إبراهيم عيسى يكتب عن حلم أم معتقل فى سجون مبارك لا بارك الله فيه
اضيف الخبر
في
يوم
الإثنين ٣٠ - أغسطس - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً.
نقلا عن:
الدستور
حكايات "16"
الإثنين, 30-08-2010 - 1:21الإثنين, 2010-08-30 12:47 | إبراهيم عيسى
-
تجلس بوجه يٌسهل أداء مهمة أي خبير لبصمات الزمن، لا هي عجوز ولا هي شابة ولا هي كسيرة ولا هي صلبة ولا هي حية ولا هي ميتة، تمسك منديلاً ورقيًا مكرمشًا تمسح به عرقها ثم تضع يدها وراء خمارها الأسود الطويل وتقول لي بمجرد جلوسي بلهجة تشي بأنها تقضي خارج بيتها أكثر من داخله، حيث تجري علي رزقها أو وراء أبنائها:
-متأسفين قوي يا أستاذ إننا جينا في أجازتك.
-تشرفوا يا حاجة وتحت أمرك.
-أنت عارف إننا جيرانكم من زمان؟!
-يا أهلاً وسهلاً.
حكت قصة ابنها المعتقل من ثمانية عشر عامًا، - كان يعلِّم العيال في الجامع دروس القرآن ويحفِّظهم فيه، مسكوه وقالوا عليه من السنية بتوع الجماعات ومن يومها في المعتقل، لا راح محكمة ولا شاف قاضيًا! دخل وهو طالب ودلوقت بقي عمره أربعين سنة، هو أصغر من حضرتك شوية ومالحقش حضرتك في المدرسة.
سلمت قلبي كله لها وحيرتي كذلك، فلا أعرف ماذا تريد ولا أعرف كيف سأخدمها!
ثم واصلت :
شوف يا أستاذ أنا بقالي تمنتاشر سنة بأجري ورا الواد من معتقل للتاني، أبوه جاله فشل كلوي وبيغسل وأنا اللي بأسافر كل رمضان وعيد وفي الزيارات أقابل ابني وأشوفه في السجن وهمه بيدوخونا ويغلبونا كل السنين دي، شوية يبقي في وادي النطرون وبعدين نروح نلاقيهم رحلوه لبرج العرب، وييجي سجن طنطا وشوية يرحلوه قنا، عشان أروح أزوره بأشوف البهدلة والذل.
توقعت أنها ستطلب مني التدخل للإفراج عنه فيبدو أن ظهوري في التليفزيون خدعها في أهميتي لكنها لم تطلب لا إفراجًا ولا محاكمة ولا إلغاء قانون الطوارئ طبعًا بل قالت لي حلمها الوحيد:
-أنا مش طالبة حاجة من الدنيا يا أستاذ إلا أنهم يعتقلوا ابني في سجن طنطا عشان يفضل جنبي !
اجمالي القراءات
2678
يا أم السجين المعتقل جوة زي برة ولا عزاء للمقهورين من شعبك يا مصر يا اللي بتقهري الزمن والمستبد بدوامك واتصال أوصالك ..
لكن لا عزاء لاعزاء للمقهورين من أبنائك يا مصر ليه بتسكتوا على القهر والجوع والخنوع وعلى المر واللي أمر من الصبر؟؟
بقيتي يا مصر معتقل كبير مساحته مليون كيلو متر مربع ..
نجري فيه جري الوحوش لكن غير رغيف وحش لم نحوش ..
وبقينا اسرى الرغيف والأكل الخفيف وكوب ماء مش نضيف...
وعجبي عليكو يا أولاد مصر ..