أخاف على سوريا من النصر والهزيمة معاً!

محمد عبد المجيد Ýí 2012-07-20


فرحتي بالتخلص من دولة المخابرات تعادل خوفي على سوريا من حرب طائفية لا تبقي ولا تذر!
سعادتي بانهاء عصر الأسدين، الأب والابن، تعادل رعبي من مشهد تقسيم الكعكة عندما يطمع الثوار في السلطة.
أكره الديكتاتورية التي أحالت حياة السوريين إلى رعب، وجعلت ملف كل سوري يتضخم مع انبلاج فجر كل يوم، فأجهزة الأمن تُحصي على المواطن أنفاسه، لكنني أكره بنفس القدر ديكتاتورية المنتصر الذي يزعم أن الحقيقة الدينية هي الشيء الوحيد القابل للتطبيق.


يدي على قلبي فسوريا لها مكانة خاصة لدي حتى أنني ظللت وأنا شاب صغير فترة طويلة أستخدم تعبير الإقليم الشمالي للجمهورية العربية المتحدة، وأعرف أن الوضع الكارثي السوري تسببت فيه أجهزة قمع مخيفة، وأن آلاف السوريين غابوا وراء الشمس، وأن المقابر الجماعية تعادل مثيلتها في العراق، لكنني لن أفرح إذا سقطت الثمرة في حــِـجر الإخوان المسلمين، فالنصر سوري وليس اخوانيا أو دينيا أو سنيا أو شيعيا أو لبنانيا أو تركيا أو إسرائيليا أو سعوديا أو أمريكيا.
أراقب الجيش السوري الحر، وأتمنى له النصر شريطة أن يهديه إلى الشعب السوري بكافة أطيافه، وأن يستفيد من التجربة المصرية، فالإخوان المسلمون إذا تسلقوا القصر الجمهوري في دمشق مع نجاحهم في مصر وغزة فالشكوك ستراودني و.. وتقتلني هما وكمدا، لأن ضربة أمريكية إسرائيلية لايران ستمتد إلى كل الدول التي تحكمها جماعات إسلامية.
وكما كانت أمريكا على استعداد لتدمير العالم الإسلامي بعد 11 سبتمبر، فإن عملية إرهابية سبتمبرية واسعة ستجبر المارد الغاضب على الخروج لتدمير الدول العربية الواقعة تحت حُكم الإسلاميين.
تحدياتنا الدينية من ورق لأن طغاتنا أيضا مصنوعون من ورق، أما التحدي الحقيقي الذي عجزنا عنه حتى الآن فهو الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والبحث العلمي، واختفاء آخر أمي عربي، وجعل التسامح سمة الدول العربية، والقضاء على الفساد والفقر والمرض والعنف ، وتأسيس دولة القانون والمؤسسات والعدل.
الجيش السوري الحر أمام خيارين بعد سقوط بشار الأسد وحزب البعث العربي الاشتراكي، فرع دمشق: إما تأسيس دولة الانتقام والطائفية والفضائيات الحمقاء التي تبث سموما عن الفروقات بين السني والشيعي والعلوي والجعفري والمسيحي .. أو اذهبوا فأنتم الطلقاء، وذلك قطعا بعد محاكمة رؤوس الفساد، وعدم الاشارة ولو في أدنى درجاتها إلى دين أو مذهب أو طائفة أو فرقة أو انتماء أي سوري.
تمزيق سوريا، لا قدر الله، بعد القضاء على النظام الفاشي سيكون بأيدي السوريين إذا ظن صاحب مذهب أو دين أو طائفة أن السوري المختلف معه هو الآخر.
لا تستطيع أي قوة في الأرض أن تنال من سوريا الجديدة إلا إذا قرر السوريون تفكيك بلدهم العظيم، وكما تعلمنا بأن لكل إنسان في العالم وطنين: سوريا و .. وطنه الأم!
تمزيق الوطن بالسلاح مستحيل إلا بتمهيد الأفكار والاستعلاء والفوقية والكذب على الله، تعالى، بالزعم أن هناك فرقة ناجية والباقي في النار.
سيدخل الثوار إن عاجلا أو آجلا القصر الجمهوري، وعندما تقرأ في اليوم التالي أو تسمع أو تشاهد حواراً تلفزيونيا ينحاز فيه الضيف إلى فرقة أو مذهب أو جماعة وينسب إليها انتصار الثورة السورية فتأكد أن تمزيق الوطن عرف خطواته الأولى.
ينزاح كابوس الأسد، لكن النصر مشروط بأن لا تضاف كلمة أخرى إلى كلمة سوري، حينئذ سينهار المتربصون بسوريا العظيمة.
المقاطعة الاقتصادية هي تعذيب للشعب السوري، ويدفع ثمنها الغلابة، أما العائلة الأسدية الفاشية فلا يضيرها أن يموت الشعب كله جوعا.
الجهاد الأكبر هو جهاد النفس وفي المقدمة منه توسعة نطاق قيم التسامح والمواطنة وقبول الآخر وعدم احتكار الحقيقة لأي جهة ورفض التمذهب، والاعتماد فقط على عبقرية السوريين في إعادة صناعة بلدهم.
أخاف على الثوار من النصر والهزيمة معاً، وأخشى عليهم من بقاء الأسد ومن رحيله، وأدعو الله أن ينصرهم على عدوهم، ولكن أن ينصرهم أيضا على شهوات النفس المنتقمة، والطائفية، والمتسلطة، والتي تستدعي من التاريخ معارك وهمية مضت عليها مئات الأعوام لتجعلها شرارة لكل معركة.
أخاف على سوريا من جيرانها، ومن أصدقائها، ومن حلفائها، ومن أباطرة الحرب وصانعي صفقات الأسلحة، ومن استبداد الجنرالات الجدد وطغيان الاستبداد الديني ومخزون الكراهية في صدور الاخوان المسلمين.
نصف قرن مر على انفصال الاقليم الشمالي في دولة الوحدة، لكنني مازلت أشعر أن السوريين لم ينفصلوا حتى الآن، ولكن إذا اقتتل الثوار بعد هزيمة الأسد، فحينئذ سأعترف أن سوريا الشعب انفصلت عن الجمهورية العربية المتحدة.
كما كانت دولة المخابرات الأسدية هدية لاسرائيل، فإن دولة الاستبداد الديني هي أيضا هدية قيمة للكيان العبري.      

محمد عبد المجيد

طائر الشمال

أوسلو في 20 يوليو 2012                     

اجمالي القراءات 9384

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (5)
1   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   السبت ٢١ - يوليو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[67843]

التسامح وقبول الآخر أحد الحلول القابلة للتطبيق.

الأستاذ المحترم / محمد عبد المجيد كل عام وأنتم بخير بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك أعاده الله عليك وعلى رواد وكتاب الموقع بالخير والبركة .


وعودة للمقال الذي تخاف فيه على الشعب السوري ونشاركك هذا الخوف والقلق .


فلم ينهض الغرب في حروبه الكثيرة التي خاضها في اتفاقيات الحرب العالمية الاولى والثانية وقبل ذلك في الحرب الامريكية بين الشمال والجنوب إلا بشيء واحد أساسي وهو التسامح وقبول الآخر سواء كان منتصرا أم مهزموما ، وعقد اتفاقيات الصلح المفعلة أو سارية المفعول بين أطياف الأمة الواحدة ، ونحذو بذلك حذو الامم التي سبقتنا في هذا الشأن حتى نخرج من كبواتنا العربية الكئيبة التي أساسها الصراع على السلطة بدافع مذهبي أو إديلوجي وليس نابعا من برنامج سياسي إصلاحي حقيقي يعرض على الجماهير وليكن لها الحق في أن ترفضه أو تقبله مقررتا بذلك مصيرها .


شكرا لك والسلام عليكم ورحمة الله .


2   تعليق بواسطة   الشيماء منصور     في   السبت ٢١ - يوليو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[67844]

سوريا بين القيل والقال!

 اشكرك استاذي علي هذا المقال .اني احب ان اتحدث في نقطة معينة وهي بغض النظر عن سوريا او البحرين او مصر او تونس او ليبيا او اي دولة من دول الربيع العربي فهم جميعا سوف يتجرعوا من نفس الكأس اولا الي ان يصلوا الي بر الامان! والمقصود هنا بالتجرع معايشة حكم المتاسلمين سواء كانوا اخوان او سلف وهذا يرجع الي سبببين

الاول :ما تعرض له هؤلاء المتاسلمون من قمع سياسي فهناك الحرب المستمرة من قبل الاخوان المسلمين والنظام الاقائم في كل تلك الدول من اجل الوصول الي كرسي العرش والمكوث فيه اطول فترة ممكنة.

الثاني:هذا من جهة من جهة اخري تدني الوعي الديني لدي هؤلاء الشعوب بحيث اعتقادهم الخاطئ بان الاخوان او السلف او غيرهم ممن يتكلم باسم الدين ولا يفعل به بانهم هم الممثلون للدين وخلفاء الله علي الارض ولابد من انتخابهم لانهم يمثلون الله سبحانه وتعالي علي الارض.

هذان السببان يوصلان الي نتيجة وهي بعد سقوط الانظمة الدكتاتورية الطاغية وسطوع شمس الحرية والديمقراطية من جديد فمن الطبيعي عند حدوث انتخابات وترشح الاخوان وغيرهم من الطبيعي ان يميل لهم العديد والعديد من افراد تلك الشعوب وهذا ما حدث في مصر وتونس!

المقصود ببر الامان هنا: سقوط القناع عن المتاسلمين وفضحهم وبيان مدي عوارهم السياسي وعدم قدرتهم علي قيادة الشعوب بالشكل الذي يجعل منهم عظة وعبرة لكل من تسول له نفسه ان يتخفي تحت عباءة الدين لفعل ما يحلو له دون رادع او حاكم.

فبعد هذا من وجهة نظري سوف تنكسر شوكة الاسلاميين وستقتنع الشعوب كلها ان امثل انظمة الحكم الحكم الديمقراطي الحر القائم علي الدولة المدنية الحرة ! ولكن لم تصل اي دولة بعد من دول الربيع العربي الي تلك المرحلة ويمكن اعتبار الجمهورية الليبة علي باب الديمقراطية والدولة المدنية فمع بروز اليساريين والليبراليين وهبوط مؤشر المتاسلمين من الممكن ان تكون ليبيا اول من ينج من فخ الاسد!!


3   تعليق بواسطة   احمد ناصر     في   السبت ٢١ - يوليو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[67925]

لا خوف على سورياباذن الله

يا اخ عبد المجيد الذي اجل واحترم اشكرك على خوفك على سوريا واطمئنك بان سوريا ستكون دائما بخير بفضل الله اولا وبفضل وعي شعبها ثانيا فما زال الشعب صامدا ضد المتامرين على مستقبل سوريا واعدك بانه سيبقى كذلك بل سينتصر دعك من الشعارات التي يرفعونها على الجزيرة والعربية وفرانس والحرة ووصال والقصيم والعراعرة والقرضاويون والسعوديون والقطريون وكل الاعلام الذي مع الاسف تستقي منه معلوماتك وتاكد تماما بان ادعياء الناتو وليس الحرية والعدالة انكشفوا لكل السوريين بانهم قتلة ومجرمون وهدفهم اضعاف وتمزيق سوريا خدمة لاسرائيل والغرب نحن كسوريين نحلم بسورية ديمقراطية تعددية وفيها تداول سلمي للسلطة لكن ليس بتخريب سوريا واثارة النعرات الاثنية والطائفية فيها والله يحمي سوريا


4   تعليق بواسطة   موسى زويني     في   الأحد ٢٢ - يوليو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[67935]

امتحان مزلزل

بسم الله الرحمن الرحيم


الاستاذ محمد عبد المجيد


السلام عليكم


      وبعد,تاثرت بمشاعرك الجياشه لاهلك السوريين ويسعدني ان اقول لك رايي والله القوي العزيز ولي التوفيق:-


1-عرابو (لعبة الامم)فاجئهم الربيع العربي في البدايه وساندوا بعض(الاعبين) الى ان اكتشفوا صعوبة تدجينه بالوسائل


  التقليديه فتحولوا مضطرين الى مساندته مع بذل اقصى الجهود لانتاج صراع سني شيعي اساسا وفروع مساعده


  قوميه ومذهبيه.


2-ان الامتحان مزلزل وعلى وجه الخصوص المخاض المدمر الاانساني الجاري في سوريه ولكني  متفائل بانتصار


  الشعب السوري الواعي بل سيشرق الربيع على العالم باذن الله,مع خالص التحيات.


واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.


5   تعليق بواسطة   أبو طاهر     في   الأحد ٢٩ - يوليو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[68024]

ثورة بنكهة القاعدة وأنتم أدرى بالقاعدة

لم أجد في هذا العصر مصطلح مضلل أكثر من مصطح الربيع العربي


الثورة السورية المسلحة غير المجيدة تفوقت على النظام الحاكم بأشواط في ديكتاتوريتها وظلمها وسيطرتها على أنفاس البشر بل وزادت في ذلك أنها تتلقى تمويلها المالي والعسكري -باعتراف وسائل الإعلام الأجنبية- و -باعتراف المنطق- من أعداء سورية آل سعود وآل ثاني، واتخذت هذه الثورة وجها مزدوجا فتارة تدعي السلمية والتعرض لظلم أجهزة الدولة وتارة تتباهى بإنجازاتها العسكرية وسيطرتها على مقاليد الأمور.. اليوم ما يسمى الجيش الحر في حلب اتخد من الأحياء السكنية قاعدة له متخذا من السكان درعا بشريا ما أدى إلى تشريد القاطنين خوفا من جحيم المواجهات مع الجيش السوري..


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-07-05
مقالات منشورة : 571
اجمالي القراءات : 5,911,736
تعليقات له : 543
تعليقات عليه : 1,339
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Norway