ظهور ابن لادن جديد في الكويت!

د. شاكر النابلسي Ýí 2009-03-03


-1-كنتُ وما زلتُ، من المتابعين له، ولما يكتب، ولما يخطب، ويتحدث في بعض الفضائيات الشعبوية الشهيرة، التي يعتبر ضيفها الدائم، لأنه يقول لها، ويُسمِعها ما تطرب له، ويُترجم لها "شعبياً" أيديولوجيتها.
وكنتُ وما زلتُ، معجباً بطلاقة لسانه، وثقافته السياسية العميقة، التي اكتسبها من دراسته في بريطانيا، مما أمكن له قراءة النصوص السياسية الغربية، وترديده لمصطلحات سياسية غربية، تزيد من غرام وإعجاب المتلقي البسيط والساذج به. فيما لæacute;و علمنا أن الشارع العربي، الذي يضم ثمانين مليون أميَّاً أبجدياً، وأكثر من مائة مليون أميَّاً ثقافياً، معظمه من السُذَّج، الذين تجمعهم طبلة، وتُفرّقُهم عصا. أما الشارع الفاعل، والضاغط، واللاعب دور البرلمانات، فهو الشارع المثقف الواعي، كما شرحنا في كتابنا (الشارع العربي، 2003).
 
-2-هذا المقال ليس قدحاً ولا ذماً، بالباحث السياسي الكويتي عبد الله النفيسي، ولكنه محاولة بسيطة، لتحليل أهمية وخطورة خطابه السياسي الداعي في جانب كبير منه إلى ثقافة الإرهاب، وتعزيز الإرهاب، وتشجيعه، وضرورة القيام به، مما جعل منه ابن لادن الجديد في الكويت.
فأهمية وخطورة عبد الله بن لادن (النفيسي) الإرهابية، تتأتى من كونه أكبر داعية إعلامي للإرهاب في العالم العربي. فهو يُغلِّف خطاباته الإرهابية بطبقة من التهريج والمزاح المضحك، للدخول بسهولة إلى قلب ورأس المتلقي. ويتحرك في العالم العربي بحرية، ويقول بحرية، وبكل جرأة.
وخطورة عبد الله بن لادن (النفيسي)، أنه لا يختبيء بتورا بورا، ولا في كهوف أفغانستان على الحدود الباكستانية، ولا هو مطلوب أو مطارد من أية جهة، ولا يُخفي نفسه، ولا يتستّر، ولا يتّقي (من التقيّة وليس من التقوى) بل هو يسافر عبر العالم العربي، ويُلقى محاضراته، مشجعاً على الإرهاب والنحر والانتحار، دون حرج. ويبثّّ أفكاره ودعواته للإرهاب الجماعي القاتل لمئات الآلاف، بكل صراحة وجرأة، ويُحيي الإرهابيين، وعلى رأسهم المُلاَّ عمر، وأسامة بن لادن، ويفخر بأنه قابل المُلاَّّ عمر شخصياً، ويدعو لهم صراحة بالنصر، والفلاح. ويضع الإرهابيين و"قاعدتهم" موضع الأبطال العارفين الأقوياء، الذين لديهم علماء وخبراء ومختبرات متخصصة في القتل والاغتيال والإرهاب، كما قال في المحاضرة الأخيرة التي ألقاها في المنامة، وبثتها كاملة، أشهر فضائية عربية في 2/2/2009. ودعا فيها ابن لادن النفيسي، إلى قتل 330 ألف أمريكي في ساعة واحدة، بواسطة "شنطة" من أربعة أرطال من مسحوق الانثراكس المدمر، كما شرح للحضور. ووصفَ المعلمُ الإرهابي ابن لادن النفيسي في محاضرته، للإرهابي المحتمل، كيفية فعل وتنفيذ ذلك!
 
-3-لا اعتراض، ولا احتجاج مطلقاً، على ذمِّ ومخالفة عبد الله النفيسي للسياسة الأمريكية، ومعارضته الشديدة لسياستها الخارجية تجاه الفلسطينيين والعرب. فلا يوجد عاقل في العالم العربي، لا يعارض هذه السياسة وتصرفاتها تجاه الفلسطينيين خاصة، وأنا أول المعارضين. ولكن الاستنكار كل الاستنكار، والسخط كل السخط، والرفض كل الرفض، على الوسيلة التي نُعبِّر بها عن هذه المعارضة، كما يفعل ابن لادن النفيسي.
فهل نثر أربعة أرطال من مسحوق الانثراكس القاتل على مدينة واشنطن – كما دعا ابن لادن النفيسي – وقتل 330 ألف أمريكي، هي الوسيلة الوحيدة، لكي نُعيد السياسة الأمريكية إلى صوابها، ووعيها الإنساني القويم، فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية؟
وهل أربعة أرطال من مسحوق الانثراكس القاتل المنثور بعناية على واشنطن – كما وصف ابن لادن النفيسي في محاضرته – كافية لدفع الإدارة الأمريكية إلى تغيير سياستها نحو الفلسطينيين وكارثتهم، التي ساهموا هم أنفسهم مع إسرائيل بإحداثها، ووقوعها، واستمرارها، منذ ستين عاماً حتى الآن؟
 
-5-عبد الله بن لادن النفيسي، زعيم يدعو بصراحة ووضوح إلى الإرهاب الأكبر؛ أي إلى قتل الأبرياء بمئات الآلاف وليس بالآلاف كما فعل ابن لادن في كارثة سبتمبر 2001.
وهو بهذا إرهابي أخطر بكثير من أسامة بن لادن. لأنه يملك ثقافةً أعمق من ثقافة ابن لادن الأصلي، ولساناً أكثر طلاقة، وشخصية أكثر كاريزماتيكية، وحرية في الحركة، أكبر بكثير من الأخير.
ويمكن ترشيحه بضمانة كبيرة، ليصبح زعيم القاعدة الجديد، فيما لو قضى أسامة بن لادن.
بل هو- بكل بساطة - ابن لادن الجديد.
عبد الله بن لادن (النفيسي) أشرس، وأكثر ظمأً للولوغ في دماء الأبرياء من ابن لادن تورا بورا.
عبد الله بن لادن (النفيسي) يظنُ أن ابن لادن تورا بورا، لا يعلم شيئاً عن الانثراكس وفعاليته الإرهابية القاتلة. لذا فهو في محاضرته في المنامة، يقوم بتعليم ابن لادن تورا بورا، وتدريبه على هذا العمل الإجرامي الجماعي.
ولكن ابن لادن تورا بورا، يبدو أنه أرحم من ابن لادن النفيسي. فابن لادن تور بورا قتل في كارثة سبتمبر 2001 حوالي 3500 ضحية. بينما ابن لادن النفيسي، يريد قتل 330 ألف ضحية في ضربة واحدة، لا تحتاج إلى كثير من الجهد كما قال في البحرين. وبذا، تُصبح كارثة 11 سبتمبر 2001 مزحة، مقارنةً بكارثة الانثراكس التي دعا إلى تنفيذها. أو تصبح "زلاطة" كما قال الإرهابي الأكبر بالحرف الواحد.
ولو بلغ بابن لادن تورا بورا جنون ابن لادن النفيسي، لنفَّذ مثل هذه الكوارث في الجيش الأمريكي في العراق، أو في كابول. ولكن يبدو أن ابن لادن تورا بورا، طلع أعقل قليلاً وأكثر رحمة من ابن لادن النفيسي، الذي أصبح ينافسه، ويتفوق عليه في ابتكار وابتداع أساليب الإرهاب، وأكثر عمليات النحر والانتحار، قتلاً للضحايا الأبرياء.
 
-6-لم يترك الليبراليون الكويتيون من العقلاء والنبلاء، ابن لادن النفيسي، يمارس جنونه الإرهابي على هواه، فتصدوا له.
فطالب الكاتب والأكاديمي الليبرالي الكويتي المعروف أحمد البغدادي، الحكومتين الكويتية والأمريكية، باعتقال ابن لادن النفيسي، باعتباره محرضاً رئيسياً على الإرهاب، ولا سيما في محاضرته الأخيرة في البحرين، والتي ضمنها دعوة صريحة لقتل 330 ألفاً من الأمريكيين. وقال البغدادي في عموده اليومي في جريدة "السياسة" الكويتية(25/2/2009): "من يستمع إلى ابن لادن النفيسي وتشجيعه للمُلاَّ عمر، ودعوته إلى تشجيع وشدِّ أزر الإرهابيين، ومختبرات هؤلاء الإرهابيين، سيعرف إلى أي مدى تغلغل الإرهاب في العقلية العربية".
واستغرب البغدادي، سكوت الحكومة البحرينية على محاضرة النفيسي، التي دعا فيها إلى قتل 330 ألف أميركي بمادة الإنثراكس القاتلة. مضيفاً أن النفيسي يبين لمن يريد ذلك، كيفية تأدية هذا العمل الإجرامي الجماعي.
واستغراب البغدادي ليس فقط لسكوت الحكومة البحرينية فقط. بل نضيف عليه سكوت الكويت، ومجلس التعاون الخليجي، وجموع المثقفين والكتاب، في العالم العربي كله.
فهل التفسير الوحيد لهذا السكوت والصمت المُطبق، على ما يقوله ابن لادن النفيسي، من كلام خطير ومثير، هو أن هذا الإنسان مجذوب من مجاذيب الإرهاب، الذين يشبهون مجاذيب الطرق الصوفية الشعبية، فلا يستحق الردَّ، ولا هو أهلٌ للردع؟
فمجنونٌ يحكي، وعاقلٌ يسمع.
ولكن أين هم العقلاء الآن في العالم العربي؟!
السلام عليكم.
اجمالي القراءات 14632

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (5)
1   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الأربعاء ٠٤ - مارس - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[35268]

أتفق معك

 أتفق معك يا أستاذنا الكريم أن هذا ليس مبررا ،ولا حلا على الإطلاق ، لكي تغير الولايات المتحدة من سياستها  !! ولكن  يدعوها لشيء واحد فقط هو إعطاؤها مبررا جديدا لاحتلال  بلد عربي شقيق آخر ، وتعاد نفس الكرة الماضية في العراق بدعوى مكافحة الإرهاب ، أو على الأقل بالتدخل في شئونها بمبرر كاف. وهذا بفضل النفيسي أكبر داعية للإرهاب بأسلوب متميز وبحرية وجرأة  لا يشوبها أي تهديد  ومن حقي أن أسأل هل المحاضرة كانت في دولة عربية  حقا أم خيالا ؟!!!  وإذا كان الجواب  :نعم في دولة عربية  .اسمح لي ان أحيها على هذه الحرية المبالغ فيها


2   تعليق بواسطة   نورا الحسيني     في   الأربعاء ٠٤ - مارس - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[35296]

عندما يصبح العلم نقمة.

خسارة هذه العقليات التي من بينها هذا الرجل ، الذي يتحدث المقال عنه، ماذا لو استغل هذا الرجل علمه وثقافته فيما ينفع وطنه او بمعنى أشمل فيما ينفع البشرية بأكملها، ولا يدعو كما يفعل هو إلى القتل والدمار وكأننا نعيش  في العصور السحيقة، مثل هذا الرجل بظهوره على الفضائيات وأثره بهذه الصورة على متابعيه ومشاهديه من المتوقع - كما هو واضح من المقال- أنه سوف يكون له خطورة بن لادن أو أكثر خطورة منه.


3   تعليق بواسطة   AMAL ( HOPE )     في   الخميس ٠٥ - مارس - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[35366]

د.شاكر النابلسي , العالم في حاجة ماسة الى كتاب عقلاء مثل حضرتك

لقد شاهدت واستمعت الى محاضرة ابن لادن الكويتي وهي موجودة في النت , وتحليلك لها كان في منتهى الروعة . ومما جاء في المقالة :


فأهمية وخطورة عبد الله بن لادن (النفيسي) الإرهابية، تتأتى من كونه أكبر داعية إعلامي للإرهاب في العالم العربي. فهو يُغلِّف خطاباته الإرهابية بطبقة من التهريج والمزاح المضحك، للدخول بسهولة إلى قلب ورأس المتلقي. ويتحرك في العالم العربي بحرية، ويقول بحرية، وبكل جرأة.


وماقاله من افكار ارهابية تثبت بانه اكثر ارهابية من ابن لادن ,


وماذا لو ادانته امريكا من فمه ؟؟,  وقالت له (((من فمك ادينك)) ,


هل سيعاتبها  احد و خاصة كل من استمع الى محاضرته الارهابية ؟؟,


ولنفرض اسوا احتمال وان هناك من لبى ندائه وقضوا على كل سكان واشنطن,


هل ستنتهي امريكا؟؟!!!, وما ذا بعد ذلك ؟؟!!!!


هذه مشكلة من يتكلم من دون تفكير ومن دون أن يدرس ما سيترتب على كلامه


وماذا لو كان يملك ما تملكه امريكا من الاسلحة المدمرة ؟؟,


 حقا ان اسامة بن لادن كان ارحم من اسامة بن لادن الكويتي 


4   تعليق بواسطة   انور الباشا     في   الجمعة ٠٦ - مارس - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[35417]

التكرار يعلم الشطار

رغم ان الدروس  التى تفيد أن العنف حتما سيقابله عنف ألا انه يبدو ان العرب امة لا تفهم الا بالتكرار (وليس مرة واحدة فقط ).


تحية لك دكتور شاكر مقالتك التنويرية .


5   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   الأحد ٠٨ - مارس - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[35520]

هل هذا الإنسان مجذوب من مجاذيب الإرهاب الذين يشبهون مجاذيب الطرق الصوفية والشيعية؟؟

أشكر لك يا دكتور/ شاكر حرصك الشديد على صالح الوطن العربي من المحيط إلى الخليج ، وأقتبس عنوان هذا التعليق من  آخر فقرة في مقالك الرائع هذا ، وأقول  " لا" هذا الإرهابي عبدالله النفيسي لا يشبه هؤلاء المجاذيب في الطرق الصوفية أو الشيعية ، لأن هؤلاء المجاذيب لايقتلون الأبرياء ولا المخالفين لهم في العقيدة كما يفعل هؤلاء الإرهابيون السنيون الذين يدّعُون أنهم يدْعُون للإسلام الدعوة الشافية لأمراضهم العقلية ،  إنهم ساديون سفاحون ، والإسلام منهم برئ والبسطاء هم الضحية من الشعوب وأتساءل من سيدفع الثمن لو قام إرهابي بمثل هذا العمل؟؟ بالطبع سوف تقوم أمريكا بالرد  ومن سوف يتلقى  الضربة الانتقامية أو الوقائية إنهم البسطاء من عامة الشعب العربي  ويا لها من كارثة لو حدث هذا !!!..


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-01-16
مقالات منشورة : 334
اجمالي القراءات : 3,450,704
تعليقات له : 0
تعليقات عليه : 361
بلد الميلاد : الاردن
بلد الاقامة : الولايات المتحدة