الحكمة التي أوحى الله إلى رسوله في الكتاب هي في قوله سبحانه:

Brahim إبراهيم Daddi دادي Ýí 2008-03-23


الحكمة التي أوحى الله إلى رسوله في الكتاب هي في قوله سبحانه:

 عزمت بسم الله،

المزيد مثل هذا المقال :

وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(231).البقرة.

 

الظاهر أن هذه الآية الكريمة قد وضحت أن الحكمة هي ما يبين الرسول من العلم الذي علمه الله من الكتاب، فلو كان الحكمة هي السنة كما يقول بذلك رجال الدين المختلق لكان الوعظ بهما، أي بالكتاب والسنة وبما أنه قال سبحانه: (أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ) فمن المعقول أن تكون الحكمة تبيانا لما جاء في الكتاب لا غير. يقول الحكيم العليم: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الْأَلْبَابِ(269).البقرة. نلاحظ من خلال هذه الآية العظيمة أن الله تبارك وتعالى يؤتي الحكمة من يشاء، فلو كانت الحكمة كما يدعي به المغرضون لكان لكل إنسان أتاه الله الحكمة ( سنة تتبع) بتعبير رجال الدين.

 

يقول سبحانه: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(125).النحل.  فهل يمكن أن نفهم من قول الله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ) أن ( الحكمة ) التي أمر الله نبيه أن يدعو بها ويعظ ويجادل بها هي ما يقال عنها (السنة) المعنعنة عن فلان، عن فلان ،عن جده، عن، عن، إلى آخر العنعنات التي فيها حدثنا أخبرنا، أقول هل يمكن أن تكون هي ( الحكمة) التي أمر الله رسله بتبليغها وتعليمها للناس؟؟؟؟

 

الحكمة التي أوحى الله إلى رسوله في الكتاب هي في قوله سبحانه: لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا(22)وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا(23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا(24)رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا(25)وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا(26)إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا(27)وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمْ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا(28) وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا(29)إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّز&">وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا(33)وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا(34)وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا(35)وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا(36) وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا(37)كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا(38)ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنْ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا(39) أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا(40)وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا(41) . الإسراء.

 

ويقول تعالى مبينا للحكمة: وَلَا يَصُدَّنَّكُمْ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ(62)وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِي(63)إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ(64).الزخرف.

 

والسلام عليكم.

اجمالي القراءات 28972

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (13)
1   تعليق بواسطة   Abo Al Adham     في   الأحد ٢٣ - مارس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[18894]

الحكمة هي فقه القرآن

استاذي العزيز الاستاذ ابراهيم دادي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رايت تعليقك على مقال الدكتور حسن وتركت سلاما لك هناك وعند عودتي للصحفة الرئيسية رأيت مقالك هذا وأردت ان اضيف عليه اجتهادي هذا وفقنا الله واياكم لما فيه الخير ورضاه



أن رسول الله الذي نزل عليه القرآن لم يأتي بكتابين وإنما جاء بكتاب واحد وإن أردنا سنةً فهو سنة الله لعباده وإن أردنا شرعاً فهو شرع الله الحكيم وإن أردنا الحكمة فهو الحكمة قال تعالى ( ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ )( سورة آل عمران الاية 58 )

وجميع كتب الرحمن التي أنزلها على عباده حكمة فهذا المسيح يقول لقومه أنه جاء بالحكمة ( وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ )( سورة الزخرف الاية 63 )

فالحكمة هي روح الكتاب فالذي يقرأ بدون تدبر مثله كمثل الحمار يحمل أسفاراً ( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا )( سورة الجمعة الاية 5 )

عندما يحْملُ الحمار أسفاراً فأي حكمة تأتي منه أو عندما يقرأ الإنسان القرآن ولا يتدبره فهو قفل على قلبه أغلقه عليه قال تعالى ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا )( سورة محمد الاية 24 ) فالحكمة ليست كتاب أخر وإنما الحكمة هي روح القرآن ( يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ )( سورة يس الاية 1 و 2 )

إذاً فالحكمة داخل القرآن لا خارجه وليست كتاب أخر غير القرآن ( الم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ )( سورة لقمان الاية 1 و 2 ) وقال أيضاً ( تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ )( سورة فصلت الاية 42 )

إذاً فالحكيم ينزل الحكمة في كتابه الحكيم والعليم ينزل العلم في كتابه العلي الحكيم ( وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ )( سورة الزخرف الاية 4 )

يتبع



2   تعليق بواسطة   Abo Al Adham     في   الأحد ٢٣ - مارس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[18895]

يتبع الحكمة هي فقه القرآن

إذاً فالحكمة صفه من صفات القرآن ومن أسماء القرآن ( الْحَكِيمِ )

ويحى أمره الله أن يأخذ الكتاب بقوة وأتاه الحكم صبيا فالحكمة هي فقه الأمور من تدبر الكتاب الحكيم ( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا )( سورة مريم الاية 12 )

والله عندما يقول لنبيه أنه أنزل عليه الكتاب والحكمة ليس معناها آتاه كتابين فهو أعطاه كتاباً واحداً هو القرآن العظيم أما الحكمة فهي فقه القرآن وتدبره

وكيف يكون محمداً رسولاً ونبياً وخاتم النبيين ولايكون حكيماً بل أحكم الناس على الأرض وتعالى الله أحكم الحاكمين قال تعالى ( يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ )( سورة البقرة الاية 269 )

وعندما قال ربنا عن رسوله النبي الخاتم ( لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ )( سورة آل عمران الاية 164 ) فآيات الله هي التزكية بعينها فبالآيات يزكيهم رسول الله النبي الخاتم والذين من بعدهم يزكيهم ورثة الكتاب بتلاوته عليهم ( وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ) فالكتاب والحكمة والقرآن العظيم شيئاً واحداً فلو كانا شيئان لقال ويعلمهم الكتاب ويعلمهم الحكمة وحسبنا آية سورة الجمعة يقول تعالى فيها ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ )( سورة الجمعة الاية 2 ) فلو كان الأمر لا يتعلق بموضوع واحد لكان هناك آيات وتزكية وكتاب وحكمة أي أربع أشياء فمن الممكن القول أنهم أربع كتب ولكنه كتاب واحد هو ( آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ) كله القرآن العظيم

وقد منّ الله على رسوله بما أتاه فقال ( وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا )( سورة النساء الاية 113 )

وأمر الله رسوله أن يعلم المؤمنيين الكتاب والحكمة ويزكيهم فالكتاب قراءة القرآن والحكمة فهم القرآن ذاتياً ليس في كتاب أخر فعندما يقفوا سوياً عند آية يتفقهوها سوياً فيعرفون قرأتها ويعرفون حكمتها ومن بعد رسول الله لم يترك ربنا الأمور للأهواء وإنما ( يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ )( سورة البقرة الاية 269 )

فالحكمة هي فقه القرآن بشرط الذي يريد الحكمة وفقه القرآن أن يرفض أي كتاب أخر غير القرآن يتفقه به فالقرآن وحده يكفي وفيه الحكمة والتزكية بشرط أخر قرأة القرآن بحد آدنى ثلث الليل يومياً لان الحكمة لا تأتي إلا بطاعة الله قال تعالى ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ )( سورة العنكبوت الاية 69 ) وقوله تعالى ( يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ )( سورة الانفال الاية 29 )

وهنا نأتي إلى معرفة الحكمة في أدق وصف وهي الفرقان بين الحق والباطل فبتقوى الله نحصل على الحكمة التي تفرق بين الحق والباطل فعندما يتقي الانسان ربه وينفذ أوامره فإن الله يتفضل عليه ويجعل له فرقاناً أي حكمة يحكم على الأمور ويفرق بين الحق والباطل

هذا والله تعالى أعلى وأعلم


3   تعليق بواسطة   باسل ال مشيبين     في   الإثنين ٢٤ - مارس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[18908]

الحكمة في ضوء السياق القرآني

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة


اخي ابراهيم داداي اتقدم لك بالشكر الجزيل على ماطرحته ، ولاكن انا وجت كلام يمكن يكون اكثر دقه من ماذهبتم له وهوا منقول من بعض الكتاب


واليك به




الحكمة في ضوء السياق القرآني





يجب أن نميز بين طاعة النص المتلو أي طاعة المصدر التشريعي الإلهي الذي شهد على تدوينه في عصر الرسالة رسول الله، وبين طاعة الرسول عند تطبيقه لهذا النص بين الناس. وقد ظهر هذا جليا في دعاء إبراهيم عليه السلام. تدبر قول الله تعالى في سورة البقرة:

رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ {129}

ولقد استجاب الله تعالى لدعوة إبراهيم [ عليه السلام ] فقال في سورة آل عمران:

لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ {164}

وتدبر قول الله تعالى في سورة الجمعة:

هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ {2}

وتدبر قول الله تعالى في سورة البقرة:

كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ {151}

فطاعة الله تعالى كما ذكرنا من قبل تتمثل في التصديق الكامل والطاعة المطلقة للنص الإلهي " المتلو " على الناس والذي شهد رسول الله على تدوينه في عصر الرسالة وهو " آيات الله المتلوة ".

وطاعة الرسول، تستمد وجوبها وشرعيتها من هذا النص الإلهي الآمر بذلك. ولم يأمر القرآن بطاعة الرسول في نص تشريعي آخر مستقل عن نصوص الكتاب المنزل فثبت بذلك أن طاعة الرسول المأمور المسلم بها هي:


يتبع


4   تعليق بواسطة   باسل ال مشيبين     في   الإثنين ٢٤ - مارس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[18910]


طاعته صلى الله عليه وسلم المباشرة في عصر الرسالة في تطبيق النص القرآني في واقع الحياة [أي طاعة تنفيذية] وفي بيان كيفية أداء هذا النص في صورته العملية والذي توارثته الأجيال بالتقليد والمحاكاة عبر منظومة التواصل المعرفي، وليس عن طريق نص تشريعي مستقل عن كتاب الله يحل ويحرم ويسفك الدماء بغير حق بدعوى أن هذه هي الحكمة التي أنزلها الله تعالى مع الكتاب على رسوله. لقد اشتمل دعاء إبراهيم عليه السلام طلب تعليم رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه الكتاب والحكمة. فما هي هذه الحكمة إذن؟ لقد بين الله تعالى أن الحكمة شيء منزل مع الكتاب. تدبر قول الله تعالى في سورة النساء:

وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً {113}

والسؤال: هل هذه الحكمة مصدر تشريعي ككتاب الله؟

وإذا كان الكتاب منزلا من عند الله تعالى والحكمة أيضا منزلة من عند الله تعالى فهل يمكن أن تختلف طبيعة وخصائص هذا الكتاب عن طبيعة وخصائص هذا المصدر الثاني المنزل، والذي اصطلح علماء المذاهب على تسميته بالحكمة وهما من التنزيل الإلهي أي مصدرهما واحد؟ هل يمكن أن يحفظ الله [الكتاب] ولا يحفظ [الحكمة] ويترك حفظها لعلماء الفرق والمذاهب ليختلفوا فيها كل وفق مدرسته في التصحيح والتضعيف؟ وإذا كانت " الحكمة " الواردة في كتاب الله تعني " السنة " فلماذا لم تتوارث المذاهب المختلفة هذا المصطلح القرآني " الحكمة " بدل مصطلح " السنة "؟

لقد حدد الله تعالى منهج التعلم " المتلو " بالآيات القرآنية " يتلو عليهم آياتك " تلك التي من درسها وعمل بها تزكت نفسه فصار حكيما. والقائم بهذه العملية التعليمية الحكيمة لا يمكنه أن يخرج عن نصوص المنهج التعليمي الذي بينه الله تعالى وهو " الآيات " التي احتواها هذا " الكتاب " لقوله تعالى عن العملية التعليمية: " ويعلمهم الكتاب والحكمة ". ومن الحكمة المتعلمة في هذه العملية التعليمية، وضع أحكام هذه الآيات المتلوة موضع التطبيق السليم الصحيح.



وإن لكل عصر ظروفه ومتطلباته التى تقوم على أساسها هذه العملية التعليمية التي وضع حدودها وقواعدها الكتاب المنزل. ولقد أكد الله تعالى هذا المفهوم لمعنى الحكمة ببيان حكيم يثبت أن الحكمة أداة من أدوات الفهم والاستنباط الحكيم تُظهر التفاعل الحي بين الآيات القرآنية وقواعد السلوك العامة بما يحقق للناس التوازن النفسي والاجتماعي.


يتبع


5   تعليق بواسطة   باسل ال مشيبين     في   الإثنين ٢٤ - مارس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[18911]


تدبر هذه المجموعة من الآيات التي جاءت تحمل الحكمة في عطائها، يقول تعالى في سورة الإسراء:

وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً {23} وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً {24} رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً {25} وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً {26} إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً {27} وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً {28} وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً {29} إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً {30} وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءاً كَبِيراً {31} وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {32} وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً {33} وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً {34} وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً {35} وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً {36} وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً {37} كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً {38}

ثم تدبر كيف أن الله تعالى ختم هذه المجموعة من الآيات الحكيمة بقوله تعالى:

ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً {39}

تدبر هذه الآية: " ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة" وعلاقتها بالآيات السابقة. فإذا نظرنا إلى الآيات السابقة التي ورد فيها بيان الله لجانب من العملية التعليمية التربوية الحكيمة التي تميز بها هذا الوحي القرآني تبين لنا ما يلي:

أولا: أن الحكمة هي الفهم الواعي لقوانين الحق والعدل التي جاء القرآن الحكيم وجميع الرسالات السابقة، لتذكير الناس بها.

ثانيا: أن الحكمة ليست مرويات تخضع حجية نصوصها لاجتهادات البشر ومدارسهم في الجرح والتعديل، وإنما هي قواعد التمييز بين الحق والباطل، الخبيث والطيب، العدل والظلم، التوحيد والشرك ...، فالقلب الحكيم يرفض أن يكون لهذا الوجود أكثر من إله.

ثالثا: أن القلب الحكيم يرفض عقوق الوالدين، فمن الحكمة بر الوالدين، لقوله تعالى: " وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا " .

رابعا: أن القلب الحكيم يعلم أن الأغنياء لو لم يعطوا الفقراء والمحتاجين لاختلت موازين القيم الإنسانية في نفوس البشر ولظهر وعم الفساد بما كسبت أيدي الناس فمن الحكمة إيتاء الزكاة، ودفع الصدقات.

خامسا: أن القلب الحكيم يعلم أن الإحصان، وحماية أعراض الناس، وحرمة قتل النفس إلا بالحق، وصيانة مال اليتيم، والعدل في حقوق الناس، والتواضع ... كلها موازين للحكمة يجب أن تحكم سلوكيات المسلم وتفكيره.

إذن فجماع الحكمة وموازينها موجودة في ثنايا آيات الذكر الحكيم. إن كلمة " الحكمة " في قوله تعالى: " ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة " تعني ما يحمله هذا الكتاب الحكيم من أدوات الفهم السليم، وطرق التفكير وأساليب الاستنباط ومن قواعد وأحكام تضبط وتحكم حركة وسلوكيات البشر في جميع مناحي الحياة. ولقد وصف الله تعالى آيات كتابه الحكيم بأكثر من صفة، فقال تعالى في سورة الفرقان:

تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً {1}





يتبع


6   تعليق بواسطة   باسل ال مشيبين     في   الإثنين ٢٤ - مارس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[18912]


فهذا الفرقان المنزل تماماً كالحكمة المنزلة، فهو ليس شيئا ملموسا، وإنما هو عمل القلب فيما يحمله الكتاب من حجج وبراهين يفرق الله تعالى بها بين الحق والباطل. وتدبر قول الله تعالى في سورة الأعراف:

يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ {26}

وهذا اللباس المنزل هو إلهام الله تعالى لآدم وزوجه والبشر جميعاً على مر العصور، كيف يصنعون الملابس ليستروا بها أبدانهم وتوفير المواد الصالحة لذلك، ثم توارثت الأجيال عبر منظومة التواصل المعرفي ذلك فسمى الله تعالى هذه العملية التعليمية إنزالاً. ويقول الله تعالى في سورة الحديد:

لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ {25}

وهذا الميزان المنزل مع الكتاب ليقوم الناس بالقسط ليس مصدراً تشريعياً مستقلاً عن الكتاب، كذلك الحديد المنزل لا يعني هذا الذي نراه على هيئته المعروف لنا اليوم ببأسه الشديد ومنافعه للناس. إن الإنزال لا يفهم على معناه الحسي فقط، وإنما يشمل إلهام الناس كيفيات المهارات في كافة مجالات الحياة. تدبر قول الله في سورة الزمر:

خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ {6}

وإن من عظيم نعم الله على الناس أن خلق لهم الأنعام وألهمهم كيفية الانتفاع والاستفادة منها والتمييز بينها وبين الحيوانات المفترسة. ثم رتب الله على خلقها أحكاماً احتوتها آيات الذكر الحكيم. وهذا ما يفهم من إنزال الأنعام في صورته الواقعية. ويقول الله تعالى في سورة النساء:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً {174} فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً {175}



فهل النور الذي أنزله الله على رسوله وأمر الناس بالتمسك والاعتصام به مصدر تشريعي مستقل عن كتاب الله، أم هو نفسه كتاب الله النور الهادي إلى صراطه المستقيم؟ تدبر قول الله تعالى في سورة التغابن:

فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {8}


يتبع


7   تعليق بواسطة   باسل ال مشيبين     في   الإثنين ٢٤ - مارس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[18913]


وقول تعالى في سورة الشورى:

وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {52}

وإن من الحكمة وضع الشيء في موضعه حسب السنن الربانية. إن المسلم الرباني يصل إلى درجة من الحكمة تزداد بازدياد ثقافته العلمية والمعرفية وتفاعله مع واقعه بما يحقق له ولأمته التوازن النفسي والاجتماعي. ولا أكون مبالغاً إذا قلت بأن مواضع الحكمة في كتاب الله هي بعدد آياته. لذلك قال الله تعالى بعد بيان عطاء الحكمة المستنبطة فقط من بعض آيات سورة البقرة [261ـ269]:

يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ {269}

ولقد جعل الله تعالى الحكمة مما يستنبط في حلقات العلم التي يجب أن تقام في بيوت المسلمين أسوة بنساء النبي وذلك مما يتلى فيها من آيات الله تعالى. تدبر قول الله تعالى في سورة الأحزاب:

وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً {34}

فقول الله تعالى: " واذكرن " الدال على الأمر بالتذكر والمذاكرة وقوله تعالى: " ما يتلى " الدال على أن ما سيذكره بعد متعلق بالآيات المتلوة وهذا يبين أن مادة التلاوة هي هذا الكتاب الحاوي لخلق الحكمة، أي إن المطلوب من نساء النبي [والسياق القرآن يتحدث عن ضوابط سلوكهن] أن يلتزمن بهذه الضوابط الحكيمة المتعلقة بأحكام النساء. فالحكمة ليست حكراً على أحد، ولا على عصر دون عصر، فعطاء القرآن لكافة العصور.

يقول الله تعالى في سورة آل عمران:

وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ {81}

وتدبر قول الله تعالى في سورة لقمان:

وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ {12}

ولقد بين الله بعد هذه الآية مباشرة الآيات [14ـ19] التي حملت دستور الأخلاق الكريمة وما يستنبط منها من حِكَمٍ. ومن ذلك أيضاً آيات سورة المطففين [1ـ6] والتي نجد في توجيهاتها ما يضمن حل مشاكل العالم الاقتصادية. وفي آيات سورة الحجرات [11ـ12] ما يضمن السلام النفسي والاجتماعي لشعوب العالم ... وهكذا.

واليوم... وقد مرت على عصر الرسالة قرون طويلة من الفرقة والمذهبية والتخاصم بين المسلمين، يستطيع كل إنسان وفي أي عصر أن يقيم إسلامه بأدوات معاصرة له يشهد عن طريقها شهادة علمية بأنه " لا إله إلا الله " وذلك على أساس التفاعل الفطري بين آليات عمل القلب وآيات الآفاق والأنفس المبثوثة حوله في هذا الكون، وبحجية هذا القرآن وصحة نسبته إلى الله تعالى كشريعة إلهية خاتمة على أساس أوجه إعجازه الكثيرة ومنها هذا التناغم المحكم بين آياته وآيات الآفاق والأنفس، وبأن محمداً رسول الله على أساس ذات الخطاب القرآني الذي يشهد بذلك شهادة علمية أساسها الآية القرآنية وليس الرواية المذهبية ... ومن ذلك قول الله تعالى في سورة الأحزاب:

مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً {40}

واليوم ... ونحن نتدبر هذا القرآن نستطيع أن نستخرج منه دستوراً كاملاً للأخلاق النبوية التي يمكن تفعيلها في كل زمان ومكان ونحن على يقين أنه صلى الله عليه وسلم يعيش معنا زماننا.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 


وفي الختام لعل هذا كان اكثر دقه في الاضاح


وشكراً للجميع


8   تعليق بواسطة   Brahim إبراهيم Daddi دادي     في   الإثنين ٢٤ - مارس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[19006]

شكرا لأخي الكريم الأستاذ يوسف وأخي الكريم باسل ال مشيبين على التعليق والتوضيح وإثراء الموضوع،

شكرا لأخي الكريم الأستاذ يوسف وأخي الكريم باسل ال مشيبين على التعليق والتوضيح وإثراء الموضوع، جعلنا الله من عباده المخلصين له العبادة وحده، نجاهد في سبيله راجين نيل رضاه، والفوز العظيم يوم توفى كل نفس ما كسبت فلا ظلم يومئذ. يقول الودود: وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ. (70).الأنعام.


والسلام عليكم.


9   تعليق بواسطة   يحي فوزي نشاشبي     في   الأربعاء ٠٢ - أبريل - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[19402]

إلى متى تبقى الحكمة ضالة المؤمن ؟

إلى متى تبقى الحكمة ضالة المؤمن ؟



لقد كان مقال الأخ ابراهيم دادي حول الحكمة جريئا ومباشرا كعادته ، ولا أخفي بأنه كان بمثابة اكتشاف جدير بالتأمل مليا وعميقا . وقد يكون الكثيرون هم الذين يتساءلون بشئ لا يخلو من حيرة عن مغزى الحكمة التي يقصدها الله لاسيما عندما يقول بأنه أوحى بها إلى رسوله في الكتاب ؟ وهل هي وحي ثان ومن شكل آخر ؟

ولقد اهتدى الكاتب مشكورا إلى ما جاء في سورة الإسراء لاسيما من 22 إلى رقم 39 حيث جاء قوله عز وجل (( ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة )).



وأعتقد أن هذا الفتح في اكتشاف الحكمة وظهورها وانتشالها من الأنقاض ، تلك التي طالما سادها الإبهام يمكن إدراج كل ذلك في باب " من شدة الظهور الخفاء "



كما أن تدخل كل من الكاتب يوسف المصري والكاتب باسل أثرى الموضوع . ومن التعريفات التي أرجو أن يرحب بها الجميع ويعتبرها تعريفات مقتفية أثر ضالتنا نحن المؤمنين الذين تلقوا القرآن ، ومع ذلك وقعوا في شراك شياطين الجن والإنس الداعين إلى جعل الحكمة وحيا ثانيا وذا شكل مغاير أو وحيا متوازيا مع القرآن يحكمه ذلك القانون الرياضي الذي يجعل التقاء الخطين المتوازيين من المستحيلات .

نعم من هذه التعريفات التي جاءت في مقال الكاتب والمعلقين ما يلي :

* الحكمة هي فقه القرآن وتدبره .

* فهم القرآن نتيجة تدبره .

* الحكمة هي فقه القرآن شريطة أن الذي يريدها - أي الحكمة – عليه أن يبعد ويرفض أي كتاب آخر غير القرآن ، فالقرآن وحده يكفي ويحمل وحده الحكمة .

* وجاء تعليق الأخ باسل قائلا : ( لقد أكد الله تعالى هذا المفهوم لمعنى الحكمة ببيان حكيم يثبت أن الحكمة أداة من أدوات الفهم والاستنباط الحكيم تظهر التفاعل الحي بين الآيات القرآنية وقواعد السلوك العامة بما يحقق للناس التوازن النفسي والإجنماعي ) .



وعليــــــــــه



فإن اللجوء إلى الآلاف المؤلفة مما ينسب عن جهل أو حسن نية أو سذاجة أو براءة أو حتى عن براعة أو غير ذلك إلى الرسول محمد عليه الصلاة من أقوال وأفعال ومواقف وتصرفات لاسيما مما هو متناقض ومصطدم بالحديث المنزل من العلي العزيز . إن اللجوء إلى كل ذلك من الآلاف المؤلفة مما تعج به الصحاح ، وإن العض عليها بالنواجذ والزعم بأن كل ذلك صحيح ، ويجب اتخاذه مرجعا قويا لعبادة الله ، حتى في تلك الحالات العديدة وهي بيت القصيد التي نحشر كلام الله ونعتقله بين فكي قوسين وإلى الأبد.

إن كل ذلك إن دل على شئ فإنما يدل على أن حالة أغلبية المسلمين الذين تلقوا القرآن ما زالوا وما زال ذلك المثال الكاريكاتوري ينطبق عليهم ، ذلك المثال الوارد في الآية رقم 24 من سورة محمد . فمن الحكمة الرجوع إليه لأنه من وضع الخالق الحكيم ومن الحكمة الاطلاع عليه وتمثله .


10   تعليق بواسطة   Brahim إبراهيم Daddi دادي     في   السبت ٠٥ - أبريل - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[19500]

شكرا لك أخي الأستاذ يحي فوزي،

شكرا لك أخي الأستاذ يحي فوزي، على إثراء مقال الحكمة التي أوحى الله إلى رسوله في الكتاب، فعلا لما سمعت هذه الآية العظيمة وأنا أستيقظ من نومي لصلاة الصبح، فوجئت بوجود تلك الآية التي يقول فيها المولى تعالى بعد سرد العديد من الحكم : (ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنْ الْحِكْمَةِ) فتذكرت في الحين قول الشيوخ وأصحاب العمائم الذين يعتبرون الحكمة هي السنة المنسوبة إلى الرسول محمد عليه السلام، وأنها الكتاب الثاني الذي هو من قول البشر الذين كتبوه ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله، إن هو إلا من لهو الحديث المضل عن الصراط المستقيم، والدليل على ذلك هو وضع المسلمين المزري في العالم لأنهم اتبعوا السبل فتفرقوا إلى مذاهب وشيع كل حزب بما لديهم فرحون، ولن تقوم لهم قائمة ولن يغير الله من وضعهم المخجل حتى يغيروا ما بأنفسهم، ويعودوا إلى وحي الله الذي فيه البشرى والذكرى لقوم يتفكرون، فلا كتاب ولا وحي ولا حكمة خارج كتاب الله نتعبد به ونحاسب على ما بلغ لنا من الكتاب والحكمة...

فشكرا لك مرة أخرى على التعليق.


11   تعليق بواسطة   وداد وطني     في   الجمعة ٠٨ - أغسطس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[25364]

الحكمة: هي الاقتداء بالخالق في السياسة بقدر طاقة البشر...

ثمة خطأ في انزال هذا التعليق، فبدل من انزاله على هذا الموضوع الذي يدور حول  الحكمة والذي كتبه الاستاذ ابراهيم دادي، وجد حظه في النشر عن غير قصد وفي غير محله! فيرجى التنويه والتصحيح. لذا ارجو حذف التعليق هناك ووضعه  في محله.. مع شكري الجزيل ووافر الاحترام.


((ان الحضارة هي نتاج تراكم الخبرات العقلية وحصيلة عصارات الفكر البشري في البحث عن مصادر الحياة والقوة.. ولو كان قد سقط هذا المفهوم في بدايات ظهوره، وتجذر المفهوم القائل بأن الأشياء والأفعال لها قيمها الموضوعية لكان العقل الاسلامي قد تدرب طويلا على استخدام طاقاته المبدعة في اكتشاف مكامن القوة في الطبيعة، ولأتى بالعجب العجاب، ولظل يقود الحضارة الانسانية الى العلم والسماحة والنور.

منذ مدة، تستوقفني كلمة الحكمة التي تأتي مقرونة بالكتاب الكريم، معطوفة عليه في أكثر من عشر آيات بينات؛ كما تأتي منفردة في عدد من آيات القرآن الكريم، فأتأمل فيها، وأتدبر في مراميها. من هذه الآيات: سورة البقرة (129 – 151 – 231- 269). سورة الجمعة (2). سورة النساء (113). سورة الأحزاب (34). سورة النحل (125). سورة الاسراء (39). وما كنت اقتنع بكثير من المعاني التي ذكرها علماء التفسير واللغة. منها النبوّة فإن الحكمة بهذا المعنى لا تكون موضوعا للتعلم، بل هي موهبة الهية ولا يستقيم هذا في كثير من المواضيع. وكنت استبعد أن يكون المقصود الكتاب نفسه مع ان الكتاب كله حكمة بمعنى انه قد احكمت آياته، وحيا من الحكيم العلام. ذلك ان العطف يقتضي المغايرة وان التأسيس أولى من التأكيد. ومما يؤيد المغايرة أن القرآن الكريم خصّ بعض آياته بالحكمة كما جاء في سورة الاسراء في فذلكة بعض الأحكام القرآنية التي ترسم للإنسان المثل العليا في الاعتقاد والسيرة الفاضلة {ذلك مما اوحى اليك من الحكمة}. الاسراء 39 فالحكمة غير الكتاب والكتابُ غير الحكمة وإن تطابقا في الجملة واقعا وما صدقا. والواقع ان العلاقة بينهما عموم وخصوص من وجه، ذلك ان من الاحكام الدينية ما لايدرك بالعقل فيصعب شموله بالحكمة التي تخص ما يدرك من جهة العقل فالاحكام الغيبية؛ ومنها قصص الانبياء مما لا يكون لها شاهد من الآثار، لا تدرك بالعقل بل تدرك بالوحي والكتاب. والحكمة ايضا أعم من وجه؛ ذلك ان الكتاب قد لا يشتمل على بعض الامور التي تفيد كمال النفس علما وعملا وهو ما تشتمل عليه الحكمة كما بيّن ذلك العلامة السيالكوتي(1). وهناك من يقول ان المراد بالحكمة هي  السنة النبوية، كما قال الشافعي فهو الاقرب الى الصواب والاحق بالقبول لأول وهلة لأنها وظيفة الرسول كالبيان {ويعلمكم الكتاب والحكمة} البقرة (151). هذا ما صرح به الشافعي "رحمه الله". ولكني أرى انها لا تستقيم في كثير من المواضع التي وردت فيها الحكمة مثل قوله سبحانه وتعالى {ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} النحل (125). وقوله تعالى {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من ءايت الله والحكمة} الاحزاب (34). فلابد ان يكون المراد بالحكمة شيئا آخر متميزا من الكلام او المواقف بأن تشمل مثلا كل كلام أو موقف يدرك العقل السليم أنه مما يستجيب للطبيعة الانسانية السويّة المهتدية بنور الايمان. ويقصد بالعقل هنا النور الذي أودعه الله تعالى في الانسان ليلتمس طريقه، ويؤدي أمانته، ويتحمل مسئولية فعله ووعيه. وهو موقف يمكن تلمسه واتخاذه بالوعي الرشيد؛ وإن لم يأتِ به الوحي (الكتاب)..


وبعبارة أخرى يوحي مفهوم الحكمة ببعد عقلي محكم ليس بينه وبين الفطرة الانسانية السويّة حاجز، أو هكذا أظن)) انتهى الاقتباس ـــ من كتاب (( تجديد الموقف الاسلامي في الفقه والفكر والسياسة)).. يتبع




 


12   تعليق بواسطة   وداد وطني     في   الجمعة ٠٨ - أغسطس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[25365]

الحكمة: هي تنزيه العلم عن الجهل والعدل عن الظلم والحلم عن السفه..

لو تدبرنا الآن في آيات الحكمة في القرآن الكريم واقصد بالذات على سبيل المثال الآيات التي ذكرها الاستاذ دادي من قوله تعالى ((لاتجعل مع الله إلها ءاخر فتقعد مذموما مخذولا)) الاسراء (22) وتوقفنا معا عند التعقيب الالهي على هذه الآيات بقوله سبحانه جل شأنه: ((ذلك مما اوحى إليك ربك من الحكمة)) الاسراء (39) لاقتربنا معا نحو الفهم المنشود، ولمسنا موقعا للحكمة في القرآن الكريم، يتميّز عن آيات الله جل شأنه بكونها متناغمة مع النسق العقلي الفطري الانساني السويّ، وليس بينها وبينه ما يحول دون القبول والايمان بها. ومن هنا لا أؤيد ما ذكره المفسر الرازي في تفسيره لقوله تعالى (و(اذكرن ما يتلى في بيوتكن من ءايت الله والحكمة)) الاحزاب (34). من انها القرآن، والحكمة أي كلمات النبي عليه السلام، بل الأصح حسب رأيي - وهو الأوفق لمعنى التلاوة - ان آيات الله والحكمة معا تعني القرآن الكريم ذلك أن القرآن الكريم آيات معجزات، وحكم باهرات. ومعلوم ان المتلو هو القرآن وليس كلام النبي بأي حال.


ويتبين لي فيما مضى أن الحكمة وصف كمال في الانسان يقوده نحو الخير والسعادة، به يتغلب على قوى النفس والارادة. وقد تطلق على ثمرته. وهذا هو المقصود (والله اعلم) من قوله تعالى: ((ولقد ءاتينا لقمن الحكمة)) لقمان (12). ذلك ان لقمان لم يسلك سبيل الايمان والفضيلة بالنبوة بل بالحكمة. وان نصائحه لابنه هي عين الحكمة وليست من النبوة بالضرورة.


وخلاصة ما اريد التوصل اليه ان الحكمة التي وردت رديفة للكتاب في القرآن الكريم او جاءت منفردة تعني النافذة البشريّة المهتدية بالبصيرة الالهية. وهي العقل المبصر الواعي الذي له قدرة التأمل والتركيب والاستقراء والاستنباط ووضع كل شيء موضعه، وايتاء كل ذي حق حقه. ومن هنا يفهم ما يقوله الفقهاء من ان العقل مناط التكليف. فحيثما تكون الحكمة تكون الشريعة. وحيثما تكون الشريعة تكون الحكمة. ذلك ان الحق كما قال إبن رشد لايضاد الحق بل يوافقه ويشهد له.


دمتم مشكورين يا اهل القرآن على ما تطرحونه من مسائل خاصة في غاية الاهمية في سبيل تصحيح المسار العقدي في ضوء هذه الآية الكريمة المباركة (( إن اريد الا الإصلاح ما استطعت)) هود (88). 


13   تعليق بواسطة   Brahim إبراهيم Daddi دادي     في   الأحد ١٩ - يوليو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[41213]

وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا

 


عزمت بسم الله،

أخي الفاضل الأستاذ وداد وطني تحية مباركة طيبة،

شكرا لكم على هذا التعليق المعنون: الحكمة: هي تنزيه العلم عن الجهل والعدل عن الظلم والحلم عن السفه..أهـ.

ماذا لو اتبع المسلمون الحكمة التي جاء بها النبي عليه السلام في أحسن الحديث؟ هل سيعيش المسلمون معيشة ضنكا في حياتهم الدنيا؟ جهل فقر حروب وتشرد، ويوم القيامة ترى كيف يكون حالهم لأنهم هجروا كتاب الله واتبعوا غيره؟

لماذا لم يقل الرسول مثلا: يا رب إن قومي اتخذوا سنتي وحكمتي وحديثي مهجورا؟؟؟

بل أخبرنا المولى تعالى عن الغيب الذي سيقول فيه الرسول محمد (عليه السلام) يوم الفرقان فيقول: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا(27)يَاوَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا(28)لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا(29)وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا(30)وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنْ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا(31). الفرقان.

والسلام على من اتبع هدى الله.


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-11
مقالات منشورة : 527
اجمالي القراءات : 10,866,183
تعليقات له : 2,000
تعليقات عليه : 2,891
بلد الميلاد : ALGERIA
بلد الاقامة : ALGERIA