رقم ( 5 )
الفصل الثالث : المستضعفون والصبر

 

الفصل الثالث : المستضعفون والصبر

 

 المستضعفون فى الأرض والصبر :

مقدمة

1 ـ الاستضعاف للبشر إهانة لهم. لو صبر المستضعفون إيجابيا وتوكلا على الله جل وعلا فى المواجهة طابا لحقوقهم لإنتهت هذه الظاهرة المهينة للبشر.

2 ـ هذا يستحق تفصيلا .

أولا : أنواع الضعاف من الناس

  ضعيف حسب مراحل العمر .

1 ـ  قال جل وعلا : (اللَّـهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚيَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ) 54 ) الروم   ) . يولد الطفل ضعيفا فيكون برعاية من حوله أقوى الناس .

2 ـ وعند الكبر يأتى الضعف ، ويأتى التشريع القرآنى برعاية الوالدين أو أحدهما إذا بلغ الكبر ، قال جل وعلا : (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴿٢٣﴾ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) 24 ) الاسراء ) .

اليتيم الضعيف  :

1 ـ تشريعات القرآن تعتنى باليتيم ؛ نفسه وماله . قال جل وعلا : ( وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ ۖ قُلِ اللَّـهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُوا لِلْيَتَامَىٰ بِالْقِسْطِ )﴿١٢٧﴾النساء ).

2 ـ والمؤمن الذى يخشى أن يموت تاركا ذرية ضعافا عليه أن يتقى ربه لينالوا حفظ الله جل وعلا ، قال جل وعلا : ( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّـهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴿٩﴾ النساء ).

3 ـ  وفى قصة موسى مع العبد الصالح أقام العبد الصالح جدارا ليتيمين لأن أباهما كان صالحا .  قال لموسى : (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا﴿٨٢﴾ الكهف )

وبدون الموت :

كأن يترك الوالد ولده فيصبح الولد ضعيفا بدون أبيه ، كما فى قصة ابراهيم عليه السلام وقد ترك إبنه الصغير إسماعيل فى مكة عند البيت الحرام فى واد غير ذى زرع ، وهى مؤهلات الضعف لذا دعا ربه جل وعلا فقال : ( رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴿٣٧﴾  ابراهيم ).

بسبب المرض والفقر والعمى والعرج 

وهذه حالات تلحق بالبشر . ولهم تشريعات خاصة فى القرآن الكريم . قال جل وعلا :

1 ـ ليسوا مطالبين بالتطوع وبالتبرع فى المجهود الحربى ، وهم محسنون إذا نصحوا وإتقوا الله جل وعلا ، قال جل وعلا : ( لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَىٰ وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّـهِ وَرَسُولِهِ ۚ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ ۚ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٩١﴾ التوبة )

2 ـ (لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ )﴿٦١﴾ النور ) (  لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا ﴿١٧﴾  الفتح )

ثانيا : وجود المستضعفين فى بلاد الظالمين

1 ـ ليس فى الدولة الاسلامية مستضعفون مظلومون. لأن الضعيف فيها تنصفه تشريعات الاسلام . وجود  المستضعفين يُعدُّ دليلا على خلل فى المجتمع وفى الدولة ، وهذا فى دول الإستبداد حيث يتحكم المستبد ومعه الملأ ، وهم معا أقلية الأقلية ولكنهم يحتكرون السلطة والثروة والسلاح ، وبهم تتكون الفئة المترفة التى تبتلع حقوق الأغلبية ، وتحولها الى أغلبية مستضعفة . ويكون هذا إرهاصا بتدمير تلك الدولة . ( الإسراء 16 )

2 ـ المستبد الذى ( يعلو ) على قومه يمارس التفرقة بينهم ـ يكون له الملأ من جنده وحاشيته يرهب بهم الأغلبية المستضعفة ، وليزيد من قهرهم يختار أقلية من المستضعفين فيضطهدهم ليرهب الأغلبية المستضعفة ، وفى نفس الوقت يجعل تلك الأقلية المستضعفة أكثر ضعفا بما يتخذه من أساليب القهر والتعذيب . وهذا ما فعله فرعون موسى مع أقلية من أهل مصر ، وهم بنو إسرائيل . قال جل وعلا : ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ  ) القصص 4 ).

3 ـ وقد يكون هناك قائد عادل وحازم لشعب متمرد ، فإذا غاب عنهم وولّى عليهم نائبا عنه ، ظهر تمردهم وإستضعفوا الوالى عليهم وأرهبوه وهددوه بالقتل. هذا توصيف بنى إسرائيل حين تركهم موسى وذهب الى ميقات ربه عند جبل الطور ، وفأوصى أخاه النبى هارون أن يخلفه فى القوم وأن يكون صالحا ولا يطيع المفسدين وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ﴿١٤٢﴾ الاعراف ). ولكن المفسدين إتخذوا من الأسباب التى جعلوا فيها هارون مستضعفا ، وعبدوا العجل الذهبى . قال جل وعلا : ( وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ   ) 150 ) الاعراف )

ثالثا :  المستضعفون بين الصبر والهجرة   

1  ـ الصبر الايجابى الإسلامى يجعل المستضعف يقف مطالبا بحقه ، وإن لم يستطع فعليه بالهجرة تاركا هذا الوطن لأنه وطن المستبد وحاشيته فقط . وإذا هاجر بعد جهاد وصبر فإن رحمة الله جل وعلا تحوطه ، ويكسب فى الدنيا والآخرة  قال جل وعلا :

1 / 1 :  ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أُولَـٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّـهِ ۚ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٢١٨﴾ البقرة )

1 / 2  (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّـهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ۖ وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴿٤١﴾ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴿٤٢﴾ النحل )

1 /  3 : ( وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّـهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴿٥٨﴾ لَيُدْخِلَنَّهُم مُّدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ ۗ وَإِنَّ اللَّـهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ ﴿٥٩﴾ الحج )

1 / 4 : ( ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِن بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴿١١٠﴾ النحل ) .

2 ـ  هذا لا يعنى أنه سيجد الظروف ميسرة له بل سيلاقى عنتا ومشقة ، وسيجد يسرا وسعة أيضا ، وقد يفقد حياته ، ومعنى هذا أنه سيصاحب الصبر  الايجابى فى هجرته كما كان يصاحبه فى تصديه للمستبد وحاشيته الظالمة . ويكفيه أنه صابر وأن الله جل وعلا مع الصابرين . قال جل وعلا : (وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ۚ وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّـهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّـهِ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴿١٠٠﴾ النساء) 

رابعا : المستضعفون الظالمون لأنفسهم  ( أصحاب الصبر السلبى )

1 ـ لو تمسك المستضعفون  بالصبر الإيجابى تختفى هذه الظاهرة المهينة للبشر وهى الاستضعاف ، فالله جل وعلا كرّم بنى آدم وفضلهم على كثير ممن خلق . قال جل وعلا : ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴿٧٠﴾ الاسراء). والمستبد يعتبر الشعب رعية له أى هو الراعى وهم الرعية أو الأنعام المملوكة له، يتحكم فيهم كيف شاء يقتل من يريد ويستبقى من يشاء ، شأن الراعى مع أغنامه وأبقاره ومواشيه .

2 ـ ولهذا يكون من أصحاب جهنم أولئك  المستضعفون فى الأرض القادرون على الهجرة ولم يهاجروا ثم ماتوا على إستضعافهم ورضاهم بالصبر السلبى . قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُواْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) 97 ) النساء ) .

3 ـ الاستثناء هو لغير القادرين على الهجرة. أولئك ( عسى ) الله جل وعلا أن يعفو عنهم. قال جل وعلا : ( إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ) 98 : 99 ) النساء )

رابعا : المستضعفون والقتال الدفاعى ضد المعتدين 

 1 ـ المستبد يستعين بالكهنوت الدينى ليركب به الناس أو يجعل نفسه كهنوتا بدولة دينية. وحين يتحكم بالكهنوت يسود الإكراه فى الدين ، وفرض الدين ( السلطانى ) على الناس ، ومن يرفضه يكون مسنضعفا فى الأرض حتى لو كان من الأثرياء .

 2 ـ الكهنوت القرشى مارس الإكراه فى الدين أو الفتنة فى الدين . وعانى من هذا المؤمنون من المستضعفين فى مكة حتى لقد أباح الله جل وعلا لهم البوح بالكفر تفاديا للتعذيب . قال جل وعلا : (مَن كَفَرَ بِاللَّـهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّـهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿١٠٦﴾ النحل ) .

وهاجروا وتابعتهم قريش بالغارات الحربية وقت أن كانوا ممنوعين من رد الإعتداء ومأمورين بكف اليد . قال جل وعلا عن غارات قريش عليهم : ( وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ۗ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ) ﴿٢١٧﴾  البقرة ).

ثم نزل الإذن لهم بالفتال الدفاعى وفيه حيثيات هذا التشريع من أنهم يتعرضون للقتال بعد أن أخرجوهم من ديارهم ظلما وعدوانا . ومن الحيثيات أيضا حصانة بيوت العبادة للجميع ، قال جل وعلا : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴿٣٩﴾ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّـهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴿٤٠﴾ الحج ). 

3 ـ وبعد الانتصار فى موقعة بدر قال جل وعلا يذكّرهم بحالهم حين كانوا مستضعفين يخافون أن يتخطفهم النار ، قال لهم جل وعلا : ( وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) 26 ) الانفال ). تحقق هذا بالصبر الايجابى فى القتال .

بوقوفهم ضد المستكبرين زالت حالة الاستضعاف .

4 ـ إنقاذ المستضعفين الذين يعانون العسف واجب على الدولة الاسلامية حتى لو تطلب هذا القتال ، قال جل وعلا : ( وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا ) 75 النساء ) .

5 ـ  وللقتال الدفاعى مقصد نهائى أعلى هو منع الفتنة فى الدين أو الإكراه فى الدين ، حتى يكون الدين لله جل وعلا يحكم فيه بين البشر يوم الدين ، وإذا توقف الإكراه فى الدين توقف القتال ، قال جل وعلا (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّـهِ ۖ فَإِنِ انتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ ﴿١٩٣﴾ البقرة ) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّـهِ ۚ فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّـهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴿٣٩﴾ فاطر)

خامسا :مستضعفون مؤمنون صابرون جاءهم نصر الله جل وعلا :

1 ـ قبل فرض الهجرة والقتال الدفاعى كان رب العزة يهلك الكفار المستكبرين وينجى المؤمنين المستضعفين مع النبى . حدث هذا مع أقوام نوح وهود وصالح وشعيب . قال جل وعلا : ( ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا ۚ كَذَٰلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٠٣﴾ المؤمنون) .

2 ـ على سبيل المثال ، فإن الملأ المستكبر من قوم ثمود ردوا على دعوة النبى صالح بقولهم للمستضعفين المؤمنين : ( قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ) ( 73 : 76 ) الاعراف ). أنتهى الأمر بإهلاكهم ونجاة النبى صالح والمستضعفين .

سادسا : العبرة فى قصة فرعون موسى

 إهلاك فرعون وجنده وآله وقومه كان ــ فيما نعلم ـ آخر الاهلاك للقوم الظالمين بالتدخل الالهى . ونرى فيه قضية المستضعفين واضحة. من البداية الى النهاية :

1 : البداية قى قوله جل وعلا : ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ  وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ ) 4 : 6 ) القصص )

2 : ثم تطرف فرعون فى إضطهاد المستضعفين من بنى إسرائيل بعد مجىء موسى . ( وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ   ) 127 : 129 ) الاعراف )

3 : بسبب هذا التطرف فى التعذيب أصيب معظم بنى إسرائيل بالرعب ، وفقدوا الثقة فى مقدرة موسى على إنقاذهم . قال جل وعلا : ( فَمَا آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ ۚ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ ﴿٨٣﴾ يونس )

4 : هنا دعاهم الى الصبر الايجابى بالتوكل على الله وتقوية يقينهم بالله جل وعلا : ( وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّـهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ ﴿٨٤﴾ فَقَالُوا عَلَى اللَّـهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿٨٥﴾ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴿٨٦﴾ يونس ).

5 . بعد الصبر والتوكل كانت الصلاة والدعاء لرب العزة أن يهلك فرعون : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٨٧﴾ وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ ۖ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴿٨٨﴾ يونس ).

6 : وإستجاب الله جل وعلا لدعاء المظلومين فأغرق فرعون ودولته العميقة فى مياه البحر الأحمر العميقة. قال جل وعلا : ( قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٨٩﴾  وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿٩٠﴾ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴿٩١﴾ يونس )

7 : وتحقق ما قاله جل وعلا ، أورث بنى إسرائيل ملك فرعون بعد غرقه وغرق دولته . قال جل وعلا : ( وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ   ) 137 ) الاعراف )

أخيرا : العبرة :

تتهاوى عروش الفراعنة فى بلاد المحمديين ولكن يرثهم فراعنة آخرون . على المستضعفين فى بلاد المحمديين بالصبر الايجابى ، وطالما لا يقدرون على مواجهة المستبد الذى يحتكر السلطة والثروة والسلاح فعليهم أن يقيموا ليلهم قنوتا يدعون عليه أن ينتقم الله جل وعلا منه .

التعليقات

سعيد على

سؤال خارج الموضوع

رائعا جدا هذا الجهد الكبير لتجلية حقائق الإسلام العظيم و توضيح سهل بعد تدبر عميق لمن يملك ملكة التدبر في توصيف دقيق لواقع معاش .. نسخة حية لأهل السودان و الجزائر حفظهم الله جل و علا.سؤال خارج موضوع المقال و لعل الدكتور أحمد ملّ منه كثيرا و هو عن ( الصلاة  !حيث بعد أن ترك إبراهيم عليه السلام ابنه الصغير اسماعيل في مكة قال عليه السلام : ( ( رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴿٣٧﴾ ابراهيم ). هذا مع أن التسلسل التاريخي للصلاة جاء كما نفهم بعد رفع القواعد من البيت و اكتماله و هذا يأتي بعد تقدم اسماعيل في العمر!تقبل الله جل و علا صيامكم و أعانكم على الاستمرار في هذا العمل الرائع الغزير بحثا و تدبرا و نشرا و كل عام و أنتم بخير.

د عثمان محمد على

مشاركة فى السؤال والحوار 

مشاركة فى السؤال والحوار..اعتقد اخى الكريم استاذ سعيد . أن آية الشورى 13 تُساهم فى فهم موضوع الصلاة . ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي اوحينا اليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى ان اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم اليه الله يجتبي اليه من يشاء ويهدي اليه من ينيب ) . 

أحمد صبحى منصور

شكرا إبنى الحبيب استاذ سعيد وشكرا ابنى الحبيب د عثمان وأقول

كل عام وأنتم بخير سعيد وعثمان . الكلام هنا عن إقامة الصلاة ، وليس مجرد تأديتها. وتحدثنا كثيرا عن معنى إقامة الصلاة سلوكيا بالسلام ، وقلبيا بالتقوى فيما بين الصلوات والخشوع فى تأديتها.

 

 

( شيال الحُمول يا متولى ) إستغاثة الصبر السلبى للمستضعفين المصريين

مقدمة :

1 ـ المصرى العادى يهتف ( شيال الحمول يا متولى )، يستغيث بولى إسمه (المتولى ) يعتقد إن هذا ( المتولى ) (يحمل ) أو ( يشيل ) عنه الضائقة أو الألم الذى حل به . هذا أبرز مثال للصبر السلبى عند المصريين ، فى خمول وسكون ينتظرون وليا يأتى ليتحمل عنهم ما يقع عليهم من مصائب وآلام .

2 ـ نعطى بعض التفاصيل مستشهدين بالمؤرخ ابن إياس والشيخ الصوفى الشعرانى ، وكلاهما كان معاصرا للعصر العثمانى وفيه نبتت هذه الاستغاثة ( يا شيال الحمول يا متولى ) تعبيرا عن الصبر السلبى للمستضعفين المصريين .

أولا : بوابة المتولى ( باب زويلة ) :

1 ـ بوابة المتولى هو فى الأصل باب زويلة ، أحد أبواب القاهرة القديمة منذ أن بناها جوهر الصقلى . يقول المقريزى فى الخطط عن عام 485 أن الوزير الفاطمى بدر الجمالى ( أمير الجيوش ) نقل بابى زويلة القديم ، ورفع بدر الجمالى أبراجه وجهزه بزلاقة ملساء من حجر صوان حتى إذا هجم العسكر لم تثبت قوائم الخيل على الصوان لملاسته‏.‏ وقتها كان التهديد بغزو صليبى قائما .

2 ـ دخل باب زويلة التاريخ عندما أمر قطز بقتل رسل هولاكو المغولى الذين جاءوا لمصر يطلبون التسليم ، وتم تعليق رءوسهم على باب زويلة، وبعدها هزم قطز المغول فى عين جالوت. ثم تجدد دخول باب زويلة التاريخ عندما شنق السلطان العثمانى سليم الأول السلطان المملوكى المهزوم طومان باى ، وعلق جثته على باب زويلة. بعدها دخل باب زويلة الإعتقاد الشعبى تحت إسم جديد هو ( بوابة المتولى )

3 ـ حمل باب زويلة فى العصر العثمانى إسم (بوابة المتولى ) لأن متولى الخراج كان يجلس عنده يأخذ الضريبة من الناس  .

ثانيا : سقوط الدولة المملوكية وشنف طومان باى أخر سلاطينها

1 ـ إنتصر السلطان سليم العثمانى على السلطان الغورى وقتله فى مرج دابق بالشام . وجاء خبر الهزيمة للقاهرة . يقول ابن إياس ( ظلت البلاد بدون سلطان نحو خمسين يوما ، فلما دخل الأمراء للقاهرة اجتمعوا على تولية طومان باى فامتنع فاستعانوا بالشيخ أبى السعود الجارحى فحلفهم على المصحف بألا يخونوه ويرضون بقوله وفعله ثم حلفهم على ألا يظلموا الرعية .. فحلفوا على ذلك ) ( تاريخ ابن اياس 5 / 85 ، 103 ، 104 ) .

2 ـ الشيخ أبو السعود الجارحى كان أشهر شيخ صوفى وقتها ، ولا يزال ضريحه حتى اليوم. وهذا دليل على علو نفوذ التصوف وقتها بحيث يطلب الأمراء المماليك توسط أبى السعود الجارحى لإقناع طومان باى بتولى السلطنة ، ويقوم ابو السعود الجارحى بتحليف الأمراء على الولاء للسلطان الجديد.

3ـ ولقد مارس الصوفي أبو السعود الجارحى نفوذا غير مسبوق ، فقد وقع خلاف بين الزيني بركات المحتسب المشهور وقتها وبين أحد الدلالين ، واستجار الأخير بالشيخ الجارحى فشفع فيه عند المحتسب فلم يقبل شفاعته ، فأرسل الشيخ أبو السعود للمحتسب فحضر ووبخه وقال له :( يا كلب كم تظلم المسلمين ؟!. فحنق منه المحتسب فقام ، فأمر الشيخ بكشف رأسه وضربه بالنعال حتى كاد يهلك . ثم أرسل للأمير علان الداودار الكبير وأمره بأن يضعه في الحديد ويشاور السلطان عليه .. فأشار السلطان بأن يعمل فيه الشيخ ما يرى .. فأمر الشيخ بإشهاره في القاهرة ثم بشنقه على باب زويلة ، فأخرجوه من زاوية الشيخ وهو ماش مكشوف الرأس وهو في الحديد وهم ينادون عليه . ثم عاود الشيخ في أمره بأن عليه مالا للسلطان ومتى شنق ضاع على السلطان ماله فعفا الشيخ عنه من القتل ) . وقتها لم يكن معروفا ( بوابة المتولى ) بل باب زويلة . على أنه حادث غير مسبوق فى التاريخ المملوكى أن يكون لشيخ صوفى كل هذا النفوذ. وقال ابن اياس أن أبا السعود الجارحى صار ( يتصرف في أمور المملكة عزل وولاية )( تاريخ ابن إياس 5 / 112 : 115 )

4 ـ ولم يترك السلطان طومان باى وسيلة لإرضاء المتصوفة إلا وبذلها ، وقد رأى الشعراني بعينه السلطان طومان باى يقبل بفمه رجل الشيخ محمد عنان ، والشيخ ( مادُّ رجله لم يضمها ) ( البحر المورود 243 ، قواعد الصوفية 1/19 ). وعندما غرق الشيخ الصوفى ابن الكركى تردد طومان باى إلى بيته وذهب ماشيا إلى جنازته:( شذرات الذهب 8 / 104 )، واخلع طومان باى على ابن خليفة احمد البدوي الذي قتله سليم ( فقرره عوضا عن أبيه في الخلافة فنزل من القلعة في موكب حافل وعلى رأسه الأعلام ، وقدامه سائر الفقراء في الزوايا والمزارات بالقرافة وغيرها ، وفرق عليهم القمح لكل زاوية خمسة أرادب وقرأ عدة ختمات في المزارات ) (تاريخ ابن إياس 5 / 117 ، 128 ، 139 ، 154 ، 156 ، 160) . وبسبب العناية الفائقة بشيوخ التصوف فقد نقل الأثرياء أثاثهم ومقتنياتهم الى المؤسسات الصوفية . قال ابن اياس : ( وقد نقل أعيان الناس قماشهم إلى التراب وإلى المدارس والزوايا والمزارات وإلى بيوت العوام ) ( تاريخ ابن إياس 5 / 117 ، 128 ، 139 ، 154 ، 156 ، 160 ). كان هذا خوفا من نهب الجيش العثمانى القادم .

5 ـ بلغ نفوذ الصوفية أوجه فى العهد القصير للسلطان طومان باى ، كان فى حاجة اليهم فى محنته بإعتبارهم الأولياء المقدسين الذين يستغيث بهم العصر . وإنهزم طومان باى برغم شجاعته . وأمر سليم بشنقه ، وهو فى سيره الى المشنقة التى أعدها له العثمانيون كان يمشى ثابتا يحيى جماهير المصريين القاهريين الذين يبكون من أجله. مات طومان باى سريعا متمتعا بحب عوام المصريين، فلم يروا منه إلا الخير والتوسل مثلهم بالأولياء الصوفية .

6 ـ تعمّد سليم إنتهاك المقدسات الصوفية التى يتوسل بها المصريون ويستغيثون بها عند الأزمات . وخصوصا أن المماليك المنهزمين كانوا يفرون اليها لاجئين مستجيرين .وقد هجم العثمانيون على زاوية الشيخ عماد الدين وقبضوا على المماليك المختبئين فيها ، فاحرق العثمانيون البيوت التي حول الزاوية ونهبوا قناديلها والحصر التي فيها . وبعد هزيمة طومان باى فى معركة الريدانية يقول ابن إياس :( شرعت العثمانية تقبض على المماليك الجراكسة من الترب ) . ( الترب ) أى المدافن ، وكانت ممتلئة بالقبور المقدسة عند المصريين . وكان مشهد السيدة نفيسة من أكثر القبور قدسية . يقول ابن إياس إنهم ( ملكوا من باب القرافة إلى مشهد السيدة نفيسة ، فدخلوا إلى ضريحها وداسوا على قبرها ، واخذوا قناديلها الفضية والشمع الذي كان  عندها وبسط الزاوية وقتلوا في مقامها جماعة من المماليك ) . وأحرق العثمانيون جامع شيخو الذي احتمى به طومان باى . ثم صاروا يهاجمون الجوامع ليأخذوا منها المماليك ( فهجموا على جامع الأزهر وجامع الحاكم وجامع ابن طولون وغير ذلك من الجوامع والمدارس والمزارات ويقتلون من فيها من المماليك ). واستعذب العثمانيون نهب الأضرحة. يقول ابن اياس :( وبعد الأمان هجم العثمانيون على مقام الإمام الشافعي ونهبوا ما فيه من البسط ومن القناديل ... وكذلك مقام الإمام الليث  ). ومن الطبيعي أن تكون هزيمة المماليك هزيمة للمتصوفة المصريين ، فالمولد النبوي ( لم يشعر به أحدا من الناس ، وبطل ما كان يعمل في ذلك اليوم وما كان يحصل من الشقق والأنعام في تلك الليلة فبطل ذلك جميعه . وأشيع أن ابن عثمان لما طلع إلى القلعة وعرض الحواصل التي بها فرأى خيمة المولد فأباعها للمغاربة بأربعمائة دينار )( تاريخ ابن إياس 5 / 117 ، 128 ، 139 ، 154 ، 156 ، 160، 172 ).

7 ـ عاش الأولياء الصوفية فى رعب هائل يعبر عنه الشعراني بقوله : ( أُخذ علينا العهود إذا عملنا مشايخ على فقراء ( أى صوفية ) في زاوية أو على خرقة من الخرق المشهورة ( الطرق الصوفية ) أن نفر من طريق الناموس ( السلطة ) جهدنا ، ولا نمكن أحدا من الفقراء يقف بين أيدينا غاضا طرفه كما يقف في الصلاة ، ولو أن ذلك كان من عادة ذلك الفقير مع شيخ قبلنا فنأمره بأن يخالف عادته إذا حضر ، لأن هذه الأمور لا تناسب فقيرا ، وربما جره ذلك إلى النفي من بلده كما وقع للشيخ أويس بالشام والشيخ على الكارزوني بحلب . والقانون العثماني أن كل من تظاهر بصفات الملوك وعارض أركان الدولة فيما يفعلونه يحبسونه أو ينفونه، لخوفهم أن تكثر أشياعه فينازع السلطان في مملكته. نسأل الله اللطف .!! ) ( البحر المورود 328). لم يكن منتظرا في جو الإرهاب هذا أن يخالف شيخ صوفي القانون العثماني فيكثر أتباعه ويعظم نفوذه كما حدث في الدولة المملوكية .

8 ـ وأحس العثمانيون المحتلون بمحبة المصريين لسلطانهم المشنوق على باب زويلة ، وربما خشوا أن يتحول باب زويلة الى ما يشبه (نُصُب ) لذكرى هذا السلطان المشنوق المحبوب ، فعينوا شخصا يتولى بالعسف جمع الخراج فى نفس باب زويلة. بهذا إشتهر باب زويلة باسم جديد هو بوابة المتولى ، أى متولى تحصيل الضريبة.

9 ـ واجه الضمير الشعبى المصرى هذا بأن تخيل طومان باى شيخا صوفيا يستغيثون به ، وأسموه ( متولى ) وأضافوا لقبا وخصيصة به وهو انه ( شيال الحمول ) .

ثالثا : الحمول أو الحملات

1 ـ تعنى فى الثقافة المصرية وقتها المصائب ، وإشتهر فى العصر العثمانى إعتقادهم أن هناك أولياء يقومون بحمل المصائب عن الناس عندما يستغيث بهم الناس ، فالمرأة حين  طلق الولادة تستغيث بالولى المفضل لديها فيتحمل عنها الولى ــ حيا كان أو ميتا ـ آلام الولادة. فى العصر العثمانى ذبل ذكر السلطان طومان باى وتحول فى الاعتقاد الشعبى الى ولى ( يشيل ) أى يحمل او يتحمل آلام المرضى وكل من يستغيث به . وأصبح يقال عن هذا الولى الخيالى ( شيال الحمول يا متولى ) . وإشتهر إسم متولى بعدها ، وشاعت التسمية به بين المصريين . دون ان يعرفوا اصل الحكاية .

2 ـ الشعرانى هو أشهر شيخ صوفى وأشهر فقيه أيضا ـ عاش شبابه فى العصر المملوكى  وتسيد العصر العثمانى بمؤلفاته الكثيرة ، وقد تولى نشر أكاذيب كرامات الأولياء فى الحملات ، ووضع لها القواعد  وملأ بها كتبه ( صحبة الأخيار ) و ( تنبيه المغترين ) و ( لطائف المنن )و ( الطبقات الكبرى ـ الجزء الثانى ). وجعلها رائجة طيلة العصر العثمانى وبعده . ونال الولى المصنوع ( المتولى ) جانبا كبيرا من التوسل ، فأصبح يقال ( يا شيال الحمول يا متولى ). ونسى الضمير المصرى طومان باى ؛ إحتل مكانه ( المتولى ).

رابعا : كله من العصر العثمانى

1 ـ لم تكن أساطير الحملات معروفة قبل العصر العثمانى ، ولم يذكرها الشعرانى ضمن اساطير الكرامات للشيوخ الصوفية المشهورين فى تأريخه للصوفية السابقين فى كتابه (الطبقات الكبرى ) . أى هى منتج للعصر العثمانى شأن إسم ( متولى ) الذى شاع بين المصريين منذ العصر العثمانى أيضا . لماذا :

2 ـ الاجابة فى الظلم الهائل الذى قاساه المستضعفون فى العصر العثمانى.

فى العصر المملوكى كانت هناك قوة ظالمة واحدة ، هى المماليك وجهازهم الحاكم . فى العصر العثمانى تحولت مصر الى ولاية عثمانية بوال عثمانى وحامية عثمانية . الوالى العثمانى لا يهمه سوى تحصيل الجزية بأى كيفية ولا شأن له بما يجرى . الحامية العثمانية مجموعات من الأوباش تحترف السطو والسلب والنهب والقتل والإغتصاب . وضحاياهم المستضعفون المصريون . ثم هناك المماليك الذين يحكمون البلاد فعليا تحت السلطة الإسمية للخلافة العثمانية، وهم فى شقاق وتناحر فى القاهرة وفى المدن ينهبون المتاجر وينتهكون حرمة البيوت، ثم أعوانهم هم الذين يتولون جمع الضرائب وفق نظام الإلتزام ، يدفعون مبلغا من المال ثم يحصلون أضعافه يذيقون الفلاح المصرى سوء العذاب . تحمل المستضعفون ظلم العثمانيين والمماليك معا . وواجهوا هذا بخنوع وصبر سلبى يساوى جبل الظلم هذا  .

3 ـ وعكست هذا أمثالهم الشعبية ، كانت تحملهم أمواج الحياة من أزمة الى كارثة ، وهم يقولون ( نظرة يا متولى ) و ( يا شيال الحمول يا متولى ) ( الصبر مفتاح الفرج ) ( الصبر حرق الدكان ). ( اصبر على جار السوء لما يموت او تيجى له داهية تاخده ).

3 ـ بالصبر السلبى خسروا الدنيا ، وبإعتقادهم فى الأولياء خسروا الآخرة أيضا .!!

 

 

 

للصبر الايجابى خلود فى الجنة وللصبر السلبى خلود فى النار

أولا : الخلود فى الجنة جزاء الصابرين صبرا إيجابيا

1 ـ جاء هذا فى إيجاز فى قوله جل وعلا :

1 / 1 :( إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴿١١﴾ هود )

1 / 2 :( إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴿١١١﴾ المؤمنون )

 (  مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ اللَّـهِ بَاقٍ ۗ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٩٦﴾ النحل )

 1 / 3 : ( أُولَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا﴿٧٥﴾ الفرقان )

2 ـ وجاء بعض تفصيل عن نعيمهم فى الجنة . قال جل وعلا :

 2 / 1 : (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَٰلِكُمْ ۚ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّـهِ ۗوَاللَّـهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴿١٥﴾الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴿١٦﴾الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴿١٧﴾ آل عمران )

2 / 2 :  ( وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ﴿٢٢﴾ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ ﴿٢٣﴾ سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴿٢٤﴾ الرعد )

ثانيا : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ )

1 ـ يسىء بعضهم فهم قوله جل وعلا : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ )، يحسبون أنه لا حساب يوم القيامة على الصابرين . أى أن كلمة ( حساب ) فى الآية الكريمة تعنى ( حساب الآخرة ) ، وهذا ينافى آيات كثيرة تؤكد حساب البشر جميعا من أنبياء وغيرهم. المقصود بقوله تعالى هنا ( بغير حساب ) أى أنه بدون حد أقصى .

2 ـ وجاء تعبير (بِغَيْرِ حِسَابٍ ) بمعنى بدون حد أقصى فى قوله جل وعلا :

2 / 1 : (  قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَـٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ۗ وَأَرْضُ اللَّـهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴿١٠﴾ الزمر )، هذا فى تشجيع الهجرة فى أرض الله جل وعلا الواسعة . وفى نفس المعنى يقول جل وعلا يدعو المؤمنين الصابرين الى الهجرة خلال عمرهم القصير : (  يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ﴿٥٦﴾كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴿٥٧﴾ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴿٥٨﴾ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴿٥٩﴾ العنكبوت). العمر قصير أما الأرض فواسعة ، فلماذا تضيع عمرك القصير تتحمل ظلما بينما يمكنك أن تهاجر فى أرض الله الواسعة.

2 / 2 : وجاء عن الرزق الدنيوى الذى يرزقه الله جل وعلا من يشاء بدون حد أقصى . قال جل وعلا :

2 / 2 / 1 :( وَاللَّـهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴿٢١٢﴾ البقرة )

2 / 2 / 2 : (وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴿٢٧﴾ آل عمران )

2 / 2 / 3 : (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّـهِ ۖإِنَّ اللَّـهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴿٣٧﴾ ) مريم )

2 / 2/ 4 : (هَـٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴿٣٩﴾ ص )

2 / 3 : وجاء ايضا عن الرزق فى الجنة بلا حد أقصى فى قوله جل وعلا :

2 / 3 / 1 : (لِيَجْزِيَهُمُ اللَّـهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّـهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴿٣٨﴾ النور )

2 / 3 / 2 : (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا ۖ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴿٤٠﴾ غافر )

ثالثا : من  أنواع أصحاب النار :

1 ـ منهم المستضعفون أصحاب الصبر السلبى الذين يرتضون عيشة الهوان مع قدرتهم الهجرة. تبشرهم الملائكة عند الموت بالنار ، ومن يدخل النار لا يخرج منها. قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّـهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَـٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴿٩٧﴾إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا ﴿٩٨﴾ فَأُولَـٰئِكَ عَسَى اللَّـهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ ۚ وَكَانَ اللَّـهُ عَفُوًّا غَفُورًا ﴿٩٩﴾ النساء )

2 ـ وأئمة الأديان الأرضية هم جنود ابليس من البشر وهم أبرز أصحاب النار

2 / 1 : . هم الذين ينشرون الأحاديث الشيطانية من أحاديث ومنامات . قال جل وعلا :

( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴿١١٢﴾ . وعن أتباعهم قال جل وعلا : ( وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ﴿١١٣﴾ الانعام )

2 / 2 : وعن وحيهم الشيطانى قال جل وعلا : ( هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ ( 221﴾ تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ﴿٢٢٢﴾ الشعراء ). نلاحظ وصفهم بالمبالغة فى الإفك والمبالغة فى الإثم ( أفّاك اثيم ) , ليس مجرد ( آفك ) ومجرد ( آثم ) لأنه لا يكذب على الناس بل يكذب على رب الناس فى زعمه الوحى الالهى. يدخل فى هذا كل أئمة الحديث والتفسير والفقه عند المحمديين .

2 / 3 : وعن عقابهم الشديد قال جل وعلا :  ( إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ ﴿٤٣﴾ طَعَامُ الْأَثِيمِ﴿٤٤﴾ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ﴿٤٥﴾ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ﴿٤٦﴾ خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَىٰ سَوَاءِ الْجَحِيمِ ﴿٤٧﴾ ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ﴿٤٨﴾ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ﴿٤٩﴾ الدخان ). هذا الأثيم كان فى الدنيا عزيزا كريما. سيقال له وهو تحت عذاب جهنم (  ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ).!

 تخاصم المستضعفين مع المستكبرين

1 ـ اصحاب الجنة فى وئام مع بعضهم البعض على سُرر متقابلين يتحدثون ويتسامرون ، قال جل وعلا : ( فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴿٤٣﴾ عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴿٤٤﴾ الصافات ). وحتى لو كانت بينهم عداوات فى الدنيا فستزول ويحل محلها محبة خالدة، قال جل وعلا :  ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴿٤٥﴾ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ ﴿٤٦﴾ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴿٤٧﴾ الحجر) . ثم هم خالدون فى هذا النعيم لا يخرجون من الجنة أبدا. قال جل وعلا  فى الآية التالية : ( لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ ﴿٤٨) الحجر  )

2 ـ على العكس من ذلك فإن المحبة بين الكافرين تتحول الى عداء وهم فى النار . قال جل وعلا : (وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّـهِ أَوْثَانًا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ ﴿٢٥﴾ العنكبوت  ) . ثم هم خالدون فى هذا العذاب ، قال جل وعلا : ( يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴿٣٧﴾ المائدة)

3 ـ هى حقيقة تخاصم أهل النار قال جل وعلا : (إِنَّ ذَٰلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ﴿٦٤﴾ ص ) 4 ـ وعن أنواع أهل النار وتخاصمهم فيها قال جل وعلا : ( فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ ﴿٩٤﴾ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ ﴿٩٥﴾قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ ﴿٩٦﴾ تَاللَّـهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴿٩٧﴾ إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٩٨﴾ وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ ) 99 ) الشعراء ). يتم إلقاؤهم فى جهنم كأكوام الزبالة . ثم يكون تخاصمهم فيها . المستضعفون يعترفون بأنهم كانوا فى ضلال مبين حين ساووا بين رب العزة وأئمتهم ( كالبخارى ومسلم والشافعى ومالك والغزالى وابن تيمية وابن عبد الوهاب ..الخ ) أولئك ضمن جنود إبليس . ثم يشيرون الى علماء السوء من الكهنوت يقولون إنهم الذين اضلوهم بإذاعة ونشر الوحى الشيطانى.

5 ـ وجاء الحديث القرآنى عن تخاصم المستضعفين مع المستكبرين . قال جل وعلا :

5 / 1 : (  وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ  ) 47 : 48 ) غافر ) . وتكر هذا فى قوله جل وعلا :  ( وَبَرَزُوا لِلَّـهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ ۚ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّـهُ لَهَدَيْنَاكُمْ ۖ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ ﴿٢١﴾ ابراهيم ) . يطلب المستضعفون من سادتهم أن يحملوا عنهم نصيبا من العذاب ، ويرد السادة المستكبرون زورا بأنه لو هداهم لجعلوا أتباعهم مهتدين. ثم يقولون حقيقة : سواء صبروا أم يصبروا فلا  مخرج من العذاب . أما الشيطان فيتبرأ منهم جميعا : ( وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّـهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖإِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٢٢﴾ ابراهيم )

5 / 2 : ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن نُّؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) 31 : 32 ) سبأ  ) . الكفر بالقرآن بدأ به قريش قوليا وعمليا وطبق هذا الكفر عمليا خلفاؤها فى الفتوحات، ثم كان الإفتراء على الله جل وعلا ورسوله بالأحاديث الشيطانية. وفى كل هذا كان هناك سادة وأتباع . وفى الآيتين من سورة سبأ نقرأ تبادل الاتهامات بينهم .

5 / 3 : وييأس المستضعفون بينما تتقلب وجوههم فى النار فيدعون أن ينتقم الله جل وعلا من سادتهم وأئمتهم وكهنوتهم . قال جل وعلا : (  يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا  ) 66 : 68 ) الاحزاب )

 6 ـ وفى هذا يكون صبرهم على عذاب النار

6 / 1 : كانوا فى الدنيا يتمسكون بكفرهم مع نصوع الأدلة على بطلانها. أى هو ( صبر ) على التمسك بالباطل . جاء ذكره فى قولهم :

6 / 1 / 1 :(  إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا ۚ وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴿٤٢﴾ الفرقان )

6 / 1 / 2 : ( وَعَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ ۖ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَـٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ﴿٤﴾ أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَـٰهًا وَاحِدًا ۖ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴿٥﴾ وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ ۖ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ ﴿٦﴾ ص )

6 / 2 : لذا يكون صبرهم شديدا على عذاب جهنم وهم خالدون فيها .

6 / 2 / 1 : يقال لهم وهم فيها : ( اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ ۖ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿١٦﴾ الطور )

6 / 2 / 2 : ويقال عنهم : ( فَإِن يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ ۖ وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ ﴿٢٤﴾  فصلت ).

6 / 3 : أئمة الكهنوت هم الأكثر صبرا لأن عذابهم هو الأفظع . إنهم المتاجرون بالدين ، يكتمون الحق القرآن ويبيعون الباطل . سيكون رب العزة جل وعلا خصما لهم يوم القيامة ، لا يكلمهم ولا يزكيهم . قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۙ أُولَـٰئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّـهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١٧٤﴾ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ ۚ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ﴿١٧٥﴾ البقرة ). رب العزة جل وعلا يتعجب من صبرهم على النار : (فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ  ).!

ملاحظة

نعتبر هذا هو خاتمة الكتاب .

الصبر فى الاسلام
هذا الكتاب
نشرت مقالا بعنوان : (رباعية الأرض ، الانسان ، الموت والسلام : ثقافة يجب تعميمها لنشر السلام والتعايش السلمى ). جاء تعليق د عثمان محمد على عن المظلوم صاحب الحق. رددت بمقال : ( فى سبيل السلام : المظلوم والصبر الايجابى ). ثم توالت المقالات فى موضوع الصبر. ونجمعها فى هذا الكتاب عن ( الصبر فى الاسلام ) ، وجعلنا مقال ( رباعية الأرض ..) المشار اليه هو مقدمة هذا الكتاب مع المقال الأول .
والله جل وعلا هو المستعان .
أحمد صبحى منصور.
الأ د 19 مايو 2019 .
more