الصحابة فى القرآن الكريم ـ المقال الرابع : :
الصحابة والتقسيم الثلاثى للبشر حسب الايمان و العمل

آحمد صبحي منصور Ýí 2008-04-04


مقدمة
1 ـ المشكلة الحقيقية فى فهم الاسلام أن معظم غير المسلمين يكرهون كلمة الاسلام ، ولا يرون دين الاسلام إلا مجسدا في تراث الأديان الأرضية للمسلمين وفى اعمالهم الحاضرة و تاريخهم السابق. أول من يقول بذلك الخطأ هم أولئك المسلمون ذوو الديانات الأرضية الذين يلصقون تحريفاتهم المناقضة للاسلام الى الاسلام عبر أحاديث ضالة وتفسيرات محرفة وتاويلات آثمة ، ثم يأتى أعداؤهم من أتباع الديانات الأرضية الأخرى التى ابثقت عن رسالات سماوية قبل القرآن ليدعموا هذا الخطأ ليحملوا دين الاسلام أوزار أولئك المسلمين.


والاسلام الحقيقى لا شأن له بذلك الفهم الخاطىء.
الاسلام الحقيقى هو السلام مع البشر والاستسلام طاعة لله جل وعلا وحده على نحو ما فصلناه فى مقال ( الاسلام دين السلام ) ومقال ( معنى الاسلام ومعنى الطاغوت ) .
والاسلام بهذا المعنى مخالف لما سار عليه تاريخ المسلمين وتاريخ البشر ، فهو دين الله جل وعلا الوحيد الذى نزلت به كل الرسالات السماوية وليس القرآن الكريم وحده، إنه الدين الالهى الأصلى الذى خالفه البشر فى كل عصر فأنشأوا على انقاض رسالاته السماوية أديانا أرضية ، ليس أولها الزردشتية واليهودية والارثوذكسية والمانوية واليعقوبية والكاثولوكية والبوذية وليس آخرها السنة والتشيع والتصوف والبروتستانتية والنورمان والبابية والبهائية.
الأصل هو دين الاهى واحد نزل فى رسالات سماوية مختلفة كل رسالة بلسان قومها ، ثم نزلت الرسالة الخاتمة قرآنا باللغة العربية لتظل حجة على البشر الى قيام الساعة، ولكن قام البشر بتحريف تلك الرسالات السماوية ، وأنشأوا على انقاضها أديانا أرضية، ولا يزالون .
والواقع أن البشر كانوا ثلاثة أقسام بالنسبة لمدى طاعتهم للرسالة السماوية : قسمان من أهل الجنة و قسم من أهل النار وهو الأكبر والأكثر. وبالتالى فهناك : فجوة بين الرسالة السماوية وتطبيقها البشرى ، ثم هناك فجوة داخل التطبيق البشرى نفسه بين أكثرية ضالة مضلة ستكون من أصحاب السعير ، وأقلية مؤمنة ستفوز بالجنة . بل أن هناك فجوة داخل تطبيق الأقلية المؤمنة، فهناك السابقون منهم بالعمل والطاعة والايمان وهناك من توسط واذنب وتاب واهتدى فلحق فلحق بالجنة مؤخرا.
ونعطى بعض التفصيلات فى شرح ما سبق .
أولا : كل الرسالات السماوية تقول شيئاً واحداً.
كل الرسالات السماوية من آدم إلى محمد عليهم السلام اختلفت لغاتها, وكانت كل رسالة تنطق بلغة القوم ولهجتهم, (14 / 4) ولكن مع اختلاف اللغات فى كل الرسالات إلا أن المضمون واحد هو التأكيد على الإيمان بالله تعالى وحده لا شريك له والإيمان باليوم الآخر والعمل الصالح. وبهذا نطق كل نبى باللغة التى يتفاهم بها مع قومه إلى أن نزلت الرسالة الخاتمة على النبى محمد خاتم النبيين تنطق باللغة العربية ، وتكرر فى القرآن العربى نفس ما قيل قبل ذلك فى الرسالات السماوية باللغات البشرية المختلفة, (41 / 43))39 / 65-66 ). والقرآن الكريم نقل آيات من الوحي الذي نزل على إبراهيم وموسى في الأمر بالصلاة وإيثار الآخرة ( 87 /14 -)" وتكرر ذلك في سورة النجم ( 53 / 36 –). وأكد الله تعالى أن الوحى واحد وأساسيات التشريع واحدة فى كل الرسالات السماوية (4 / 163) (42 / 13).
وليس المؤمنون هم أتباع القرآن الكريم فحسب بل المؤمنين هم أتباع كل رسالة سماوية وأتباع كل نبي، لأن الحساب يوم القيامة يوم عام لجميع الناس ولكل الأمم ( 11 /103) ".
وفي نفس الوقت فذلك الحساب العام حساب موحد بشرع واحد في أساسياته، أنزله الإله الواحد. ومهما اختلف اللغات التي يصلى بها البشر لله تعالى فالعبرة بالتقوى ، فلن يدخل الجنة الا المتقون ( 19 / 63 ) ، وهم الذين يخشون الله تعالى وحده فلا يؤمنون باله غيره ، ولا يظلمون أحدا من البشر.
ثانيا : البشر جميعا ثلاثة أقسام فى تطبيقهم للدين الالهى :
1 ـ وكما أن الدين الالهى واحد للبشر جميعا ، وهم فيه مأمورون بالعمل الصالح عبادة لله الاله الواحد جل وعلا ، فانهم جميعا موعدهم يوم واحد هو اليوم الاخر.
وفى هذا اليوم سيتنوع البشر حسب الايمان والعمل الى ثلاثة أقسام : قسمان فى الجنة هما السابقون و اصحاب اليمين ـ وهما معا أقلية ـ ثم القسم الثالث وهو اغلبية البشر ، وهم أصحاب الشمال . يقول تعالى ( وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) ( الواقعة 7 ـ ).
2 ـ ونفس التقسيم نراه فى اهل الكتاب . فليسوا سواء ، منهم السابقون بالايمان و العمل الصالح ، يقول تعالى : (لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ( آل عمران 113 ـ )
يقول تعالى عن اهل الكتاب " لَيْسُوا سَوَاءً" أى انهم جميعا ليسوا فى التطبيق للكتاب المقدس سواء ، وان كانوا جميعا اتباع الكتاب المقدس الحق الذى نزل القرآن الكريم يؤيده ويصدقه . لكنهم فى تطبيق الدين لم يكونوا سواء، وتطبيق الدين بصدق يعنى التقوى أو اقامة الصلاة وايتاء الزكاة، وهنا يختلف الناس حسب الايمان والسلوك برغم الشعارات المرفوعة ؛ بعضهم سابق فى الخير وبعضهم توسط ، وبعضهم ضل وفسد ، وتتحدث الآية عن الصنف المفلح من أهل الكتاب فتقول عنهم بصيغة الجملة الاسمية التى تفيد الثبوت والدوام فى كل عصر وأوان: ( مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ) أى قائمة بالدين ايمانا وشعائروسلوكا أو بمعنى آخرهى أمة تقيم الصلاة وتؤتى الزكاة ، ولذلك فانهم كما قال تعالى : " يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ) ولذلك فان الله تعالى لن يضيع أجرهم، فالمتقون هم أصحاب الجنة : ( وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ) آل عمران 113-115)
وكرر نفس المعنى فى نفس السورة ( آل عمران 199 )
وفى مواضع آخرى يقارن رب العزة بين أولئك السابقين من أهل الكتاب والضالين منهم ( النساء 160 ـ 162 ) ( الحديد 26 ـ 27 ).
والفيصل هو فى تطبيق الكتاب السماوى أو فى إتخاذه مهجورا، ولذلك فلو قام أهل الكتاب بتطبيق الكتاب السماوى باخلاص لنعموا برضى الله تعالى عنهم فى الدنيا والاخرة ، يقول تعالى :(وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ ) ( المائدة 66 ). فهنا يذكر الله تعالى الصنف المقتصد أى المتوسط والذى سيلحق بالجنة تحت اسم ( أصحاب اليمين ) ، ويذكر الله جل وعلا الأكثرية التى أساءت العمل فاستحقت الجحيم.
3 ـ ونفس التقسيم الثلاثى قاله رب العزة عمن يسمون بالمسلمين الذين توارثوا الكتاب الخاتم، فهم أيضا ثلاثة أقسام : منهم السابقون ومنهم من اقتصد وتوسط ، ومنهم الأكثرية الظالمة ، يقول تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) ( فاطر 32 ).
ثالثا :
وهذا التقسيم الالهى الثلاثى سنعرفه فقط يوم القيامة على المستوى الفردى و المستوى العام ، والذى يخبرنا الان عنه هو الله جل وعلا الذى يعلم الغيب والذى له وحده الحكم على عقائد الناس وما تخفيه صدورهم ، ولقد أمر بتأجيل الحكم فى الاختلافات العقيدية اليه جل وعلا وحده فى ذلك اليوم : يوم الحساب : (قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) ( الزمر 46 ) وبذلك ينبغى الا تكون هناك مشكلة. ولكن تتأسس المشكلة بتحكم أصحاب الأديان الأرضية فى عقول أتباعها وطلبا لجاه دنيوى مؤسس على التلاعب بالدين . ومن هنا يقوم الاضطهاد الدينى ومحاكم التفتيش، وتثور الحروب الدينية والطائفية التى تغذيها أكاذيب الأديان الأرضية ، ثم ينسبون كل ذلك الافك الى دين الله جل وعلا بالتأويلات المغلوطة والتحريفات الاثمة والأحاديث الكاذبة .

رابعا
استعراض لسورة الواقعة
تنفرد سورة الواقعة باستعراض مؤثر لتقسيم البشر الى ثلاثة أقسام حسب عملهم وايمانهم ، من سابقين مقربين ـ ثم أصحاب اليمين ، وهما معا فى الجنة على اختلاف فى مستوى الجنتين ، ثم اصحاب الشمال وهم أصحاب النار. وتصف نعيم السابقين ونعيم اصحاب اليمين ثم تصف عذاب اصحاب الشمال .
ولكن اللافت للنظر ان السورة تبدأ بذكر بعض مشاهد قيام الساعة ـ وتسميها الواقعة ـ ( إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثًّا) ( الواقعة 1 : 6 ) وتدخل بعدها فى التقسيمات الثلاثية للبشر يوم القيامة ( وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) وتشرح نعيم المقربين السابقين ونعيم اصحاب اليمين ، ثم عذاب أصحاب الشمال ( الواقعة 7 ـ 56).بعدها يوجه الله تعالى حديثا للبشر يذكرهم فيه بانه جل وعلا هو خالق الحياة والموت والزرع والماء والنار، ويقسم بمواقع النجوم على ان القرآن الكريم تنزيل من رب العالمين ، ولكنهم يكذبون به لدوافع دنيوية ( الواقعة 57 : 82 ) .
وكما افتتحت السورة بالحديث عن بعض احداث يوم القيامة (الواقعة ) وتقسيم البشر الى ثلاثة أقسام تنتهى السورة بحديث آخر عن علامات الاحتضار عند الموت( فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) وكيف سينقسم البشر حسب ما قدموه من ايمان وعمل الى ثلاثة أقسام، هو نفس التقسيم الثلاثى للبشر حسب الايمان و العمل :( فَأَمَّاإِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ ) (وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ) (وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ) ثم تنتهى السورة بالتاكيد على الحق القرآنى وتسبيح رب العزة جل وعلا (إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ) ( الواقعة 83 ـ 96).
إن محور سورة الواقعة يقوم على هذا التقسيم الثلاثى لكل البشر. وهو تقسيم مبنى على الحياة العملية الواقعية لكل انسان من ايمان وعمل فى هذه الحياة الدنيا ، وسيراه كل البشر يوم القيامة بعد ان تنتهى فرصتهم فى التوبة وتنعدم حريتهم فى الايمان والكفر وفى الطاعة و المعصية. كما أن هذا التقسيم سيراه كل فرد عند الموت بعد أن أمضى حياته و تم قفل كتاب أعماله ورقد على فراش الموت أسيرا لا يستطيع أحد إنقاذه .. عندها سيرى بنفسه مصيره هل هو من السابقين المقربين أم من أصحاب اليمين أم من الخاسرين ، حسب ما سارت عليه حياته الدنيا من طاعة أو معصية وايمان أو كفر.
ولأن هذا التقسيم لن يراه البشر إلا بعد فوات الأوان وضياع فرصة التوبة بدءا بالاحتضار والموت ثم قيام الساعة فان من رحمة الله جل وعلا أن يخصص الجزء الأوسط من السورة لعظة البشر وتذكيرهم وهم أحياء فى هذه الدنيا يتمتعون بحريتهم وحياتهم ومقدرتهم على الطاعة و المعصية ، وهو جل وعلا يتجلى برحمته الى درجة أن يقوم هو نفسه باجراء حوار مع خلقه الضالين يدعوهم الى الهداية ، وباسلوب عقلى لامناص فيه من الموافقة ، حيث يطرح جل وعلا أسئلة لا بد أن تنتهى الاجابة عليها بالموافقة ، كقوله تعالى : (نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ ؟) ( أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ ؟) (أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ؟ لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ؟) ( أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ ؟ لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ) ( أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ ؟ نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ . فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ) .. سبحان ربى العظيم ..
خامسا: الصحابة وسورة الواقعة
وسورة الواقعة تجعلنا نتساءل : كيف كانت استجابة الصحابة لها ؟ المتوقع والذى نتمناه أن يكون الصحابة كلهم من السابقين المقربين ، أو حتى على الأقل من الصنفين الفائزين بالجنة (السابقون وأصحاب اليمين ) فهم أول من قرأ القرآن مع النبى محمد عليه السلام، وهم الذين عايشوه ،ولكن المؤسف أن التقسيم الثلاثى يسرى عليهم كما يسرى على الجميع .
لقد تحدث رب العزة عن التقسيم الثلاثى لأهل الكتاب ، من السابقين والمقتصدين (أصحاب اليمين ) واصحاب الشمال : ( لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ( آل عمران 113 ـ ) :(وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ ) ( المائدة 66 ).
نفس التقسيم يسرى على كل المسلمين الذين ورثوا ويرثون القرآن الى يوم القيامة؛ فمنهم الظالم ، ومنهم المقتصد ، ومنهم السابق ، قال جل وعلا عنهم: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) ( فاطر 32 ).
وهو نفس الحال مع الصحابة، مع إنهم الذين شهدوا نزول الوحى القرآنى وهو يخبر بما يعملون و يصفه ويصنفه فى سياق الدعوة الى الهداية. ولا نعرف كم منهم تاب متاثرا بما نزل من القرآن ، ولكننا نعرف من تاريخهم المكتوب أنهم بمجرد موت النبى محمد وانتهاء القرآن الكريم نزولا قاموا بأكبر حملة عصيان مسلح للقرآن الكريم فيما يعرف بالفتوحات الاسلامية، ولم يكن ضحيته ملايين البشر من الشعوب المسالمة فقط ، ولكن كان الاسلام نفسه هو الضحية الأولى.
سادسا : التقسيم الثلاثى للصحابة
1 ـ السابقون فى التقسيم الثلاثى للصحابة جاء ذكرهم فى قوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) فهنا السابقون من الصحابة وممن سيأتى بعدهم الى يوم القيامة قائما بالايمان الخالص والعمل الصالح.
أولئك السابقون من الصحابة فى الايمان و العمل كانوا من الأهمية بحيث ذكرهم الله جل وعلا فى كفة وذكر كل من اتبعهم باحسان فى كفة مساوية . الأهمية هنا فى أن الفترة الزمنية التى عاش فيها أولئك الصحابة الأبرار الذين رضى الله تعالى عنهم ورضوا عنه تساوى فى أهميتها عشرات الألوف من السنين التى عاشها وسيعيشها من اتبعهم باحسان من الملايين من كل البشرالى يوم الدين . أى إنه فى ميزان القرآن الكريم هناك فترة زمنية ـ لا تتعدى عقدين من الزمان ـ ولكن عاش فيها على هذا الكوكب أناس سابقون فى الايمان و العمل الصالح ، أضاءوا بعملهم الصالح تلك الفترة الزمنية فى عمر هذا الكوكب الأرضى ، فاستحقت تلك الفترة الزمنية القصيرة ( حوالى عشرين عاما ) أن تعادل العمل الصالح لكل البشر التابعين للصحابة الأبرار الى قيام الساعة . أكثر من هذا أن يظل أولئك الصحابة الأبرار ـ الذين لا نعرف أسماءهم الحقيقية ـ قادة فى السبق فى الايمان و العمل الصالح ، سواء من كان منهم مهاجرا أو من الأنصار الذين آمنوا بعد المهاجرين ولكن صاروا مثلهم فى قوة الايمان و حسن وصلاح العمل واخلاص القلب لله جل وعلا. فالسبق ليس فى الزمن ولكن فى الايمان والعمل.
لم يعطنا الله جل وعلا اسماءهم لأسباب كثيرة منها ما يرجع لمنهج القرآن الكريم فى القصص ، وخوفا من تأليه أسماء بعينها احتجاجا بوجود أسمائهم مكرمة فى القرآن ، ولأن الآية نزلت وهم أحياء يرزقون لم تنته حياتهم بعد ،أى كان لا يزال أمامهم الاختبار مفتوحا ، وكان كتاب أعمالهم لا يزال مفتوحا بعد يقبل السيئة و الحسنة ويزداد فيه الايمان وينقص حسب المواقف ، لذا فالتقييم لا يكون الا بانتهاء الحياة وعند يوم الحساب . لذلك فتحديد أسماء أولئك الصحابة الأبرار الذين رضى الله تعالى عنهم ورضوا عنه لن نعرفه إلا يوم القيامة . ومن يقترح أسماء من عنده سيكون معتديا على غيب الله تعالى الذى لا يعلمه غيره جل وعلا.
ويبقى أن نقول إن أعظم إنجاز حققه خاتم النبيين فى دعوته الى الاسلام ، وأعظم إنجاز للاسلام والقرآن الكريم هو فى وجود أولئك الصحابة الأبرار السابقين فى الايمان والعمل الصالح وفى كونهم إئمة فى الصلاح والفوز الى يوم الدين . وموضوع الامامة والتأسّى فى الاسلام لا يكون بالشخص ولكن بالمبدأ ، وهوالايمان والعمل الصالح، أو باختصار: التقوى .
هذا هو الصنف الأول والأعظم من الصحابة المهاجرين منهم والأنصار.

2 ـ أما أصحاب الشمال فمنهم من قال عنهم رب العزة ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ) وهنا إشارة الى أشد المنافقين كفرا ـ وهم بالتالى أسوأ أصحاب الشمال .

3 ـ أما أصحاب اليمين من الصحابة فقد قال تعالى عن بعضهم : ( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ( التوبة 100 : 102 ) وهؤلاء هم المقتصدون الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ولا بد لهم من الاسراع بالتوبة قبل فوات الأوان.

سابعا : السلفيون ورفض التقسيم الثلاثى للصحابة
1 ـ تلك التفصيلات الاجمالية للصحابة تنوعت الاشارة اليها فى آيات كثيرة سياتى أوان التوقف معها . ولكننا هنا نتوقف مع تعاطى فقهاء السلف لتلك الايات ، ولا نقصد فقط السلف السنى ولكن نضم له السلف الشيعى وكل من يجعل التاريخ وتراثه الماضى دينا .

2 ـ السلفية الشيعية يبدأ دينها ببيعة السقيفة ثم يتطور بالفتنة الكبرى ويزدهر بكربلاء ويستمر حتى الآن ، ونظرة الشيعة الى الصحابة متاثرة بالدين الفارسى القديم الذى يقسم الالوهية بين الاهين اله الخير والنور واله الشر والظلام . وعليه فالصحابة عندهم لهم تقسيم ثنائى : آلهة الخير وهم على بن أبى طالب وذريته ، وآلهة الشر وهم الخصوم السياسيون لعلى وذريته بدءا من أبى بكر وعمر وعثمان ومعاوية ...الخ. وبتعبير آخر فان الذين دمروا الامبراطورية الفارسية واستعبدوا أبناءها أصبحوا فى التشيع آلهة الشر مقابل على بن ابى طالب وبنيه.
السلفيون السنيون قالوا بتأليه الصحابة جملة تحت مصطلح ( عدالة الصحابة ) ، ثم جاء دين التصوف فجعل الكون كله الاها مع الله جل وعلا أو هو الاله طبقا لعقيدة وحدة الوجود.
وكلهم ـ بالاسم ـ مسلمون .!!
3 ـ وقبل الرد على ما سبق نتوقف مع توضيح بعض المصطلحات .
فالقول بأنهم يؤلهون الصحابة أو البشر او الأئمة يأتى صادما للقارىء . ولكنه التوصيف الحقيقى لمعنى التأليه ، فالله وحده هوالذى لا يخطىء قط ، وأنه وحده المستحق للتقديس و التحميد ، ومن عداه يخطىء و يجوز نقده بل يجب نقده إثباتا لبشريته وتاكيدا على أنه لا اله مع الله ولا اله إلا الله،ولكنهم يضفون صفات الله جل وعلا الالهية على البشر ، ويقيمون آلاف المعابد المقدسة على رفات أولئك البشر ، يحجون اليها ويقدمون لها القرابين ويطلبون منها المدد والعون . بل ترى لنفس الشخص أكثر من معبد وأكثر من قبر وأكثر من ضريح ..إن لم يكن هذا تأليها فبماذا نصفه ؟ وأخطر أنواع التأليه ما يسمى بالشرك العلمى أو تقديس الكتب و الأسفار كما يفعلون مع البخارى وغيره ، والعادة أنك إذا حاورت أحد السنيين واستشهدت بآية قرآنية فانه يجادل فيها ، ولكن إذا استشهدت بحديث من البخارى فانك تراه قد خرّ راكعا .!!. إن لم يكن هذا عبادة للبخارى وتأليها له فماذا يكون ؟ ثم ألا ينبغى أن نسمى الأشياء باسمائها الحقيقية ؟ إنه التوصيف الصحيح للمرض ، ولا بد من التوصيف الصحيح لبدء الشفاء. أما إذا أخطأنا فى تسمية المرض وفى توصيفه فسيظل ذلك المريض متمتعا بمرضه الى أن يدخل به الجحيم .
لا بد من توضيح تلك المصطلحات و كشفها لتحقيق الاصلاح ؛ ومثلا فان مصطلح ( العصمة) من الوقوع فى الخطأ هى القاسم المشترك الأعظم فى تقديس تلك الأديان الأرضية لالهتها من البشر . ولأن مبنى القرآن وغايته ومنتهاه فى التأكيد على أنه لا اله إلا الله فلقد جاءوا بمصطلحات جديدة تسوغ وتبرر التأليه مثل ( العصمة )و ( الحفظ ) و ( العدالة ).
4 ـ السلفية السنية فى سعيها لتأليه الصحابة جملا وتفصيلا تستشهد دائما بقوله تعالى :(وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).. وتنسى الآتى :
*الايات التالية والتى تتحدث عن الصنفين الآخرين من الصحابة كما تنسى مئات الايات الأخرى التى تتحدث عن أصناف الصحابة المنافقين وضعاف الايمان .
*(السبق) المراد فى قوله تعالى :(وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ ) موصول المعنى بما جاء فى سورة الواقعة عن السابقين من كل البشر فى كل عصر الى يوم القيامة ، أى لا يعنى السبق الزمنى ، أى لا يعنى من أسلم أولا قبل الاخرين ، بل هو السبق فى الايمان أى بالايمان الزائد والعمل الصالح. والدليل أن الاية نفسها تحدثت عن المهاجرين والأنصار معا ـ ولم يكن كل الأنصار سابقين من حيث الزمن لأنهم أسلموا قبيل وبعد الهجرة وسبقهم المهاجرون اسلاما بسنوات . بل إن الآية نفسها تجعل السبق بالعمل متصلا الى يوم القيامة ، فكل من يتبع الحق ويعمل به متقدما على غيره فى الايمان والعمل الصالح فهو مع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار مهما تباعد الزمن ، لأن المهم هو اتباع الحق باحسان الى يوم الدين ، وهذا معنى قوله تعالى (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ ...).
*معنى (الأولون ) هو (السابقون ) لأن بيان القرآن يأتى فى القرآن نفسه ، أى أن الأولوية فى العمل هى السبق فى العمل .
*السبق يتعلق بحقيقةالايمان والعمل ، لذا فمرجعه الى الله جل وعلا وحده الذى (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ) ( غافر19)، وفى الآية التالية تأكيد على وجود صحابة منافقين من أهل المدينة أدمنوا النفاق حتى خدعوا بايمانهم المغشوش خاتم النبيين فلم يعرفهم وهم يحيطون به: ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ).وفى آية أخرى يقول تعالى (وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم ) ( النساء 25)
*الأولية أوالسبق فى اعتناق الاسلام ـ طبقا لما جاء فى التاريخ نرد عليه بنفس التاريخ . بعض أولئك الصحابة السابقين زمنا ارتدوا عندما شاع فى مكة حديث الاسراء ، وبعض السابقين زمنا استمر على اسلامه وتصدر قيادة المسلمين بعد موت النبى محمد عليه السلام ثم أصبحوا قادة الاعتداء على أمم لم تبدأهم بالعدوان ، ثم أصبحوا قادة فى الحرب الأهلية أو ما يسمى بالفتنة الكبرى . وفى هذا وذاك استباحوا قتل مئات الالوف ، معظمهم كان من الشعوب المستعبدة ..
*ولنتامل قوله تعالى فى جريمة قتل نفس واحدة بريئة مسالمة: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) (النساء 93 ) ولقد قتل أولئك الصحابة عشرات الألوف من الأبرياء المسالمين ، واستعبدوا الملايين من الشعوب الأخرى التى لم يكن لها اى شأن بالعرب . وقد يهون الأمر حين يكون مجرد حروب واحتلال استعمارى سبقه الروم وغيرهم وجاء آخرون من بعدهم يحتلون بلاد الاخرين ويستعبدونهم ، يهون الأمر هنا لأنه عادة بشرية سيئة لا تزال تجرى حتى الان تحت دعاوى علمانية ودنيوية ، ولكن عندما تتخفى المطامع الدنيوية تحت اسم الاسلام وتقيم المذابح وسبى أو استعباد النساءوالأطفال باسم الله جل وعلا فهنا يكون الظلم الأعظم لله تعالى ودينه ورسوله وكتابه وشرعه. ثم تكتمل المأساة حين ينشأ بتاثير تلك (الفتوحات ) أديان أرضية يتحول فيها قادة الفتوحات الى آلهة يعبدها أحفاد المظلومين المقهورين ، ويصبح الاسلام الحقيقى مسئولا عن كل تلك الجرائم التى حرمها سلفا ومن قبل حدوثها.
*بعض أولئك الصحابة انتهى امرهم بالتقاتل بلا رحمة فى صراع على حطام الدنيا. قد يكون بعضهم على الحق والاخر على الباطل ، وقد يكون كلاهما على الباطل ، ولكن لا يمكن أن يكونوا جميعا على الحق ،أى لا يمكن أن يكونوا (عدولا ) بالمفهوم الانسانى للعدل ، فكيف بالمفهوم السلفى الذى يجعلهم آلهة لا تخطىء؟ لا بد من وجود مخطىء فى تلك الحروب الأهلية التى قامت بين الصحابة. وهنا يختلف السنة و الشيعة ولا يزالون .
فمن هو المخطىء الحقيقى ؟ أم أن تلك الحروب الأهلية كانت خيرا محضا لا خطأ فيه ؟.
وأخيرا :
1 ـ المسلم المؤمن بالقرآن حق الايمان عليه ان يؤمن بوجود صنف من الصحابة قال الله تعالى عنهم انهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ، ويرجو ذلك المؤمن أن يكون مثلهم تابعا لهم ، وأن يكون (مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا ) ( النساء 69).
2 ـ مثل هذا المؤمن الحقيقى لا يمكن أن يفترى على الله تعالى كذبا ويتدخل فى علم الله جل وعلا ويقول :إن فلانا وفلانا من السابقين الأولين المشار اليهم فى الآية الكريمة ، لأنه إن قال ذلك أواعتقده فقد أصبح من أتباع الديانات الأرضية التى تتخذ دينها من أساطير الأولين وروايات التاريخ المكتوب بيد البشر..










اجمالي القراءات 22406

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   محمد البرقاوي     في   الجمعة ٠٤ - أبريل - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[19461]

الأخ المؤمن الطاهر

السلام عليكم.


في البداية أتوجه بالتحية للدكتور أحمد صبحي على هذه السلسلة النقدية الطيبة التي تخص الصحابة, إذ غاية الدكتور أحمد هي بيان أن الصحابة ما هم إلا أناس مثلنا يصيبون كما يخطؤون و لن يزروا وزرنا و لن نزر وزرهم بل كل نفس بما كسبت رهينة و لا حجة للظالمين يوم الميعاد من بعد أن تبين لهم الحق من لدن الحق تعالى, كما نحن ندعوا جميعا إلى نبذ ثقافة تعظيم الأشخاص و تقديسهم بل نحن نعظم الله تعالى و نقدسه وحده فليس كمثله شيء و هو الكامل سبحانه و لا يعيبه نقصان و لا خطأ. أما بخصوص الأخ المؤمن الطاهر فنقول أنه قد حسمنا موضوع الصلاة من قبل و قلنا أنه من شاء أن يصلي ثلاثا فليصل و من شاء أن يصلي خمسا فليصل و كلا الفريقين حسابه على الله تعالى. ثانيا لا تظلموا التواتر كثيرا فالخبل أن يحافظ الكافرون على التواتر العقائدي و التعبدي لهم عبر العصور بينما يضيع هدى الله تعالى و يصبح هباء و لا قيمة له. و في الأخير أدعو كل مؤمن يؤمن بالله تعالى وحده و بسلطان العلم من بعد لكي يقرأ الفوائد الجسدية للصلاة و كيف بين العلم بإعجاز فوائد هذه الصلوات الخمس عبر محرك البحث و إليكم هذا الرابط مثلا.


http://www.saudistocks.com/forums/sa udi9/stocks233553


2   تعليق بواسطة   عبد الحسن الموسوي     في   السبت ٠٥ - أبريل - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[19477]

تصويب

 


اخي الكبير واستاذي


السلام عليكم


اعرض عليكم هذه التصويبات ولعلي القى منكم الرد


اقتباس من موضوع الاستاذ احمد صبحي:

الاسلام الحقيقى هو السلام مع البشر والاستسلام طاعة لله جل وعلا وحده على نحو ما فصلناه فى مقال ( الاسلام دين السلام ) ومقال ( معنى الاسلام ومعنى الطاغوت ) .

تصويب:

عودة الى ايات الله البينات في شأن تعريف الاسلام والاحاطة به من طريق الايات الكثيرة في هذا الموضوع يتبين ان الاسلام هو ان يسلم الانسان الى الله رب العالمين

{وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً }النساء125

{وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً }الجن14

وليس تعريف الاسلام هو السلام بين البشر ، ولكن السلام بين البشر ومسالمة الآخر تاتي كنتيجة وثمرة للسلام مع الله ،وهي احدى جزئيات الاسلام وليس كليته

ولكن ذلك للاسف سوف لن يحدث نتيجة ان الصراع بين الحق وحامليه من جهة ومع اهل الباطل من جهة اخرى لا ينتهي ، بل هو دائم التجدد ،وبهذا تفسر ايات القتال والجهاد والحروب في القران الكريم ، ومن الظلم الشديد ان نحمل الفئة المسلمة مسؤولية هذه الحروب في حين نبريء الطرف الاخر من ذلك وننظر بعين الادانة اليهم ، وعلى وفق فرضيات وليس ادلة موضوعية بل ميول وفكرة مسبقة تساق لها الحيثيات وتفترض

اقتباس:

وهو نفس الحال مع الصحابة، مع إنهم الذين شهدوا نزول الوحى القرآنى وهو يخبر بما يعملون و يصفه ويصنفه فى سياق الدعوة الى الهداية. ولا نعرف كم منهم تاب متاثرا بما نزل من القرآن ، ولكننا نعرف من تاريخهم المكتوب أنهم بمجرد موت النبى محمد وانتهاء القرآن الكريم نزولا قاموا بأكبر حملة عصيان مسلح للقرآن الكريم فيما يعرف بالفتوحات الاسلامية، ولم يكن ضحيته ملايين البشر من الشعوب المسالمة فقط ، ولكن كان الاسلام نفسه هو الضحية الأولى.
تصويب:

((بأكبر حملة عصيان مسلح للقرآن الكريم ))

هنا يسجل الاستاذ تهمة من اكبر التهم واشدها بحق الفئة التي يفترض انها خلفت النبي وانها من تأسيس النبي وانها بطانة النبي التي امره الله ان لا يتخذ غيرها لئلا يزيدونه خبالا ويودون ما يعنت المؤمنين ، ومن غير سياق ادلة وانما هو قراره الشخصي ، ومن غير سند علمي موثق ، كما ولا نجد لهذا العصيان المسلح تفسيرا غير هشاشة البناء النبوي وضعف تأثير القران وعدم مصداقيته ،

نرجو من الاستاذ احمد دراسة اكثر عمقا واقل عداء للفتح الاسلامي ولأتباع الرسول الذين هم بطانته الذين لم يخالف امر ربه في اتخاذ سواهم

وليعلم ان الحرب ليس بهذه البساطة التقرير بشأنها فيمن المعتدي والمعتدى عليه


3   تعليق بواسطة   زهير الجوهر     في   الإثنين ٠٧ - أبريل - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[19579]

ما هذا التشاؤم يادكتور أحمد

تحيه طيبه


دكتور أحمد المحترم:


كتبت تقول عن اقسام اهل الكتاب وقلت:


فهنا يذكر الله تعالى الصنف المقتصد أى المتوسط والذى سيلحق بالجنة تحت اسم ( أصحاب اليمين ) ، ويذكر الله جل وعلا الأكثرية التى أساءت العمل فاستحقت الجحيم.


ماهو دليلك على ان أكثريه اهل الكتاب سوف يذهبون الى الجحيم.


مع التقدير


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4981
اجمالي القراءات : 53,376,702
تعليقات له : 5,324
تعليقات عليه : 14,623
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي