رقم ( 7 )
الفصل الخامس : مكان العذاب يوم القيامة

الفصل الخامس : مكان العذاب يوم القيامة
المقال الأول 
  المكان والزمان والسرعة والعُلُوّ فى هذه الدنيا 
مقدمة : فى محاولة لتصور مكان النعيم والعذاب فى اليوم الآخر نعطى لمحة عن المكان والزمان والسرعة والعلو فى هذه الدنيا ، وهى  ( اليوم الأول ) الذى ينتهى بقيام الساعة ومجىء ( اليوم الآخر ) وقد أشرنا لمحتوى هذا الفصل سابقا  . وهنا نعطى بعض التفصيلات :
أولا : سبع سماوات تتخلل سبع أرضين 
يقول جل وعلا : ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ ) 12 ) الطلاق ). سبع سماوات الأعلى منها يتخلل الأدنى ثم السماء الدنيا تتخلل الأرض السابعة والأرض السابعة تتخلل السادسة وهكذا الى ارضنا المادية الأثقل والأبطأ فى سرعة إهتزازات ذراتها ، والتى تتخللها وتتخللنا الأرضين الست والسموات السبع . ويمكن أن نطلق على ما دون أرضنا(البرازخ )،  وفيها تعيش مخلوقات الجن والشياطين ـ وهى ممنوعة من ولوج السماء الدنيا ، وتعيش الملائكة فى برازخ السماوات والأرض ، وأعلاها قدرا وهم ( الملأ الأعلى ) يعيشون فى السماء السابعة . 
ثانيا : الزمن يتخلل الجميع 
1 ـ مادة السماوات والأرض يتخللها الزمن . لا نعرف شيئا عن مادة السماوات السبع والأرضين السّت ، لأنها برازخ تتخللنا ولا نراها . نعرف أن المادة فى ارضنا وما حولها من كواكب ونجوم ومجرات تتكون من ثلاثة أضلاع يتخللها الزمن. ونعرف أن مادة السماوات السبع والأرضين السبع تنطلقان عبر زمن متحرك بسرعات مختلفة الى نقطة التلاشى . 
2 ـ ونلاحظ أن رب العزة يعبر عن ( مواد ) الخلق فى السماوات والأرض بتعبيرات زمنية مثل ( اليوم )و (الساعة  ) و (الأجل ) أى الوقت المحدد سلفا. بل إن التعبير عن قيام الساعة وتفجير وتدمير السماوات والأرض يأتى بالسرعة التى تفوق سرعة الضوء ، أو سرعة لمحة بصرنا ، لم يقل جل وعلا ( لمح البصر ) أى سرعة الضوء ، بل إستعمل ( كاف التشبيه ) قال جل وعلا :  ( وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ(50) القمر)،  بل هو أقرب أى أسرع  من سرعة الضوء ، قال جل وعلا :  ( وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ )(77) النحل ).
ثالثا : السرعة  فى الاهتزازات 
1 ـ الثابت علمياً أن ذرات المادة الأرضية تدور بسرعةتتراوح بين 400 ألف مليون دورة إلى 750 ألف مليون دورة في الثانية الواحدة ، أما ذرات العالم البرزخى فإنها أسرع دوراناً وبهذا تخرج عن المستوى الاهتزازي لعالمنا المادي ولا نستطيع أن نراها ، ومن العالم غير المرئي لنا الجن والشياطين والملائكة والنفس البشرية بعد الموت وفى حالة النوم . وقد دل علم الميكانيكية الموجية على أن الأساس في تداخل الأجساد أو عدم تداخلها يرجع إلى اختلاف المستوى الاهتزازي لهذه الأجساد أو تطابقه . فإذا كان المستوى الاهتزازي واحداً لإنتمائهما إلى نفس العالم فإن تداخلها يكون مستحيلاً ، فالإنسان بجسده الأرضي لا يستطيع أن يخترق الجدران لأن مجال المستوى الاهتزازي بينها واحد . أما إذا أختلف المجالان فإن التداخل يكون طبيعياً .
2 ـ فالأبطأ هو سرعتنا نحن فى الأرض الأولى ، وكلما تداخلنا فى البرازخ زادت السرعة ، حتى نصل الى الملائكة فى برازخ السماوات ، وسرعاتهم فوق التصور ، قال جل وعلا : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) فاطر ) . ( الجناح ) هنا كناية عن سرعة الطيران . والمفهوم أن سرعات طيران الملائكة تتفاوت حسب البرزخ الذى تعيش وتسبح وتطير فيه ومن دونه من البرازخ، الى أن نصل الى أعلى الملائكة،  وهم(الملأ الأعلى ).
3 ـ و( الروح ) جبريل والملائكة معه ينزلون بالأقدار المحتمة ليلة القدر فى رمضان ، وتحدث هذه الأقدار الحتمية فى موعدها من موت وولادة ورزق ومصائب للبشر فى العام التالى . 
4 ـ الكائنات التى تعيش فى المجال: (Dimension    ) الخاص بها تكون لها السرعة المتاحة فى هذا المجال . نحن سرعتنا فى التحرك دون سرعة الضوء ، من هو أعلى منا سرعتها أكبر، وما هو أعلى هو الأعلى فى السرعة واقل ممن هم فوقه . وهكذا. 
رابعا : العلو يعنى سرعة إهتزازات الذرات 
 هنا يكون ( العلو ) فى العالم الدنيوى ليس بمفهومنا أى ليس ما فوقك هو الذى يعلوك مكانا،   فالذى يعيش فى فى المحيط المتجمد الجنوبى ليس أسفل الذى يعيش أسفل من رفيقه فى المحيط المتجمد الشمالى . كلاهما يرى السماء فوقه ، فالأمر نسبى هنا ، ولكن العلو هو حسب سرعة المخلوقات . سرعتنا محصورة فيما هو دون سرعة الضوء لذا فنحن أثقل ونحن أسفل ،وهناك سرعات الأوتار الفائقة التى تتجاوز سرعة الضوء ويقترب الانسان حاليا من التعامل معها ، وهى فى برزخ الأرض الثانية التى تتخلل أرضنا ، وبالتالى فهناك الأعلى منها فى برزخ الأرض الثالثة التى تتخلل الأرض الثانية وأرضنا المادية الأولى ، وهكذا حتى السماء الأولى الى السماء السابعة وملائكة (الملأ الأعلى ( الأعلى سرعة  ، وهم الذين ينتقلون بسرعات لا يمكننا تصورها من مكانهم الأعلى الى أرضنا المادية( السفلى ) ، ويتخللوننا وغيرنا بسرعاتهم التى لا يمكن لنا تصورها.   
خامسا : الكون يجرى نحو النهاية : ( قيام الساعة )
 ويسير هذا الكون بأراضيه وسماواته الى الأجل المسمى مسبقا ، وهو المحدد لتدميره بقيام الساعة . قال جل وعلا : ( مَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ(3)الاحقاف).  ولأن الكافرين مُعرضون فهم لم يتفكروا بأنفسهم أن الله جل وعلا  خلق السماوات والأرض وما بينهما من نجوم ومجرات  بالحق وأنها تنتهى فى الأجل المحدد أو الأجل المسمى ، وهو قيام  الساعة . أى نهاية هذا اليوم الدنيوى وبداية ( اليوم الآخر ) ، قال جل وعلا   : ( أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ(8)الروم ).
سادسا : تغير المكان الى الأمام فى الانطلاق نحو الأجل المسمى  
1 ـ بإنطلاق هذا الكون بأراضيه وسماواته الى الأمام دائما حتى نقطة النهاية فإنك أيها الانسان يتغير مكانك نحو الأمام مع كل ثانية أو ( فمتو ثانية ) تمر . تخيل أنك تركب قطارا ينطلق بك الى الأمام ، ويتغير مكانك مع كل ثانية تمر ، كل هذا وأنت فى داخل هذا الكوكب الأرضى ، ولكن هذا الكوكب الأرضى نفسه ينطلق بك يدور حول الشمس ، أى أن مكانك يتغير فى نفس الوقت حول الشمس ، ثم إن هذه الشمس تدور بما حولها من كواكب واقمار حول مركز بمجرة درب التبانة ، أى يتغير مكانك أيضا فى نفس الوقت فى داخل درب التبانة الى الأمام ، ثم إن هذه المجرة نفسها تنطلق فى مدار لها وبالتالى يتغير مكانك الى الأمام فى نفس الوقت فى مجال مجهول يشمل مركز المجرات . هذا والجميع ينطلقون أيضا فى هذا العالم المادى الذى يشمل هذه الأرض وما حولها من نجوم ومدرات ،وفى نفس الوقت تنطلق الى الأمام دائما برازخ الأرضين الست التى تتخلل أرضنا وبرازخ السماوات السبع التى تتخلل برازخ الأرضين السّت . السماوات السبع والأرضين السبع كلها تنطلق الى الأمام الى نقطة التلاشى أو قيام الساعة ، حيث يعود الكون الى الصفر او اللاشىء الذى بدأ منه . 
2 ـ لا سبيل لوقف هذا التقدم ، لا سبيل لوقف الزمن لأنه الذى يغلّف المادة سواء كانت مرئية لنا أو لم تكن . 
سابعا : ( فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لا تُبْصِرُونَ (39) الحاقة)
1 ـ نحن لا نرى عوالم البرزخ . بالسرعة التى تتحرك بها ذراته يستحيل على العين البشرية رؤيته . أنت ترى مروحة الطائرة وهى ساكنة فإذا تحركت بسرعة هائلة لم تعد تراها ، مع أنها تنتمى الى نفس عالمك المادى الثقيل ، فما بالك بمخلوقات برزخية تطير بسرعات خيالية ؟  
2 ـ يقول جل وعلا: ( فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لا تُبْصِرُونَ (39) الحاقة ). هناك ما يقع فى مجالنا البصرى ولا نراه ، وهناك ما لا يقع فى مجالنا البصرى وهو قريب منا ولا نراه ، مثل ملائكة تسجيل الأعمال التى تنتمى الى عالم البرزخ ، ومثل القرين الشيطانى الذى يتحكم فى نفس الضّال ولا يراه ، ولن يراه إلا فى اليوم الآخر . 
3 ـ ويتحدثون عن ( المادة المظلمة ) غير المرئية ، وهناك أشعة غير مرئية ، وسقف الأوزون الذى يحفظ غلاف الأرض الجوى ولا نراه ، والمشار اليه فى قوله جل وعلا : ( وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32) الأنبياء ) 
ثامنا : لا نرى بناء السماء : 
الله جل وعلا يصف السماء( وهى كل ما يعلو ) بأنها مبنية أو أنها ( بناء ). 
1 ـ يقول جل وعلا  : ( الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً) البقرة 22 )( اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً)غافر 64 ). ( ) ( وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا ) الشمس 5))
2 ـ وتأتى تفصيلات أخرى بالإضافة الى هذا البناء للسماء والسماوات:
2 / 1 :  فهى مزينة وما لها من فروج أو ثقوب أى محكمة البناء ، قال جل وعلا :  ( أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ ) ق  6 ).).
2 / 2 : وهى مبنية بقوة ، قال جل وعلا عن السماوات السبع :  ( وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا) النبأ 12 )). 
2 / 3 : وهى بقوتها تتمدد وتتوسع ( توسع المجرات ) وتوسع السماوات ، قال جل وعلا : (   وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ) الذاريات 47 ).).
2 / 4 : وهى محكومة بتوازن دقيق ، قال جل وعلا  : ( وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ  ) الرحمن) 7 )  ، وهى قوانين للجاذبية لا نراها، قال جل وعلا :  ( اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ ) الرعد 2 ). )
أخيرا : ما هى مدة هذه الدنيا ومتى تنتهى وتقوم الساعة ؟ 
 ويأتى السؤال الهام . نحن فى هذا (اليوم الدنيوى ) نجرى مع السماوات والأرض الى الأجل المسمى وهو تدمير كل هذا الكون . فما هو طول هذا اليوم ؟ 
1 ـ كانوا يستعجلون العذاب ، وهو مؤجل الى يوم القيامة . وجاء أن الأمر بقيام الساعة قد صدر، ولكن تنفيذه سيأتى طبقا للموعد المحدد له بزمننا . قال جل وعلا :  ( أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1) النحل)  . هنا إشارة الى إختلاف الزمن الالهى عن الزمن الأرضى . ولهذا يقول جل وعلا فى نفس الموضوع ( وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47)الحج )،  فاليوم الالهى يساوى ألف عام بحسابنا . 
2 ـ وهو نفس التقدير فى تدبير الأمر الالهى فى صدوره وعروجه بين السماء والأرض ، قال جل وعلا : (  يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5) السجدة ).
3 ـ أما عن مدة هذه الدنيا فهى خمسون ألف عام ، بتقدير الرحمن وليس بتقدير زمننا . قال جل وعلا : ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِنْ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)المعارج  .) لا نعرف متى بدأت ولا نعرف متى ستنتهى وتقوم الساعة . كل ما نعرفه أنها إقتربت ، وأول علامة لاقتراب الساعة هو نزول القرآن الكريم الرسالة الالهية الخاتمة للعالم والباقية الى آخر الزمان .  
 
المقال الثانى 
 ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) ابراهيم ) 
أولا :   يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ   
1 ـ القوانين الفيزيائية التى نعرفها والتى لا نعرفها فى المُتاح لنا فى عالمنا المادى ــ من الأرض المادية والنجوم والمجرات ــ  تختلف عن القوانين الفيزيائية فى عوالم البرزخ من الأرضين الست والسماوات السبع . والقوانين الفيزيائية للسماوت السبع والأرضين السبع ستتبدّل مع تدميرها وخلق أرض بديلة وسماوات بديلة . ونفهم من قوله جل وعلا :  (  يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ ) أنه تغيير بنسبة 100 % . التبديل يعنى وضعا متناقضا تماما . فالأرض القادمة تتناقض فى قوانينها الفيزيائية مع أرضنا الحالية ، وكذلك السماوات . وبالتالى فإن كُنّا لا نعلم سوى اليسير والظاهرى من أرضنا ومحيطاتها والنجوم والمجرات فنحن أجهل بالعالم القادم ، قال جل وعلا :  ( وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنْ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7) الروم ).   وما نعلمه عنه هو بمقدار ما نفهمه من القرآن الكريم فى الحديث عن أحوال الآخرة . 
2 ـ وممّا نفهمه فى موضوع الزمن أنه فى هذه الدنيا متحرك يسير بنا الى الأمام الى قيام الساعة ونقطة الصفر والتلاشى ، وفى تناقض لذلك سيكون الزمن فى اليوم الآخر راهن حاضر خالد ، ليس فيه الأمس أو الغد . هذا وضع يستحيل علينا فهمه لأن معارفنا مستمدة من بيئتنا ، ولا سبيل الى تخيل ما يخرج عن مدركاتنا . 
3 ـ التعبير القرآنى عن أحوال اليوم الآخر يأتى بالفعل الماضى ـ مع إنه لم يحدث بعدُ ، مثل قوله جل وعلا :  ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتْ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) الزمر ).  هذا بينما تأتى ملامح اليوم الآخر متتالية من البعث الى الحشر الى العرض أمام الله جل وعلا الى الحساب الى دخول الجنة أو النار . هذا التتالى والتتابع كيف يتسق مع الزمن الخالد الحاضر الراهن الذى لا يتحرك وليس فيه ماضى أو مستقبل ؟ المعضلة هنا أنه لكى تدخل الجنة أو النار فلا بد من المرور بمراحل ( سابقة ) أو ( ماضية )، فكيف يتأتى ( الماضى ) مع زمن ساكن ساكت متجمد خالد ؟ نعجز عن الاجابة وعن التخيل لأننا محكومون بمدركاتنا . ومدركاتنا اليوم لا تزال عاجزة عن فهم البرازخ وما يخرج عن الفيزيقا ويدخل فى الميتافيزيقا فى عالمنا فكيف بعالم لم يأت بعدُ ولمّا يأتنا تأويله أو تجسيده واقعا . حين نرى ذلك ونشهده فسنعرف . هذا بينما هو معلوم للخالق جل وعلا ، لأنه عالم الغيب والشهادة . ولهذا يتحدث عنه رب العزّة جل وعلا بصيغة الماضى بإعتباره أمرا تقرّر وانتهى ، ثم سيأتينا فى وقته وموعده ، كقوله جل وعلا عن قيام الساعة : ( أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1)  النحل)
4 ـ بدأ الخلق للسماوات والأرض بالانفجار العظيم المُشار اليه فى قوله جل وعلا  : ( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ (30)  الأنبياء ) ، ونتج عنه خلق كونين متناقضين أو ( زوجين ) ، قال جل وعلا  : ( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49) الذاريات ) (سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ (36) يس ) ، وكل منهما يسير مبتعدا عن الآخر فى شكل بيضاوى ، عن توسع الكون قال جل وعلا : ( وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) الذاريات )،  ثم يلتقيان كما قال جل وعلا فى تشبيه مُعجز ( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104) الأنبياء ) بإصطدامهما يتفجران ويفنى كل منهما الآخر ويعود العالم الى نقطة الصفر . وهذا معنى قيام الساعة . 
5 ـ وبحساب رب العزة جل وعلا فإن خمسين ألف عام تفصل بين بدء الخلق للسماوات والأرض وتدميرهما وقيام الساعة . نحن لا نعرف مقدار السنة فى حساب الرحمن ، ولا نعرف ماذا إنقضى من هذه الخمسين ألف سنة ، وما هو المتبقى . قال جل وعلا : ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِنْ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً (5) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً (6) وَنَرَاهُ قَرِيباً (7) المعارج ) . كل ما نعرفه إنه إقتربت الساعة ، قال جل وعلا من 14 قرنا : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) الأنبياء).
6 ـ نستعمل الآن (السنة الضوئية ). تبلغ سرعة الضوء 300 ألف كيلومتر/ثانية، وبهذه السرعة فان الضوء يقطع 18 مليون كيلومتر في الدقيقة وهذه تسمى الدقيقة الضوئية. تبلغ المسافة التي يقطعها الضوء في سنة واحدة 9,460,730,472,580,800 متر أي أنها تبلغ 9.461   HYPERLINK "HYPERLINK%20%22https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86%22تريليون"HYPERLINK  HYPERLINK "HYPERLINK%20%22https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86%22تريليون""https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86" HYPERLINK "HYPERLINK%20%22https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86%22تريليون"تريليون  كيلو متر. المسافات في الكون شاسعة جداً بحيث تقاس ببلايين السنين الضوئية .  فماذا عمّا فى البرازخ من سرعات ومسافات و قياسات لا يعلمها إلا الخالق جل وعلا ؟ . قال جل وعلا : (  لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (57) غافر ).
ثانيا :   وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) ابراهيم   
1 ـ الله جل وعلا يدير هذا الكون بملائكته ، ويعبر جل وعلا عن ذلك بالزمن الأرضى فيقول : ( يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5) ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (6)السجدة) . نلاحظ إستعمال الزمن المضارع المستمر فى التدبير للأمر الالهى فى إرساله وفى عروجه اليه جل وعلا وهذا فى يوم إلهى قدره ألف سنة بتقديرنا . وهو فوق الزمان والمكان ، لذا فهو جل وعلا عالم الغيب والشهادة . بالنسبة لنا فالمستقبل غيب ، بالنسبة له جل وعلا فهو يعلم الغيب والشهادة . قال جل وعلا عن إحطة علمه :  ( يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنْ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) سبأ)،  وكل شىء يحدث معلوم له جل وعلا ومكتوب ، قال جل وعلا : ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59) الانعام ). 
2 ـ الملائكة الذين يدبر بهم رب العزة الأمر منهم جبريل الروح وملائكة معه كانوا ينزلون بالوحى الالهى على الأنبياء ، وإنقطع هذا بإكتمال نزول القرآن الكريم ، ولكن لا يزال جبريل والملائكة معه ينزلون بالأقدار الحتميات ليلة القدر من شهر رمضان كل عام . وهناك ملائكة الموت وملائكة تسجيل الأعمال . وفى اليوم الآخر يتعرض الناس والملائكة الى الحساب ، قال جل وعلا عن حساب الملائكة :  ( وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )(75) الزمر ) (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفّاً لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً (38) النبأ  ). هذا لأن الملائكة يتمتعون بحرية القول والعمل ، ونتذكر أن إبليس كان من الملأ الأعلى من الملائكة ثم عصى فجوزى باللعن والطرد خارج السماوات والى برازخ الأرض مع الجن . 
3 ـ يختلف الوضع فى اليوم الآخر ، لأنه يوم لقاء الله جل وعلا . والمؤمن يرجو لقاء ربه يحقق ذلك بالتقوى ، والكافر غافل عن لقاء الله جل وعلا غير مؤمن به . 
4 ـ والله جل وعلا يستعمل اسلوب المشاكلة:
4 / 1 : فيصف اللقاء بالمجىء ، قال جل وعلا :  (  كَلاَّ إِذَا دُكَّتْ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً (22) الفجر ).
4 / 2 : أو أن الناس يُساقون الى ربهم ، قال جل وعلا :   (  إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12) القيامة ) (إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (30) القيامة ).
4 / 3 : أو يبرزون اليه جل وعلا :  (  وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً ) (21) ابراهيم ) ( وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) ابراهيم ). 
4 / 4 : أو يُعرضون عليه صفّا:(  وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً ) (48) الكهف ).
فى كل هذا لا يمكن لنا أن نتخيل المكان كما لا يمكننا أن نتخيل الزمان .
5 ـ يأتى رب العزة يوم لقائه فى اليوم الآخر ومعه ملائكة اليوم الأخر، صفا صفا . قال جل وعلا :  (  وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً (22) الفجر ).
ونتصور أن هذه الملائكة الذين سيأتون معه هم خلق جديد لا يتعرضون للحساب لأنهم خُلقوا على الطاعة المطلقة.
 وهم أنواع مختلفة :
5 : 1 : منهم أصحاب الأعراف ، وهم ( رجال) أى مترجلون على حاجز بين أهل الجنة وأهل النار ، قال عنهم جل وعلا : (  وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46) وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47) وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمْ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49)  الاعراف ). والتفصيل فى كتابنا ( المسلم العاصى ) المنشور هنا .
5 / 2 : ومنهم الصّافون الذين يقومون بصف الناس وزجر من يخرج منهم عن الصّف  ، وذكرهم رب العزة جل وعلا :  ( وَالصَّافَّاتِ صَفّاً (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْراً (2) الصافات ). 
5 / 2 / 1 :  ومن الملائكة الصّافين أولئك الذين يوزعون أهل النار يحشرونهم الى جهنم ويذكرونهم بالكتاب الالهى الذى كذبوا به ، قال جل وعلا : ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83) النمل ) ويؤنبونهم :  (  حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْماً أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (84) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنطِقُونَ (85)  النمل )( وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19)  فصلت ).
5 / 2 / 2: ومنهم الذين يسوقون أصحاب النار الى أبواب النار يؤنبونهم على تكذيبهم بآيات الله . ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) الزمر  ) ، وهم الذين يلقون بهم من أبواب الجحيم كأكياس الزبالة ، قال جل وعلا :  ( وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (37) الانفال ) (فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) الشعراء ).
5 / 3 : ومنهم الذين يسوقون أصحاب الجنة الى أبواب الجنة يسلمون عليهم ، قال جل وعلا : ( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) الزمر ). 
5 / 4 : منهم ملائكة النار داخل النار، قال جل وعلا عنهم :  ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) التحريم ). 
5 / 4 / 1 : هم خزنة جهنم الذين سيسألون الواردين اليها عن تكذيبهم بآيات الله جل وعلا :  ( إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنْ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ (9)  الملك).
5 / 4 / 2 :وفى خضم العذاب سيرجو أهل النار من خزنة جهنم أن يدعوا لهم رب العزة أن يخفف عنهم يوما من العذاب ، وتأيتيهم الاجابة تبكيتا ولوما ، قال جل وعلا : ( وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنْ الْعَذَابِ (49) قَالُوا أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (50)غافر ).
5 / 4 / 3 : ومنهم ( مالك ) خازن النار  الذى سيرجونه أن يدعو الله جل وعلا أن يقضى عليهم بالموت هروبا من العذاب،  ويرد عليهم يذكرهم بالحق القرآنى الذى كذّبوا به ، قال جل وعلا :  ( وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77) لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (78)  الزخرف ). هل يتعظ  بهذا المحمديون المؤمنين بأحاديثهم الشيطانية الكافرون بالقرآن ؟ 
5 / 4 / 4 : ومنهم ملائكة العذاب الذين يلاحقون أهل النار حين يريدون أن يخرجوا منها يضربونهم بمقامع من حديد ، قال جل وعلا :  ( فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمْ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) الحج ) (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمْ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20)  السجدة  ) 
5 / 5 : ومنهم  ملائكة الجنة الذين يدخلون على أهلها يحيُّونهم ، قال جل وعلا : ( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)الرعد ).
6 ـ ويأتى معه جل وعلا الجنة والنار .  قال جل وعلا :  ( وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) وَبُرِّزَتْ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91) الشعراء )( وَبُرِّزَتْ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى (36) النازعات )( وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) الفجر ).  الجنة والنار ليس لهما وجود الآن .
أخيرا :
1 ـ يقول جل وعلا عن تمام تحكمه يوم القيامة : (  وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتْ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) الزمر ). هنا أسلوب المبنى للمجهول ، إذ يفقد البشر حريتهم التى كانت ممنوحة لهم فى الدنيا . يفقدونها من لحظة الاحتضار ، ويظلون فاقدين لحريتهم فى البعث والحشر والعرض والحساب . ثم يختلف الوضع ، فأصحاب الجنة يستعيدون حريتهم خالدين فى الجنة وهى مُفتّحة لهم الأبواب ، أما الكافر فيظل فاقدا حريته أبد الآبدين فى النار . أى إن الذى يسىء إستعمال الحرية فى الدنيا يعيش عاصيا منتشيا بحريته فى الكفر والظلم والعدوان مصيره أن يتمتع بهذه الحرية أوقات يقظته فى الدنيا وأوقات صحته وسطوته ، ثم يفقد حريته بالموت ويظل فاقدا لها فى البعث والحشر والحساب وفى جهنم حيث العذاب الأبدى . 
2 ـ فهل يتعظ الكافرون بهذا ؟
 
المقال الثالث :
معضلة ( المكان ) فى الآخرة 
مقدمة : 
هذا تدبر قرآنى فى موضوع المكان فى الآخرة حيث الجنة والنار ، هما غيب مستقبلى لم يحدث بعدُ ، ولكن جاءت عنه إشارات قرآنية نتدبرها ،وقد نخطىء وقد نصيب . وفى النهاية فإن ما جاءت به الآيات القرآنية سيأتى تأويله ( بمعنى التجسيد والتحقق ) يوم القيامة .
أولا : علمنا القليل ورؤيتنا المحدودة فى هذه الدنيا :
1 ـ نحن لا نرى طاقات وأشعة نستفيد بها ، أى ضمن عالمنا المادى ، ولا نرى بأعيينا المجردة دواب حية فى أعماق المحيطات ، ودواب حية تعيش داخلنا وعلى جلودنا ونستنشقها ، وبعضهما نافع وبعضها ضار . قال جل وعلا عنها أنها ( أٌممُّ أمثالنا ) : ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38) الانعام ). نستخدم المناظير والتيليسكوبات فى رؤية الدقيق القريب والضخم البعيد من الذرة الى المجرة، وكلما إكتشفنا شيئا أدركنا مقدار ما نجهله من بديع صنع الرحمن جل وعلا  . 
2 ـ العلم الحديث الآن يدق أبواب عوالم البرزخ فيما يعرف بنظرية أو نظريات الأوتار الفائقة ، وفيها إختلافات وعليها إعتراضات ـ شأن بداية أى علم يدق أبواب المجهول . وعرفوا من نظرية الأوتار الفائقة أن الأبعاد في الكون الذي نعرفه؛ 3 أبعاد رئيسية وهي  الطول، العرض، الارتفاع ، بالإضافة إلى البُعد الرابع (الزمن .)،  أما نظرية الأوتارفتقول أن الكون مُكوّن من «11 بُعداً»، منها الأبعاد الثلاثة الرئيسية، والبُعد الرابع (الزمن)؛ بالإضافة الى 7 أبعاد كونية أخرى. وقالوا إن نظرية الأوتار الفائقة تفسر ما حدث وماكان موجودا قبل الانفجار العظيم حين كان الكون كلة مركزا فى نقطة واحدة إنفجرت ، وهو المُشار اليه فى قوله جل وعلا يخاطبهم : ( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا )(30)الأنبياء ) . وقالوا إن الأبعاد لهذا الكون تتحرك ضمن قوانين جديدة . وتؤكد نظرية الأوتار على أن الوحدات الأساسية المكوِّنة للعالم هي الأوتار، وهي خيوط اهتزازية من الطاقة متناهية الصغر.  يهتز كل وتر على تردد معين ويمثل قوةً محددة. وتعتبر الجاذبية وجميع القوى الأخرى نتاجاً لاهتزازات أوتار محددة.وكل شيء في الكون من ( فيرميونات، كواركات وليبتونات، هادرونات، بوزونات، وحوامل القوة كالفوتونات) يعرف بنمط الاهتزاز لأوتاره.وأن هذه هذه الأوتار المهتزة هى الوحدة الأساسية لتشكيل المادة ، وليس الذرات أو الجسيمات النقطية الصغيرة .  وقالوا أنه إذا صحت هذه الفرضية الخاصة بالأبعاد الـ11، فإن معنى هذا أن الكون ليس وحيدًا، وإنما هناك أكوان عديدة متصلة ببعضها، ويشير العلماء إلى أن هذه الأكوان متداخلة ولكن لكل كون قوانينه الخاصة، فالحيز الواحد من العالم من الممكن أن يكون مشغولًا بأكثر من جسم لكن من أبعاد مختلفة أى متداخلة .
3 ـ حسنا . لقد سبق القرآن الكريم العلم الحديث فى موضوع البرازخ للسماوات السبع والأرضين السبع ، والمتداخلة فى نفس المكان . فما يقولون أنه ( أبعاد ) هو البرازخ للأرضين الست والسماوات السبع . وبالتالى فالأبعاد هى 13 وليس 11 كما يقولون . 
4 ـ  وسبق القرآن الكريم فى أن هناك مخلوقات حية فى السماوات والأرض ، قال جل وعلا : ( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (49) النحل ) ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29)  الشورى  )، ومفهوم انها الجن والإنس والشياطين والملائكة . 
4 ـ ما نعرفه قليل فى عالمنا المادى ( الأرض والنجوم والمجرات ) وما نعرفه أقلُّ وأقلّ عن برازخ الأرضين الست والسماوات السبع . ومصدر العلم هو ما جاء من إشارات عنها فى القرآن الكريم الذى يسبق علم البشر . بالتالى فإن مصدرنا الوحيد هو القرآن الكريم فى معرفة ما سيحدث فى المستقبل فى قيام الساعة وتدمير هذا الكون وتبديله بارض بديلة وسماوات بديلة ومجىء الرحمن ليحاكم الخلق من بشر وجن وملائكة وشياطين . وما ينتج عن الحساب من نعيم أو جحيم . 
5 ـ المشكلة فى توصيل المعلومات عن اليوم الآخر بطريقة نفهمها ، ونحن لا نفهم إلا ما ندركه بحواسّنا ، وما نكتشفه فى عالمنا المادى نصنع له تعبيرات وصفات جديدة . وبالتالى فإن رب العزة جل وعلا يصيغ لنا معرفة جديدة نستطيع بها الاقتراب من هذا العالم المختلف الذى لم يأت بعد . ومن هنا أيضا تبدو معضلة الزمان والمكان فى اليوم الآخر . 
6 ـ القائلون بنظرية الأوتار الفائقة يتصورون مادة مختلفة فى الأبعاد أو الأكوان ، ليست ثلاثة أضلاع بالاضافة الى الزمن . بالتالى فهناك مكان مختلف فى هذه الأكوان فى هذه الدنيا ، وبالتالى أيضا فالمكان مختلف بل متناقض تماما فى اليوم الآخر ، ولا يمكننا تصوره على حقيقته . 
ثانيا : السماوات والأرض فى اليوم الآخر 
1 ـ للأرض الحالية معانى مختلفة عرضنا لها فى باب القاموس القرآنى . ومنها ( الأرض ) بمعنى أرض الجنة فى قوله جل وعلا :  ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ (105) الانبياء) ، وقول أهل الجنة : ( وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنْ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74) الزمر ). 
2 ـ وتأتى( الأرض ) مرادفة للسماوات فى قوله جل وعلا :  (  وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) الزمر)، ويأتى بعدها قوله جل وعلا  : (  وَأَشْرَقَتْ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) الزمر )،  أى أن يوم الحساب ولقاء الرحمن سيكون على أرض الآخرة . وعليه قد تكون الارض والسماوات متداخلة . 
3 ـ ويقول جل وعلا عن إتساع الجنة :  ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) آل عمران ) أى إن عرضها هو السماوات والأرض . والمفهوم هنا ان الجنة ستكون مفتّحة الأبواب : ( جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمْ الأَبْوَابُ (50) ص  ) بحيث يجوب أصحاب الجنة كل مكان بما فيها النار يرون أهلها ، وحكى رب العزة جل وعلا مشهدا فى ذلك حيث إطّلع واحد من أهل الجنة على واحد من أهل النار كان قرينا له فى الدنيا يحاول إضلاله وخاطبه مؤنبا له. قال جل وعلا  : ( فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55) قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (56) وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنْ الْمُحْضَرِينَ (57) أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) الصافات  ).  وهم فى هذا لا تضرهم نارها ولا يسمعون حسيسها ، قال جل وعلا  عن أصحاب النار:  (  لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ (100) إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102) الأنبياء ). 
ويقول جل وعلا :  (  سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ )(21) الحديد )  ، هنا إستعمال التشبيه ( كعرض السماء والأرض ).  
كتاب العذاب والتعذيب : رؤية قرآنية
كتاب العذاب والتعذيب : رؤية قرآنية
هذا الكتاب تم نشره مقالات ، وننشرها الآن فى هذا الكتاب عن العذاب والتعذيب فى رؤية قرآنية ، عن عذاب الله جل وعلا للمستحقين له فى الدنيا ثم فى الآخرة. ثم فصل عن التعذيب فى مصر الفرعونية.
more