مى عزام تكتب -الفريق الرئاسي.. والفوز المزيف

اضيف الخبر في يوم الإثنين ١٣ - فبراير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: المصرى اليوم


مى عزام تكتب -الفريق الرئاسي.. والفوز المزيف

بالأمس كانت لى محادثة تليفونية مطولة مع صديق عزيز، بعضها كان حول الرئيس السيسى ومقالاتى التي أعارض فيها بعض قراراته وأدائه العام، لم نختلف حول حقى، وحق أي كاتب أو مواطن، في نقد ما قد يراه خطأً في سياسات الرئيس، ولكن نقاشنا كان حول الأسلوب، فهو يرى أن المعارضة التي لا تتميز بالذكاء عليها أن تفهم عقيدة الرئيس وشخصيته حتى تتمكن من إقناعه بتغيير قناعاته، وإلا سينفر منها الرئيس ولا يصغى إليها، ولذا نصحنى بتغيير أسلوبى في الكتابة، وهى نصيحة سمعتها من عدد غير قليل من الزملاء والأصدقاء مؤخرًا، شكرته على نصيحته المخلصة، وقلت له إن هناك أصواتًا كثيرة معارضة تتميز بما تنصحنى به، فهي ترجو وتترفق ولا تغالى وتتشدد، تخطو خطوة للأمام تتبعها بخطوتين للوراء، بأسلوب السوق «تضرب وتلاقي»، ولكن رغم أسلوبهم الدبلوماسى الذكى لا يجدون آذانًا صاغية من الرئيس، ولم أجد مرة رد فعل إيجابيًا حول ما يطالبون الرئيس به برقة وود، فهو لا يرد على تساؤلاتهم التي تشغلهم وتشغل الشارع المصري، فالعيب إذن ليس في أسلوب النقد ولكن في النقد نفسه عقيدة الرئيس، تتمثل في أن: من ليس معه فهو ضده، سواء قدم النصح صارخًا أو هامسًا، رقيقًا أو خشنًا. الرئيس السيسى من قلائل هذا العصر الذين يعتقدون أنه يمكن لعب مباراة بفريق واحد، وهو من الأشخاص النادرين الذين يؤمنون بأن الجمهور الذي لا يشجع هذا الفريق هو مارق وعاصٍ.

(2)

هل يمكنكم تخيّل مباراة كرة قدم بفريق واحد؟ أعضاء الفريق سيمرّرون الكرة لبعضهم البعض دون أي عوائق، وسينفرد أحدهم بالساحرة المستديرة ليضربها بقدمة لترقد في سلام في شباك المرمى، وسيهلل الفريق للهدف المضمون، لا حارس مرمى يحمى الشباك ولا مدافع يُعيق تقدم المهاجم. وسيحقق الفريق الهدف تلو الآخر وقد ينتصر بعشرات أو مئات الأهداف، لا يهم العدد، هل تعتقد أن هذه الأهداف ستجد من يشجعها، هل يمكن أن تسمع صرخة الجمهور «جووووول» ومعانقة بعضهم البعض وتوترهم وحماسهم حتى آخر ثانية في المباراة؟؟، بالطبع لن تجد أي شىء من مظاهر المنافسة، بل لن تجد إلا العدم.. هذا هو الحال الذي يريدون عليه الإعلام والصحافة في الفترة المقبلة، وعلينا جميعًا أن ننطوي تحت لواء الفريق الرئاسى الواحد والوحيد.

(3)

الفريق الرئاسى دائمًا عليه إقبال كبير، طوابير من المشتاقين للسلطة ومنافعها، ولكن قبول لاعب جديد لا يتم إلا بعد اختباره أمام «الكوتش»، الاختبار عادة يكون علنيًا، يعلن اللاعب الجديد عن انحيازاته، ويقر بما أقر به جميع من سبقوه، إن ما يعوق مصر عن التقدم والنهوض هم أهل الشر والمؤامرة الخسيسة على مصر وحروب الجيلين الرابع والخامس.... إلخ، وكل لاعب جديد يحاول أن يكون أكثر إقناعًا وحذقًا من الذين سبقوه، حتى يتم ضمه للفريق، فلو كان على نفس مستوى السابقين فما فائدة ضمه إذن، لابد أن يكون بارعًا في الحديث والخطابة، حلو اللسان، صاحب منطق وحجة، ليثبت جدارته وأحقيته في الانضمام، فضم لاعب جديد معناه أن هناك لاعبًا سيكون مصيره مقعد الاحتياط .

(4)

الساحة الإعلامية تتحول لخطة اللعب بفريق واحد، الدولة المصرية تدرك أن الزمن ليس زمن تأميمات للصحافة، والحل العبقرى الذي توصل الحكماء إليه هو شراء الصحف والقنوات الفضائية، وكذلك فتح قنوات جديدة، رغم أننا، وبشهادة رئيس الدولة، فقراء جدًا، المطلوب أن تردد كل هذه الأبواق نفس الأحاديث، التكرار بديل عن المصداقية، والوعود بديل عن الفعل، والنتيجة ستكون كارثية على الصحافة المصرية، تضييق هامش حرية التعبير وعدم وجود شفافية في تداول المعلومات مع غياب المنافسة الحقيقية بين الصحف، ستجعلها بلا لون ولا طعم، وسينصرف القراء عنا جميعًا. الرغبة المحمومة في أن يكون الجميع صدى لصوت واحد ولرأى واحد لن يحل مشاكل مصر المزمنة التى استفحلت مؤخرًا، تنفيذنا جميعًا لتوجيهات «الكوتش» لن يحل مشاكل مصر الاقتصادية، ولن يطهرها من الفساد، ولن يؤثر في الحرب على الإرهاب في سيناء، ولن تصبح مصر يومًا «أد الدنيا».

(5)

لم يعد لدى الصحافة والإعلام ما يقدمانه للقراء والمشاهدين غير الغث والسطحي. أهم القضايا التي تشغل الرأى العام محظورة على النشر، معايير اختيار الوزراء ثم تغييرهم لا نعرف عنها شيئًا، المسار الاقتصادى الذي تسير عليه الدولة بعد تعويم الجنيه وقرض صندوق النقد الدولى غير معلوم، لكن ليطمئنونا يرددون «الاقتصاد على المسار الصحيح»، ولا نعرف تعريف المسار الصحيح، كما أننا لا نعرف لماذا اقترضنا من صندوق النقد الدولى وفيما ننفق القرض وكيف سنسدده، نعيش في دولة الأسرار صاحبة السيادة على الصندوق الأسود وفيضان التسريبات.

(6)

في الفترة الانتقالية للمستشار عدلى منصور، كانت هناك دراسات اقتصادية قامت بها مكاتب استشارات اقتصادية عالمية، تحملت دولة الإمارات العربية كلفتها، هذه الدراسات المهمة والتى كانت بمثابة روشتة علاج وتعافٍ للاقتصاد المصرى، لا أحد يعرف أين ذهبت الدراسات، ولماذا لم يتم تطبيق ما جاء بها؟ لعله يخرجنا من عثرتنا الاقتصادية، سؤال يُضاف لمئات الأسئلة التي لا تجد من يجيب عنها، ولا أحد في الدولة معني أو مهتم بالإجابة عنها.. وطالما كان هناك تأصيل لمفهوم الرأي الواحد، ستتسع الفجوة بين السؤال والجواب... لنعيش كالعميان الذين يصفون فيلا.

دعونى أحاول أن أكون لبقة، كما نصحنى صديقى العاقل، وأقولها بكل كياسة: ليس في مصلحتك يا سيادة الرئيس أن تُخلي الساحة من منافسيك ومعارضيك، من يتصور أنه يمكن أن يلعب بفريق واحد... فعليه أن يدرك أنه لن يكون هناك جمهور يشجعه ويهتف له، حتى لو حقق ألف هدف... ستكون أهدافًا مزيفة رغم أنها واقعية.

يمكن دائمًا شراء الذمم الخربة، لكنْ صعب جدًا شراء الإخلاص.. وهو ما عليك أن تبحث عنه يا سيادة الرئيس، المخلصون لهذا البلد وحدهم القادرون على الانتصار على كل الصعاب وتحقيق فوز حقيقي.

اجمالي القراءات 1876
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الإثنين ١٣ - فبراير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[84834]

مقالات مى عزام السياسية تستحق أن تُقرأ



الله على  الجُرأة وجمال العقل  والمنطق والحُجة القوية . إذا كان السيسى لا يرى ولا يسمع ولا يُجيب ،فيكفيك شرف انك كُنت من الناصحين المُخلصين لوطنك ولأهلك من المصريين . وستكون كتاباتك شهادة لك وشهادة على السيسى وإعلامه ونظامه يوم القيامة .


.تحياتى



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق