خلقه. ) . (على ) وهو يجود بآخر أنفاسه يصف ابن ملجم ب ( عدو الله ) ، ويصفه ابن ملحم بأنه ( شر خلق الله ). 
أخير : نكتة مؤلمة : 
1 ـ الذين يقدسون صحابة الفتوحات عليهم أن يقولوا : ( سيدنا على بن ابى طالب عدو الله كان خصما لسيدنا معاوية عدو الله وكان خصما لسيدنا عمرو بن العاص عدو الله ، وسيدنا عمرو بن العاص عدو الله قتل سيدنا محمدا بن أبى بكر عدو الله ، وسيدنا عمار بن ياسر عدو الله حارب سيدنا عمرو عدو الله ..) وهكذا .. 
2 ـ وشر البلايا ما يُضحك .!!

 

التعليقات

بن ليفانت  

عدو الله
السلام عليكم
عندما تتخاصم او تتحارب طائفتان، فكل طائفة ترى نفسها صاحبة الحق وتعتبر الطائفة الاخرى عدوا لها، وعندما تتبع كلا الطائفتان دينا واحدا، ترى كل طائفة نفسها على حق وأنها تسير على ما أمر الله وتدعوا الله أن يكون نصيرها، وتعتبر الاخرى على باطل، وأنها عدوة للله. التخاصم والتحارب ليس شيئا غريبا، حتى أن القرءآن قد ذكره في الآية 9 من سورة الحجرات: (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّـهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴿الحجرات: ٩﴾).
جدير بالذكر أيضا ما جاء في مقالكم: "وأن أولئك الصحابة إقترفوا هذا وذاك بإسم الرحمن، أى هم خصوم وأعداء للخالق جل وعلا"، فهؤلاء تعتبرونهم انتم أيضا أعداء الله.
من سوء الحظ (أو من حسنه) في ذلك الزمان عدم وجود هيئة الامم لحل المشاكل والخصومات بين تلك الدول والطوائف.

  
تعليق بواسطة  آحمد صبحي منصور     في   الجمعة 14 يونيو 2019

 شكرا استاذ بن ليفانت ،  

1 ـ فى بداية المقال أوضحت الموقف . الباحث القرآنى يحتكم الى رب العزة فى كتابه الكريم ، وليست له مصلحة شخصية مع هذا أو ذاك ، وعنده حق الله جل وعلا فوق كل شىء
2
ـ هؤلاء المتحاربون هدفهم الأكبر هو السلطة والثروة ، وكل منهم يجعل الله جل وعلا تابعا له ، ويجعل عدوه عدوا لله جل وعلا ، دون أن يأخذ تصريحا من رب العزة جل وعلا، أى يخول لنفسه الحديث بإسم رب العزة جل وعلا ظلما لرب العزة جل وعلا . هذا هو حضيض العداوة لله جل وعلا. يلحق بهم من يظاهرهم فى عدوانهم على رب العزة جل وعلا
3
ـ كل عام وانتم بخير

 

المقال الرابع

 

لمحة تاريخية عن ( عدو الله ) فى عصر معاوية ويزيد بن معاوية

 

 مقدمة : نواصل تتبع ما بين سطور تاريخ الطبرى فى الاتهامات المتبادلة ب ( عدو الله ( أعداء الله ) بين الصحابة والتابعين فى العصر الأموى . 
أولا : زياد ابن أبيه 
1 ـ كان مجهول الأب من أم غانية تخدم فى حانة . ولكن تميز بعبقرية سياسية جعلت على بن أبى طالب يعينه واليا على فارس ، فضبط أحوالها ، وأخضعها ل( على ). ثم إختلف مع ( على ) بسبب الأموال ، ولم يستطع ( على ) إخضاعه . بعد مقتل (على ) عام 40 هجرية ظل زياد بن أبيه معتصما فى فارس ومعه الأموال والجند فأفزع معاوية . توسط المغيرة بن ابى شعبة فى الصلح بين معاوية وزياد بن أبيه ، وتم الصلح على أن يدخل زياد فى طاعة معاوية تاركا موقعه فى فارس ، وأن يتنازل عن بعض أمواله لمعاوية ، كل ذلك مقابل أن يعترف معاوية بأن زياد هو إبن لأبى سفيان ، أى أخ لمعاوية ، وأن أبا سفيان زنا بأم زياد واحبلها ، وولدت زيادا . وعقد معاوية ( مؤتمرا صحفيا ) لإعطاء زياد نسبه الجديد . وسخر الشاعر يزيد بن مفرغ الحميري من معاوية فقال : 
ألا أبلغ معاوية بن حرب ** مغلغلة عن الرجل اليماني
أتغضب أن يقال أبوك عف ** وترضى أن يقال أبوك زاني؟
وأشهد أن رحمك من زياد ** كرحم الفيل من ولد الأتانِ
2 ـ حين كان زياد واليا لعلى كان متفقا مع (على ) على أن معاوية ( عدو الله ) . إختلف الأمر عنده بعدها . عيّن معاوية زيادا على الكوفة ثم البصرة فأصبح عنده (على ) هو ( أبو تراب ) عدو الله ، واصبح من لا يزال محبا ل (على ) عدوا لله ومستحقا للعقاب . يكفى أن زياد تسبب فى قتل حجر بن عدى وصحبه لأنهم إعترضوا على قيام زياد بلعن (على ) فى خطبة الجمعة . وتتبع زياد شيعة (على ) بالإضطهاد لأن عليا عنده أصبح عدو الله ، وصار لقبه ( أبو تراب ) كما يقول الأمويون. 
3 ـ جاء فى تاريخ الطبرى : ( وجاء قيس به عباد الشيباني إلى زياد فقال له : " إن امرأ منا من بني همام يقال له صيفي بن فسيل من رؤوس أصحاب حجر وهو أشد الناس عليك. " فبعث إليه زياد فأتي به . فقال له زياد : " يا عدو الله ما تقول في أبي تراب ؟ قال : " ما أعرف أبا تراب . " قال : " ما أعرفك به ." قال : " ما أعرفه " . قال : " أما تعرف علي بن أبي طالب ؟ قال : " بلى " . قال : " فذاك أبو تراب " . قال : " كلا ذاك أبو الحسن والحسين .. ) زياد يصف هذا الرجل بأنه ( عدو الله ).
ثانيا : بين معاوية و الخوارج 
1 ـ تميز الخوارج بشجاعتهم وتمسكهم بدينهم الفاسد الدموى وتطرفهم فى سفك الدماء ، إعتقادا منهم أن من لا يكون منهم يكون عدوا لله مستحقا للقتل حتى لو كان من النساء والصبيان. جاء فى تاريخ الطبرى أن الخوارج دخلوا المدائن ( .. فشنوا الغارة على أهل المدائن يقتلون الولدان والنساء والرجال ويبقرون الحبالى ... فأقبلوا إلى ساباط فوضعوا أسيافهم في الناس ، فقتلوا أم ولد لربيعة بن ماجد ، وقتلوا بنانة ابنة أبي يزيد بن عاصم الأزدي ، وكانت قد قرأت القرآن ، وكانت من أجمل الناس ، فلما غشوها بالسيوف قالت : " ويحكم هل سمعتم بأن الرجال كانوا يقتلون النساء ؟ ويحكم تقتلون من لا يبسط إليكم يدا ولا يريد بكم ضرا ولا يملك لنفسه نفعا ؟ أتقتلون من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين ؟ " . فقال بعضهم : " اقتلوها " . وقال رجل منهم : " لو أنكم تركتموها .! " فقال بعضهم : " أعجبك جمالها يا عدو الله قد كفرت وافتتنت ؟ " . .... وحملوا عليها فقتلوها . فقالت ريطة بنت يزيد : " سبحان الله أترون الله يرضى ما تصنعون ؟ تقتلون النساء والصبيان ومن لم يذنب إليكم ذنبا ؟! " . ثم انصرفت . وحملوا عليها وبين يديها الرواع بنت إياس بن شريح الهمداني وهي ابنة أخيها لأمها ، فحملوا عليها فضربوها على رأسها بالسيف ويصيب ذباب السيف رأس الرواع فسقطتا جميعا إلى الأرض . ) . عندما ترفق واحد من الخوارج ونصحهم بعدم قتل بنانة إتهموه بالكفر وبأنه ( عدو الله ). !. 
2 ـ عام 43 هجرية كان المغيرة بن أبى شعبة والى العراق لمعاوية . وأرسل قائدا إسمه ( معقل بن قيس ) لحرب الخوارج وقال له : (يا معقل بن قيس إني قد بعثت معك فرسان أهل المصر أمرت بهم فانتخبوا انتخابا فسر إلى هذه العصابة المارقة الذين فارقوا جماعتنا وشهدوا عليها بالكفر فادعهم إلى التوبة وإلى الدخول في الجماعة فإن فعلوا فاقبل منهم واكفف عنهم وإن هم لم يفعلوا فناجزهم واستعن بالله عليهم فقال معقل بن قيس سندعوهم ونعذر وأيم الله ما أرى أن يقبلوا ولئن لم يقبلوا الحق لا نقبل منهم الباطل ) . هنا يجعل فريق معاوية يرى الخوارج مارقين خارجين عن الجماعة ، وانهم يتهمون معاوية ورفاقه بالكفر . وأرسل المغيرة الى الناس فى مسجد الكوفة يهدد بالقتل من لا يلتحق بجيش معقل بن قيس . 
3 ـ وكتب زعيم الخوارج المستورد بن علفة الى القائد الأموى سماك بن عبيد: ( " من عبدالله المستورد أمير المؤمنين إلى سماك بن عبيد . أما بعد فقد نقمنا على قومنا الجور في الأحكام وتعطيل الحدود والاستئثار بالفيء وإنا ندعوك إلى كتاب الله عز وجل وسنة نبيه وولاية أبي بكر وعمر رضوان الله عليهما والبراءة من عثمان وعلي لإحداثهما في الدين وتركهما حكم الكتاب فإن تقبل فقد أدركت رشدك وإلا تقبل فقد بالغنا في الإعذار إليك وقد آذناك بحرب فتبذنا إليك على سواء إن الله لا يحب الخائنين . ). ووصل الخطاب الى سماك بن عبيد فرد بالرفض فقال المستورد : (إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم .) .
4 ـ ثم علموا بقدوم جيش معقل بن قيس ، فجمع المستورد أصحابه يقول الطبرى : ( فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن هذا الخرق معقل بن قيس قد وجه إليكم وهو من السبئية المفترين الكاذبين وهو لله ولكم عدو فأشيروا علي برأيكم ) وأجاب بعض أصحابه : ( والله ما خرجنا نريد إلا الله وجهاد من عادى الله وقد جاءونا فأين نذهب عنهم بل نقيم حتى يحكم الله بيننا وبينهم وهو خير الحاكمين ." وقالت طائفة أخرى : " بل نعتزل ونتنحى ندعو الناس ونحتج عليهم بالدعاء" . فقال يا معشر المسلمين : " إني والله ما خرجت ألتمس الدنيا ولا ذكرها ولا فخرها ... وما خرجت إلا التماس الشهادة وأن يهديني الله إلى الكرامة بهوان بعض أهل الضلالة .. ) وفى رواية أخرى : ( .. فلبثنا بمكاننا ذاك يومين أو ثلاثة أيام ، ثم استبان لنا مسير معقل بن قيس إلينا ... فجمعنا المستورد ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : " أما بعد فإن هذا الخرق معقل بن قيس قد وجه إليكم ، وهو من السبئية المفترين الكاذبين ، وهو لله ولكم عدو . فأشيروا علي برأيكم " .. فقال له بعضنا : " والله ما خرجنا نريد إلا الله وجهاد من عادى الله ، وقد جاءونا فأين نذهب عنهم ؟ بل نقيم حتى يحكم الله بيننا وبينهم وهو خير الحاكمين." ) . زعيم الخوارج فى عصر معاوية يصف قائد معاوية بأنه عدو الله ، ويؤيده الخوارج . 
5 ـ وإستمر الصراع بين معاوية والخوارج ، كل منهم يتهم الآخر بأنه عدو الله . وفى عام 58 تزعم الخوارج حيان بن ظبيان . وقد خطب أتباعه يحرضهم على حرب معاوية فقال : ( رأيت أن أخرج معكم في جانب الكوفة والسبخة أو زرارة والحيرة ثم نقاتلهم حتى نلحق بربنا فإني والله لقد علمت أنكم لا تقدرون وأنتم دون المائة رجل أن تهزموا عدكم ولا أن تشتد نكايتكم فيهم ، ولكن متى علم الله أنكم قد أجهدتم أنفسكم في جهاد عدوه وعدوكم كان لكم به العذر وخرجتم من الإثم قالوا رأينا رأيك . ). معاوية هو عدوهم وعدو الله ..!! 
ثالثا : فى خلافة يزيد بن معاوية 
كان قتل الحسين بن علي في صفر سنة إحدى وستين ، أى فى الشهر الحرام. وقد بحثنا الموضوع فى كتاب خاص منشور هنا . ونعطى بعض سطور جاء فيها ( عدو الله ).
1 ـ بعض أهل الكوفة ممن قعدوا عن نصرة الحسين كانوا يبكون يدعون الله جل وعلا أن ينصر الحسين دون أن يتحركوا لنجدته. تقول الرواية : ( إن اشياخا من أهل الكوفة لوقوف على التل يبكون ، ويقولون: " اللهم أنزل نصرك "قال قلت : " يا أعداء الله ألا تنزلون فتنصرونه " ؟! )
2 ـ وجىء برأس الحسين الى يزيد بن معاوية فى دمشق ومعها من بقى من أهله وكلهن نساء ما عدا على بن الحسين ، وكان لم يبلغ الحلم لذا لم يقتلوه . تقول الرواية عن فاطمة اخت الحسين : ( لما أجلسنا بين يدي يزيد بن معاوية رق لنا وأمر لنا بشيء وألطفنا . قالت : ثم إن رجلا من أهل الشأم أحمر قام إلى يزيد فقال : " يا أمير المؤمنين هب لي هذه " ، يعنيني ، وكنت جارية وضيئة ، فأرعدت وفرقت وظننت أن ذلك جائز لهم وأخذت بثياب أختي زينب . قالت " وكانت أختي زينب أكبر مني وأعقل وكانت تعلم أن ذلك لا يكون فقالت : " كذبت والله ولؤمت ما ذلك لك وله " فغضب يزيد فقال : " كذبت والله إن ذلك لي ولو شئت أن أفعله لفعلت " قالت : " كلا والله ما جعل الله ذلك لك إلا أن تخرج من ملتنا وتدين بغير ديننا " . قالت فغضب زيد واستطار ثم قال : " إياي تستقبلين بهذا إنما خرج من الدين أبوك وأخوك " فقالت زينب : بدين الله ودين أبي ودين أخي وجدي اهتديت أنت وأبوك وجدك " قال : " كذبت يا عدوة الله " ). يزيد يجعل زينيب بنت على ( عدوة لله ) .! 
رابعا : فى ثورة التوابين 
إستقدم شيعة العراق الحسين ثم تخلوا عنه وحدثت مذبحة كربلاء. شعر بعضهم بالندم فعزموا على الثأر للحسين ( بأثر رجعى ) فكانت حركة التوابين بقيادة سليمان بن صرد. أورد الطبرى كتاب سليمان بن صرد فى الدعوة للخروج أخذا بثأر الحسين . مما جاء فيه : : ( إن التقوى أفضل الزاد في الدنيا وما سوى ذلك يبور ويفنى فلتعزف عنها أنفسكم ولتكن رغبتكم في دار عافيتكم وجهاد عدو الله وعدوكم وعدو أهل بيت نبيكم حتى تقدموا على الله تائبين راغبين، أحيانا الله وإياكم حياة طيبة وأجارنا وإياكم من النار وجعل منايانا قتلا في سبيله على يدي أبغض خلقه إليه وأشدهم عداوة له إنه القدير على ما يشاء والصانع لأوليائه في الأشياء والسلام عليكم ) . سليمان بن صرد يصف الأمويين ب ( عدو الله وعدوكم وعدو أهل بيت نبيكم )و (أبغض خلقه إليه وأشدهم عداوة له ) .
خامسا : (موقعة الحرة ) : غزو المدينة وإنتهاك حرمتها وإغتصاب نسائها وفتياتها .!
جاءت زينب بنت على الى المدينة تحمل رأس الحسين ومعها بنات الحسين وأخريات ، فثارت المدينة ، فأرسل اليهم يزيد بن معاوية جيشا يقوده مسلم بن عقبة . وكان رجلا يرى دينه فى الاخلاص لبنى أمية ، ويرى أن من يعاديهم فهو (عدو الله ) يبدو هذا من مواقفه ومن أقواله . وننقل ما جاء بين سطور الطبرى دليلا على هذا . 
1 ـ يقول الطبرى ( كانت فى شهر ذى الحجة الحرام سنة ثلاث وستين يوم الأربعاء لليلتين بقيتا منه )
2 ـ فى الطريق قابل مسلم بن عقبة بنى أمية الذين كانوا بالمدينة وطردهم أهل المدينة ، وقد طلب مسلم بن عقبة نصح عبد الملك بن مروان بن الحكم ، فدله ، وقال فى نهاية كلامه : (ثم قاتلهم واستعن بالله عليهم فإن الله ناصرك إذ خالفوا الإمام وخرجوا من الجماعة ). إبن مروان بن الحكم يجعل رب العزة تابعا للسفاح مسلم بن عقبة ..ونستغفر الله العظيم .!
3 ـ وبدأ مسلم بن عقبة بعرض السلام على أهل المدينة وأن يتعاونوا معه على قتال عبد الله بن الزبير الذى أعلن نفسه خليفة فى مكة . وأعطاهم مهلة ثلاثة أيام ، تقول الرواية : ( ولما مضت الأيام الثلاثة قال : " يا أهل المدينة قد مضت الأيام الثلاثة فما تصنعون أتسالمون أم تحاربون ؟ " فقالوا : " بل نحارب " . فقال لهم : " لا تفعلوا بل ادخلوا في الطاعة ونجعل حدنا وشوكتنا على هذا الملحد ( ابن الزبير ) الذي قد جمع إليه المراق والفساق من كل أوب " فقالوا لهم : " يا أعداء الله والله لو أردتم أن تجوزوا إليهم ما تركناكم حتى نقاتلكم نحن ندعكم أن تأتوا بيت الله الحرام وتخيفوا أهله وتلحدوا فيه وتستحلوا حرمته لا والله لا نفعل . ). مسلم بن عقبة يصف ابن الزبير بالملحد ويصف أتباعه بالمروق وبالفسق ،وأهل المدينة يجعلون مسلم بن عقبة وجنده أعداء الله.!
4 ـ فى البداية إنهزم جيش الأمويين ولكن ثبت مسلم بن عقبة . تقول الرواية : ( فأخذ مسلم رايته ونادى يا أهل الشأم أهذا القتال قتال قوم يريدون أن يدفعوا به عن دينهم وأن يعزوا به نصر إمامهم ؟ قبح الله قتالكم منذ اليوم .! . ما أوجعه لقلبي وأغيظه لنفسي أما والله ما جزاؤكم عليه إلا تحرموا العطاء وأن تجمروا في أقاصي الثغور شدوا مع هذه الراية ترح الله وجوهكم إن لم تعتبوا ) . وفى رواية أخرى: ( أن مسلم بن عقبة كان مريضا يوم القتال وأنه أمر بسرير وكرسي فوضع بين الصفين ثم قال يا أهل الشأم قاتلوا عن أميركم أو دعوا ثم زحفوا نحوهم ) .هنا إخلاص فى الجهاد فى سبيل يزيد بن معاوية .!
5 ـ كان مسلم بن عقيل يؤمن أنه يقاتل أعداء الله ، ولهذا فبعد أن هزم جيش المدينة أسرف فى قتل أهلها وفى سلب أموالهم وإغتصاب نسائهم . وقد عرضنا لجانب من هذا فى أبحاث سبقت وفى مقال بحثى منشور هنا عن الفقيه الناقم سعيد بن المسيب.

 

التعليقات

بن ليفانت

السلام عليكم
كما قلت في تعليقي السابق، هي خصلة لدى الانسان في التعامل مع خصومه اعتبار ما يقوم به الخصم نقيضا للحق، وكلما ازداد التعصب للرأي استفحلت الخصومة وعظم اتهام الآخر، ومن البديهي والمؤكد استغلال جميع الفرص والادوات المتاحة ضد الخصم بما فيها اقحام الله في الخصومة. هذه خصلة سيئة لدى البشر، تستفحل مع اشتداد التعصب لتطغى على مبادئ الاخلاق التي يدعي كل خصم اتباعها.
عودة إلى تعليقات في المقال السابق عن تعطّل أو تعطيل موقعكم وعن قناة العربية وبرنامح عصير الكتب: عند القيام بانزال تعليقي على المقال السابق لم استطع ايضا الدخول على الموقع، وانتظرت بضع ساعات حتى استطعت ذلك. القرصنة والاعمال التخريبية تصل حتى إلى مواقع شركات كبيرة أو مرافق حكومية، وكل موقع معرض لهذه القرصنة وهذا التخريب ولا يوجد حل قطعي لهذه المشكلة.
أما بالنسبة لقناة العربية واستضافتها لكم في برنامج عصير الكتب، فلقد كان استغرابي كبيرا لهذه الاستضافة، خاصة وأن القناة تمول من قطر، وليس لدي أدنى شك بمعرفة مقدم البرنامج بلال فضل لوجهات نظركم. بعد الضجة الكبيرة والهجوم الكلامي على القناة وبلال فضل وعزمي بشارة، اضطرت القناة لتقديم اعتذار هذا نصه: "نبهنا بعض المشاهدين مشكورا إلى جملة وردت في كلام أحد ضيوف برنامج عصير الكتب يسيء فيها إلى الخلفاء الراشدين.. ومن نافل القول أن هذا الكلام لا يمثل خط العربي، بل نرفضه فالتلفزيون يعتز بحضارته وهويته، وقد حذفت الحلقة مع اعتذار إدارة القناة عن عدم تنبيه المحرر إلى هذه الجملة قبل بثها.."وأضافت في بيانها: "إن القناة ترفض التطرف عموما من أي جهة كانت ويتيح نهجها الديمقراطي المهني المشهود له التعبير عن جميع المواقف ولكنها لا تقبل بالإساءات كما ترفض تصيد الأخطاء والمحاولات المغرضة التي تحركها أهداف لا نعرفها لتصوير زلة، على أنها نهج".وتطرق، عبدالرحمن نجل يوسف القرضاوي، الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والذي يعتبر الزعيم الروحي لجماعة الإخوان المسلمين، للموضوع بنشر عددا من التغريدات والردود إذا قال: " بعد إقصاء مؤسسي التلفزيون العربي.. وبعد تفرد الدكتور عزمي بشارة بإدارة التلفزيون عن طريق شحص توجهاته معروفة (خصوصا في موضوع الإسلام السني).. من الطبيعي أن تظهر حقيقة النوايا رويدا رويدا..."
كلمة أخيرة: عند وجود مرض ما وامكانية تشخيصه متوفرة ودواؤه معروف، فلا بد من استعمال هذا الدواء لعلاج هذا المرض. ومن البديهي أن يعطى الدواء بجرعات محددة وأن تخطي هده الجرعات تؤدي ربما لعكس ما يرجوه الطبيب ويحتاجه المريض.
 

   تعليق بواسطة  آحمد صبحي منصور     في   الثلاثاء 18 يونيو 2019 

شكرا استاذ بن ليفينت ، واقول  
1 ـ الاختلاف فى الرآى علامة حيوية وتفاعل ، المهم هو أدب الاختلاف . واساس هذا الأدب أن يكون الرد على الرأى برأى ، أى رد فى الموضوع وليس فى شخص القائل. صاحب الرأى يقدم رأيه ولا يقدم نفسه قضية . الأفظع ان يكون الرد بإستعمال القوة أو التهديد بها أو المطالبة بسجن الرأى المخالف. هنا ينتصر مقدما صاحب الرأى المخالف
2
ـ توارثنا خرافات مقدسة أصبحت بمرور القرون ثوابت راسخة. لم ننسفها مرة واحدة . بل بدأنا بعرضها على القرآن وبتمهل واحدة إثر أخرى ، من عام 1977 وحتى الآن.
3
ـ العمر قصير ومحدد والمهمة شاقة وعسيرة ولا تحتمل التقسيط. نحن لا نخفى شيئا ولا نكتم ما نعتقده حقا ، ونحن أيضا نعرض رأيا ونقول أنه قابل للنقد والخطأ والصواب ويستلزم النقاش . ويأتى الرد هو .. هو .. من 1977

 

المقال الخامس

 

(عدو الله ) بين الخوارج وعبد الله بن الزبير فى الفتنة الكبرى الثانية

 

مقدمة

1 ـ اسفرت الفتنة الكبرى الأولى عن تولى معاوية ، ثم عهد معاوية لابنه بالخلافة ومات فثار الحسين بن على وكانت مذبحة كربلاء ، وتبعها غزو المدينة وانتهاك حرمتها ثم غزو مكة حيث أعلن عبد الله بن الزبير نفسه خليفة ، مات يزيد بن معاوية وتولى ابنه معاوية فإعتزل الحكم وقتله أهله ، ودخلت المنطقة فى فوضى وحروب أهلية فى هذه الفتنة الكبرى الثانية ، وقد عرضنا لها بالتفصيل والتحليل فى كتاب خاص منشور هنا .

2 ـ  كانت معارك الفتنة الكبرى الأولى بقيادة الصحابة مثل على ومعاوية وعمرو بن العاص وعمار بن ياسر وعائشة وطلحة والزبير بن العوام . وشارك في الفتنة الكبرى الأولى شباب أصبحوا زعماء الفتنة الكبرى الثانية مثل عبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم وعبد الله بن عباس وشبث بن ربعى وكثيرون . زعماء الفتنة الكبرى الثانية منهم من أدرك عصر النبى محمد ومات النبى وهو طفل مثل ابن الزبير وابن عباس والحسين ومروان بن الحكم والمختار بن ابى عبيده الثقفى وشبث بن ربعى . أما الأغلبية الفاعلة فى الفتنة فلم يدركوا عصر النبى محمد .   

3 ـ ولكن يجمعهم كلهم أن كل فريق زعم أن الله جل وعلا تابعا له ، وأن خصومه هم أعداء الله جل وعلا . ونعطى بعض تفصيلات :

أولا :

موجز الفتنة الكبرى الثانية ( من مقتل الحسين الى مقتل عبد الله بن الزبير ) 

1 ـ فى خلافة يزيد بن معاوية (  ثلاث سنوات فقط  ) كان قتل الحسين وآله في "كربلاء" فى شهر حرام عام 61 ، ثم اقتحام المدينة وقتل أهلها فى موقعة الحرة فى شهر حرام هو ذو الحجة عام 63 .

2 ـ إستغل عبد الله بن الزبير مذبحة كربلاء فأعلن نفسه خليفة فى مكة وبايعه أهل مكة والحجاز . وأمر يزيد بن معاوية قائد جيشه مسلم بن عقبة بعد أن هزم أهل المدينة أن يتوجه لاخماد ثورة ابن الزبير فى مكة. ومات مسلم بن عقبة أثناء توجهه بالجيش الأموى للقضاء على تمرد ابن الزبير فى مكة ، فتولى القيادة الحصين بن نمير الذى حاصر مكة والكعبة عام 64 ، وأثناء الحصار شبت النار فى أستار الكعبة بضربة من المنجنيق يوم السبت 3 ربيع الأول عام 64 ، فترك ابن الزبير الحريق يأتى على الكعبة نكاية فى الأمويين وتشنيعا عليهم .

3 ـ وجاءت الأنباء بموت يزيد بن معاوية فى 14 ربيع الأول عام 64 ، فعرض قائد الجيش الأموى الحصين بن نمير على عبد الله بن الزبير أن يعترف به خليفة مقابل أن يترك الحجاز ويأتى معه الى دمشق ، وكان رأيا صائبا ، ولكن رفضه ابن الزبير . وانفض حصار مكة ورجع الجيش الأموى خائبا . إعتزل الخليفة الجديد معاوية بن يزيد بن معاوية الحكم بعد حوالى شهر من ولايته متبرئا مما فعله أهله الأمويون فقتله أهله بالسم فمات وهو ابن 13 عاما . ودخل المسلمون فى فترة اضطراب كان أكثر المستفيدين منها عبد الله بن الزبير.

 4 ـ أصبح موقف الأمويين عسيرا فى الشام ، إذ إختار العرب في مصر الانضمام الى ابن الزبير ، بل إن أنصار الأمويين فى الشام انفضوا عنهم وبايعوا ابن الزبيرمثلما فعل النعمان بن البشير فى حمص وزفر بن الحارث الكلابى فى قنسرين ، وجاءت الطامة الكبرى لبنى أمية بأن بايع الضحاك بن قيس الفهرى لابن الزبير. والضحاك بن قيس كان أبرز مؤيدى الأمويين من قبل ، وهو زعيم قبائل قيس المضرية فى الشام والمتولى أمر دمشق نفسها بعد انهيار الحكم الأموى فيها . ووقع عبيد الله بن زياد فى موقف حرج ؛ بلغه موت يزيد وإعتزال ابنه معاوية واختلاف بنى أمية ، فجمع أهل البصرة وخطب فيهم متحببا اليهم ، فبايعوه على الامارة الى أن ينجلى الأمر ، وبعد أن تركوه خلعوا بيعته ، وتابعهم أهل الكوفة ، وإنفض عنه أنصاره فلم يعد أمره نافذا فيهم . وجاء مبعوث من ابن الزبير يدعو لبيعته ، فهرب عبيد الله بن زياد ولحق بالأمويين فى الشام .

5 ـ : واجتمع لابن الزبير الحجاز والكوفة والبصرة وأهل الجزيرة وأهل الشام إلا أهل الأردن حيث تتمركز قبيلة كلب ‏.‏هذا الوضع المتردى للأمويين جعل كبيرهم مروان بن الحكم يفكر فى البيعة لابن الزبير ، ولكن أثناه عن ذلك عبيد الله بن زياد والى العراق ـ بعد هروبه من العراق الى الشام ـ والحصين بن النمير العائد من حصار الكعبة وقتال ابن الزبير. ووقف الى جانب الأمويين فى محنتهم حسان بن بحدل الكلبى خال يزيد بن معاوية وزعيم قبائل كلب فى الشام . وكان ابن الزبير بغبائه قد طرد عائلات الأمويين فى الحجاز فأتاح لهم التجمع فى الشام . وعقدوا مع أنصارهم مؤتمر الجابية ، واتفقوا فيه فى 3 ذى القعدة 64 على تولى الخلافة مروان بن الحكم شيخ الأمويين وقتها ، ثم يليه خالد بن يزيد بن معاوية ثم عمرو بن سعيد بن العاص . وتولى مروان الخلافة عام 64  ، وبدأ مروان بن الحكم باستخلاص الشام من أتباع ابن الزبير ، فهزم الضحاك بن قيس الفهرى وقتله فى موقعة مرج راهط ، عام 64 ، ويقال 65 ،وليحمى ظهره بعدها سار مروان بن الحكم لاسترداد مصر من والى ابن الزبير ، وهو عبد الرحمن بن جحدم الفهرى القرشى فقتله . ولكن ظل العراق شوكة فى ظهر مروان بن الحكم . وكان يتبع العراق خراسان وما حولها ، فأرسل مروان  جيشا يقوده عبيد الله بن زياد الى منطقة الجزيرة وقرقيساء حيث إنضم زفر بن الحارث لابن الزبير ، وهزم ابن زياد زفر بن الحارث ، واتجه للعراق ليعيده الى السيطرة الأموية . وتحركت الشيعة فى العراق للثأر من قتلة الحسين تحت شعار ( التوابين )، وتزعمهم سليمان بن صرد ، وقد هزمهم عبيد الله بن زياد فى  موقعة عين الوردة في شهر ربيع الآخر‏.‏ 65  .

6 ـ فى عامى 66 :67 ظهر فى العراق مغامر اسمه المختار الثقفى سيطر على معظم العراق فى هذا العام ، واستقر فى كرسى الامارة . كان يزعم تبعيته لآل البيت ودعوته لمحمد بن على بن أبى طالب ( ابن الحنفية ) أكبر أولاد (على ) والمقيم فى الحجاز تحت سيطرة ابن الزبير ، ومرة بزعمه التبعية لابن الزبير ، ولكن هواه كان أكثر مع الهاشميين . ولكن المختار كان حريصا على ألاّ يأتى محمد بن الحنفية الى العراق حتى يظل فى سلطته بالعراق ، وكان فى نفس الوقت يخادع ابن الزبير يوهمه أنه على بيعته . وظهر لابن الزبير نفاقه حين هدد ابن الزبير باحراق كل بنى هاشم إن لم يبايعوا له ، بل جمعهم وكاد أن يشعل فيهم النار ، فبعثوا يستغيثون بالمختار فى العراق فارسل المختار لهم فرقة من الجيش لانقاذهم ،وأصبح العداء علنيا بين المختار الثقفى وابن الزبير .

7 ـ والمختار الثقفى هو الذى تتبع بالقتل كل من شارك فى مذبحة كربلاء ،وقد انضم اليه ابراهيم بن الأشتر النخعى بمن معه من الشيعة فأرسله المختار ليقاتل عبيد الله بن زياد . وكان ابن زياد قد سار في عسكر عظيم من الشام، فبلغ الموصل وملكها،  ، فسار إبراهيم ابن الأشتر الى الموصل ، وجرت موقعة هائلة انتصر فيها العراقيون الشيعة على جنود اهل الشام الأمويين ، وقتل ابراهيم بن الأشتر عبيد الله بن زياد فى المعركة دون ان يعرفه . وتم التعرف عليه فاحتزوا رأسه وأرسلوها الى المختار فى الكوفة بينما أحرقوا جسده ، وكان هذا عام 67 . وفى نفس العام  67 كانت هزيمة المختار وقتله على يد مصعب بن الزبير . إذ أرسل ابن الزبير أخاه مصعب ـ وكان فارسا شجاعا شهما الى العراق ـ فهزم المختار وقتله عام 67 وضم العراق لأخيه .  

8 ـ وجاء مصعب لأخيه عبد الله بن الزبير بالبشرى فما كان من ابن الزبير إلا أن عزل أخاه وحبسه وولّى العراق ابنه حمزة بن عبد الله بن الزبير واليا على العراق، وكان شابا قليل الخبرة خفيف العقل فاستخف به أهل العراق فاضطر ابن الزبير لعزل ابنه واعادة أخيه مصعب للعراق.

9 ـ  وهناك فى الشام مكث عبد الملك بن مروان يعد جيشه ويستعد للمواجهة الكبرى فى العراق تاركا مصعب بن الزبير يستنفذ قواه فى معارك متتالية مع المختار الثقفى ثم مع الخوارج الأزارقة وغيرهم ، وفى عام 71 كان جيش مصعب منهكا فزحف اليه عبد الملك بجيشه فهزم مصعب وقتله .

10 ـ وبهذا حوصر عبد الله بن الزبير فى الحجاز حيث لا زرع ولا ضرع . وفى عام 72 بعث عبد الملك بجيش يقوده الحجاج بن يوسف فأعاد حصار مكة والحرم فى هلال ذى القعدة الشهر الحرام عام 72 ، واستمر الحصار ستة أشهر وسبع عشرة ليلة ، فتفرق عن ابن الزبير معظم أتباعه وأهله ومنهم ابناه حمزة وخبيب ، إذ تسللا الى الحجاج وأخذا منه أمانا .وظل ابن الزبير يقاتل يأسا الى أن سقط صريعا عام 73 ، فاحتزّ الحجاج رأسه وبعث بها الى عبد الملك فى دمشق .وعُرضت رأس عبد الله بن الزبير على عبد الملك فى قصر الخلافة فى دمشق .

ثانيا :

مصطلح ( عدو الله ) ( أعداء الله ) فى صراع الخوارج وابن الزبير

1 ـ كان منتظرا أن يتحالف الخوارج مع عبد الله بن الزبير ضد العدو المشترك وهم الأمويون. وحدث نوع من التفاوض لتقريب وجهات النظر ، وباء المشروع بالفشل ، وفيه ظهر مصطلح ( عدو الله ) . فى حضور عبد الله بن الزبير خطب عبيدة بن هلال زعيم الخوارج يعرض وجهة نظرهم فهاجم عثمان بن عفان وإستحقاقه القتل ، وطلب رأى ابن الزبير . فوضع ابن الزبير فى موقف حرج ، لأنه فى الفتنة الكبرى الأولى كان من قادة جيش عائشة الذى يطالب بالثأر لدم عثمان ويحمل عليا بن أبى طالب المسئولية. موافقته الخوارج على تكفير عثمان يعنى طعنه فى نفسه وفى أبيه وفى خالته عائشة . لذا رد ابن الزبير بحزم مدافعا عن عثمان ثم قال : (  وأنا أشهدكم ومن حضر أني وليُّ لابن عفان في الدنيا والآخرة وولي أوليائه وعدو أعدائه ) وقال لمتحدث الخوارج : ( فبرئ الله منك يا عدو الله ). ورد الخوارج : ( فبرئ الله منكم يا أعداء الله " . ) . وتقول الرواية :( وتفرق القوم ). فشل مشروع التحالف ورمى كل فريق خصمه بأنه ( عدو الله ) ، كل منهم يحتكر رب العزة جل وعلا لنفسه. عليهم جميعا لعنة الله جل وعلا .

2 ـ بخروجهم على عبد الله بن الزبير كان الخوارج عنصرا نشطا فى هذا الصراع ، كسر الخوارج أبواب السجون وخرجوا منها . تجمعوا تحت قيادة نافع بن الأزرق فحملوا وقتها لفب ( الأزارقة ) وقد خطب فيهم ابن الأزرق يجعل رب العزة جل وعلا تابعا له : ( إن الله قد أكرمكم بمخرجكم وبصركم ما عمي عنه غيركم ..  أليس حكمكم في وليكم حكم النبي في وليه وحكمكم في عدوكم حكم النبي في عدوه وعدوكم اليوم عدو الله وعدو النبي كما أن عدو النبي يومئذ هو عدو الله وعدوكم اليوم فقالوا نعم ... ) 

3 ـ وكان خطرهم الأكبر فى العراق وشرقها حيث كانت ولاية العراق تشمل العراق وخراسان . كان ابن الزبير قد أرسل جيشا يقوده المهلب بن أبى صفرة لتأكيد سلطانه على خراسان . ولكن تحرك الخوارج نحو البصرة فأرعب قدومهم أهل البصرة فكتبوا رسالة على لسان ابن الزبير للمهلب بن أبى صفرة يدعونه لقتال الخوارج ، وجاء فى الرسالة : ( بسم الله الرحمن الرحيم من عبدالله بن الزبير إلى المهلب بن أبي صفرة.  سلام عليك ، ... أما بعد فإن الحارث بن عبدالله كتب إلي أن الأزارقة المارقة أصابوا جندا للمسلمين كان عددهم كثيرا وأشرافهم كثيرا وذكر أنهم قد أقبلوا نحو البصرة ، وقد كنت وجهتك إلى خراسان وكتبت لك عليها عهدا ، وقد رأيت حيث ذكر هذه الخوارج أن تكون أنت تلي قتالهم ، فقد رجوت أن يكون ميمونا طائرك مباركا على أهل مصرك والأجر في ذلك افضل من المسير إلى خراسان فسر إليهم راشدا ، فقاتل عدو الله وعدوك.. ) . هنا وصفهم للخوارج بأنهم (عدو الله وعدوك )، يعنى من كان عدوا لكم فهو (عدو الله )، تعالى رب العزة عن ذلك علوا كبيرا ..!

 4 ـ بقيادة الزبير بن الماحوز حاصر الخوارج الأزارقة أصفهان وكان فيها قائد جيش ابن الزبير ( عتاب بن ورقاء) .نلتقط هذه السطور : ( فصبر لهم عتاب وأخذ يخرج إليهم في كل أيام فيقاتلهم على باب المدينة ويرمون من السور بالنبل والنشاب والحجارة . وكان مع عتاب رجل من حضرموت يقال له "أبو هريرة بن شريح" ، فكان يخرج مع عتاب وكان شجاعا فكان يحمل عليهم ويقول :

كيف ترون يا كلاب النار   شدّ أبي هريرة الهرّار

يهُرّكم بالليل والنهار يا     بن الماحوز والأشرار

فلما طال ذلك على الخوارج من قوله كمن له رجل من الخوارج .. فخرج ذات يوم فصنع كما كان يصنع ويقول كما كان يقول،  إذ حمل عليه عبيدة بن هلال فضربه بالسيف ضربة على حبل عاتقه فصرعه.  وحمل أصحابه عليه فاحتملوه فأدخلوه وداووه، وأخذت الأزارقة بعد ذلك تناديهم يقولون : " يا أعداء الله ما فعل أبو هريرة الهرار؟ "  فينادونهم : " يا أعداء الله والله ما عليه من بأس " . ولم يلبث أبو هريرة أن برئ ثم  خرج عليهم بعد ، فأخذوا يقولون : " يا عدو الله أما والله لقد رجونا أن نكون قد أزرناك أمك " فقال لهم : " يا فساق ما ذكركم أمي ؟ " فأخذوا يقولون " إنه ليغضب لأمه وهو آتيها عاجلا " . فقال له أصحابه : " ويحك إنما يعنون النار " ، ففطن فقال : " يا أعداء الله ما أعقكم بأمكم حين تنتفون منها إنما تلك أمكم وإليها مصيركم ". ) هنا يتبادلون الشتم بإستعمال ( عدو الله ) .! عليهم جميعا لعنة الله جل وعلا .

5 ـ قبل هذه المعركة كانت هناك مداولات فى جيش ابن الزبير فى كيفية مواجهة الخوارج الأزارقة ، نلتقط منها هذه السطور وفيها قول أحدهم للقائد : (قد أحسن الأمير أصلحه الله الصفة ولكن حتام نصنع هذا وهذا البحر بيننا وبين عدونا ؟ مُر بهذا الجسر فليعد كما كان ، ثم اعبر بنا إليهم ، فإن الله سيريك فيهم ما تحبه .) . لا شىء فى وصفه الخوارج ( عدونا ) ، ولكن قوله (.. فإن الله سيريك فيهم ما تحبه ) هو غاية فى حضيض الكفر لأنه جعل الله جل وعلا تابعا لهم وعاملا لديهم . عليهم جميعا لعنة الله جل وعلا .

6 ـ عام 68 : دارت معركة فى سابور فى فارس بين الأزارقة الخوارج يقودهم الزبير بن الماحوز وبين قائد ابن الزبير ( عمر بن عبيد الله بن معمر ) ـ وقد كتب هذا القائد الى مصعب بن الزبير والى العراق وخراسان يخبره بإنتصاره على الخوارج ، وفى رسالته قال : (بسم الله الرحمن الرحيم . أما بعد . فإني أخبر الأمير أصلحه الله ، أني لقيت الأزارقة التي مرقت من الدين واتبعت أهواءها بغير هدى من الله ، فقاتلتهم بالمسلمين ساعة من النهار أشد القتال ، ثم إن الله ضرب وجوههم وأدبارهم ومنحنا أكتافهم فقتل الله منهم من خاب وخسر ، وكل إلى خسران ، فكتبت إلى الأمير كتابي هذا ، وأنا على ظهر فرسي في طلب القوم ، أرجو أن يجذهم الله إن شاء الله والسلام ). هنا نفس الدرك الأسفل من الكفر حين يجعل رب العزة جل وعلا تابعا لهم وعاملا عندهم إذ يقول : (  ثم إن الله ضرب وجوههم وأدبارهم ومنحنا أكتافهم فقتل الله منهم من خاب وخسر ... أرجو أن يجذهم الله ، إن شاء الله). عليهم جميعا لعنة الله جل وعلا .

7 ـ عام 71 إنتصر جيش عبد الملك بن مروان على جيش مصعب بن الزبير وقتله . وقتها كان المهلب بن أبى صفرة يحارب الخوارج الأزارقة  فى فارس تحت راية ابن الزبير ولم يعلم المهلب بمقتل مصعب بن الزبير بينما علم به الخوارج . وحين كانت المعارك على أشدها بينه وبين الخوارج الأزارقة نادى الخوارج جيش المهلب :  ( ألا تخبرونا ما قولكم في مصعب ؟ قالوا : "إمام هدى " . قالوا : " فهو وليكم في الدنيا والآخرة ؟ " قالوا : " نعم " . قالوا : "  وأنتم أولياؤه أحياء وأمواتا ؟ " قالوا : " ونحن أولياؤه أحياء وأمواتا ". قالوا : " فما قولكم في عبد الملك بن مروان ؟ " قالوا : " ذلك ابن اللعين نحن إلى الله منه براء هو عندنا أحل دما منكم . " قالوا : " فأنتم منه براء في الدنيا والآخرة ؟ " قالوا : " نعم ، كبراءتنا منكم ." قالوا : " وأنتم له أعداء أحياء وأمواتا ؟ " قالوا : " نعم نحن له أعداء كعداوتنا لكم " . قالوا : " فإن إمامكم مصعبا قد قتله عبدالملك بن مروان ، ونراكم ستجعلون غدا عبدالملك إمامكم وأنتم الآن تتبرؤون منه وتلعنون أباه . " قالوا : " كذبتم يا أعداء الله . " . فلما كان من الغد تبين لهم قتل مصعب ، فبايع المهلب الناس لعبد الملك بن مروان . فأتتهم الخوارج فقالوا : " ما تقولون في مصعب ؟ "  قالوا : " يا أعداء الله لا نخبركم ما قولنا فيه".  وكرهوا أن يكذبوا أنفسهم عندهم.  قالوا : " فقد أخبرتمونا أمس أنه وليكم في الدنيا والآخرة وأنكم أولياؤه أحياء وأمواتا فأخبرونا ما قولكم في عبد الملك " قالوا : "  ذاك إمامنا وخليفتنا " . ولم يجدوا إذ بايعوه بدا من أن يقولوا هذا القول . قالت لهم الأزارقة : " يا أعداء الله أنتم أمس تتبرأون منه في الدنيا والآخرة وتزعمون أنكم له أعداء وأحياء وأمواتا وهو اليوم إمامكم وخليفتكم وقد قتل إمامكم الذي كنتم تولونه فأيهما المحق وأيهما المهتدي وأيهما الضال ؟" .! قالوا لهم : " يا أعداء الله رضينا بذاك إذ كان ولي أمورنا ونرضى بهذا كما رضينا بذاك " . قالوا : " لا والله ولكنكم إخوان الشياطين وأولياء الظالمين وعبيد الدنيا ".  ) . هنا حُجّة الخوارج قوية ، ولكن كل من الخصمين يجعل عدوه عدوا لرب العزة جل وعلا ، وخصوصا جيش ابن الزبير الذى غيّر ولاءه وفى كل حال يرى الخوارج أعداء الله ، ويجعل رب العزة تابعا لهم أينما تغيرت مواقفهم . عليهم جميعا لعنة الله جل وعلا .

ثالثا :

تخصص الخوارج فى قتل النساء والأطفال :

والخوارج الذين يزعمون انهم أولياء الله وأن أعداءهم هم أعداء الله كانوا متخصصين فى قتل الأطفال والنساء . بدأ هذا فى أول خروجهم على ( علىّ ) فى الفتنة الكبرى الأولى ، ثم إستشرى فى الفتنة الكبرى الثانية . وننقل بعض السطور من تاريخ الطبرى :

1 : ( وأقبلت الخوارج وعليهم الزبير بن الماحوز حتى نزلوا الأهواز ...فسار بهم حتى قطع بهم أرض جوخى ثم أخذ على النهر وانات ثم لزم شاطئ دجلة حتى خرج على المدائن .... فشنوا الغارة على أهل المدائن يقتلون الولدان والنساء والرجال ويبقرون الحبالى .. )  

2 : ( أن الحارث بن ربيعة الملقب بالقباع أتاه أهل الكوفة فصاحوا إليه وقالوا له : "  اخرج فإن هذا عدو لنا قد أظل علينا ليست له بقية".  فخرج وهو يكد كدا حتى نزل النخيلة فأقام بها أياما ، فوثب إليه إبراهيم بن الأشتر،  فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : " أما بعد فإنه سار إلينا عدو ليست له تقية ، يقتل الرجل والمرأة والمولود ويخيف السبيل ويخرب البلاد فانهض بنا إليه" .  فأمر بالرحيل فخرج  ) .

3 : (  يونس بن أبي إسحاق عن أبيه أن رجلا من السبيع كان به لمم وكان بقرية يقال لها جوبر عند الخرارة ، وكان يدعى سماك بن يزيد ، فأتت الخوارج قريته،  فأخذوه وأخذوا ابنته ، فقدموا ابنته فقتلوها . وزعم لي أبو الربيع السلولي أن اسم ابنته أم يزيد وأنها كانت تقول لهم : " يا أهل الإسلام إن أبي مصاب فلا تقتلوه ، وأما أنا فإنما أنا جارية ، والله ما أتيت فاحشة قط ، ولا آذيت جارة لي قط ، ولا تطلعت ولا تشرفت قط " ،  فقدموها ليقتلوها ، فأخذت تنادي : "  ما ذنبي ما ذنبي ؟! " ثم سقطت مغشيا عليها أو ميتة ، ثم قطعوها بأسيافهم . قال أبو الربيع حدثتني بهذا الحديث ظئر لها نصرانية من أهل الخورنق كانت معها حين قتلت. ) .

التعليقات

عمر على محمد    في   الأحد 23 يونيو 2019

  السلام عليكم
كانوا صادقين في اعتبار بعضهم البعض اعداء الله لانهم فعلا جميعا كانوا اعداء الله فلم يدم الحكم لاحدهم واغلبهم ما مقتولا..."تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ"

احمد صبحى منصور

 أكرمك رب العزة جل وعلا استاذ عمر على محمد وجزاك خيرا.

 المؤسف أن أعداء الله أصبحوا السلف الصالح للمحمديين ، بل إرتفعوا بهم الى درجة الألوهية

 

المقال السادس :

 

 (عدو الله ) فى الفتنة الكبرى الثانية ( حركة المختار الثقفى )   

مقدمة :  

1 ـ قلنا فى تحليل نفسية الخوارج أن عُقدتهم النفسية كانت فى الحقد على قريش ، لذا صنعوا لهم دينا شعاره ليس ( لا إله إلا الله ) ولكن ( لا حكم إلا لله ) وهو يعنى الكفر بحكم قريش وأن الحكم لله جل وعلا وحده ، ويعنون الحكم السياسى ، ثم يعتبرون أنفسهم ممثلين لرب العزة ، ويعتبرون أعداءهم أعداء الله جل وعلا ، ويجعلون رب العزة تابعا لهم .

المزيد مثل هذا المقال:

مروان بن الحكم : سبب الفتنة الكبرى الأولى وأساس فى الفتنة الكبرى الثانية

(عدو الله ) بين الخوارج وعبد الله بن الزبير فى الفتنة الكبرى الثانية

( 20 ) وعظ السلاطين : فى الفتنة الكبرى الثانية:

عبد الله بن الزبير:شيطان موقعة الجمل ، وشيطان الفتنة الكبرى الثانية

الخوارج فى الفتنة الكبرى الثانية: بداية الخوارج وإنهاؤهم الفتنة الكبرى الأولى بقتلهم (على )

عبد الملك بن مروان : من أعمدة الفتنة الكبرى الثانية

وقائع الخوارج فى الفتنة الكبرى الثانية ( 61 : 73 هجرية )

كتاب : (الفتنة الكبرى الثانية ( 61 : 73 ) ( المقدمة والخاتمة)

2 ـ فى فوضى الفتنة الكبرى الثانية ظهر المختار الثقفى طامحا للسلطة . لم يكن له أن يحقق طموحه مع الخوارج ، سيظل تابعا لأحد زعمائهم ، فالمختار من ثقيف وهى من قبائل ( مُضر ) ومعظم الخوارج من قبائل ( ربيعة ) . ثقيف المُضرية هى الأقرب لقريش المضرية ، لذا كان عليه أن ينحاز الى الجانب القرشى ، وهم ثلاثة أجنحة ( االهاشميون) و ( الأمويون ) و ( الزبيرون ). وأيضا لن يكون سوى تابع صغير لو إنضم للأمويين ، وهو يريد أن يكون قائدا كبيرا ، ورأى أن هذا سيتحقق لو كان الى جانب الهاشميين ، فلم يبق منهم سوى محمد بن الحنفية ( إبن على بن أبى طالب ) و ( على زين العابدين ابن الحسين ) وابن عباس ، وهم جميعا فى وضع حرج ، فى وقت علا فيه نفوذ عبد الله بن الزبير. وخلا الجو للمختار بهزيمة الشيعة التوابين وقتل زعيمهم سليمان بن صرد . وفى البداية تقرب الى عبد الله بن الزبير ، ولم يثق فيه ابن الزبير ، وفى النهاية إصطدما ، وكانت نهاية المختار على يد مصعب بن الزبير عام 67 هجرية.

2 ـ على أن المختار الثقفى إحتاج الى رتوش دينية كُفرية يعطى بها نفسه مشروعية دينية ، ليس فقط فى إستعمال ( عدو الله / أعداء الله ) ولكن فى مفتريات أخرى لم يقع فيها الخوارج . الخوارج كان بدوا سفاكى دماء ، وأسرفوا فى قتل غيرهم من نساء وأطفال وشيوخ ، وكان هذا أكبر مظهر لعبادتهم وجهادهم . ولم يكن لديهم وقت للتفكير والرأى ولم تكن لهم ثقافة تجعلهم يؤطرون لهم آراء دينية . ظهر هذا متأخرا فى العصر العباسى بعد أن ضعفت ثم خمدت ثوراتهم المسلحة ، وظهر من يتبع رأيهم ويصوغ فيه آراء فكرية . بهذا يكون المختار الثقفى رائدا فى خزعبلاته الدينية ، سبق بها عصره ، وتأثر بها من جاء بعده من الشيعة فى العصر العباسى . ونعرض لها :

أولا : كرسى أو تابوت المختار :

 1 ـ ( كرسى ) كان المختار يستنصر به هو جنوده . وظهر هذا فى مسير إبراهيم بن الأشتر إلى  قتال عبيد الله بن زياد ، وهى المعركة التى انتهت بقتل ابن زياد وهزيمة جيشه . تقول الرواية : عن خروج ابن الأشتر ( فخرج يوم السبت لثمان بقين من ذي الحجة سنة ست وستين، وخرج معه المختار يودعه في وجوه أصحابه، وخرج معهم خاصة المختار، ومعهم كرسي المختار على بغل أشهب ليستنصروا به على الأعداء، وهم حافون به يدعون ويستصرخون ويستنصرونويتضرعون‏.‏.. واستمر أصحاب الكرسي سائرين مع ابن الأشتر..)

2 ــ وروى الطبرى أن طفيل بن جعدة بن هبيرة هو الذى أعطى هذا الكرسى للمختار على أنه فيه (أثرة من علم ) . فاشتراه منه باثني عشر ألفاً، ، تقول الرواية عن الطبرى : ( فخطب المختار الناس فقال‏:‏ إنه لم يكن في الأمم الخالية أمر إلا وهو كائن في هذه الأمة مثله، وأنه قد كان في بني إسرائيل تابوت يستنصرون به،وإن هذا مثله‏.‏ ثم أمر فكشف عنه أثوابه وقامت السبئية ( الشيعة ) فرفعوا أيديهم وكبّروا ثلاثاً ..‏) ( .. فلما قيل‏:‏ هذا عبيد الله بن زياد قد أقبل، وبعث المختار ابن الأشتر، بعث معه بالكرسي يحمل على بغل أشهب قد غشي بأثواب الحرير، عن يمينه سبعة وعن يساره سبعة‏. ‏فلما تواجهوا مع الشاميين ... وغلبوا الشاميين وقتلوا ابن زياد، ازداد تعظيمهم لهذا الكرسي حتى بلغوا به الكفر‏.‏ )

ثانيا :

جنود المختار هم ( شُرطة الله ).!! 

1 ـ  كان عبد الله بن الزبير قد حاصر بنى هاشم فى شعب أبى طالب فى مكة لإرغامهم على بيعته فرفضوا فكان على وشك إحراقهم بالنار، فوصل الخبر الى المختار وهم المتحكم فى الكوفة ، فأرسل مجموعة مسلحة بالخشب ( إحتراما للحرم المكى ) ، وقال لهم : "  يا شرطة الله لقد اكرمكم الله بهذا المسير ، ولكم بهذا الوجه عشر حجج وعشر عُمر.! " . هنا نرى المختار يؤله نفسه يجعل جنده ( شُرطة الله ) بل ويصدر تشريعا بإعطائهم عشر حجات وعشر عُمرات ، ويصدر تصريحا بإسم رب العزة بأن الله جل وعلا قد أكرمهم بهذا المسير .

2 ـ وإستعمل ابراهيم بن الأشتر قائد المختار هذا التعبير حين كان يقود جيش المختار  ضد عبيد الله بن زياد ، تقول الرواية : (فجعل الأشتر يناديهم‏: ‏إلي يا شرطة الله، أنا ابن الأشتر.. )

ثالثا :

الملائكة وجبريل فى خدمة المختار  

1 ـ زعم ان جبريل كان يأتى اليه يجالسه .  يقول  رفاعة القتباني: ( دخلت على المختار فألقلى إلي وسادة وقال لولا أن أخي جبرائيل قام عن هذه ــ وأشار إلى أخرى عنده ــ  لألقيتها لك ).

 2 : وأذاع المختار تقاتل مع جنده ، أى هم فى خدمته . وكان الشاعر (سراقة  بن مرداس الأزدى البارقى ) أسيرا لدى المختار بعد هزيمة ابن زياد . وقد إستغل زعم المختار بأنه يعلم الغيب وأن الملائكة تقاتل معه ــ إستغل هذا فى أن ينجو من القتل  تقول الرواية : (كان قد قاتل المختار فأخذه أسيرا ، وأمر بقتله ، فقال : لا والله ، لا تقتلنى حتى تنقض دمشق حجرا حجرا . فقال المختار لأبى عمرة : من يخرج أسرارنا ؟ ثم قال : من أسرك ؟ قال : قوم على خيل بلق ، عليهم ثياب بيض ، لا أراهم فى عسكرك ( يعنى الملائكة )  ، فأقبل المختار على أصحابه فقال : ( إن عدوكم يرى من هذا ما لا ترون . ) قال : إنى قاتلك.  قال : والله يا أمين آل محمد انك تعلم أن هذا ليس باليوم الذى تقتلنى فيه ، قال : ففى أى يوم اقتلك ؟ قال : تضع كرسيك على باب دمشق ، فتدعونى يومئذ فتضرب عنقى . فقال المختار لأصحابه : يا شرطة الله من يرفع حديثى . ثم خلّى عنه..).

 رابعا :

المختار يجعل رب العزة تابعا له .!!

1 ـ ألبس المختار طموحه السياسى ثوبا دينيا مزيفا . كان فى السجن حين إنهزم سليمان بن صرد وجماعته ( التوابين ) ، وخلت الساحة الشيعية من زعيم فوجدها المختار فرصة ليقدم نفسه بديلا لإبن صرد وبمؤهلات إلاهية . من سجنه بعث لأحد كبار الشيعة ( رفاعة بن شداد ) رسالة يقول له فيها : ( أما بعد ، فمرحبا بالعصب الذين أعظم الله لهم الأجر حين انصرفوا ورضي انصرافهم حين قفلوا ، أما ورب البنية التي بنى ما خطا خاط منكم خطوة ولا رتا رتوة إلا كان ثواب الله له أعظم من ملك الدنيا. ). هنا يتقول على رب العزة بأنه أعظم لهم الأجر والثواب فى خروجهم وفى هزيمتهم ، ثم منح سليمان بن صرد  درجة عليا مفتريا الكذب على الله جل وعلا ، قال : ( إن سليمان قد قضى ما عليه وتوفاه الله فجعل روحه مع أرواح الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين ) ثم يقدم نفسه بأنه ــ وليس سليمان بن صرد ـ الذى سنتصرون به : ( ولم يكن بصاحبكم الذي به تنصرون )، وقال عن نفسه : ( إني أنا الأمير المأمور والأمين المأمون وأمير الجيش وقاتل الجبارين والمنتقم من أعداء الدين والمقيد من الأوتار فأعدوا واستعدوا وأبشروا واستبشروا أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه وإلى الطلب بدماء أهل البيت والدفع عن الضعفاء وجهاد المُحلّين والسلام ).

2 ـ وتمكن المختار من قتل كل من شارك فى قتل الحسين وآله فى كربلاء ومنهم شمر بن ذى الجوشن  وعمر بن سعد وابنه ، ويقول المختار فى رسالة لابن الحنفية : ( بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد بن علي من المختار بن أبي عبيد،سلام عليك أيها المهدي، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد‏: ‏فإن الله بعثني نقمة على أعدائكم فهم بين قتيل وأسير، وطريد وشريد، فالحمد لله الذي قتل قاتلكم ). هنا يلقب محمدا بن على بن أبى طالب بالمهدى ، ويجعل نفسه مبعوثا من رب العزة جل وعلا لقتل أعداء العلويين ، ثم ينسب القتل لرب العزة جل وعلا : (فالحمد لله الذي قتل قاتلكم ). وهى نفس العادة الكافرة فى جعلهم رب العزة عاملا عندهم . تعالى الله جل وعلا عن هذا علوا كبيرا. وتبّا لحطام الدنيا الذى يهبط بالبشر الى هذا السّفل والسفالة .!

3 ـ تكرر هذا الإفك من المختار فى الحثّ على إفناء من قتل الحسين ، قال فى دعوته لإهلاكهم : ( ما من ديننا ترك قوم قتلوا الحسين يمشون أحياء في الدنيا آمنين ) ، أى حو دين جديد له ولصحابه يتمثل فى قتل قتلة الحسين . ثم قال عن نفسه : ( بئس ناصر آل محمد أنا إذا في الدنيا أنا إذا الكذاب كما سموني ، فإني بالله أستعين عليهم ، الحمد لله الذي جعلني سيفا ضربهم به ورمحا طعنهم به وطالب وترهم والقائم بحقهم )، أى يفترى  أن الله جل وعلا جعله سيفا ورمحا والذى يطلب الثأر لهم والقائم بحقهم. ثم ينحطّ فى الكفر إذ يقول : ( إنه كان حقا على الله أن يقتل من قتلهم وأن يذل من جهل حقهم فسموهم لي ثم اتبعوهم حتى تفنوهم . ) . أى يجعل حقا على رب العزة أن يقتل أولئك وأن يذلّ من جهل حقهم. علي هذا المختار لعنة الله جل وعلا .

خامسا :

إستعمال مصطلح ( عدو الله / أعداء الله )

1 ـ وطالما أن المختار قد زعم لنفسه مكانة تفوق رب العزة جل وعلا ، فليس غريبا أن يجعل خصومه ( أعداء الله ) .

2 ـ فى عام 66 إستولى المختار على الكوفة فى 14 ربيع الأول وهرب إبن مطيع والى ابن الزبير عليها ، وتتبع المختار بالقتل ، ليس فقط الزعماء بل الأفراد. جىء ببعضهم اليه معتقلين . تقول الرواية : ( .. فقال لهم المختار: " يا أعداء الله وأعداء كتابه وأعداء رسوله وآل رسوله : أين الحسين بن علي ؟ ) .

3 ـ وفى المعركة التى دارت بين ابراهيم بن الأشتر قائد المختار وجيش عبيد الله بن زياد عام 67 قال المتحدث باسم جيش ابن زياد للمتحدث باسم جيش المختار : ( ألا يا شيعة أبي تراب ( أى على بن أبى طالب ) يا شيعة المختار الكذاب " ) فأجابه المتحدث باسم جيش المختار : ( ما بيننا وبينكم أجل من الشتم ، فقال لي :" يا عدو الله إلام تدعوننا أنتم تقاتلون مع غير إمام " فقلت له : " بل يا لثارات الحسين ابن رسول الله ادفعوا إلينا عبيد الله بن زياد فإنه قتل ابن رسول الله وسيد شباب أهل الجنة حتى نقتله ببعض موالينا الذين قتلهم مع الحسين فإنا لا نراه لحسين ندا فنرضى أن يكون منه قودا.. ") . هنا يتهم المتحدث بإسم الجيش الأموى المتحدث يإسم جيش الشيعة بأنه عدو الله .

4 ـ فى إنقاذ بنى هاشم من تحريق ابن الزبير: وصلت إستغاثة محمد بن على بن أبى طالب ( إبن الحنفية ) الى المختار ، تقول الرواية : ( .. فنادى في الناس ، وقرأ عليهم الكتاب ، وقال : " هذا كتاب مهديكم وصريح أهل بيت نبيكم وقد تركوا محظورا عليهم كما يحظر على الغنم ينتظرون القتل والتحريق بالنار في آناء الليل وتارات النهار، ولست أبا إسحاق إن لم أنصرهم نصرا مؤزرا وإن لم أسرب إليهم الخيل في أثر الخيل كالسيل يتلوه السيل حتى يحل بابن الكاهلية ( ابن الزبير )  الويل " ) وأرسل مجموعات مسلحة   دخلت الحرم المكى : (  وهم ينادون يا لثارات الحسين ، حتى انتهوا إلى زمزم ، وقد أعد ابن الزبير الحطب ليحرقهم ، وكان قد بقي من الأجل يومان ، فطردوا الحرس وكسروا أعواد زمزم ، ودخلوا على ابن الحنفية ، فقالوا له " " خل بيننا وبين عدو الله ابن الزبير " ، فقال لهم : " إني لا أستحل القتال في حرم الله " . ) . هنا نرى الشيعة يقولون عن عبد الله بن الزبير أنه ( عدو الله ) .

جدير بالذكر أن إبن الزبير هرب من المواجهة ، تقول الرواية : : ( فسار القوم ومعهم السلاح حتى اشرفواعلى مكة ، فجاء المستغيث  : " اعجلوا فما أراكم تدركونهم  " فقال الناس : " لو ان اهل القوة عجلوا" ، فانتدب منهم ثمانمائة ، رأسهم عطية بن سعد بن جنادة العوفي ، حتى دخلوا مكة فكبروا تكبيرة سمعها بن الزبير ، فانطلق هاربا حتى دخل دار الندوة ،  ويقال بل تعلق باستارالكعبة،  وقال : " انا عائذ بالله" ) .

5 ـ عليهم جميعا لعنة الله جل وعلا .. .

 خاتمة الكتاب:  

عليهم جميعا لعنة الله جل وعلا .. 

( عدو الله / أعداء الله ) فى لمحة قرآنية وتاريخية
هذا الكتاب
بدأ إجابة على سؤال ، ثم تتابعت المقالات مع تعليقات ، فصارت هذا الكتاب ، وهو يعتبر تمهيدا يدعو الباحثين الجادين لكتابة أعمق وأشمل فى نفس الموضوع .
والله جل وعلا هو المستعان .
أحمد صبحى منصور
الرابع من يولية 2019
more