وإذا سألوك عن الجامعة العربية

يحي فوزي نشاشبي Ýí 2006-11-24


وإذا سألوك عن الجامعة العربية

فقل هي هيئة تأسست منذ ما يتجاوز نصف القرن المنصرم . ومن علم هذا تتملكه حتما الدهشة من هول هذه المنظمة وحجمها والزمن الذي قطعته أو لعل الأصح هو الذي يكون قطعها ؟

نعم تتملك الدهشة كل من علم أو تذكر هذا ، لاسيما من تلك الجعجعة التي أحدثتها والتي تحولت مع الزمن إلى أنكر الأصوات، وأما عن الطحين فأصبح هو والمهدي المنتظر سيان .
المزيد مثل هذا المقال :


نعم كلما ذكرت الجامعة العربية انفلتت من بين شفتي المستمع ابتسامة ليست كأية ابتسامة ، لأن لونها لا لون له ، اللهم إلا إذا كان للمرارة لون ؟

نعم ، كيف لا يتذمر المرء بعد أن يستخف رغما عنه من هذه الهيئة التي طال ما تمخضت ولم تلد على الأقل فأرا ؟

نعم كيف ترضى هذه الجامعة أن تنسب نفسها إلى ( عربية ) وهي لم تتمكن من أن تجمع شيئا ، بل إنها طول حياتها لم تهتم بأهم من الأهم - وهذا هو بيت القصيد - ألا وهو الجهاد والبذل والسهر في سبيل الإتفاق على لغة عربية واحدة موحدة تكون هي اللغة الرسمية المعتمدة لدى الشعوب العربية المترامية من المحيط إلى الخليج ؟ وأما عن الأمثلة التي ترسم حجم المهزلة والهوان والضعة فبالامكان أن تنهل هذه الأمثلة من بحر ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر :

01) بطاقات الهوية : يراهن المرء ويجزم أنه لا يحنث عندما يصرح بأن أوراق الهوية من شهادة ميلاد وبطاقة التعريف وشهادة عائلية وجواز السفر ورخصة سياقة السيارات تحمل كل منها لغة عربية ليست كعربية جارتها .

02) وعندما يدخل المرء اروقة : ومكاتب الإدارة العربية ينتابه دوار غريب لذلك الاختلاف والتباين الذي لا يكاد يعد ولا يحصى من حيث الوثائق والعناوين .

03) وأما عن الطالب المسكين : الذي يتلقى المعرفة فحدث عن حيرته ولا حرج لأنه عرضة لأية عربية عندما يقف أمامه أستاذه في الرياضيات مثلا حيث يفاجئ ذلك الطالب -الضحية – الذي كان في عام مضى تحت رحمة عربية أخرى من لدن أستاذ آخر حملها معه من ذلك الوطن العربي الآخر المختلف .

.../... - 2 -

وأما إذا تجرأ والد أو والدة ما ، مثقفة : سمحت لها نفسها بأن تغامر وتحاول الإطلاع على عملية حسابية أو هندسية مما يدرس أولادها فإنها أي هذه الأم تصاب هي الأخرى بالدهشة لأن أحوال تلك العربية التي عرفتها ليست كهاته التي تراها أمامها ، فلا تفهم شيئا وتزداد درجة شفقتها على ولدها ، ولا يسع هذه الأم أو ذلك الأب إلا أن يصمت ولسان حاله يقول ( العين بصيرة واليد قصيرة)

04) وهناك مثال آخر مثير للضحك والأسف في آن واحد : عندما يفرض على المواطن تحرير ( فاتوراته ) التجارية باللغة العربية وحدها ، وإذا أخذ كمثال تاجر في آلات وأدوات ( كهرومنزلية ) أو قطع غيار ميكيانيكية فقهقه ولا حرج ، لأن الواقع الملموس يعبر أبلغ تعبير عن الدرك الأسفل الذي توجد فيه لغتنا الجميلة التي لا تريد جامعتنا العربية أن تكشف عن وجهها وأن تحررها من ذلك الحجاب المفروض بل المسلط عليها كقدر محتوم . ولأن الواقع المر يفيد بأن عرب الجامعة العربية اتفقوا على أن لا يتفقوا في تسمية موحدة لعجلة السيارة ولا لمقودها أو لصندوق تغيير السرعة وما إلى ذلك مما هو أعقد .
- أما عن لغة الإدارة : فإن العرب كل العرب معرضون إلى عدم التفاهم فيما بينهم ، وقد اهتدوا إلى مخرج - غير مشرف – وهو التخاطب بلغة أجنبية كالفرنسيية أو الإنجليزية فهناك الفرج .

والحل الذي قد يحدث أن يتفق عليه كل العرب في يوم من الأيام لأنه في الوقت الراهن ما زال في عداد الخيال أو المستحيلات : هو أن تحرص الجامعة على إصدار ما قد يسمى الدليل أو القاموس أو المنجد يحتوي على كل الأسماء المتداولة وكل التعابير في كل المجالات الإدارية والثقافية والتعليمية والقانونية والسياسية والرياضية ، وعلى أن تعد الجامعة ذلك دوريا في كل ثلاثة أعوام مثلا وحتى قبل التفكير في الدورات الرياضية العربية وعلى أن توزع هذه القواميس أو المناجد مجانا أو بأسعار رمزية وأن تكون موجودة في كل الأسواق وفي كل حين وأن يعتقد الجميع ويتصرفوا إزاءها وكأنهم في صدد حملة نشر لقاح ومحاربة وباء خطير ، وعندها فقط لا غير يكون العرب وعلى رأسهم الجامعة العربية عـبروا أبلغ تعبير عن ثقتهم ونيتهم الخالصة في خدمة لغتهم بدون كلل ولا ملل ولا حرج ولا عقدة .

وأما إذا صرحت الجامعة العربية أنها بذلت كل الجهود في سبيل هذا الهدف السامي إلا أن عدم التفاهم هو الذي كان حاضرا وسائدا كعادته في المواظبة فتلك هي الطامة الكبرى .
اجمالي القراءات 11965

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-10-28
مقالات منشورة : 288
اجمالي القراءات : 3,144,924
تعليقات له : 384
تعليقات عليه : 401
بلد الميلاد : Morocco
بلد الاقامة : Morocco