المصفـــــاة

يحي فوزي نشاشبي Ýí 2007-04-24


المصفـــــاة 


(( وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ* قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ* يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِي اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ* وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِي اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ .)) – 29 إلى 32- سورة الأحقاف –
يفهم من الآيات أن ذلك النفر من الجن لما سمعوا القرآن وأنصتوا وتدبروه تحولوا إلى منذرين، ومن بين ما لفت انتباههم أن ما سمعوه هو كتاب أنزل من بعد ما أنزل على موسى وأنه يصدق ما بين يدي موسى ويؤيده ويؤكده ولا يتصادم معه ولا يتعارض ولا يتناقض ، وأن هدف ما سمعوه وما بين يدي موسى من قبل هو هدف واحد يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم .
والاستنتاج والتساؤل يمكن أن يكون كما يلي :

01) أن الجن سبق لهم أن اطلعوا على ما بين يدي موسى عليه السلام وأنهم قد وعوه وآمنوا به وجاهدوا في سبيل العمل به .
02) عندما نتفق أن الله عز وجل بعث موسى ثم عيسى وأخيرا محمدا عليهم السلام ، ونفهم من الآيات أن الجن سبق لهم أن بلغوا البلاغ المبعوث بواسطة موسى ، فالسؤال هــو :
لماذا قارن ذلك النفر من الجن القرآن الذي سمعوه بما يعرفونه من قبل وهو ما بين يدي موسى ووجدوهما متطابقين متصادقين ؟ ولماذا لم يشر هذا النفر من الجن لما جاء به عيسى ؟ وهو الذي سبق محمدا وليس موسى ؟
وعندما جاء عيسى بما جاء به كيف كان موقف الجن ؟ وهل بلغوا شيئا من ذلك ؟
وهل يستنتج من هذا أن ما جاء به موسى ومحمد أي التوراة والقرآن هما البلاغ الموجه خصيصا للبشر والجن وليس الإنجيل ؟
وهل يفهم أن التوراة الذي نزل على موسى هو نفس ما جاء به عيسى المسيح ؟
وما دام الجن يقرون أن القرآن جاء مصدقا للتوراة وهو نفس البلاغ الهادي إلى الحق وإلى الطريق المستقيم وأن الاعتقاد والعمل بهما يورث المغفرة والإنقاذ من العذاب الأليم .
وما دامت الآية رقم 05 في سورة الجمعة تفيد بان الحمار الذي يحمل أسفارا وهو المثال الذي ضربه الله على أولئك الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها وهم أولئك الذين عاثوا فيها تحويرا وتحويلا وكفرانا ودسا وتزويرا.

فإن تصريح ذلك النفر من الجن يعتبر شهادة وإقرارا بأن التوراة الحقيقية البريئة من كل دس هي تلك التي تطابق القرآن تمام المطابقة وهي التي يصدقها القرآن ويؤيدها.
وإن كل من هو محتفظ بشئ مما يعتبره توراة وكان مخلصا حقا وجادا في الأمر ما عليه إلا الإطلاع على القرآن المنزل على خاتم الأنبياء والرسل ويجتهد في إجراء عملية مقابلة تكريرية منقية لكي يطمئن أخيرا أن ما بقي بين يديه هو التوراة المصفى.

وأخيرا فما دام المؤمن بالوحي المنزل على الرسول محمد عليه الصلاة هو حتما المؤمن بالتوراة التي جاءت بواسطة المبلغ موسى عليه السلام وبغيره من كتب الله ورسله فإن الاعتقاد أولا وأخيرا وما يجب الإطمئنان إليه هو أن الوحي المنزل على محمد الرسول هو الذي يقاس إليه كل ما يصلنا من بقايا الرسالات السابقة والتعاليم وان لا نجد أي حرج في ذلك بما فيه تلك الأحاديث والتصرفات والمواقف التي تنسب إلى جميع الأنبياء والرسل بدون استثناء وما أكثرها . وباختصار شديد فإن المؤمن الحقيقي المخلص الواعي - حسب اعتقادي - هو ذلك الذي يتحول في كل زمان ومكان إلى آلة تمحيص أو أداة تكرير وتنقية وتصفية عسى أن يكون هو الذي يعنيه الله الرحمن الرحيم في الآية رقم (18) في سورة الزمر .

اجمالي القراءات 10393

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-10-28
مقالات منشورة : 288
اجمالي القراءات : 3,140,754
تعليقات له : 384
تعليقات عليه : 401
بلد الميلاد : Morocco
بلد الاقامة : Morocco