عبد الرحمن الأبنودى: كأننا فى عصر المماليك:
عبد الرحمن الأبنودى: كأننا فى عصر المماليك

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ١٢ - نوفمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: اليوم السابع


عبد الرحمن الأبنودى: كأننا فى عصر المماليك

عبد الرحمن الأبنودى: كأننا فى عصر المماليك

الأثنين، 3 نوفمبر 2008 - 12:58

الثورة انتهت بموت عبد الناصر

حاورته مروة المغربى

السلطة سعيدة باحتراق مجلس الشورى لكى يستطيع رجالها الكسب من إعادة بنائه.

مقالات متعلقة :

نحن نعيش فى بلد مهلهل ومتسيب وغير متحضر.
وزير التعليم نفسه لو امتحنوه فى الكادر هيسقط.
الدولة الآن ليس لها من عمل سوى ما يسمى بالخصخصة.
80% من القنوات الفضائية مشايخ يقولون كلاما مضحكا.
البلد كله كان صف أول دلوقتى البلد كله صف تاسع.
أفضل مصر علمانية وهذا ليس ضد الإيمان كما يظن البعض.


الشاعر عبد الرحمن الأبنودى يكفيه كلمة الشاعر التى تعرفه بها النخبة، كما يعرفه بها الفلاحون والصعايدة والبدو، هل هناك مجد لشاعر أكثر من أن يناديه البسطاء الذين لا يفكون الخط: يا شاعر.. الأبنودى المعجون بطمى النيل وحرارة الصعيد والمتنور بشكاوى الفلاح الفصيح وحكمة ابن عروس، حتى صار ضمير المجتمع المصرى و لسان حاله .. لا يكف عن الإدلاء برأيه ورؤيته شعرا ونثرا ورأيا مباشرا.. اليوم السابع التقى الأبنودى فى الحوار الصريح التالى ..

هل ترى أن أوضاع مصر كانت أفضل تحت الحكم الملكى؟
أعتقد أن الآراء القليلة التى تحاول أن تجعل من النظام الملكى نظاماً أجمل آراء خاطئة بشعة، ولكن إذا اعتبرنا أن ثورة يوليو انتهت بموت الزعيم جمال عبد الناصر، فذلك لأننا دائماً نخلط بين الثورة والأنظمة الحكومية التى جاءت بعدها، فالثورة انتهت بموت الزعيم جمال عبد الناصر.

ولكن مازالت للثورة آثار حتى الآن..
نعم، شبه المجانية فى المدارس الآن هى من بقايا عصر عبد الناصر فالناس الآن (تدفع دم قلبها فى التعليم)، ولكن التعليم فى عصر عبد الناصر هو الذى أفرزنا نحن الكتاب والأدباء والمثقفين، عبد الناصر خلق ما يسمى بالكرامة القومية وزرع الوطنية فى قلوب الأجيال فلم يكن هناك التفكك والانحلال والضياع والمخدرات وفقدان الأمل الذى نراه فى الشارع الآن، أنا أرى أن الفارق بين نظام عبد الناصر والملكية كبير جداً، بل وجريمة كبرى إذا حاولنا المقارنة بين النظامين، ولكن تستطيعين المقارنة بين نظام الملكية وما يحدث الآن.

ماذا تعنى؟
أعنى عودة الناس إلى الفقر مرة أخرى، والفلاح فقد الأمل فى الأفندية والنظام السياسى وعودة الناس إلى التخلف والاعتقاد بأن الله هو المخلص والمنتقم من السلطة، حولت الأنظمة السياسية الشعب المصرى إلى شعب متسول، ينتظر حسنات بنك الطعام وكرتونات الطعام وموائد الرحمن .. إلى آخره، والشعب ليس أمامه مفر، الدولة الآن ليس لها من عمل سوى ما يسمى بالخصخصة وبيع كل إنجازات العهد الناصرية والعودة بالمواطن المصرى إلى ما قبل ثورة 1952.

كيف ترى أوضاعنا بعد مرور 56 عاماً على ثورة 1952؟
ربما كان النظام البوليسى هو ما يعيب نظام جمال عبد الناصر، فلم يكن هناك ديمقراطية فأنا سجنت واعتقلت فى عصر عبد الناصر، لكننا الآن نعيش فترة شديدة الغرابة والقسوة ليست على الفقراء فحسب بل إن الطبقة المتوسطة ذابت ذوباناً كاملاً.

ولكن هناك فرص عمل جديدة ومشاريع كبرى، ومشروعات تنموية..
الحياة صارت شاقة بطريقة غير إنسانية وتم نهب مصر نهباً كاملاً، وكأننا فى عهد المماليك فثروة الشعب المصرى كلها التى ربط بطونه من أجل تكوينه فى عصر عبد الناصر، يتم بيعها الآن ويستولى عليها من لم يعيشوا فى عصر الملكية ولا عصر عبد الناصر ولا يعرفون شيئاً عن الشعب المصرى.

من تقصد بوصف المماليك؟
نحن نزلت علينا هذه الطيور الجارحة لتخطف لقمة الفقراء وزجاجة حليب الأطفال وكتاب المدرسة وبيع كرامة الوطن والتصالح مع العدو، أى أن السلطة والعدو أصبحوا صفاً واحداً متماسكاً ضد تقدم الإنسان المصرى الآن إلى جانب أن السلطة تزوجت وتداخلت وتماسكت مع الثروة.

أما عبد الناصر فكان يهدف إلى إسعاد هذا الشعب وإسعاد الأمة والدفاع عنها، الآن نحن سلمنا مصر للعدو ولا نستطيع أن نعيش فى حرية حقيقية فى وطننا.

ولكن عبد الناصر هو المسئول عن الهزائم فى 1956 و1967 وقبلها فى حرب اليمن، مسئول عن احتلال العدو للأرض وعن عشرات الآلاف من الشهداء؟
مصر الآن تراعى دائماً العدو حتى فى أبسط الحالات، وفى عهد عبد الناصر لم نكن نتلقى الأوامر من أحد، أما الآن فالسلطة تتخذ الموقف المحايد والمحافظ الذى يعمل فى خدمة أعداء الأمة، حتى فى قضايا الأمة العربية، بينما كانت تكفى صيحة واحدة من جمال عبد الناصر لوقف العدوان العراقى على الكويت أو تراجع الأسطول الأمريكى من لبنان.

لماذا لم تمنع صيحات عبد الناصر الهزائم؟
فى المقابل تتجاهل السلطة النصر الذى حققه حزب الله بادعاء الخوف من إيران المتربصة بالأمة، ومثل هذه الأشياء التى تمتلئ بها الصحف القومية والسياسية العامة للدولة هو ما جعل قطاعا كبيرا من المثقفين يقفون ضد النظام السياسى، فالحزب الوطنى برجاله فى مكان بعيد وبقية الأمة بمثقفيها وعمالها وفلاحيها فى مكان آخر.

هل من الضرورى أن يكون الحزب الحاكم فى حالة توافق كامل مع طبقة المثقفين؟
طبعاً هو فيه حزب ناجح لا يمثل العمال والفلاحين والمثقفين، إلا إذا كانوا لا يعتقدون أننا لسنا مثقفين ولسنا أبناء الوطن.

هل تعتقد أن عملية توريث الحكم سوف تتم فى الانتخابات الرئاسية القادمة؟
هذه القضية أنا غير مشغول بها فنحن تعودنا على الأسوأ.

ماذا تعنى؟
أعنى أننا نعيش فترة سيئة جداً الآن، وما سوف يأتى سيكون امتدادا لهذا السوء فنحن فى حالة تفكك، وابتعدت قوانا وتحولت إلى ذرات، فالقضية ليست من هو الحاكم؟ ولكن القضية هى من الطبقة التى تحكم والتى تملك سطوة رأس المال وسطوة القرارات المصيرية؟

الآن الرأسمالية الناهبة هى التى تحكم مصر أما الفقراء فلهم الله وليس هناك أية أحزاب مقابلة للحزب الحاكم سوى الأحزاب اليمينية وهى جماعات تثير الخوف مثلها مثل الحزب الحاكم بالضبط.

هل تعتقد أن حركة إضراب 6 إبريل تعبر عن الهدوء الذى يسبق العاصفة من قبل الشعب المصرى تجاه الحزب الحاكم بمعنى أنه قد يتولد انقلاب سياسى أو ثورة شعبية عارمة؟
ليس هناك حزب حقيقى قوى يقف فى مواجهة الحزب الوطنى، وطالما استمر هذا الوضع ستظل هذه الإنفجارات تبدأ وتنتهى دون أى ترابط أو تواصل لأنه لا توجد حالياً أى طليعة حقيقية متماسكة، فكل فرد من الشعب المصرى فى اعتقاده أنه زعيم وأن الآخرين على خطأ فهذا التمزق هو الذى يتيح للدولة أن تحبط وتخمد كل هذه الإنفجارات والإرهاصات والخوف الأكبر أو تنفجر مصر فى الاتجاه الخاطئ.

ما هو الاتجاه الخاطئ؟
لا يوجد حتى الآن حزب قوى منظم يؤمن بقضايا الأمة والفقراء والعاملين والشباب الضائع الذى تلتهمه المقاهى وعالم المخدرات وعالم اللحى والجلاليب القصيرة وإلى آخره، أنا أرى أنه إذا حدث انفجار سيكون مؤلما وسوف يركب اليمينيون على أكتاف هذه الظاهرة ويشعلونها فهذه هى، اللعبة التى تتكئ عليها السلطة، بمعنى أن السلطة تضع المواطن بين اللصوص وأصحاب اللحى الذين يريدون أن يغلقوا جميع نوافذ التطور والتقدم، ويردونا قروناً للخلف وكأننا مازلنا نعيش فى القرن الأول فهم يحكمون باسم الله.

عليك دور فى مواجهة هؤلاء؟
أنا كمواطن لا أستطيع أن أهاجم أصحاب اللحى لأنهم يعتقدون أنهم خلفاء الله فى الأرض، ولكن على الأقل أستطيع أن أهاجم اللصوص ومن نهبوا ثروات الأمة وباعوا ممتلكات الشعب وخربوا الاقتصاد المصرى.

وما رأيك فى الإخوان المسلمين؟
لا الإخوان دول غلابة.

ما رأيك فى حالة الاحتقان الطائفى الموجودة بداخل المجتمع المصرى الآن؟
والله أنا لم أعرف حكاية المسلمين والمسيحيين إلا فى هذا الزمن، نحن نشأنا فى فترات الحروب رأينا وقتها الأمة توحدت توحداً كاملاً ضد إسرائيل، لكن فى فترات ما بعد الحروب وبداية نهب ثروات الأمة تبدأ النعرات المذهبية والقبيلة، فليست قضية الاحتقان بين المسلمين والأقباط هى التى تظهر فقط على سطح الحياة السياسية المصرية.

ما القضايا الأخرى فى وجهة نظرك؟
كنا نعيش فى فترة الناصرية والملكية نحن والأقباط معاً، ولم يكن هناك أى احتفان طائفى. أما الآن فما يحدث من استبعاد الأقباط من المناصب العسكرية والسياسية والوزارات يخلق نوعاً من التساؤلات ويرسخ حالة الاضطهاد، ولابد أن يدافع المضطهد عن نفسه فمثلاً ما يحدث مع الأقباط الآن هو نفسه ما يحدث مع النوبيين الذى يحاولون أن يعيشوا فى منطقة بحيرة ناصر وهى فى الأصل أرضهم التى غرقت أكثر من مرة لكن خوف

السلطة من أن يستقل النوبيون جعلت معظم الأراضى التى تقع حول البحيرة يسكنها الصعايدة وسكان القاهرة فهذا لابد وأن يجعل المواطن النوبى يثور ويصرخ ضد السلطة لشعوره بالاضطهاد مثلهم مثل الأقباط، فهجرة الأقباط بالأعداد الكبيرة إلى أستراليا وكندا والدول الأخرى، واستقواؤهم بالخارج بسبب أنهم لم يشعروا يوماً بالمواطنة وأنهم جزء أصيل من نسيج هذا الوطن.

ألا ترى أنك تعطى القضية أكثر من حجمها؟
أنا متعاطف مع الأقباط تعاطفاً كاملاً، فبعد انتشار المد الدينى وأصحاب الذقون ازدادت المحاصرة على الأقباط، والأقباط الآن يخطئون مثل ما حدث مع المفكر المسيحى جمال أسعد الذى حرم من الانتخابات وكفرته الكنيسة لأنه يهاجم كل من يثير فتنة ضد المسلمين والأقباط وهذا لا يرضى قمة القيادة القبطية فى مصر.

هل ترى أن الاحتفان الطائفى سببه السلطة؟
بلا شك.

ما تعليقك حول ما تشهده عملية التعليم فى مصر الآن؟
التعليم الآن فى حالة انهيار وتهلهل، فأنا أرى تحت منزلى الطلبة يتعاطون المخدرات بشكل مستمر، فهؤلاء الطلاب يعلمون جيداً أنهم بلا مستقبل فلا أحد يوظف سوى أبناء وأقارب الوزراء ونواب مجلس الشعب والمدراء وطبقة الحزب الوطنى، فالتعليم أصلاً بلا أمل ولا أمل فى إصلاحه.

ولكن الحكومة تسعى للإصلاح من خلال نظام الكادر الخاص للمعلمين؟
نظام الكادر الخاص من ضمن الإضحوكات التى نشهدها حالياً، وزير التعليم نفسه لو امتحنوه هيسقط، فكيف للطالب أن يحترم معلمه لهذا النظام التعليم لا يخلق أمة، هما عايزين يخلقوا أمة من الصيع والجهلاء والرعاع، كى يظلوا يحكمونهم ويستعبدونهم ويستنزفونهم، فالتعليم الآن يتم فى بيوتنا والناس عليها أن تدخر كل ما تملك للثانوية العامة والجامعة، وفى نهاية الأمر أبناؤهم ـ على الرصيف ـ فالتعليم مثل الصحة وكل المجانيات التى خلقها جمال عبد الناصر اختفت.

هل توافق على الأصوات التى تنادى بإقالة وزير التربية والتعليم؟
مش بس إقامة وزير التربية والتعليم فالسلطة كلها، ومنطق نظام الحكم فى مصر لابد أن يتغير.

ما رأيك فى فوضى الفتاوى على الفضائيات والإنترنت؟
والله دى مأساة يعنى لما يفتح التليفزيون مش بشوف غير 80% من القنوات الفضائية مشايخ يقولون كلاما مضحكا و20% كليبات العرى، وأصبح أى برنامج إعلامى يقدم مادة رزينة، دمه تقيل على الناس، أنا لا أجد فى كل ما يعرض على الفضائيات سوى برامج منى الشاذلى ومحمود سعد وعمرو أديب ومعتز الدمرداش ودلوقتى كل مذيع، سايب ذقنه، يتكلم مع المشايخ، والمشايخ العرب أنا أراهم ـ شوية ناس ـ يعيشون فى غيبوبة، فكيف يعطى الإعلام العربى بأكمله لأشخاص وظيفتهم أن يغيبوا الناس عن الواقع.

من وجهة نظرك ترى أى عصر شهده الشعب المصرى كان العصر الذهبى للثقافة؟
طبعاً العصر الناصرى، لأن مصر كانت وقتاً تبنى وتقاتل وتبحث عن كرامتها القومية، مثلاً إذا تتحدثين مع الفلاح المصرى فى العهد الناصرى تجدين أمامك كياناً مصرياً حقيقياً، لكن الآن يقولك ـ هاى ـ فأنا أصبحت عبد الرحمن الأبنودى من هذا الكيان وما هو موجود الآن ما هو إلا بقايا العهد الناصرى، فأنا عاصرت الملكية ثم جاءت الناصرية فكانت مطبعة المكتبة الثقافية وقتها تطبع كتاباً كل ساعتين، والكتاب لا يتعدى ثمنه قرشين إلى جانب ترجمة المسرح العالمى وأمهات الكتب، فنحن كنا نعيش فى تخمة ثقافية أثناء عهد الناصرية، وعروض المسرح أيضاً والأغنية المصرية والشعراء الذين برزوا مثل صلاح جاهين ومأمون الشناوى ومرسى جميل عزيز وفتحى قورة.

يعنى كان عندنا نهضة وراحت؟
البلد كلها كانت صف أول دلوقتى البلد كلها، صف تاسع، فى الحقيقة أنا أشفق على شعراء هذه الأيام بالرغم من أننى سجنت واعتقلت فى عصر عبد الناصر لكنه كان رجلاً يغوص فى التجربة السياسية بين الإسلاميين والشيوعيين وإسرائيل وأمريكا، وخاض حرب الاستنزاف وحرب 56 و67 وأعد الجيش لحرب 1973، بالرغم من ذلك لم يجع مواطن واحد فى العهد الناصرى، البلد كانت بتحيى، فنحن تاريخ ثورتنا متزامنة مع تاريخ ثورة الصين، فالصين أوقظت من حرب الأفيون ونحن ما زلنا دولة نامية.

ترى أن من الأفضل أن تكون مصر دولة علمانية أم إسلامية؟
علمانية بلا شك، فبعض الآراء تحاول أن تشيع أن العلمانية ضد الإيمان وهذا غير صحيح مطلقاً.

ما تعليقك حول ترشيح فاروق حسنى لمنصب رئيس هيئة اليونسكو؟
أنا أتمنى أن يكون رئيساً لهيئة اليونسكو فهو فنان متحضر وبغض النظر عن كل الغبار المثار حوله، فهو لم يحرق مسرح بنى سويف بيديه، وكل قصور الثقافة والهيئات والمصانع قابلة للاحتراق وليس بها أى وسائل حماية، فنحن نعيش فى بلد مهلهل ومتسبب وغير متحضر، فمثلاً بعد حريق مجلس الشورى تدعى السلطة بأنها سوف تعيد بناؤه، إحنا فى بلد مصابة بالبلاهة وعدم القدرة على التماسك، وسوف تقوم حرائق كثيرة جداً فى المستقبل تهدم عقارات، فمصر بلد قائم على الإهمال والرشوة، نحن نعيش فى أزمة وأنا لا أصدق ولا أثق فى أن الحكومة ستعطى منكوبى الدويقة شققا، رغم أنهم يصورونهم وهم يتسلمون الشقق لكنى متأكد أنه بعد فترة لن تسلم هذه الشقة لأحد من الناس إلا بعد أن يدفعوا مبالغ باهظة.

كيف يتحقق وجود المناخ الثقافى الخصب الذى يمكن أن تثمر من خلاله حركة شعرية جديدة؟
لا يوجد أى مشروع قومى يلتف حوله المثقفون، فنحن فى عهد الناصرية كان لدينا قضية بناء السد العالى وتقدم الأمة والتصدى لأعداء الأمة، ولذلك استطعنا أن نتوحد لخلق مدرسة شعر العامية فى الستينات، فكانت مصر بالنسبة لنا هى الأم الأولى والأخيرة، لكن الآن حيث مصر يتمثل فى الشعارات الكاذبة.

من الشعراء العظام الآن ؟
أنا رأيى أن آخر عظماء الأغنية المصرية كان أحمد شفيق كامل، رحمة الله عليه، ولم يكتب عنه فى الصحف إلا قليلاً، فالآن العالم تفرق ولم يعد موجوداً شىء اسمه الوحدة. الناس بتاكل فى بعضها، والناس على دين ملوكهم، أنا أعتقد أننى سواء كنت عايش أو توفيت لأن مصر ستظل تستعيد قوتها ووعيها وكرامتها، وهتغير الدنيا لا شك أن هذه الفترة ستكون من النماذج الصالحة للدراسة فى المدارس للأطفال عن فترات الفساد فى مصر.

بعد حريق المسرح القومى والذى تزامن مع الذكرى الثالثة لحريق مسرح بنى سويف، كيف ترى مستقبل الحركة الثقافية فى مصر؟
لا توجد علاقة بين الحركة الثقافية والأبنية الحضارية، فالحركة الثقافية تتم فى بيوتنا بمعنى أن الشاعر أو الروائى يكتب فى بيته والندوات والأمسيات الشعرية تعقد فى أماكن عامة، لكن الأبنية التعليمية قيمتها نادرة جداً فهى أكبر من الفنون التى تقدم فيها، فقد يكون الفن جيداً أو يكون فناً غير جيد، ولكن هناك أماكن تحافظ على الثقافة مثل مسرح سيد درويش فى الإسكندرية بالرغم من أن هناك أشياء كثيرة مهددة بالضياع فى مصر.

مثل ماذا؟
مثل الأبنية الحضارية التى تهدم الآن، فالمبنى الذى يضيع لا نستطيع أن نبنى مثله، فالعالم منهك، والسلطة الآن تتمنى أن يحترق مبنى كل يوم لكى يبنى بدلاً منه عمارة 120 دور، فالسلطة غارقة فى مكاسبها، وأعتقد أن السلطة سعيدة باحتراق مجلس الشورى لكى يستطيع رجالها الكسب من بناء مبانٍ جديدة، مصر خلصت، لذلك الآن لا تجدين أحداً مبتسماً فى الشارع، فأنا عاصرت فترات الحروب ولم يكن هناك بيت واحد يسرق أو تسرق محفظة من (جيب مواطن) – حتى النشالين والحرامية – كانوا يحترمون اللحظة التى يمر بها الشعب المصرى فى الحرب، أما الآن نجد الناس ماشية تكلم نفسها، بسبب الغلاء بالرغم من أننا فى فترة النكسة لكن كانت البلد تحيى وتحلم بالانتصار.

مش قالوا إننا لازم نصطلح مع العدو والفلوس اللى بنصرفها على الحروب نصرفها على الناس اصطلحوا مع العدو والناس جاعت.

هل تعتقد أن خط الفقر والمشكلة السكانية فى مصر سببها الأعداد الكثيرة والأفواه الجائعة بلا أيدٍ منتجة أم فشل الحزب الحاكم فى محاربة البطالة والفقر؟
إحنا مش أكثر من الصين ومفيش حد عاطل فى الصين أنا أرى أن مهمة الحكومات خلق مشروعات ومصادر للإنتاج لكى يعمل فيها الشعب، أما بيع المشروعات وتحويل العاملين من أيدٍ منتجة إلى البطالة، لأن هناك أيد مسئولة عن هذا فالقضية ليست كثرة أعداد الشعب وإنما كثرة اللصوص.

تقصد أيدى السلطة؟
طبعاً أيدى السلطة هى المسئولة عن كل ما يحدث وما سوف يحدث، ويحترق فيما بعد فالشعب لم يحتمل أكثر من ذلك.

إذا تخيلت أنك قاضٍ فى محكمة العدل، فماذا كان حكمك فى قضية ضحايا العبارة السلام 98؟
من غير حكمى، مصر كلها حكمت صغيراً وكبيراً ما عدا السلطة والملوثين بالعلاقات الغير الشريفة هم فقط الذين لا يهمهم الأمر، غرق العبارة هو التجسيد الأصغر والأهم للحالة الثقافية التى يعيشها الشعب المصرى.

إذن ترى أن غرق ضحايا العبارة هو غرق الشعب المصرى؟
بالتأكيد فأنا كتبت مقالة وقتها فى جريدة الوفد، اسمها "مصر فى عبارة غارقة".

نحن وقعنا فى قبضة من لا يحبون الشعب المصرى يوماً ما ولا يعرفون سوى مصالحهم، وبالتالى إذا أصبحت السلع الاستهلاكية مجاناً فى البلاد الأخرى سوف تظل دائماً أسعارها مرتفعة فى مصر، فهذه السلطة المطعمة برجال الأعمال مصابة بحالة عمى سياسى، وذلك لأن كل من حولها لا يدرك حقيقة ما يعانيه الشعب المصرى، وكيف أن "روحه بلغت الحلقوم"، فالمعيشة صارت مستحيلة فهذا شىء لم يرى فى مصر إلا فى عهد المماليك.

ما رأيك فى الهجرة غير الشرعية والتقليد الغربى الأعمى؟
قبل قضية الهجرة غير الشرعية، يوجد الآلاف ممن يذهبون إلى إسرائيل وربما من هاجر إلى إسرائيل قد قتل أبوه أو أخوه فى الحرب، فهذه السلطة أفقدت الناس معنى كلمة الوطن، فهم يذهبون ويعملون فى إسرائيل ويتزوجون من إسرائيليات، وإذا كلمت شابا فى الشارع عن الوطن سوف يسخر منك، فالضائقة المالية وإحساس الشباب بأن لا مستقبل لهم أضاعت فكرة الوطن فهم يهاجرون إلى العدو ويعرفون جيداً أنهم سوف يغرقون فى هذه المراكب وبالرغم من ذلك يسافرون، فكل هذا نتاج السلوك الاقتصادى والفكرى للسلطة ورجالها الذين لا يريدون أن يستمعوا لأحد فهم مكتفون بآرائهم، وبعد أن هربت ثروات مصر واقتصادها للخارج يبحثون عن الضرائب العقارية، فأنا مثلاً إذا كسبت قرشاً واحداً أدفع نصفه للضرائب، نحن حولنا بلاد كثيرة جداً يوجد بها فقراء ولكن لا يحدث لهم مثل ما يحدث فى بلاد

اجمالي القراءات 9052
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   أنيس محمد صالح     في   الأربعاء ١٢ - نوفمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[29882]

الله يرحمك يا جمال عبد الناصر

الله يرحمك رحمة الأبرار يا جمال عبد الناصر, كنت مفخرة للأمة العربية ورافع رؤوسها, وخسئتم آل مبارك وآل سعود.. تأكلون بملاعق من ذهب وشعوبكم ميتة متسوله منهكة جوعى تعيش العوز والحاجة !! ورضيتم بعيشة السرايا والقصور والعروش وشعوبكم تعيش على بيوت من القش والصفيح وفي المقابر!!


خسئتم وخسئ الأزهر غير الشريف أئمة أشد الجهل والتخلف والكفر والشقاق والإرهاب والنفاق 


2   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الثلاثاء ٠٣ - مارس - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[35190]

انكسار الصمت

الشكر للشاعر عبدالرحمن الأبنودي على هذه الشهادة ، التي سيذكرها التاريخ له في تفصيله لهذه الفترة  ، بالرغم من أن الدولة قد عالجته على نفقتها ، وتعودنا أن يكون لذلك مقابل  !! علما بأن النفقات  كانت على حساب الشعب ، وليست الحكومةمن ينفق في الحقيقة .


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق